الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في اللُّقَطَةِ
وَمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً لا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا (1)، ضَمِنَهَا، وَإِنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، فَالأَفْضَلُ تَرْكُهَا، عَلَى ظَاهِرِ كَلامِ أَحْمَدَ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ، فَالأَفْضَلُ أَخْذُهَا.
فَمَتَى أَخَذَهَا، ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، ضَمِنَها.
وُيسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا حَوْلًا، وَيَكُونُ تَعْرِيفُهَا في أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ، وَيَجُوزُ مُتَفَرِّقًا في الْحَوْلِ، وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي مِنْ مَالِ الْمُعَرِّفِ.
فَإذَا عَرَّفَهَا حَوْلًا، دَخَلَتْ في مِلْكِهِ حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لا تَدْخُلُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ.
وَتُمْلَكُ الْعُرُوضُ بِالتَّعْرِيفِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لا تُمْلَكُ.
(1)"فإن أخذها": ساقطة من "ط".
وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:"اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِها"، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "هِيَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا؟! مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْماءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا"(1).
فَإذَا (2) الْتَقَطَ مَا يَمْتَنِعُ بِقُوَّتهِ عَنْ صِغَارِ السِّبَاعِ؛ كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَوْ بِطَيَرَانِهِ، أَوْ بِسُرْعَتِهِ، ضَمِنَهُ، فَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، زَالَ الضَّمَانُ.
وَإذَا خَافَ فَسَادَ اللُّقَطَةِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا، أَوْ أَكْلِهَا إِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
وَعَنْهُ: أَنَّهُ (3) يَرْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، فَلَهُ بَيْعُهُ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ إِصْلاحُهُ بِالتَّجْفِيفِ، فَعَلَ مَا فيهِ الْحَظُّ مِنْ
(1) رواه البخاري (2243)، كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار، ومسلم (1722)، كتاب: اللقطة.
(2)
في "ط": "فإن".
(3)
"أنه": ساقطة من "ط".
تَجْفِيفِهِ أَوْ بَيْعِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ في التَّجْفِيفِ إِلَى غَرَامَةٍ، بَاعَ بَعْضَهُ في ذلِكَ.
وَإِنْ تَلِفَتِ اللُّقَطَةُ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ مَالِكِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ، ضَمِنَهَا الْمُلْتَقِطُ، وَزِيَادَتُهَا الْمُتَّصِلَةُ لِمَالِكِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْمُنْفَصِلَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَقَبْلَهُ لِلْمَالِكِ.
وَإذَا وَصَفَهَا اثْنَانِ، قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ، حَلَفَ أَنَّهَا لَهُ، وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَقَامَ الآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ، انْتَزَعَهَا مِنَ الْوَاصِفِ.
فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَلِفَتْ في يَدِهِ، ضَمَّنَهَا لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُلْتَقِطِ أَوِ الْوَاصِفِ، إِلَّا أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ، رَجَعَ عَلَى الْوَاصِفِ، وَلا يَرْجِعُ الْوَاصِفُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِحَالٍ.