المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثالث في منتهى الرفع - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ١

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول في صفة الصلاة

- ‌الفصل الأول في الأحكام المرتبطة بالخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الأول في استحباب الخروج متطهرًا بنية الصلاة

- ‌المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة

- ‌المبحث الرابع في الخروج إلى الصلاة بسكينة ووقار

- ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

- ‌المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة

- ‌الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا

- ‌الفرع الثاني في استحباب مقاربة الخطا

- ‌الباب الثاني في الأحكام المرتبطة بدخول المسجد

- ‌الفصل الأول في استحباب تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج

- ‌الفصل الثاني في استحباب الذكر الوارد لدخول المسجد

- ‌المبحث الأول في استحباب الاستعاذه

- ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

- ‌المبحث الثالث في صلاة ركعتين قبل الجلوس

- ‌المبحث الرابع لا تشرع التحية لمن أدخل يده أو رأسه فقط

- ‌المبحث الخامس في تكرار تحية المسجد بتكرار الدخول

- ‌المبحث السادس في مشروعية تحية المسجد للمرور بلا مكث

- ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

- ‌المبحث الثامن في حكم تحية المسجد

- ‌المبحث التاسع في منزلة تحية المسجد من السنن

- ‌المبحث العاشر تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

- ‌المبحث الحادي عشر اختصاص التحية بالمسجد

- ‌المبحث الثاني عشر صلاة تحية المسجد في وقت النهي

- ‌المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد

- ‌المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين

- ‌المبحث الخامس عشر في صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌المبحث السادس عشر في تحية المسجد إذا أقيمت الصلاة

- ‌الفرع الأول في ابتداء النافلة بعد إقامة الصلاة

- ‌الفرع الثاني إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌الباب الثالث في الأحكام التي تسبق تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الأول في قيام المأموم والإمام ليس في المسجد

- ‌الفصل الثاني في وقت قيام المأموم للصلاة والإمام في المسجد

- ‌الفصل الثالث في وقت تكبير الإمام بالصلاة

- ‌الفصل الرابع في تسوية الصفوف

- ‌الباب الرابع في أحكام تكبيرة الإحرام

- ‌توطئه

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني في شروط تكبيرة الإحرام

- ‌الشرط الأول أن تقع تكبيرة الإحرام مقارنة للنية حقيقة أو حكمًا

- ‌الشرط الثاني أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمَا فيما يشترط فيه القيام

- ‌المبحث الأول في انقلاب الصلاة نفلَا إذا بطلت فرضًا

- ‌المبحث الثاني إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ولم يكبر للركوع

- ‌الشرط الثالث أن تكون التحية بلفظ الله أكبر لا يجزئ غيرها

- ‌مبحث في تنكيس التكبير

- ‌الشرط الرابع أن يكون التكبير متواليًا

- ‌الشرط الخامس في اشتراط إسماع المصلي نفسه تكبيرة الإحرام والذكر الواجب

- ‌الشرط السادس أن تكون التحريمة بالعربية من القادر عليها

- ‌الشرط السابع سلامة التكبير من اللحن المغير للمعنى

- ‌الشرط الثامن في اشتراط القدرة على التكبير

- ‌الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم القيام

- ‌الفصل الثاني في منزلة القيام بالصلاة

- ‌الفصل الثالث في قدر القيام

- ‌الفصل الرابع في صفة القيام

- ‌الفصل الخامس في استناد المصلي في القيام

- ‌الفصل السادس في سقوط القيام عن المصلي

- ‌المبحث الأول لا يجب القيام في صلاة النافلة

- ‌المبحث الثاني افتتح النافلة قائمَا فأراد الجلوس من غير عذر

- ‌المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز

- ‌المبحث الرابع ضابط العجز المسقط للقيام

- ‌المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف

- ‌المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة

- ‌المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة

- ‌المبحث الثامن في الصاق إحدى القدمين بالأخرى حال القيام

- ‌الفصل السابع في موضع النظر أثناء الصلاة

- ‌المبحث الأول في النظر إلى السماء أثناء الصلاة

- ‌المبحث الثاني في موضوع نظر المصلي في اثناء الصلاة

- ‌المبحث الثالث في موضوع نظر المصلي حال الركوع والسجود والجلوس

- ‌الفصل الثامن في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

- ‌المبحث الأول في مشروعية رفع اليدين

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌الفرع الأول في صفة رفع الأصابع

- ‌الفرع الثاني في صفة رفع الكفين

- ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

- ‌الفرع الرابع في رفع المرأة يديها في الصلاة

- ‌الفرع الخامس في ابتداء وقت الرفع وانتهائه

- ‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

- ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

- ‌الفرع السابع في مكان وضع اليدين

- ‌الفرع الثامن في وقت القبض

- ‌الفرع التاسع في صفة وضع اليدين

الفصل: ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

المدخل إلى المسألة:

• الرفع إلى المنكبين مما اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر، والرفع إلى الأذنين من أفراد مسلم، وما اتفق عليه الشيخان أرجح من غيره.

• رجح البخاري رواية الرفع إلى المنكبين؛ لأنه لم يختلف على ابن عمر في ألفاظ الحديث، واختلفت ألفاظ روايات الرفع إلى الأذنين، أهو إلى الأذنين، أم هو إلى فروع الأذنين، أم هو قريب من الأذنين.

• رواية الرفع إلى المنكبين هو قول أكثر السلف، قاله ابن رجب.

• السنة في العبادة الواردة على صفات متعددة أن يفعل هذه تارة، وهذه تارة؛ لإصابة السنة في جميع وجوهها؛ ولأن هذا أبلغ في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم من الاقتصار على صفة واحدة، وحتى لا تهجر سنة محفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليتحرر المتعبد من غلبة العادة على عباداته.

[م-505] اختلف العلماء في منتهى الرفع:

فقيل: يرفع يديه بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وراحتاه منكبيه، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، وقال بنحوه بعض المالكية، وبعض الحنابلة

(1)

.

(1)

. المبسوط للسرخسي (1/ 11)، البحر الرائق (1/ 322)، مختصر القدوري (ص: 27)، بدائع الصنائع (1/ 199)، الهداية شرح البداية (1/ 48)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 49)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 50)، حاشية ابن عابدين (2/ 174).

قال النووي في روضة الطالبين (1/ 231): «المذهب: أنه يرفعهما بحيث تحاذي أطراف

أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وكفاه منكبيه، وهذا معنى قول الشافعي والأصحاب رحمهم الله عنهم: يرفعهما حذو منكبيه».

قال صاحب فيض الباري من الحنفية (2/ 331): «وهذا يدل على أنه لا خلاف بيننا وبين الشافعي رحمه الله تعالى، ومع ذلك لم يزل الخلاف ينقل فيه» .

وانظر: المجموع (3/ 305)، شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 95)، تحفة المحتاج (2/ 18)، مختصر المزني (ص: 107)، الحاوي الكبير (2/ 99، 116)، التنبيه (ص: 30)، حاشية الجمل (1/ 338).

وانظر في قول المالكية: التاج والإكليل (2/ 239)، إكمال المعلم (2/ 262)، القبس شرح الموطأ (ص: 213)،.

ص: 529

ولا يشرع مس الإبهامين شحمتي الأذنين

(1)

.

قال السرخسي: «والمسنون عندنا أن يرفع يديه حتى يحاذي إبهاماه شحمتي أذنيه ورؤوس أصابعه فروع أذنيه»

(2)

. يعني أعلاهما.

وقيل: ويرفع كفيه حذو منكبيه، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، ونص عليه الشافعي في الأم، وحمله النووي والرافعي على مذهب الحنفية

(3)

.

(1)

. وأما قول قاضي خان من الحنفية في فتاويه: ويرفع يديه حذاء أذنيه ويمس طرفا إبهاميه شحمتي أذنيه أصابعه، فيقصد به القرب التام لا حقيقة المس. انظر حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 109)، اللباب في شرح الكتاب (1/ 66).

جاء في البحر الرائق (1/ 322): «والمراد بالمحاذاة أن يمس بإبهاميه شحمتي أذنيه؛ ليتيقن بمحاذاة يديه بأذنيه كما ذكره في النقاية» .

قال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح (ص: 278): «ومس الشحمتين لم يذكر في المتداولات إلا في قاضيخان والظهيرية كما في القهستاني وعلله صاحب النقاية بأنه لتحقيق المحاذاة فظهر منه أن المراد بالمس القرب التام لا حقيقته» .

(2)

. المبسوط (1/ 11).

(3)

. انظر في مذهب المالكية: النوادر والزيادات (1/ 170)، التلقين (1/ 44)، بداية المجتهد (1/ 143)، الذخيرة للقرافي (2/ 221)، الرسالة للقيرواني (ص: 26)، القوانين الفقهية (ص: 43)، شرح الخرشي (1/ 280)،

وقال الشافعي في الأم (1/ 126): «فنأمر كل مُصَلِّ، إمامًا أو مأمومًا، أو منفردًا، رجلًا أو امرأة أن يرفع يديه إذا افتتح الصلاة .... حذو منكبيه» .

وانظر في مذهب الشافعية: مختصر المزني (ص: 107)، الحاوي الكبير (2/ 99، 116)، التنبيه (ص: 30)، المجموع (3/ 305).

جاء في العزيز شرح الوجيز (3/ 269): «قال الغزالي: وسنن التكبير ثلاث: أن يرفع يديه مع التكبير إلى حذو المنكبين في قول، وإلى أن تحاذي رؤوس الأصابع أذنيه في قول، وإلى أن تحاذي أطراف أصابعه أذنيه، وإبهامه شحمة أذنيه، وكفاه منكبيه في قول» .

وأنكر عليه الرافعي والنووي. انظر روضة الطالبين (1/ 231).

وفي مذهب الحنابلة ثلاث روايات: الرواية الأولى، أن الأفضل أن يرفع يديه إلى حذو منكبيه، قال في الإنصاف (2/ 45): «وهو المذهب، قال الزركشي: هو المشهور

».

وقال ابن تيمية في شرح العمدة: وهذا اختيار أكثر أصحابنا.

وستأتي بقية الروايات عن أحمد تبعًا لعرض الأقوال.

ص: 530

ولا يشرع إلزاق الكفين بالمنكبين

(1)

.

وقيل: يرفعهما حذو صدره، وهو نص سماع أشهب من المالكية، وروي عن أحمد

(2)

.

قال حرب الكرماني نقلًا من فتح الباري: «ربما رأيت أحمد يرفع يديه إلى فروع أذنيه، وربما رفعهما إلى منكبيه، وربما رفعهما إلى صدره، ورأيت الأمر عنده واسعًا»

(3)

.

وقيل: بالتخيير إن شاء رفع يديه حذو منكبيه، وإن شاء رفع يديه حذاء أذنيه، وهو رواية عن أحمد، قال ابن المنذر: وهذا مذهب حسن، وأنا إلى حديث ابن عمر أميل

(4)

.

والأولى أن يفعل هذا مرة، وهذا مرة، وهو قول أهل الحديث بناء على قاعدة أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة أن تفعل على جميع الوجوه الواردة؛ لإصابة السنة في جميع وجوهها

(5)

.

(1)

. قال حرب الكرماني في مسائله من أول كتاب الصلاة - ت الغامدي (ص: 10): «إنما يراد بالأذنين، أو المنكبين علامة لمنتهى اليدين، ولا يراد بذلك أن يلزق يديه بأذنيه، أو منكبيه» . وقال أيضًا (ص: 7): «سمعت إسحاق -مرة أخرى- في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه رفع يديه حذو أذنيه) يعني: قبال أذنيه مقابلهما، ليس أن يردهما حتى يلزقهما بمنكبيه أو بأذنيه، إنما هو قبالة الأذنين» .

(2)

. التاج والإكليل (2/ 239)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 370)، البيان والتحصيل (1/ 413)، بداية المجتهد (1/ 143).

(3)

. فتح الباري لابن رجب (6/ 340).

(4)

. الإنصاف (2/ 45)، طرح التثريب (2/ 258).

(5)

. انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/ 335 - 337)، مجموع الفتاوى والرسائل لشيخنا ابن عثيمين (13/ 376)، رفع اليدين في الصلاة لابن القيم ت علي العمران (ص: 291).

ص: 531

• دليل من قال: يرفع يديه حذاء أذنيه:

الدليل الأول:

(ح-1241) ما رواه مسلم من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم،

عن مالك بن الحويرث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع، فقال: سمع الله لمن حمده، فعل مثل ذلك

(1)

.

تابعه شعبة في رواية، عن قتادة به، في قوله:(حتى يحاذي بهما أذنيه).

ورواه شعبة في رواية، وابن أبي عروبة، وهمام، عن قتادة به، وفيه:(إلى فروع أذنيه)

(2)

.

(1)

. صحيح مسلم (25 - 391)، ومن طريق أبي عوانة رواه الدارقطني في السنن (1123).

