الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع التاسع في صفة وضع اليدين
المدخل إلى المسألة:
• إذا أمكن حمل الألفاظ المختلفة على صفة واحدة بلا تكلف فهو أولى من حمل الألفاظ على صفات متعددة؛ لأن الأصل عدم التعدد.
• الحديث الواحد يأتي في رواية بالقبض وفي أخرى بالوضع مما يدل على أن من عبر بالوضع أراد به القبض.
• وضع اليد اليمنى على اليسرى ربما أطلق في الأحاديث وأريد به ما يقابل الإرسال، لا ما يخالف القبض.
• لو كان الوضع مخالفًا بالمعنى لصفة القبض لأوجب ذلك إعلال الأحاديث بالاضطراب؛ لاختلافها بين القبض والوضع، ولم ينقل عن عالم واحد أنه أعلَّ هذه الأحاديث؛ لاختلافها بذلك.
• كل من قبض شماله بيمينه فإنه يصدق على أنه وضع يده عليها.
• لو كان هذا الاختلاف بين القبض والوضع مقصودًا لنقل عن الصحابة رضي الله عنهم عند اختيار أحدهما نَفْيُ الآخر، ولتوقفوا عندهما إما بالتخيير، وإما بالترجيح، وإما بالإرشاد إلى فعل هذا مرة، وهذا مرة.
[م-511] قبل الكلام على صفة وضع اليدين يستحسن أن نُعَرِّف بعض الألفاظ ليسهل الفهم.
فالرسغ: هو المفصل بين الكف والساعد، ومنه تقطع يد السارق، وله طرفان هما عظمان في مفصل الكف، فالذي يلي الإبهام: كوع، والذي يلي الخنصر:
كرسوع
(1)
.
فالرسغ: وسط طرفاه الكوع والكرسوع.
قال الناظم:
وعظم يلي الإبهام كوع وما يلي
…
لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
(2)
.
[م-512] اختلف العلماء في صفة وضع اليد اليمنى على اليسرى:
فقيل: يقبض يده اليمنى على كوع اليسرى، وهو اختيار أبي يوسف، وقول في مذهب الحنابلة، وفي صلاة النفل عند المالكية
(3)
.
والمراد من قولهم: يقبض كوع اليسرى، أي المفصل، وهو من إطلاق البعض على الكل، ومثله من قال: يقبض الرسغ.
وقيل: يضع -بلا قبض- كف يده اليمنى على كوع يده اليسرى، وبه قال محمد بن الحسن، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(4)
.
(1)
. انظر مغني المحتاج (1/ 391)، حاشية ابن عابدين (1/ 111).
(2)
. الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (1/ 111).
(3)
. قال الزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 111): «وعند أبي يوسف يقبض بيده اليمنى على رسغ يده اليسرى» .
وقبض الرُّسْغ المقصود به قبض الكوع؛ لأن الرسغ لا يمكن قبضه إلا بقبض طرفيه، وهما الكوع والكرسوع، فلو قالوا: يقبض المفصل لشمل قبض الرسغ والكوع والكرسوع، جاء في المطلع على ألفاظ المقنع (ص: 51): ويقال للمفصل: رسغ. اهـ وقد بينت في مدخل المسألة معنى الرُسْغ والكوع والكرسوع.
وانظر: الجوهرة النيرة (1/ 51)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 93)،
وأما مذهب المالكية فقد علمت أن المعتمد كراهة القبض مطلقًا في الفرض، وجوازه في النفل على خلاف أيجوز مطلقًا، أم إذا طالت الصلاة، فهذا التفصيل مبني على هذا الاختيار.
انظر في مذهب المالكية: شرح زروق على متن الرسالة (1/ 216)، منح الجليل (1/ 262)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 250)، شرح الخرشي (1/ 286)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 378)، نهاية المحتاج (1/ 548)، فتح العزيز (3/ 269)، الإنصاف (2/ 46)، المغني (1/ 341)، الإقناع (1/ 114)، الفروع (2/ 168).
(4)
. تبيين الحقائق (1/ 111)، العناية شرح الهداية (1/ 287)، بدائع الصنائع (1/ 201).
وقال المرداوي في الإنصاف: (2/ 46): «ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى، هذا المذهب، نص عليه، وعليه جمهور الأصحاب» .
وفي شرح منتهى الإرادات (1/ 186): «ثم يسن له بعد التكبير وضع كف يد يمنى على كوع يد يسرى» .
والنص نفسه في مطالب أولي النهى (1/ 424)، فعبر في الإنصاف وفي المنتهى وفي مطالب أولي النهى بالوضع بدلًا من القبض، وهو مخالف لما في الإقناع حيث عبر بالقبض، فقال في الإقناع (1/ 114):«ثم يقبض بكفه الأيمن كوعه الأيسر» . وانظر كشاف القناع (1/ 333).
وإذا اختلف الإقناع والمنتهى فالمقدم المنتهى.
ولا فرق بينه وبين القول السابق إلا أن السابق قال بالقبض، وهذا اختار الوضع.
وقيل: يجمع بين الوضع والقبض (الأخذ)، وذلك بأن يقبض كوعه بإبهامه، وكرسوعه بخنصره، ويرسل الباقي على ساعده، جمعًا بين أحاديث الأخذ والوضع، وقد استحسن هذا كثير من مشايخ الحنفية، وهو قول في مذهب الشافعية
(1)
.
وقيل: يقبض بيمينه كوع يسراه، وبعض ساعدها ورسغها، وهو المشهور من
(1)
. في مذهب الحنفية ثلاثة أقوال مشهورة:
القول الأول: اختاره محمد بن الحسن: أن يضع -بلا قبض- كفه اليمنى على كوع اليسرى.
الثاني: قول أبي يوسف، وهو مثل قول محمد إلا أنه يرى القبض بدلًا من الوضع، فيقبض بيمينه كوع كفه اليسرى.
الثالث: استحسن أكثر مشايخ الحنفية الجمع بين القبض والوضع، ووصف ذلك ابن عابدين، فقال في حاشيته (1/ 487): «يحلق الخنصر والإبهام على الرسغ (يقصد على طرفيه الكوع والكرسوع) ويبسط الأصابع الثلاث كما في شرح المنية ونحوه في البحر والنهر والمعراج والكفاية والفتح والسراج وغيرها.
وقال في البدائع: ويحلق إبهامه وخنصره وبنصره، ويضع الوسطى والمسبحة على معصمه، وتبعه في الحلية، ومثله في شرح الشيخ إسماعيل عن المجتبى.
(قوله هو المختار) كذا في الفتح والتبيين، وهذا استحسنه كثير من المشايخ ليكون جامعًا بين الأخذ والوضع الْمَرْوِيَّين في الأحاديث، وعملًا بالمذهب احتياطًا كما في المجتبى وغيره».
…
وهناك صفتان ذكرهما الحنفية دون أن ينسبوهما لأحد من أصحابهم.
إحداهما: أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى.
الثانية: أن يضع كفه اليمنى على ذراعه اليسرى.
انظر بدائع الصنائع (1/ 202)، تبيين الحقائق (1/ 111)، منحة الخالق حاشية على البحر الرائق (1/ 326)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 259)، تحفة المحتاج (2/ 103).
مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
والفرق بين هذا القول والسابق أن هذا قال بقبض الكوع والرسغ والساعد، والسابق قال بالجمع، فيقبض بالخنصر والإبهام، ويضع الباقي على الساعد بلا قبض.
وقيل: يتخير بين بسط أصابع اليمنى في عرض المفصل، وبين نشرها صوب الساعد، وهو قول في مذهب الشافعية
(2)
.
وقيل: يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وهو قول محكي في مذهب الحنفية
(3)
.
وقيل: يضع كفه اليمنى على ذراعه اليسرى، وهو قول محكي في مذهب الحنفية
(4)
.
قال في تحفة المحتاج: «ويظهر أن الخلاف في الأفضل، وأن أصل السنة يحصل بكلٍّ»
(5)
.
وقيل: لا تعارض بين هذه الصفات، فكلها جائزة؛ لجواز وقوع الكل في أوقات مختلفة
(6)
.
