الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف
المدخل إلى المسألة:
• قال الشافعي: ليس لمصلي المكتوبة أن يصلي راكبًا إلا في خوف
(1)
.
• تأخير الصلاة يوم الخندق نُسِخَ بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} وبقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، وهو من نسخ السنة بالقرآن.
• حذف المتعلق في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ليَعُمَّ، فيشمل الخوف حال القتال، ومن اللصوص، والسباع، ومن تفويت ما يخاف تفويته.
• الخوف عجز شرعي رخصة من الشارع في إسقاط بعض الأركان، بمنزلة العجز الحسي.
• الخوف لا يعتبر عذرًا في تأخير الصلاة عن وقتها فضلًا عن إسقاطها إلا أن تتعذر معه الصلاة.
• العجز عن بعض الأركان، إن كان له بدل انتقل إليه، كالقعود بدلاً عن القيام، والإيماء بدلاً عن الركوع والسجود، وإن لم يكن له بدل سقط.
• لا تؤخر الصلاة عن وقتها بالعجز عن بعض أركانها وشروطها.
• ما سقط من الأركان فقد انتفى التكليف به، فلا وجه للقول بإعادة الصلاة إذا قدر.
[م-495] ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخوف عذر يسقط به القيام في الصلاة، فإذا خاف على نفسه، أو على ماله من عدو، أو قصده سبع، أو غشيه سيل يخاف منه على نفسه فهرب منه فإنه يصلي بالإيماء ماشيًا أو راكبًا، أو قاعدًا،
(1)
. الرسالة للشافعي (ص: 125).
واستحب المالكية إعادة الصلاة في الوقت بناء على ما قعدوه في المذهب، وسبق مناقشتهم
(1)
.
وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: الهارب من العدو ماشيًا، والراكب الذي يقاتل لا يصلي، فإن كان الراكب لا يقاتل ولم يتمكن من النزول صلى على دابته.
وقال أبو يوسف: يصلون بالإيماء تشبهًا ثم يعيدون
(2)
.
وقال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن الراكب لا يصلي الفريضة على دابته، وإن كان في حال لا يمكنه فيها النزول
(3)
.
وسبق بحث الصلاة حال المسايفة عند الكلام على استقبال القبلة.
وقد ذكر الماوردي أن الخوف يسقط به من فروض الصلاة ثلاثة أشياء:
أحدها: القيام في الصلاة إذا لم يقدر عليه.
الثاني: التوجه إلى القبلة إذا عجز عنه.
الثالث: استيفاء الركوع والسجود، ويعدل عنه إلى الإيماء إذا لم يمكنه، فلو قدر على بعضها، وعجز عن بعضها لزمه ما قدر عليه، وسقط عنه ما عجز عنه
(4)
.
(1)
. فتح القدير لابن الهمام (2/ 102)، المدونة (1/ 174) المنتقى للباجي (1/ 325)، النوادر والزيادات (1/ 249)، تفسير القرطبي (3/ 223)، التبصرة (1/ 313)، الذخيرة للقرافي (2/ 441)، التاج والإكليل (2/ 203)، إرشاد السالك (1/ 14)، منهاج الطالبين (ص: 51)، مغني المحتاج (1/ 578)، روضة الطالبين (2/ 60)، تحفة المحتاج (3/ 12)، نهاية المحتاج (2/ 368)، بداية المحتاج (1/ 402)، مختصر الخرقي (ص: 21)، المغني (1/ 313)، شرح الزركشي (1/ 525)، الإنصاف (2/ 359)، الإقناع (1/ 188)، منتهى الإرادات (1/ 307).
(2)
. الأصل للشيباني (1/ 399)، المبسوط (1/ 123)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 101)، اللباب في شرح الكتاب (1/ 124)، الهداية شرح البداية (1/ 88)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 46).
(3)
. شرح معاني الآثار (1/ 321)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 128)، عمدة القارئ (6/ 258)، شرح البخاري لابن بطال (2/ 538)، المسالك شرح موطأ مالك (3/ 277)، التوضيح شرح البخاري لابن الملقن (8/ 26).
(4)
. الحاوي الكبير (2/ 72، 73).
والأصل في ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239].
أي: إن خفتم فصلوا الصلاة (رجالًا) أي: ماشين على أرجلكم.
(أو ركبانًا) على الإبل وغيرها من المركوبات؛ لأن فرض الأرض يسقط بالخوف، فيصلي إيماء ماشيًا أو راكبًا.
وحذف المتعلق ليعم، فيشمل الخوف من العدو حال القتال، والخوف من اللصوص وقطاع الطرق، والخوف من السباع، أو من سيل يغرقه، فكل أمر يخاف منه فهو مبيح لما تضمنته هذه الآية كالخوف من فوات ما يتضرر بفواته أو تفويته
(1)
.
واختلف العلماء في إعادة الصلاة بعد ذهاب الخوف، وقد تكلمت على المسألة حين الكلام على شرط استقبال القبلة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، والحمد لله.
* * *
(1)
. انظر المنتقى للباجي (1/ 325)، تفسير القرطبي (3/ 223)، تفسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ص:74).