المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ١

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول في صفة الصلاة

- ‌الفصل الأول في الأحكام المرتبطة بالخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الأول في استحباب الخروج متطهرًا بنية الصلاة

- ‌المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة

- ‌المبحث الرابع في الخروج إلى الصلاة بسكينة ووقار

- ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

- ‌المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة

- ‌الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا

- ‌الفرع الثاني في استحباب مقاربة الخطا

- ‌الباب الثاني في الأحكام المرتبطة بدخول المسجد

- ‌الفصل الأول في استحباب تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج

- ‌الفصل الثاني في استحباب الذكر الوارد لدخول المسجد

- ‌المبحث الأول في استحباب الاستعاذه

- ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

- ‌المبحث الثالث في صلاة ركعتين قبل الجلوس

- ‌المبحث الرابع لا تشرع التحية لمن أدخل يده أو رأسه فقط

- ‌المبحث الخامس في تكرار تحية المسجد بتكرار الدخول

- ‌المبحث السادس في مشروعية تحية المسجد للمرور بلا مكث

- ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

- ‌المبحث الثامن في حكم تحية المسجد

- ‌المبحث التاسع في منزلة تحية المسجد من السنن

- ‌المبحث العاشر تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

- ‌المبحث الحادي عشر اختصاص التحية بالمسجد

- ‌المبحث الثاني عشر صلاة تحية المسجد في وقت النهي

- ‌المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد

- ‌المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين

- ‌المبحث الخامس عشر في صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌المبحث السادس عشر في تحية المسجد إذا أقيمت الصلاة

- ‌الفرع الأول في ابتداء النافلة بعد إقامة الصلاة

- ‌الفرع الثاني إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌الباب الثالث في الأحكام التي تسبق تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الأول في قيام المأموم والإمام ليس في المسجد

- ‌الفصل الثاني في وقت قيام المأموم للصلاة والإمام في المسجد

- ‌الفصل الثالث في وقت تكبير الإمام بالصلاة

- ‌الفصل الرابع في تسوية الصفوف

- ‌الباب الرابع في أحكام تكبيرة الإحرام

- ‌توطئه

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني في شروط تكبيرة الإحرام

- ‌الشرط الأول أن تقع تكبيرة الإحرام مقارنة للنية حقيقة أو حكمًا

- ‌الشرط الثاني أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمَا فيما يشترط فيه القيام

- ‌المبحث الأول في انقلاب الصلاة نفلَا إذا بطلت فرضًا

- ‌المبحث الثاني إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ولم يكبر للركوع

- ‌الشرط الثالث أن تكون التحية بلفظ الله أكبر لا يجزئ غيرها

- ‌مبحث في تنكيس التكبير

- ‌الشرط الرابع أن يكون التكبير متواليًا

- ‌الشرط الخامس في اشتراط إسماع المصلي نفسه تكبيرة الإحرام والذكر الواجب

- ‌الشرط السادس أن تكون التحريمة بالعربية من القادر عليها

- ‌الشرط السابع سلامة التكبير من اللحن المغير للمعنى

- ‌الشرط الثامن في اشتراط القدرة على التكبير

- ‌الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم القيام

- ‌الفصل الثاني في منزلة القيام بالصلاة

- ‌الفصل الثالث في قدر القيام

- ‌الفصل الرابع في صفة القيام

- ‌الفصل الخامس في استناد المصلي في القيام

- ‌الفصل السادس في سقوط القيام عن المصلي

- ‌المبحث الأول لا يجب القيام في صلاة النافلة

- ‌المبحث الثاني افتتح النافلة قائمَا فأراد الجلوس من غير عذر

- ‌المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز

- ‌المبحث الرابع ضابط العجز المسقط للقيام

- ‌المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف

- ‌المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة

- ‌المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة

- ‌المبحث الثامن في الصاق إحدى القدمين بالأخرى حال القيام

- ‌الفصل السابع في موضع النظر أثناء الصلاة

- ‌المبحث الأول في النظر إلى السماء أثناء الصلاة

- ‌المبحث الثاني في موضوع نظر المصلي في اثناء الصلاة

- ‌المبحث الثالث في موضوع نظر المصلي حال الركوع والسجود والجلوس

- ‌الفصل الثامن في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

- ‌المبحث الأول في مشروعية رفع اليدين

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌الفرع الأول في صفة رفع الأصابع

- ‌الفرع الثاني في صفة رفع الكفين

- ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

- ‌الفرع الرابع في رفع المرأة يديها في الصلاة

- ‌الفرع الخامس في ابتداء وقت الرفع وانتهائه

- ‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

- ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

- ‌الفرع السابع في مكان وضع اليدين

- ‌الفرع الثامن في وقت القبض

- ‌الفرع التاسع في صفة وضع اليدين

الفصل: ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

المدخل إلى المسألة:

• لا تشرع لدخول المسجد، ومنه المسجد الحرام الاستعاذة، ولا التسمية، ولا الدعاء بالمغفرة، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وما ورد في ذلك ففيه ضعف.

