المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ١

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول في صفة الصلاة

- ‌الفصل الأول في الأحكام المرتبطة بالخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الأول في استحباب الخروج متطهرًا بنية الصلاة

- ‌المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة

- ‌المبحث الرابع في الخروج إلى الصلاة بسكينة ووقار

- ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

- ‌المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة

- ‌الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا

- ‌الفرع الثاني في استحباب مقاربة الخطا

- ‌الباب الثاني في الأحكام المرتبطة بدخول المسجد

- ‌الفصل الأول في استحباب تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج

- ‌الفصل الثاني في استحباب الذكر الوارد لدخول المسجد

- ‌المبحث الأول في استحباب الاستعاذه

- ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

- ‌المبحث الثالث في صلاة ركعتين قبل الجلوس

- ‌المبحث الرابع لا تشرع التحية لمن أدخل يده أو رأسه فقط

- ‌المبحث الخامس في تكرار تحية المسجد بتكرار الدخول

- ‌المبحث السادس في مشروعية تحية المسجد للمرور بلا مكث

- ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

- ‌المبحث الثامن في حكم تحية المسجد

- ‌المبحث التاسع في منزلة تحية المسجد من السنن

- ‌المبحث العاشر تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

- ‌المبحث الحادي عشر اختصاص التحية بالمسجد

- ‌المبحث الثاني عشر صلاة تحية المسجد في وقت النهي

- ‌المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد

- ‌المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين

- ‌المبحث الخامس عشر في صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌المبحث السادس عشر في تحية المسجد إذا أقيمت الصلاة

- ‌الفرع الأول في ابتداء النافلة بعد إقامة الصلاة

- ‌الفرع الثاني إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌الباب الثالث في الأحكام التي تسبق تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الأول في قيام المأموم والإمام ليس في المسجد

- ‌الفصل الثاني في وقت قيام المأموم للصلاة والإمام في المسجد

- ‌الفصل الثالث في وقت تكبير الإمام بالصلاة

- ‌الفصل الرابع في تسوية الصفوف

- ‌الباب الرابع في أحكام تكبيرة الإحرام

- ‌توطئه

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني في شروط تكبيرة الإحرام

- ‌الشرط الأول أن تقع تكبيرة الإحرام مقارنة للنية حقيقة أو حكمًا

- ‌الشرط الثاني أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمَا فيما يشترط فيه القيام

- ‌المبحث الأول في انقلاب الصلاة نفلَا إذا بطلت فرضًا

- ‌المبحث الثاني إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ولم يكبر للركوع

- ‌الشرط الثالث أن تكون التحية بلفظ الله أكبر لا يجزئ غيرها

- ‌مبحث في تنكيس التكبير

- ‌الشرط الرابع أن يكون التكبير متواليًا

- ‌الشرط الخامس في اشتراط إسماع المصلي نفسه تكبيرة الإحرام والذكر الواجب

- ‌الشرط السادس أن تكون التحريمة بالعربية من القادر عليها

- ‌الشرط السابع سلامة التكبير من اللحن المغير للمعنى

- ‌الشرط الثامن في اشتراط القدرة على التكبير

- ‌الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم القيام

- ‌الفصل الثاني في منزلة القيام بالصلاة

- ‌الفصل الثالث في قدر القيام

- ‌الفصل الرابع في صفة القيام

- ‌الفصل الخامس في استناد المصلي في القيام

- ‌الفصل السادس في سقوط القيام عن المصلي

- ‌المبحث الأول لا يجب القيام في صلاة النافلة

- ‌المبحث الثاني افتتح النافلة قائمَا فأراد الجلوس من غير عذر

- ‌المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز

- ‌المبحث الرابع ضابط العجز المسقط للقيام

- ‌المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف

- ‌المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة

- ‌المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة

- ‌المبحث الثامن في الصاق إحدى القدمين بالأخرى حال القيام

- ‌الفصل السابع في موضع النظر أثناء الصلاة

- ‌المبحث الأول في النظر إلى السماء أثناء الصلاة

- ‌المبحث الثاني في موضوع نظر المصلي في اثناء الصلاة

- ‌المبحث الثالث في موضوع نظر المصلي حال الركوع والسجود والجلوس

- ‌الفصل الثامن في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

- ‌المبحث الأول في مشروعية رفع اليدين

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌الفرع الأول في صفة رفع الأصابع

- ‌الفرع الثاني في صفة رفع الكفين

- ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

- ‌الفرع الرابع في رفع المرأة يديها في الصلاة

- ‌الفرع الخامس في ابتداء وقت الرفع وانتهائه

- ‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

- ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

- ‌الفرع السابع في مكان وضع اليدين

- ‌الفرع الثامن في وقت القبض

- ‌الفرع التاسع في صفة وضع اليدين

الفصل: ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

المدخل إلى المسألة:

• أحاديث النهي عن تشبيك الأصابع إذا خرج إلى الصلاة لا يصح منهاحديث.

• تشبيك الأصابع فعله النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة، فدل على أن التشبيك في نفسه لا محذور من فعله فينهى عنه من أجله.

• قياس خارج الصلاة على داخل الصلاة لا يصح؛ لأن التشبيك داخل الصلاة صفة في العبادة، والأصل فيه المنع، بخلاف فعله خارج الصلاة، فليس فعله على وجه التعبد، والأصل الحلُّ.

• القول بأن قاصد الصلاة في صلاة: أي في الأجر والمثوبة، وليس في الأوامر والنواهي، ولو كره التشبيك خارج الصلاة لكره الالتفات والكلام خارجها.

• وضع اليدين في جميع أحوال الصلاة له صفات مشروعة، فالتشبيك في الصلاة يمنع من اتباع السنة في وضع اليد، بخلاف التشبيك خارج الصلاة.

[م-442] اختلف العلماء في كراهة تشبيك الأصابع في أثناء الخروج إلى الصلاة.

فقيل: لا يكره في غير الصلاة، وهو مذهب المالكية، وقال الحلبي من الحنفية: لم أقف عليه لمشايخنا يعني خارج الصلاة

(1)

.

واختار الإمام البخاري عدم الكراهة في صحيحه، فبوب في الصحيح: باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، ثم ساق ثلاثة أحاديث يفهم منها الجواز مطلقًا.

