المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السَّمْحَان: من السماحة، من أهل بريدة وكانوا قبل ذلك في بلدة - معجم أسر بريدة - جـ ١٠

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌السلِّيم:

- ‌عمر بن عبد العزيز بن سليم:

- ‌الأوراق التي خلفها عمر بن سليم:

- ‌خط عمر بن عبد العزيز بن سليم:

- ‌ثروة عمر بن عبد العزيز بن سليم:

- ‌ثروة أسرة عمر بن سليم:

- ‌هيا بنت عمر بن عبد العزيز:

- ‌فروع آل سليم في بريدة:

- ‌وثيقة مهمة:

- ‌وصية عمر بن عبد العزيز بن سليم:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد بن سليم:

- ‌حوادث سنة 1236 ه

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم وطلبة العلم:

- ‌رواية خزانة التواريخ النجدية:

- ‌الشيخ ابن سليم وعبد العزيز بن رشيد:

- ‌تعليقات وكتابات الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم:

- ‌الوساطة لابن بسام عند ابن سعود، أو لابن سليم عند ابن رشيد:

- ‌وفاة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد بن سليم (1240 هـ - 1325 ه

- ‌الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌الشيخ محمد بن عمر بن سليم والقضاء:

- ‌رسائل أخرى للشيخ محمد بن عمر:

- ‌خط الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌كتابات نادرة:

- ‌الوثائق والمبايعات:

- ‌والدة الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌وصية والدة الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌ثروة الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌الشيخ محمد بن عمر بن عبد العزيز بن سليم (1245 هـ - 1308 ه

- ‌إبراهيم بن الشيخ محمد بن عمر بن سليم:

- ‌الشيخ القاضي عبد الله بن محمد بن سليم

- ‌عالم زاهد بالمال:

- ‌حسن المطالبة في الحق:

- ‌مرثية في الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم:

- ‌الشيخ القاضي عمر بن محمد بن سليم

- ‌العلامة الشيخ عمر بن محمد بن سليم:

- ‌القاضي المسئول عن كل شئون البلد:

- ‌رسائل للشيخ عمر بن سليم:

- ‌العدل مع القريب والبعيد:

- ‌القاضي والخصماء:

- ‌تصديقات الشيخ عمر بن محمد بن سليم على الوثائق:

- ‌إعادة بناء الجامع:

- ‌وفاة الشيخ عمر بن سليم:

- ‌ذكر وفاة قاضي القصيم الشيخ عمر بن سليم:

- ‌الأستاذ عبد الله بن إبراهيم السليم:

- ‌مؤلفات الأستاذ عبد الله بن إبراهيم السليم:

- ‌استقبال في بريدة:

- ‌ابن سليم الفلكي:

- ‌اليوم الشرعي:

- ‌الصلاة الوسطى:

- ‌تقويم الأزمان:

- ‌الكبيسة والبسيطة:

- ‌الباحث المتعمق:

- ‌مسألة عاشوراء:

- ‌الرجل الموسوعي:

- ‌عبد الله بن إبراهيم بن سليم في أقلام الكتَّاب:

- ‌عبد الله السليم من أول رجالات التعليم:

- ‌كتاب عن الشيخ عبد الله بن سليم:

- ‌برنامج رجال في الذاكرة:

- ‌شخصيات في الذاكرة

- ‌الأستاذ عبد الله بن إبراهيم السليم أول مدير مدرسة في الرياض:

- ‌رسالة من الشيخ عبد الله بن سليم إلى المؤلف:

- ‌الشيخ محمد بن صالح السليم رئيس محكمة التمييز في المنطقة الغربية

- ‌الفقيه:

- ‌أنموذج من نصائح الشيخ محمد بن صالح السليم وأسلوبه في الكتابة الدينية:

- ‌الشيخ محمد بن صالح بن محمد آل سليم (1333 - 1407 ه

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد بن سليم

- ‌محمد بن عبد الله بن سليم:

- ‌صالح بن محمد بن عبد الله السليم:

- ‌إبراهيم بن صالح بن محمد بن عبد الله السليم:

- ‌عبد العزيز بن صالح بن محمد السليم:

- ‌ومن متأخري أسرة آل سليم:

- ‌ السليم

- ‌السْلَيِّم:

- ‌سليمة:

- ‌السِّلِيمي:

- ‌السْمَاعيل:

- ‌السَّمْحَان:

- ‌شخصية أخرى من السمحان:

- ‌أطول رحلة برية:

- ‌نجاة من الحكم بالإعدام:

- ‌السمينة:

- ‌السندي:

- ‌السّنَيْد:

- ‌السنيد والسيف:

- ‌السنيدي:

- ‌السِّوَاجي:

- ‌السُّوْلي:

- ‌السَّوهَجِي:

- ‌السوَيَّح:

- ‌السُّويد:

- ‌السْوَيَّد:

- ‌السوَيْدان:

- ‌السويدي:

- ‌السوَيلْم:

- ‌الشيخ القاضي عبد العزيز بن عبد الله بن سويلم:

- ‌تواضع الشيخ عبد العزيز بن سويلم:

- ‌أولى شخصيات السويلم:

- ‌متى وصل الشيخ ابن سويلم إلى القصيم:

- ‌أسلوب الشيخ ابن سويلم:

- ‌متى ترك الشيخ ابن سويلم القضاء في بريدة:

- ‌عبد الرحمن بن سويلم:

- ‌ووثيقة أخرى بخط عبد الرحمن بن سويلم:

- ‌محمد بن الشيخ القاضي عبد العزيز بن عبد الله السويلم:

- ‌وثيقة مهمة مفقودة:

- ‌عبد العزيز بن محمد السويلم:

- ‌حمد بن محمد بن سويلم:

- ‌محمد بن حمد السويلم

- ‌محمد بن عبد العزيز بن سويلم (الثاني):

- ‌ملك السويلم:

- ‌عبد الله بن سويلم:

- ‌السَّوَيِّل:

- ‌‌‌‌‌السَّهَيْل:

- ‌‌‌السَّهَيْل:

- ‌السَّهَيْل:

- ‌السَّيَّاري:

- ‌السَّيْحان:

- ‌السَّيْف:

- ‌صالح بن محمد بن سيف:

- ‌سليمان بن سيف

- ‌عبد المحسن بن محمد بن سيف (المُلَّا)

- ‌زوجة الملا:

- ‌ثروة المُلَّا:

- ‌خط المُلَّا ابن سيف:

- ‌وفاة المُلَّا ابن سيف:

- ‌المُلَّا الثاني ابن سيف:

- ‌قنافذ للبيع:

- ‌مشاجرة بين المُلَّا وقط:

- ‌المُلَّا يحك رأسه جاره:

- ‌مدرسة السيف:

- ‌ناصر بن سليمان السيف

- ‌نماذج من خط ناصر بن سليمان السيف:

- ‌ناصر السليمان السيف ومحبته للعقار:

- ‌الشيخ ناصر بن سيف (1248 - 1339 ه

- ‌ممتلكات النساء من أسرة السيف:

- ‌مؤلفون متأخرون في الزمن:

- ‌السيف:

- ‌أولاد خلف:

- ‌وثائق لأسرة السيف:

- ‌وصية طرفة السيف:

- ‌وثيقة هبة:

- ‌السيف:

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن سليمان السيف:

- ‌‌‌السيف:

- ‌السيف:

الفصل: ‌ ‌السَّمْحَان: من السماحة، من أهل بريدة وكانوا قبل ذلك في بلدة

‌السَّمْحَان:

من السماحة، من أهل بريدة وكانوا قبل ذلك في بلدة الشماس القديمة.