وكأن صاحب هذا القول حمل اختلاف هذه الصفات على تنوع العبادة، والسنة في العبادة إذا وردت على وجوه متعددة، أنه يجوز فعلها على جميع تلك الوجوه من غير كراهة، بل الأفضل أن يأتي بهذا مرة، وبهذا مرة؛ ليصيب السنة على وجوهها المختلفة، ولا يهجر بعض ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا التوجه جيد إلا أنه مشروط بشرطين:
(1)
. روضة الطالبين (1/ 232)، مغني المحتاج (1/ 391)، نهاية المحتاج (1/ 548)، تحفة المحتاج (2/ 102)، الفروع (2/ 168)
(2)
. روضة الطالبين (1/ 232)، مغني المحتاج (1/ 391)،.
(3)
. انظر بدائع الصنائع (1/ 202).
(4)
. المرجع السابق.
(5)
. تحفة المحتاج (2/ 103).
(6)
. مرعاة المفاتيح (3/ 60).
الأول: أن تثبت صفة العبادة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا عبرة بالصفات الواردة في أحاديث شاذة أو منكرة؛ لأن مثلها محمول على الوهم، والخطأ، وهذا يصدق على بعض الصفات الواردة، كوضع اليد على الكف، والرسغ، والساعد.
الثاني: ألا يمكن حملها على صفة واحدة، فإن أمكن حملها بلا تكلف على صفة واحدة، فالأصل عدم التعدد، كالاختلاف بين الوضع والقبض، فإنهما بمعنى واحد يراد منهما ما يقابل السدل والإرسال.
هذا ما وقفت عليه من أقوال سادتنا الفقهاء عليهم رحمة الله، وهي ترجع في أصلها إلى صفتين:
صفة تتعلق باليد اليمين لا تخرج عن صفتين: الوضع أو القبض.
وصفة تتعلق باليد الشمال وفيها أقوال:
فقيل: قبض وقيل: وضع اليد على الكوع، والمقصود بالكوع المفصل، والقول بالقبض هو قول أكثر العلماء.
وقيل: الجمع بين القبض والوضع، وقد علمت صفته.
وقيل: قبض الكوع والرسغ وبعض الساعد.
وقيل: وضع الكف على الكف.
وقيل: وضع الكف على الذارع.
هذا ملخص الأقوال، وهي أكثر من النصوص الواردة في المسألة، فتعال أُخَيّ بعد أن وفقنا الله على الوقوف على هذه الأقوال نأتي على ذكر ما ورد فيها من أدلة:
• دليل من قال: السنة الوضع وليس القبض:
الدليل الأول:
(ح-1276) ما رواه مسلم من طريق عفان، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، ومولى لهم، أنهما حدثاه،
عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر، -وصف همام حيال أذنيه- ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على
اليسرى
…
الحديث
(1)
.
[حديث علقمة بن وائل، عن أبيه روي عنه بصفة الوضع ورواه بعضهم بصفة القبض، ورواية القبض لا تنافي رواية الوضع، فمن قبض يده بالأخرى فإنه يصدق عليه أنه وضع يديه عليها، فرجعت رواية الوضع إلى رواية القبض]
(2)
.
(1)
. مسلم (54 - 401).
(2)
. حديث علقمة بن وائل، عن أبيه، رواه عن علقمة ثلاثة: عبد الجبار بن وائل، وموسى بن عمير، وقيس بن سليم.
فأما رواية عبد الجبار، فرواه محمد بن جحادة، واختلف عليه:
فرواه همام، عن محمد بن جحادة بلفظ:(ثم وضع يده اليمنى على اليسرى) بصفة الوضع.
ورواه عبد الوارث، عن محمد بن جحادة بلفظ (ثم أخذ شماله بيمينه)، والأخذ إشارة إلى القبض.
وأما رواية موسى بن عمير، عن علقمة بن وائل، فقد فاختلف فيه على موسى بن عمير:
فرواه وكيع عنه، بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يمينه على شماله في الصلاة.
ورواه عبد الله بن المبارك، وأبو نعيم الفضل بن دكين عن موسى بن عمير بلفظ:(قبض بيمينه على شماله).
فأنت ترى أن وكيعًا رواه بالوضع، وأبا نعيم وابن المبارك روياه بالقبض.
ورواية القبض لا تنافي رواية الوضع، فكل من قبض بيمينه على شماله فإنه يصدق عليه أنه وضعها عليها، لهذا لا أرى إثبات صفتين، بل هما صفة واحدة.
ورواه المسعودي، عن عبد الجبار من رواية وكيع وعمرو بن مرزوق عنه بصفة الوضع.
ورواه جمع عن المسعودي، فلم يذكروا وضع اليدين، ولعلهم اختصروا الحديث.
هذا الحديث من حيث الإجمال، وأما تخريجه بالتفصيل فإليك هو:
الطريق الأول: عبد الجبار، عن علقمة بن وائل، عن أبيه.
رواه عن عبد الجبار اثنان: محمد بن جحادة، والمسعودي،
(1)
- أما رواية محمد بن جحادة، فرواه عن عبد الجبار، واختلف عليه فيه:
فرواه همام، عن محمد بن جحادة، بلفظ:(ثم وضع يده اليمنى على اليسرى).
رواه عن همام ثلاثة:
الأول: عفان، عن همام.
أخرجه مسلم (54 - 401)، وأحمد (4/ 317، 318)، وأبو عوانة في مستخرجه (1596)، والطحاوي في أحكام القرآن (1/ 188)، وابن خزيمة (906)، وأبو نعيم في مستخرجه (889)، والبيهقي في السنن، من طريق عفان، عن همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم، عن أبيه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعفان من أثبت أصحاب همام.
وخالف حجاج بن منهال عفان بن مسلم في إسناده.
فرواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 60) ح 60، حدثنا علي بن عبد العزيز.
وأبو جعفر البختري كما في مجموع مصنفات أبي جعفر (36 - 705) قال: حدثنا حنبل: كلاهما عن حجاج بن منهال: حدثنا همام: حدثنا محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل ابن حجر، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه وكبر، ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى .... وذكر الحديث بتمامه. فذكر اليدين بصفة الوضع.
ورواه أبو داود (736، 839)، حدثنا محمد بن معمر.
والقطيعي في جزء الألف دينار (182)، وأبو نعيم في مستخرجه (889)، عن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم (الكشيِّ)، كلاهما عن حجاج بن منهال به، مختصرًا.
وتابع أبو عمرو الحوضي حجاجًا في إسناده، فرواه الطبراني في الكبير (22/ 27) ح 60، وأبو نعيم في مستخرجه (889) مقرونًا برواية حجاج بن منهال.
والمحفوظ رواية عفان عن همام، وقد تابع عبد الوارث همامًا من رواية عفان عنه على إسناده بذكر علقمة بن وائل، وإن اختلف معه في صفة وضع اليد.
فرواه عبد الوارث بن سعيد (ثقة)، عن محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن وائل بن علقمة، عن وائل بن حجر، وفيه: ( .... ثم أخذ شماله بيمينه
…
).
أخرجه أبو داود في السنن (723) حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي (ثقة ثبت)،
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 257)، وفي أحكام القرآن (338)، والطبراني في الكبير (22/ 28) ح 61 من طريق أبي معمر المقعد: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج (ثقة)،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2619)، والطبراني في الكبير (22/ 28)، ح 61، عن محمد بن عبيد بن حساب (ثقة).
وابن خزيمة (905)، وأبو نعيم في مستخرجه مقرونًا بغيره (889) عن عمران بن موسى القزاز (صدوق)،
وابن حبان (1862) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي (ثقة)،
خمستهم (عبيد الله، وأبو معمر، ومحمد بن عبيد، وعمران وابراهيم بن الحجاج السامي) رووه عن عبد الوارث، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، قال:: كنت غلامًا لا أعقِلُ صلاةَ أبي، قال: فحدثني وائل بن علقمة، عن أبي: وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا كبر رفع يديه، قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه، وأدخل يديه في ثوبه
…
وذكر الحديث.
