الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة
المدخل إلى المسألة:
• شروط العبادة ليست أولى بالمراعاة من العبادة نفسها.
• العبادة تتكون من مجموعة أركانها، فالعبادة غاية، والشروط بمنزلة الوسيلة إليها، والغايات مقدمة على الوسائل.
• المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بأمر خارج عن العبادة.
• الطهارة إذا فعلت لا تبطل بالسلس كالمستحاضة؛ لبقاء حكمها.
• الجلوس يفعله المصلي باختياره مع قدرته على القيام فيؤاخذ بذلك، والريح يخرج من المصلي مغلوبًا، فليس من كسبه، فلا يُؤَاخَذُ به.
[م-496] اختلف العلماء في مُصَلٍّ إنْ صلى قائمًا لم يتحكم بالريح، فتنتقض طهارته، وإنْ صلى جالسًا أمكن مقعدته، فحافظ على شرط الطهارة، أيراعي الركن فيصلي قائمًا، أم يراعي شرط الطهارة، فيصلي جالسًا؟
للعلماء فيها قولان، هما قولان في مذهب المالكية.
فقيل: يصلي قاعدًا، اختاره ابن عبد الحكم، وهو المعتمد في مذهب المالكية
(1)
.
وجهه: أن المحافظة على الشرط أولى لأن الشرط يستمر من أول العبادة إلى آخرها، بخلاف الركن فهو جزء من العبادة في الجملة.
(1)
. شرح الخرشي (1/ 295)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 257)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (1/ 359)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 390)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/ 617).
وقد يستدل له أيضًا: أن الركن له بدل، وهو القعود، فينتقل إليه، بخلاف الطهارة في السلس فإنها تسقط إلى غير بدل فالمحافظة عليها أولى.
وقيل: يصلي قائمًا، اختاره سند من المالكية
(1)
.
وجهه: أن القيام لا يسقط إلا بالخوف لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239].
أو بالعجز لحديث عمران (صَلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا)، رواه البخاري وسبق تخريجه، فإذا كان القيام مقدورًا بلا خوف فهو باقٍ على وجوبه، والطهارة إذا فعلها لا تبطل بالسلس؛ لبقاء حكمها.
ويمكن أن يستدل له أيضًا: أن الركن من ذات العبادة، والشرط خارج عنها، والمحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بأمر خارج عن العبادة.
ولأن الركن غاية؛ لكونه جزءًا من حقيقة الصلاة، والشرط وسيلة إليها، والغاية أولى بالمراعاة.
وقد يقال: إن الاختيار بينهما ليس على سبيل الوجوب، فللمصلي أن يفعل منهما ما شاء، فكل واحد من الفعلين له ما يُسَوِّغُه، وإنما البحث في أيهما أفضل في المراعاة؛ لأن كل واحد منهما آكد من الآخر من وجه، فله أن يتخير بينهما، كما قال ذلك بعض الفقهاء في صلاة العريان إن جلس ستر نفسه، وإن قام حافظ على ركن العبادة، فقالوا: يتخير بينهما، والله أعلم.
* * *
(1)
. انظر المراجع السابقة.