الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
وبعد أن انتهيت من دراسة موضوعات البحث أسجل هنا أهم ما ورد فيه من نتائج وهي:
* أن إنزال الشرائع حق الله الخالص لا يشاركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأنه سبحانه عزل عنه أهل السماء والأرض، فلا أحد يطاع لذاته إلّا هو (والرسول إنما هو بشر يوحى إليه، بشير ونذير وسراج منير).
وليس لأحد حق في التشريع، كما أنه ليس لأحد حق النسخ والتبديل والتغيير، فللَّه الخلق والأمر.
* أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يطاع بإذن الله فطاعتهُ طاعة لله، لأنّ كلَّ ما جاء به إنما هو وحي أوحاه الله إليه، حكّمه على نفسه وبلَّغه لأمته فهو مبلّغ ومبشر ونذير وسراج منير، واجتهاداته صلى الله عليه وسلم لا تكون وحيًا إلّا بإقرار الوحي لها.
* أن الرسول وإخوانه من المرسلين عليهم صلوات الله وسلامه، ومن تبعهم من المؤمنين، والبشر بعد ذلك أجمعون مكلفون بالخضوع لما جاء من عند الله من غير تبديل ولا تغيير لا يسعهم إلّا ذلك.
* أن الشريعة هي "نصوص الكتاب والسنة".
* الأدلة الشرعية حجة الله على الخلق على الإطلاق والعموم، تثبت بها أمور الدين ابتداء وتخصيصًا وتقييدًا .. ، ويزاد بالسنة على ما في القرآن ولا يسع
أحد العذر في عدم اعتقاد موجبها والعمل به وعلامة ثبوتها صحة سندها والسلامة من الشذوذ والعلة.
* أن هذه هي عقيدة الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان كما نقل العلماء الثقات الإِجماع على ذلك قبل نشوء الأهواء.
* أن القول بظنية الأدلة النقلية وتضعيفها بدعة من بدع المعتزلة وهي من آثار المسلك العقلي الفلسفي الذي ورثته المعتزلة عن طريق الثقافات الخارجية.
* أن شبهة "المعارض العقلي" جهالة من جهالات المتكلمين لا يدعمها دليل شرعي ولا دليل عقلي.
* أن علم الكلام هو أساس هذه البدع وبسبب انتشاره وُزّعَ الفكر الفلسفي وأثّر أَثَرَهْ في الأصول، وحجب الأدلة عن الاستدلال على أمور العقيدة وتعدى ذلك إلى تضعيفها عند الاستدلال بها على الأحكام الشرعية.
* أن عمل المجتهدين في هذه الأمة هو الكشف عن أحكام هذه الشريعة وأفهامهم لها صفة الشرعية ويُطلق عليها اسم "الفقه الإِسلامي" ومهمتهم هي الفهم والتطبيق لا معارضة النصوص بآرائهم وعقولهم.
* الفقه الإِسلامي منه المعلوم ومنه المظنون، ويشمل المعلوم من الدين بالضرورة.
* أن الفقه الإِسلامي يأخذ طبيعته من طبيعة هذه الشريعة من حيث الإلزام، ومن حيث اشتماله على العلم الذي يوجب لأهله الألفة والمتابعة للجيل القدوة، بخلاف "علم الكلام" فهو على الضد من ذلك.
* الاجتهاد كشف واستنباط، والتشريع إنشاء للحكم ومن أهم الفروق بينهما:
- التشريع حق الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، والعصمة ثابتة لهذه الشريعة ولرسولها صلى الله عليه وسلم.
- والاجتهاد عمل المجتهدين ولا عصمة له، ويسألون عن الدليل، وهو بعد ذلك قابل للتصحيح، مع ثبوت الأجر في حالة الصواب والخطأ، ولا نُعصّم ولا نؤثّم.
* أن المشرع له حق النسخ والتبديل، وأما المجتهد فليس له حق في ذلك.
* أن أفهام المجتهدين إما أن تتفق وإما أن تختلف ففي الحالة الأولى هي الإِجماع ومن صفاته:
- أنه لابد له من مستند وحكمه ثابت لأنه معصوم ولا يتبدّل أبدًا، وهو ملزم للأمة جمعاء، وأصل محكم يُبنى عليه.
وفي الحالة الثانية وهي حالة الاختلاف:
- الحكم غير معصوم.
- ثابت عند المجتهد إلّا أن يغيّر اجتهاده.
- ملزم له ولمن تابعه، وفي حالة اختيار الحاكم له يرتفع الخلاف ويكون ملزمًا إلزامًا عامًا.
- أن الاجتهاد لا بد له من مستند.
* الاجتهاد فريضة محكمة وهو الطريق لمعرفة قدرات المكلفين وحفظ عقيدة الأمة، وادخال الحوادث المستجدة تحت أحكام الشريعة.
* أنه ضروري ولا ينقطع إلّا بانقطاع التكليف وإن تحقيق المناط وتخريجه نوعان من الاجتهاد اتفق الأصوليون على عدم انقطاعهما.