فقلب اسم علقمة بن وائل إلى وائل بن علقمة إلا رواية الطبراني فجاءت على الصحيح،
…
فاختار ابن حبان أن الوهم في اسمه من قبل ابن جحادة، فقال: «محمد بن جحادة: من الثقات=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
المتقنين، وأهل الفضل في الدين؛ إلا أنه وَهِم في اسم هذا الرجل، إذ الجوادُ يَعْثُر، فقال: وائل بن علقمة، وإنما هو: علقمة بن وائل».
واختار ابن خزيمة أن الوهم من عبد الوارث، قال ابن خزيمة:«هذا علقمة بن وائل لا شك فيه، لعل عبد الوارث أو من دونه شك في اسمه، ورواه همام بن يحيى: ثنا محمد بن جحادة: حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم، عن أبيه وائل بن حجر» .
فالذي جعل ابن خزيمة يبرئ ساحة ابن جحادة رواية همام عنه على الصواب.
ويحتمل أن يكون ابن جحادة كان قد رواه على الصواب، ثم دخله الوهم فيه بعد ذلك.
قال عبد الله بن أحمد كما في العلل (1/ 437/974): «سمعت القواريري يقول: ذهبت أنا وعفان إلى عبد الوارث، فقال: أيش تريدون؟ فقال له عفان: أخرج حديث ابن جحادة، فأملاه من كتابه: حدثنا محمد بن جحادة، قال: حدثني وائل بن علقمة، عن أبيه وائل بن حجر، قال: فقال له عفان: هذا كيف يكون؟ حدثنا به همام، فلم يقل هكذا، قال: فضرب بالكتاب الأرضَ، وقال: أخرج إليكم كتابي ويقولون أخطأت» .
والخطب سهل، ما دام الراوي ثقةً معروفاً، وليس محل البحث الآن من أين جاء الوهم، بل البحث متوجه إلى صفة وضع اليد اليمنى على اليسرى، فحسب.
فقد ذكر عبد الوارث صفة وضع اليمين على الشمال بقوله: (ثم أخذ شماله بيمينه) فعبر بالأخذ، وهو كناية عن القبض مخالفًا لهمام بن يحيى والذي رواه بلفظ:(وضع يده اليمنى على اليسرى)، ولم يعترض عفان على عبد الوارث بهذا اللفظ مما يدل على أن الوضع المراد منه القبض، وإنما عارضه في قلب اسم علقمة بن وائل، والله أعلم.
وزاد فيه عبد الوارث: رفع اليدين من السجود، وهذا الحرف شاذ أيضًا، وليس محل البحث الآن، هذا فيما يتعلق برواية ابن جحادة، عن عبد الجبار.
(2)
وأما رواية المسعودي، عن عبد الجبار:
فقد سبق تخريجها، إلا أن البحث في التخريج السابق كان متوجهًا لبحث رفع اليدين مع التكبيرة، فأعيد تخريجه الآن في بحث صفة وضع اليدين، أسأل الله العون والتوفيق:
فقد رواه وكيع كما في مسند أحمد (4/ 316)، عن المسعودي، عن عبد الجبار بن وائل، حدثني أهل بيتي، عن أبي، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة، ويضع يمينه على يساره في الصلاة.
ووكيع ممن روى عن المسعودي قبل اختلاطه.
وتابعه على ذكر وضع اليد اليمنى على الأخرى عمرو بن مرزوق،
رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 32) ح 76، بلفظ:(أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه إذا افتتح الصلاة، ووضع اليمنى على اليسرى، ويحبس كفيه).
وابن مرزوق قد روى عن المسعودي قبل اختلاطه
ورواه يزيد بن زريع كما في سنن أبي داود (725)، عن المسعودي به مختصرًا، بلفظ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
(يرفع يديه مع التكبيرة).
وأبو حفص عمرو بن علي الفلاس، رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 32) ح 77، حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي (فيه جهالة)، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، (لم يدرك المسعودي)، كلاهما (يزيد بن زريع، وأبو حفص)، عن المسعودي بلفظ:(أنه رفع يديه مع التكبيرة).
ويزيد بن زريع ممن روى عن المسعودي قبل اختلاطه.
…
وتابعهم على هذا اللفظ أبو النظر: هاشم بن القاسم، كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 40) إلا أنه زاد (ويسجد بين كفيه).
ورواه الطيالسي في مسنده (1115) عن المسعودي به، بلفظ:(أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عن يمينه، وعن شماله).
واختلف فيه على المسعودي في إسناده أيضًا:
فرواه الطيالسي، ووكيع، ويزيد بن زريع، وعمرو بن مرزوق، وأبو النظر، وعمرو بن علي، كلهم رووه عن المسعودي، عن عبد الجبار بن وائل، حدثني أهل بيتي، عن وائل بن حجر.
وخالفهم كل من:
يزيد بن هارون (ممن روى عن المسعودي بعد اختلاطه) كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 32) ح 75،
وأسد بن موسى. رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 32) ح 74، حدثنا المقدام بن داود (متكلم فيه) حدثنا أسد بن موسى، كلاهما (يزيد وأسد)، عن المسعودي، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه.
وعبد الجبار لم يسمع من أبيه.
ولفظ يزيد بن هارون: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد بين كَفَّيْه.
ولفظ أسد بن موسى: لما قدم أبي على النبي صلى الله عليه وسلم رآه يضع يده اليمنى على اليسرى، ورفع يديه مع كل تكبيرة.
والمحفوظ من إسناده رواية وكيع ويزيد بن زريع ومن تابعهما، في ذكر واسطة بين عبد الجبار وأبيه، إلا أن المسعودي أبهم الواسطة بين عبد الجبار وأبيه، ورواه محمد بن جحادة، وحفظ الواسطة بينهما، ولم يذكره بلفظ:(يرفع يديه مع التكبيرة)، وهو المحفوظ.
الطريق الثاني: موسى بن عمير (ثقة)، عن علقمة بن وائل:
…
رواه موسى بن عمير الكوفي واختلف عليه في صفة وضع اليدين:
فرواه وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة (3938)، ومسند أحمد (4/ 316)، وسنن الدارقطني (1101)، ومجلس من أمالي أبي عبد الله بن منده (309)، والبغوي في شرح السنة (3/ 30)، عن موسى بن عمير، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه: بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يمينه على شماله في الصلاة. =
• ويناقش:
بأن وضع اليد اليمنى على اليسرى ربما أطلق في الأحاديث وأريد به ما يقابل الإرسال، لا ما يخالف القبض، فإن من قبض شماله بيمينه فقد وضعها على الأخرى؛ والراوي الواحد تارة يروي الحديث بلفظ القبض، وتارة يرويه بلفظ
=
ورواه عبد الله بن المبارك كما في المجتبى من سنن النسائي (887)، وفي الكبرى له (963)، وسنن الدارقطني (1104)، والتمهيد لابن عبد البر (20/ 72).
وأبو نعيم الفضل بن دكين، كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 9) ح 1، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 43)، والتمهيد لابن عبد البر (20/ 72)، كلاهما (ابن المبارك، وأبو نعيم) عن موسى بن عمير، بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله. زاد أبو نعيم: ورأيت علقمة يفعله.
فأنت ترى أن وكيعًا رواه بالوضع، وأبا نعيم وابن المبارك روياه بالقبض، ورواية القبض لا تنافي رواية الوضع، فكل من قبض بيمينه على شماله فإنه يصدق عليه أنه وضعها عليها، لهذا لا أرى إثبات صفتين، بل هما صفة واحدة.
…
ورواه بكر بن بكار العبسي كما في أحكام القرآن للطحاوي (1/ 188)، عن موسى بن عمير به، بلفظ: كان يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى إذا قام في الصلاة.
وقد تفرد بكر بن بكار عن موسى بن عمير بلفظ: وضع اليمنى على الذراع اليسرى، وإنما يعرف هذا اللفظ من حديث سهل بن سعد الساعدي، وبكر بن بكار ضعيف.
الطريق الثالث: قيس بن سليم العنبري، عن علقمة بن وائل.