وأصل مجيئهم إلى بريدة من الزلفي و (ثرمداء) في الوشم.

منهم سليمان بن عبد الرحمن السمحان كان من تجار عقيل الذي يتأجرون بالمواشي بين القصيم وبين الشام ومصر.

مات قتيلًا دون ماله قتله أعراب من الحويطات عام 1344 هـ.

له شعر عامي أنشدني منه ابنه حمد قوله في مدينة بلبيس في مصر:

يا ونتي ونة الفاطر

اللي ببلبيس مجلوبه

ما لمتها دمعها قاطر

يوم الجزازير ضكوا بَهْ

العْكَرته موسهم شاطر

العكرته كيف قالوا به

وهذه تحتاج إلى شرح فقوله في البيت الأول: يا ونتي: أصلها يا أنتي بمعنى أن أنيني كأنين الفاطر الخ والمراد بالأنين أو الونين هنا الحسرة والعذاب، وأنين الفاطر على المجاز.

والفاطر: الناقة المسنة، إذ الناقة إذا كبر سنها ذبحوها وأكلوها، وهنا ذكر أن (الجزازير) - جمع جزار ضكوا بَهْ: أي أحاطوا بها ليذبحوها.

و(العكرته): جمع عكروت وهي كلمة دخيلة أصلها وصف الشخص الردئ الفعل والسيرة، جمع عكروت وقد ذكرت هذه اللفظة في كتاب:(معجم الكلمات الدخيلة في لغتنا الدارجة) وهو كتاب مطبوع.

وقالوا بَه: قالوا بها، ومعنى ذلك أنهم نحروها بسرعة، وجملة (قالوا به) عربية أصيلة ذكرتها مع ذكر أصولها في معجم:(الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة).

ص: 378

وبلبيس المذكورة في الشعر هي بلدة (بلبيس) الواقعة في مصر على حدود الريف من الصحراء ويرتادها تجار المواشي من أهل نجد لهذا السبب.

وقال سليمان بن عبد الرحمن السمحان أيضًا في إيل اشتراها من منصور بن سليمان الجربوع فخسر بها فقال وهو في الشام:

يا أبو سليمان ساعِدنا

كثرت علينا الخسارات

نبي ندوِّر حبايبنا

بديار نجد العذيات

ابن مساعدٍ (1) مْعَرِّبنا

راع الصخا والمروَّات

يا حلو صفة ركايبنا

مع كل ريع مويقات

العام هذي منازلنا

واليوم يم الحويطات

قال هذه الأبيات ولم يعرف بطبيعة الحال أن منيته ستكون على أيدي أناس من (الحويطات) في ديارهم تلك البعيدة عن نجد.

وقد أعطاني حفيده الشاعر إبراهيم بن حمد السمحان ترجمة له مفيدة، قال:

سليمان بن عبد الرحمن بن سليمان السمحان، ولد في عام 1306 هـ، وتوفي قتيلًا في جهة الشام عام 1333 هـ (2).

نبذة عن حياته وشيء من شعره:

هو سليمان بن عبد الرحمن السمحان، ولد في بريدة في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وهو أحد رجال العقيلات المعروفين، وأحد تجار الإبل، عاش معظم حياته القصيرة متنقلًا بين بلاد الشام ومصر، وما بقي منها فقضاه إما تاجرًا للإبل في سوق الإبل في بريدة أو فلاحًا في ملك أبيه في (خب البريدي).

(1) هو الأمير عبد العزيز بن مساعد آل سعود كان أمير بريدة في ذلك الوقت.

(2)

يظهر لي أن الصحيح 1344 هـ كما سبق.

ص: 379

وهو شاعر دائم الترحال، لا يكاد يقر له قرار، دائم الحنين إلى موطنه، لا يكاد يغادره حتى يؤرقه البعاد مهيجًا ذكراه، باعثًا في نفسه ألوانًا شتى من الوجد والوله، وقد كون مجموعة صغيرة من الرجال تضم إخوته الثلاثة، وعددًا قليلًا من أصدقائه ساروا برحلات منفصلة في بعض الأحيان عن العقيلات، وفي إحدى هذه الرحلات وعند مشارف بلاد الشام اعترضتهم قبل استتباب الأمن في المملكة - مجموعة من قطاع الطرق - ويكون هو الوحيد الذي يرفض تسليم سلاحه، بل ويستله معتزيًا بابنه عبد الرحمن بعد أن امتطى راحلته، قائلًا (وانا أبو دحيم)! .

ولكن هؤلاء اللصوص لم يمهلوه لحظة واحدة فقتلوه واقفًا، مقبلًا غير مدبر، رحمه الله رحمة واسعة.

وهكذا يسدل الستار على حياته لم يتجاوز عقده الثالث.

قال في بلدته: مدينة بريدة يخاطب سليمان الجربوع:

الديرة اللي وصفها وصف جنة

إلى ذكرت زروعها والرمال

يحن قلبي يابن جربوع حنه

وبالي يزين ويصبح المر حالي

ويقول في موضع آخر:

مال عن الدار يبعدنا

عيت تساويه عبراتي

ومن شعره هذه القطعة الأدبية الفريدة التي تصور الغزل العفيف، يقول من الوزن الخفيف:

جيت بنيه عند المَيّه

سرحانيه من السرحان

تعطي جوده من ماجوده

حمر خدده كالرمان

ص: 380

قلنا قوِّك قالت توك

هذي ضوك يا بوفلان

بهْ شهامه بَهْ كرامه

بَهْ علامه للضيفان

إبوه حر يسكن بر

به مقر للعربان

مع دلالهْ سيحة بالهْ

وهروجَهْ قلب الميزان

شيخ صيته لو ما جيته

تشهد له كل البران

هذاك اللي بي يهلي

ويطفي غلي بالخلان

وقال أيضًا في الحنين إلى الوطن، (بريدة):

قم يا القبيسي ودن اللوح

واكتب جوابي بطلحية

من روضة الشام لام سروح

على ذلول عمانيه

انا طعامي سماتة روح

ياللي تمدون طرقيه

والقلب عند الغضي مشبوح

معلق فوق عليّه

وخيلي بوسط الحشا مكبوح

والشوق كيه علي كيّه

ومنهم محمد بن سليمان بن عبد الرحمن، وقد خلف عبد الرحمن السليمان، ويعمل مدير عام استثمارات العقارات بالتأمينات الاجتماعية بالرياض.