(2)

. روي الحديث عن شعبة بثلاثة ألفاظ:

اللفظ الأول: حتى يبلغ بهما فروع أذنيه.

رواه السراج في مسنده (93) من طريق النضر (يعني ابن شميل) عن شعبة، عن قتادة به،

ورواه أبو داود في السنن (745) حدثنا حفص بن عمر، عن شعبة به، وهذا اللفظ إحدى الروايتين عن حفص بن عمر.

ورواه الطبراني في الكبير (19/ 284) ح 625 حدثنا محمد بن يحيى القزاز، حدثنا حفص بن عمر به مقرونًا بغيره، وفيه: (

حتى يحاذي بهما أذنيه)، ولعل هذا اللفظ لمن قرن معه، وليس له، والله أعلم.

وتابع سعيد بن أبي عروبة وهمام شعبة في قوله: (فروع أذنيه).

أما رواية سعيد فرواها أحمد (3/ 436)،

ومسلم (26 - 391) والنسائي في المجتبى (1085، 1086)، وفي الكبرى (676)، والطحاوي في مشكل الآثار (5837، 5838) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 104) عن محمد بن المثنى، كلاهما (أحمد، ومحمد بن المثنى) عن محمد بن أبي عدي،

ورواه أحمد (3/ 437) حدثنا محمد بن جعفر،

ورواه النسائي في المجتبى (1086) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى.

ورواه أحمد (5/ 53)، والنسائي في المجتبى (881، 1024)، وفي الكبرى (1098) عن إسماعيل بن علية،

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2412)، والطبراني في الكبير (19/ 285) ح 630، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 196، 224) عن عبد الله بن نمير، ولفظ الطحاوي قال:(فوق أذنيه) وهي رواية بالمعنى لفروع أذنيه. =

ص: 532

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ورواه البخاري في رفع اليدين كما في قرة العينين (65)، والنسائي في المجتبى (1056)، وفي الكبرى له (647)، والطبراني في الكبير (19/ 285) ح 630، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 39)، من طريق يزيد بن زريع،

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 104) من طريق خالد بن الحارث، كلهم (ابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، وابن علية، وابن نمير، وابن زريع وخالد، وابن عبد الأعلى) رووه عن سعيد بن أبي عروبة به. بلفظ: (يحاذي بهما فروع أذنيه).

وابن زريع من أثبت الناس في ابن أبي عروبة، وقد سمع منه قبل الاختلاط، وخالد بن الحارث وابن علية ممن سمع من سعيد قبل اختلاطه، والله أعلم.

كما رواه همام عن قتادة به، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود.

أخرجه أحمد (5/ 53)، وأبو عوانة في مستخرجه (1590).

اللفظ الثاني عن شعبة: (حتى يحاذي بهما أذنيه).

رواه البخاري في رفع اليدين (98)، وأبو عوانة (1589) عن آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة به، وقال: حذاء أذنيه. هذا لفظ البخاري، وذكر أبو عوانة إسناده، ولم يذكر لفظه.

ورواه النسائي في المجتبى (880) وفي الكبرى (956) من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة به، وفيه: حيال أذنيه.

ورواه الدارمي (1286)، وأبو عوانة في مستخرجه (1588) أخبرنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة به، وفيه: حتى يحاذي أذنيه.

وهذه إحدى الروايتين عن أبي الوليد، والرواية الثانية عنه ذكر فيها رفع اليدين ولم يذكر منتهى الرفع، وستأتي باللفظ الثالث.

ورواه ابن حبان في صحيحه (1863) من طريق سليمان بن حرب، حدثنا شعبة به، وفيه: حتى يحاذي بهما أذنيه.

وهذه إحدى الروايتين عن سليمان بن حرب، والرواية الثانية ذكر فيها رفع اليدين ولم يذكر منتهى الرفع، وستأتي باللفظ الثالث.

ورواه أحمد (5/ 53) حدثنا يحيى بن سعيد (يعني: القطان)، عن شعبة، به، وفيه: يرفع يديه

إلى أذنيه.

وتابع شعبة في قوله: (حتى يحاذي بهما أذنيه) سعيد بن بشير.

فقد رواه الطبراني في المعجم الكبير (19/ 285) ح 628، وفي مسند الشاميين للطبراني (2698)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 48)، من طريق عبد الحميد بن بكار السلمي، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة به، بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.

اللفظ الثالث عن شعبة: ذكر رفع اليدين فقط، ولم يذكر صفته. رواه أبو داود الطيالسي (1349)، ومن طريقه أبونعيم في معرفة الصحابة (6002)،

ورواه البخاري في رفع اليدين كما في قرة العينين (7) حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، وسليمان بن حرب،

ورواه الدارقطني في السنن (1123) من طريق ابن مهدي، (الطيالسيان، وابن حرب، وابن مهدي) أربعتهم رووه عن شعبة، فذكروا رفع اليدين، ولم يذكروا صفته.

علمًا أن أبا الوليد وسليمان بن حرب لكلٍّ منهما رواية ثانية عن شعبة تقدم تخريجها، وذكرا فيها صفة الرفع.

ص: 533

أي أعاليهما، وفرع كل شيء أعلاه.

ورواه أحمد من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة به، وفيه: (

حتى يجعلهما قريبًا من أذنيه)

(1)

.

وهذه الألفاظ الثلاثة هي بمعنى.

ورواه البخاري ومسلم من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن خالد (يعني الحذاء) عن أبي قلابة، أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر، ورفع يديه

هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: (كبر، ثم رفع يديه

) ولم يذكر منتهى الرفع

(2)

.

ومن حفظ فهو حجة على من لم يحفظ، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-1242) ما رواه مسلم من طريق عفان، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم، أنهما حَدَّثَاه،

عن أبيه وائل بن حجر، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة

(1)

. رواه أحمد (5/ 53) حدثنا عبد الصمد وأبو عامر (يعني العقدي)،

وابن ماجه (859)، والطبراني في الكبير (19/ 285) ح 629، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 46)، من طريق يزيد بن زريع،

وأخرجه النسائي في المجتبى (1087، 1143)، وفي السنن الكبرى (678، 733)، والسراج في حديثه (2494، 2568)، والطحاوي في مشكل الآثار (5839)، والطبراني في الكبير (19/ 285) ح 629، من طريق معاذ بن هشام، أربعتهم (عبد الصمد، وأبو عامر، وابن زريع، ومعاذ) رووه عن هشام الدستوائي، عن قتادة به.

وقد تفرد هشام بحرف، شذ فيه، وسوف نتعرض له إن شاء الله في موضعه من البحث.

(2)

. صحيح البخاري (737)، وصحيح مسلم (24 - 391).

ص: 534

كبر -وَصَفَ همام حيال أذنيه- ثم التحف بثوبه .... وذكر الحديث

(1)

.

قال البخاري كما في التاريخ الكبير: علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي الكندي، الكوفي، سمع أباه

(2)

.

وكل نقل يخالف هذا فهو من قبيل الوهم

(3)

.

(ح-1243) ورواه أحمد من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين كبر، رفع يديه حذاء أذنيه، ثم حين ركع، ثم حين قال: سمع الله لمن حمده، رفع يديه .... الحديث

(4)

.

ورواه ابن أبي شيبة والنسائي وابن الجارود، عن ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر، قال: قدمت المدينة، فقلت: لأنظرن إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فكبر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريبًا من أذنيه

(5)

.

(1)

. صحيح مسلم (54 - 401).

(2)

. التاريخ الكبير (7/ 284).

(3)

. أمَّا ما ورد في علل الترمذي ترتيب أبي طالب القاضي (ص: 200) سألت محمدًا عن علقمة ابن وائل: هل سمع من أبيه؟ فقال: إنه ولد بعد موته لستة أشهر.

فهذا خطأ، والصواب أن هذا قاله في حق عبد الجبار بن وائل، لا في أخيه علقمة، جاء في التاريخ الكبير (6/ 106):«عبد الجبار بن وائل الحضرمي، عن أخيه، عن أبيه، قال محمد بن حجر: ولد بعد أبيه لستة أشهر» .

وهو ما نقله الترمذي عن شيخه البخاري في السنن (1453): سمعت محمدًا يقول: «عبد الجبار ابن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه، ولا أدركه، يقال: إنه ولد بعد موت أبيه بأشهر» .

وقال الترمذي في سننه إثر ح (1454): وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه.

(4)

. المسند (4/ 318).

(5)

. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2410).

والنسائي في المجتبى (1102)، وفي الكبرى (693) أخبرني أحمد بن ناصح،

وابن الجارود في المنتقى (202) عن علي بن خشرم،

وابن خزيمة (477، 641) أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج، أربعتهم (ابن أبي شيبة، وابن ناصح، وابن خشرم، والأشج) رووه عن ابن إدريس به،

ولفظ ابن خزيمة (رأيت إبهاميه بحذاء أذنيه).

ص: 535

[صحيح]

(1)

.

الدليل الثالث:

(ح-1244) ما رواه أحمد، قال: حدثنا أسباط، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،

عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه حذاء أذنيه

(2)

.

ورواه أبو داود من طريق شريك، عن يزيد بن أبي زياد به، بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لا يعود

(3)

.

ورواه الحميدي في مسنده، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد بمكة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،

عن البراء بن عازب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه، قال سفيان: وقدم الكوفة فسمعته يحدث به، فزاد فيه، ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة يومئذٍ أحفظ منه يوم رأيته بالكوفة، وقالوا لي: إنه قد تغير حفظه أو ساء حفظه

(4)

.

[حسن إلا زيادة (ثم لا يعود) فإنه حدث بها يزيد بن أبي زياد بعد تغيره]

(5)

.

(1)

. انظر تخريجه، والاختلاف فيه على عاصم في أدلة القول الثاني.

(2)

. المسند (4/ 302).

(3)

. سنن أبي داود (750).

(4)

. مسند الحميدي (741).

(5)

. الحديث فيه علتان:

الأولى: ضعيف يزيد بن أبي زياد، قال الحميدي شيخ البخاري: قلنا لقائل هذا: يعني للمحتجِّ بهذا، إنما رواه يزيد، ويزيد يزيد. اهـ انظر السنن الكبرى للبيهقي (2/ 110).

وفي التحقيق لابن الجوزي (1/ 335) قال علي بن المديني ويحيى بن معين: هو ضعيف الحديث، لا يحتج بحديثه، وقال ابن المبارك: ارم به. وقال النسائي: متروك الحديث». اهـ

العلة الثانية: الاختلاف على يزيد بن أبي زياد في لفظه.

فالحديث رواه يزيد بن أبي زياد، وهو رجل ضعيف، رواها أصحابه القدماء قبل قدومه =

ص: 536

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

الكوفة، وقبل تغير حفظه، كالثوري وشعبة، وهشيم، وأسباط وخالد بن عبد الله، وغيرهم، ولم يذكروا في حديثهم لفظ:(ثم لا يعود)، وإليك تخريج مروياتهم:

الأول: سفيان الثوري، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه عبد الرزاق (2530) عنه، عن يزيد بن أبي زياد به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر رفع يديه حتى يرى إبهاميه قريبًا من أذنيه.

ومن طريق عبد الرزاق رواه أحمد (4/ 303)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 369).

ورواه البخاري في رفع اليدين كما في قرة العينين (34)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 369) عن محمد بن يوسف الفريابي (ثقة)،

والدارقطني في السنن (1126) من طريق إبراهيم بن خالد (ثقة)،

ويعقوب بن سفيان (3/ 79 - 80) من طريق قبيصة بن عقبة الكوفي،

والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص: 80) من طريق ابن المبارك، أربعتهم (الفريابي وإبراهيم وقبيصة وابن المبارك) رووه عن الثوري به.

وخالفهم مؤمل بن إسماعيل (سيئ الحفظ) فرواه عن سفيان كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 196، 224) وذكر فيه: (ثم لا يعود)، وهي زيادة منكرة.

الثاني: شعبة بن الحجاج، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه أحمد (4/ 303)، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، قال: سمعت ابن أبي ليلى، قال: سمعت البراء يحدث، قومًا فيهم كعب بن عجرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة، رفع يديه.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 80) من طريق محمد بن جعفر به.

ورواه الدارقطني في سننه (1127)، والمحاملي في أماليه رواية ابن البيع (463)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 370) من طريق محمد بن بكر (البرساني صدوق له أوهام) حدثنا شعبة به، بلفظ:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه أول تكبيرة)، والمحفوظ رواية محمد بن جعفر، فإنه من أثبت أصحاب شعبة.

