المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ١

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول في صفة الصلاة

- ‌الفصل الأول في الأحكام المرتبطة بالخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الأول في استحباب الخروج متطهرًا بنية الصلاة

- ‌المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة

- ‌المبحث الرابع في الخروج إلى الصلاة بسكينة ووقار

- ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

- ‌المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة

- ‌الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا

- ‌الفرع الثاني في استحباب مقاربة الخطا

- ‌الباب الثاني في الأحكام المرتبطة بدخول المسجد

- ‌الفصل الأول في استحباب تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج

- ‌الفصل الثاني في استحباب الذكر الوارد لدخول المسجد

- ‌المبحث الأول في استحباب الاستعاذه

- ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

- ‌المبحث الثالث في صلاة ركعتين قبل الجلوس

- ‌المبحث الرابع لا تشرع التحية لمن أدخل يده أو رأسه فقط

- ‌المبحث الخامس في تكرار تحية المسجد بتكرار الدخول

- ‌المبحث السادس في مشروعية تحية المسجد للمرور بلا مكث

- ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

- ‌المبحث الثامن في حكم تحية المسجد

- ‌المبحث التاسع في منزلة تحية المسجد من السنن

- ‌المبحث العاشر تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

- ‌المبحث الحادي عشر اختصاص التحية بالمسجد

- ‌المبحث الثاني عشر صلاة تحية المسجد في وقت النهي

- ‌المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد

- ‌المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين

- ‌المبحث الخامس عشر في صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌المبحث السادس عشر في تحية المسجد إذا أقيمت الصلاة

- ‌الفرع الأول في ابتداء النافلة بعد إقامة الصلاة

- ‌الفرع الثاني إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌الباب الثالث في الأحكام التي تسبق تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الأول في قيام المأموم والإمام ليس في المسجد

- ‌الفصل الثاني في وقت قيام المأموم للصلاة والإمام في المسجد

- ‌الفصل الثالث في وقت تكبير الإمام بالصلاة

- ‌الفصل الرابع في تسوية الصفوف

- ‌الباب الرابع في أحكام تكبيرة الإحرام

- ‌توطئه

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني في شروط تكبيرة الإحرام

- ‌الشرط الأول أن تقع تكبيرة الإحرام مقارنة للنية حقيقة أو حكمًا

- ‌الشرط الثاني أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمَا فيما يشترط فيه القيام

- ‌المبحث الأول في انقلاب الصلاة نفلَا إذا بطلت فرضًا

- ‌المبحث الثاني إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ولم يكبر للركوع

- ‌الشرط الثالث أن تكون التحية بلفظ الله أكبر لا يجزئ غيرها

- ‌مبحث في تنكيس التكبير

- ‌الشرط الرابع أن يكون التكبير متواليًا

- ‌الشرط الخامس في اشتراط إسماع المصلي نفسه تكبيرة الإحرام والذكر الواجب

- ‌الشرط السادس أن تكون التحريمة بالعربية من القادر عليها

- ‌الشرط السابع سلامة التكبير من اللحن المغير للمعنى

- ‌الشرط الثامن في اشتراط القدرة على التكبير

- ‌الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم القيام

- ‌الفصل الثاني في منزلة القيام بالصلاة

- ‌الفصل الثالث في قدر القيام

- ‌الفصل الرابع في صفة القيام

- ‌الفصل الخامس في استناد المصلي في القيام

- ‌الفصل السادس في سقوط القيام عن المصلي

- ‌المبحث الأول لا يجب القيام في صلاة النافلة

- ‌المبحث الثاني افتتح النافلة قائمَا فأراد الجلوس من غير عذر

- ‌المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز

- ‌المبحث الرابع ضابط العجز المسقط للقيام

- ‌المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف

- ‌المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة

- ‌المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة

- ‌المبحث الثامن في الصاق إحدى القدمين بالأخرى حال القيام

- ‌الفصل السابع في موضع النظر أثناء الصلاة

- ‌المبحث الأول في النظر إلى السماء أثناء الصلاة

- ‌المبحث الثاني في موضوع نظر المصلي في اثناء الصلاة

- ‌المبحث الثالث في موضوع نظر المصلي حال الركوع والسجود والجلوس

- ‌الفصل الثامن في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

- ‌المبحث الأول في مشروعية رفع اليدين

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌الفرع الأول في صفة رفع الأصابع

- ‌الفرع الثاني في صفة رفع الكفين

- ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

- ‌الفرع الرابع في رفع المرأة يديها في الصلاة

- ‌الفرع الخامس في ابتداء وقت الرفع وانتهائه

- ‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

- ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

- ‌الفرع السابع في مكان وضع اليدين

- ‌الفرع الثامن في وقت القبض

- ‌الفرع التاسع في صفة وضع اليدين

الفصل: ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

المدخل إلى المسألة:

• صفات العبادة توقيفية، لا تفعل إلا بهدي من الكتاب أو السنة، أو عمل الصحابة.

