الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين
المدخل إلى المسألة:
• لا يعرف نفل مطلق يتكون من ركعة واحدة.
• التطوع بركعة واحدة لا يتصور إلا في الوتر، شريطة أن يقع ذلك في الليل، على خلاف بين الفقهاء في صحة الإيتار بركعة.
• قال صلى الله عليه وسلم (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) مفهومه: أن من صلى أقل من ركعتين فلا يجلس.
• المفهوم حجة عند الجمهور خلافًا للحنفية بشرط أن يكون المفهوم مقصودًا، فإن خرج مخرج الغالب لم يكن المفهوم حجة بالإجماع.
• لا يفهم من قوله: (فلا يجلس) وجوب التحريمة لها قائمًا؛ لصحة النافلة جالسًا، فالجلوس خرج مخرج الغالب.
• عدد الركعتين في تحية المسجد لا مفهوم لأكثره، فلو صلى أربع ركعات كان له الجلوس.
[م-462] ذهب الشافعية في الأصح: أن تحية المسجد لا تحصل بأقل من ركعتين، فلو صلى على جنازة، أو سجد لتلاوة، أو شكر، أو جاء بعد العشاء فأوتر بركعة لم تحصل التحية؛ لظاهر حديث أبي قتادة:(فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)
(1)
.
وقد سبق لك الخلاف في سجدة التلاوة والشكر، أتعد صلاة، فتشترط لهما ما تشترط للصلاة من طهارة ونحوها، أم لا تعتبر صلاة، وهو الصحيح؛ لأن الصلاة
(1)
. المجموع شرح المهذب (4/ 52)، نهاية المحتاج (2/ 120).
تطلق على ما كان تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، فلا تغني سجدة التلاوة والشكر عن تحية المسجد؟
وقيل: تحصل بأقل من ركعتين، كما لو أوتر بركعة، وهو وجه في مذهب الشافعية في مقابل الأصح
(1)
.
• وحجة هذا القول:
أن حديث أبي قتادة: (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، له منطوق، ومفهوم:
فالمنطوق: أن من صلى ركعتين جلس.
ومفهومه: أن من صلى أقل من ركعتين فلا يجلس.
والمفهوم حجة عند الجمهور خلافًا للحنفية بشرط أن يكون المفهوم مقصودًا، فإن خرج مخرج الغالب لم يكن المفهوم حجة بالإجماع
(2)
.
وضابطه: أن يكون الوصف الذي خرج مخرج الغالب موجودًا في أكثر صورها، ولا شك أن أغلب النفل المطلق يكون على صورة ركعتين، فهو في صلاة الليل نصًّا: لقوله صلى الله عليه وسلم (صلاة الليل مثنى مثنى)، وكذلك النفل في النهار يأتي أغلبه على صورة ركعتين كالسنن الرواتب، وسنة الضحى، وركعتي الاستخارة، وسنة الوضوء، وغيرها من النفل المطلق، ولا يعرف نفل مطلق من ركعة واحدة، وأما حديث: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى فزيادة (والنهار) غير محفوظة.
فإذا كان النفل المطلق كله أو أغلبه على صورة ركعتين كان القول بأن ذكر الركعتين في تحية المسجد خرج مخرج الغالب فيه قوة، فلا يكون مفهومه حجة.
فإن قيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من دخل يوم الجمعة، والإمام يخطب أن يصلي ركعتين، ولو كانت تجزئ ركعة واحدة لاقتصر على الأمر بها مراعاة لسماع الخطبة.
فالجواب: أن التطوع بركعة واحدة لا يتصور إلا في الوتر شرط أن يقع في الليل، على خلاف بين الفقهاء في صحة الإيتار بركعة، فليس متصورًا أن يقع التطوع
(1)
. طرح التثريب (3/ 187)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (3/ 485)، مغني المحتاج (1/ 456).
(2)
. الفروق للقرافي (2/ 38).
بركعة واحدة في النهار، فالمسألة متصورة في رجل دخل المسجد بعد العشاء، فأوتر بركعة، أيحصل المقصود بذلك، فيجلس، أم لا بد من الركعتين؟
[م-463] لو صلى أكثر من ركعتين بنية تحية المسجد، فإن كان في الليل فقد أخطأ؛ لأن تحية المسجد على الصحيح من النفل المطلق، وصلاة الليل مثنى مثنى.
وإن كان ذلك في النهار، فذهب أكثر أهل العلم إلى حصول تحية المسجد؛ لأن عدد الركعتين في تحية المسجد لا مفهوم لأكثره، وحكاه في فيض القدير اتفاقًا
(1)
.
قال بعض الحنفية: وصلاة أربع ركعات أفضل من ركعتين إن صلى الأربع بسلام واحد، فإن حصلت الزيادة على الركعتين بعد السلام فلا تنعقد الثانية تحية
(2)
.
وقال الشافعية: الزيادة غير مطلوبة، وإن أثيب فاعلها
(3)
، والله أعلم.
* * *
(1)
. فيض القدير (1/ 337).
(2)
. حاشية ابن عابدين (2/ 18)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 394)،.
(3)
. تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني (2/ 235).