الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الأَيْمَانِ
رَوَى مُسْلِم عَنْ عَدِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْهَا، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"(1).
وَالْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ: أَنْ يَحْلِفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَهِيَ أَقْسَامٌ ثَلاثَةٌ:
أَحَدُها: مَا لا يُشَارِكُ الْبَارِيَ فيهِ غَيْرُهُ، كَقَوْلهِ: فَاللهِ، فَالْقَدِيمِ الأَزَلِيِّ، وَالأَوَّلِ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَالْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَرَازِقِ الْعَالَمِينَ، فَهذَا يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ بِمَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَإِطْلاقُهُ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ؛ كَالرَّحْمَنِ، وَالرَّحِيمِ، وَالرَّبِّ، وَالْقَادِرِ، وَالْمَوْلَى، وَنَحْوِهِ، فَإذَا أَطْلَقَ، فَهُوَ يَمِين، وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الله، عَصَى، وَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا.
(1) رواه مسلم (1651)، كتاب: الأيمان، باب: من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها.
وَالثالِثُ: مَا لا يَنْصَرِفُ بِإِطْلاقِهِ إِلَيْهِ؛ كَالْحَيِّ، وَالْمَوْجُودِ، فَهَذَا إِنْ لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ بِصِفَةِ اللهِ، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَإِنْ نَوَى، كَانَ يَمِينًا.
وَقَالَ الْقَاضِي: لا يَكُونُ يَمِيناً.
- فَإِنْ قَالَ: للهُ لأَفْعَلَنَّ -مَرْفُوعاً- كَانَ يَميناً، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلا يَقْصِدُ الْيَمِينَ.
وَإِنْ قَالَهُ بِالْجَرِّ أَوِ النَّصْبِ، كَانَ يَمِينًا.
فَإِنْ قَالَ: أَشْهَدُ، أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، وَنَوَى الْيَمِينَ، كَانَ يَمِينًا، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِنْ قَالَ: وَايْمُنُ اللهِ، وَلَعَمْرُ اللهِ، وَأَمَانَةِ اللهِ، وَعَهْدِ اللهِ وَمِيثَاقِهِ لأَفْعَلَنَّ، كَانَ يَمِيناً.
فَإِنْ قَالَ: وَالْعَهْدِ، وَالْمِيثَاقِ، وَالأَمَانَةِ، وَالْعَظَمَةِ، وَالْجَبَرُوتِ لأَفْعَلَنَّ، وَنَوَى الْيَمِينَ، فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِلَّا فَلا.
وَإذَا حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ، ثُمَّ حَنِثَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.
وَعَنْهُ: بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
فَإِنْ حَلَفَ بِصِفَاتِ الْفِعْلِ، فَقَالَ: وَخَلْقِ اللهِ، وَرَزْقَ اللهِ، وَمَعْلُومِ اللهِ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ.
فَإِنْ حَلَفَ بِحَقِّ رَسُولِ (1) اللهِ، فَهُوَ يَمِينٌ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ.
(1) في "ط": "نَحْوَ برسول".
فَإِنْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلامِ وَالْقُرآنِ وَالنَّبيِّ، إنْ فَعَلَ كَذَا، وَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.
وَعَنْهُ: لا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ قَالَ: هُوَ يَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ شُرْبَ الْخَمْرِ وَفِعْلَ كَذَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
- فَإِنْ قَالَ: عَصَيْتُ اللهَ، أَوْ أَنا أَعْصِي اللهَ في كُلِّ مَا أَمَرَنِي، أَوْ مَحَوْتُ الْمُصْحَفَ إِنْ فَعَلْتُ، لَمْ يَكُنْ يَمِيناً.
فَإِنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِه أَمَتَهُ، أَوْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ يَمِينٌ، وَلا يَحْرُمُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ.
وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي، فَإِنَّهَا أَيْمَان رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاللهِ وَبِالطَّلاقِ وَالْعِتَاقِ (1)؛ فَإِنْ نَوَى انْعِقَادَ ذَلِكَ الْيَمِينِ، انعَقَدَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا، فلا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وُيكْرَهُ تَكْرَارُ الْحَلِفِ بِاللهِ.
فَإِنْ دُعِيَ إِلَى الْيَمِينِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَفْتَدِيَ يَمِينَهُ.
وَإذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ، لَمْ يَنْعَقِد يَمِينُهُ.
وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ، فَلا كَفَّارَةَ، وَيَنْعَقِدُ يَمِينُ الْكَافِرِ، وَتَكْفِيرُهُ بِالْمَالِ.
(1) في "ط": "العتاق".
وَلَغْوُ الْيَمِينِ: أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ، فَيَتَبَيَّنُ بِخِلافِهِ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى: اللَّغْوُ أَنْ يَسْبِقَ عَلَى لِسَانِهِ: لا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ، وَهُو لا يُرِيدُ الْيَمِينَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: "نَزَلَتْ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] في: لا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1).
* * *
(1) رواه البخاري (4337)،كتاب: التفسير، باب:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ} [البقرة: 225].