أخرجه البخاري في رفع اليدين كما في قرة العينين (10)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 19) ح 27، عن أبي نعيم،
ورواه النسائي في المجتبى (1055)، وفي الكبرى (646) أخبرنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، كلاهما أبو نعيم، وابن المبارك، عن قيس بن سليم العنبري، قال: حدثني علقمة بن وائل به، بلفظ: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، زاد ابن المبارك: هكذا فأشار قيس إلى نحو الأذنين.
ورواه النسائي في المجتبى (887)، ومن طريقه الدارقطني (1104) أخبرنا سويد بن نصر، أنبأنا عبد الله (يعني ابن المبارك)، عن موسى بن عمير العنبري، وقيس بن سليم العنبري قالا: حدثنا علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله.
وأظن أن هذا لفظ موسى بن عمير العنبري، فإن النسائي حين أفرد طريق قيس بن سليم لم يذكر صفة وضع اليدين، والله أعلم.
الوضع، والطرق كلها صحيحة، فلو كان هذا اختلافًا لأوجب إعلال الأحاديث بالاضطراب بين القبض والوضع، ولا يعرف أن عالمًا أعلَّ هذه الأحاديث بالاختلاف بين الوضع والقبض، ولا يعرف عن الصحابة رضي الله عنهم التفريق بين الوضع والقبض، فلو كان هذا مقصودًا بالاختلاف لنقل عن الصحابة عند اختيار أحدهما نَفْيُ الآخر، ولتوقفوا عنده إما بالتخيير، وإما بالترجيح، وإما بالإرشاد إلى فعل هذا مرة وذاك أخرى، فإذا لم ينقل اعتبار مثل هذه الألفاظ من الاختلاف عندهم فإن الأصل عدم التعدد، وأن مردهما إلى معنى واحد، لورودهما في الحديث الواحد، وأن المقصود من اللفظ ما ينافي إرسال اليدين، ويكون القبض هو المقصود؛ لاشتماله على الوضع وزيادة.
الدليل الثاني:
(ح-1277) ما رواه أبو داود من طريق هشيم بن بشير، عن الحجاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي،
عن ابن مسعود، أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده اليمنى على اليسرى
(1)
.
[ضعيف، وسبق تخريجه]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ح-1278) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سماك،
عن قبيصة بن هلب، عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينه على شماله في الصلاة
(3)
.
[لم يروه عن هلب إلا ابنه قبيصة، ولا عن قبيصة إلا سماك]
(4)
.
(1)
. سنن أبي داود (755).
(2)
. انظر أدلة القول الأول.
(3)
. مصنف ابن أبي شيبة (3934).
(4)
. في إسناده قبيصة بن هلب، قال فيه ابن المديني: والنسائي: مجهول، زاد ابن المديني: لم يَرْوِ =
الدليل الرابع:
(ث-296) روى البخاري في التاريخ الكبير: قال موسى: حدثنا حماد بن سلمة، سمع عاصمًا الجَحدَرِيَّ، عن أبيه، عَنْ عقبة بن ظَبيان،
عن عليٍّ رضي الله عنه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] وضع يده اليمني على وسط ساعده على صدره
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
• دليل من قال: السنة القبض وليس الوضع:
(ح-1279) استدلوا بما رواه أبو داود من طريق عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن جحادة،
حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي قال: فحدثني وائل بن علقمة، عن أبي وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول
=
عنه غير سماك.
وقد أشار يعقوب بن شيبة بأن تفرد سماك بالرواية عن الراوي لا ترفع عنه الجهالة.
قال ابن رجب في شرح العلل (1/ 378): «قال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل معروفاً؟ إذا روى عنه كم؟ قال: إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي، وهؤلاء أهل العلم، فهو غير مجهول. قلت: فإذا روى عن الرجل مثل سماك بن حرب وأبي إسحاق؟ قال: هؤلاء يروون عن مجهولين» . انتهى.
وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الترمذي: حسن
…
اهـ
والحسن عند الإمام الترمذي ليس هو الحسن الاصطلاحي عند المتأخرين إلا أن يحمل على الحسن لغيره، وقد كشف الترمذي عن اصطلاحه بقوله:«والحديث الحسن عندنا ما روي من غير وجه، ولم يكن شاذًّا، ولا في إسناده من يتهم بالكذب» . انظر شرح علل الترمذي (2/ 606).
فقوله: ما روي من غير وجه يقصد والله أعلم إما سندًا بحيث تتعدد طرقه بالمتابعات، وإما متنًا بحيث يأتي له شواهد أخرى تتفق معه، بحيث لا يتفرد الضعيف بأصل الحديث.
والحديث هذا يحمل على تعدد شواهده، لا طرقه، فإن الحديث لم يروه عن هلب إلا ابنه قبيصة، ولا عن قبيصة إلا سماك، ثم رواه جماعة من الثقات عن سماك، وقد سبق تخريجه في مسألة سابقة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، انظر (ح 1271).
(1)
. التاريخ الكبير (6/ 437).
(2)
. سبق تخريجه.
الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا كبر رفع يديه، قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه
…
وذكر الحديث
(1)
.
ورواه النسائي من طريق عبد الله (يعني ابن المبارك)، عن موسى بن عمير العنبري عن علقمة بن وائل،
عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله
(2)
.
تابع أبو نعيم الفضل بن دكين ابن المبارك فرواه عن موسى بن عمير به، بالقبض
(3)
.
[حديث وائل بن حجر من رواية علقمة بن وائل عن أبيه روي بوضع اليد، وروي بقبضها، وليس أحد اللفظين بأولى من الآخر]
(4)
.
وجاء حديث وائل بن حجر من رواية عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، واختلف على عاصم بن كليب:
فرواه شعبة، عن عاصم بلفظ:(ووضع يده اليمنى على اليسرى)
(5)
.
(1)
. سنن أبي داود (723).
(2)
. سنن النسائي (887).
(3)
. كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 9) ح 1، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 43).
(4)
. سبق تخريجه، انظر أدلة القول الأول.
(5)
. رواه أحمد (4/ 319) حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شعبة، عن عاصم بن كليب، قال: سمعت أبي يحدث عن وائل بن حجر الحضرمي، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، وقال فيه: ووضع يده اليمنى على اليسرى
…
الحديث.
ورواه هاشم بن القاسم كما في مسند أحمد (4/ 316) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 430).
ومحمد بن جعفر كما في مسند أحمد (4/ 316)، وصحيح ابن خزيمة (697).
ومسلم بن إبراهيم كما في قرة العينين في رفع اليدين للبخاري (26)، والمعجم الكبير للطبراني (22/ 35) ح 83، وفي الدعاء (637).
وأبو الوليد الطيالسي كما في المعجم الكبير (22/ 35) ح 83.
ووهب بن جرير كما في صحيح ابن خزيمة (698).
والنضر بن شميل كما في الفصل للوصل للخطيب (1/ 431) ستتهم (هاشم بن القاسم، ومحمد بن جعفر، ومسلم بن إبراهيم، والطيالسي، ووهب بن جرير، والنضر)، رووه عن شعبة، به، ولم يذكروا وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى بلفظ: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى، فكبر، فرفع يديه، فلما ركع رفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع، رفع يديه وخوى في ركوعه، وخوى في سجوده، فلما قعد يتشهد وضع فخذه اليمنى على اليسرى، ووضع يده اليمنى وأشار بإصبعه السبابة، وحلق بالوسطى.
هذا لفظ هاشم بن القاسم، عن شعبة في مسند أحمد، والبقية رووه بنحوه.
ورواه بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب به، بلفظ (ثم أخذ شماله بيمينه) وذلك من رواية مسدد، وإسماعيل بن مسعود، وبشر بن معاذ الضرير، عن بشر بن المفضل.
وخالفهم محمد بن عبد الملك القرشي (صدوق)، فرواه عن بشر بن المفضل، بلفظ:(ثم وضع يده اليمنى على اليسرى).
وقد تفرد بذلك البزار، عن محمد بن عبد الملك القرشي
(1)
.