• ما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل.

• وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من سنن الصلاة، ولا يعرف في هذا خلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم.

• ما روي عن الإمام مالك من القول بإرسالهما ليس بأولى مما روي عنه من القول بقبضهما، والثاني أولى لموافقته السنة، وهو نصه في الموطأ الذي قَلَّبَه أربعين عامًا، ورواه عنه أصحابه.

• المثْبِتُ مقدم على النافي، ومن حفظ وسمع حجة على من لم يحفظ ولم يسمع؛ لأن مع أولئك زيادة علم.

• وضع اليمنى على اليسرى من هيئة الصلاة، وليس نوعًا من الاعتماد على اليدين حتى يأخذ حكم الاستناد في الصلاة، والأصل في أعمال الصلاة المشروعية.

[م-508] من السنة إذا فرغ من الافتتاح أن يضع يده اليمنى على اليسرى، وهو مذهب الجمهور، ورواية عن مالك، نص على ذلك في الموطأ، ورواها المدنيون من أصحابه، ورواها أيضًا عنه أشهب، وابن وهب وابن نافع، وبه قال أهل الظاهر،

ص: 601

ولا أعلم أحدًا من السلف قال بوجوبه خلافًا للشوكاني

(1)

.

وقيل: يقبض في النافلة دون الفريضة، وهو رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة، على خلاف بين أصحاب مالك، أيفعل ذلك مطلقًا، أم إذا طول، ويكره إن قصر؟

(2)

.

وقيل: يرسل يديه في النوافل خاصة، حكي رواية عن أحمد، وهو عكس

(1)

. صرح الحنفية أن ذلك من سنن الصلاة، انظر: بدائع الصنائع (1/ 201)، العناية شرح الهداية (1/ 287)، التجريد للقدوري (1/ 479)، البحر الرائق (1/ 325)، تبيين الحقائق (1/ 107)، المبسوط (1/ 24)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 49)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 51).

وقال الإمام مالك في الموطأ (1/ 158): «باب وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة. ثم ساق حديث سهل بن سعد: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» .

وقال ابن رشد في المقدمات الممهدات (1/ 164): «في ذكر مستحبات الصلاة

وذكر منها: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقد كرهه مالك في المدونة، ومعنى كراهيته أن يعد من واجبات الصلاة».

وجاء في حاشية البناني مع شرح الزرقاني (1/ 378): «الاستحباب في الفرض والنفل هو قول مالك في رواية مطرف وابن الماجشون عنه في الواضحة، وقول المدنيين من أصحابنا، واختاره غير واحد من المحققين، منهم اللخمي، وابن عبد البر، وأبو بكر بن العربي، وابن رشد، وابن عبد السلام، وعده ابن رشد في مقدماته من فضائل الصلاة، وتبعه القاضي عياض في قواعده، ونسبه في الإكمال إلى الجمهور، وكذا نسبه لهم الحفيد ابن رشد» وانظر: شرح البخاري لابن بطال (2/ 358)، الاستذكار (2/ 291)، التمهيد (20/ 74)، المنتقى للباجي (1/ 280، 281)، البيان والتحصيل (18/ 72)، القوانين الفقهية (ص: 38)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص: 30)، المهذب للشيرازي (1/ 136)، المجموع (3/ 310)، تحفة المحتاج (2/ 102)، نهاية المطلب (2/ 136)، مغني المحتاج (1/ 391)، نهاية المحتاج (1/ 548)، الكافي لابن قدامة (1/ 263)، المغني (1/ 341)، شرح الزركشي (1/ 542)، الإنصاف (2/ 46)، الإقناع (1/ 114)، المحلى، مسألة (448).

(2)

. جاء في المدونة (1/ 169) عن ابن القاسم: «قال مالك في وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة: قال: لا أعرف ذلك في الفريضة، وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه» . وانظر: شرح الخرشي (1/ 286)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 250)، البيان والتحصيل (18/ 71).

ص: 602

ما نقله ابن القاسم عن مالك

(1)

.

وقيل: يرسل يديه إلى جنبه مطلقًا في الفرض والنفل، وهو رواية عن مالك، وبه قال الليث بن سعد، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وغيرهم

(2)

.