الثالث: هشيم بن بشير، عن يزيد بن أبي زياد:

واختلف على هشيم فيه:

فرواه ابن أبي شيبة في المصنف (2411)،

وأحمد في المسند (4/ 282)،

وزكريا بن يحيى الواسطي كما في مسند أبي يعلى (1658)،

وحجاج بن منهال كما في الفصل للوصل (1/ 371)،

وسعيد بن منصور كما في المعرفة والتاريخ (3/ 80) كلهم (ابن أبي شيبة، وأحمد، وزكريا، وابن منهال، وسعيد) رووه عن هشيم، عن يزيد بن أبي زياد به، بلفظ: رفع يديه حتى كادت =

ص: 537

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تحاذي أذنيه.

واقتصر أحمد على رفع اليدين، ولم يذكر منتهى الرفع.

وخالفهم إسحاق بن أبي إسرائيل، واختلف عليه:

فرواه أبو يعلى (1691) حدثنا إسحاق، حدثنا هشيم به، وزاد:(ثم لم يعد)، وهي زيادة شاذة، لم يقل أحد هذا الحرف من حديث هشيم إلا إسحاق، وهو وإن كان ثقة إلا أنه قد خالف من هو أوثق منه.

ورواه أبو يعلى أيضًا (1692) حدثنا إسحاق، حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين استقبل الصلاة حتى رأيت إبهاميه قريبًا من أذنيه، ثم لم يرفعهما.

فكان إسحاق تارة يحدث به عن هشيم، وتارة يحدث به عن ابن إدريس، وفي كلا الإسنادين قد زاد في لفظه:(ثم لم يعد بعد)، وقد رأيت أن الثقات من رواية هشيم على رأسهم الإمام أحمد وابن أبي شيبة رووه عن هشيم، وليس فيه هذه الزيادة، كما أن ابن إدريس قد علقه أبو داود عنه، وذكره في جملة من لم يذكر هذه الزيادة، قال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم، وخالد، وابن إدريس، عن يزيد، لم يذكروا: ثم لا يعود. اهـ

الرابع: أسباط بن محمد، عن يزيد بن أبي زياد:

رواه أحمد (4/ 301، 302)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 40)، والخطيب في المدرج (1/ 372).

الخامس: خالد بن عبد الله الواسطي، وغيره من الحفاظ،

رواه الدارقطني (1131)، والروياني في مسنده (349)، والخطيب في المدرج (1/ 373)، من طريق إسحاق بن شاهين،

والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 224) من طريق عمرو بن عون.

ويعقوب بن سفيان كما في المعرفة والتاريخ (3/ 80)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 372) من طريق أبي عمر النَّمِري، ثلاثتهم عن خالد بن عبد الله الطحان به، ولفظه:(أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه. قال الدارقطني: وهذا هو الصواب، وإنما لقن يزيد في آخر عمره: (ثم لم يعد) فتلقنه، وكان قد اختلط. اهـ

السادس: محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد،

رواه الروياني في مسنده (343) أخبرنا أبو سعيد الأشج،

ويعقوب بن سفيان كما في المعرفة والتاريخ (3/ 80) من طريق علي بن المنذر، كلاهما عن ابن فضيل به، بلفظ: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا عند منكبيه، فحاذى إبهاميه بأذنيه.

السابع: جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد:

أخرجه المحاملي رواية ابن مهدي الفارسي (342)، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (8/ 185) ح 2378، بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه =

ص: 538

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

إلى أذنيه حتى يكون إبهاماه قريبًا من أذنيه.

الثامن: سفيان بن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد.

أخرجه الحميدي (741)، ومن طريقه البخاري في رفع اليدين (33)، ويوسف بن يعقوب في المعرفة والتاريخ (3/ 81).

والشافعي في المسند (ص: 176)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 110)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 374).

ومحمد بن يوسف كما في رفع اليدين للبخاري (34)،

وعلي بن المديني كما في الفصل للوصل للخطيب (1/ 374)، ومعرفة علوم الحديث للحاكم (ص: 80).

وعبد الله بن مسلمة القعنبي كما في المعرفة والتاريخ (3/ 81)، كلهم رووه عن ابن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، وقد سقت لك لفظ الحميدي عن سفيان في أصل الكتاب، وذكر سفيان أنه سمعه منه بمكة، وليس فيه (ثم لا يعود)، فلما قدم الكوفة، سمعه سفيان يحدث به، ويزيد فيه:(ثم لا يعود)، قال سفيان: فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة أحفظ منه يوم رأيته بالكوفة، وقالوا لي: إنه قد تغير حفظه، أو ساء حفظه.

وفي تصريح سفيان بن عيينة أنه سمعه من يزيد بن أبي زياد في الكوفة، وقد زاد فيه هذه الزيادة المنكرة تبين وهم علي بن عاصم فيما رواه الدارقطني في السنن (1132) من طريق عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي، أخبرنا علي بن عاصم، أخبرنا محمد بن أبي ليلى، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة، فكبر، ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه، ثم لم يعد.

قال علي بن عاصم: فلما قدمت الكوفة قيل لي: إن يزيد حيُّ، فأتيته، فحدثني بهذا الحديث، فقال: حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة، فكبر، ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه، فقلت له: أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلت: ثم لم يعد؟ قال: لا أحفظ هذا، فعاودته، فقال: ما أحفظه.

فهذه الرواية من علي بن عاصم توهم أن الزيادة ليست من يزيد بن أبي زياد، وإنما من الرواة عنه، خلاف ما قال الإمام سفيان بن عيينة أنه سمعه بالكوفة، وقد زاد هذه الزيادة.

وعلي بن عاصم متكلم فيه، وفي حفظه، وقد فَصَّل القول فيه يعقوب بن شيبة تفصيلًا حسنًا فقال: «سمعت علي بن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه، منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه في ذلك، وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه، ولجاجته فيه، وثباته على الخطأ، ومنهم من تكلم في سوء حفظه، واشتباه الأمر عليه في بعض ما حدَّث به من سوء حفظه، وتوانيه عن تصحيح ما كتب الورَّاقون له، ومنهم من قصته أغلظ من هذه القصص، وقد كان -رحمة الله علينا وعليه- من أهل الدين والصلاح، والخير البارع، شديد =

ص: 539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= التوقِّي، وللحديث آفاتٌ تفسده». انظر تهذيب الكمال (20/ 506، 507).

التاسع: صالح بن عمر الواسطي، (ثقة)، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه أبو يعلى في مسنده (1701)، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا صالح بن عمر، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، فذكرت ذلك لعدي بن ثابت، فقال: قد سمعت البراء يذكر ذلك.

العاشر: الجرح بن مليح والد وكيع (صدوق يهم)، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه أحمد كما في العلل ومعرفة الرجال (1/ 372) ح 715.

الحادي عشر: زياد بن عبد الله البكائي (ثبت في المغازي وفي ابن إسحاق، مختلف فيه في غيره) عن يزيد بن أبي زياد.

أخرجه الروياني في مسنده (347).

الثاني عشر: حمزة بن حبيب الزيات (صدوق ربما وهم)، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه الطبراني في المعجم الأوسط (1325).

كل هؤلاء رووه عن يزيد بن أبي زياد دون أن يذكروا في حديثه أنه قال: (ثم لا يعود).

وخالف هؤلاء شريك، وإسماعيل بن زكريا، وإسرائيل بن أبي إسحاق، فرووه عن يزيد بن أبي زياد، به، بذكر زيادة (ثم لا يعود)، وإليك تخريج مروياتهم.

الأول: شريك (سيئ الحفظ)، عن يزيد بن أبي زياد:

رواه أبو داود (750)، وأبو يعلى الموصلي (1690)، ومسند الروياني (344)، والفصل للوصل المدرج للخطيب (1/ 373)، عن يزيد بن أبي زياد به، بلفظ:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لا يعود)، فزاد فيه كلمة (ثم لا يعود).

الثاني: إسماعيل بن زكريا (اختلف فيه قول الإمام أحمد ويحيى بن معين، وقال النسائي: أرجو أنه لا بأس به، ووثقه أبو داود، وفي التقريب صدوق يخطئ قليلًا)، عن يزيد بن أبي زياد.

رواه الدارقطني في السنن (1129)، بلفظ:(أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، ثم لم يعد إلى شيء من ذلك حتى فرغ من صلاته).

ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في التحقيق (425).

وليس الحمل على شريك ولا على إسماعيل في زيادة (ثم لا يعود)، فقد بيَّن سفيان بن عيينة، أنه سمع هذا الحديث قديمًا من يزيد بن أبي زياد في مكة، وليس فيه هذا الحرف، ثم سمعه منه بآخرة في الكوفة، بعد ما تغير وساء حفظه، وقد زاد فيه هذا الحرف، فخرج من عهدته شريك وإسماعيل بن زكريا، وإنما تكون المقارنة بين الرواة عن يزيد بن أبي زياد لوكنا لا ندري، أجاءت الزيادة من الراوي الذي عليه مدار الحديث أم من الرواة عنه، أما وقد تبين أن الاختلاف مصدره يزيد بن أبي زياد، فلو رواها عنه من رواها لم ينفع ذلك في تقوية هذه =

ص: 540

الدليل الرابع:

أن مع حديث مالك بن الحويرث وحديث وائل بن حجر زيادة على ما جاء في حديث ابن عمر، وأبي حميد الساعدي فيتعين الأخذ بالزائد.

• أجاب الجمهور عن أدلة الحنفية:

بأن أحاديث الرفع إلى المنكبين أرجح من حديث مالك بن الحويرث، ومن حديث وائل بن حجر، لأمور، منها:

الأول: أن الرفع إلى المنكبين اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر، كما سيأتينا إن شاء الله تعالى عند أدلة القول الثاني، وما اتفق عليه الشيخان أرجح من غيره، بينما الرفع إلى الأذنين من أفراد مسلم، فقد تجنب البخاري إخراج الرفع إلى الأذنين في صحيحه.

قال ابن عبد البر: «أثبت شيء في ذلك عند أهل العلم بالحديث حديث ابن عمر هذا، وفيه الرفع حذو المنكبين، وعليه جمهور الفقهاء بالأمصار، وأهل الحديث»

(1)

.

فلا يشك من له معرفة بالأسانيد، أن حديث الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أصح من إسناد قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث

(2)

.

= الزيادة، وإذا لم تثمر المقارنة ترجيحًا بين الرواة عنه فقدت الغاية من المقارنة، والله أعلم.

قال يحيى الذهلي كما في البدر المنير (3/ 488): سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا حديث واهٍ، قد كان يزيد بن أبي زياد يحدث به برهة من دهره لا يذكر فيه:(ثم لا يعود)، فلما لقن أخذه فكان يذكره فيه».

خلاصة الحكم على الحديث: أنه حسن، وأن زيادة (ثم لا يعود) زيادة ضعيفة؛ لأنه حدث بها بعد تغيره، وزياد بن أبي زياد وإن تكلم فيه من قبل حفظه، فلعل ذلك كان لتغيره كما قال يعقوب بن سفيان، قال في المعرفة والتاريخ (3/ 81):«يزيد بن أبي زياد، وإن كان قد تكلم الناس فيه؛ لتغيره في آخر عمره، فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل منصور، والحكم والأعمش، فهو مقبول القول ثقة» .

وحديث الثقات عنه قبل تغيره ممن سمع منه هذا الحديث قبل قدومه الكوفة ليس بمنكر، فرفع اليدين حذاء الأذنين محفوظ من حديث مالك بن الحويرث، ووائل بن حجر، والله أعلم.

(1)

. التمهيد (9/ 229).

(2)

. انظر المنتقى للباجي (1/ 143).

ص: 541

الثاني: أن الرواية إلى المنكبين لم يختلف على ابن عمر في ألفاظ الحديث، وقد اختلفت ألفاظ روايات الرفع إلى الأذنين، فحديث مالك بن الحويرث رواه البخاري ومسلم من طريق أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، فذكر رفع اليدين ولم يذكر منتهى الرفع.

ورواه مسلم بلفظ: (حتى يحاذي بهما أذنيه) وفي رواية (إلى فروع أذنيه).

وفي رواية ثالثة خارج الصحيح: (قريبًا من أذنيه).

وأما حديث وائل بن حجر فأشهر الطرق إليه ثلاثة، علقمة بن وائل، عن أبيه، وهو أصحها، وحديثه في مسلم، وعبد الجبار بن وائل، عن أبيه، وهو منقطع، وعاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، وله طرق كثيرة عن عاصم، إلا أن كثيرًا من طرقه فيها تفردات وزيادات شاذة، وسيأتي الإشارة إلى بعضها المتعلق بالمسألة في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال لا يمكن مقارنة حديث وائل بن حجر بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أو بحديث أبي حميد الساعدي.

قال ابن رجب في الفتح: «فمنهم من رجح رواية من روى الرفع إلى المنكبين؛ لصحة الروايات بذلك، واختلاف ألفاظ روايات الرفع إلى الأذنين، وهذه طريقة البخاري، وهي أيضًا ظاهر مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق عملًا بحديث ابن عمر، فإنه أصح أحاديث الباب، وهو أيضًا قول أكثر السلف، وروي عن عمر بن الخطاب»

(1)

.