وقد رواه عبد الله بن إدريس، وأبو الأحوص سلام بن سليم، و عبد الواحد بن زياد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وزهير بن معاوية، وعبيدة بن حميد، كلهم رووه عن عاصم بن كليب به، بلفظ (ثم أخذ شماله بيمينه)
(2)
.
(1)
. رواية بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه عن وائل:
أخرجها أبو داود (726، 957)، قال: حدثنا مسدد،
ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 37) ح 86، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 435)،
ورواه النسائي في المجتبى (1265)، وفي الكبرى (1189) أخبرنا إسماعيل بن مسعود.
وابن ماجه (810، 867) حدثنا بشر بن معاذ الضرير، ثلاثتهم رووه عن بشر بن المفضل به، وفيه: (
…
ثم أخذ شماله بيمينه .... ) وذكر الحديث.
ورواه البزار (4485) حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي، قال: حدثنا بشر بن المفضل به، وفيه: (
…
ثم وضع يده اليمنى على اليسرى
…
)، لم يروه عن ابن المفضل إلا القرشي، تفرد به البزار، فإن كان (وضع اليد) يخالف لفظ (الأخذ) بالمعنى فإن رواية القرشي رواية شاذة، لأن أصحاب بشر رووه بالأخذ، ولا أدري أيكون الحمل فيها على البزار فإنه متكلم في ضبطه أم على شيخه القرشي (وثقه النسائي وفي التقريب: صدوق)، وعلى حمل الوضع على القبض، وهو الراجح، فلا إشكال.
(2)
. أما رواية عبد الله بن إدريس، فرواها ابن أبي شيبة في المصنف (3935)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
وابن ماجه (810) حدثنا علي بن محمد، مقرونًا برواية بشر بن المفضل.
وابن خزيمة (477، 641) أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج،
وابن حبان (1945) من طريق سلم بن جنادة، أربعتهم، رووه عن عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب به، وفيه:(ثم أخذ شماله بيمينه).
زاد سلم بن جنادة فيه: (ثم كبر، ورفع يديه، ثم سجد)، وليس ذلك بمحفوظ
ورواه مختصرًا دون ذكر صفة وضع اليدين كل من
البخاري كما في قرة العينين برفع اليدين (71) حدثنا عبد الله بن محمد.
والنسائي في المجتبى (1102)، وفي الكبرى (693)، قال: أخبرني أحمد بن ناصح،
و الترمذي (292)، عن أبي كريب،
وابن الجارود في المنتقى (202) وابن خزيمة عن علي بن خشرم،
والبزار كما في البحر الزخار (1608) حدثنا عبد الله بن سعيد، ومحمد بن سعيد الضبعي،
كما قطع ابن أبي شيبة الحديث مستشهدًا به في مواضع من مصنفه، ولم يذكر وضع اليدين، انظر:(2410، 2426، 2666، 2923، 3935، 8442، 29679)، كلهم رووه عن ابن إدريس، عن عاصم بن كليب به، وهو حديث صحيح.
وأما رواية أبي الأحوص، سلام بن سليم، عن عاصم بن كليب به، فرواها أبو داود الطيالسي (1113)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 431)، حدثنا سلام بن سليم، قال: حدثنا عاصم بن كليب به، بلفظ: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأحفظن صلاته، فافتتح الصلاة، فكبر، ورفع يديه حتى بلغ أذنيه، وأخذ شماله بيمينه
…
وذكر الحديث. وهذا إسناد صحيح.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 34) ح 80، حدثنا المقدام بن داود (متكلم فيه قال ابن مفرج: سماعه من أسد صحيح)، قال: حدثنا أسد بن موسى، حدثنا أبو الأحوص
…
وفيه: (ثم أخذ شماله بيمينه)
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار مختصرًا (1/ 230، 259)، ومن طريق الطحاوي أخرجه ابن المقرئ في الأربعين (42)، ولم يذكر صفة وضع اليدين.
ورواه الدارقطني (1134) من طريق صالح بن عمر الواسطي (ثقة)، عن أبي الأحوص به، ولم يذكر صفة وضع اليدين.
وأما رواية عبد الواحد بن زياد، عن عاصم بن كليب، فرواها أحمد (4/ 316)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 434) حدثنا يونس بن محمد،
والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 104) من طريق مسدد، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأنظرن كيف يصلي، قال: فاستقبل القبلة، فكبر، ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، قال: ثم أخذ شماله بيمينه
…
وذكر الحديث. =
ورواه أبو عوانة، عن عاصم بن كليب به، بلفظ:(ثم قبض باليمنى على اليسرى)
(1)
.
ورواه عبد الله بن الوليد، عن الثوري، عن عاصم بن كليب به، وفيه: (
…
ورأيته ممسكًا يمينه على شماله في الصلاة)
(2)
.
=
ورواه البيهقي (2/ 160) من طريق صالح بن عبد الله الترمذي، حدثنا عبد الواحد بن زياد به، ولم يذكر صفة وضع اليدين.
وأما روياه خالد بن عبد الله الواسطي: فرواها البيهقي في السنن الكبرى (2/ 188) من طريق مسدد،
والخطيب في الفصل للوصل (1/ 433) من طريق وهب بن بقية، كلاهما (مسدد ووهب بن بقية) روياه عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن عاصم به، وفيه:(ثم أخذ شماله بيمينه)
ورواه الطحاوي (1/ 257) من طريق الحماني، عن خالد بن عبد الله به، واقتصر الطحاوي على ذكر إسناده دون لفظه.
وأما رواية زهير بن معاوية: فرواها أحمد (4/ 318)، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 437)، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا زهير بن معاوية، عن عاصم بن كليب، أن أباه أخبره، أن وائل بن حجر أخبره قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه
…
وذكر الحديث.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 36) ح 84، من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير به.
وأما رواية عبيدة بن حميد، عن عاصم بن كليب: فرواها الخطيب في الفصل للوصل (1/ 436).
(1)
. أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 38) ح 90، والبيهقي في المعرفة (3/ 50).
(2)
. رواه أحمد (4/ 318) حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثني سفيان به.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (2/ 68)، ومن طريقه أحمد في المسند (4/ 317)، والطبراني في الكبير (22/ 34) ح 81، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 430)، عن سفيان به، مطولًا، ولم يذكر صفة وضع اليدين.
ورواه أحمد مختصرًا (4/ 316)، وابن أبي شيبة في المصنف مختصرًا (2667) عن وكيع،
ورواه أحمد أيضًا مختصرًا (4/ 318) حدثنا يحيى بن آدم وأبو نعيم (الفضل بن دكين).
ورواه ابن المنذر في الأوسط (3/ 169) وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3709) من طريق أبي نعيم وحده.
ورواه النسائي في المجتبى مختصرًا (1263)، وفي الكبرى مختصرًا (1188)، والطبراني في الكبير مختصرًا (22/ 33) ح 78، من طريق محمد بن يوسف الفريابي،
…
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 160) من طريق الحسين بن حفص،
والطبراني في الكبير (22/ 39) ح 95، من طريق علي بن قادم، ستتهم (وكيع، ويحيى بن آدم، وأبو نعيم، والفريابي والحسين بن حفص وعلي بن قادم) رووه عن سفيان به، واختصروه ولم يذكروا صفة وضع اليدين.
خالفه مؤمل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ، فرواه عن سفيان بلفظ:(ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره)
(1)
.
ورواه محمد بن فضيل، عن عاصم بن كليب به، بلفظ:(ثم ضرب بيمينه على شماله، فأمسكها)
(2)
.
وحديث عاصم بن كليب حديث صحيح، رواه عنه أكثر من عشرين نفسًا، ولكثرة من رواه عنه، فإن بعضهم قد ينفرد بحرف دون سائر الرواة، فذلك الذي ليس بمحفوظ، وأما ما يتفق عليه جماعة عنه فإنه حديث صحيح إذا صح الإسناد إلى عاصم، وقد اتفق أكثر الرواة عن عاصم بلفظ:(ثم أخذ شماله بيمينه)، وكون بعض الرواة لا يذكر ذلك فليس بقادح، لأن الرواة أحيانًا يختصرون الحديث، ورواه شعبة وحده عن عاصم بصفة الوضع، والله أعلم.
• ويناقش:
بأن حديث وائل بن حجر روي بالقبض، وروي بالوضع، وليس أحدهما بأولى بالقبول من الآخر، وهو حديث واحد؛ لأن وائل بن حجر لم تطل صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتوهم أن ذلك ربما وقع متعددًا باختلاف المشاهد، فلا يحتمل حمله على صفتين، فلا سبيل لطالب العلم إلا أحد ثلاثة أمور:
إما الجمع بين رواية الوضع والقبض.
وإما الترجيح بين الروايات،
(1)
. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (479)، وقد سبق تخريجها عند الكلام على زيادة مؤمل حرف:(على صدره).
وقد رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 196، 223) من طريق مؤمل به، واختصره، بلفظ:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين يكبر للصلاة يرفع يديه حيال أذنيه).
(2)
. رواه ابن خزيمة في صحيحه (478).
وإمَّا الحكم بالاضطراب.
والترجيح متعذر مع صحة الطرق، بل إن الطريق الواحد يأتي في رواية بالقبض، وفي أخرى بالوضع كطريق علقمة بن وائل، عن أبيه.
وطريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل.
فهذه قرينة دالة على استبعاد فرضية تعدد الصفات.
وحديث سماك، عن قبيصة بن هلب، عن أبيه رضي الله عنه:
رواه إسرائيل، عن سماك، بلفظ:(يضرب بإحدى يديه على الأخرى في الصلاة).
ورواه أبو الأحوص، عن سماك:(فيأخذ شماله بيمينه).
ورواه سفيان الثوري باللفظين:
مرة بالقبض، كما في مصنف عبد الرزاق، والمعجم الكبير للطبراني.
ومرة بالوضع، كما في مسند ابن أبي شيبة ومصنفه، وسنن الدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي، وسبق تخريجه.
والحكم بالاضطراب: إنما يتوجه له مع تعذر الجمع، أما إذا أمكن الجمع فلا اضطراب، وهذا ممكن بأن يحمل أحاديث وضع اليمنى على اليسرى على صفة واحدة؛ لأن الأصل عدم تعدد الصفة.
ورواية القبض لا تنافي رواية الوضع، فإن من قبض بيده شيئًا فقد وضع يده على ذلك الشيء، فتحمل رواية الوضع على رواية القبض؛ لأن القبض وضع وزيادة.
(ح-1280) ما رواه ابن حبان، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، عن حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، أنه سمع عطاء بن أبي رباح يحدث،
عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل فطرنا، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في صلاتنا
(1)
.
وقد رواه الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا أحمد بن طاهر، قال: أخبرني جدي حرملة، قال: أخبرنا ابن وهب به، وفيه:
…
وأن نضع أيماننا على شمائلنا
(1)
. صحيح ابن حبان (1770).
في الصلاة
(1)
.
فذكر اليدين بصفة الوضع، إلا أن أحمد بن طاهر بن حرملة متروك.
وروى الطبراني، قال: حدثنا العباس بن محمد الْمُجَاشِعِيُّ، حدثنا محمد ابن أبي يعقوب الكرماني، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس،
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجِّل الإفطار، وأن نؤخِّر السحور، وأن نضرب بأيماننا على شمائلنا
(2)
.
قال الطبراني: لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن عيينة إلا محمد بن أبي يعقوب.
[لا يصح، وقد سبق تخريجه]
(3)
.
• دليل من قال: يضع يده على ذراعه اليسرى:
(ح-1281) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي حازم،
عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يُؤْمَرُونَ أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
قال أبو حازم: لا أعلمه إلا يَنْمِي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: قال إسماعيل: يُنْمَى ذلك، ولم ينقل: يَنْمِي
(4)
.
وإسماعيل: هو ابن أبي أويس.
وجه الاستدلال:
أن الحديث أفاد صفتين:
إحداهما: وضع اليد اليمنى وضعًا بلا قبض.
الثانية: أن يكون ذلك على الذراع اليسرى.
• دليل من قال: يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ، والساعد:
الدليل الأول:
(ح-1282) روى الإمام أحمد، قال: حدثنا عبد الصمد، حدثنا زائدة، حدثنا
(1)
. سبق تخريجه، ولله الحمد.
(2)
. المعجم الكبير للطبراني (11/ 7) ح 10851، وفي الأوسط (4249).
(3)
. سبق تخريجه.
(4)
. صحيح البخاري (740).
عاصم بن كليب، أخبرني أبي،
أن وائل بن حجر الحضرمي، أخبره قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يصلي، قال: فنظرت إليه قام، فكبر، ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ والساعد .... وذكر الحديث
(1)
.
[ذكر الرسغ والساعد، تفرد به زائدة بن قدامة]
(2)
.
(1)
. المسند (4/ 318).
(2)
. الحديث أخرجه أحمد (4/ 318) حدثنا عبد الصمد،
والدارمي (1397)، والطبراني في الكبير (22/ 35) ح 82، وابن خزيمة (480، 714)، عن معاوية بن عمرو.
والبخاري في رفع اليدين كما في قرة العينين (30)، والنسائي في المجتبى (889، 1268)، وفي الكبرى (965، 1192)، من طريق عبد الله بن المبارك.
وابن الجارود في المنتقى (208) من طريق عبد الرحمن بن مهدي،
والطبراني في الكبير (22/ 35) ح 82، وابن المنذر في الأوسط (3/ 93)، وابن حبان في صحيحه (1860) من طريق أبي الوليد الطيالسي.
والبيهقي في السنن الكبرى مختصرًا (2/ 43) من طريق عبد الله بن رجاء، ستتهم (عبد الصمد، ومعاوية بن عمرو، وابن المبارك، وابن مهدي، والطيالسي، وعبد الله بن رجاء) رووه عن زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر.
وزائدة بن قدامة ثقة إلا أن تفرده بزيادة (ذكر الرسغ والساعد) في حديث عاصم، ومخالفته للعدد الكثير ممن روى الحديث عن عاصم بن كليب، وفيهم من هو أوثق منه يجعل هذا الحرف شاذًّا، وليس هذا هو الحرف الوحيد الذي شذ به زائدة عن الجماعة، كما سيتبين لك في مناسبة فقهية قادمة، والله أعلم.
وقد روى الحديث أكثر من عشرين راويًا لم يذكر أحد منهم هذا الحرف، على رأسهم:
الإمام سفيان الثوري: كما في مصنف عبد الرزاق (2/ 68)، ومصنف ابن أبي شيبة (2667) ومسند أحمد (4/ 316، 317، 318)، والمجتبى من سنن النسائي (1263)، و في الكبرى (1188) والمعجم الكبير للطبراني (22/ 33) و (22/ 34) و (22/ 39)، ح 78، 81، 95، وشرح معاني الآثار (1/ 196، 223)، والأوسط لابن المنذر (3/ 169)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 160)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 430)، وغيرهم.
…
وسفيان بن عيينة، كما في مسند الشافعي (ص: 176)، ومسند الحميدي (909)، والمجتبى من سنن النسائي (1159، 1262)، وفي الكبرى (750، 955)، والمعجم الكبير (22/ 36) ح 85، وصحيح ابن خزيمة (457، 713)، وسنن الدارقطني (1120)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 38، 43). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
وشعبة بن الحجاج، كما في مسند أحمد (4/ 316، 319)، ورفع اليدين للبخاري (26)، والمعجم الكبير للطبراني (22/ 35) ح 83، وفي الدعاء (637)، وصحيح ابن خزيمة (697، 698)، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 431).
وبشر بن المفضل، كما في سنن أبي داود (726، 957)، والمجتبى من سنن النسائي (1265)، وفي الكبرى له (1189) وسنن ابن ماجه (810، 867)، ومسند البزار (4485)، والمعجم الكبير للطبراني (22/ 37) ح 86، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 435).
وعبد الله بن إدريس، كما في مصنف ابن أبي شيبة (2410، 2426، 2666)، ورفع اليدين للبخاري (71) والمجتبى من سنن النسائي (1102)، وفي الكبرى (693)، وسنن الترمذي (292)، وسنن ابن ماجه (810، 912)، ومنتقى ابن الجارود (202) وصحيح ابن خزيمة (477، 641، 690، 713)، صحيح ابن حبان (1945).
وأبو الأحوص سلام بن سليم، كما في مسند الطيالسي (1113)، المعجم الكبير (22/ 34) ح 80، وشرح معاني الآثار (1/ 196، 223، 230، 259)، والأربعين لابن المقرئ (42)، وسنن الدارقطني (1134)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 431)
وخالد بن عبد الله الواسطي، كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 257)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 188)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 433)
وزهير بن معاوية، كما في مسند أحمد (4/ 318)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 437)
وجرير بن عبد الحميد، كما في سنن الدارقطني (1122)، ومن طريقه رواه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 435).
وعبد الواحد بن زياد، كما في مسند أحمد (4/ 316)، والأوسط لابن المنذر (3/ 203، 216)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 104، 160)،، والفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب (1/ 434).
وأبو بدر شجاع بن الوليد، كما في الفصل للوصل للخطيب (1/ 438).
وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 38)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 432).
وعبد العزيز بن مسلم القسملي، كما في مسند أحمد (4/ 317) والفصل للوصل للخطيب (1/ 436، 437)
وصالح بن عمر الواسطي، كما في سنن الدارقطني (1134)، المخلصيات لأبي طاهر المخلص (227)، والفصل للوصل للخطيب (1/ 433).
وجعفر بن زياد الأحمر، كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 38) ح 92.
ومحمد بن فضيل، كما في مصنف ابن أبي شيبة (2525)، وصحيح ابن خزيمة (478، 713).
وعَبيدة بن حميد، كما في الفصل للوصل للخطيب (1/ 436).
=
الدليل الثاني:
(ح-1283) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل،
عن وائل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، قريبًا من الرسغ، ويرفع يديه حين يوجب حتى تبلغا أذنيه، وصليتُ خلفَه فقرأ:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال: «آمين» يجهر
(1)
.
[عبد الجبار لم يسمع من أبيه، وقوله: (قريبًا من الرسغ) ليس بمحفوظٍ]
(2)
.
= وقيس بن الربيع، رواه الطبراني في الأوسط (5485) من طريق أبي بلال الأشعري (ضعفه الدارقطني)
وفي الكبير (22/ 33) ح 79، قال: حدثنا المقدام بن داود (متكلم فيه)، حدثنا أسد بن موسى،
ورواه أيضًا في الكبير (22/ 39) ح 93 من طريق يحيى الحماني (حافظ مجروح) ثلاثتهم، عن قيس بن الربيع (صدوق تغير بآخرة)، عن عاصم بن كليب به.
غيلان بن جامع، كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 37) ح 88.
…
كل هؤلاء الرواة قد رووا الحديث عن عاصم بن كليب، ولم يذكر أحد منهم ما ذكره زائدة بن قدامة من ذكر (الرسغ والساعد)، فلا يشك باحث بظهور شذوذ مثل هذا الحرف، والله أعلم.
(1)
. المسند (4/ 318).
(2)
. هذا الإسناد مداره على أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه.
وفيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين عبد الجبار بن وائل، وبين أبيه. قال ابن أبي خيثمة: قال يحيى بن معين: عبد الجبار بن وائل، عن أبيه مرسل؛ مات أبوه، وأمه حمل به، بعيد الحياة. تاريخ ابن خيثمة (2458).
وقال الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الجبار بن وائل بن حجر ثبت، ولم يسمع من أبيه شيئًا، إنما كان يحدث عن أهل بيته، عن أبيه. تاريخ ابن معين رواية الدوري (44).
العلة الثانية: الاختلاف على أبي إسحاق في ذكر قوله: (قريبًا من الرسغ).
فالحديث رواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق، واختلف على زهير:
فرواه يحيى بن أبي بكير كما في مسند أحمد (4/ 318)، وتفسير الثعلبي (10/ 311).
وأبو نعيم كما في سنن الدارمي (1277)،
وعبد الرحمن بن زياد كما في أحكام القرآن للطحاوي (1/ 188)، وتفسير الثعلبي (10/ 311)،
والحسن بن موسى كما في اللطائف لأبي موسى المديني (816)، أربعتهم، رووه عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق بذكر قوله:(قريبًا من الرسغ).
وخالفهم عمرو بن خالد الحراني (ثقة) كما في المعجم الكبير للطبراني (22/ 24) ح 49، =
• ويناقش:
قوله: (قريبًا من الرسغ) مع كونها ليست محفوظة، فإنه لا دلالة فيها على
=
وعبد الله بن محمد النفيلي كما في أمالي ابن بشران (877)،
والأسود بن عامر كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 84)، فرووه عن زهير به، بلفظ:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى في الصلاة على اليسرى). ولم يقل قريبًا من الرسغ. هذا لفظ الحراني.
ولفظ النفيلي: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]. فقال: آمين يجهر بها. ولفظ الأسود بن عامر بنحوه.
وزهير بن معاوية ممن روى عن أبي إسحاق بعد اختلاطه.
وتابع زهيرًا على ذكر قوله: (قريبًا من الرسغ) يونس بن أبي إسحاق.
رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 25) ح 52، من طريق إسماعيل بن عياش، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق به.
وإسماعيل: ضعيف إذا روى عن غير أهل الشام، وهذا منه.
وقد رواه عمرو بن عثمان الحمصي كما في المعجم الكبير (22/ 21) ح، عن إسماعيل بن عياش، قال: حدثني يونس بن أبي إسحاق به، بذكر الجهر بالتأمين.
كما أن ابن عياش قد خولف، فرواه مخلد بن يزيد (صدوق له أوهام) كما في سنن المجتبى من سنن النسائي (932)، وفي الكبرى (1006).
وحجاج بن محمد (ثقة) كما في المعجم الكبير (22/ 24) ح 41، 48، كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق به، ولم يذكرا وضع اليد اليمنى على اليسرى.
كما رواه جماعة عن أبي إسحاق ولم يذكروا في لفظه: (قريبًا من الرسغ) منهم:
أبو الأحوص كما في المجتبى من سنن النسائي (879)، وفي الكبرى (955)، وفي المعجم الكبير للطبراني (22/ 23) ح 44، والأوسط لابن المنذر (3/ 73)، ومسند البزار (4481).
والأعمش، كما في المعجم الكبير (22/ 25) ح 50.
ومحمد بن جابر (متكلم فيه) كما في المعجم الكبير (22/ 25) ح 53.
ومعمر كما في مصنف عبد الرزاق (2633)، والطبراني في الكبير (22/ 20) ح 30، والأوسط لابن المنذر (3/ 130).
وأبو بكر بن عياش كما في مصنف ابن أبي شيبة (7959، 36393)، وسنن ابن ماجه (855).
وزيد بن أبي أنيسة كما في سنن الدارقطني (1271)، والطبراني في الكبير (22/ 22) ح 37، وذكره البيهقي في السنن الكبرى تعليقًا (2/ 84).
وفطر بن خليفة، كما في تسمية ما انتهى إلينا من الرواة لأبي نعيم الأصبهاني (74).
وعبيد الله النخعي كما في فوائد تمام (1554)، كلهم رووه عن أبي إسحاق، ولم يذكروا فيه قوله:(قريبًا من الرسغ).
وضع الكف على الرسغ؛ لأن وضع اليد قريبًا من الرسغ لا يمكن أن يؤخذ منه استحباب وضع اليد على الرسغ، فهو في معنى وضع اليد اليمنى على اليسرى، وعليه فلا يشهد حديث أبي إسحاق لحديث زائدة بن قدامة.
• دليل من قال: يقبض باليمنى كوع اليسرى:
الدليل الأول:
(ح-1284) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني سماك، عن قبيصة بن هلب،
عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته، قال، يضع هذه على صدره.
وصف يحيى: اليمنى على اليسرى فوق المفصل
(1)
.
وجه الاستدلال:
[قوله (فوق المفصل) وقوله: (يضع هذه على صدره) ليس محفوظًا]
(2)
.