قال مالك: إنهم لينكرون تشبيك الأصابع في المساجد، وما به بأس، وإنما

(1)

. البحر الرائق (2/ 22)، النهر الفائق (1/ 279).

ص: 44

يكره في الصلاة

(1)

.

وقيل: يكره، وهو ظاهر مذهب الحنفية، ومذهب الشافعية والحنابلة

(2)

.

واختلف في حكمة النهي عن التشبيك:

فقيل: لكونه من الشيطان كما في حديث أبي سعيد مرفوعًا: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان

رواه أحمد، وسيأتي تخريجه في الأدلة إن شاء الله تعالى.

وقيل: لأن التشبيك يجلب النوم، وهو من مَظَانِّ الحدث.

وقيل: لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف، كما نبه عليه في حديث ابن عمر

(3)

.

وقيل: لأنه من العبث، وقيل: ينافي الخشوع.

وقيل: لأن الساعي إلى الصلاة في حكم المصلي.

وقيل: لأن التشبيك صلاة المغضوب عليهم

(4)

.

قال الخطابي في معالم السنن: «قد يفعله بعض الناس عبثًا وبعضهم ليفرقع أصابعه عندما يجد من التمدد فيها، وربما قعد الإنسان فشبك بين أصابعه واحتبى بيديه، يريد به الاستراحة، وربما استجلب به النوم فيكون ذلك سببًا لانتقاض طهره فقيل لمن تطهر وخرج متوجهًّا إلى الصلاة لا تشبك بين أصابعك؛ لأن جميع

(1)

. النوادر والزيادات (1/ 534).

(2)

. حاشية ابن عابدين (1/ 641)، البحر الرائق (2/ 22)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: 87)، النوادر والزيادات (1/ 534)، النوادر والزيادات (1/ 363)، الذخيرة للقرافي (2/ 151)، والتاج والإكليل (2/ 261)، مواهب الجليل (1/ 550)، الخرشي (1/ 293)، الشرح الكبير للدردير (1/ 254)، التوضيح لخليل (1/ 395)، شرح زروق على الرسالة (2/ 1080)، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (2/ 478)، المجموع (4/ 105)، مغني المحتاج (1/ 566)، نهاية المحتاج (2/ 62، 342)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 500)، المغني (2/ 8)، شرح منتهى الإرادات (1/ 182)، الفروع (2/ 158)، الإقناع (1/ 110)، كشاف القناع (1/ 324).

(3)

. فتح الباري (1/ 567)، معالم السنن (1/ 162)، شرح السنة للبغوي (3/ 294).

(4)

. المغني (2/ 8)، المبدع (1/ 427)، مرعاة المفاتيح (3/ 365)، التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 8)، المقاصد الحسنة (ص: 256)، إرشاد الخلق إلى دين الحق (3/ 279).

ص: 45

ما ذكرناه من هذه الوجوه على اختلافها لا يلائم شيء منها الصلاة، ولا يشاكل حال المصلي»

(1)

.

• دليل من قال: لا يشبك بين أصابعه:

الدليل الأول:

(ح-1050) ما رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا داود بن قيس، عن سعد بن إسحاق بن فلان بن كعب بن عجرة، أن أبا ثمامة الحناط، حدثه

أن كعب بن عجرة حدثه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى الصلاة، فلا يشبك بين يديه، فإنه في الصلاة

(2)

.

[ضعيف، والمعروف أن قوله: فلا يشبك من قول الراوي مدرجًا في الحديث]

(3)

.

(1)

. معالم السنن (1/ 162).

(2)

. المسند (4/ 241).

(3)

. الحديث له طرق كثيرة،

الطريق الأول: سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة،

وقد اختلف على سعد بن إسحاق، فقيل:

عنه، عن أبي ثمامة الحناط، عن كعب بن عجرة.

وقيل: عنه، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة، عن كعب بن عجرة.

وقيل: عنه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي ثمامة، عن كعب بن عجرة، ويشبه أن يكون الصواب: عن سعد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن كعب بن عجرة، وإليك بيان الاختلاف والراجح من هذه الطرق:

فالحديث رواه داود بن قيس واختلف على داود بن قيس:

فرواه إسماعيل بن عمر الواسطي كما في مسند أحمد (4/ 241)،

وأبو عامر العقدي كما في سنن أبي داود (562)، وصحيح ابن حبان (2036)، ومسند عبد بن حميد كما في المنتخب (369).

وعبد الله بن وهب كما في جامعه (447)، وفي المعرفة للبيهقي (4/ 400).

وعثمان بن عمر بن فارس كما في سنن الدارمي (1444)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 325).

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعثمان بن الهيثم المؤذن، كما في المعجم الكبير للطبراني (19/ 151) رقم: 332، ومعجم ابن الأعرابي (1466)، ومعجم الصحابة لابن قانع (2/ 372)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 325).

خمستهم رووه عن داود بن قيس، قال: حدثني سعد بن إسحاق، حدثني أبو ثمامة الحناط، أن كعب بن عجرة مرفوعًا: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى الصلاة، فلا يشبك بين يديه، فإنه في الصلاة.

وخالفهم ابن المبارك كما في التاريخ الكبير للبخاري (9/ 17) رقم: 133،

وداود بن نافع كما في مشكل الآثار (5569)،

وخالد بن نزار كما في المعجم الأوسط (8830)، ثلاثتهم عن داود بن قيس، حدثني أبو ثمامة الحناط، عن كعب بن عجرة به، دون ذكر سعد بن إسحاق بين داود بن قيس، وبين أبي ثمامة الحناط، وقد صرح داود بن قيس بالسماع من أبي ثمامة من رواية ابن المبارك، عنه، فأخشى أن يكون هذا من تصرف الرواة.

وأرى أن رواية داود بن قيس بذكر سعد بن إسحاق أولى بالصواب إلا أن سَعْدًا لا يروي الحديث عن أبي ثمامة مباشرة.

فقد رواه أنس بن عياض (ثقة)، كما في مشكل الآثار للطحاوي (5564)، والمعجم الكبير للطبراني (19/ 152)، رقم 333، صحيح ابن خزيمة (442)، وفي الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (3/ 19).