• الصحيح في أذكار دخول المسجد ما ورد في صحيح مسلم: يقول للدخول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وللخروج: اللهم إني أسألك من فضلك.

• كل زيادة على رواية مسلم فإنها معلولة على الصحيح.

• التسمية منها ما هو واجب كالتسمية على الذبيحة، ومنها ما هو سنة كالتسمية لقراءة القرآن، ومنها ما هو بدعة كالتسمية للأذان، ومنه التسمية لدخول المسجد؛ لأن التسمية لم تثبت بحديث تقوم فيه الحجة.

[م-448] ورد ت مجموعة أحاديث في دعاء الدخول إلى المسجد، وبعضها يزيد على بعض، وأصح ما ورد في الباب حديث أبي حميد أو أبي أسيد.

(ح-1080) فقد روى مسلم في صحيحه، من طريق سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد،

عن أبي حميد أو عن أبي أسيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل اللهم إني

ص: 104

أسألك من فضلك

(1)

.

[رواه سليمان بن بلال، عن ربيعة دون ذكر الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الدراوردي وعمارة بن غُزيَّة وزادا الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية مسلم أرجح]

(2)

.

(1)

. صحيح مسلم (68 - 713).

(2)

. الحديث رواه سليمان بن بلال، والدراوردي، وعمارة بن غزية، عن ربيعة بن عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد أو عن أبي أسيد.

واختلفوا فيه في مسألتين:

إحداهما: رواه بعضهم بالشك كما هي رواية مسلم. (عن أبي حميد، أو عن أبي أسيد)، ولا يؤثر ذلك في صحة الحديث فإن كُلًّا منهما صحابي، سواء أكان عن أحدهما، أم كان عنهما جميعًا.

المسألة الثانية: رواه سليمان بن بلال دون ذكر الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الدراوردي وعمارة بن غزية بزيادة الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وإليك بيان طرق الحديث.

الطريق الأول: رواه سليمان بن بلال، عن ربيعة بن عبد الرحمن، واختلف عليه.

فرواه يحيى بن يحيى كما في صحيح مسلم (68 - 713)،

وعبد الله بن مسلمة كما في سنن الدارمي (2733)،

وابن أبي مريم كما في مستخرج أبي عوانة (1235)، كلهم عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به، بالشك: عن أبي حميد أو أبي أسيد، ولفظه: إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك.

ورواه أبو عامر العقدي كما في مسند أحمد (3/ 497)، والمجتبى من سنن النسائي (729)، وفي الكبرى (810، 9934)، وابن حبان (2049)، حدثنا سليمان بن بلال به، وفيه: سمعت أبا حميد وأبا أسيد، بالعطف، وليس بالشك، ولم يختلف على سليمان بن بلال أن اللفظ ليس فيه الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال مسلم بإثره: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال، قال: بلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد. اهـ

وهذا يعني أن يحيى الحماني قد تابع أبا عامر العقدي بروايته بواو العطف.

الطريق الثاني: الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

رواه الدراوردي واختلف عليه:

فرواه محمد بن عثمان الدمشقي كما في سنن أبي داود (465)، ومن طريقه البيهقي في الدعوات الكبير (66). =

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ويحيى بن حسان كما في سنن الدارمي (1434)،

وأبو الجماهر محمد بن عثمان بن عبد الرحمن، كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 619)، ثلاثتهم عن الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به، بالشك (عن أبي حميد أو أبي أسيد) ولفظه: إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك.

فزاد ذكر الأمر بالتسليم.