واختلف أصحاب مالك في تأويل كراهة القبض في الفرض، أهو إذا فعله بقصد الاعتماد، وهذا التأويل لعبد الوهاب وهو المعتمد، أم كراهته خيفة اعتقاد وجوبه على العوام، وهذا التأويل للباجي وابن رشد، أم خيفة إظهار الخشوع، وليس بخاشع في الباطن، وهذا التأويل لعياض، وعليه فلا تختص الكراهة بالفرض؟

(3)

.

وقيل: القبض مباح في الفرض والنفل، وهي رواية أشهب، وهو معنى ما ذهب إليه عطاء، والأوزاعي، وابن عبد البر من التخيير بين القبض والإرسال

(4)

.

ووجود أربعة أقوال في مذهب المالكية من الاستحباب، إلى الكراهة، إلى الإباحة، إلى التفريق بين الفرض والنفل يرجع إلى خفة حكم القبض وأنه عندهم من الفضائل، فلا معنى لانتقاد المذهب بالقول بالإرسال مع قوله بالاستحباب، ونص عليه في الموطأ، وكأنه هو الذي ابتدع القول بالإرسال وحده.

• دليل الجمهور على الاستحباب:

الدليل الأول:

(ح-1266) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي حازم،

(1)

. فتح الباري لابن رجب (6/ 362).

(2)

. الاستذكار (2/ 291)، التمهيد (20/ 74)، أحكام القرآن لابن العربي (4/)، القبس شرح موطأ مالك (ص: 347)، المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 119)، شرح البخاري لابن بطال (2/ 358)، تفسير القرطبي (20/ 221)، التوضيح لابن الملقن (6/ 640).

(3)

. منح الجليل (1/ 262).

(4)

. هكذا في الذخيرة للقرافي (2/ 229)، وفي التاج والإكليل (2/ 240):«وفي رواية أشهب عن مالك: أن وضع اليد على الأخرى مستحب في الفريضة والنافلة» .

وانظر: شرح البخاري لابن بطال (2/ 358)، التوضيح لخليل (1/ 335)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 206)، الاستذكار (2/ 291)، التوضيح لابن الملقن (6/ 640)، المجموع (3/ 312)، المغني لابن قدامة (1/ 341).

ص: 603

عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يُؤْمَرُونَ أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.

قال أبو حازم: لا أعلمه إلا يَنْمِي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: قال إسماعيل: يُنْمَى ذلك، ولم ينقل: يَنْمِي

(1)

.

وإسماعيل: هو ابن أبي أويس.

• جواب المخالفين:

بأن أبا حازم لم يقطع بنسبته للنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لو كان مرفوعًا ما احتاج أبو حازم إلى قوله: لا أعلمه. وهذا كافٍ في ثبوت إعلاله.

• وأجيب:

بأن أبا حازم صدر الحديث بلفظ ليس صريحًا بالرفع وذلك حين قال: (كان الناس يُؤْمَرُونَ) فهو بمعنى (أُمِرنا) فهذه الصيغة ليست صريحة بالرفع، وإنما لها حكم الرفع على الصحيح؛ لأنه لا آمر للصحابة إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا أن تأْتِيَ قرينة على أنه قصد غير النبي صلى الله عليه وسلم.

فأراد أبو حازم أن يصرح بالرفع فقال: (لا أعلمه إلا يَنْمِي)، فهذا رجوع منه إلى التصريح بالرفع بعد أن صدر الحديث بلفظ ليس من قبيل الصريح، وقد استخدم بذلك طريق الحصر، وهو أبلغ شيء في إفادة رفعه، وليس شَكًّا في رفعه.

ولهذا قال ابن حجر: «أراد الانتقال إلى التصريح، فالأول لا يقال له: مرفوع، وإنما يقال: له حكم الرفع»

(2)

.

وقال النووي: وهذه العبارة صريحة في الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن حجر: «ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: (يَنْمِيه)، فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو لم يقيده»

(3)

.

وقال البيهقي: لا خلاف في ذلك بين أهل النقل

(4)

.

(1)

. صحيح البخاري (740).

(2)

. فتح الباري (2/ 224).

(3)

. فتح الباري (2/ 225).

(4)

. انظر مختصر خلافيات البيهقي (1/ 496).

ص: 604

وقال ابن حجر: «وقد ورد في سنن أبي داود، والنسائي، وصحيح ابن السكن شيء يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور،

(ح-1267) فروي عن ابن مسعود قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا يدي اليسرى على يدي اليمنى، فنزعها، ووضع اليمنى على اليسرى.