الثالث: أن الصحابة الذين رووا الرفع إلى المنكبين، أكثر عددًا، وأطول صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومعروفون بالفتوى والفقه، وكلها من وسائل الترجيح، قال الشافعي: روى هذا الخبر بضعة عشر نفسًا من الصحابة

(2)

.

فقد روى الرفع إلى المنكبين ابن عمر، وهو في الصحيحين، ومن حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكروا عليه ذلك، وهو في صحيح البخاري، وجاء من حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة، وهما في سنن

(1)

. فتح الباري لابن رجب (6/ 339).

(2)

. انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 237).

ص: 542

أبي داود، فهؤلاء من فقهاء الصحابة، ومن كبارهم، وكان موضعهم من النبي صلى الله عليه وسلم أقرب، وملازمتهم له أكثر، فيكونون أحفظ، وأضبط من غيرهم، ويعلم أن ما نقلوه هو الغالب على فعله صلى الله عليه وسلم، لهذا كانت النصوص بالرفع إلى المنكبين راجحة بقوتها وصحتها على رواية الرفع إلى الأذنين، قاله إسحاق وابن المديني

(1)

.

• دليل من قال: يرفع كفيه حذاء منكبيه:

الدليل الأول:

(ح-1245) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله،

عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، رفعهما كذلك أيضًا، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود

(2)

.

الدليل الثاني:

(ح-1246) ما رواه البخاري من طريق محمد بن عمرو بن حلحلة،

عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم

(1)

. انظر كتاب رفع اليدين في الصلاة لابن القيم (ص: 290).

(2)

. رواه البخاري (735) من طريق مالك.

ورواه البخاري (736)، ومسلم (23 - 390) من طريق يونس بن يزيد.

ورواه البخاري (738) من طريق شعيب بن أبي حمزة.

ورواه مسلم (21 - 390) من طريق سفيان بن عيينة.

ورواه مسلم (23 - 390) من طريق عقيل بن خالد.

ورواه مسلم (22 - 390) من طريق ابن جريج، كلهم:(مالك، ويونس، وشعيب، وسفيان، وعقيل، وابن جريج) عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، وسوف أكشف إن شاء الله تعالى الفروق بين ألفاظ هذه الروايات عند الكلام على وقت التكبير، فانظره هناك.

وتابع سالمًا نافع، إلا أنه لم ذكر رفع اليدين للتكبير، ولم يذكر منتهاه، فرواه البخاري (739) من طريق عبيد الله، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة، كبر، ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 543

لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه

وذكر الحديث

(1)

.

الدليل الثالث:

(ح-1247) ما رواه النسائي من طريق سفيان (يعني ابن عيينة)، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى ونصب اليمنى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصب أصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى»، قال: ثم أتيتهم من قابل فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس

(2)

.

[المحفوظ من حديث وائل بن حجر أنه رفع يديه حذاء أذنيه]

(3)

.

(1)

. صحيح البخاري (828).

(2)

. رواه النسائي في المجتبى (1159)، وفي الكبرى (750).

(3)

. الحديث رواه سفيان بن عيينة وعبد الواحد بن زياد، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل ابن حجر، أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حاذى منكبيه.

ورواه أكثر من عشرين راويًا، على رأسهم الثوري، وزائدة بن قدامة، وأبو الأحوص، وشعبة، وعبد الله بن إدريس، وابن فضيل، وزهير بن معاوية، وخالد بن عبد الله الواسطي، وأبو عوانة الضحاك بن عبد الله، وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن مسلم، وغيرهم، رووه عن عاصم بن كليب به، بأنه رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، وهو المحفوظ من حديث وائل، ولعله دخل على ابن عيينة حديثه الذي رواه مسلم من طريقه، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر وفيه أنه رفع يديه حتى حاذى بهما منكبيه، بحديثه عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، والله أعلم.

وإليك أخي القارئ الكريم تخريج أهم هذه الطرق بما يكشف لك حقيقة الشذوذ في رواية سفيان بن عيينة، وعبد الواحد بن زياد، والله أعلم.

الطريق الأول: سفيان بن عيينة، عن عاصم بن كليب.

رواه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ كما في المجتبى من سنن النسائي (1159)، وفي الكبرى (750)،

والشافعي في مسنده (ص: 176)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 38، 43).

وعلي بن شعيب كما في سنن الدارقطني (1120)، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة به، وذكروا =

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

رفع اليدين حذو المنكبين.

ورواه الحميدي كما في مسنده (909)،

وقتيبة بن سعيد كما في المجتبى من سنن النسائي (1262) وفي الكبرى له (955)، كلاهما عن سفيان به، وذكروا رفع اليدين فقط دون صفته، بلفظ:(يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع .... ) الحديث.

ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 36) ح 85، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي ح،

وحدثنا أحمد بن داود، حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قالا، حدثنا سفيان به.

بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حتى يحاذي أذنيه .... وذكر الحديث.

ولفظ الحميدي في مسنده ذكر رفع اليدين، ولم يذكر صفته، فلعل هذا لفظ إبراهيم بن بشار الرمادي، وقد وهم، فإن هذا اللفظ هو ثابت من رواية الجماعة عن عاصم، وليس من رواية سفيان بن عيينة، والله أعلم.

ورواه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي كما في صحيح ابن خزيمة (457، 713)،

وعبد الجبار بن العلاء كما في صحيح ابن خزيمة (713)، كلاهما عن سفيان به، مختصرًا.

الطريق الثاني: عبد الواحد بن زياد، عن عاصم بن كليب.

تابع عبد الواحد بن زياد سفيان بن عيينة، فرواه عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأنظرن كيف يصلي، قال: فاستقبل القبلة، فكبر، ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه

وذكر الحديث.

أخرجه أحمد (4/ 316)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 104، 160)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 203، 216)، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 434).

والمحفوظ من حديث وائل بن حجر أنه رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، كما هي رواية الجماعة عن عاصم، ولم يذكروا ما ذكره ابن عيينة، وعبد الواحد بن زياد، من هؤلاء:

الطريق الثالث: سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب.

رواه أحمد (4/ 318) حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثني سفيان به، بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين كبر، رفع يديه حذاء أذنيه .... وذكر الحديث.

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 196، 223) من طريق مؤمل (يعني: ابن إسماعيل)، قال: حدثنا سفيان به، بلفظ: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين يكبر للصلاة يرفع يديه حيال أذنيه. ومؤمل سَبِّئُ الحفظ، لكنه قد توبع.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (2/ 68)، ومن طريقه أحمد في المسند (4/ 317)، والطبراني في الكبير (22/ 34) ح 81، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 430)، عن سفيان به، فذكر رفع اليدين حين كبر للصلاة، ولم يذكر صفة الرفع، ولفظ أحمد: =

ص: 545

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر، فرفع يديه حين كبر

) ولفظ الباقي بنحوه.

ورواه أحمد (4/ 316)، وابن أبي شيبة في المصنف (2667) عن وكيع،

ورواه أيضًا (4/ 318) حدثنا يحيى بن آدم وأبو نعيم (الفضل بن دكين).

ورواه ابن المنذر في الأوسط (3/ 169) وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3709) من طريق أبي نعيم وحده.

ورواه النسائي في المجتبى (1263)، و في الكبرى (1188)، والطبراني في الكبير (22/ 33) ح 78، من طريق محمد بن يوسف الفريابي،

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 160) من طريق الحسين بن حفص،

والطبراني في الكبير (22/ 39) ح 95،من طريق علي بن قادم، ستتهم (وكيع، ويحيى، وأبو نعيم، والفريابي والحسين ابن حفص وعلي بن قادم) رووه عن سفيان به، واختصروه ولم يذكروا تكبيرة الافتتاح.

الطريق الرابع: عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2410)،

والنسائي في المجتبى (1102)، وفي الكبرى (693) أخبرني أحمد بن ناصح،

وابن الجارود في المنتقى (202) وابن خزيمة عن علي بن خشرم،

وابن خزيمة (477، 641) أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج، أربعتهم رووه عن ابن إدريس به،

ولفظ ابن أبي شيبة والنسائي وابن الجارود (رأيت إبهاميه قريبًا من أذنيه)،

ولفظ ابن خزيمة (رأيت إبهاميه بحذاء أذنيه).

ورواه مختصرًا دون ذكر تكبيرة الافتتاح كل من:

الترمذي (292)، عن أبي كريب،

وابن ماجه (810، 912) حدثنا علي بن محمد،

وابن خزيمة (690، 713) عن عبد الله بن سعيد،

كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2426) حدثنا ابن إدريس به، بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه كلما ركع، ورفع.

كما رواه أيضًا (2666) بالإسناد نفسه، بلفظ: قلت: لأنظرن إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم»، قال: فسجد، فرأيت رأسه بين يديه على مثل مقداره حيث استفتح، يقول، قريبًا من أذنيه.

كما قطع ابن أبي شيبة الحديث مستشهدًا به في مواضع من مصنفه، ولم يذكر تكبيرة الافتتاح، انظر:(2923، 3935، 8442، 29679).

وأخرجه البخاري في قرة العين برفع اليدين (71)، وذكر التكبير، ولم يذكر صفته.

هكذا رووه تامًّا ومختصرًا عن ابن إدريس: ابن أبي شيبة، وأبو كريب، ومحمد بن العلاء، وعلي بن محمد، وعلي بن خشرم، وعبد الله بن سعيد الأشج، وأحمد بن ناصح. =

ص: 546

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وخالفهم: سلم بن جنادة كما في صحيح ابن حبان (1945) فزاد فيه: (ثم كبر، ورفع يديه، ثم سجد)، وليس ذلك بمحفوظ.

الطريق الخامس: زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب.

رواه أحمد (4/ 318)، حدثنا عبد الصمد.

والنسائي في المجتبى (889، 1268) وفي الكبرى (965، 1192)، من طريق عبد الله بن المبارك.

والدارمي (1397)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 35) ح 82، وابن خزيمة (480، 714)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 189)، عن معاوية بن عمرو،

وابن الجارود في المنتقى (208) من طريق عبد الرحمن بن مهدي،

والطبراني في المعجم الكبير (22/ 35) ح 82، وابن حبان في صحيحه (1860) من طريق أبي الوليد الطيالسي،

والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 43) من طريق عبد الله بن رجاء، ستتهم (عبد الصمد، وابن المبارك، ومعاوية بن عمرو، وابن مهدي، وأبو الوليد الطيالسي، وابن رجاء) عن عاصم بن كليب به، وفيه:(لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يصلي؟ قال: فنظرت إليه قام فكبر، ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه .... ) وذكر الحديث.

وقد تفرد زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب ببعض الحروف، وشذ فيها عن رواية الجماعة، ليس هذا موضع بحثها، وسوف تأتينا إن شاء الله تعالى في صفة وضع اليمنى على اليسرى، وفي موضع تحريك الأصبع.

الطريق السادس: شعبة، عن عاصم بن كليب.

رواه شعبة، فذكر رفع الأيدي للتكبير، ولم يذكر صفة الرفع وبيان منتهاه:

فقد رواه أحمد (4/ 316) ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 430)، عن هاشم بن القاسم،

ورواه أحمد (4/ 316) و ابن خزيمة في صحيحه (697) عن محمد بن جعفر،

ورواه أحمد مختصرًا (4/ 319) حدثنا أسود بن عامر،

والبخاري في رفع اليدين (26)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 35) ح 83، وفي الدعاء (637)، عن مسلم بن إبراهيم،

والطبراني في المعجم الكبير (22/ 35) ح 83، من طريق أبي الوليد الطيالسي،

وابن خزيمة (698) من طريق وهب بن جرير،

والخطيب في الفصل للوصل (1/ 431) من طريق النضر (يعني ابن شميل) سبعتهم، رووه عن شعبة، به، بلفظ: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى، فكبر، فرفع يديه، فلما ركع رفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع، رفع يديه وخوى في ركوعه، وخوى في سجوده، فلما قعد يتشهد وضع فخذه اليمنى على اليسرى، ووضع يده اليمنى وأشار بإصبعه السبابة، وحلق بالوسطى. هذا لفظ أحمد، والبقية بنحوه. =

ص: 547

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

الطريق السابع: أبو الأحوص سلام بن سليم، عن عاصم بن كليب.

رواه أبو داود الطيالسي (1113)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 431)، حدثنا سلام بن سليم، قال: حدثنا عاصم بن كليب به، بلفظ: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأحفظن صلاته، فافتتح الصلاة، فكبر، ورفع يديه حتى بلغ أذنيه، وأخذ شماله بيمينه

وذكر الحديث.