وأخوه (علي) ويعمل مدير مكتب وكالة الأنباء السعودية بالمملكة المتحدة لندن، ومنهم من عبد الرحمن السمحان (عبد الله) ويعمل محاضر في كلية الملك فيصل الجوية.

و(مساعد) ويعمل بالحرس الوطني برتبة ملازم، و (سليمان) ويعمل مهندسًا في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.

ومنهم (سليمان الحمد بن سليمان السمحان) كان يعمل مديرًا لمركز صحي حي الأمن ببريدة.

ص: 381

ومنهم (عبد المحسن الحمد) ويعمل بإمارة منطقة القصيم رئيسًا للجنة تعديات الطرق الزراعية بالمنطقة.

قال الأستاذ إبراهيم بن حمد بن سليمان السمحان: السمحان هم أبناء عبد الله بن سليمان بن محسن بن محمد السمحان.

وقد كان جدهم محمد يسكن في وادي بطن سمحان بجوار جبل الزلفي ومعه ولديه: محسن وطلال قبل ما يزيد على مائتي عام، ولم يكن أحد ممن يسمي بهذا الاسم يسكن الزلفي آنذاك، وكانت منازلهم وأملاكهم معروفة في تلك المنطقة.

خلف محسن أربعة أولاد وهم (سمحان، صالح، متعب، سليمان).

وخلف طلال ثلاثة أولاد وهم (راشد، علي، عبيد).

نزح محسن وأخوه طلال من ثرمداء وتوجه إلى القصيم واستقر في مدينة بريدة وتزوج هناك وخلف ابنًا واحدًا هو عبد الله الذي تفرعت من نسله أسرة السمحان المقيمة في القصيم حيث خلف عبد الله ابنين اثنين هما (سليمان، محمد). انتهى.

سليمان بن عبد الله: خلف أربعة أولاد هم (عبد الرحمن، إبراهيم، صالح، عبد الله).

خلف عبد الرحمن بن سليمان أربعة أولاد هم (سليمان، علي، عبد الله، محمد).

ومنهم عبد الله بن عبد العزيز السمحان جارنا وبيته ملاصق لبيتنا في شمال بريدة القديمة، كان يغيب غيبة طويلة، مثل غيره من سائر عقيل تجار المواشي الذين يذهبون إلى الشام ومصر وكثير منهم يذهبون إلى العراق أيضا حيث يشترون المواشي من هناك، ويذهبون بها إلى الشام يتكسبون بذلك رغم خطر الأعراب واللصوص المنتهبين، ولكنهم كما قالوا في أمثالهم:(عقيل وليل، ومن جاهم ما جا أهله) لأنهم يكونون مسلحين وفي جماعات كافية للدفاع عن نفسها، وأحيانًا تكون لهم علاقة بشيوخ الأعراب الموجودين في المنطقة.

ص: 382

من أخباره أنه كان مع جماعة قادمين من العراق إلى القصيم، فأخطأوا الماء أي أضاعوا مورد الماء وهو الآبار في الصحراء فنفد ما معهم من الماء وكان معه ابنه الوحيد (إبراهيم) وهو صغير.

فذهب رفيق لهم يبحث عن الماء وترك جماعته بدون ماء.

ولكنهم لم يجدوا الماء حدث ابن سمحان قال: أخطأنا المورد وكان الوقت في آخر الربيع، وقد يبست أرياقنا وأيقنا بالهلكة، وليس ذلك هو وحده الذي أقلقني، وإنما وجود ابني الوحيد ومن معه الذين سيموتون ظمأ أيضًا.

قال: فلم يكن أمامي إلا الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وقد يئست من الدنيا وأخلصت الدعاء إلى الله تعالى: ولم يكن في السماء إلا قطع صغيرة من الغيم لم تكف لتخفيف حرارة الشمس فنشأت سحابة ونحن ننظر، أنا ورفيقي الذي معي حتى صارت في نظرنا أكبر قليلًا من الشراع، ثم صارت تمطر فأسرعت أبسط ملابسنا من أجل أن تتشرب من هذه النقط من المطر حتى نعصرها ونشرب ما فيها إذا لم يواصل المطر هطوله، وإذا بالمطر يزيد حتى صار مستنقعًا في الأرض فملأنا قربنا وحملناها على البعيرين معنا وعدنا بالماء إلى أصحابنا، وأنقذهم الله بذلك من الهلاك عطشًا، وهذه القصة مشهورة متداولة بين الناس.

وقد سجل هذه الحادثة إبراهيم أبو طامي في كتابه: (نزهة النفس الأديبة (الجزء الثاني) فقال:

حياة بعد موت محقق:

قصة حصلت لجماعة من الذين يؤجرون جمالهم لحمل البضائع من وإلى الكويت والقصيم يوم كانت الجمال وسائط النقل وبعض هؤلاء الرجال ما يزال حيا يرزق، وكان هؤلاء الجماعة مسافرين من الكويت متجهين نحو القصيم في شهر آب المشهور بصيفه الشديد ومن الأسباب التي زادت في تعقيد الرحلة أن

ص: 383

قربهم كانت جديدة لا تمسك الماء فيما أن شارفوا على إنهاء نصف الطريق إذا قربهم شبه خالية من الماء، وكان من بينهم عبد الله السمحان، وكان معه ابنه إبراهيم الموظف الآن بميناء (رأس تنورة) وكان آنذاك صغيرًا لا يتجاوز عمره الخامسة عشرة، وكان أبوه رحمه الله حازمًا من رجالات الصحراء الذين هذبتهم الأسفار وعلمتهم الصحراء من طبيعتها الصبر والثبات ولكن أحيانًا (يبلغ السيل الزبى) فينفد الصبر.

وذلك حينما تحدق بالإنسان المخاطر ويخطر ببالي ذلك المثل العامي (الصيف غوال رفيقه) ومعناه الصيف يقتل صاحبه ويغدر به، وهذا ما حدث للشيخ عبد الله السمحان فلقد عرف خطورة الموقف، وكان الوحيد الذي يصحبه ابنه فطلبهم النزول فنزلوا وذهب هو ومفلح السبيعي يريدان الماء وكان السبيعي هو الآخر أحد أبطال الصحراء، فسافر الاثنان يريدان الماء في مكان يدعى (اللصافة) ولسوء الحظ ضلا الطريق وقال عبد الله السمحان اشتد بنا الظمأ وكنت أنظر إلى رفيقي الذي كان طبعًا أجلد مني فرأيته قد تغير لونه وبرزت عيناه فعرفت أنني مثله إن لم أكن أشد منه.