[إسناده حسن]

(1)

.

(1)

. قاله في الفتح (2/ 224).

قلت: تفرد به الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي، وقد قال الحافظ في الحجاج بن أبي زينب كما في إتحاف المهرة (15/ 165):«الحجاج ضعيف» .

وقال النووي في الخلاصة (1/ 357): «رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم» .

ولم يخرج مسلم رواية الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي، كما لم يخرج مسلم له إلا حديثًا واحدًا (نعم الأدم الخل) وقد توبع عليه، ولم يختلف عليه فيه، فلا يصح القول بأنه على شرطه، والله أعلم.

والحديث له علتان:

الأولى: تفرد به الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي.

قال البزار في المسند (5/ 269): «هذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، إلا الحجاج بن أبي زينب، وهو رجل واسطي، روى عنه هشيم بن بشير، ويزيد بن هارون، ومحمد بن يزيد» .

وقال مهنأ: سألت أحمد عن الحجاج بن أبي زينب؟ فقال: منكر الحديث، يُحَدِّّثُ عن أبي عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود، فذكره، قلت: وهذا منكر؟! قال: نعم. انظر شرح ابن ماجه لمغلطاي (ص: 1382).

وروى عبد الله بن أحمد سألت أبي عن حجاج بن أبي زينب الواسطي، فقال: أبو يوسف الصقيل، أخشى أن يكون ضعيف الحديث. الجرح والتعديل (3/ 161).

وقال ابن المديني: ضعيف.

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: حجاج بن أبي زينب، ليس به بأس. الجرح والتعديل (3/ 161).

واختلف قول الدارقطني، فقال في سؤالات البرقاني (107): ثقة.

وقال في السنن كما في كتاب من تكلم فيه الدارقطني في السنن لابن زريق (96): ليس بقوي، ولا حافظ.

والعلة الثانية: الاختلاف على حجاج في إسناده:

فقيل: عنه، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود رضي الله عنه.

رواه هشيم بن بشير كما في سنن أبي داود (755)، والنسائي كما في المجتبى (888)، =

ص: 605

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وفي الكبرى له (964)، ومسند أبي يعلى (5041)، وسنن ابن ماجه (811)، وسنن الدارقطني (1105)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 44).

ومحمد بن يزيد الواسطي (ثقة ثبت) كما في مسند البزار (1885)، وسنن الدارقطني (1107)، وتاريخ بغداد للخطيب ت بشار (11/ 315)، كلاهما عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود.

قال النسائي: غير هشيم أرسل هذا الحديث. اهـ وهذه إشارة إلى إعلال الحديث بالإرسال.

وقال العقيلي (1/ 283): «لا يتابع عليه، وهذا المتن قد روي بغير هذا الإسناد بإسناد صالح: في وضع اليمين على الشمال في الصلاة» .

وقيل: عن حجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي مرسلًا.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3943) حدثنا يزيد (يعني ابن هارون)، قال: أخبرنا الحجاج بن أبي زينب، قال: حدثني أبو عثمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلي، وقد وضع شماله على يمينه، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يمينه، ووضع على شماله.

ورواه ابن عدي في الكامل (2/ 530) من طريق الفضل بن سهل، حدثنا يزيد بن هارون به.

قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 72): قال أبو عبد الرحمن (يعني النسائي): غير هشيم أرسل هذا الحديث، فتعقبه ابن عبد البر قائلًا: أرسله يزيد بن هارون عن الحجاج عن أبي عثمان، وهشيم أحفظ من الذي أرسله.

وقد لا تكون المقارنة بين هشيم ويزيد، فكلاهما ثقة، وإنما الحمل على هذا الاختلاف من حجاج نفسه، فإنه أضعف رجل في الإسناد، والله أعلم.

وقيل: عن حجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه.

رواه محمد بن يزيد الكلاعي، واختلف عليه:

فرواه البزار في مسنده (1885) عن محمد بن العباس الضبعي

والخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (11/ 315) من طريق عبد الله بن عمر الخطابي (ثقة).

وعمار بن خالد من رواية ابن صاعد عنه، كما في سنن الدارقطني (1107)، والكامل لابن عدي (2/ 530).

ومن رواية أبي الحسن علي بن العباس المقانعي كما في تاريخ بغداد (14/ 382)(ثقة)، ثلاثتهم عن محمد بن يزيد الواسطي، عن حجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود، وسبق تخريجه.

ورواه عمار بن خالد من رواية بحشل كما في تاريخ واسط (94)، عن محمد بن يزيد الكلاعي، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان عن جابر.

