الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الإِجَارَةِ
تَنْعَقِدُ الإِجَارَةُ بِلَفْظِ الإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ.
وَهَلْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
وَلا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ (1) الْمُبَاحَةِ مِنْهَا مَعَ بَقَائِهَا، وَإذَا وَجَدَهَا مَعِيبَةً، أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ، فَلَهُ الْفَسْخُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى.
وَإِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ، انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ.
وَكَذلِكَ إِنْ كَانَتْ دَاراً فَانْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضاً فَانْقَطَعَ مَاؤُها.
وَقِيل: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ.
وَإِنْ غُصِبَتِ الْعَيْنُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِجَارَةِ، أَوْ هَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَالأُجْرَةُ عَلَى مُدَّةٍ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ أَوْ دَفع الأُجْرَةِ، وَمُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
(1)"المنفعة": ساقطة من "ط".
وَإِنْ كَانَتِ الإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ؛ كَخِيَاطَةٍ (1) أَوْ بِنَاءٍ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْبَقَاءِ إِلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَيُطَالِبَهُ بِالْعَمَلِ.
وَتَفْتَقِرُ صِحَّةُ الإِجَارَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَنْفَعَةِ لَهَا بِالْعُرْفِ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ، أَوْ بِالْوَصْفِ؛ كَقَوْلهِ: لِتَحْمِلَ لي حَدِيدَةً وَزْنُهَا كَذَا، إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ تَبْنِيَ لِي حَائِطاً طُولُهُ كَذَا، وَعَرْضُهُ كَذَا، وَعُلْوُهُ كَذَا، بِلَبِنٍ وَطِينٍ وَنَحْوِه، أَوْ آجَرْتُكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَزْرَعَ فِيهَا كَذَا.
وَمَعْرِفَةِ الْمُدَّةِ لَهَا بِالزَّمَانِ؛ كَخِدْمَةِ سَنَةٍ، وَلَوْ بِالْعَمَلِ؛ كَخِيَاطَةِ قَمِيصٍ، وَالرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ.
فَإِنْ شَرَطَا تَقْدِيرَ الْعَمَلِ وَالزمَانِ، فَقَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَبْنِيَ هذِهِ الدَّارَ في شَهْرٍ، لَمْ يَصِحَّ.
وَإِنْ شَرَطَ زَرْعَ شَيْءٍ، فَلَهُ زَرْعُ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ في الضَّرَرِ.
وَعَلَى الْمُؤْجِرِ كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ (2) الِانْتِفَاعِ؛ كآلَةِ الْبَعِيرِ وَالشَّدِّ وَالْحَطِّ، وَلُزُومِ الْبَعِيرِ لِيَنْزِلَ لِصَلاةِ الْفَرِيضَةِ، وَعِمَارَةِ الدَّارِ وَمَفَاتِيحِها.
فَأَمَّا تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَالْكَنِيفِ، فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا اسْتَلَمَهَا فَارِغَةً.
وَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إِجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِمِثْلِ الأُجْرَةِ وَزِيَادَةٍ، وَلِلْمَالِكِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَلا تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ، فَإِنْ بَاعَهَا مِنَ
(1) في "ط": "خياطة".
(2)
في "ط": "في".
الْمُسْتَأْجِرِ، فَهَلْ تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
فَإذَا آجَرَهُ شَهْرَ رَجَبٍ، وَهُوَ في الْمُحَرَّمِ، صَحَّ.
وَإذَا مَاتَ الْجَمَّالُ، أَوْ هَرَبَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ، وَلَمْ يَجِدِ الْحَاكِمُ لَهُ مَالاً يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَلا أَمْكَنَهُ الِاسْتِدَانة عَلَيْهِ، فَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإذَا وَصَلَ، بَاعَ الْحَاكِمُ مَا يَرَى بَيْعَهُ، وَحَفِظَ الْبَاقِيَ لِلْجَمَّالِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ.
فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى الْجِمَالِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، وَلا إِشْهَادٍ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَإِنْ رَجَعَ الْجَمَّالُ، وَاخْتَلَفَا في النَّفَقَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ.
وَإذَا ضَرَبَ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ، أَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ، أَوِ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ في النُّشُوزِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ، فَتَلِفَتْ، فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَالأَجِيرُ الْخَاصُّ الَّذِي سَلَّمَ نَفْسَهُ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ لا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا جَنَتْ يَدُهُ، إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِتَعَمُّدِ الْجِنَايِةِ.
وَإذَا أَتْلَفَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ بَعْدَ عَمَلِهِ، فَلِمَالِكِهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ إِيَّاهُ غَيَر مَعْمُولٍ، وبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ (1) مَعْمُولاً، وَيَدْفَعَ إِليهِ أُجْرَتَهُ (2)، وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ إِيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ، وَلا أُجْرَةَ لَهُ.
وَإذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى الأُجْرَةِ، فَتَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ، ضَمِنَهُ.
(1)"غير معمول وبين أن يضمنه": ساقطة من "ط".
(2)
في "ط": "والأجرة".
وَإذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ كِتَابٍ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِمَكَّةَ، فَحَمَلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهُ، فَرَدَّهُ، اسْتَحَقَّ الأُجْرَةَ.
وَإذَا اسْتَأْجَرَ عَيْناً فِي أَثْنَاءِ أَشْهُرِ سَنَةٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي في أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً بِالأَهِلَّةِ، وَشَهْراً بِالْعَدَدِ.
وَعَنْهُ: يَسْتَوْفي الْجَمِيعَ بِالْعَدَدِ.
وَإذَا دَفَعَ ثَوْبَهُ إِلَى خَيَّاطٍ، أَوْ إِلَى قَصَّارٍ لِيَعْمَلاهُ، فَفَعَلا ذلِكَ، اسْتَحَقَّا الأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدَا مَعَهُ عَقْدَ إِجَارَةٍ، وَكَذلِكَ إِنْ دَخَلَ حَمَّاماً، أَوْ قَعَدَ مَعَ مَلَاّحٍ في سَفِينَةٍ.
وَإذَا قَالَ الْخَيَّاطُ: أَمَرْتَنِي بِتَفْصِيلِهِ قَمِيصاً، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ قَبَاءً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ مَعَ يَمِينِهِ.
وَإذَا انْقَضَتِ الإِجَارَةُ، وَفِي الأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لَمْ يَشْتَرِطْ قَلْعَهُ عِنْدَ انْقِضَائِها، فَالْمُؤْجِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قَلْعِهِ، وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ، وَبْين تَرْكِهِ بِالأُجْرَةِ.
فَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلِلْمُؤْجِرِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ، أَوْ تَرْكُهُ بِالأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، لَزِمَ تَرْكُهُ بِالأُجْرَةِ.