الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة
المدخل إلى المسألة:
• الأصل في القدمين أن تكونا على طبيعتهما حال القيام في الصلاة، بلا تفريج ولا إلصاق.
• المراوحة بين القدمين في الصلاة لا ينافي القيام الواجب؛ لأن الاعتماد فيها على القدم، وليس على أمر خارج.
• ما جاز فيه الاعتماد على كلتا القدمين جاز فيه الاعتماد على إحداهما؛ فلم يخرج المصلي بالمراوحة عن كونه معتمدًا على قدمه في الصلاة.
• المراوحة اليسيرة الأصل فيها الإباحة؛ لأنه ليس من عادة الناس في الصلاة إذا قاموا في الصلاة ألا يتحرك منهم شيء.
• المراوحة تأخذ حكم الحركة في الصلاة، فتنزل عليها أحكامها.
• المراوحة إذا أعانت على مشروع كانت مشروعة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
• المراوحة الكثيرة تستحب مع الحاجة وتكره بلا حاجة؛ لما فيها من الحركة، والتفريج بين القدمين، وإظهار الكسل، وعدم ترويض النفس على العبادة.
• المراوحة في النفل مع طول القيام مستحبة ما لم يلحقه تعب لا يدفع بالمراوحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لِيُصَلِّ أحدكم نشاطه. رواه مسلم.
تفسير المراوحة:
جاء في تفسير المراوحة قولان:
أحدهما: أن يعتمد على إحدى قدميه مرة، وعلى الأخرى مرة؛ مع وضع القدمين على الأرض دون رفع إحداهما، وهذا تعريف الحنفية، والشافعية
والحنابلة، وأحد التفسيرين في مذهب المالكية
(1)
.
القول الثاني: قال خليل في التوضيح: ترويح الرجلين: أن يرفع واحدة، ويعتمد على الأخرى
(2)
.
وبعض المالكية جمع بين القولين، فعرَّف المراوحة: بأن يعتمد على واحدة، ويقدم الأخرى غير معتمد عليها، أو يرفعها، ويضعها على ساقه
(3)
.
وإذا تأملت وجدت أن كلا الفعلين يَصْدُق عليه أن فيه مراوحة بين قدميه؛ لكون الاعتماد يقوم على إحدى قدميه ويُرِيح الأخرى، سواء أكان ذلك برفعها، أم بتخفيف الاعتماد عليها، وإن لم يرفعها، وإن كانت المراوحة في الصورة الأولى أخف من الصورة الثانية؛ لأن الصورة الأولى كلتا قدميه على الأرض، فهو أقرب إلى القيام المعتدل.
[م-497] وقد اختلف الفقهاء في المراوحة:
فقيل: المراوحة أفضل، وهو مذهب الحنفية، وقطع بعض الحنابلة باستحبابه مطلقًا
(4)
.
وقال أحمد في رواية حرب، «وقد سأله، الرجل يصف بين قدميه أحب إليك، أم يعتمد على هذه مرة، وعلى هذه مرة؟ قال: يراوح بين قدميه أحب إليَّّّّّّ، يعتمد على هذه مرة، وعلى هذه مرة»
(5)
.
«وقال الأثر: «رأيت أبا عبد الله يفرِّج بين قدميه، ورأيته يراوح بينهما»
(6)
.
(1)
. حاشية ابن عابدين (1/ 52)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 262)، نخب الأفكار شرح معاني الآثار (4/ 214)، شرح الخرشي (1/ 323)، تحفة المحتاج (2/ 163)، المغني لابن قدامة (2/ 7)، شرح منتهى الإرادات (1/ 210)، مطالب أولى النهى (1/ 480).
(2)
. التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 394).
(3)
. مواهب الجليل (1/ 550).
(4)
. مراقي الفلاح (ص: 98)، حاشية ابن عابدين (1/ 52)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 262)، النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (1/ 77)، بدائع الفوائد (3/ 88)، المغني (2/ 7).
(5)
. بدائع الفوائد لابن القيم (3/ 88).
(6)
. المغني (2/ 7)، وانظر: شرح منتهى الإرادات (1/ 210)، وانظر الجامع لعلوم الإمام أحمد (6/ 168).
وقيل: تباح مطلقًا، وبه قال مالك والشافعي، وابن حزم
(1)
.
قال خليل في التوضيح: «ظاهر المدونة جوازه مطلقًا»
(2)
.