وتابعه على هذا الطريق محمد بن الحسن المزني الواسطي (ثقة)، فرواه عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر.

أخرجه أحمد (3/ 381)،

والطبراني في الأوسط (7857) من طريق وهب بن بقية.

والدارقطني في السنن (1106) من طريق يحيى بن معين، ثلاثتهم (أحمد، ووهب، وابن معين) عن محمد بن الحسن الواسطي، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه، بلفظ: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها، ووضع اليمنى على اليسرى.

وأظن أن هذا الاختلاف جاء من قبل الحجاج بن أبي زينب، حيث اضطرب فيه، فتارة يصله، وتارة يرسله، وتارة يجعله من مسند ابن مسعود، وتارة من مسند جابر رضي الله عنه، والله أعلم.

ص: 606

الدليل الثاني:

(ح-1268) ما رواه مسلم من طريق همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، ومولى لهم أنهما حدثاه

عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر -وصف همام حيال أذنيه- ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى

الحديث

(1)

.

الدليل الثالث:

(ح-1269) ما رواه ابن حبان، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، عن حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، أنه سمع عطاء بن أبي رباح يحدث،

عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل فطرنا، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في صلاتنا

(2)

.

[لا يعرف لعمرو بن الحارث رواية عن عطاء، وهذا الإسناد وهم، أخطأ فيه حرملة بن يحيى في إسناده، وإنما هو حديث طلحة بن عمرو المتروك]

(3)

.

(1)

. صحيح مسلم (54 - 401).

(2)

. صحيح ابن حبان (1770).

(3)

. أخرجه ابن حبان (1770)، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان (ثقة)،

وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 199) ح 11485، وفي الأوسط (1884) حدثنا أحمد بن طاهر بن حرملة (متروك، متهم بالكذب)، كلاهما حدثنا حرملة بن يحيى به، =

ص: 607

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وظاهر إسناد ابن حبان الصحة، ولكنه في الحقيقة حديث معلول، لا يعرف هذا الحديث لعمرو بن الحارث، وإنما هذا حديث يعرف بطلحة بن عمرو المكي، وهو متروك، فأخطأ فيه حرملة بن يحيى، فجعله من حديث عمرو بن الحارث، فأوهم الصحة.

قال الطبراني في الأوسط (1884): «لم يَرِوْ هذا الحديث عن عمرو بن الحارث إلا ابن وهب، تفرد به حرملة بن يحيى» .

فأشار البزار إلى علته، وهو تفرد حرملة به وذلك بجعل الحديث من رواية عمرو بن الحارث.

وقال البيهقي في السنن الكبرى (4/ 401): «هذا حديث يعرف بطلحة بن عمرو المكى وهو ضعيف، واختلف عليه، فقيل عنه: هكذا، وقيل عنه: عن عطاء، عن أبى هريرة» . اهـ

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 224): «أخشى أن يكون الوهم فيه من حرملة» .

وقال في الإتحاف (7/ 409): «المحفوظ: حديثه عن طلحة، وأما حديثه عن عمرو بن الحارث: فغريب جدًّا» .

وقال في المطالب (486): «غريب؛ تفرد به طلحة بن عمرو المكي، وفيه ضعف .... » . وانظر: نزهة الألباب في قول الترمذي (وفي الباب)(2/ 591) و (3/ 1257).

وقد استعنت بالحاسب لأقف على رواية لعمرو بن الحارث عن عطاء في كتب الرواية، فلم أجد له إلا هذه الرواية الشاذة، فلو كان عمرو بن الحارث معروفًا بالرواية عن الإمام عطاء بن أبي رباح لرواها أصحابه، ولم ينفرد بذلك حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، وحرملة خفيف الضبط، ليس بالمتقن، وقد تكلم فيه بعضهم، مما يجزم الباحث أنها خطأ، والله أعلم.

وقال ابن رجب في شرح البخاري (6/ 360): «وهذا إسناد في الظاهر على شرط مسلم، وزعم ابن حبان أن ابن وهب سمع هذا الحديث من عمرو بن الحارث وطلحة بن عمرو، كلاهما عن عطاء، وفي هذا إشارة إلى أن غير حرملة رواه عن ابن وهب، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، وهذا هو الأشبه، ولا يعرف هذا الحديث من رواية عمرو بن الحارث، قال البيهقي: إنما يعرف هذا بطلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس. ومرة: عن أبي هريرة، وطلحة ليس بالقوي. قال ابن رجب: وقد روي عن طلحة، عن عطاء مرسلًا، خرَّجه وكيع عنه كذلك» .