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 196، 223، 230، 259)، وابن المقرئ في الأربعين (42) من طريق يوسف بن عدي،

والطبراني في المعجم الكبير (22/ 34) ح 80، من طريق أسد بن موسى،

والدارقطني (1134) من طريق صالح بن عمر، كلهم عن أبي الأحوص به.

الطريق الثامن: بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب.

أخرجه أبو داود (726، 957) حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب، به، وفيه: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبل القبلة، فكبر، فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه .... ) وذكر الحديث.

ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 37) ح 86، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 435)،

ورواه النسائي في المجتبى (1265)، وفي الكبرى (1189) أخبرنا إسماعيل بن مسعود.

وابن ماجه (810، 867) حدثنا بشر بن معاذ الضرير،

والبزار (4485) حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي، كلهم (مسدد، وإسماعيل، وبشر بن معاذ، والقرشي) أربعتهم رووه عن بشر بن المفضل به.

الطريقان التاسع والعاشر: خالد بن عبد الله الواسطي وعبيدة بن حميد.

أخرجه الطحاوي (1/ 257) من طريق الحماني،

والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 188) من طريق مسدد،

والخطيب في الفصل للوصل (1/ 433) من طريق وهب بن بقية، ثلاثتهم (الحماني، ومسدد ووهب بن بقية) رووه عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن عاصم به، وقد اقتصر الطحاوي على ذكر إسناده دون لفظه، وساق لفظه البيهقي والخطيب، وذكرا فيه رفع اليدين حيال الأذنين.

الطريق الحادي عشر: زهير بن معاوية، عن عاصم بن كليب.

رواه أحمد (4/ 318)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 437)، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا زهير بن معاوية، عن عاصم بن كليب، أن أباه أخبره، أن وائل بن حجر أخبره قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه

قال زهير في آخره: قال عاصم، وحدثني عبد الجبار، عن بعض أهله، أن وائلًا قال: أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون: هكذا تحت الثياب. =

ص: 548

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وفي رواية زهير بيان أن قوله: (وأتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب) أن هذه اللفظة ليس محفوظة من حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، وإنما وقعت مدرجة فيه، قال الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 428):«قصة تحريك الناس أيديهم ورفعها من تحت الثياب في زمن البرد لم يسمعها عاصم عن أبيه، وإنما سمعها من عبد الجبار بن وائل بن حجر عن بعض أهله عن وائل بن حجر، بين ذلك زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد، في روايتيهما حديث الصلاة بطوله عن عاصم بن كليب وميزا قصة تحريك الأيدي تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسناده» .

ورواه الطبراني في الكبير (22/ 36) ح 84، من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل، عن زهير بن معاوية به.

الطريق الثاني عشر: أبو بدر شجاع بن الوليد، عن عاصم بن كليب.

رواه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 438)، من طريق موسى بن هارون أخبرنا حمدون بن عباد، أخبرنا أبو بدر شجاع بن الوليد، أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي أن أباه حدثه أنه سمع وائل بن حجر يقول: بَقَيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام فكبر، ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، وساق موسى الحديث بطوله نحو رواية زهير إلى أن قال: ثم رأيته يقول: هكذا، وأشار عاصم بالسبابة هكذا، ثم قال موسى: أخبرنا حمدون بن عباد، أخبرنا أبو بدر شجاع بن الوليد، أخبرنا عاصم بن كليب قال: حدثني عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله أن وائل بن حجر قال: ثم أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب الشتاء فيها البرانس والأكسية قال: فرأيتهم يقولون هكذا بأيديهم من تحت الثياب. فوصف عاصم بن كليب رفع أيديهم.

قال أبو عمران موسى بن هارون: اتفق زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فرويا صفة الصلاة عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره، ثم فصلا ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب، فروياه عن عاصم بن كليب أنه حدثه به عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله، عن وائل ابن حجر، وهذه الرواية مضبوطة اتفق عليها زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد، فهما أثبت رواية له ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ابن حجر

اهـ والله أعلم.

الثالث عشر: عبد العزيز بن مسلم، عن عاصم بن كليب به.

رواه أحمد (4/ 317) حدثنا عبد الصمد،

ورواه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 436، 437) من طريق عبد الوحد بن غياث، كلاهما عن عبد العزيز بن مسلم به، ولفظ أحمد: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع، فوضع يديه على ركبتيه. هذا لفظ أحمد. =

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ولفظ الخطيب: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنظر كيف يصلي، فكبر، فرفع يديه حذاء أذنيه.

الطريق الرابع عشر: جرير بن عبد الحميد، عن عاصم بن كليب.

أخرجه الدارقطني في السنن (1122) بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة يرفع يديه إلى أذنيه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه.

ومن طريقه رواه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 435).

الطريق الخامس عشر: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن عاصم بن كليب.

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 38) من طريق الحجاج بن منهال.

والطبراني في الكبير (22/ 38) من طريق أسد بن موسى،

والخطيب في الفصل للوصل (1/ 432) من طريق عباس بن طالب، ثلاثتهم (أسد، وحجاج، وعباس) عن أبي عوانة به.

الطريق السادس عشر: جعفر بن زياد الأحمر، عن عاصم بن كليب.

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 38) ح 92، بلفظ: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سجد افترش اليسرى، ونصب اليمنى.

الطريق السابع عشر: صالح بن عمر الواسطي، عن عاصم بن كليب.

أخرجه الدارقطني في السنن (1134)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (227)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 433)، وفيه أنه رفع يديه حتى حاذى أذنيه.

الطريق الثامن عشر: شريك بن عبد الله النخعي (سيئ الحفظ)، رواه واضطرب فيه، فمرة يرويه عن عاصم بن كليب، ومرة يرويه عن علقمة بن وائل، وثالثة يرويه عن أبي إسحاق، ورابعة يرويه عن سماك.

فأما روايته عن عاصم بن كليب، فقد اضطرب فيها أيضًا على ثلاثة طرق.

فقيل: عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر.

رواه عثمان بن أبي شيبة، عن شريك بلفظ: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه، قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية.

رواه أبو داود (728) ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 441، 442)، والبغوي في شرح السنة (3/ 27).

ورواه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 442) من طريق المعمري، كلاهما (أبو داود والمعمري) عن عثمان بن أبي شيبة، عن شريك به.

ورواه محمد بن سعيد الأصبهاني، كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 196).

والطبراني في الكبير (22/ 39) ح 96، من طريق يحيى الحماني (حافظ متهم بسرقة الأحاديث)، كلاهما عن شريك به، ولفظ الطحاوي: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه حذاء =

ص: 550

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أذنيه، إذا كبر، وإذا رفع، وإذا سجد، فذكر من هذا ما شاء الله، قال: ثم أتيته من العام المقبل، وعليهم الأكسية والبرانس، فكانوا يرفعون أيديهم فيها، وأشار شريك إلى صدره.

واقتصر الطبراني على رفع الأيدي حذاء الأذنين حين افتتح الصلاة.

ورواه يحيى بن آدم كما في مسند أحمد (4/ 318)، قال: حدثنا شريك، به، بلفظ:(أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة آمين).

ورواه الطبراني في الكبير (22/ 41) ح 102، من طريق يحيى بن أبي بكير، عن شريك، بلفظ:(أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بآمين).

هكذا رواه عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن سعيد الأصبهاني، والحماني، ويحيى بن آدم، ويحيى بن أبي بكير، خمستهم رووه عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل.

وخالف هؤلاء كل من:

زكريا بن يحيى زحمويه كما في المعجم الكبير للطبراني رواه (18/ 336) ح 861.

وسعيد (هو ابن منصور)، كما في الأوسط لابن المنذر (3/ 73).

وإبراهيم بن عبد الله الهروي كما في طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ (3/ 567)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (2/ 131).

والوركاني (محمد بن جعفر) ومحرز بن عون كما في معجم الصحابة لابن قانع (2/ 330)، خمستهم رووه عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله، بلفظ: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء، فوجدتهم يصلون في البرانس والأكسية، وأيديهم فيها.

وخالف كل هؤلاء وكيع، فرواه أحمد (4/ 316)، وأبو داود (729) عن وكيع، عن شريك عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه، بلفظ:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء، قال: فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم).

هذه وجوه الاختلاف على شريك في روايته عن عاصم بن كليب، ورواه شريك من غير طريق عاصم بن كليب:

فقيل: عن شريك، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه.

رواه الطبراني في الكبير (22/ 13) ح 11، من طريق عمر بن محمد بن الحسن الأسدي، عن شريك به، بلفظ:(أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ولا الضالين، قال: آمين).

ورواه الأسود بن عامر، واختلف عليه فيه:

فرواه أحمد (4/ 318)،

ومحمد بن إسحاق الصغاني كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 84) عن أسود بن عامر، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه، بلفظ:(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بآمين).

وخالفهما أبو كريب، فرواه مسلم في التمييز (38) عنه، قال: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا =

ص: 551

الدليل الرابع:

(ح-1248) ما رواه أبو داود من طريق سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الرحمن بن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر، ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من

=

شريك، عن سماك، عن علقمة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله يجهر بآمين.

والمحفوظ من رواية أبي إسحاق، أنه يرويه عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، وسيأتينا إن شاء الله تخريجه في موضع لاحق، انظر ح (1283)، وانظر معه ح (1251، 1262).

فواضح أن شريك بن عبد الله النخعي قد اضطرب في إسناده، ولفظه، فمرة يرويه عن عاصم ابن كليب، ومرة يقول عن أبيه عن وائل بن حجر، ومرة يقول عن أبيه عن خاله، وثالثة يقول عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن أبيه.

وأحيانًا يرويه عن غير عاصم بن كليب، فيرويه عن أبي إسحاق، عن علقمة،

ومرة عن سماك عن علقمة، فواضح شدة اضطراب شريك في إسناده، كما لم يسلم لفظه من زيادات شاذة، رأيت تأجيل البحث فيها حتى تأتي مناسبتها الفقهية إن شاء الله تعالى، ولو كان البحث حديثيًّا صرفًا لتعرضت لكل ألفاظه مرة واحدة، ولم أضطر إلى إعادة التخريج بحسب المناسبات الفقهية، أما والمشروع فقهي، فأنا أستشهد على كل مسألة بما تتطلبه من ألفاظ، وأحكم عليه حسب مناسبتها الفقهية، ولا أتعرض للفظ لم تكن المناسبة تستدعيه، فأرجو ملاحظة هذا في هذا الحديث وفي غيره، والله المستعان.

هذه أشهر الطرق وأهمها والتي روت لنا حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، وقد تركت بعض الطرق اقتصارًا واختصارًا، من ذلك طريق هريم بن سفيان، وعبيدة بن حميد، وأبي إسحاق السبيعي، وموسى بن أبي عائشة، وقيس بن الربيع، وعنبسة بن سعيد، وغيلان بن جامع، وموسى بن أبي كثير، وجعفر الأحمر.

وما خرجته كافٍ لطالب العلم للجزم بشذوذ رواية سفيان بن عيينة وعبد الواحد بن زياد في لفظ: أنه رفع يديه إلى حذاء منكبيه، فهذا كما رأيت ليس محفوظًا من حديث وائل بن حجر، وإنما هو محفوظ من حديث ابن عمر، وحديث أبي حميد الساعدي، وسبق تخريجهما، وهذا مقصود البحث من جمع الطرق، والله أعلم.

ص: 552

صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر

(1)

.

[حديث علي بن أبي طالب حديث صحيح إلا ما تفرد به عبد الرحمن بن أبي الزناد، ومنه رفع اليدين في مواضعها الأربعة]

(2)

.

(1)

. سنن أبي داود (744).

(2)

. الحديث مداره على الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب.

ويرويه عن الأعرج اثنان:

الأول: يعقوب بن أبي سلمة الماجشون (صدوق)، وروايته في صحيح مسلم، وليس فيها ذكر رفع اليدين مطلقًا، لا في الافتتاح، ولا في الركوع والرفع منه، ولا في القيام من الركعتين.

وقد روى عنه هذا الحديث ابنه يوسف بن يعقوب كما في صحيح مسلم (201 - 771)، وسنن الترمذي (3421، 3422)، والدعاء للطبراني (494)، ومسند البزار (536)، ومسند أبي يعلى (575)، وصحيح ابن خزيمة (723)، وصحيح ابن حبان (1966)، ومستخرج أبي عوانة (2041)، ومستخرج أبي نعيم (2/ 367)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 48، 158)، والأسماء والصفات له (697)، وفي الأربعين لابن المقرئ (44).