ومع كلامي صار لحلقي صوت من شدة الظمأ فالتجأنا إلى ظل شجرة وأخيرًا صرنا لا نستطيع الكلام اللهم إلا إشارات تدل على البؤس وخطورة الموقف، ولكن يا ليت هذا استمر لنا، فما مضت إلا لحظات حتى أصبحنا لا نقدر ولا على إطلاق إشارة واحدة ما أصعبها من لحظة ولكني لم أنس ابني الوحيد فاسفت وحزنت كل الحزن على مجيئي به في مثل هذه السن، فلن يبقى بعد وفاتي ووفاته من يذكرني وخرجت من عيني دمعتان حارتان أشد الحرارة، ولا شك أنهما تركتا في خدي أثرًا أشبه بالكي وبينا كنا جميعًا نفكر وخصوصًا أنا إذ كانت أفكاري تدور حول مصيري عندما يوارى التراب على جسمي فمن سيذكرني يا ترى؟ إذا أرحم الراحمين ينظر إلينا جميعًا بالرحمة والعطف فهبت

ص: 384

ريح على شكل عمودي حدث هذا ونحن في منتصف النهار فتكون منها غمامة أظلتنا بظلها البارد وأخيرًا هطلت علينا أمطار على شكل المطر المألوف بل كانت تنزل على شكل خرير الأنهار فشربنا ودبت الحياة في أجسامنا وسري نسيم الأمل في قلوبنا أجل فلقد حيينا بعد موت وقمنا بتعبية القرب الثمان واسقينا راحلتينا واغتسلنا وعدنا بسرعة لنقدم الإسعافات لصحبنا ولا نكون مبالغين أن قلنا لنقدم الحياة إلى إخواننا المسافرين.

وشيء يدعو للاستغراب ذلك أن الغمامة لم تتعد بضعة أمتار فقط وحينما وصلنا إلى أصحابنا كلنا فرح وبشر حيث كنا نحمل لهم الحياة نحمل لهم الماء إذا هم قد عاشوا نفس المشكلة جملة وتفصيلًا وقد ساق الله لهم غمامة مثل الغمامة التي قد أظلتنا وروتنا فأعادت إليهم أرواحهم وأرجعت إلى بعض منهم رشدهم (1).

وقد حدثني سليمان العيد بهذه القصة بتفصيل أكثر فقال:

أخذ عبد الله السمحان إبلًا من بريدة وسافر بها إلى الكويت وحملها بضائع، ولما تعدى الرقعي قادمًا إلى بريدة فقد ناقة عليها حمل قهوة فقال للراعي إرجع ودوِّرها ربما تكون واردة على الجهراء

قال: فرجع الراعي إلى جهة الكويت وتركهم وتأخر الراعي فنفد ماؤهم وصار ابنه إبراهيم وهو صغير يبكي من العطش وهو مثله فتوجه عبد الله السمحان إلى الله بالدعاء، فأنشأ الله سحابة أمطرتهم فشرب هو وابنه وملأ القرب، ثم سقي اباعره، وكانت عطشي أيضًا.

ثم عاد الراعي بالناقة المفقودة وجدها واردة على الجهراء تبي الماء.

أقول: بالنسبة إلى (إبراهيم بن عبد الله السمحان) الذي ذكره أبو طامي كان يلعب معنا في الشارع ونحن أطفال، وكان أسن منا غير أن والده صار يأخذه

(1) نزهة النفس الأديبة لأبو طامي (الجزء الثاني)، ص 115 - 117.

ص: 385

معه في الأسفار على الإبل إلى العراق والكويت وغيرها طلبًا لتعليمه التعود على الأسفار والصبر على المشاق التي هي مهنة والده ومهنة خاله أخي أمه (محمد بن عبد الرحمن السمحان) الذي كان من كبار عقيل في وقته.

ومرة بينما كان إبراهيم في السفر راكبًا على بعيره برك البعير فجأة ومن دون أن يعرف أنه سيفعل ذلك وإبراهيم كان مطأطأ رأسه إما لنعاس، أو غفلة عند غزالة الشداد وهي يده الأمامية هي من الخشب واقفة وقوفًا حادًا، والعادة أن الراكب إذا أراد أن ينيخ البعير أبعد ظهره إلى الخلف قليلا لئلا يؤذيه الشداد الذي هو الرحل فكان أن ضربته الغزالة وهي القسم الأمامي من الشداد كما قدمت على صدره ضربة قوية ما لبثت أن صارت جرحًا مؤذيًا ذهب به أحد أقاربه إلى الرياض إذ لم يكن في بريدة آنذاك مستشفى وكان مستشفى الرياض في أول أمره فعالجه طبيب جراح لم ينجح في علاجه فأخذه أقاربه إلى الظهران وأدخلوه إلى مستشفى شركة أرامكو التي كانت أمريكية آنذاك بوساطة بعض الجماعة المقيمين في الدمام فعالجوه حتى عوفي، ثم عاد إلى بريدة.

وبيتهم ملاصق لبيتنا في بريدة كما قدمت، فلما عاد إلينا في بريدة لم نكد نعرفه لأن جميع مظاهر المرض قد زايلته وصار في صحة جيدة، فكان الدم يجري في وجهه ويديه فلما سألناه عن حاله، قال: كان الدكتور في مستشفى الرياض يدخن سيجارته وهو يعالجني، ويفتح الجرح للوصول إلى المادة الخبيثة في داخله، قال: وأما الدكاترة في مستشفى أرامكو في الظهران فإن الطبيب منهم إذا جاء إليَّ وبخاصة إذا اراد فتح الجرح إو إجراء العملية فيه تلثم حتى لا يصل نفسه إليَّ.

وقد تعجبنا من ذلك لأننا كنا نسمع به أول مرة.

وعلى ذكر ما قلته من أن بيت عبد الله السمحان ملاصق لبيتنا سمعت الستاد علي الحامد صديق والدي يقول له: أنت تخبر - يا أبو محمد - يوم أنا ابني لعبد الله

ص: 386

السمحان قهوته، وقال لي ابن جدار من أرضي حتى تحط فوقه خشب سقف القهوة قال ابن حامد: فضحكت، وقلت: لا، خشبك نحطه فوق جدار جارك ناصر العبودي لأنني أعرف أنك لا تمانع وكان جدار بيتنا قائمًا قبل ذلك.

فسألني ابن سمحان بدهشة عما إذا كنت متأكدًا من أنك ستسمح له في أن يضع خشب سقف قهوته على جدارك؟

فأكدت له ذلك، ولكنه لم يقتنع حتى استأذن منك شخصيًا، فقال والدي: أذكر ذلك، وأعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره.