وأما حديث طلحة بن عمرو، فأخرجه الطيالسي في مسنده (2776)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 401)، وفي فضائل الأوقات (139).

وعبد بن حميد (624) حدثنا محمد بن عبيد،

وابن منيع كما في المطالب العالية (486 - 3) حدثنا أبو المغيرة،

والدارقطني (1097) من طريق مخلد بن يزيد، أربعتهم رووه عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس.

خالفهم أبو نعيم الفضل بن دكين كما في الطبقات الكبرى لابن سعد (1/ 385)، أخبرنا طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. =

ص: 608

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وطلحة بن عمرو، قال فيه الحافظ في التقريب: متروك.

وقد ورد لحديث ابن عباس إسناد آخر غريب،

رواه الطبراني في الكبير (11/ 7) ح 10851، وفي الأوسط (4249) حدثنا العباس بن محمد الْمُجَاشِعِيُّ، حدثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجِّل الإفطار، وأن نؤخِّر السحور، وأن نضرب بأيماننا على شمائلنا.

قال الطبراني: لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن عيينة إلا محمد بن أبي يعقوب.

قلت: ومحمد بن أبي يعقوب روى عن سفيان بن عيينة ثلاثة أحاديث، منها هذا، ومنها حديث أنس (لا تقاطعوا ولا تدابروا

) رواه ابن أبي موسى المديني في ذكر الإمام أبي عبد الله بن منده (1/ 64) من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق الكرماني (ضعيف) حدثنا محمد بن أبي يعقوب، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس.

والحديث في مسلم (2561) من طريق سفيان بن عيينة.

ورواه البخاري (6076) ومسلم (2561) من طريق مالك، وفي البخاري (6065)، من طريق شعيب.

ومنها حديث جبير بن مطعم (لا يدخل الجنة قاطع) رواه أبو عبد الله بن منده في أماليه (8)، من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق (ضعيف)، أخبرنا محمد بن أبي يعقوب، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم، أن أباه أخبره.

والحديث رواه مسلم (2557) من طريق سفيان بن عيينة.

ورواه البخاري (5984) من طريق عقيل، كلاهما عن الزهري به ..

وحديثا محمد بن أبي يعقوب السابقان لم يتفرد بهما، بل هو موافق لرواية الثقات من أصحاب الزهري، وأما حديثه هذا فهو منكر، قد تفرد به عن ابن عيينة، قال الطبراني:«لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن عيينة إلا محمد بن أبي يعقوب» .

ولا يحتمل تفرده مع قلة أحاديثه عنه؛ إذ لوكان من حديث ابن عيينة، فأين أصحاب ابن عيينة عنه؟ وقد قال فيه أبو حاتم: مجهول، وقال الذهبي: صدوق مشهور.

وقد يكون الحمل على شيخ الطبراني العباس بن محمد الْمُجَاشِعِيِّ، قال عنه ابن القطان: لا يعرف، وقال أبو الشيخ: شيخ ثقة، وكذا قال تلميذه أبو نعيم، وعلى كل حال فالحديث غريب من حديث سفيان، تفرد عنه به من لا يقبل تفرده، فلا يصح، والله أعلم، وقد ضعف الحديث البيهقي في السنن والنووي في المجموع، والله أعلم.

وله شواهد لا يصح منها شيء، تركتها اقتصارًا واختصارًا.

وقد قال البيهقي في السنن الكبرى (4/ 401): «وروي عن عائشة رضي الله عنها من قولها: وثلاثة من النبوة، فذكرهن، وهو أصح ما ورد فيه» . =

ص: 609

الدليل الرابع:

أنه عمل الصحابة رضوان الله عليهم، ولا يعرف عنهم خلاف في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

قال ابن عبد البر: «لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا إلا شيئًا روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه»

(1)

.

وهناك أدلة أخرى سوف أستشهد بها عند ذكر صفة الوضع إن شاء الله تعالى.

• دليل من قال: يرسل يديه.

الدليل الأول:

نقل أصحاب مالك أن مذهبه في الإرسال مبني على أنه لم يسمع فيه بشيء، والأصل عدم الاستحباب، فتبقى اليدان على وضعهما، وكذا العمل في كل شيء لم يرد فيه سنة، فإنه يكون على طبيعته

(2)

.

=

قلت: ولا يصح عن عائشة رضي الله عنها، فقد أخرج أثر عائشة رضي الله عنها البخاري في التاريخ الكبير (1/ 32)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 92)، والدارقطني (1095)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 45) من طريق محمد بن أبان الأنصاري، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ثلاث من النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

قال البخاري: لا يعرف لمحمد سماع من عائشة.