ورواه عن يعقوب بن أبي سلمة أيضًا ابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، وروايته في مسلم أيضًا (202 - 771)، ومسند أحمد (1/ 94، 102، 103)، وفي فضائل الصحابة لأحمد (1188)، وسنن أبي داود (760)، وسنن الترمذي (3422، 266)، والمجتبى من سنن النسائي (1050)، والسنن الكبرى للنسائي (793، 641)، وسنن الدارمي (1274، 1353)، والدعاء للطبراني (493)، والمنتقى لابن الجارود (179)، وشرح معاني الآثار (1/ 199)، ومشكل الآثار (1558، 1559، 1560، 1562، 1563، 5160، 5823، 5824)، وصحيح ابن خزيمة (462، 463، 612، 743)، وصحيح ابن حبان (1773، 1903، 2025)، ومختصر الأحكام للطوسي (249)، ومستخرج أبي عوانة (1606، 1814)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 48، 124، 135).

وقد روياه عنه تامًّا ومختصرًا، وليس فيه هذا الحرف الذي رواه عبد الرحمن بن أبي الزناد، من ذكر رفع اليدين، والله أعلم.

الثاني: عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الأعرج.

ويرويه عن عبد الله بن الفضل راويان:

الراوي الأول: عبد العزيز بن عبد الله أبي سلمة الماجشون،

أحيانًا يرويه عبد العزيز، عن عبد الله بن الفضل مقرونًا بروايته عن عمه الماجشون.

أخرجه أحمد (1/ 94)، قال: حدثنا أبو سعيد (يعني: مولى بني هاشم)، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، حدثنا عبد الله بن الفضل، والماجشون، عن الأعرج، عن عبيد الله بن =

ص: 553

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

رافع، عن علي بن أبي طالب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات، والأرض حنيفًا مسلمًا

وذكر الحديث بنحو رواية مسلم.

ورواه ابن خزيمة (463) والطحاوي في مشكل الآثار (4/ 218) ح 1560 و (4/ 222) ح 1563، وفي شرح معاني الآثار (1/ 199، 233)، من طريق أحمد بن خالد الوهبي،

وأبو عوانة في مستخرجه (1816) من طريق سريج بن النعمان،

والطحاوي في مشكل الآثار (4/ 218) ح 1560 و (4/ 222) ح 1563، وفي شرح معاني الآثار (1/ 199، 233)، من طريق عبد الله بن صالح ثلاثتهم عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل وعن عمه الماجشون، عن الأعرج به.

وأحيانًا يرويه عبد العزيز عن عبد الله بن الفضل وحده غير مقرون بروايته عن عمه الماجشون.

أخرجه أحمد (1/ 301) حدثنا حجين (يعني ابن المثنى ثقة)،

وأبو عوانة في مستخرجه (1606) من طريق سريج بن النعمان (ثقة)،

والطبراني في الدعاء (495، 527، 550، 581) من طريق عبد الله بن رجاء (صدوق)، ثلاثتهم عن عبد العزيز، عن عبد الله بن الفضل وحده، عن الأعرج به.

ولم يذكر عبد العزيز بن أبي سلمة في روايته عن عبد الله بن الفضل لفظ رفع اليدين.

الراوي الثاني: موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل:

رواه عن موسى بن عقبة جماعة، منهم ابن جريج (ثقة فقيه)، وإبراهيم بن طهمان (ثقة يغرب)، وعبد الله بن جعفر المديني (ضعيف)، وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي (ضعيف)، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، (صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد)، ولم يذكر أحد منهم رفع اليدين في الحديث غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، وإذا اختلف ابن جريج مع ابن أبي الزناد قدم ابن جريج، ولا مقارنة، كيف وقد خالف معه إبراهيم بن طهمان، وهو أحفظ من أبي الزناد، وإليك تخريج مروياتهم.

الأول: ابن جريج، عن موسى بن عقبة:

رواه أحمد (1/ 119)، وابن خزيمة (607)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 233)، عن روح بن عبادة (ثقة)،

والشافعي في المسند (216) أخبرنا مسلم بن خالد (هو الزنجي صدوق كثير الأوهام)، وعبد المجيد، (هو ابن عبد العزيز بن أبي رواد صدوق يخطئ) وغيرهما،

وابن ماجه (1054) من طريق يحيى بن سعيد الأموي (صدوق يغرب)،

وأبو عوانة في مستخرجه (1887)، وابن حبان (1771، 1772، 1774)، والدارقطني في السنن (1138، 1294)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 49، 124)، من طريق حجاج بن محمد (ثقة)،

والطبراني في الدعاء (496، 528، 551، 582) من طريق هشام بن سليمان (صدوق يخطئ)، كلهم (روح، ومسلم بن خالد، وعبد المجيد، ويحيى، وحجاج، وهشام) رووه عن =

ص: 554

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ابن جريج، عن موسى بن عقبة، وليس فيه ذكر رفع اليدين.

الثاني: إبراهيم بن طهمان (ثقة)، عن موسى بن عقبة.

أخرجه ابن منده في التوحيد (305) من طريق قطن بن إبراهيم (صدوق يخطئ)،

والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 161) من طريق محمد بن عقيل بن خويلد (صدوق حدث من حفظه بأحاديث فأخطأ فيها)، كلاهما عن حفص بن عبد الله (صدوق)، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان به.

الثالث والرابع: عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني (ضعيف) وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي (ضعيف)، عن موسى بن عقبة.

أخرجه الطبراني في الدعاء مقرونًا بغيرهما (496).

الخامس: عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة:

رواه أحمد (1/ 93)، قال: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن عبد الرحمن بن فلان بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،

عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر، ورفع يديه حذو منكبيه .... وذكر الحديث.

ومن طريق سليمان بن داود الهاشمي أخرجه أبو داود (744)، والترمذي (3423)، وابن ماجه (864)، وابن خزيمة في صحيحه (584)، والطحاوي في مشكل الآثار (5822)، والدارقطني في السنن (1109)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 197)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 137).

تابع سليمان بن داود البغدادي كل من:

عبد الله بن وهب المصري، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (464، 584، 673)، من طريقه قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبَّر، ويقول حين يفتتح الصلاة بعد التكبير: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض .... الحديث.

ومن طريق ابن وهب أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (5821)، وفي شرح معاني الآثار (1/ 195، 199، 222، 233)، والدارقطني في السنن (1109)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 49، 108)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 158، 160، 188).

كما تابعه أيضًا إسماعيل بن أبي أويس، كما في قرة العينين برفع اليدين للبخاري (1، 9)، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله =

ص: 555

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ابن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تضعيف الحديث، منهم الطحاوي في مشكل الآثار، وقد استندوا في التضعيف على أمور، منها:

العلة الأول: تفرد عبد الرحمن بن أبي الزناد، ومثله لا يحتمل تفرده، وقد تكلم فيه بعضهم.

فقد جرحه النسائي جرحًا شديدًا، فقال: ليس بثقة، وقال أيضًا: لا يحتج بحديثه.

وضعفه يحيى بن معين، وقال مرة: لا يحتج بحديثه، وقال ثالثة: ليس بشيء.

وقال أحمد: مضطرب الحديث.

وكان عبد الرحمن لا يحدث عن ابن أبي الزناد.

ويناقش هذا:

بأن موسى بن سلمة، سأل مالكًا حين قدم المدينة ممن تأمرني أسمع منه، فقال: عليك بابن أبي الزناد. وتكلم فيه مالك، وحمل بعض أهل العلم أن اختلاف قول مالك يرجع إلى اختلاف حديثه بين ما رواه عنه أهل المدينة، وما رواه عنه أهل بغداد،، وقد قسم بعض العلماء حديثه إلى أقسام:

القسم الأول: ما يعتبر من صحيح حديثه، وهو ما رواه ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة، قال ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد. تاريخ بغداد ت بشار (11/ 494).

ومنها ما رواه عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فقد ذكر الساجي عن ابن معين أنه حجة، قال المعلمي في التنكيل (2/ 34):«وظاهر الإطلاق أنه سواء في هاتين الحالين ما حدَّث به بالمدينة وما حدَّث به ببغداد. وهذا ممكن بأن يكون أتقنَ ما يرويه من هذين الوجهين حفظًا فلم يُؤَثِّرْ فيه تلقين البغداديين، وإنما أثَّر فيه فيما لم يكن يُتقِن حفظَه، فاضطرب فيه، واشتبه عليه» .

القسم الثاني: ما يُشَكُّ أنه من حديثه، وهو ما حدث عنه أهل العراق؛ إذ أفسده البغداديون حيث كانوا يلقنونه، ما ليس من حديثه، فيحدث به، إلا ما رواه عنه سليمان بن داود الهاشمي البغدادي، قاله ابن المديني، وسيأتي نقل كلامه، وحديثنا هذا من حديث سليمان بن داود عنه.

القسم الثالث: ما رواه عنه أهل المدينة، فهو جزمًا من حديثه، ولكن ليس في الصحة بما رواه عن هشام بن عروة، أو عن أبيه، وليس من الضعف بما رواه أهل العراق عنه، فينظر في كل حديث بما يقتضيه البحث، والأصل أنه من قبيل الحسن ما لم ينفرد بأصل أو يخالف.

وهذا الحديث قد سمعه منه ابن وهب المصري في المدينة، وسمعه منه إسماعيل بن أبي أويس، وهو مدني، قال الحافظ ابن القيم في كتابه رفع اليدين في الصلاة ت العمران (ص: 12): «هذا الحديث صحيح؛ لأنه من رواية عبد الله بن وهب، وقد سمع منه بالمدينة» .

وقد أطلق بعض العلماء على أن ما رواه أهل المدينة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد فهو =

ص: 556

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

صحيح، فهل أرادوا الصحة المطلقة، أو أرادوا أن ما رواه بالمدينة فهو من حديثه الذي لم يتلقَّنه، بخلاف ما رواه ببغداد حيث كان يُلقَّن ما ليس من حديثه فيتَلَقَّن، وكونه من حديثه فلا يعني أنه صحيح أو ضعيف، بل ينظر فيه بحسب ما يقتضيه البحث والنظر، أو يحمل القول بالصحة على أن ما رواه بالمدينة أصح مما رواه بالعراق، لا مطلق الصحة.

قال علي بن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. تاريخ بغداد ت بشار (11/ 494)، وهذا من التضعيف المطلق.

وقال أيضًا في الكتاب نفسه: حديثه بالمدينة حديث مقارب، وما حدث بالعراق فهو مضطرب، وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي، فرأيتها مقاربة. اهـ

فلو أنه أراد الصحة المطلقة ما قال عنها مقاربة، كما أن هذا الحكم في الجملة.

وقال عمرو بن علي: عبد الرحمن بن أبي الزناد فيه ضعف، ما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، كان عبد الرحمن بن مهدي يخط على حديثه. المرجع السابق.

فانظر كيف ضعفه، ثم قال: ما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، فلعل هذا هو ما يريد علي بن المديني حين قال: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون .... ولقنه البغداديون عن فقهائهم، وعدهم: فلان، وفلان، وفلان. المرجع السابق.

وانظر كلام الشيخ أبي أنس الصبيحي في حاشيته على كتاب النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد (1/ 436).

العلة الثانية عند من ضعف الحديث: المخالفة.

فإن أحسن أحوال ابن أبي الزناد أن يكون حسن الحديث بشرط أن لا يتفرد، وأن لا يخالف، وقد تفرد بزيادة رفع اليدين في الحديث، وخالف فيها ابن أبي الزناد عبد الملك بن جريج، ولو خالف ابن أبي الزناد ابن جريج وحده لكفى في شذوذ روايته، كيف وقد خالف كل من روى الحديث عن الأعرج، أو رواه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج، أو رواه عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، لا يذكر أحد منهم هذا الحرف إلا ابن أبي الزناد، فكان مقتضى القواعد الحكم بشذوذ هذا الحرف ولو كان راويها ثقة، فكيف إذا كان خفيف الضبط.

جاء في كتاب رفع اليدين لابن القيم ت علي العمران (ص: 147): «قال الطحاوي: حديث عبد الرحمن هذا لا اختلاف بين أهل العلم بالحديث أنه خطأ منه على موسى بن عقبة، وأن أصله الذي رواه الأثبات عن موسى بن عقبة -منهم ابن جريج- ليس فيه من ذكر الرفع شيء» .

العلة الثالثة: أن هذا مخالف لما رواه كليب بن شهاب، عن علي بن أبي طالب، فقد روى الطحاوي في مشكل الآثار (5825)، وفي شرح معاني الآثار (1/ 225) من طريق أبي بكر النهشلي عن عاصم بن كليب، عن أبيه، وكان، من أصحاب علي، عن علي، رضي الله عنه، مثله.

فكان في هذا الحديث ما قد دل أن زيادة ابن أبي الزناد -إن كانت صحيحة- أعظم الحجتين بترك الرفع في الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح؛ لأن عليًّا لا يفعل بعد النبي صلى الله عليه وسلم من هذا خلاف =

ص: 557

الدليل الخامس:

(ح-1249) ما رواه أبو داود من طريق يحيى بن أيوب، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،

عن أبي هريرة، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه

=

ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فيه إلا بعد قيام الحجة عنده في ذلك على نسخ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فيه، وبالله التوفيق».

