الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز
المدخل إلى المسألة:
• جميع التكاليف مشروطة بالقدرة؛ إذ لا تكليف إلا بمقدور.
• إذا أمكن العاجز عن القيام استقلالًا، وأمكنه القيام مستندًا، أو متكئًا، كان هذا فرضه، فلا يجوز الانتقال عنه إلى القعود.
• القيام معتمدًا على شيء أقرب إلى القيام الواجب عليه من الجلوس.
• العجز عن بعض الأركان، إن كان له بدل انتقل إليه، كالقعود بدلًا عن القيام، والإيماء بدلًا عن الركوع والسجود، وإن لم يكن له بدل سقط.
• لا تؤخر الصلاة عن وقتها بالعجز عن بعض أركانها وشروطها.
• ما سقط من الأركان بسبب العجز أو الخوف فقد انتفى التكليف به، فلا وجه للقول بإعادة الصلاة إذا قدر.
[م-493] يسقط القيام بالعجز عنه، وقد دل على ذلك النص والإجماع.
أما النص: فمن الكتاب قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
فالقدرة شرط في جميع التكاليف، فكل ما عجز عنه من شروط الصلاة وواجباتها فإنه يسقط بالعجز عنه حتى يصير إلى الإغماء، فيسقط جميع ذلك
(1)
.
قال ابن تيمية: «فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزًا عن أحدهما سقط عنه
(1)
. انظر التمهيد لابن عبد البر (1/ 135).
ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها»
(1)
.
وقال أيضًا: «الشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالاستطاعة والقدرة»
(2)
.
ومن السنة دليل عام وخاص:
(ح-1206) أما العام فلما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: .... إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فَائْتُوا منه ما استطعتم، ورواه مسلم
(3)
.
(ح-1207) وأما الخاص فلما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحسين المكتب، عن ابن بريدة،
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْبِ
(4)
.
فدل الحديث على أن القيام لا يسقط فرضه في صلاة الفريضة إلا بالعجز عنه، فإذا عجز عن القيام استقلالًا، وأمكنه القيام مستندًا أو متكئًا فهذا فرضه، فلا يجوز الانتقال عنه مع القدرة عليه؛ لأن القيام معتمدًا على شيء أقرب إلى فرضه الواجب عليه من الجلوس.
فإذا لم يطق الصلاة قائمًا مستندًا صلى قاعدًا استقلالًا؛ لحديث عمران السابق، ولأن الجلوس هيئة من هيئات الصلاة فلم يجز له تركه مع القدرة عليه كالقيام.
فإن عجز عن الجلوس استقلالًا، ففرضه الجلوس مستندًا، ولا يسقط فرض القعود إلا بالعجز عنه، فإذا عجز عنه صلى على جنبه، وسوف يأتينا إن شاء الله صفة صلاة أهل الأعذار.
وأما الدليل من الإجماع: فقال ابن بطال في شرح البخاري: «العلماء مجمعون
(1)
. مجموع الفتاوى (21/ 634).
(2)
. مجموع الفتاوى (8/ 438).
(3)
. صحيح البخاري (7288)، وصحيح مسلم (130 - 1337).
(4)
. صحيح البخاري (1117).
أن فرض من لا يطيق القيام أن يُصَلِّيَ الفريضة جالسًا»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالسًا»
(2)
.
وكذلك نقل الإجماع ابن حزم في المحلى، والخطيب في مغني المحتاج
(3)
.
* * *
(1)
. شرح البخاري (3/ 102).
(2)
. المغني (2/ 106).
(3)
. مغني المحتاج (1/ 348)، المحلى (2/ 103).