وقال النووي في المجموع (3/ 313): محمد هذا مجهول، ثم نقل عن البخاري قوله بعدم السماع من عائشة.

قال ابن عبد البر كما في الميزان (5/ 32): «قد قيل: إن محمد بن أبان هذا لم يَرْوِ عنه إلا يحيى بن أبي كثير، وإنه مجهول، والصحيح أنه مدني معروف، روى عنه الأوزاعي أيضًا، وله عن القاسم وعروة وعون بن عبد الله وهو شيخ يماني ثقة» .

وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 250): «ومحمد بن أبان هذا هو: محمد بن أبان الأنصاري المديني؛ إلا أني أظن أنه لم يدرك عائشة، وأخشى أن يكون محمد بن أبان الذي يروي عن القاسم، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، وقد جعلهما العقيلي رجلين، وكذلك جعلهما أبو حاتم رجلين ..... فسقط هذا الحديث أن يحتج به في هذا الباب؛ للاختلاف في متنه ومعناه» .

(1)

. التمهيد لابن عبد البر (20/ 74).

(2)

. انظر: التاج والإكليل (2/ 240).

ص: 610

• ويجاب:

بأن من سمع وحفظ حجة على من لم يسمع.

قال ابن العربي: قد سمعنا وروينا

والصحيح أن ذلك يفعل في الفريضة»

(1)

.

الدليل الثاني:

(ث-290) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن إبراهيم، قال: سمعت عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه

(2)

.

[صحيح]

(3)

.

الدليل الثالث:

قال ابن رشد: «أنه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل فيها أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى»

(4)

.

لعل ابن رشد يقصد تلك الأحاديث التي نقلت لنا صفة رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام حذاء المنكبين أو حذاء الأذنين، ولم تتعرض لوضع اليدين على بعضهما كحديث ابن عمر، وحديث مالك بن الحويرث، وهما في الصحيحين، وسبق تخريجهما.

ومثل هذا الاستدلال ما قاله ابن بطال: «علم النبي عليه السلام الأعرابيَّ الصلاةَ، ولم يأمره بوضع اليد على اليد»

(5)

. يقصد به حديث المسيء في صلاته.

• ويناقش:

هذه الأحاديث قد توجهت لبيان رفع اليدين ومنتهى الرفع، ولم تتعرض لجميع أحكام الصلاة كالقراءة، وأذكار الركوع والسجود والتشهد، وسكوتها عن وضع اليدين على بعض ليس دليلًا على نفيه، ولا يوجد حديث واحد يقوم بكل أحكام

(1)

. التاج والإكليل (2/ 240).

(2)

. المصنف (3950).

(3)

. رجاله ثقات، ورواه ابن سعد في الطبقات (2/ 56) قال: أخبرنا عفان بن مسلم به.

ورواه ابن المنذر في الأوسط (3/ 93) من طريق عثمان، قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم به.

(4)

. بداية المجتهد (1/ 146).

(5)

. شرح البخاري لابن بطال (2/ 359).

ص: 611

الصلاة، وإنما جاءت متفرقة في أحاديث صحيحة، وهذا كافٍ في المشروعية.

وأما حديث المسيء في صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر له في حديث أبي هريرة في الصحيحين إلا ما كان واجبًا للصلاة، وترك جميع سنن الصلاة فلم يذكرها، فكان ترك ذكر وضع اليدين في الصلاة متفقًا مع ما عليه جمهور الفقهاء من أن الحديث أصل في ذكر واجبات الصلاة، والله أعلم.

الدليل الرابع:

قال ابن بطال نقلًا عن ابن القصار: «وجه قول من كره ذلك: أنه عمل في الصلاة، وربما شغل صاحبه، وربما دخله ضرب من الرياء»

(1)

.

• ويناقش:

لو كان القبض ليس مشروعًا في الصلاة لم يكره لمجرد القبض، فإن في القبض كَفًّا لليدين عن الحركة والعبث، فكان فعله فيه مصلحة تعود للصلاة، كيف، وهو من أعمال الصلاة المشروعة، نقله ابن عبد البر عن عموم الصحابة، والسلف.

