الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْوَصَايَا
رَوَى ابْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ"(1).
وَعَنْ سَعْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ! إِنَّ لِي مَالًا كَثيرًا، وَإنَّمَا تَرِثُنِي ابْنَتِي، أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ:"لا"، قَال: فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَال: "لا"، قَال: فَبِالنِّصْفِ؟ قَال: "لا"، قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّ صَدَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا تَأْكُلُ (2) امْرَأتُكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلَكَ بخَيْرٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتكَفَّفُونَ النَّاسَ" رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ مُتَّفَق عَلَيْهِمَا (3).
(1) رواه البخاري (2587)، كتاب: الوصايا، باب: الوصايا، ومسلم (1627)، كتاب: الوصية.
(2)
في "ط": "إن ما".
(3)
رواه البخاري (2591)، كتاب: الوصايا، باب: أن يترك ورثة أغنياء خير من أن يتكففوا الناس، ومسلم (1628)، كتاب: الوصية.
الْوَصِيَّةُ هِيَ التَّبَرُّعُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ (1) يَقِفُ نُفُوذُهُ عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ الإِيصَاءُ بِالثُّلُثِ، وَلِلْمُتَوَسِّطِ الإِيصَاءُ بِالْخُمُسِ، فَأَمَّا مَنْ يَمْلِكُ (2) أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ وَرَثَةٌ (3) مَحَاويجُ، فَيُكْرَهُ لَهُ الإِيصَاءُ.
وَإذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ، أَوْ أَوْصَى بأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَقَفَ نُفُوذُها عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَهَلْ إِجَازَتُهُمْ تَنْفِيذٌ، أَوْ عِطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإذَا أَخْلَفَ اثْنَيْنِ، وَفَرَسًا وَعَبْدًا مُتَسَاوِيِ الْقِيمَةِ، فَأَوْصَى لأَحَدِهِمَا بِالْفَرَسِ، وَلِلآخَرِ بِالْعَبْدِ، فَهَلْ تَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإذَا تَبَرَّعَ في الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، أَوْ في حَالٍ يُخَافُ فِيهَا التَّلَفُ؛ كَالَّذِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ حَالَةَ الْحَرْبِ، وَمَنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ بِعَطَايَا يَعْجِزُ ثُلُثُهُ عَنْ جَمِيعِهَا، بُدِىَ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، فَإِنْ وَقَعَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً، قُدِّمَ الْعِتْقُ.
وَعَنْهُ: يُسَوَّى بَيْنَ الْكُلِّ، وَيَتَحَاصُّونَ في الثُّلُثِ.
(1) في "ط": "مال".
(2)
في "ط": "ملكَ"
(3)
"له ورثة": ساقطة من "ط".
فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَرَضُ مَخُوفًا، أَوْ كَانَ مَخُوفًا وَبَرِىَ مِنْهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ.
فَإِنْ كَانَتِ الْعَطَايا مُعَلَّقَةً بِالْمَوْتِ، سَوَّى بَيْنَ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ.
فَإِنْ أَوْصَى بِالْوَاجِبَاتِ مِنْ ثُلُثِهِ، زُوحِمَ بِها أَصْحَابُ الْوَصَايَا.
وَإذَا أَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَجَزْتُها لأَنَّنِي ظَنَنْتُ الْمالَ قَلِيلًا، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُقْبَلَ.
وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الأَخْرَسِ بِالإِشَارَةِ، وَلا تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ بِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَصِحَّ.
وَإذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ، فَهَلْ يَمْلِكُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، أَوْ مِنْ حِينِ الْقَبُولِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَهَلْ تَصِحُّ وَصِيَّةُ السَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.