* أن أهم شروط الاجتهاد العلم بالعربية، ومقاصد الشريعة، والمقصود منهما تحقق الملكة لا الإحاطة بالمفردات، وبيان أن مذهب الشاطبي مساعد لأقوال أئمة الأصول، وتحقيق ذلك.
* أن الشروط الأخرى للاجتهاد يتضمنها هذان الشرطان.
* أن ثبات الشريعة وشمولها لا يمكن أن يتحقق في واقع المجتمع إلا عن طريق الاجتهاد.
* أن الاجتهاد في الشريعة مراتب كما أن الاجتهاد في اللغة مراتب وعلى علماء السنة السعي لإقامة مهمة الاجتهاد والبناء على ما سبق وللمجتهد أن يستظهر بغيره ويبني على ما عنده ولا يكلف الله نفسًا إلّا وسعها.
* أن مهمة التأسيس -كما هو الشأن عند الأئمة الأربعة- ليست كمهمة البناء بالنسبة لمن بعدهم فهذه أهون وأيسر.
* أن المسالك الفاسدة التي وَرَّثَتْها الفرق الضالة هي أخطر ما يواجه مفهوم الثبات والشمول في الشريعة.
* أن البناء على غير أصل من شيم المبتدعة وهو طريق للتبديل والإحداث في الدين.
* أجمعت الأمة على أنه لا يجوز للمجتهد أن يبني إلّا على أصل من كتاب أو سنة، وذلك هو منهج الصحابة - رضوان الله عليهم -، والرد على الدكتور شلبي وتفنيد شبهه.
* أن اتباع العقل والمتشابه مانع من ثبات الأحكام الشرعية، والثبات قاعدة الشمول.
* مناقشة الشيخ محمد عبده في حل الفائدة الربوية وبيان أنه بناه على مسلك فاسد - وهو اتباع العقل والمتشابه - وبيان خطورة ذلك على نظام الاقتصاد الإِسلامي.
* مناقشة مؤلف كتاب الإِسلام وأصول الحكم، وكشف مسلكه الفاسد وبيان خطورته على نظام الحكم الإِسلامي ودفع الشبه عن ذلك، وإثبات أصول الحكم الإِسلامي من خلال آية واحدة.
* الجهل بالعربية مؤد إلى تغيير الأحكام والإِخلال بمفهوم الشمول.
* البراءة من مسالك المبتدعة هي الضمانة الوحيدة للمحافظة على ثبات الشريعة ولا شمول بغير ثبات.
* أهل السنّة مجمعون على اعتقاد كمال الدين عقيدة وشريعة، وتضمنه لما يحتاجه الخلق فلا توجد واقعة من الوقائع إلّا وفي نصوص الشريعة بيان لحكمها.
* أن آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} تفيد معنى الإِكمال المقصود وبيان ذلك والجواب عما يعارضه.
* أن الشريعة موضوعة على الأبدية فلا يختل لها نظام، وأن الأمة معصومة في تبليغها، كل طائفة وما يخصها، وأن الصحابة أعلم الخلق بذلك وأشدهم محافظة على ثبات الشريعة بالقول والعمل.
* منهج القرآن في تربية الصحابة على الاعتقاد في صفات الله من أعظم الأسباب التي جعلتهم مدركين لصفات الشريعة محافظين عليها اعتقادًا وعملًا من التبديل والتغيير، بخلاف سلوك المتكلمين في دراسة الصفات فإنه سبب في نشاة التبديل والتغيير وتحكيم العقل في الشريعة بالزيادة والنقص وذلك خصيم الثبات، وإذا انتفى الثبات انتفى الشمول.
* أن الكمال والثبات والشمول ألفاظ أتراب لا يقوم أحدها إلّا بالآخر.
* أن العمومات في الكتاب والسنة من أهم قواعد الثبات والشمول وهي قطعية، وأن الشاطبي أشد العلماء انتصارًا لهذه القضية، وأنه متابع لإبن تيمية وأقوالهما فيها بعضها من بعض، وهو مذهب السلف، ولا تخصيص بالمنفصل، وإنما هو بيان لقصد الشارع من العمومات، وإلى ذلك يؤول مذهب الأصوليين عند التطبيق.
* سلامة منهج الشاطبي من آثار علم الكلام، واعتماده على مقاصد العربية ومقاصد الشريعة، ووقوع مسلك المتكلمين في الاحتمالات والظنون.
* الربط بين مسلكهم في وصف الأدلة بالظنية وفي وصف العمومات بها على الخصوص.
* تقوية العمومات الشرعية والاستدلال بها على القطع بالحكم قاعدة من قواعد الثبات، وتخصيصها بما ثبت من الأدلة متواترًا أو أحادًا قاعدة من قواعد الشمول.
* اثبات أن منهج الصحابة في الاستدلال بالعمومات وتخصيصها كما ذكرت آنفًا، وبيان مجافاة مسلك المتكلمين له، وأن ما يُنْسبُ إليهم من القول بظنية العمومات أو ظنية أخبار الآحاد فرض لا صحة له.