وقال ابن المنذر في الإشراف: «كان مالك وأحمد، وإسحاق لا يرون بأسًا أن يراوح الرجل بين قدميه، وبه نقول»
(3)
.
وقيل: يكره إلا لطول قيام، اختاره ابن عبد السلام وابن فرحون من المالكية
(4)
.
ومفهومه أن مع طول القيام تكون المراوحة مباحة.
وقيل: تستحب المراوحة مع الحاجة كما لو طال القيام، وتكره كثرتها، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(5)
.
ومفهومه: أن المراوحة اليسيرة بلا حاجة مباحة؛ لأنهم لم يكرهوا إلا الكثيرة.
فصارت المراوحة إما مستحبة مطلقًا كالحنفية أو مع طول القيام كما هو المعتمد عند الحنابلة.
وإما تباح مطلقًا كما هو مذهب المالكية والشافعية، أو تباح مع طول القيام كما هو اختيار بعض المالكية.
• دليل من قال: المراوحة سنة مطلقًا:
(ح-1212) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان،
(1)
. نص الدسوقي في حاشيته (1/ 254) بأن المصلي إذا لم يعتمد عليهما دائمًا، بأن راوح بينهما فلا كراهة، ونفي الكراهة يعني الإباحة. وانظر: التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (1/ 191)، التوضيح لخليل (1/ 394)، المجموع شرح المهذب (3/ 267)، المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (ص: 124)، تحفة المحتاج (2/ 163)، حاشية الجمل (1/ 440)، حاشيتي قليوبي وعميرة (1/ 220، 221).
(2)
. التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 394).
(3)
. الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 60).
(4)
. مواهب الجليل (1/ 550).
(5)
. جاء في شرح منتهى الإرادات (1/ 210): «وسُنَّ لِمُصَلِّ تفرقته بين قدميه ومراوحته بين قدميه بأن يقر على إحداهما مرة، ثم على الأخرى أخرى، إذا طال قيامه» .
وانظر: مطالب أولي النهى (1/ 480)، المغني (2/ 7)، الإنصاف (2/ 69)
عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، قال:
خرج عبد الله من داره إلى المسجد، وإذا رجل يصلي صَافًّا بين قدميه، فقال عبد الله: أما هذا فقد أخطأ السنة، ولو راوح بين قدميه كان أحب إليَّ
(1)
.
[رجاله ثقات، ورواية أبي عبيدة عن أبيه في حكم المتصل]
(2)
.
(1)
. المصنف (7062).
(2)
. الحديث أُعِل بأكثر من علة،
العلة الأولى: أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود.
قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 409): «حديث أبي عبيدة عن أبيه مرسل» .
وقال النسائي: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والحديث جيد.
قلت: وإن لم يسمع من أبيه فإنه في حكم المسند عند المحققين من أهل العلم.
جاء في شرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 544): «قال ابن المديني في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه: هو منقطع، وهو حديث ثبت.
قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند، يعني: في الحديث المتصل، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه، وصحتها، وأنه لم يأتِ فيها بحديث منكر».
قال ابن رجب في شرح البخاري (7/ 174): «وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه صحيحة» .
وقال أيضًا (8/ 350): «وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه أخذها عن أهل بيته، فهي صحيحة عندهم» .
وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: «ويقال: إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه، متلقٍّ لآثاره من أكابر أصحاب أبيه
…
ولم يكن في أصحاب عبد الله من يُتَّهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه، وإن قيل إنه لم يسمع من أبيه».
العلة الثانية: الاختلاف على المنهال بن عمرو في قوله: (خالف السنة)، وفي رواية:(أخطأ السنة)، وهما بمعنى.
فقد رواه ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة: أن عبد الله رأى رجلًا يصلِّي قد صفَّ بين قدميه، فقال: خالف السنة، ولو راوح بينهما كان أفضل.
فقوله: (خالف السنة) إطلاق السنة ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون له حكم الرفع.
رواه سفيان الثوري كما في مصنف ابن أبي شيبة (7062)، وفي المجتبى من سنن النسائي (892)، والسنن الكبرى له (968)
ورواه شعبة كما في المجتبى من سنن النسائي (893)، والسنن الكبرى له (969)، والطبراني في الكبير (9/ 270) ح 9348، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 409)،
…
كلاهما (سفيان وشعبة) عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو به.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (3306)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 270) ح 9346، عن الثوري، عن رجل، عن المنهال به. وهذا الرجل هو ميسرة.