قال: وحتى لو لم يرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخصوص فإنه ليس من المعقول عندي أن أمنع جاري من هذا الأمر.

أقول أنا مؤلف هذا الكتاب: إن بعض الناس يمنعون جيرانهم من أن يضعوا خشب السقوف في بيوتهم على جدرانهم لزعمهم أن الجدار إذا ثقل عليه خشب السقف صار معرضًا للإنهيار أو التشقق، لاسيما أن جميع جدرانهم ومنها جدار بيتنا في ذلك الوقت هي من الطين.

ونعود إلى ذكر إبراهيم فنقول: إنه سافر إلى الظهران بعد ذلك وحصل على وظيفة جيدة هناك، ولكنه انصرف إلى الاتجار بالأراضي والعقارات، فصار ذا ثروة عظيمة، ورزق عدة أبناء نجباء ساعدوه في تجارته في حياته ثم صاروا من رجال الأعمال التجارية بعد وفاته وصارت لهم شركة قوية ناجحة تحمل اسمهم.

هذا مع العلم بأن إبراهيم كان وحيد أبويه، وليس له أي أخ.

ولوالده عبد الله السمحان نظرية تدل على بعد تفكيره وعدم جموده على ما عليه الناس، وذلك أنه أحضر معه من الكويت مضخة يدوية وأحضر معها أنابيب من الحديد، وربما كانت من أول ما دخل من الأنابيب تلك إلى بريدة.

ص: 387

وذكر لنا أنه أحضرها من أجل أن يركب الأنابيب أي ينصبها على بئر قريبة الماء، ثم يرفع الماء بالمضخة اليدوية ويزرع عليها، وأختار لذلك (المندسة) إلى الشرق من بريدة.

ولم يكن الناس آنذاك يعرفون مكائن الماء، بل لم يكونوا يتصورونها.

وقد أجرى تجربة لذلك أمام والدي وأنا طفل في نحو السابعة من عمري وذلك يكون في عام 1353 هـ على وجه التقريب فوضع قدرًا كبيرًا ملأه بالماء على الأرض وأدخل الأنبوبة من السماوة وهي فتحة في السقف، وربط بها المضخة من جهة الأعلى وهي التي في السطح وأحضر قدرًا كبيرًا خالية

في السطح وصار يمتح الماء يرفعه من الأسفل إلى الأعلى بالمضخة اليدوية حتى انتقل ما في القدر الأسفل الذي على وجه الأرض إلى القدر الأعلى الذي فوق السطح وقال: أريد أن أزرع عليها هكذا.

فكان بعض الناس يضحكون منه، وبعضهم يقول: سوف نرى.

ولكنه لم يستمر في الزراعة والري بهذه الطريقة.

وإبراهيم بن عبد الله السمحان المذكور محب للأدب، بل هو أديب، وإن لم يتفرغ للأدب أرسل إليَّ من مكان إقامته في المنطقة الشرقية رسائل تدل على ذلك، ومنها هاتان الرسالتان اللتان كتبت أولهما بتاريخ 7/ 11/ 1373 هـ.

والثانية بتاريخ 1/ 8/ 1375 هـ.

وهما هنا بخطه:

ص: 388

وهذه حكاية تروى عن ابن سمحان وتوكله على الله، ولم أعرف اسمه ولكنه من هذه الأسرة، ، ومؤدَّاها أن جماعة من رجال عُقيل كانوا متوجهين من العراق إلى بريدة معهم بضائع على الإبل، وكان أحدهم يقال لهم (ابن سمحان)، وكان كثير

ص: 392

التوكّل على الله سبحانه، فإذا قيل: ضاع جمل فلان، قال: ما يُدري وين الخيرة، وإذا قيل: مرض فلان قال: ما يدري وين الصالح، وإذا قيل: ضاعت المزودة وفيها فلوس، أو قيل خسر فلان في بضاعته، أو كذا وكذا، فيقول: ما نعلم وين الخيرة، أو ما يُدري وش الصالح فيه، لعله يكون خيرًا، وهكذا.

وقد غبطه الذين معه على ذلك، وأرادوا اختباره هل هذا توكّلٌ على الله صحيح، أو هو عجز وضعف باسم التوكّل؟

وكان له في تلك القافلة عشرة أباعر وعليها له أحمال بضائع، فاتفقوا على تغييبها عنه وقتًا (ما) بدعوى أنها ضاعت بأحمالها، لينظروا ماذا يصنع إذًا؟

وكان في العادة أن المعازيب وهم أهل البضائع يركبون على ركائبهم يسيرون أمام الإبل ذات الأحمال، ليس مع أحدهم إلَّا أواني القهوة، فأمروا الرّعاة والمسؤولين عن إبل ابن سمحان أن يَعْقِلوا إبل ابن سمحان آخر النهار في مكان خفي، قبل وصولهم مكان المعشّى، ويُنْزلوا عنها أحمالها ويتركوها مكانها، ثم يزعمون له أنها ضاعت: لينظروا ماذا يصنع؟ ففعلوا ذلك وعقلوها ثم لحقوا بالتجار ومنهم ابن سمحان.

فالمعازيب لما وصلوا المكان الصالح للمعشَّى وضِمْنُهُم (ابن سمحان) نزلوا وأوقدوا النار للقهوة، وعلى إثرهم الرعاة والحملات، الذين جاءوا فأخبروا أن إبل ابن سمحان ضاعت بأحمالها، فاضطرب المعازيب على الرعاة وأظهروا الغضب عليهم، إيهامًا لابن سمحان ليثيروا كامنة في ماله؟

ولكن ابن سمحان لم يفزعه ذلك، ولم يبد عليه الاضطراب، بل ثبت مطمئنًا يقول: إنَّا لله وإنا ليه راجعون، إيه ما ندري وين الصالح فيه.

وجعل يدعو والجماعة استمروا يتلاومون وماذا يصنعون في تطلبها؟ ليؤسفوه، لكنه استمر يسترجع مطمئنًا يقول: الله يريد بنا خير، ما نعلم وين الصالح.

ص: 393

ثم صادف أن مر عليهم قوم كثير محاربون، قد سروا ليلهم فدهموهم واستولوا عليهم، إذ ليس لهم يدان بقتالهم فأخذوا جميع ما معهم، ولم يسلم مما للتجار إلَّا ابل ابن سمحان وبضائعه سَلِمَتْ لأنها معقولة في مكان خفي لم يعلم بها القوم المغيرون عليهم!

هذا وقد رأيت تراجم لعدد من السمحان أحضرها لي الشاعر إبراهيم بن حمد السمحان فله الشكر وأولها ترجمة جارنا وصديقنا إبراهيم بن عبد الله بن عبد العزيز السمحان الذي تقدم ذكره.