وأما تركه خشية الرياء فهو من أضعف التعليلات ذلك أن الأعمال المشروعة لا تعمل من أجل الناس، فذلك شرك، ولا تترك خشية الرياء، فإن ذلك من حبائل الشيطان، فلا يترك العبد عبادة الخالق خوفًا من المخلوق، ولو فتح هذا الباب لترك المسلم كثيرًا من العبادات والسنن؛ خوفًا من الرياء، وبعض هذا الخوف متوهم، وليس حقيقيًّا، فبعض الناس يَعدُّ ما يجده في نفسه من السرور بثناء الناس عليه من الرياء، وليس ذلك كذلك، وليس من الكسب المذموم إذا كان الباعث على العمل ليس طلب الحمد، فإن المذموم أن يحب العبد أن يحمد بما لم يفعل، كما قال تعالى:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} . [آل عمران: 188]، فمفهوم الآية أن من أحب أن يُحْمَد بما يفعل، ولم يكن الباعث على العمل طلب الحمد فليس ذلك مذمومًا، بل من عاجل بشرى المؤمن، أن يكون للعبد ذكر حسن عند المؤمنين، قال تعالى:{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِين} [الشعراء: 84]، والله أعلم.

(1)

. شرح البخاري لابن بطال (2/ 358).

ص: 612

• التفريق بين الفرض والنفل:

أن وضع اليمنى على اليسرى نوع من الاعتماد على اليدين، فهو شبيه بالاستناد في الصلاة، وهو مكروه في الفرض دون النفل؛ لأن النفل أوسع من الفرض، ولأنه قد يحتاج إليه في النفل؛ لطول القيام بخلاف الفرض.

وقد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إنهم كانوا يفعلون ذلك مخافة اجتماع الدم في رؤوس الأصابع

(1)

.

(ث-291) وروى ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا ابن علية، عن ابن عون،

عن ابن سيرين، أنه سئل عن الرجل يمسك يمينه بشماله، قال: إنما فعل ذلك من أجل الدم

(2)

.

[صحيح].

(ث-292) وروى ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا عمر بن هارون،

عن عبد الله بن يزيد، قال: ما رأيت ابن المسيب قابضًا بيمينه في الصلاة، وكان يرسلها.

[صحيح].

(ث-293) وروى ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن العيزار، قال:

كنت أطوف مع سعيد بن جبير، فرأى رجلًا يصلي واضعًا إحدى يديه على الأخرى، هذه على هذه، وهذه على هذه، فذهب، ففرق بينهما، ثم جاء.

[صحيح].

• واعترض عليهم:

ما أمر به الشارع ليفعل في الصلاة كان فعله عبادة، ومن هيئة الصلاة، وهو مقتضى الحكمة؛ لأن الشارع حكيم، ومنزه عن العبث، ولا يأمر بمثل ذلك إلا لحكمة، علم ذلك من علمه، وجهل ذلك من جهله، وكون بعض التابعين يحمله

(1)

. نقله الكاساني في بدائع الصنائع عنه (1/ 201).

(2)

. المصنف (3951).

ص: 613

اجتهاده في تلمس الحكمة، فيرى أن ذلك كان من أجل الدم في الأصابع، أو لأنه أكمل في الانكسار وإظهار التذلل والخشوع لله، أو من أجل حبس اليد عن الحركة، أو لغير ذلك من الحكم لا ينافي المشروعية المطلقة، والتي هي محل البحث، فالحكمة لا تخصص النص بخلاف العلة، وأما كراهة القبض؛ لأن ذلك من باب الاعتماد فيأخذ حكم الاستناد المنهي عنه في الصلاة، فهذا غير صحيح، فلوكان ذلك من باب الاعتماد لم يؤمر به عموم الناس كما في حديث سهل بن سعد في البخاري، وعمومه يشمل الفرض والنفل، ولو سلمنا جدلًا أن القبض في الصلاة من باب الاستناد، فإن الأمر به من الشارع يدل على أن هذا النوع من الاستناد ليس منهيًّا عنه، فلا يأخذ حكم الاستناد إلى الجدار، وهو استناد إلى شيء خارج عن بدن المصلي، فالمعول عليه في الحكم هو ورود النص، سواء أكان المعنى مؤيدًا أم لا، وسواء أفهمنا حكمة وضع اليدين أم لا، فنحن مخاطبون أن نصلي كما رأيناه النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، ومن لم يره بعينه فقد علم ذلك من سنته.

وقد قال أبو الوليد الباجي بأن وضع اليدين خشوعًا لله لم يمنعه الإمام مالك، وإنما منع في الفريضة وضع اليدين على سبيل الاعتماد

(1)

.

•الراجح:

أن وضع اليمنى على اليسرى من السنة المستفيضة في الصلاة، وأن الحكم عام في الفرض والنفل، فما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل، والله أعلم.

* * *

(1)

. المنتقى للباجي (1/ 281).

ص: 614