ورواية سفيان بلفظ: (خالف السنة) وقال شعبة: (أخطأ السنة).
…
وخالف الأعمش ميسرة بن حبيب فرواه عن المنهال موقوفًا ليس فيه قوله: (خالف السنة)،
رواه ابن أبي شيبة ف المصنف (7061) حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن المنهال، عن أبي عبيدة، قال: رأى رجلًا يصلي صَافًّا بين قدميه، فقال: لو راوح هذا بين قدميه كان أفضل.
والأعمش مقدم على ميسرة بن حبيب، من جهتين من جهة أنه أكثر أخذًا للحديث عن المنهال بن عمرو من ميسرة. والثانية: أن الأعمش أعلم بحديث ابن مسعود من غيره.
قال سفيان بن عاصم: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول: ما أحد أعلم بحديث ابن مسعود من الأعمش. انظر سير أعلام النبلاء (6/ 233).
وحفص بن غياث من المشهورين بالأخذ عن الأعمش، وقد احتج الشيخان، وأصحاب السنن بروايته عن الأعمش، إلا أن حفصًا تغير حفظه قليلًا بعد ما ولي القضاء.
وسواء أقلنا: إن قوله: (خالف السنة) محفوظة أم لا، فهي متوجهة لإلصاق القدمين، وأما المراوحة فهي موقوفة على ابن مسعود، لا غير.
• ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن قوله: (فقد أخطأ السنة) إطلاق السنة المقصود به سنة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن هذا القدر المرفوع من الحديث متجه إلى إلصاق القدمين بعضهما ببعض، ولا شك أن هذا مخالف للسنة.
(ث-282) فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا وكيع، عن عيينة بن عبد الرحمن، قال:
كنت مع أبي في المسجد، فرأى رجلًا يصلي صَافًّا بين قدميه، فقال: ألزق إحداهما بالأخرى! لقد رأيت في هذا المسجد ثمانية عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما رأيت أحدًا منهم فعل هذا قط
(1)
.
[حسن].
وما يقابل صف القدمين ليس المراوحة، وإنما الوقوف الطبيعي على قدميه
(1)
. المصنف (7063).
بلا تفريج ولا ضَمٍّ؛ لأن الأصل فيما لم يرد في صفته نص صحيح أن يكون المصلي على طبيعته؛ ولا ينتقل عنه إلا بتوقيف.
(ث-283) وقد ذكر ابن القيم في البدائع، قال: روى حرب، قال: حدثنا أبو حفص، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن نافع،
عن ابن عمر قال: لا تقارب، ولا تباعد
(1)
.
[صحيح]
(2)
.
ولو كانت المراوحة هي السنة لنقلت إلينا من فعله صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة حريصين على نقل سنته وما يفعله في الصلاة.
ولذلك نقلت لنا أم قيس بنت محصن؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وحملَ اللحمَ، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه
(3)
.
فلوكان من سنته الفعلية الاعتماد على إحدى رجليه وإراحة الأخرى لنقل إلينا.
وقوله: (ولو راوح بين قدميه كان أحب إليَّ) هذا موقوف، وهل هو أحب إليه مطلقًا، وهذا يعني أنه أحب إليه حتى من الوقوف الطبيعي بلا تفريج ولا إلصاق أم أحب إليه من إلزاق القدمين بعضهما ببعض؟
هذا محتمل؛ وإن كنت أميل إلى أنه أراد أحب إليَّ من إلزاق القدمين؛ لأنه لا يمكن أن يفضل المراوحة على الوقوف الطبيعي ثم لا تحفظ المراوحة من فعله صلى الله عليه وسلم، فالظاهر أنه أحب إليه من إلزاق القدمين؛ لأن ضم القدمين فيه تكلف، بخلاف
(1)
. بدائع الفوائد (3/ 87).
(2)
. رجاله ثقات، حرب: هو حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني من أصحاب الإمام أحمد، وهو ثقة، وأبو حفص: هو عمر بن علي الفلاس من شيوخ البخاري، وهو مشهور باسمه أكثر من كنيته، وربما كناه البخاري في التاريخ الكبير، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (3300) عن ابن جريج، أخبرني نافع، أن ابن عمر كان لا يفرسخ بينهما، ولا يمس إحداهما الأخرى، قال: بين ذلك. اهـ
جاء في غريب الحديث للقاسم بن سلام (4/ 123): قوله: (ما فيها فرسخ) يقول: ليس فيها فرجة، ولا إقلاع. وانظر تهذيب اللغة (7/ 269)، لسان العرب (3/ 44) ..