وعبد العزيز بن محمد الدراوردي (صدوق يخطئ إذا حَدَّثَ من حفظه) كما في مشكل الآثار (5565)، كلاهما، عن سعد بن إسحاق، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة، قال: لقيت كعب بن عجرة، وأنا أريد الجمعة، وقد شبكت بين أصابعي، لما دنوت ضرب يدي، ففرق بين أصابعي، وقال: إنا نهينا أن يشبك أحدنا بين أصابعه في الصلاة. قلت: إني لست في صلاة، فقال: أليس قد توضأت، وأنت تريد الجمعة؟ قلت: بلى، قال: فأنت في صلاة.

ورواه أبو خالد الأحمر (صدوق)، كما في مصنف ابن أبي شيبة (4826)،

وعيسى بن يونس (ثقة مأمون) كما ذكر ذلك البيهقي في سننه (3/ 326) كلاهما عن سعد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي ثمامة القماح، قال: لقيت كعبًا، وأنا بالبلاط، قد أدخلت بعض أصابعي في بعض، فضرب يديَّ ضربًا شديدًا، وقال: نهينا أن نشبِّك بين أصابعنا في الصلاة، قال: قلت له: يرحمك الله! تراني في صلاة؟ فقال: من توضأ فعمد إلى المسجد فهو في صلاة.

وهذا لفظ أبي خالد الأحمر، والبيهقي لم يذكر لفظ عيسى بن يونس.

فوافق أبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس أنس بن عياض والدراوردي، على مسألتين إحداهما إسنادية، والأخرى لفظية، واختلفوا في مسألة واحدة:

أما الموافقة الإسنادية: وهو أن سعدًا لا يرويه مباشرة عن أبي ثمامة وإنما بينهما واسطة، وهذا يضعف رواية داود بن قيس عن سعد بن إسحاق، عن أبي ثمامة.

وأما الموافقة اللفظية: فهو أن المرفوع في الحديث هو النهي عن التشبيك بين الأصابع في الصلاة، وأما النهي عن التشبيك في أثناء المشي للصلاة، فهو من فهم كعب بن عجرة وفقهه،

=

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حيث جعل الماشي للصلاة حين كان له أجر المصلي حكمًا رأى اجتهادًا منه أنه يلزمه حكم المصلي، وهذا موضع اجتهاد، وليس نصًّا مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من إعطاء الساعي للصلاة حكم المصلي أن يلزمه ما يلزم المصلي من كل وجه، فهو يباح له الكلام، والضحك، والمشي، والانصراف عن القبلة، فالصلاة تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، فقبل أن يكبر لا يلزمه ما يلزم المصلي، وإن قضي أنه في صلاة من حيث الأجر والمثوبة، فلو كان له حكم المصلي من كل وجه لمنع من كل ما يمنع منه المصلي، ولا قائل به.

وأما المخالفة: فهو أن أبا خالد وعيسى بن يونس روياه عن سعد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، وقال أنس والدراوردي عن سعد، عن أبي سعيد.

وقد رواه الضحاك بن عثمان (مدني صدوق) كما في السنن الكبرى للبيهقي (3/ 326) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة البزي، قال: خرجت وأنا أريد الصلاة، فصحبت كعب بن عجرة، فنظر إلي، وأنا أشبك بين أصابعي، فقال: لا تشبك بين أصابعك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نشبك بين أصابعنا في الصلاة فقلت: إني لست في صلاة، قال: أليس قد توضأت، وخرجت تريد الصلاة؟ قلت: بلى، قال: فأنت في صلاة.

والإسناد إلى الضحاك بن عثمان إسناد صحيح، وهذه متابعة على ذكر سعيد بن أبي سعيد، عن أبي ثمامة.

فما هو الراجح؟ فإن قيل: رواية أنس بن عياض والدراوردي أرجح لكونهما مدنيين، وأبو سعيد المقبري مدني، بخلاف أبي خالد الأحمر وعيسى بن يونس فهما كوفيان، وأهل البلد أدعى للضبط.

فالجواب: أن الضحاك بن عثمان مدني أيضًا. وقد تفرد سعد بن إسحاق بذكر الحديث من رواية أبي سعيد المقبري على اختلاف عليه، وقد رواه جماعة: منهم، ابن أبي ذئب، وابن عجلان، فقالوا فيه: عن سعيد بن أبي سعيد

وإن كان في رواية ابن عجلان اضطراب كثير، ولا شك أن اتفاق الضحاك بن عثمان، وأبي خالد الأحمر، وعيسى بن يونس، وابن أبي ذئب، وابن عجلان على ذكر سعيد بن أبي سعيد، ولم يذكر أحد منهم أبا سعيد المقبري إلا ما جاء في رواية سعد بن إسحاق على اختلاف عليه في ذلك يضعف رواية أنس بن عياض، الدراوردي، والله أعلم.

وعلى أي الاحتمالات ذهبت فإن طريق سعد بن إسحاق علته أبو ثمامة الحناط، وقد قال فيه الدارقطني: لا يعرف، متروك.

وقال الذهبي في المهذب (3/ 1160): مجهول، لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفيه نكارة.

الطريق الثاني: رواه ابن عجلان، واختلف عليه فيه:

فقيل: عنه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن كعب بن عجرة.

أخرجه أحمد (4/ 242) قال: حدثنا قران بن تمام أبو تمام الأسدي.

وأخرجه أحمد أيضًا (4/ 243) من طريق شريك بن عبد الله. =

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعبد الرزاق (3334)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (19/ 152) رقم: 334،

وكذا الدارمي (1412)، والطحاوي في مشكل الآثار (5567)، والطوسي في مستخرجه (361، 362)، عن الثوري.

ورواه الطبراني في الكبير (19/ 153) من طريق خالد بن الحارث،

وابن ماجه (967) من طريق أبي بكر بن عياش.

وابن خزيمة (444) من طريق أبي خالد الأحمر، ولم يذكر لفظه، ستتهم (قران، وشريك، وسفيان، وخالد بن الحارث، وابن عياش، وأبو خالد)، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن كعب بن عجرة.

ولفظ الثوري، وقران أبي تمام الأسدي، والحارث (إذا توضأت، فعمدت إلى المسجد، فلا تشبكن بين أصابعك فإنك في صلاة) قال: قران: أراه قال: فإنك في صلاة.

فكان الحديث في النهي عن تشبيك الأصابع في أثناء الذهاب إلى الصلاة.

