الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ إلَّا في مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ تَزْنِي في طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فيه، فَيَعْتَزِلُها، وَتَأْتِي بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِداً، فَإنَّهُ يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا، وَنَفْيُ الْوَلَدِ.
الثَّانِي: أَنْ يَرَاهَا تَزْني، أَو (1) يَسْتَفِيضُ ذَلِكَ في النَّاسِ، أَوْ يُخْبِرُهُ بِهِ ثِقَةٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ زِنَاهَا، فَيُبَاحُ لَهُ قَذْفُهَا، وَلا يَجِبُ.
وَلا يُبَاحُ الْقَذْفُ لِمُخَالَفَةِ الْوَلَدِ لَوْنَ وَالِدَيْهِ؛ لما رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاماً أَسْوَدَ -وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ أَنْ يَنْفِيَهُ-، فَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ لَكَ مِنْ إِبلٍ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَمَا أَلْوَانُهَا؟ "، قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ:"هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ "، قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقاً (2)، قَالَ:"فَأَنَّى أَتَاهَا ذَاكَ؟ "،
(1) في "ط": "و".
(2)
في "ط": "الورقاء".
قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ:"وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ"، قَالَ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ في الِانْتِفاءِ مِنْهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (1).
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ.
وَمَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدٌ، فَأَخَّرَ نَفْيَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ رَجَا مَوْتَهُ، أَوْ هُنِّىَ بِهِ فَسَكَتَ، أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ.
وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ (2)، أَوْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ النَّفْيَ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ، لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ.
* * *
(1) رواه البخاري (6884)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: من شَبَّه أصلاً معلُوماً بأصلٍ مُبَيَّنٍ، ومسلم (1500)، كتاب: اللعان.
(2)
في "ط": "بعذر".