الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
نشأة هذه المقالة على يد المعتزلة
الفرع الأول
مقالة واصل بن عطاء رأس المعتزلة (80 - 151)
قال: "إنّ كل خبر لا يمكن فيه التواطؤ والتراسل والاتفاق على غير (1) التواطؤ فهو حجة، وما يصح ذلك فيه فهو مطرح"(2) وهذا النص نقلته على هذا النحو من مصدره، ومعناه أن كل خبر -وإن كان خبر الرسول- لا يمكن - والمقصود الِإمكان العقلي - أن يتم عليه الاتفاق على التراسل والتواطؤ من ناقليه فهو حجة، وما أمكن فيه ذلك فهو مطرح أي ليس بحجة.
= سكر ويبيت على جرائرها ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات" وله شعر قبح. انظر 17 - 18 - 19 - 20 تأويل مختلف الحديث، وقال البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق منشورات دار الآفاق الجديدة الطبعة الأولى بيوت. قال عن النظام: "وأما كتب أهل السنة والجماعة في تكفيره فالله يحصيها" 115 ثم ذكر فضائحه من ص 115 - 136، وأما طعنه في الشريعة وحملتها ومحاولة استئصال قاعدتها كما قال الجويني فحدث ولا حرج وانظر الفرق بين الفرق 114، 129، 133 - 136.
(1)
في الأصل "عير" بالعين المهملة، ولا يصح الكلام إلا بدونها ولعلها زائدة من الناسخ.
(2)
وهناك نص آخر نقله الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان في كتابه "الفكر الأصولي" ص 51 عن أبي هلال العسكري من كتابه "الأوائل" وفيه "أن واصلًا أول من قال: الحق يعرف من وجوه أربعة كتاب ناطق وخبر مجتمع عليه وحجة عقل وإجماع، وأول من علم الناس كيف مجيء الأخبار وصحتها وفسادها
…
" وقد اخترت النص السابق دون هذا لأمرين:
أ - أنه نص أوثق من هذا لأنه شهادة معتزلي على معتزلي في مشهد الافتخار.
ب - أنه أخص من نقل أبي هلال ذلك أن فيه بيانًا وشرحًا لما قاله عن رئيس المعتزلة واصل بن عطاء: "أنه أول من علم الناس كيفية مجيئ الأخبار وصحتها وفسادها" فإذا سأل سائل كيف علم الناس كان الجواب في النص الذي نقلته عن القاضي عبد الجبار، فهو إذًا نقل أثبت وأخص. انظر فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة 234 للقاضي عبد الجبار بن أحمد، الدار التونسية للنشر.
والنص ظاهر الدلالة على أن اعتبار حجة الخبر إنما يكون في حالة دون حالة ولا عبرة بصحة السند وعدالة رواته وحفظهم وضبطهم فإن ذلك وحده لا يكفي (1)، بل لا بد من الاستناد إلى حجة العقل وهي إثبات عدم إمكان التوافق والتراسل وذلك إنما يكون في بعض الأخبار، وحينئذ تثبت بها الحجة، أما النوع الثاني فلا تثبت به.
ونلاحظ هنا أنه لم يستعمل اصطلاح المتواتر والأحاد بما يشعر بأنه لم يكن معروفًا حينذاك، وتفيدنا هذه الملاحظة هنا أن رفع الحجية عن الخبر لا يقتصر على الأحاد بالاصطلاح المتأخر بل هو أوسع من ذلك، يدل عليه قوله:"إن كل خبر لا يمكن فيه التواطؤ فهو حجة" وخبر الواحد أو الجماعة التي تزيد عن الواحد يمكن فيه التواطؤ وحينئذ ترتفع عنه الحجية، ولذلك نجد المتكلمين تواضعوا - كما يقول القاضي ابن الباقلاني:"على تسمية كل خبر قصر عن إيجاب العلم بأنه خبر واحد، وسواء عندهم رواه الواحد أو الجماعة التي تزيد عن الواحد"(2).
ولنا أن نلاحظ أيضًا أن قوله: "وما أمكن فيه ذلك فهو مطّرح" أن الاطراح يشمل عدم إفادته العلم والعمل معًا، لأنه لم يفرق في النص المذكور بينها، ولو كان يفيد العمل لما طرحه مطلقًا.
والحاصل أن هذا يعتبر من أول نصوص أهل الأهواء من ناحية اشتراط الإمكان وعدمه في صحة الخبر وحجيته، ونستفيد منه على وجه التحديد الأمور التالية:
1 -
أن الاتجاه العقلي بدأ يتحكم في الأخبار الشرعية عند إمام المعتزلة.
2 -
أن النتيجة المترتبة على ذلك هو اطّراح جميع الأخبار ما لم يقرر
(1) وسلامته من معارضة ما هو أصح منه، كما كان الحال عند السلف الأول من الصحابة والتابعين.
(2)
كتاب التمهيد ص 386 للقاضي أبي بكر بن الباقلاني - المكتبة الشرقية - بيروت 1957 م، جامعة الحكمة ببغداد.