الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصلحة أو دفع مفسدة وهو المقصد من التشريع، وحينئذ فالاعتماد عليه أولى من الوصف الظاهر (1).
وعورض بأن الحكمة لا تظهر ولا تعرف في بعض المواطن ولذلك أناط الشارع الحكم بالوصف الظاهر المنضبط، وعند ذلك علمنا أن هذا هو المعتبر، وحتى إن تخلف الحكمة في بعض الأحيان لا يمنع اتباع الوصف الظاهر بالحكم، فالسفر وصف ظاهر يتبعه الحكم برخصة القصر حتى للملك المرفه الذي تحققنا أن المشقة لا تلحقه بسفره وكذلك الحمالين في شدة الحر قد تحققنا أن المشقة تلحقهم وأن الحكمة تحقق فيهم لكن لم يربط الشارع الحكم بها.
الفرع الثاني
• الرأي الثاني: عدم الجواز مطلقاً، ونسبه الآمدي للأكثرين (2).
واستدل أصحاب هذا المذهب.
1 -
قالوا إنما جاز التعليل بالوصف الظاهر المنضبط لتعذر التعليل بالحكمة (3).
2 -
أن الحكمة - وهي المصلحة أو المفسدة - متعلقة بالحاجات والأمور الباطنة، فلا يمكن الوقوف على مقاديرها لاختلاف الأشخاص والأحوال، ولذلك ربط الشارع الحكم بالوصف الظاهر المنضبط ولم يربطه بالحكمة لعدم إمكان ذلك.
وأجيب عنه: بأنه لو لم يمكن العلم بها لما أمكن العلم بالوصف الظاهر
(1) وقال الأسنوي كلام ابن الحاجب يقتضي موافقتهما، وحرر الأستاذ الشنقيطي في رسالته للدكتوراه (الوصف المناسب) مذهب ابن الحاجب كما بينه (العضد) وحاصله أن التعيل بالحكمة يجوز إن زال المانع وهو اضطرابها وخفائها، انظر 81 ونهاية السؤال 4/ 260 والمختصر مع حاشية السعد 2/ 213 - 214.
(2)
الإِحكام للآمدي 3/ 186.
(3)
المحصول القسم الثاني 2/ 333، وشرح تنقيح الفصول 406 الطبعة الأولى لشهاب الدين القرافي.
فإن الوصف لايُعلم إلا إذا عُلمت ثم إنه يجوز التعليل به اتفاقاً وكذلك الحكمة.
فإذا ظن المجتهد ربط الحكم بهذا الوصف الظاهر المشتمل على جلب المصلحة أودرء المفسدة - وهي الحكمة - حصل الظن بمقدارها فيربط الحكم بالفرع لأن العمل بالظن واجب (1).
ويرد على هذا الجواب أن الحكمة لما لم تنضبط ربط الشارع الحكم بما ينضبط وهو الوصف الظاهر فيكون هو المعتبر وإن تخلفت الحكمة كما في مثال سفر الملك المرفه (2).
وأُورد عليه: أن الحكم رُبط بالوصف المشتمل على المشقة وهو السفر ولم يُربط بكونه سفراً فقط (3).
والجواب: أننا علمنا ابتداء أن الحكم إنما رُبط بكونه سفراً فقط، ثم عرفنا بعد ذلك - استنباطاً - أن حكمته هي المشقة غالباً.
وما ذكره الشلبي من قوله "مسألة السفر والقصر فيه التي جعلها مانعوا التعليل بالحكمة متكئاً لهم في الذهاب إلى الأوصاف وإهدار الحكم ليس فيها تعديه، ولم يجني المتكلمون فيها بعد طول الجدال فائدة، فلا عدى الحكم إلى غير المسافر ولا منع الملك المرفه"(4).
وهذه المناقشة لدليل المانعين لاتستقيم، لأنهم استدلوا بهذا المثال على إبطال التعليل بالحكمة وهو دليل لهم، على منع التعليل بها في حالة عدم الانضباط - كما هو في المثال السابق وهنا تتحقق الفائدة.
(1) المنهاج مع نهاية السؤال 4/ 262.
(2)
الوصف المناسب ص 85.
(3)
تعليل الأحكام 138 للدكتور محمد مصطفى شلبي طبعة 1401 هـ دار النهضة العربية - بيروت.
(4)
تعليل الأحكام 143.