الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في الْجرَاحِ
يَجْرِي الْقِصَاصُ في كُلِّ جُرْحٍ انْتَهِى إِلَى عَظْمٍ (1)؛ كَجُرْحِ الْعَضُدِ وَالْقَدَمِ، وَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُهُ بِالْمِسَاحَةِ.
فَلَوْ أَوْضحَ إِنْسَاناً في بَعْضِ رَأْسِهِ، وَكَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ الْبَعْضِ جَمِيعَ رَأْسِ الشَّاجِّ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْضَحَهُ في جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَأَخَذَ أَرْشَ الزِّيَادَةِ، فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ هَاشِمَةً أَوْ مُنَقِّلَةً أَوْ جَائِفَةً، اقْتَصَّ مِنْهُ مُوضِحَةً، وَأَخَذَ مَا بَيْنَ دِيَةِ الْجُرْحِ وَدِيَةَ الْمُوضِحَةِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ، وَلا شَيْءٌ.
وَسِرَايَةُ الْجُرْحِ مَضْمُونَةٌ بِالْقِصَاصِ، وَلا يَجُوزُ الِاقْتَصَاصُ إِلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ؛ فَإِنِ اقْتَصَّ قَبْلَ ذَلِكَ، بَطَلَ حَقُّهُ مِنَ السِّرَايَةِ الَّتِي بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ.
وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدْرٌ؛ فَلَوْ قُطِعَ طَرَفُ رَجُلٍ، فَاقْتَصَّ مِنْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَسَرَتِ الجِنَايَتَانِ إِلَى أَنْفُسِهِمَا، فَهُمَا هَدْرٌ.
(1) في "ط": "ينتهي إلى عظم".
وَلا قِصَاصَ في السِّنِّ حَتَّى يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إِنَّهَا لا تَعُودُ، فَإِنْ عَادَتْ بَعْدَ أَنِ اقْتَصَّ، دَفَعَ إِلَى الْجَانِي دِيَةَ سِنِّهِ، فَإِنْ عَادَتْ سِنُّ الْجانِي -أَيْضاً-، رَدَّ مَا أَخَذَ، فَإِنْ عَادَتْ قَصِيرَةً أَوْ مَعِيبَةً، لَزِمَ الْجَانِيَ أَرْشُ النَّقْصِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الإِيَاسِ مِنْ عَوْدِ سِنِّهِ، فَلِوَليِّهِ الدِّيَةُ، وَلا قِصَاصَ.
وَإذَا تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ الْيَسَارِ بَدَلاً عَنِ الْيَمِينِ، وَجَبَتْ دِيَةُ الْيَسَارِ، وَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ في الْيَمِينِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْداً، فَقُطِعَتْ، أَجْزَأَتْ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ لا تُجْزِىَ، ويُسْتَوْفَى مِنْ يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ، فَإِنْ قَالَ: أَخْرَجْتُهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنّاً أَنَّهَا تُجْزِىَ، لَزِمَ الْقَاطِعَ دِيَتُهَا، وَيُعَزَّرُ إِنْ قَطعَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِالْحُكْمِ، أَوْ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ مَجْنُوناً، فَقَالَ لِلْعَاقِلِ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ لأَقْتَصَّ، فَأَخْرَجَهَا، فَقَطَعَهَا، ذَهَبَتْ هَدْراً.
وَإِنْ وَثَبَ الْمَجْنُونُ عَلَيْهِ فَقَطَعَ يَمِينَهُ قَهْراً، سَقَطَ حَقُّهُ بِذَلِكَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخَرِ: لا تَسْقُطُ، وَلِلْمَجْنُونِ دِيَةُ يَدِهِ (1)، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ يَدِ صَاحِبِهِ.
* * *
(1)"وللمجنون دية يده": ساقطة من "ط".