(3)
. سنن أبي داود (948)، وسبق تخريجه، انظر ح (1196).
المراوحة، ولأن المراوحة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي وسيلة عند الحاجة لمصلحة العبادة، ولطلب راحة المصلي.
الوجه الثاني:
أن القدر المرفوع منه قد اختلف فيه على المنهال بن عمرو:
فرواه الأعمش عنه، موقوفًا.
ورواه ميسرة بن حبيب عن المنهال فذكر بعضه مرفوعًا، وبعضه موقوفًا.
والأعمش مقدم على ميسرة، وقد أوضحت لك ذلك من خلال تخريج الحديث، وإذا اختلف في الرفع والوقف، فالأصل عدم الرفع، مع أن القدر المرفوع هو في إلصاق القدم، وليس في المراوحة.
الدليل الثاني:
أن في المراوحة راحة للمصلي، فإذا ارتاح عاد ذلك بالمصلحة على الصلاة، من خشوع وتدبر، وإطالة للقيام، وهذه المصالح محل رعاية وعناية من الشارع، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع المشقة عن المصلي بالإبراد في الصلاة في شدة الحر، وينهى عن الصلاة بحضرة الطعام، ومدافعة الأخبثين.
• وجه من قال: تباح المراوحة:
القيام المطلوب في الصلاة أن يقوم معتمدًا على قدميه غير مستند إلى أمر خارج، فما جاز فيه الاعتماد على كلتا قدميه جاز الاعتماد فيه على إحداهما، فلم يخرج المصلي بالمراوحة عن كونه معتمدًا على قدمه في الصلاة، غاية ما هنالك أنه اتَّكَأَ على إحدى قدميه أكثر من الأخرى، ومثل هذا لا يخرجه عن الإباحة.
• وجه من قال: تستحب مع الحاجة وتكره كثرتها:
أن المراوحة اليسيرة داخلة في الإباحة؛ لأنه ليس من عادة المصلي إذا كان قائمًا في الصلاة ألا يتحرك منه شيء.
وأما كثرة المراوحة، فإن كانت لحاجة لكبرٍ، أو لمرضٍ أو لِضَعْفٍ، أو لطول قيامٍ كما في النافلة فهي مستحبة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وما أعان على أمر مشروع فهو مشروع إلا أن ينهى عنه لذاته.
وأما كثرة المراوحة فإنها مكروهة، لأنه لا يحتاج إليها في الفرائض لكون القيام فيها لا إطالة فيه، والإمام مأمور فيها بالتخفيف، وأن يقتدي بأضعف المصلين معه، وأكثر ما يقرأ فيه هو من طوال المفصل، وهذا لا يشق على الشاب الصحيح.
وأما في النفل فإن المصلي مأمور بأن يصلي نشاطه، فكثرة المراوحة مؤشر على إرهاق وتعب لحق المصلي لا يندفع بالمراوحة، فيستحسن أن يجلس أو يستريح.
(ح-1213) لما رواه مسلم من طريق ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب.
عن أنس، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا: لزينب تصلي، فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به، فقال: حلوه؛ لِيُصَلِّّّّّّّّّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر قعد.
وفي رواية له: فليقعد
(1)
.
ولأن كثرة المراوحة تجعل المصلي يكثر من التمايل في صلاته، قال الحنابلة: وفي ذلك تشبه باليهود.
وهذا بعيد؛ لأنه لو كان فيها تشبه باليهود لنهي عنها، ولأن اليهود يكتفون بهز الرأس بلا انقطاع دون الجسد كما يفعل بعض الصوفية وبعض القراء عند قراءة القرآن، فلا شبه بين فعلهم وبين المراوحة المتقطعة.
ولأنها داخلة في حكم الحركة الكثيرة، لا تبطل الصلاة لتفرقها، ولكنها تكره فيها، والله أعلم.
• الراجح:
أن المراوحة اليسيرة مباحة، والكثير منها إن كان لحاجة فهو دائر بين الاستحباب والإباحة، وإن كان لغير حاجة فهو مكروه، والله أعلم.
* * *
(1)
. صحيح مسلم (219 - 784).