ولفظ شريك: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وقد شبكت بين أصابعي، فقال لي: يا كعب، إذا كنت في المسجد فلا تشبك بين أصابعك، فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة).

فكان الحديث في التشبيك بين الأصابع في المسجد حال انتظار الصلاة.

ولفظ أبي بكر بن عياش: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قد شبك أصابعه في الصلاة، ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه).

فجعل القصة حدثت لرجل، وليست لكعب، وفي تشبيك بين الأصابع في الصلاة، لا في السعي إليها، ولا في انتظار الصلاة. وابن عياش قد تغير حفظه.

وشريك وابن عياش لا يقارنان بالثوري، وخالد بن الحارث، لكن علته اضطراب ابن عجلان فيه كما سيتكشف لك عند استكمال طرق ابن عجلان.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل، عن كعب.

أخرجه الترمذي (386)، والطوسي في مستخرجه (362)، من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل، عن كعب بن عجرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا توضأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل من آل كعب بن عجرة، عن كعب.

أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 153) رقم: 335 من طريق سفيان بن عيينة، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط (ثقة)، ومحمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل من آل كعب بن عجرة، عن كعب بن عجرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا كعب، إذا خرجت من منزلك تريد الصلاة، فلا تشبك بين أصابعك.

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (5568) من طريق ابن إسحاق، حدثني محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، قال: حدثنا بعض آل كعب بن عجرة، أن كعب بن عجرة

=

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=كان يحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من شبك أصابعه في المسجد، وهو يصلي، فليتوضأ.

ولم يتابع ابن إسحاق على هذا اللفظ، فهو لفظ منكر، والله أعلم.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن بعض بني كعب بن عجرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن بعض بني كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

رواه ابن جريج، واختلف على ابن جريج فيه:

فرواه عبد الرزاق في المصنف (3333)، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن بعض بني كعب بن عجرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأت فأحسنت وضوءك، ثم عمدت إلى المسجد، فإنك في صلاة، فلا تشبك بين أصابعك. وهذا ظاهره مرسل.

وخالف عبد الرزاق محمد بن بكر البرساني (ثقة)، فرواه أحمد (4/ 242) عنه، أخبرنا ابن جريج، أخبرني محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن بعض بني كعب بن عجرة، عن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

وذكره بمثل لفظ عبد الرزاق، إلا أنه وصله إلى كعب.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن رجل مصدق، عن أبي هريرة.

رواه عبد الرزاق في المصنف (3332) عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن رجل مصدق، أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم يخرج يريد الصلاة فلا يزال في صلاته حتى يرجع، فلا تقولوا هكذا. ثم شبك في الأصابع، إحدى أصابع يديه في الأخرى.

فجعله من مسند أبي هريرة.

وقيل: عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

أخرجه ابن خزيمة (440)، وابن حبان (2149)، والحاكم (745) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، أخبرنا سعيد، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: إذا توضأت، ثم دخلت المسجد، فلا تشبكن بين أصابعك.

فجعل الحديث من مسند أبي هريرة، وجعل النهي عن التشبيك بعد دخول المسجد، ومفهوم الشرط أنه قبل دخول المسجد لا مانع من التشبيك.

تابع إسماعيل بن أمية ابن عجلان من رواية يحيى بن سعيد القطان، عنه.

فقد رواه الدارمي (1446)، وابن خزيمة (439)، من طريق إسماعيل بن أمية (ثقة)، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ، ثم خرج يريد الصلاة، فهو في صلاة حتى يرجع إلى بيته، فلا تقولوا: هكذا». يعنى يشبك بين أصابعه

قال الدارقطني في العلل (11/ 137): «وأما إسماعيل بن أمية، فرواه عبد الوارث بن سعيد، ويحيى بن سليم، ومحمد بن مسلم الطائفيان، والحارث بن عبيدة، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

=

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=واختلف على إسماعيل بن عياش، فرواه الحسن بن عرفة، عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن شيخ من أهل المدينة، عن أبي هريرة.

وكذلك رواه روح بن القاسم، عن إسماعيل بن أمية، عن المقبري، عن شيخ، عن أبي هريرة، وهو الصواب عن إسماعيل بن أمية».

وقيل: عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 229)، والحاكم (746)، من طريق شريك.

والطبراني في الأوسط (838) من طريق الدراوردي، كلاهما عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة به، ولفظ شريك:(إذا توضأت، ثم دخلت المسجد، فلا تشبكن بين أصابعك).

ولفظ الدراوردي: (إذا توضأ أحدكم للصلاة، فلا يشبك بين أصابعه).

قال الترمذي في السنن (386): « .... حديث شريك غير محفوظ» .

وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه بهذا السند إلا الدراوردي، ورواه الناس عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن كعب بن عجرة.

وقال الهيثمي في المجمع (1/ 240): «وفيه عتيق بن يعقوب، ولم أَرَ من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح» . اهـ

قلت: قال البرقاني: سمعت الدارقطني يقول: عتيق بن يعقوب الزبيري، مديني ثقة. سؤالات البرقاني (395)، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 527).

وقيل: عن ابن عجلان، عن ابن المسيب، إلا أنه لم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (3335)، عن ابن جريج، عن ابن عجلان، عن ابن المسيب إلا أنه لم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (4825) عن أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن يزيد ابن خصيفة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم في المسجد، فلا يشبِّكنَّ أصابعه. وهذا مرسل.

ويزيد بن خصيفة وثقه ابن معين وأحمد وأبو حاتم والنسائي.

ورواه ابن خزيمة (445) من طريق خالد يعني ابن حيان الرقي (صدوق يخطئ)، عن ابن عجلان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد.

قال ابن خزيمة: هذا إسناد مقلوب.

وقال أيضًا: «وأما ابن عجلان فقد وهم في الإسناد، وخلط فيه، فمرة يقول: عن أبي هريرة، ومرة يرسله، ومرة يقول: عن سعيد، عن كعب» . اهـ

وقال الدارقطني في العلل (11/ 137): «وقول يحيى القطان، عن ابن عجلان أشبهها بالصواب» . يعني كون الحديث من مسند أبي هريرة، والقصة لكعب بن عجرة.