ورواه عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، كما في مستخرج أبي عوانة (1236)، قال: حدثنا عبد العزيز (يعني الدراوردي)، عن ربيعة به، فجعله من مسند أبي حميد الساعدي وحده، ولفظه: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وسهل لنا أبواب رزقك. ولم يذكر فيه التسمية، وانفرد بمسألتين: الأولى: ذكر زيادة (وسهل لنا أبواب رزقك)، والثانية: جعل الحديث من السنن الفعلية، والمحفوظ أنه من السنن القولية، فهذه رواية شاذة.

الطريق الثالث: عمارة بن غزية، عن ربيعة.

رواه ابن حبان في صحيحه (2048)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (156) والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 619)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (76)، من طريق بشر بن المفضل،

والطبراني في الدعاء (426) من طريق يحيى بن عبد الله بن سالم، كلاهما قال: حدثنا عمارة بن غزية، عن ربيعة به، وقال: عن أبي حميد أو أبي أسيد بالشك، وذكر زيادة الأمر بالسلام.

وهذه متابعة لطريق عبد العزيز الدراوردي بذكر زيادة الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه إسماعيل بن عياش كما في سنن ابن ماجه (772)، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فذكر زيادة التسليم، وجعله من مسند أبي حميد الساعدي وحده.

وهذا إسناد ضعيف، من رواية ابن عياش عن الحجازيين، وهي ضعيفة.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (1682) عن إبراهيم بن محمد، عن عمارة بن غزية به، إلا أنه جعله من مسند أبي حميد الساعدي وحده، ولم يذكر الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ مسلم. وإبراهيم بن محمد متروك.

فالقدر المتفق عليه في الحديث: (اللهم افتح لي أبواب رحمتك) في الدخول، وقول (اللهم افتح لي أبواب فضلك في الخروج) وهي رواية مسلم.

وهذه رواية سليمان بن بلال وهو ثقة، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ولم يختلف عليه في لفظه.

ورواه عمارة بن غزية والدراوردي وهما صدوقان بذكر الأمر بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل الحكم لرواية سليمان بن بلال عليهما باعتباره أضبط منهما، فهو ثقة، وهما صدوقان، وهو أكثر منهما رواية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعلى هذا تعتبر زيادة (فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم زيادة شاذة، أو يكون الأمر بالسلام زيادة ثقة باعتبار أنهما اثنان، فالعدد يجبر خفة الضبط لديهما، هذا محل اجتهاد، وإن كنت أميل إلى تقديم رواية سليمان بن بلال عليهما، والله أعلم.

وقد قال البيهقي في السنن (2/ 619): لفظ التسليم فيه محفوظ.

ص: 106

وقد استحب ابن حبيب من المالكية زيادة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم والحفظ من الشيطان الرجيم

(1)

.

واستحب النووي من الشافعية، والحنابلة في المشهور أن يقول إذا دخل المسجد: باسم الله، والحمد لله، اللهم صَلِّ على محمد، وعلى آل محمد وسلِّم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وفي الخروج يقوله، لكن يقول: اللهم إني أسألك من فضلك

(2)

.

فزادوا على الدعاء الوارد التسمية، والحمد، والصلاة، على النبي وآله، والدعاء بالمغفرة.

وفي رواية عن أحمد أنه يستحب أن يقول: باسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، ويقوله إذا خرج، إلا أنه يقول أبواب فضلك، قال ابن مفلح: نص عليه يعني الإمام أحمد

(3)

.

وكل زيادة على رواية مسلم فإنها لا تثبت، فلا تشرع للدخول إلى المسجد ومنه المسجد الحرام الاستعاذة، ولا التسمية، ولا الدعاء بالمغفرة، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم في الدخول قول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وفي الخروج اللهم إن أسألك من فضلك، هذا القدر هو المتفق عليه بين جميع الروايات، وهي الرواية التي اختارها مسلم في صحيحه، والله أعلم.

• دليل استحباب التسمية والحمد والدعاء بالمغفرة:

الدليل الأول:

(ح-1081) ما رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا

(1)

. جاء في النوادر والزيادات (2/ 336): «قال ابن حبيب: ويقول إذا دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم: باسم الله، وسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وافتح لي أبواب رحمتك، وجنتك، واحفظني من الشيطان الرجيم» . وانظر التبصرة للخمي (3/ 1176)، الجامع لمسائل المدونة (4/ 390).

(2)

. تبيين الحقائق (2/ 15)، مجمع الأنهر (1/ 313)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 146)، شرح النووي على صحيح مسلم (5/ 224)، الفروع (2/ 158).

(3)

. الفروع (2/ 158).

ص: 107

ليث يعني ابن أبي سليم، عن عبد الله بن حسن، عن أمه، فاطمة ابنة حسين،

عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد، صلى على محمد وسلم، وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج، صلى على محمد وسلم، ثم قال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك. قال إسماعيل: فلقيت عبد الله بن حسن فسألته عن هذا الحديث، فقال: كان إذا دخل قال: رب افتح لي باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك

(1)

.

ورواه أحمد، قال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا ليث به مرفوعًا:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: باسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: باسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك

(2)

.

ورواه إسحاق بن راهويه، قال: أخبرنا جرير عن ليث بن أبي سليم به، بلفظ:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: الحمد لله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج من المسجد قال: الحمد لله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك

(3)

.

[ضعيف]

(4)

.

(1)

. المسند (6/ 282).

(2)

. مسند الإمام أحمد (6/ 283).

(3)

. مسند إسحاق بن راهويه (2099).

(4)

. الحديث مداره على عبد الله بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن جدتها بنت النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا.

وله علتان: الأولى: الانقطاع، فإن فاطمة الصغرى لم تسمع من جدتها فاطمة بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرًا.

العلة الثانية: الاختلاف في لفظه، فالحديث يرويه جماعة عن عبد الله بن الحسن، منهم:

الأول: ليث بن أبي سليم (ضعيف)، عن عبد الله بن الحسن، ولفظه قد ذكرته في صدر الكتاب، ولم يذكر فيه البسملة، ولا الحمد، واقتصر على الصلاة والسلام على محمد دون ذكر الآل، والدعاء بالمغفرة، وفتح أبواب الرحمة، وإذا خرج قاله، وقال: وافتح لي أبواب فضلك بدلًا من =

ص: 108

الدليل الثاني:

=

قوله: وافتح لي أبواب رحمتك.

أخرجه أحمد (6/ 282، 283)، وابن أبي شيبة في المصنف (3412)، والترمذي (314)، وأبو يعلى (6822)، عن إسماعيل بن علية،

وأخرجه أحمد (6/ 283)، والطبراني في الكبير (1/ 127) ح 67، والدولابي في الذرية الطاهرة (195)، من طريق الحسن بن صالح.

وأخرجه إسحاق (2099) من طريق جرير،

وأخرجه أبو بشر الدولابي في الذرية الطاهرة (195) من طريق هريم (يعني ابن سفيان: ثقة) مقرونًا بالحسن بن صالح،

ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 424) رقم: 1044، وفي الدعاء (424) من طريق عبد الوارث بن سعيد، كلهم (ابن علية، والحسن بن صالح، وجرير، وهريم، وعبد الوارث) رووه عن ليث به بذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء بالمغفرة، وفتح أبواب الرحمة.

وخالف كل هؤلاء أبو معاوية (ثقة في حديث الأعمش ويهم في حديث غيره)، فأخرجه أحمد (6/ 283)، وابن أبي شيبة في المصنف (3412، 29764)، وعنه ابن ماجه (771) مقرونًا مع ابن علية، فرواه عن ليث به، إلا أنه زاد قوله:(باسم الله)، وهي زيادة منكرة.

الثاني: إسماعيل بن علية، عن عبد الله بن الحسن.

سبق لنا أن إسماعيل قد رواه عن ليث، عن عبد الله بن الحسن، فذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في دخول المسجد، والدعاء بالمغفرة.

قال أحمد: قال إسماعيل بن علية: فلقيت عبد الله بن حسن، فسألته عن هذا الحديث، فقال: كان إذا دخل قال: رب افتح لي باب رحمتك، وإذا خرج، قال: رب افتح لي باب فضلك.

رواه أحمد (6/ 282، 283)، والترمذي (315).

فوافق لفظه لفظ رواية مسلم من مسند أبي حميد أو أبي أسيد، فلم يذكر التسمية فيه، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الدعاء بالمغفرة، ورجاله كلهم ثقات لولا الانقطاع بين فاطمة الصغرى، وفاطمة الكبرى.

الراوي الثالث: قيس بن الربيع (صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه)، عن عبد الله بن الحسن.

رواه إسحاق الدبري عن عبد الرزاق عن قيس بن الربيع، كما في مصنف عبد الرزاق (1664) بمثل لفظ ابن علية ومن معه، بذكر الصلاة على النبي، والدعاء بالمغفرة.

ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 423) رقم: 1043، وفي الدعاء (423) عن إسحاق بن إبراهيم (راوي المصنف) عن عبد الرزاق، عن قيس به، ولم يذكر الصلاة، واقتصر على لفظ:(اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك) وإذا خرج قال مثلها، إلا أنه يقول:(أبواب فضلك)، فزاد الدعاء بالمغفرة.

الرابع: سعير بن الخمس (صدوق)، عن عبد الله بن الحسن. =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

أخرجه أبو طاهر المخلص في المخلصيات (2799)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (87)، والمزي في تهذيب الكمال (35/ 256) بلفظ:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد حمد الله وسمى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج حمد الله وسمى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم افتح لي أبواب فضلك).

الخامس: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد الله بن الحسن.

واختلف على الدراوردي فيه:

فرواه موسى بن داود الضبي (ثقة) كما في الذرية الطاهرة للدولابي (196) عن عبد العزيز الدراوردي، عن عبد الله بن الحسن به، بلفظ، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: باسم الله، والحمد لله، وصلى الله على رسول الله وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وسهل لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال مثل ذلك إلا أنه يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي وسهل لي أبواب فضلك.

فجعله من السنة الفعلية.

ورواه قتيبة بن سعيد (ثقة) عن عبد العزيز بن محمد به، بلفظ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة إذا دخلت المسجد، فقولي: باسم الله، والحمد لله، اللهم صَلِّ على محمد وسلم، اللهم اغفر لي، وسهل لي أبواب رحمتك. فجعله من السنة القولية

وذكر بقية الحديث.

رواه أبو العباس السراج كما في جلاء الأفهام (ص: 92) حدثنا أبو رجاء، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز، هو ابن محمد به، ومن طريق السراج أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (70/ 13).

ورواه يحيى بن عبد الحميد الحماني (حافظ متهم بسرقة الحديث) كما في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للقاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق الأزدي البصري (82)، وعلل الدارقطني (15/ 191)، رواه عن الدراوردي به بلفظ: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت المسجد، فقولي: باسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، واغفر لنا، وسهل لنا أبواب رحمتك، فإذا فرغتِ، فقولي مثل ذلك، غير أن تقولي: وسهل لنا أبواب فضلك. فلم تذكر الحمد كما في رواية قتيبة بن سعيد، واتفق الحماني وقتيبة على جعل الحديث من السنن القولية خلافًا لرواية موسى بن داود عن الدراوردي، حيث جعل الحديث من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قوله، والله أعلم.

السادس: روح بن القاسم، عن عبد الله بن الحسن.

أخرجه الطبراني في الدعاء (425) من طريق ابن وهب، أخبرني أبو سعيد التميمي، عن روح ابن القاسم عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلت المسجد فصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وقل: اللهم اغفر لي، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت فقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك.

فأسقط من إسناده فاطمة الكبرى، أخطأ فيه أبو سعيد: شبيب بن سعيد الحبطي البصري، حدث عنه ابن وهب بالمناكير.

هذه أهم طرق الحديث، ولعل المعروف منها رواية إسماعيل بن علية، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة، عن فاطمة بنت محمد، رواه أحمد والترمذي، وهي موافقة لرواية مسلم، فليس فيها التسمية، ولا الحمد، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الدعاء بالمغفرة، واقتصر على قوله: كان إذا دخل قال: رب افتح لي باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك، ورجالها ثقات لولا الانقطاع بين الفاطمتين، رضي الله عنهما.

ص: 110

(ح-1082) ما رواه النسائي في الكبرى من طريق الضحاك قال: حدثني سعيد المقبري،

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم باعدني من الشيطان

(1)

.

[معلول أعله النسائي ورجح أنه من رواية كعب الأحبار من قوله]

(2)

.

(1)

. السنن الكبرى (9838).

(2)

. اختلف فيه على سعيد المقبري،

فرواه النسائي في السنن الكبرى (9838)، وفي عمل اليوم والليلة (90)، وابن ماجه (773)، والبزار في مسنده (8523)، وابن خزيمة (452، 2706)، وابن حبان (2047)، والطبراني في الدعاء (427)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (86)، والحاكم في المستدرك (747)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 620)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 70)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 444)، من طريق أبي بكر الحنفي،

ورواه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (79) من طريق حميد بن الأسود، كلاهما عن الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

قلت: الضحاك احتج به مسلم وحده من غير حديثه عن سعيد المقبري، أما حديثه عن سعيد المقبري فلم يخرج له من أصحاب السنن إلا ابن ماجه خرج له حديثين هذا أحدهما، وخرج له أحمد في المسند، وخرج له ابن خزيمة هذا الحديث وحده، وخرج له ابن حبان هذا الحديث وحديثًا آخر، فأحاديثه قليلة عن سعيد المقبري.