ولد إبراهيم العبد الله في مدينة بريدة (سنة الغرقة) حوالي عام 1341 هـ، وكان والده عبد الله في الغربية، حيث كان أحد رجال عقيل المتاجرين معها، وحينما حدثت الغرقة ذهبت به والدته إلى أثل العبودي في رأس النفود غرب بريدة، وقد وجدت مئات من النسوة هاربات بأولادهن خوفًا عليهم من الهدم، وعندما تجاوز سن الطفولة رافق والده في أسفاره إلى الغربية، وفي عام 1369 هـ سافر إلى المنطقة الشرقية، وكان بضيافة (عبد الله السفيِّر) في مدينة رأس تنورة، وعمل في جمرك رأس تنورة، وفي عام تزوج من الخرج بعد وفاة زوجته الأولى، وأقام هو وأهله في رأس تنورة، وكانت المساكن من الخشب، وقد عمر منزله في كل ليلة، فقد كان شهمًا كريمًا مضيافًا، ثم انتقل إلى مدينة الدمام وعمل بتجارة العقار، وافتتح المكتب الوطني العقاري ليمارس عمله من خلاله.

وقد عرف عنه الصدق في التعامل وسرعة إنجاز ما يوكل إليه من عمل حتى أصبح محل الثقة من الجميع، ويعتبر علما من أعلام العقارات في المنطقة، وهو من أهل الخير والبذل والعطاء، فطالما ساعد الفقراء والمحتاجين وقام ببناء المساجد بالدمام وبريدة وغيرهما، بالإضافة إلى دعمه المتواصل للجمعيات الخيرية، وقد توفي في يوم الاثنين 22/ 10/ 1411 هـ بمدينة الدمام وصلى عليه جمع كبير من

ص: 394

أهالي المنطقة وغيرها، ودفن في مقبرة الحمام، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وقد خلف ستة أبناء أكبرهم (خالد) ساروا جميعًا على منهج والدهم.

علي بن عبد الرحمن بن سليمان: رافق إخوانه الثلاثة في أسفارهم مع العقيلات للتجارة، وتزوج في الشام وخلف ابنًا واحدًا هو كبير عائلة السمحان اليوم محمد بن علي السمحان، وتوفي رحمه الله في إحدى قرى الشام على أثر إصابته بمرض الحمى فعاش ابنه محمد في طفولته في كنف والدته عند أخواله في الشام، إلى أن ترعرع وبلغ مبلغ الرجال، فعاد إلى الوطن للتعرف على أقاربه والإقامة بينهم، وقد خلف سبعة أولاد منهم (علي) ويعمل دكتورا بجامعة الملك سعود بالرياض (وعماد) ويعمل مدير إدارة الدعم بشركة الاتصالات السعودية بالرياض.

محمد بن عبد الرحمن بن سليمان: ولد في بريدة في حوالي 1315 هـ وعاش في كنف والده عبد الرحمن هو وإخوانه فترة من الزمن حتى توفي والدهم رحمه الله في خب البريدي، ودفن فيها، ثم انطلق الأبناء إلى العمل وطلب الرزق، وقد امتهن الجميع التجارة بالإبل، ويعتبر محمد من رجال العقيلات المعروفين، إذ رافق أخاه سليمان في معظم أسفاره كما كان له أسفار مع العقيلات بعد وفاة أخيه.

وقد افتتح مصرفًا صغيرًا في الأردن مارس فيه مهنة الصرافة فترة من الزمن، وبعد ذلك استقر في مدينة بريدة وافتتح متجرًا صغيرًا يتعامل فيه ببيع الهدم والأرزاق والسجاد وتغيير العملات، وكان يقع هذا المتجر في الجهة الشرقية الجنوبية من (جردة بريدة)، حيث كانت البادية القادمة لبيع المواشي والجمال تأتي من البلدان المجاورة مثل العراق وبلاد الشام، وتفد إلى هذا السوق.

توفي رحمه الله في يوم الاثنين العاشر من شهر رمضان 1395 هـ على أثر نوبة قلبية مفاجئة ودفن في مقبرة الموطأ.

ص: 395

وقد خلف ثمانية أبناء منهم (عبد الرحمن بن محمد) الذي كان يعمل رحمه الله مدير الشئون المالية بالمديرية العامة للدفاع المدني بالرياض.

و(عبد العزيز بن محمد) الذي يعمل مديرًا لمدرسة الأندلس الابتدائية ببريدة سابقًا، وقد ابتعث عبد العزيز وهو على رأس العمل للمملكة المتحدة لمدة سنتين حصل بعدها على دبلوم في تعليم اللغة الإنجليزية.

ومنهم (أحمد بن محمد) الذي يعمل مديرا لمدرسة موسى الحجاوي الابتدائية ببريدة، و (سليمان بن محمد) ويعمل طبيبا للعلاج الطبيعي بمستشفى رعاية الرياض.

إبراهيم بن سليمان بن عبد الله، خلف ولدين هما (محمد، حمد).

وخلف محمد ثمانية أولاد أكبرهم إبراهيم، الذي خلف أربعة أولاد منهم (أحمد بن إبراهيم) عمل مديرا للشؤون المالية بأمانة منطقة القصيم سابقًا، ورئيس لنادي التعاون الرياضي سابقًا.

ومنهم الشاعر إبراهيم السمحان:

وهو إبراهيم بن حمد بن سليمان السمحان: بدأ نشر نتاجه الشعري في عام 1403 هـ وشارك بشعره في العديد من اللقاءات الاجتماعية التي أقيمت في المنطقة، ودعي للمشاركة بمهرجان التراث والثقافة بالجنادرية عام 1415 هـ، له ديوان شعري على الشبكة العنكبوتية عنوانه (شهقة الدفتر) وديوان أخر مخطوط باسم (دريشة فجر).

كما كتب العديد من الأعمال الوطنية كان آخرها نص (أوبريت وطن ومسيرة) الذي تم عرضه في مهرجان بريدة الترويحي عام 1436 هـ، أحيا العديد من الأمسيات الشعرية وتم تكريمه من قبل أمير المنطقة في عام 1427 هـ كأحد الأسماء التي خدمت الأدب الشعبي في المنطقة.

ص: 396

ومن شعره: (ابتهال):

يا ربي الليل وحشه والذنوب أوقفن

قدام عين المسافر مع دروب السنين

جلد الضمير إشتمل بي والجروح إنزفن

نظرت خلفي وزاد الركض والركض وين!

فريّت لك منك وأيامي تلوح بكفن

الموت أشوفه يخاتلني شمال ويمين

جيت اعترف وانكسر .. جيت ارتمي واندفن

في رمل شاطئك .. جيت يشدني لك حنين

تعاظمت بي ذنوبي هاجسي .. وعصفن

باللي بقى من ثباتي .. عونك يا معين

إن سيطر الخوف فجبال الضلوع رجفن

وإن لاح طيف الرجاوي: تونا ريَضين!