ولعل القول باضطراب حديث ابن عجلان أقرب، فإن رواية ابن عجلان لهذه الطرق الكثيرة المختلفة تشي باضطرابه فيه اضطرابًا شديدًا، وقد تكلم الإمام أحمد وغيره في أحاديث

=

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

ابن عجلان، عن سعيد المقبري، قال أحمد: كان ثقة، إنما اضطرب عليه أحاديث المقبري.

الطريق الثالث: رواية ابن أبي ذئب للحديث:

رواه ابن أبي ذئب، واختلف عليه:

فقيل: عنه، عن سعيد المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن عجرة.

وقيل: عنه، عن سعيد، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده كعب.

وقيل: عنه، عن المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن كعب.

وقيل: عنه، عن سعيد المقبري، عن مولى لبني سالم، عن أبيه، عن كعب، وثلاث الطرق الأخيرة الاختلاف بينها لفظي، فقوله:(عن كعب) أو قوله: (عن جده كعب) لا فرق بينهما، وكذا قوله:(عن رجل من بني سالم) أو قال: (عن مولى لبني سالم) فالمعنى واحد، فإن مولى القوم منهم، فيكون الخلاف محصورًا بين طريقين (عن جده، عن كعب)، أو هو (عن جده كعب)، والثاني هو المتعين إذا قلنا: إن الرجل المبهم هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، والمعروف أن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة يرويه عن أبي ثمامة الحناط، وليس عن أبيه، فإن أباه رجل مجهول، لا يعرف.

قال ابن خزيمة في صحيحه (1/ 227): «ابن أبي ذئب قد بين أن المقبري سعيد بن أبي سعيد إنما رواه عن رجل من بني سالم، وهو عندي سعد بن إسحاق، إلا أنه غلط على سعد بن إسحاق، فقال: عن أبيه، عن جده كعب، وداود بن قيس، وأنس بن عياض جميعًا قد اتفقا على أن الخبر إنما هو عن أبي ثمامة» .

إذا عرفت هذا، إليك بيانها بالتفصيل:

فرواه أحمد (4/ 242) عن حجاج بن محمد،

وابن خزيمة (443) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك،

والطحاوي في مشكل الآثار (5566)، من طريق الحسين بن محمد المروذي، ثلاثتهم، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن عجرة.

وتابع أبو معشر نجيحُ بنُ عبدِ الرحمنِ ابنَ أبي ذئبٍ.

فأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3331)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (19/ 153) رقم: 337، عن أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن عجرة.

ونجيح ضعيف، قال علي بن المديني: كان يحدث عن المقبري بأحاديث منكرة.

ورواه البخاري في التاريخ الكبير (9/ 17) من طريق آدم بن أبي إياس، عن ابن أبي ذئب به، إلا أنه قال: عن أبيه، عن جده كعب بن عجرة، بدلًا من قوله: عن جده، عن كعب.

ورواه يحيى بن أبي بكير كما في أمالي ابن بشران (1308)،

وشبابة بن سوَّار المدائني، كما في مسند ابن أبي شيبة في مسنده (511) كلاهما =

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن ابن أبي ذئب، (قال ابن أبي بكير: عن سعيد المقبري، وقال شبابة: عن المقبري) عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن كعب بن عجرة، بإسقاط الجد.

قال الطحاوي: «والمقبري هذا الذي روى عنه ابن أبي ذئب هذا الحديث هو سعيد؛ لأنه لم يَرْوٍ عن أبيه شيئًا» . اهـ

ورواه أبو داود الطيالسي (1159)، ومن طريقه أخرجه البيهقي (3/ 325) عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن مولى لبني سالم، عن أبيه، عن كعب بن عجرة.

فتابع أبو داود الطيالسي ابن أبي بكير وابن سوَّار على إسقاط الجد، إلا أنه قال: عن مولى لبني سالم، بدلًا من قولهما:(عن رجل من بني سالم).

ولفظهم (لا يتطهر رجل في بيته ثم يخرج لا يريد إلا الصلاة إلا كان في صلاة حتى يقضي صلاته، ولا يخالف أحدكم بين أصابع يديه في الصلاة).

الطريق الرابع: عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة.

رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 326) من طريق الحسن بن علي، حدثنا عمرو بن قسيط، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: يا كعب إذا توضأت، فأحسنت الوضوء، ثم خرجت إلى المسجد، فلا تشبكن بين أصابعك؛ فإنك في صلاة.

وفي إسناده الحسن بن علي الرقي،

قال فيه ابن حبان: يروي عن مخلد بن يزيد الحراني وغيره من الثقات ما ليس من حديث الأثبات، على قلة الرواية؛ لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، إلا على سبيل القدح فيه. المجروحين (1/ 234).

وقال الدارقطني: ضعيف، كما في سؤالات الحاكم (79)، وتاريخ بغداد (7/ 385)، المغني في الضعفاء (1434).

وقال ابن يونس: لم يكن بذاك، يعرف، وينكر. ميزان الاعتدال (1/ 510).

وفي إسناده أيضًا عمرو بن قسيط، ضعيف أيضًا.

ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 486)، وقال: روى عنه الناس.

وقال أبو حاتم الرازي كما في الجرح والتعديل (6/ 256)، «هو دون عمرو بن عثمان، خرج إلى أرمينية، فلما قدم كان قد توفى عبد الله بن جعفر الرقي فبعث إلى أهل بيت عندهم، فأخذ منهم كتب عبيد الله بن عمرو» . وانظر خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص: 292).

قال صاحب فضل الرحيم الودود (6/ 390): «هذا جرح شديد من أبي حاتم، فإن عمرو بن عثمان بن سيار الرقي ضعيف، قال فيه أبو حاتم: (يتكلمون فيه، كان شيخًا أعمى بالرقة، يحدث الناس من حفظه بأحاديث منكرة،

)، فإذا كان هذا هو حال عمرو بن عثمان الرقي عند أبي حاتم، فما حال من هو دونه: عمرو بن قسيط، فهو على أحسن أحواله قد يكون سمع =

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

بعض حديثه عن عبيد الله بن عمرو الرقي، والباقي أخذه وجادة، وعبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي: ثقة، لكن ما أدرانا ما حدث لكتابه بعد وفاته، مع أنه تغير قبل وفاته بسنتين، ومعلوم ما يدخل الوجادة من التصحيف والتحريف وغير ذلك، وأيًّا كان فإن هذا قدح شديد من أبي حاتم في الرجل، وهو جرح مفسر، فهو مقدم على مجرد التعديل بمن لا يروي إلا عن ثقة في الغالب، والله أعلم».

