الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد
المدخل إلى المسألة:
• العبادات التي لا تقصد لذاتها، كتحية المسجد فإنها تسقط بالراتبة وبالفريضة، وبغيرها من الصلوات إذا فعلها قبل أن يجلس، ومثله الجمع بين طواف الوداع والإفاضة على الصحيح.
• لا تشترط نية تحية المسجد للجلوس، وهل تشترط النية للثواب؟
• قال صلى الله عليه وسلم: (وإنما لكل امرئ ما نوى) مفهومه: أن الشيء إذا لم يَنْوِهِ فليس له ثواب، فلا ثواب إلا بنية.
• الثواب أوسع من النية، فقد يثاب الإنسان على عمل غيره إذا كان سببًا فيه.
[م-459] إذا صلى ركعتين مطلقًا كان له أن يجلس، ولا يشترط أن ينوي بالركعتين تحية المسجد، لأن تحية المسجد من النوافل المطلقة، فإذا صلى ركعتين نفلًا مطلقًا، أو راتبة، أو صلاة فريضة مؤداة، أو مقضية، أو منذورة أجزأه ذلك؛ لتحقق الامتثال حيث يصدق عليه أنه لم يجلس حتى صلى، ولحصول تعظيم المسجد
(1)
.
قال النووي: ولا خلاف في هذا
(2)
.
[م-460] وهل يحصل ثوابها ولو لم ينوها؟ في ذلك قولان، هما وجهان في
(1)
. درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 116)، نور الإيضاح (ص: 80)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 394)، حاشية ابن عابدين (2/ 18)، الدر المختار (ص: 92)، تبيين الحقائق (1/ 173)، المجموع (4/ 52).
(2)
. المجموع شرح المهذب (4/ 52)، وانظر أسنى المطالب (1/ 204).
مذهب الشافعية:
قال الخطيب في مغني المحتاج: «ويحصل فضلها، ولو لم تُنْوَ كما صرح به ابن الوردي في بهجته»
(1)
.
•وجه هذا القول:
بأن الامتثال قد تحقق فلم يجلس حتى صلى، ولأن الثواب أوسع من النية، فقد يثاب الإنسان على عمل غيره إذا كان سببًا فيه، ولو لم يَنْوِهِ، والمسلم قد لا يستحضر النية، لا زهدًا في الثواب، ولكن قد يذهل عنها.
وقيل: لا يحصل الثواب إلا بالنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإنما لكل امرئ ما نوى)
(2)
.
فهذا الرجل لم يَنْوِ إلا الراتبة، أو الفريضة، فليس له إلا ما نوى، ولم يَنْوِ في عمله أن يستبيح الجلوس، ولا ثواب إلا بنية.
[م-461] ولو نوى الفريضة وتحية المسجد، أو الراتبة وتحية المسجد.
قال النووي: حصلا جميعًا بلا خلاف .... فالمراد بها ألا ينتهك المسجد بالجلوس بغير صلاة
(3)
.
وقيل: إذا نوى تحية المسجد والفريضة لا يكون داخلًا في الصلاة، واختاره محمد بن الحسن الشيباني؛ لأن الفرض مع النفل جنسان مختلفان، لا رجحان لأحدهما على الآخر في التحريمة، فمتى نواهما تعارضت النيتان، فلغيتا
(4)
.
وقال بعض المالكية: إذا دخل المسجد صلى تحية المسجد، ثم صلى راتبة الوقت، وقد استظهره ابن عبد السلام بحجة أن العبادة الواحدة لا تقوم مقام اثنتين، وهو قول ضعيف جدًّا، ومخالف للمعتمد من مذهب المالكية
(5)
.
• ويتعقب:
بأن القول: إن العبادة الواحدة لا تقوم مقام اثنتين إنما يصح هذا إذا كانت
(1)
. مغني المحتاج (1/ 456).
(2)
. أسنى المطالب (1/ 204).
(3)
. المجموع (4/ 52).
(4)
. حاشية ابن عابدين (2/ 18).
(5)
. حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/ 297).
كل واحدة من العبادتين مقصودة للشارع بذاتها، كالتشريك بين الظهر والعصر، وبين الفرض وراتبته، وبين الراتبة القبلية والبعدية، وأما العبادات التي لا تقصد لذاتها، كتحية المسجد فإنها تسقط بالراتبة وبالفريضة، وبغيرها من الصلوات إذا فعلها قبل أن يجلس، ومثله الجمع بين طواف الوداع والإفاضة على الصحيح، وكذلك طواف العمرة يغني عن طواف القدوم، ولا تغني تحية المسجد عن الراتبة؛ لأن الراتبة أعلى منها، وهي مقصودة لذاتها، بل لا يستحب إذا دخل المسجد أن يخص تحية المسجد بنية، وراتبة الصلاة بنية مستقلة، فإذا صلى الراتبة أغناه ذلك عن تحية المسجد، وإنما جاء الإشكال عند بعض الفقهاء المتأخرين من غلبة اسم تحية المسجد على هاتين الركعتين قبل الجلوس، حتى ظن أنها مقصودة بهذه النية، لا يقوم غيرها مقامها، وهي تسمية اصطلاحية، واللبس غالبًا ما يأتي من التسميات غير الشرعية.
* * *