* الإِعجاز التشريعي في العموم اللفظي والمعنوي متسق مع الإِعجاز الكوني، وهو طريق لزيادة الإِيمان ولإدراك مقاصد الشريعة وتحقيق شمولها وأنهما من العمق والتنوّع وتجدّد العطاء بحيث لا يتصور لهما انقطاع ما دام التكليف.
* أن القياس الشرعي قاعدة من قواعد الشمول، وبالتزام ضوابطه كما هو منهج الصحابة - رضوان الله عليهم - يكون قاعدة من قواعد الثبات.
* الشاطبي أعظم العلماء إدراكًا لسبب الخلاف بين المتوسعين في القياس والصادين عنه، وفيه دلالة على أن المنكرين له متأوّلون بخلاف موقف بعض أئمة الاعتزال فإنهم معاندون في إنكاره.
* طريقة الشاطبي في دراسة القياس مشابهة لطريقة ابن القيم من حيث الترتيب والاستدلال والأسلوب، وهما متبعان لمذهب الصحابة - رضوان الله عليهم - ووسط بين المتوسعين في القياس والصادين عنه، وفيما قرراه السلامة من تغيير الأصل وتبديله، وبه يتحقق الشمول، وكل ذلك تبين من خلال مقارنة علمية بين طريقتيهما.
* التعليل بالحكمة بشرط إنضباطها محقق للشمول وهو قياس شرعي، وبه يتحقق ثبات حكم الأصل، أما إذا لم تنضبط فلا يجوز القياس عليها لأنها تؤدي إلى الاضطراب وهو خصيم الثبات.
* أن مذهب الشاطبي في التعليل بالحكمة موافق لذلك، وأن طريقته في العمل بالقياس منضبطة والرد على الدكتور محمد مصطفى شلبي فيما نسبه إليه.
* العقل لا يستقل بإدراك المصالح والمفاسد، ومهمته الفهم والتطبيق واكتشاف المعاني الشرعية، وليس من مهمته إنشاء الحكم ولا تغييره ولا تبديله والقياس منهج شرعي لا مسلك عقلي.
* أدق التعريفات للمصلحة هو تعريف الشاطبي، فهو متضمن للضوابط الشرعية للعمل بالمصلحة عند أهل السنة.
* التزام المجتهد بالعمل بالمصالح على هذا النحو سبب في تحقيق الشمول والثبات في آن واحد.
* أن معاني النصوص لا تتناهى وعليها تُحمل الحوادث المستجدة ويُعرف حكمها، وجميع الوقائع متشابهة فهي في الحقيقة متناهية، ورد الشبه عن ذلك، وتصحيح مقالة ابن الجويني.
* الشريعة ثابتة كليات وجزئيات وما كان حكما لله فهو كذلك إلى يوم القيامة، الواجب واجب، والمندوب مندوب، والحرام حرام، وتغير الفتوى إنما هو تحقيق مناط واختلاف وقائع ولا تغيّر في حكم الشريعة ولا اختلاف.
* الصحابة - رضوان الله عليهم - محافظون على ضوابط الاستدلال الشرعي وعلى ثبات الأحكام، وما ذكره صاحب كتاب "تعليل الأحكام" من أنهم غيّروا وبذلوا الأحكام تقوّلٌ عليهم بغير علم، وكذلك زعمه أنهم يبنون على غير أصل، وأن منهج الأصوليين على خلافهم، كل ذلك قول بلا علم ولا برهان.
* أن اتباع المصلحة مشروط بشروط شرعية، والأصل في العبادات التعبد والأصل في العادات الالتفات إلى المعنى، وفي كل معنى التعبد، وتحقيق مذهب الشاطبي والرد على صاحب تعليل الأحكام فيما نسبه إليه.
* أن ما يسمى بقاعدة "تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان" لا أصل لها عند السلف الصالح، وأن ما نسبه صاحب رسالة "تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان" إلى الشاطبي وابن القيم، وكذلك ما نسبه الدكتور صبحي الصالح ليس بصواب.
* عصمة الإِجماع أصل من أصول الثبات في الحكم المجمع عليه، ويرفع الخلاف عن سنده بعد ذلك، والعبرة فيه بإجماع العلماء ولا عبرة فيه برأي العوام، والمقصود بالجماعة هم العلماء المتمسكون بالسنة والاتباع.
* كما تدل السنّة على عصمة الإِجماع يدل القرآن والحجة في ذلك بيّنةٌ كما هو مذهب الشافعي وابن تيمية.
* حكم الإِجماع لا يُبدّل ولا يغيّر فهو معصوم أبدًا وسبب في ربط أجيال الأمة بعضها ببعض، ومانع من تسرب آثار الكيد الذي يقوم به أعداء الإِسلام وفي الوقت نفسه قاعدة من قواعد الشمول والثبات.
* * *
وبعد الفراغ من هذا الكتاب نختم بحمد الله على توفيقه وإحسانه، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين " {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} ".