الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في الْقَرْضِ
رَوَى أَبُو رَافِعٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْراً، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبل مِنْ إِبلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْراً، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَاراً رَبَاعِياً، فَقَالَ:"أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1).
وَيَصِحُّ قَرْضُ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ رحمه الله: أَكْرَهُ قَرْضَ بَني آدَمَ.
وَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
فَأَمَّا الْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا، فَلا يَصِحُّ قَرْضُهَا فِي قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ، وَيَرُدُّ الْمُسْتَقْرِضُ الْقِيمَةَ.
وَيُكْرَهُ قَرْضُ بَنِي آدَمَ، وَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
(1) رواه مسلم (1600)، كتاب: المساقاة والمزارعة، باب: جواز اقتراض الحيوان.
وَيُرَدّ الْمِثْلُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَالْقِيمَةُ فِيمَا عَدَاهُمَا.
وفيه صُوَرُ وَجْهٍ آخَرَ: أَنَّهُ يُرَدُّ (1) الْمِثْلُ فِي الْجَمِيعِ.
وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْقَرْضِ بِالْقَبْضِ.
فَلَوْ أَرَادَ الْمُقْرِضُ الرّجُوعَ في عَيْنِ مَالِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذلِكَ.
وَإِنْ رَدَّهُ الْمُسْتَقْرِضُ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ، إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ، أَوْ تَحْرِيمِ السّلْطَانِ لَهُ؛ كَالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا، فَيَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ.
وَإذَا أَقْرَضَهُ أَثْمَاناً، فَلَقِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، فَطَالَبَهُ، لَزِمَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْرَضُ غَيْرَهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ مِثْلُهُ.
وَإِنْ كَانَ قَرْضُهُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُوناً، فَطَالَبَهُ بِمِثْلِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ.
وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلاً يَقْبِضُهُ لَهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ، لَزِمَ الْمُقْرَضَ تَسْلِيمُهُ.
فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ، لَزِمَهُ.
وَيَصِحُّ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْقَرْضِ، وَلا يَصِحُّ شَرْطُ الأَجَلِ، وَلا شَرْطُ مَا يَجُرُّ مَنْفَعَة؛ مِثْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ عَلَى أَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يُعْطِيَهُ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ، وَيَكْتُبَ لَهُ سَفْتَجَةً.
(1) في "ط": "إجزائه بردِّ".
وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ السَّفْتَجَةِ؛ لأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لَهُما جَمِيعاً، وَإِنْ بَدَأَهُ الْمُقْتَرِضُ بِفِعْلٍ، جَازَ، وَإِنْ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، أَوْ زَادَهُ (1) زِيَادَةً بَعْدَ الْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةٍ، فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
* * *
(1)"زاده": ساقطة من "ط".