وقال البيهقي في السنن بعد أن ساقه (3/ 326): «هذا إسناد صحيح؛ إن كان الحسن بن علي الرقي حفظه، ولم أجد له فيما رواه من ذلك بعد متابعًا، والله أعلم» .

أنى يكون إسناده صحيحًا؟ والحسن بن علي في إسناده، وقول البيهقي: إن كان الحسن بن علي حفظه، هذا الشرط لا يفهم منه تضعيف الحسن بن علي، وإنما الذي أوجب للبيهقي هذا الشرط تفرده به، وهي علة عنده، والثقة إذا تفرد بإسناد تعتبر علة عند المتقدمين ما لم يكن معروفًا بكثرة الرواية ومشهورًا بالطلب، وقد توبع الحسن بن علي إلا أنه تابعه من هو مثله أو أضعف.

فقد رواه الطحاوي في مشكل الآثار (5570)، وابن حبان (2150)، وابن الأعرابي في المعجم (2021) من طريق سليمان بن عبيد الله، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا كعب بن عجرة، إذا توضأت فأحسنت الوضوء، ثم خرجت إلى المسجد، فلا تشبك بين أصابعك، فإنك في صلاة.

وهذا إسناد ضعيف أيضًا، فيه سليمان بن عبيد الله الرقي،

ذكره الذهبي في المغني في الضعفاء (2604)، ونقل عن ابن معين أنه قال فيه: ليس بشيء.

وقال العقيلي: سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الرقي الحطاب، عن عبيد الله بن عمرو، لا يتابع عليه.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال أبو حاتم: صدوق، ما رأيت إلا خيرًا.

قال الطحاوي: ولا نعلم في هذا الباب عن كعب أحسن من هذا الحديث. اهـ وقوله: أحسن ما في الباب، ليس تحسينًا مطلقًا.

هذه طرق حديث كعب بن عجرة، والاختلاف في أسانيده، وهي تكشف عن اضطراب شديد، وأرجحها طريق أبي ثمامة الحناط، عن كعب، وأبو ثمامة ضعيف، والراجح في لفظ أبي ثمامة أن الحديث اشتمل على نص مرفوع، وهو النهي عن تشبيك الأصابع في الصلاة، ونص موقوف على كعب بن عجرة، وهو أن النهي عن التشبيك في الصلاة يشمل الساعي للصلاة؛ لأنه في حكم المصلي، وفقه الراوي فيه مجال للاجتهاد، والله أعلم.

قال الحافظ ابن رجب في شرح البخاري (3/ 423)«عن حديث كعب بن عجرة: في إسناده اختلاف كثير، واضطراب» .

ص: 54

الدليل الثاني:

(ح-1051) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن ابن موهب، عن عمه،

عن مولى لأبي سعيد الخدري، أنه كان مع أبي سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا جالسًا وسط المسجد، مشبكًا بين أصابعه، يحدث نفسه، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يفطن، قال: فالتفت إلى أبي سعيد فقال: إذا صلى أحدكم، فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة، ما دام في المسجد حتى يخرج منه

(1)

.

[ضعيف]

(2)

.

(1)

. المسند (3/ 54).

(2)

. الحديث رواه أحمد (3/ 54)، وابن أبي شيبة (4824) حدثنا وكيع، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن عمه (عبيد الله بن عبد الله)، عن مولى لأبي سعيد.

وأخرجه أحمد (3/ 42) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن موهب، قال: حدثني عمي يعني عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن مولى لأبي سعيد الخدري، قال: بينما أنا مع أبي سعيد الخدري، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالس في وسط المسجد محتبيًا، مشبكاً أصابعه بعضها في بعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفطن الرجل لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتفت إلى أبي سعيد، فقال: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد، حتى يخرج منه.

وقوله: عبيد الله بن عبد الله بن موهب: حدثني عمي، يعني عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، مقلوب، والصواب عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عمه عبيد الله بن عبد الله كما في رواية وكيع.

وعبيد الله بن عبد الرحمن: ضعيف،

وعمه عبيد الله بن عبد الله قال أحمد: لا يعرف، وقال الشافعي: لا نعرفه، وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال كما في تهذيب التهذيب، وحكم بجهالة حاله ابن الملقن في البدر المنير (5/ 65).

وقال الترمذي: ضعيف، تكلم فيه شعبة.

وقال ابن حبان: روى عنه ابنه يحيى، ويحيى لا شيء، وأبوه ثقة، وإنما وقعت المناكير في حديثه من قبل ابنه. الثقات (5/ 72).

وعندما يقول ابن حبان في راوٍ بأنه ثقة، فهو أعلى درجة من الرواة الذين يذكرهم في الثقات،

ولا يصرح بتوثيقهم بناء على أن الأصل في الراوي العدالة، ولهذا ربما ذكر الراوي في الثقات، وقال: لا أعرفه، ويكتفي بتوثيقه بعدم ثبوت ما يجرحه، فالمستور عنده ثقة.

وقال الحاكم في المستدرك بإثر ح (1094) أبو يحيى التيمي صدوق، إنما المجروح يحيى ابنه.

وقال الجوزجاني: لا يعرف، وأحاديثه مقاربة من حديث أهل الصدق. أحوال الرجال (231).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 129): وثقه ابن معين في رواية، وقد ضعف.

وصحح له ابن خزيمة في صحيحه.

وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 321)، وسكت عنه.

وقال ابن حجر في الفتح (1/ 566)«وفي إسناده ضعيف، ومجهول» .

يقصد بالمجهول عبيد الله بن عبد الله، لكن قال في التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، وإلا فلين.

وقال ابن رجب في شرح البخاري (3/ 422): «في إسناده عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، ضعفه ابن معين» .

وأورد الحديث الهيثمي في المجمع (2/ 25)، وقال: رواه أحمد بإسناد حسن، وهو سهو منه فقد ضعف حديثًا في مجمع الزوائد (1/ 167)، قال: رواه أحمد، وفيه عبيد الله بن عبد الله بن موهب، قال أحمد: لا يعرف.