مناقشة العلتين:

لعل من ذهب إلى كون الرفع محفوظًا في حديث ابن أبي الزناد اعتمد على أمور، منها:

الأول: تصحيح الإمام أحمد والترمذي للحديث.

جاء في نصب الراية (1/ 412): «قال ابن دقيق العيد في الإمام: ورأيت في (علل الخلال) عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي، قال: سئل أحمد عن حديث علي هذا، فقال: صحيح» .

ونقل النص ابن الملقن في البدر المنير فنص على تصحيح الرفع، قال (3/ 466):«رأيت في علل الخلال أن أحمد سئل عن حديث علي بن أبي طالب في الرفع، فقال: صحيح» .

وهناك فرق بين نقل ابن دقيق العيد في الإمام، والناقل عنه الزيلعي في نصب الراية، وقد عرف بتحري الحرفية في النقل، حتى ذكر الرجل الذي سمع سؤال أحمد ونقل جوابه، وهو إسماعيل بن إسحاق الثقفي، وبين نقل ابن الملقن والذي واضح أنه نقله في المعنى، وأبهم ناقل السؤال والجواب، وكلاهما كان معتمدًا في نقله على علل الخلال، وبين النقلين فرق:

فنقل ابن دقيق العيد كان السؤال عن حديث علي رضي الله عنه، فقال: صحيح. وهذا لا جدال فيه، وهو في صحيح مسلم، ولا يلزم منه تصحيح ما تفرد به ابن أبي الزناد.

وبين نقل ابن الملقن والذي واضح أنه نقله في المعنى، وكان السؤال عن الرفع في حديث علي، فكان التصحيح متوجهًا إلى الحكم بتصحيح زيادة الرفع في حديث علي رضي الله عنه، وأشك في دقة نقل ابن الملقن لسببين:

أحدهما: أنهما اعتمدا على مصدر واحد، وهو علل الخلال، فلا بد أن يكون أحدهما خطأً، والأخر صوابًا، ولو لم يذكر المصدر لاحتمل تعدد السؤال.

الثاني: أن الإمام أحمد لا يختار الرفع، فكيف يكون عنده صحيحًا، جاء في مسائل أبي داود (ص: 51): سمعت أحمد، «سئل عن الرفع إذا قام من الثنتين؟ قال: أما أنا، فلا أرفع يدي، فقيل له: بين السجدتين أرفع يدي؟ قال: لا».

وجاء في الاستذكار (1/ 411): «قيل لأحمد بن حنبل نرفع عند القيام من اثنتين، وبين السجدتين قال لا، أنا أذهب إلى حديث سالم، عن أبيه، ولا أذهب إلى وائل بن حجر؛ لأنه مختلف في ألفاظه» . =

ص: 558

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فلم يعرج على حديث علي بن أبي طالب؛ فكان هذا قرينة على أنه لا يراه من أحاديث المسألة.

هذا ما يخص تصحيح الإمام أحمد رحمه الله.

وقال الترمذي في السنن ت بشار (5/ 363): «هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند الشافعي وبعض أصحابنا .... سمعت أبا إسماعيل الترمذي محمد بن إسماعيل ابن يوسف يقول: سمعت سليمان بن داود الهاشمي يقول: وذكر هذا الحديث، فقال: هذا عندنا مثل حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه» .

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (9/ 269): «يعني أن حديث علي هذا من أصح الأحاديث سندًا، وأقواها، مثل حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه» .

ولا أظنه يقصد بأنه بمنزلته في الصحة، فإن من يشتغل بالأسانيد، وعنده أدنى معرفة يعرف الفرق بين ما قيل فيه: أصح إسناد في الدنيا: الزهري، عن سالم، عن أبيه، لا يمكن أن يقارن بأصح أسانيد ابن أبي الزناد، فضلًا عن إسناده في هذا الحديث المخالَف فيه، ولكن يقصد أنه بمنزلته في الدلالة على سنية رفع اليدين إلى المنكبين، فقد روى رفع اليدين إلى المنكبين: الزهري، عن سالم، عن ابن عمر في الصحيحين، وهذا واضح.

وقال ابن رجب في شرح البخاري (6/ 347): «وأما حديث علي فصححه الإمام أحمد والترمذي» .

وأما الجواب على معارضة حديث ابن أبي الزناد بما رواه أبو بكر النهشلي، فقد اعتبر البخاري حديث ابن أبي الزناد أصح من حديث أبي بكر النهشلي، انظر قرة العينين برفع اليدين في الصلاة (ص: 14)، وحكم الإمام البخاري مقدم على اجتهاد الطحاوي عليهما رحمة الله.

وقد أنكر ابن القيم تقديم رواية النهشلي على رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال في كتابه رفع اليدين في الصلاة (ص: 205): «فيا سبحان الله ما الذي جعل أبا بكر النهشلي أولى بقبول حديثه من عبد الرحمن بن أبي الزناد؟ ومعلوم عند كل من له علم بالحديث فضل ما بين النَّهشلي وعبد الرحمن بن أبي الزناد في العلم والحفظ والفضل» .

ولو صح حديث النهشلي فهو موقوف على الإمام علي رضي الله عنه، فلا يعارض ما رواه مرفوعًا، ويمكن حمل حديث النهشلي على بيان جواز الترك أحيانًا، فهو رد على من قال: إن الرفع واجب، وليس دليلًا على رد حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال ابن القيم في رفع اليدين (ص: 207): «حديث أبي بكر إذا صح ففيه الحجة على من يرى الرفع فرضًا في الصلاة مع إمكان منعه للاحتجاج به عليه؛ إذ الحجة عنده في روايته لا في رأيه ومذهبه» .

الثاني: أن هذا الحديث قد حدث به عبد الرحمن بن أبي الزناد من أصوله، وليس من حفظه، بدليل أنه قد رواه البخاري في رفع اليدين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد قال الحافظ في هدي الساري (ص: 391): روِّينا في مناقب البخاري بسند صحيح، أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح =

ص: 559

حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك

(1)

.

[أعل أبو حاتم الرازي والدارقطني ذكر رفع اليدين مع التكبير، والحديث رواه مسلم مقتصرًا على ذكر التكبير دون رفع اليدين]

(2)

.

=

حديثه لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره إلا إن شاركه فيه غيره فيعتبر فيه».

كما روى الحديث عنه سليمان بن داود الهاشمي، ولثناء ابن المديني عليه، قال المعلمي في التنكيل (2/ 35):«الأقرب أن سماع الهاشمي منه من أصل كتابه، فعلى هذا تكون أحاديثه عنه أصح مما حدث به بالمدينة من حفظه» . انظر آثار الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي (11/ 56).

الثالث: أن ابن وهب قد روى الحديث عن ابن أبي الزناد، وقد قال ابن خزيمة عندما خالف عبيد الله بن عبد المجيد ابن وهب في حديث من أحاديث ابن أبي الزناد، قال (829):«ابن وهب أعلم بحديث المدينة من عبيد الله بن عبد المجيد» .

الرابع: أن هذا الحديث حدث به ابن أبي الزناد في المدينة وحدث به في بغداد، ولم يضطرب فيه مما يدل على أنه قد حفظه، قال المعلمي في التنكيل (2/ 35):«قد دلَّ كلامُ الإمام أحمد أن التلقين إنما أوقعه في الاضطراب. فعلى هذا إذا جاء الحديث من غير وجه عنه على وتيرة واحدة دل ذلك على أنه من صحيح حديثه» .

وانظر تخريج الحديث في كتاب فضل الرحيم الودود لفضيلة الشيخ ياسر آل عيد (744).

(1)

. سنن أبي داود (738).

(2)

. اختلف فيه على ابن جريج:

فرواه يحيى بن أيوب (متكلم في حفظه)، كما في سنن أبي داود (738)، ومشكل الآثار للطحاوي (5836)، وصحيح ابن خزيمة (694).

وعثمان بن الحكم الجذامي (صدوق له أوهام) كما في صحيح ابن خزيمة (695) روياه عن ابن جريج، عن ابن شهاب به، بذكر رفع اليدين مع التكبير، وأن الرفع إلى حذاء المنكبين، وذكر أيضًا رفع اليدين للسجود.

وتابع ابن جريج من رواية يحيى بن أيوب وعثمان بن الحكم عنه، تابعه صالح بن أبي الأخضر (ضعيف) كما في العلل لابن أبي حاتم (2/ 170) ح 291، فرواه عن ابن شهاب به بذكر رفع اليدين مع التكبير، إلا أنه لم يذكر قوله (حذاء المنكبين)، وذكر أيضًا رفع اليدين للسجود.

قال أبو حاتم: «هذا خطأ؛ إنما يروى هذا الحديث: أنه كان يكبر فقط، ليس فيه رفع اليدين» .

وقد قال يحيى بن معين ابن جريج ليس بشيء في الزهري، الجرح والتعديل (5/ 357).

وقد لا يكون الحمل على ابن جريج، كيف وقد رواه جماعة عن ابن جريج فذكروا فيه التكبير =

ص: 560

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

دون الرفع، منهم:

الأول: عبد الرزاق، عن ابن جريج.

رواه عبد الرزاق في المصنف (2496)، قال: أخبرنا ابن جريج: أخبرني ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبِّر حين يقوم، ثم يكبِّر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صُلْبَه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبِّر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلِّها حتى يقضيها، ويكبِّر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس، ثم يقول أبو هريرة: إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه، أحمد (2/ 270)، ومسلم (28 - 392)، وأبو عوانة في مستخرجه بتمامه (1592)، ومختصرًا (1583)، وأبو نعيم في مستخرجه (864)، وأخرجه ابن خزيمة بتمامه (578)، ومختصرًا (611، 624)، ورواه ابن المنذر في الأوسط (3/ 133).

قال الدارقطني في العلل بعد أن ساق الاختلاف فيه، قال (9/ 260):«والصحيح: قول عبد الرزاق في التكبير دون الرفع» .

الثاني: عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج.

أخرجه الترمذي مختصرًا (254) من طريق علي بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر وهو يهوي.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الثالث: الضحاك بن مخلد (أبو عاصم النبيل).

رواه البزار في مسنده بتمامه (8094)، قال: حدثنا زيد بن أخزم، أبو طالب الطائي،

وأبو نعيم في مستخرجه مختصرًا (864) من طريق محمد بن معمر، كلاهما عن أبي عاصم، قال: حدثنا ابن جريج به، ولفظ البزار: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام كبر، وإذا ركع كبر، ثم يقول: سمع الله لمن حمده يرفع صلبه، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، ثم كبر، ثم حين يسجد يكبر، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، حتى يقضى صلاته، ويكبر إذا قام من الثنتين. قال أبو هريرة: وأنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما رواه عن الزهري غير ابن جريج، ولم يذكروا رفع اليدين، مما يجعل الباحث يجزم بشذوذ ذكر رفع اليدين في حديث أبي هريرة، ومنه رفعهما حذاء المنكبين، فقد رواه كل من:

الأول: عقيل بن خالد، عن الزهري، عن أبي بكر بن الحارث، عن أبي هريرة كما في صحيح البخاري (789)، ومسلم (29 - 392)، وليس فيه قول أبي هريرة: (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكتفي بذكر الصحيحين عن غيرهما. =

ص: 561

• أجاب الحنفية عن أدلة الرفع إلى المنكبين:

(ح-1250) بما رواه أبو داود، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه، قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية

(1)

.

قال الطحاوي: «فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم، إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذٍ في ثيابهم، وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم، إلى حذو آذانهم، فأعملنا روايته كلها فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما يستطاع الرفع إليه، وهو المنكبان، وإذا كانتا باديتين، رفعهما إلى الأذنين»

(2)

.

=

ورواه جماعة عن الزهري، عن أبي بكر بن الحارث وأبي سلمة، عن أبي هريرة، فكان الزهري تارة يرويه عن أبي بكر بن الحارث وحده، وتارة يرويه عن أبي سلمة وحده، وتارة يقرنهما معًا، ومن هؤلاء:

الثاني: معمر بن راشد، كما في مسند أحمد (2/ 270)، والمجتبى من سنن النسائي (1156)، والسنن الكبرى (746)، وسنن الدارمي (1283)، وحديث السراج (2491).

الثالث: شعيب بن أبي حمزة، كما في صحيح البخاري (803)، وسنن أبي داود (836)، ومستخرج أبي عوانة (1582)، ومسند الشاميين للطبراني (3135)، والسنن الكبرى للبيهقي وفي المعرفة له (2/ 403).

الرابع: صالح بن كيسان، رواه السراج في حديثه على الوجهين: فرواه في (2492)، عن الزهري، عن أبي بكر بن الحارث وأبي سلمة، عن أبي هريرة.

ورواه أيضًا في حديثه (2493) من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، عن أبي بكر بن الحارث وحده، عن أبي هريرة.

