الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْخُلْعِ
يَصِحُّ الْخُلع مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلاقُهُ.
فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، دُفِعَ المالُ إِلَى وَلِيِّهِ، وَلَيْسَ لِلأَبِ خَلْعُ الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا، وَهَلْ لَهُ خَلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الطِّفْلِ أَوْ طَلاقُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإذَا وَقَعَ الْخُلع بِلَفْظَةِ (1) الْخُلْعِ، أَوِ الْمُفَادَاةِ، أَوِ الْفَسْخِ، أَوْ بِكِنَايَاتِ الطَّلاقِ، وَنَوَى بِهِ الطَّلاقَ، فَهُوَ طَلاقٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإذَا مَنَعَ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا، وَعَضَلَهَا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَالْخُلْعُ بَاطِلٌ، وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ، وَالزَّوْجيَّةُ بِحَالِهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخَرِ (2): يَصِحُّ، وَيَبْطُلُ الْعِوَضُ.
(1) في "ط": "بلفظ".
(2)
في "ط": "الأخرى".
وَكُلُّ ما جَازَ صَدَاقًا، جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضاً في الْخُلْعِ، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمُحَرَّمٍ؛ كَالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، فَلا شَيْءَ لَهُ.
وَقَالَ أبُو الخَطَّابِ: هُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَا في بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، أَوْ عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا، أَوْ حَمْلِ أَمَتِهَا، بَطَلَ الْخُلْعُ، عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَعْطَاهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِعُ بِمَا أَعْطَاهَا في مَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ، وَلا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ في غَيْرِهِ.
فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً، فَمَاتَ في بَعْضِهَا (1)، رَجَعَ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا.
فَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتيني (2) عَبْداً، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ عَبْداً، بَانَتْ، فَإِنْ خَرَجَ مُكَاتَباً، أَوْ مَغْصُوباً، لَمْ تَطْلُقْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخَرِ: تَطْلُقُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا عَبْدٌ وَسَطٌ.
وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِيني (2) هَذَا الْعَبْدَ، فَاَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ، فَخَرَجَ مَغْصُوباً، لَمْ يَقَعْ.
وَعَنْهُ: يَقَعُ، وَلَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهُ.
(1) في "ط": "بعض".
(2)
في "ط": "أعطيتني".
وَإذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَيْكِ أَلْفٌ، وَقَعَ
الطَّلاقُ رَجْعِيّاً، وَلا شَيْءَ لَهُ.
وَلَو قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، فَفَعَلَ، اسْتَحَقَّ الأَلْفَ.
وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي ثَلاثاً بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ طَلاقِهَا إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَفَعَلَ، اسْتَحَقَّ الأَلْفَ، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ.
فَإِنْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتَاهُ: طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ، فَفَعَلَ، تُقَسَّطُ الأَلْفُ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخَرِ: يَكُونُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ.
فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ، كَانَ طَلاقُهَا رَجْعِيّا، وَلا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَلَزِمَ الأُخْرَى حِصَّتُهَا مِنَ الأَلْفِ.
وَإذَا وَكَّلَ في خَلْعِ زَوْجَتِهِ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ، فَخَالَفَ، بَطَلَ الْخُلْعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ، وَيَرْجِعُ عَلَى الوَكِيلِ بِالنَّقْصِ.
فَإِنْ أَطْلَقَ الْوِكَالَةَ، فَخَالَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَمَا زَادَ صَحَّ، وَإِنْ خَالَعَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّراً بَيْنَ قَبُولِ الْعِوَضِ نَاقِصاً، وَبَيْنَ رَدِّهِ، وَيَكُونُ لَهُ الرَّجْعَةُ.
فَإِنْ كَانَتْ الْمُوَكِّلَةُ الزَّوْجَةَ، لَمْ يَلْزَمْهَا أَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرَتْ لَهُ، أَوْ مَهْرُهَا مَعَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ، وَالْبَاقِي عَلَى الوَكِيلِ.
وَيَجُوزُ الْخُلْعُ في الْحَيْضِ، وَلا سُنَّةَ بِهِ وَلا بِدْعَةَ.
وَإذَا عَلَّق طَلاقَ زَوْجَتِهِ بِصِفَةٍ، ثُمَّ أَبَانَهَا، ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، وَقَعَ الطَّلاقُ -نَصَّ عَلَيْهِ-.
فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عِتْقاً، فَهَلْ تَنْحَلُّ الصِّفَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وُيخَرَّجُ في الطَلاقِ أَنْ تَنْحَلَّ الصّفَةُ كَالْعِتْقِ، وَهُوَ اخْتيَارِ أَبِي (1) الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ.
فَأَمَّا إِنْ عَادَ فتَزَوَّجَهَا قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، عَادَتِ الصِّفَةُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
فَصْلٌ: إذَا قَالَ الزَّوْجُ: خَالَعْتُكِ بِأَلْفٍ، فَأَنْكَرَتْ، أَوْ قَالَتْ لَهُ: إِنَّمَا (2) خَالَعْتَ ضَرَّتِي، أَوْ إِنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِي بِأَلْفٍ في ذِمَّتِهِ، بَانَتْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
فَإذَا اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ في عَيْنِهِ، أَوْ في تَعْجِيلِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَخَرَّجُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَحَالَفَا، وَيَرْجِعَ إِلَى مَهْرِهَا.
* * *
(1) في "ط": "أبو".
(2)
"إنما": ساقطة من "ط".