أمشي تجاذبني الدنيا: ورود وعفن

لا الزين دايم بعيني زين .. لا الشين شين

وحبك بحر جود وآمال لنجاة السفن

حبك وحب الحبيب المصطفى شافعين

ما غير هذا وظن لي ذكرته طفن

كل الحرائق بقلبي .. والرجابك مكين

وقال: هذه القصيدة في اجتماع لأسرتهم في (بريدة) عام 1425 هـ:

يا الله لك الحمد ببريدة تلاقينا

وأقفت سنين الشتات وجا تواصلنا

وعن بعضنا مع ظروف الوقت سجينا

كنا بصحرا ولا درب يوصلنا

واليوم مهما عن اللي صار خطينا

ما ينبي الحرف عن حب يظللنا

ننعم بوصل ذعاذيعه تنسينا

لفحة سنين تنامت في دواخلنا

بجهود من حققوا بالقرب أمانينا

اللجنة اللي وفاهم فوق ما قلنا (1)

أمس إشجرتنا جفاف يجرح إيدينا

واليوم الاوراق بالخضرة تجللنا

بالروح نادي القصيم وله تنادينا

وأشواقنا في رجا اللقيا تمثلنا

يوم إنفتح للتواصل باب صكينا

باب القطاعة .. وبالمولى توكلنا

مبدأ مشينا عليه وبه تواصينا

نسير مع ربعنا وإن ميلوا ملنا

(1) المقصود لجنة منسقي التواصل من الأسرة.

ص: 397

إن رفرفت كلمة السمحان فزينا

عشق تحدر لتالينا من أولنا

ومن شعره مقطوعة بعنوان:

يا نجم بالليل إهدني

يا نجم باسيار خذني للفضا

يا ساري والناس في نوم هني

ما دمت أنا وياك يجمعنا القضا

ثم القدر، يا نجم بالليل إهدني

خذني وطف بي حول ربات الوضا

ومن نورك الساطع قليل مدني

ابا اعتلي كالبرق لي منه نضا

من فوق ديرة صاحبي سيد البني

وأرسل شعاعي بالغرام اللي مضى

ثم انتظر .. هو يعكسه من شاقني

والا فهو يا نجم عني ما رضا

ولارض سرينا من وطاه تردني

للصبر والحرمان مع جمر الغضا

حتى يشده لـ اللقاء ما شدني

حلم الليل

يا منادي جاب لي صوته صداه

حامل حب هقيت انه نساه

انتشلني من عناصمت طويل

واحتضني بين دفاته وتاه

وسط جو الشوق ورياض الهوى

لين جينا قصر مردوع الشفاه

قصر عسلي النظر بين الزهر

يجتنب لي هبت النسمه شذاه

قال يوم أقبلت يمه ياهلا

ثم صافحته وبادلته هلاه

قال: تذكر حبنا العذري وذاك

الوفاء اللي بيننا عشنا هناه

والتفاهم والغلا واحلامنا

قبل تفرقنا عواصيف الشناه

قلت من ينسى سروره يا رجا

قلب من يهواك يا غاية مناه

واختفى زول الحبيبة بعدما

فقت من حلمي وجدت بي خطاه

ص: 398

كيف حلم الليل جدد هاجسي

كيف جاب اللي ملك نفسي غلاه

ليت هالرؤيا تحقق والتقي

مع عديل الروح واسعد في لقاه

مير كيف وحاجز الفرقا نصب

بيننا واللي بناه احكم بناه

يمكن تشاهد بالنظر

ادخل على قلبي وشف وش يبي بك

اما اقنعك والا رضي واقتنع هو

أنا تعبت من الزعل والحكي بك

ثلاثة اشهر وآخر محاولة تو

قلت انك المخطي ولا طاعني بك

قلت انك المظلوم .. قال: أي بس لو

و(اللو) هذي خيطها ينتهي بك

وانت الذي تملك لتحليلها الضو

أنت الذي تقدر تعالج نصيبك

وتبذر بذور الشوق مع موسم النو

قم قبلما يسر الجفاف بحبيبك

ادع المطر وإلا على عاتقك رو

اخلق فرص عجل ترى ما يعيبك

هذا .. ولا تسأل عن الدرب وش هو

يمكن تشاهد بالنظر ما يريبك

أو تسمع أصوات تعكر صفا الجو

لكن تصور وش كبر فرحتي بك

واعمل وجنب قيد لا تسوي وسو

ص: 399

وكتب الشاعر إبراهيم بن حمد السمحان ما يسمى بالأوبريت وهو العرض الشعري ينشد في الاجتماعات العامة وذلك بعنوان (أوبريت وطن ومسيرة)، وألقي في مهرجان بريدة الترويحي عام 1426 هـ، تم عرضه في حفل الافتتاح برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم وبحضور نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز وجماعة أهل بريدة:

موال:

تاج القصيم بريدة

عشق سكن وجداني

لحن السنين تعيده

صبابتي وأشجاني

شجون:

الصبح في قبة رشيد إنفتح باب

ومن حافة الدكان فاضت محادر

مد الحصير إخوهيا واطلع كتاب

فتش ودمعه فوق الأوراق حادر

دار المهة .. دار: باقل الأسباب

ويا كثر حاجات بهمك تبادر

نركض نصارع لكن الفقر غلاب

نزرع ونرعى ونتغرب نسافر

نتعب تعب لا شك ما تثمر اتعاب

وآمالنا في خيل والخيل عاثر

مير إبشروا لا بد ما الليل ينجاب

ما دام إخو نوره كما اليث كاسر

معاناة العقيلات:

وش لون كانت حياة عقيل

تاريخهم لو تحدث قال:

إن القدم منهك بالحيل

والدرب خوف وظما ورمال

حلم الفوايد يدك الخيل

حتى غدي حلهم ترحال

الغربة اللي تهد الحيل

والطيف صورة وطن وعيال

وكل مع الوقت حاطب ليل

والوقت يطرد سراب اللال

ص: 400

ومع كل ذاك التعب والويل

لي قلت من هم: لقيت رجال

الميلاد:

ما كانت إلا مورد للما تغطيه الرمال

ثم انتثر نهر الحياة أشجار فوق رمالها

وكفوف تعزف للبنا ما يذكي عزوم الرجال

ما يترك التاريخ يحكي عن علوم رجالها

العقيل مشوار حفل بالمجد ولسوق الجمال

ولمجد الآخر للنخل .. وللنخيل لحالها

التأسيس:

ويتنفس بنجد الحديثة فجر

إبتدا من بدت شمس عبد العزيز

يوم هز الركود ورمي به حجر

كل شيء تغير بوقت وجيز

النهضة:

حق الوطن لو هتف للقلب وافتاده

تستاهل الدار ماضيها وحاضرها

يشهد لها خصمها لو يلزم حياده

مع منجزات عجزنا نلحق آخرها

تميزت في بنا الإنسان واعداده

بالعلم والدين لي عدت مفاخرها

والأمن وراف وجور الوقت ما زاده

الاثبات على الحكمة وزاجرها

القبلة اللي ينبع الشمس وقاده

هي مصدر النور للدنيا وضامرها

يا ديرة الخير جودك خير وزيادة

ومكانتك من عرف غيرك يقدرها

الحب يلقى بدرة نجد ميعاده

حب الوطن بذرة بالصدق نغمرها

ببريدة الناس كل يعشق بلاده

عشق به التنمية فاقت مظاهرها

بقيادة الفيصل اللي يتعب جياده

المسابق الوقت مشغول يضمرها

والنائب الي على المنهاج والعاده

قلبه والأبواب تفتح قبل يأمرها

في ظل شيخ الوطن ومخلد أمجاده

ذاك الفهد منشي النهضة وعامرها

ص: 401

لوحة المهرجان:

مهرجان الصيف لي صارت بريدة عروس

لي تعطر كل شي بنفح اطيابها

لا بدا ليل التعاليل يضحك بالطعوس

والمقيظ إزدان بالعين واشرع بابها

لي سرت تغريدة الطير بأوصال النفوس

وضاقت فجاج البراري على طلابها

ديرتي تزها بهالوقت في زين اللبوس

مهرة بين البساتين ما يدري بها

ولأسرة السمحان وثائق كثيرة قديمة تدل على قدم وصولهم إلى بريدة.

منها هذه الوثيقة التي تتضمن شهادة سليمان بن حمد السمحان على مداينة العلي الناصر (السالم) الذي ذكره ابن بشر في تاريخه وذكر أنه قتل في وقعة اليتيمة عام 1267 هـ لأنه كان أحد زعماء مدينة بريدة.

وهو زعيم سياسي معروف في وقته وثري واسع الثراء، وسبق الكلام عليه عند ذكر أسرة (آل سالم).

ومن وثائق أخرى تبين أن هيلة بنت عبد الله الصوياني التي شهد سليمان السمحان في مداينتها هي زوجته.

والوثيقة مؤرخة في عام 1259 هـ بخط قاضي بريدة الشهير الشيخ سليمان بن علي المقبل.

والشاهد الآخر فيها سليمان بن ناصر (السالم) من آل سالم أيضًا.

ص: 402

وهذه الوثيقة فيها إثبات دين على سليمان (بن حمد) السمحان نفسه، وفيها التصريح بأنه زوج هيلة الصوياني السابق ذكرها، وتتضمن أن لعلي الناصر في ذمة سليمان السمحان أربعة أريل يسلم عنهم مائتين وزنة تمر تزيد عشر وزان تمر، يحل أجلهن في شوال عام 1263 هـ.

والشهود على هذه الوثيقة ذات المبلغ غير الكبير هم ثلاثة: حسين الصالح وهو أخو الأمير مهنا الصالح أبا الخيل أمير بريدة.

والشاهد الثاني عبد الله بن ناصر الرسيني، والثالث عبد المحسن السيف، وهو عبد المحسن بن محمد بن سيف الملقب (الملا) وهو كاتب مشهور ألفت في ترجمته كتابا عنوانه (أخبار الملا ابن سيف).

أما الكاتب فإنه من أسرة العمرو المعروفة التي منها الشيخ عبد الله بن عمرو الآتي ذكره في حرف العين.

ص: 403

واسم الكاتب صلطان الرشيد بن عمرو بفتح الشين، والوثيقة مؤرخة في يوم الحجة سنة 1262 هـ.

وهذه الوثيقة التافهة من حيث المبلغ الذي فيها ولكنها صارت مهمة من الناحية التاريخية وتتضمن إقرار (سليمان بن حمد السمحان) - أيضًا مما يدل على سابق دين، بأن عنده لغصن الناصر.

وغصن الناصر هو من آل سالم شقيق لعلي الناصر الذي تقدم ذكره وهو ثري أيضًا تأخرت وفاته عن وفاة أخيه الزعيم (علي بن ناصر السالم).

ونحب أن ننقل نص الوثيقة بحروف الطباعة، وهي: "أيضًا أقر سليمان بن

ص: 404

حمد بن سمحان أن لحق عليه لغصن الناصر ستين وزنة تمر شقر مؤجلات منهن ثلاثين في صفر الخير سنة 1275 هـ. ويحل ثلاثين وزنة في صفر أيضًا من السنة القابلة التي هي سنة 1276 هـ. شهد إبراهيم العلي آل مقبل وشهد به كاتبه حمد بن سويلم جرى ذلك في 20 شوال 1274 هـ - وهن عوض ريال.

والشاهد الوحيد فيها وهو إبراهيم العلي آل مقبل هو أخو الشيخ سليمان بن علي المقبل قاضي بريدة المعروف، وأما الكاتب حمد بن سويلم فإنه كاتب معروف من أسرة آل سويلم الذين كان أولهم وصولًا إلى بريدة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السويلم الذي بعثه الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود قاضيًا على بريدة وتوابعها من القصيم، وكان يسكن في الدرعية، وأصلهم من (ثادق) في المحمل، وبعد أن ترك القضاء أثر البقاء في بريدة حيث كان تزوج وفتح دكانًا له في بريدة وسيأتي ذكره قريبًا عند الكلام على أسرة (السويلم) بإذن الله.

مخالصة حسابية:

وقد احتاج الدين الذي لغصن الناصر السالم علي سليمان بن حمد السمحان إلى محاسبة وتخليص فكانت هذه الوثيقة الطريفة التي تتضمن كلمات

ص: 405

وعبارات تحتاج إلى توضيح بالنسبة إلى القراء المعاصرين.

لذلك سوف أنقلها بحروف الطباعة التي سأصحح فيها الأغلاط الإملائية مع وضع صورة لها محافظة على الأصل.

قالت الوثيقة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، تحاسب سليمان بن حمد السمحان وغصن بن ناصر من الدين اللي على سليمان لغصن في يومين خلت من عاشورا 1276 هـ فصحَّ آخر في ذمة سليمان لغصن مائتين وزنة تمر تزيد ثلاث وستين وزنة تمر وتسعة أريل وعشرة أرباع وذلك الدين حال في ذمة سليمان لغصن، منهن ثلاثة أريل وعشرة أرباع يحلن في ربيع من السنة وباق التمر والدراهم صل على ما ذكرنا وغصن على رهنه في عمارة سليمان وجريرته في ملك السالم رهن ثابت.

شهد على ذلك ناصر السليمان العجاجي وعبد الله الصويَّاني وجار الله المشيطي وشهد به كاتبه عبد الله بن محمد العويصي في 3 عاشور 1273 هـ.

وصل الله على محمد وآله.

ص: 406