الخامس: النعمان بن راشد (كثير الخطأ عن الزهري)، كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 221)، كل ذلك يؤكد لك شذوذ رواية رفع اليدين حذو المنكبين من حديث أبي هريرة، والله أعلم.

(1)

. رواه أبو داود (728)، وقد سبق تخريج حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل في أدلة القول الأول، فانظره هناك.

(2)

. شرح معاني الآثار (1/ 196).

ص: 562

• ورد هذا الجواب:

بأن شريكًا سَيَّئُ الحفظ وقد سبق أن خرجت روايته عن عاصم، ولم يضطرب أحد في إسناد هذا الحديث كما اضطرب فيه شريك، فمرة يرويه عن عاصم بن كليب، ومرة يرويه عن علقمة بن وائل، وثالثة يرويه عن أبي إسحاق، ورابعة يرويه عن سماك، وروايته عن عاصم بن كليب قد اضطرب فيها على ثلاثة طرق

(1)

.

قد وهم في هذا الحديث في لفظه وإسناده:

أما الوهم في اللفظ: فقد تفرد شريك في ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب إلى الصدر، وقد رواه زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب بلفظ:(ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد، فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد).

ورواه ابن عيينة عن عاصم بن كليب، بلفظ:(ثم أتيتهم في الشتاء، فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس هكذا).

وتفرد شريك بذكر منتهى الرفع لا يقبل منه، فإنه سيئ الحفظ.

وأما الوهم في الإسناد، فقد رواه ابن عيينة، وزائدة وشريك فذكروا رفع الأيدي من تحت الثياب من البرد، زاد شريك إلى صدورهم، رووا ذلك عن عاصم ابن كليب، عن أبيه، عن وائل،

وزيادتهم هذه من الإدراج في الحديث، فإن عاصمًا لم يسمع هذا الجملة من أبيه، عن وائل، وإنما سمعها من عبد الجبار بن وائل، عن بعض أهله، عن وائل.

قال الخطيب البغدادي: «اتفق زائدة بن قدامة الثقفي وسفيان بن عيينة الهلالي على رواية هذا الحديث بطوله، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر.

وقصة تحريك الناس أيديهم ورفعها من تحت الثياب في زمن البرد لم يسمعها عاصم عن أبيه، وإنما سمعها من عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن بعض أهله، عن وائل بن حجر، بين ذلك زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد في روايتهما حديث الصلاة بطوله عن عاصم بن كليب وميزا قصة تحريك الأيدي تحت الثياب

(1)

. راجع تخريج حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل في أدلة القول الأول، ولله الحمد.

ص: 563

وفصلاها من الحديث وذكرا إسناده

(1)

.

وروى سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وأبو الأحوص سلام بن سليم والوضاح أبو عوانة وخالد بن عبد الله وصالح بن عمرو عبد الواحد بن زياد وجرير ابن عبد الحميد وبشر بن المفضل وعبيدة بن حميد وعبد العزيز بن مسلم، رووا الحديث كلهم وهم أحد عشر رجلًا عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل، ولم يذكر أحد منهم قصة تحريك الأيدي تحت الثياب»

(2)

.

(1)

. رواية زهير بن معاوية رواها أحمد (4/ 318)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 437)، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا زهير بن معاوية، عن عاصم بن كليب، أن أباه أخبره، أن وائل بن حجر أخبره قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه

قال زهير في آخره: قال عاصم، وحدثني عبد الجبار، عن بعض أهله، أن وائلًا قال: أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون: هكذا تحت الثياب.

ورواه الطبراني في الكبير (22/ 36) ح 84، من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل، عن زهير بن معاوية به.

وأما رواية أبي بدر شجاع بن الوليد، فرواها الخطيب في الفصل للوصل (1/ 438)، من طريق موسى بن هارون أخبرنا حمدون بن عباد، أخبرنا أبو بدر شجاع بن الوليد، أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي أن أباه حدثه أنه سمع وائل بن حجر يقول: بَقَيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام فكبر، ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، وساق موسى الحديث بطوله نحو رواية زهير إلى أن قال: ثم رأيته يقول: هكذا، وأشار عاصم بالسبابة هكذا، ثم قال موسى: أخبرنا حمدون بن عباد، أخبرنا أبو بدر شجاع بن الوليد، أخبرنا عاصم بن كليب قال: حدثني عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله أن وائل بن حجر قال: ثم أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب الشتاء فيها البرانس والأكسية قال: فرأيتهم يقولون هكذا بأيديهم من تحت الثياب. فوصف عاصم بن كليب رفع أيديهم.

قال أبو عمران موسى بن هارون: اتفق زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فرويا صفة الصلاة عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره، ثم فصلا ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب، فروياه عن عاصم بن كليب أنه حدثه به عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله، عن وائل ابن حجر، وهذه الرواية مضبوطة اتفق عليها زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد، فهما أثبت له رواية ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر

اهـ والله أعلم.

(2)

. سبق تخريج طرق حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، وقد جمعت طرقه عن أكثر من

عشرين نفسًا رووا الحديث، ولم يقل أحد منهم ما ذكره ابن عيينة، وزائدة، وشريك، والله أعلم.

ص: 564

وقال موسى بن هارون الحمال عن رواية شريك: «هذا حديث لا إسناده حفظ ولا متنه ضبط.

فأما الإسناد فإنما رواه عاصم بن كليب عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر.

وأما قوله: (إلى نحورهم أو صدورهم) فلا أعلم أحدًا ذكره في حديث عاصم ابن كليب، وإنما هو قال: أتيتهم في الشتاء، وعليهم الأكسية البرانس، فجعلوا يرفعون أيديهم من تحت الثياب، وإنما هذا التخليط في الإسناد وفي المتن من شريك كان بآخرة قد ساء حفظه، ولم يكن رحمه الله بأثبت الناس قبل أن يسوء حفظه»

(1)

.

• دليل من قال: هو مخير يفعل هذا تارة ويفعل هذا تارة:

هذا القول احتج بمجموع الأحاديث الواردة في الباب، فإن شاء رفع يديه إلى المنكبين، وإن شاء إلى فروع أذنيه؛ لصحة الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاختلاف بين هذه الأحاديث إنما هو من اختلاف التنوع، وليس التضاد، فلا حاجة إلى نزعة الترجيح بينها مع صحتها، وإمكان الجمع بينها، ففي الترجيح أخذ بأحد الدليلين وطرح للآخر مع صحته، بخلاف الجمع فإنه إعمال لجميع الدليلين، ولهم في الجمع طريقان:

الطريق الأول:

يحمل حديث ابن عمر على الأفضل، ويحمل حديث مالك بن الحويرث، وحديث وائل بن حجر على الجواز

(2)

.

قال حرب الكرماني في مسائله: «سمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا كبر رفع يديه حذو منكبيه، ثم يكبر، فإن رفعهما إلى أذنيه فجائز، وحذو المنكبين أصح، وأكثر»

(3)

.

(1)

. الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 443).

(2)

. انظر: شرح البخاري لابن بطال (2/ 356).

(3)

. مسائل حرب الكرماني من أول كتاب الصلاة ت الغامدي (ص: 7).

ص: 565

الطريق الثاني:

أنه لا فرق بينهما في الفضل، وهو رواية عن أحمد، وهي اختيار الخرقي، وأبي حفص العكبري، وأبي علي بن أبي موسى وغيرهم من الحنابلة؛ لصحة الروايات بكل منهما، فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا تارة، وهذا تارة

(1)

، ويكون الاختلاف في هذا من قبيل تنوع صفة العبادة، كالتنوع الوارد في دعاء الاستفتاح، والتنوع الوارد في أنواع التشهد في الصلاة، ونحوها، ليس شيء منها مهجورًا.

والسنة في العبادة الواردة على صفات متعددة أن يفعل هذه تارة، وهذه تارة؛ لإصابة السنة في جميع وجوهها؛ ولأن هذا أبلغ في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم من الاقتصار على صفة واحدة، وحتى لا تهجر سنة محفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليتحرر المتعبد من غلبة العادة على عباداته.

• ويجاب:

بأن حمل الأحاديث الواردة على الاختلاف فيما بينها، وأن هذا من قبيل تعدد الصفة الواردة في العبادة ليس بأولى من حملها على أنها صفة واحدة، وأنه ليس بينها اختلاف؛ لأن الأصل عدم تعدد صفة العبادة إلا إذا تعذر الجمع، والجمع غير متعذر، فمن قال: يرفع يديه إلى فروع أذنيه أراد بذلك أطراف أصابعه، ومن قال: قريبًا من أذنيه أراد بذلك إبهاميه، بأن تحاذي شحمتي أذنيه، ومن قال: إلى منكبيه أراد بذلك راحتيه، وكلها يجمعها اسم الكف، فبعضهم نظر إلى أعلى الكف، وبعضهم نظر إلى وسطه، وبعضهم نظر إلى راحة الكف، وهذا ما ذهب إليه الحنفية، والشافعية

(2)

.

قال النووي: «المذهب: أنه يرفعهما بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وكفاه منكبيه، وهذا معنى قول الشافعي والأصحاب رحمهم الله عنهم: يرفعهما حذو منكبيه»

(3)

.

(1)

. شرح العمدة لابن تيمية، صفة الصلاة (ص: 51).

(2)

. انظر العزو إلى مذهبهم عند حكاية الأقوال، وانظر: زاد المعاد (1/ 194، 195)، وانظر أيضًا إلى الشافي في شرح مسند الشافعي (1/ 515).

(3)

. روضة الطالبين (1/ 231).

ص: 566

(ح-1251) لما رواه أحمد من طريق فطر، عن عبد الجبار بن وائل،

عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين افتتح الصلاة، حتى حاذت إبهامه شحمة أذنيه

(1)

.

ورواه أبو داود من طريق الحسن بن عبيد الله النخعي، عن عبد الجبار به، وقال: رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم كبر

(2)

.

[منقطع، عبد الجبار لم يسمعه من أبيه]

(3)

.

• دليل من قال: يرفع يديه إلى صدره:

(ح-1252) لعل دليلهم ما رواه أبو داود، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه، قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية

(4)

.

[ضعيف، انفرد شريك بقوله: (إلى صدورهم)، وهو سيئ الحفظ]

(5)

.

(1)

. المسند (4/ 316).

(2)

. سنن أبي داود (724)، ورواه الطبراني في الكبير (22/ 29) ح 63، من طريق الحسن بن عبيد الله بلفظ:(رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه).

(3)

. رواه أحمد كما في إسناد الباب، (1/ 316)، حدثنا وكيع.

ورواه أبو داود (737) من طريق عبد الله بن داود.

والنسائي في المجتبى (882)، وفي الكبرى (958) من طريق محمد بن بشر،

والطبراني في الكبير (22/ 23) ح 72، من طريق أبي نعيم، أربعتهم رووه عن فطر بن خليفة، عن عبد الجبار به.

قال النسائي في السنن الكبرى (1/ 459): عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، والحديث في نفسه صحيح.

(4)

. رواه أبو داود (728)، وقد سبق تخريج حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل في أدلة القول الأول، فانظره هناك.

(5)

. سبق تخريجه، انظر ح (1247).

ص: 567

• الراجح:

حمل الأحاديث على صفة واحدة خلاف الظاهر، فاليد إذا أطلقت لا يراد بها الأصابع فقط، ولا الراحة فقط، بل تطلق على مجموع الأصابع والكف، فإذا جاء في الحديث:(رفع يديه إلى أذنيه)، فلا يقال: المراد باليد أعلى الأصابع، وإذا قال:(رفع يديه إلى منكبيه)، لا يقال: المراد بها أسفل الكف دون الأصابع، فإطلاق اسم البعض على الكل يحتاج إلى دليل صحيح، وما ورد في ذلك تفرد به عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، وهو منقطع.

فيبقى الترجيح بين الصفتين: إما إلى المنكبين، وأحاديثه أصح، وأكثر، وإما إلى الأذنين، وهي صحيحة، وإن لم تكن بقوة أحاديث الرفع إلى المنكبين، ولا يسقط الصحيح؛ لثبوت الأصح إلا إذا كان العمل يوجب الأخذ بأحدهما دون الآخر، أما إذا أمكن القول بتعدد الصفة، فإنه لا يمكن رد الصحيح لوجود الأصح، بل يفعل المصلي هذا تارة، ويفعل ذلك تارة، ويكون هذا من توسعة الشريعة على المصلين، فلا يخرج من السنة من فعل أحدهما، أو فعل هذا تارة، وهذا تارة، وإن كان أحب إلى نفسي أن يكون رفعه إلى المنكبين أكثر ما يفعله المصلي في صلاته؛ لأنه جاء هذا النقل عن الصحابة الذين كانوا ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته إلى أن لحق النبي عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى، هذا ما ظهر لي، والله أعلم بالصواب.

* * *

ص: 568