وعلى تقدير أنه مجهول، فإن مجاهيل التابعين ليسوا كمجاهيل غيرهم، فالحديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 55

قال ابن رشد في البيان والتحصيل بعد أن ذكر هذه الأحاديث: «لم يصح عند مالك رحمه الله من هذا كله إلا النهي عن تشبيك الأصابع في الصلاة خاصة، فأخذ بذلك، ولم يَرَ بما سواه بأسًا»

(1)

.

وجه الاستدلال:

أن الحديثين، وإن كانا ضعيفين، إلا أن أحدهما شاهد للآخر، فينجبر ضعف أحدهما بالآخر، وفي مجموعهما ما يدل على كراهة تشبيك الأصابع في أثناء الخروج إلى المسجد.

• ويجاب عن هذا بأجوبة منها:

الجواب الأول: أن تفرد الضعفاء بهذا الحديث علة توجب رده، فلو كان هذا الحكم صحيحًا لما تفرد به ضعيف، أو مجهول، ولقد كان أئمة النقد في الحديث يتوقفون في قبول حديث الثقة والصدوق إذا لم يكن مبرزًا في الحفظ، أو مكثرًا عن

(1)

. البيان والتحصيل (1/ 364).

ص: 56

الراوي مُخْتَصًا به، فما ظنك بتفرد الضعفاء والمجاهيل.

يقول ابن رجب: «وأما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يَرْوِ الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضًا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس لذلك ضابط يضبطه»

(1)

.

الجواب الثاني: أن حديث كعب بن عجرة حديث مضطرب، فلو كان راويه ثقة، واضطرب فيه كان الحديث ضعيفًا، أما إذا كان الراوي ضعيفًا، واضطرب فيه فإن هذا يزيده وهنًا، وحديث كعب من هذا الضرب، وقد حصل الاضطراب في سنده، وفي متنه، ففي إسناده تارة يصله، وتارة يرسله، وتارة يجعله من مسند كعب، وتارة من مسند أبي هريرة، وتارة من مراسيل ابن المسيب، أو من مراسيل بعض أبناء كعب.

والاضطراب في متنه تارة يجعل الحديث في النهي عن التشبيك في الصلاة، وتارة يجعل النهي في حق الماشي للصلاة، وثالثةً يجعل النهي في منتظر الصلاة، ومثل هذا اضطراب شديد، كما أن الاعتبار مشروط بألا يعارضه ما هو أصح منه، فلو عارض الحديث الصحيح ما هو أصح منه قدم الأصح على الصحيح، فأولى أن يقدم الصحيح على الحديث المضطرب وحديث المجهول.

الجواب الثالث: أن المعروف في حديث كعب أن النص المرفوع منه في النهي عن تشبيك الأصابع في الصلاة، وأما التشبيك في أثناء السعي للصلاة فهو ما فهمه الصحابي باجتهاده بإعطاء حكم الساعي للصلاة حكم المصلي، ومثل هذا يدخله الاجتهاد، والله أعلم.

• دليل من قال: لا يكره تشبيك الأصابع:

الدليل الأول:

الكراهة حكم شرعي، لا يثبت إلا بدليل شرعي، والأصل عدم الكراهة.

(1)

. شرع علل الترمذي ت همام بن عبد الرحيم (2/ 582).

ص: 57

الدليل الثاني:

(ح-1052) ما رواه البخاري من طريق ابن عون، عن ابن سيرين،

عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي - قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا - قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه

الحديث، والحديث رواه مسلم، واللفظ للبخاري

(1)

.

وجه الاستدلال:

دل حديث أبي هريرة على جواز تشبيك الأصابع في المسجد، وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز.

• وأجيب عنه بثلاثة أجوبة:

الجواب الأول:

أن هذا وقع بعد ما ظن فراغه من الصلاة، والنهي عن التشبيك إنما ورد في الصلاة، ومن كان في حكم المصلي كالمنتظر والساعي لها.

الجواب الثاني:

أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لما تقرر في الأصول أن قوله صلى الله عليه وسلم مقدم على فعله عند التعارض.

وهذا التوجيه مُعَارَضٌ بأن الأصل التأسي وعدم الخصوصية إلا بدليل.

الجواب الثالث:

أن يكون فعله مبينًا أن النهي ليس للتحريم، وإنما للكراهة.

الدليل الثالث:

(ح-1053) ما رواه البخاري ومسلم من طريق بريد بن أبي بردة، عن جده أبي بردة،

عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. وشبك أصابعه

(2)

.

(1)

. صحيح البخاري (482)، وصحيح مسلم (573).

(2)

. صحيح البخاري (6026)، ومسلم (2585).

ص: 58

الدليل الرابع:

(ح-1054) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم،

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يغربل الناس غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم وكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه. قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله، إذا كان ذلك؟ قال: تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتدعون عامتكم.

حدثناه قتيبة بن سعيد بإسناده ومعناه، إلا أنه قال: وتبقى حثالة من الناس، وتدعون أمر عامتكم

(1)

.

[صحيح]

(2)

.

(1)

. المسند (2/ 221).

(2)

. حديث عبد الله بن عمرو روي من طرق عنه.

الطريق الأول: عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو.

أخرجه أحمد (2/ 221)، والحاكم (8340)، والطحاوي في مشكل الآثار (1176)، والطبراني في الكبير (13/ 10) رقم: 5، و (14/ 9) رقم: 14589، من طريق يعقوب بن عبد الرحمن به.

وأخرجه أبو داود (3442)، وابن ماجه (3957)، والطحاوي في المشكل (1176، 1180)، ونعيم بن حماد في الفتن (693)، وأبو عمرو الداني في الفتن (253)، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، كلاهما (يعقوب، وعبد العزيز) عن أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، فذكره.

في رواية ابن ماجه: (عمارة بن حزم)، وإسناده صحيح.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

الطريق الثاني: عكرمة مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عمرو.

أخرجه ابن المبارك في مسنده (257)،

وابن أبي شيبة (37115)، وأحمد (2/ 212)، وأبو داود (4343)، والطبراني في الدعاء (1963)، وفي الكبير (13/ 9)، رقم: 4، والطحاوي في مشكل الآثار (1181)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 347)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4359)، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (9962) من طريق مخلد بن يزيد. =

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وابن السني في اليوم والليلة (439) من طريق يونس بن بكير،

والحاكم (7758، 7758) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي.