وقد خولف الضحاك بن عثمان:

فأخرجه عبد الرزاق (1671) عن ابن عيينة.

والنسائي في الكبرى (9839)، وفي اليوم والليلة (91) من طريق الليث، كلاهما عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن كعب الأحبار قال: يا أبا هريرة احفظ مني اثنتين أوصيك بهما: إذا دخلت المسجد. =

=وتابع ابن عجلان أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن (ضعيف، حدث عن المقبري بأحاديث

ص: 111

الدليل الثالث:

(ح-1083) ما رواه ابن السني من طريق إبراهيم بن محمد البختري -شيخ صالح بغدادي- حدثنا عيسى بن يونس، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: باسم الله، اللهم صَلِّ على محمد. وإذا خرج قال: باسم الله، اللهم صَلِّ على محمد

(1)

.

[منكر، تفرد به البختري، عن عيسى بن يونس، ولا يعرف].

= منكرة) كما في مصنف عبد الرزاق (1670)، فرواه عن سعيد المقبري به.

فوافق ابن أبي ذئب ابن عجلان وأبا معشر على أن الأثر من قول كعب الأحبار، وهذا يجعل رواية الضحاك بن عثمان ظاهرة الشذوذ.

وخالفهم ابن أبي ذئب، فزاد في إسناده كيسان المقبري والد سعيد المقبري بين سعيد وأبي هريرة، والقول قول ابن أبي ذئب.

رواه النسائي في السنن الكبرى (9840) من طريق ابن وهب، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة، ثم قدم علينا كعب فقال أبو هريرة: وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة في يوم الجمعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه قال كعب: صدق والذي أكرمه، وإني قائل لك اثنتين فلا تنسهما: إذا دخلت المسجد فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقل: اللهم احفظني من الشيطان.

وابن أبي ذئب مقدم على الضحاك وابن عجلان، قال ابن محرز: سمعت عليًّا يعني ابن المديني: ليس أحد أثبت في سعيد بن أبي سعيد المقبري من ابن أبي ذئب وليث بن سعد وابن إسحاق، هؤلاء الثلاثة يسندون أحاديث حسان، كان ابن عجلان يخطئ فيها. تاريخ ابن معين رواية ابن محرز (2/ 207).

وقال ابن معين أثبت الناس في سعيد ابن أبي ذئب. تهذيب التهذيب (4/ 40).

قال النسائي: ابن أبي ذئب أثبت عندنا من محمد بن عجلان ومن الضحاك بن عثمان في سعيد المقبري، وحديثه أولى عندنا بالصواب وبالله التوفيق، وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري، ما رواه سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة، وسعيد، عن أخيه، عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان ثقة والله أعلم

فيكون الصواب في حديث أبي هريرة أنه مقطوع من قول كعب الأحبار، وهوتابعي.

(1)

. عمل اليوم والليلة لابن السني (88).

ص: 112

فتبين أن الأحاديث التي فيها التسمية، أو الحمد، أو الدعاء بالمغفرة لدخول المسجد لا يثبت منها شيء.

والتعبد بالتسمية يحتاج إلى دليل صحيح، فإن الأفعال على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما كانت التسمية فيه مشروعة، سواءً أكانت واجبة، أم كانت سنة، وسواءً أكان من العبادات كالذبيحة، وقراءة القرآن، أم كانت من المباحات، كالأكل والشرب والجماع، فالتسمية لهذه مجمع على مشروعيتها.

والقسم الثاني: ما كانت التسمية غير مشروعة كالتسمية للدخول في الصلاة، وللأذان، وللإحرام بالحج والعمرة ولإرادة الدعاء، ونحوها، فهذه لا تشرع فيها التسمية، ويلحق به الدخول في المسجد على الصحيح؛ لأن التسمية لم تثبت بحديث تقوم فيه الحجة.

والقسم الثالث: كَرِه بعض الفقهاء التسمية في ابتداء الفعل المحرم، وعللوا الكراهة بأن الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه، والحرام لا يراد كثرته، ولا بركته

(1)

، والله أعلم.

* * *

(1)

. الفروق للقرافي (1/ 132)، حاشية السيوطي على النسائي (1/ 61).

ص: 113