الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في حَدِّ الْقَذْفِ
لا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا بِقَذْفِ الْمُحْصَنِ، وَهُوَ الْحُرُّ المُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالأُخْرَى: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغاً.
وَصَرِيحُ الْقَذْفِ: يَا زَانِي! يَا عَاهِرُ! يَا مَعْفُوجُ! يَا لُوطِيُّ! وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يُحِيلُ الْقَذْفَ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: يَا زَانِيَ الْعَيْنِ! يَا عَاهِرَ الْيَدِ.
فَإِنْ قَالَ: أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلانَةَ، أَوْ أَزْنَى النَّاسِ، فَقِيْلَ: يَكُونُ صَرِيحاً في قَذْفِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَقِيْلَ: لا يَكُونُ صَرِيحاً.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ قَالَ لِرَجُلٍ وَلامْرَأَةٍ: يَا زَانِي (1)! يا زَانِيَةُ! فَإِنْ قَالَ: نَوَيْتُ قَذْفَهُ (2)، أَوْ فَسَّرَهُ بِالْقَذْفِ، فَلا شَكَّ أَنَّه قَاذِفُ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: زَنَأْتَ في الْجَبَلِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ، فَإِنْ لَمْ
(1)"ولامرأة يا زاني": ساقطة من "ط".
(2)
"نويت قذفه": ساقطة من "ط".
يَكُنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ، فَهُوَ صَرِيحٌ، وَإِنْ قَالَ: زَنأْتَ، وَلَمْ يَقُلْ: في الْجَبَلِ، فَهُوَ صَرِيحٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ كَالَّتِي قَبْلَهَا.
فَأَمَّا الْكِنَايَةُ، فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهُ: قَدْ فَضَحْتِيهِ، وَغَطَّيْتِ رَأْسَهُ، وَجَعَلْتِ لَهُ قُرُوناً، وَعَلَّقْتِ عَلَيْهِ أَوْلاداً، وَغَيْرَهُ، وَأَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ، وَنَكَّسْتِ رَأْسَهُ، أَوْ (1) يَقُولَ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: يا حَلالُ بنَ حَلالٍ، يَا عَفِيفُ مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَا، أَوْ يَقُولَ: يا فَاجِرَةُ! يَا قَحْبَةُ! يَا خَبِيثَةُ! فَلا يَكُونُ قَاذِفاً إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقَذْفَ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ، قُبِلَ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى: جَمِيعُ ذَلِكَ صَرِيحٌ في الْقَذْفِ.
وَكَذَلِكَ إِنْ سَمِعَ قَاذِفاً يَقْذِفُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، أَوْ قالَ: أَخْبَرَنِي فُلانٌ أَنَّكَ تَزْنِي، وَكَذَّبَهُ الآخَرُ، يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
فَإِنْ قَالَ العَرَبِيُّ (2): يَا عَجَمِيُّ! يَا نَبَطِيُّ! فَهَلْ يَكُونُ قَاذِفاً؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ: اقْذِفْنِي، فَقَذَفَهُ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.
فَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِ فُلانٍ، فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ.
وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهِ: لَسْتَ بِوَلَدِي، فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ في الْقَذْفِ، أَوْ كِنَايَةٌ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
(1) في "ط": "و".
(2)
"العربي": ساقطة من "ط".
وَإِنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ، وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ، أَوْ أَمَةٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً وَلا أَمَةً، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا قَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتَ قَذْفِي في الْحَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا.
وَلو قَالَ: زَنَيْتُ بِكِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، وَفَسَّرَهُ بِصِغَرٍ لا يُجَامَعُ في مِثْلِهِ، فَلا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَلو قَالَ: زَنَتْ يَدَاكَ، أَوْ رِجْلاكَ، لَمْ يَكُنْ قَاذِفاً.
وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُ قَاذِفاً.
فَإِنْ قَذَفَ جَمَاعَةً لا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ جَمِيعِهِمْ، فَقَالَ مَثَلاً: أَهْلُ بَغْدَادَ زُنَاةٌ، لَمْ يُحَدَّ.