وأخرجه أيضًا (8600) من طريق عبيد الله بن موسى، ستتهم رووه عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب، حدثني عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذَكَر الفتنة أو ذكرت عنده، فقال: إذا رأيت الناس مرجت عهودهم، وخفَّت أماناتهم وكانوا هكذا -فشبك بين أنامله- فقمت إليه فقلت: فكيف أفعل عند ذلك يا نبي الله جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، وذر ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، وذر عنك أمر العامة.

وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات إلا يونس بن أبي إسحاق فإنه صدوق.

وخالفهم المعافي بن عمران الموصلي كما في الفتن للداني (177)، فرواه عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب، عن عكرمة مرسلًا.

كما خالفهم وكيع كما في التمهيد لابن عبد البر (24/ 315، 316) فرواه عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن هلال به، فجعل بين يونس وبين هلال أباه، وقد تفرد به وكيع، ورواية الجماعة أصح.

الطريق الثالث: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

أخرجه أحمد (2/ 220) عن حسين بن محمد المروذي، حدثنا محمد بن مطرف، عن أبي حازم عن عمرو بن شعيب به.

والإسناد إلى عمرو بن شعيب إسناد صحيح، كلهم ثقات، والراجح في هذه السلسلة أنها من قبيل الحسن ما لم يتفرد، أو يخالف.

الطريق الرابع: الحسن البصري، عن عبد الله بن عمرو، وله علتان:

إحداهما: الانقطاع، فالحسن لم يسمع من عبد الله من عمرو.

والثانية: الاختلاف على الحسن،

فقد رواه يونس بن عبيد (ثقة) مقدم في الحسن على قتادة كما في المسند (2/ 162)،

وإسماعيل بن مسلم (ثقة) كما في المعجم الكبير (13/ 11) رقم: 9، وفي إسناده: إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فيه جهالة.

وكثير بن زياد البرساني (ثقة) كما في المعجم الكبير (13/ 13) رقم: 13، والأوسط (2086).

ومبارك بن فضالة (صدوق يدلس ويسوي) كما في الفتن لأبي عمرو الداني (256)، أربعتهم عن الحسن، عن ابن عمرو به، بلفظ: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟ قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال: إذا مرجت عهودهم، وأماناتهم وكانوا هكذا -وشبك بين أصابعه- قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم. =

ص: 60

وجه الاستدلال:

في هذا الحديث والذي قبله ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه، وهو مطلق، فدل على أن التشبيك في نفسه لا محذور من فعله فينهى عنه من أجله، وقياس خارج الصلاة على داخل الصلاة لا يصح؛ لأن التشبيك داخل الصلاة فيه محذوران:

أحدهما: أنه صفة في العبادة، والأصل في العبادات المنع، وجوازه يحتاج إلى دليل، بخلاف فعله خارج الصلاة، فليس فعله على وجه التعبد، والأصل الحل.

الثاني: أن وضع اليدين في الصلاة في جميع أحوالها لها صفات مشروعة، فالتشبيك في الصلاة يمنع من اتباع السنة في وضع اليد، فوضع اليد حال القيام في الصلاة بأن توضع اليد اليمنى على اليسرى، وفي حال الركوع بأن توضع اليد على الركبتين، وقل مثل فذلك في بقية أحوال الصلاة بخلاف التشبيك خارج الصلاة.

والقول بأن قاصد الصلاة في صلاة: أي في الأجر والمثوبة، وليس في الأوامر

=

وخالفهم قتادة، كما في مصنف عبد الرزاق (20741)، وسقط قتادة من إسناد عبد الرزاق، واستدرك من شرح السنة للبغوي (4221)، وانظر: المسند المصنف المعلل (17/ 518).

والربيع بن صبيح البصري (صدوق سيئ الحفظ)، كما في المعجم الكبير للطبراني (13/ 11) رقم: 10، والفتن لأبي عمرو الداني (118، 254).

خالد بن دينار النيلي (صدوق)، كما في المعجم الكبير (13/ 12) رقم: 12،

ومعاوية بن عبد الكريم الضال (صدوق) كما في المعجم الكبير (13/ 13) رقم: 14،

وأبو الأشهب جعفر بن حيان (ثقة) كما في مسند الحارث، بغية الباحث (772).

وجرير بن حازم البصري (ثقة في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه) كما في مسند الحارث، بغية الباحث (773)، ستتهم رووه عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقد قال الأئمة في مرسلات الحسن البصري: شبه الريح.

الطريق الخامس: عقبة بن أوس، عن ابن عمرو.

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 11) رقم: 8، من طريق عبيد الله بن عمرو بن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذكر مثله.

وهذا إسناد صحيح إن كان عقبة بن أوس سمع من عبد الله بن عمرو.

جاء في سؤالات ابن الجنيد (ص: 318): قلت ليحيى بن معين: تعلم محمد بن سيرين يدخل بينه وبين عقبة بن أوس أحدًا، أو عقبة بن أوس يدخل بينه وبين عبد الله بن عمرو أحدًا؟ فقال: لا أعلمه، وعقبة بن أوس يقال له أيضًا: يعقوب بن أوس. قال ابن الغلابي: يزعمون أن عقبة بن أوس السدوسي لم يسمع من عبد الله بن عمرو، إنما يقول: قال عبد الله بن عمرو. اهـ

ص: 61

والنواهي، فالالتفات مكروه في الصلاة ولا يكره خارج الصلاة، ولو كان في طريقه للمسجد.

• ونوقش هذا:

قال الحافظ ابن حجر نقلًا عن ابن المنير: «المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل، وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس»

(1)

.

وفي هذا الكلام نظر، فالتشبيك لا يعد عبثًا إلا إذا عُدَّ وضع اليد اليمنى على اليسرى عبثًا، لأن الصورة واحدة، وعلى التسليم فإن التشبيك قد يفعله بقصد التدفئة، وقد يفعله من ينتظر الصلاة في حال الاحتباء في الجلوس.

• الراجح:

أن التشبيك لا يكره في حال الذهاب إلى الصلاة، ولا في حال الانتظار، وسوف نبحث حكم التشبيك في الصلاة في مكروهات الصلاة، بَلَّغَنَا الله ذلك بمنه وعونه وتوفيقه.

* * *

(1)

. فتح الباري (1/ 566).

ص: 62