الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة
الفصل الأول حكم القيام
مدخل إلى المسألة:
• القيام ركن من أركان الصلاة المفروضة وجزء من حقيقتها للقادر غير المسبوق، كالركوع والسجود، والجلوس.
• ركن الشيء: ما لا وجود لذلك الشيء إلا به، ويطلق على جزء الماهية، ولا يثبت إلا بالنص، فالجلوس للتشهد جزء من الصلاة، ويختلف حكم الأول عن الأخير.
• الواجب القيام استقلالًا، فإن عجز ففرضه القيام متكئًا أو مستندًا، فإن عجز انتقل إلى الجلوس استقلالًا، فإن عجز ففرضه الجلوس مستندًا، فإن عجز صلى مضطجعًا.
[م-486] القيام ركن في صلاة الفريضة، والقعود بدل عنه في حق المعذور
(1)
.
وقد دل على فرضية القيام النص والإجماع:
أما النص: فمن الكتاب قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين} . [البقرة: 238].
والأمر بالقيام للوجوب، ولا وجوب فيه خارج الصلاة، فتعين المراد بالقيام
(1)
. تبيين الحقائق (1/ 104)، العناية شرح الهداية (1/ 274)، بدائع الصنائع (1/ 105)، الذخيرة للقرافي (2/ 161)، المنتقى للباجي (1/ 241)، الوسيط في المذهب (2/ 101)، البيان للعمراني (2/ 159)، الأم (1/ 99)، الإنصاف (2/ 111)، الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 242)، المبدع (1/ 441)، شرح منتهى الإرادات (1/ 216).
داخل الصلاة.
قال ابن نجيم: «المراد به القيام في الصلاة بإجماع المفسرين»
(1)
.
(2)
.
ورجح شيخنا ابن عثيمين: «أن المراد بالقيام هنا: المكث على الشيء، والقيام على القدمين»
(3)
.
يقصد شيخنا أن القيام يشمل القيام على الصلاة بالمواظبة عليها، وكذلك القيام بالوقوف فيها، من الأول قوله تعالى:{إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} : أي مواظبًا ملازمًا
(4)
.
(ح-1192) ومن السنة: ما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحسين المكتب، عن ابن بريدة،
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى
(1)
. البحر الرائق (1/ 308).
(2)
. انظر تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ص: 74).
(3)
. انظر: تفسير العثيمين (3/ 178)، وذكر الطبري في تفسيره ت شاكر (5/ 234)، وفي معنى قانتين ذكر الطبري ثلاثة أقوال: منها: مطيعين، ومنها السكوت عن الكلام، ومنها الخشوع، قال الطبري:«وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين}، قول من قال: تأويله مطيعين، وذلك أن أصل القنوت، الطاعة، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله عنه من الكلام فيها» . اهـ
وقال السعدي: القنوت دوام الطاعة مع الخشوع. قلت: وهذا يستلزم ترك الكلام لمنافاته الخشوع. ويؤيد هذا الترجيح قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ} وقوله سبحانه: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} : أي مطيعون، ومنه قوله تعالى:{وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} وقال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} فكان القنوت: عبارة عن دوام الطاعة مع التذلل والخشوع.
وقال ابن كثير: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين} أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة؛ لمنافاته إياها.
(4)
. تهذيب اللغة (9/ 268)، النهاية في غريب الحديث (5/ 220).
جنب
(1)
.
فالقيام لا يسقط فرضه في صلاة الفريضة إلا مع العجز عنه، فإذا لم يطق الصلاة قائمًا صلى قاعدًا، ثم القعود كذلك لا يسقط فرضه إلا بالعجز عنه، فإذا عجز عنه صلى على جنبه، لحديث عمران هذا.
ولعموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
وأما الإجماع على أن القيام للصلاة فرض، فحكاه جمع من أهل العلم، منهم ابن نجيم الحنفي
(2)
، وابن العربي، وأبو الوليد الباجي من المالكية
(3)
، والخطيب من الشافعية
(4)
، وغيرهم.
قال القرطبي: «أجمعت الأمة على أن القيام في صلاة الفرض واجب على كل صحيح قادر عليه، منفردًا كان أو إمامًا»
(5)
.
وقال ابن رشد: «من تركه مع القدرة عليه فلا صلاة له»
(6)
.
* * *
(1)
. صحيح البخاري (1117).
(2)
. انظر البحر الرائق (1/ 308).
(3)
. انظر: المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 49)، البيان والتحصيل (1/ 242)، المنتقى للباجي (1/ 241)، شرح البخاري لابن بطال (3/ 104)،.
(4)
. مغني المحتاج (1/ 348).
(5)
. تفسير القرطبي (3/ 217).
(6)
. البيان والتحصيل (2/ 159).