الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في الْمُسَاقَاةِ
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا، عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمَرِها.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ (1) أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ، رَوَاهُمَا (2) مُسْلِمٌ (3).
وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ، تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَلا تَفْتَقِرُ إِلَى مُدَّةٍ في ظَاهِرِ كَلامِ أَحْمَدَ.
فَإذَا فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ، فَهِيَ بَيْنَهُما.
وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمالِ قَبْلَ ذلِكَ، فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ؛ لِما رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: أَنَّ يَهُودَ خَيْبَرَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا لِيَكْفُوا عَمَلَهَا،
(1) في "خ": "عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
(2)
في "ط": "رواه".
(3)
رواهما مسلم (1551)، كتاب: المساقاة والمزراعة، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وَلَهُمُ النِّصْفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"نُقِرُّهُمْ بِهَا عَلَى ذلِكَ مَا شِئْنَا"(1).
وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ، فَلا شَيْءَ لَهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ عَقْدٌ لازِمٌ لا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ.
وَتَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ تَكْمُلُ الثَّمَرَةُ في مِثْلِهَا، فَإِنْ جَعَلا مُدَّةً لا تَكْمُلُ في مِثْلِهَا، لَمْ يَصِحَّ.
فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكْمُلُ، وَقَدْ لا تَكْمُلُ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
فَإذَا قُلْنَا: لايَصِحُّ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ، عَمِلَ الْوَارِثُ، فَإِنْ أَبَى، اسْتُؤْجِرَ مِنَ التَّرِكَةِ مَنْ يَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، فَلِرَبِّ الأَرْضِ الْفَسْخُ.
وَكَذلِكَ إِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ، وَلا يُسْتَقْرَضُ عَلَيْهِ.
فَإذَا فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ الأُجْرَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِهَا، فَهِيَ بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ عَمِلَ فِيهَا رَبُّ الْمالِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ إِشْهَادٍ، رَجَعَ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ.
وَهَلْ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
(1) رواه البخاري (2213)، كتاب: المزارعة، باب: إذَا قال رب الأرض: أقرُّك ما أقرَّك الله.
فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْمِلَ، وَيَكُونُ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَرَةِ مَعْلُوماً، صَحَّ، وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ مَا فِيهِ صَلاحُ الثَّمَرَةِ وَزِيَادَتُهَا مِنَ الْحِفْظِ وَإِصْلاحِ الْحَدِيدِ وَالأَحَاجِينِ وَنَحْوِهِ، وَيَلْزَمُ رَبَّ الْمالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الأَصْلِ؛ كَسَدِّ الْحِيطَانِ، وَالدُّولابِ وَمَا يُدِيرُهُ، وَالَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ.
وَنَصَّ أَحْمَدُ (1) رحمه الله أَنَّ الْجُذَاذَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا، وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى أَنَّ الْحَصَادَ عَلَى الْعَامِلِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنْقَلَ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ إِلَى الأُخْرَى.
وَإذَا كَانَ الْعَامِلُ خَائِناً، ضُمَّ إِلَيْهِ مِنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَفَظَةٌ، اسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ، وَحُكْمُهُمَا في الِاخْتِلافِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمالِ.
* * *
(1) في "ط": زيادة "عليه".