الدليل الثاني:
(ث-297) روى أبو داود من طريق أبي بدر (شجاع بن الوليد) عن أبي طالوت عبد السلام، عن ابن جرير الضبي،
عن أبيه، قال: رأيت عليًّا يمسك شماله بيمينه على الرُّسغ فوق السرة
(3)
.
[حسن]
(4)
.
وعلَّقه البخاري بصيغة الجزم، قال البخاري: ووضع عليٌّ كفَّه على رسغه الأيسر، إلا أن يحكَّ جلدًا، أو يُصلِح ثوبًا
(5)
.
(1)
. المسند (5/ 226).
(2)
. سبق تخريجه، انظر ح (1271).
(3)
. سنن أبي داود (757).
(4)
. حسن إلا قوله: (فوق السرة) فقد تفرد بها أبو بدر شجاع بن الوليد، وهو صدوق له أوهام، وكل من رواه عن عبد السلام لم يذكر هذا الحرف فيه، فأخشى ألا يكون محفوظًا، والله أعلم، وقد سبق تخريجه.
(5)
. علقه البخاري بصيغة الجزم في صحيحه من كتاب العمل في الصلاة، باب استعانة اليد في
الصلاة إذا كان من أمر الصلاة، قبل ح (1198).
وهذا ذهاب من البخاري إلى صحة هذا الأثر عن علي، وحسنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (2/ 443).
وفي رواية للبيهقي: كان عليٌّ إذا قام إلى الصلاة فكبر، ضرب بيده اليمنى على رسغه الأيسر، فلا يزال كذلك حتى يركع إلا أن يحكَّ جلدًا، أو يُصلِح ثوبه
…
وذكر بقية الأثر
(1)
.
[حسن]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ث-298) وروى مسدد في مسنده كما في المطالب العالية، حدثنا يحيى، حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان،
عن أبي زياد مولى آل دَرَّاج، قال: ما رأيت فنسيت، فإني لم أَنْسَ أن أبا بكر الصديق كان إذا قام في الصلاة قام هكذا، وأخذ بكفه اليمنى على ذراعه اليسرى لازقًا بالكوع
(3)
.
[ضعيف، أبو زياد مولى آل درَّاج مجهول].
الدليل الرابع:
وضع اليمنى على كوع اليسرى يحصل به الجمع بين الأحاديث المختلفة،
فحديث سهل بن سعد: (كان الناس يُؤْمَرُونَ أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) رواه البخاري
(4)
.
ظاهر الحديث يدل على استحباب وضع اليمنى على الذراع فقط، لا دخل للكف اليسرى، وقد ترجم البخاري للحديث له بقوله:(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)، فقوله:(وضع اليمنى) أي الكف. وقوله: (على اليسرى) هل قصد به البخاري الكف، أو قصد الذراع؟ فإن قصد بذلك الذراع كان الحديث
(1)
. السنن الكبرى للبيهقي (2/ 45).
(2)
. قال البيهقي: هذا إسناد حسن، وقد سبق تخريجه.
(3)
. المطالب العالية (460).
(4)
. صحيح البخاري (740).
مطابقًا للترجمة، وإن قصد (باليسرى) الكف كما هو ظاهر مقابلة وضع اليمنى فلم يأخذ بظاهر حديث سهل بن سعد، ويكون الجزم بالترجمة يوحي بالدلالة إلى تصحيح ما ورد في الباب مما ليس على شرط البخاري من وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة من حديث وائل بن حجر، وقد ورد بثلاثة ألفاظ:
أحدها: (ثم وضع يده اليمنى على اليسرى)، رواه مسلم
(1)
.
واليد عند الإطلاق يراد بها الكف فقط.
وفي رواية: (قبض بيمينه على شماله) رواه النسائي
(2)
.
وفي رواية ثالثة: (أخذ شماله بيمينه) رواه أبو داود
(3)
.
والمقصود قبض بكفه اليمنى على كفه اليسرى.
فظاهر حديث وائل بن حجر أن الوضع خاص بالكفين، ولا دخل للذراع، ولا للكوع باعتباره أعلى الذراع، فهو جزء منه.
فأخذ أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، والمالكية، والحنابلة في المشهور، وقول في مذهب الشافعية إلى القول بوضع -وقيل بقبض- الكوع اليسرى باليمنى، والمقصود بالكوع المفصل؛ ليجمع بين أخذ الذراع كما في حديث سهل بن سعد، وبين وضع اليد اليمنى على اليسرى كما في حديث وائل بن حجر، فإن المفصل يقع في أعلى الذراع وأسفل الكف، وبهذا يرون أنهم أخذوا بحديث سهل بن سعد، وحديث وائل بن حجر؛ ليصدق أن اليد اليمنى على الذراع، وعلى الكف في الوقت نفسه.
قال الحافظ في الفتح: «قوله: (على ذراعه) أبهم موضعه من الذراع، وفي حديث وائل عند أبي داود والنسائي: (ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ،
(1)
. رواه مسلم (54 - 401) من طريق همام، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه. سبق تخريجه، وتتبع طرقه.
(2)
. رواه النسائي (887) من طريق عبد الله (يعني ابن المبارك)، عن موسى بن عمير العنبري عن علقمة بن وائل، عن أبيه، سبق تخريجه، ولله الحمد.
(3)
. رواه أبو داود (723)، من طريق عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، به.
والساعد) وصححه ابن خزيمة وغيره، وأصله في صحيح مسلم بدون الزيادة»
(1)
.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: (يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) أي يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ من الساعد، كما في حديث وائل المروي عند أبي داود والنسائي وصححه ابن خزيمة»
(2)
.
وقال في مرقاة المفاتيح: «(اليد اليمنى على ذراعه اليسرى): أي قرب ذراعه اليسرى»
(3)
.
فحملها على القرب ليطابق حديث وائل بن حجر.
واختار الحنفية في الجمع: أن يقبض بالخنصر والإبهام على طرفي مفصله ويضع البنصر والوسطى والسبابة على الذراع بسطًا، ليجمع بين قبض الكف والوضع على الذراع، وقد سبق بسط ذلك في معرض ذكر الأقوال
(4)
.
• ويناقش:
بأن الجمع بين الوضع على الكف، وبين الوضع على الذراع بالقول: بأن يقبض كوع يده اليسرى بكفه اليمين؛ ليصدق عليه أنه وضع يده اليمنى على اليسرى، وفي الوقت نفسه وضع يده اليمنى على ذراعه على اعتبار أن الوضع على الكوع وضع على الذراع لكونه في أعلاه.
وكذلك اجتهاد مشايخ الحنفية بالجمع بين القبض والوضع بأن يقبض الخنصر والإبهام ويبسط الباقي.
فيقال: «لا حاجة إلى هذا التكلف للتوفيق والجمع؛ لكون التوفيق فرع
(1)
. فتح الباري (2/ 224)، وانظر: عمدة القارئ (5/ 278)، مرقاة المفاتيح (2/ 659)، التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 434)، التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 255)، فيض القدير (5/ 154)، السراج المنير شرج الجامع الصغير (4/ 72).
(2)
. شرح القسطلاني (2/ 75).
(3)
. مرقاة المفاتيح (2/ 658)، وانظر شرح الزرقاني على الموطأ (1/ 548).
(4)
. انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 292)، عمدة القارئ (5/ 279)، وارجع إلى قول الحنفية في مقدمة المسألة.
التعارض، ولا يظهر التعارض أصلًا؛ لأنه لا تناقض بين الأفعال المختلفة؛ لجواز وقوع الكل في أوقات مختلفة على أن حديث سهل بن سعد حديث قولي، أخرجه مالك وأحمد والبخاري، وهو أيضًا أصح ما ورد في ذلك، فهو أولى بالعمل»
(1)
.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن في هذه الصفة إحداث صفة ثالثة، لأن الحديث ورد بإحدى صفتين على القول بالتعدد.
إحداهما: وضع اليد على الذراع، وظاهر الحديث اختصاص الذراع بذلك دون الكف على ما جاء في حديث سهل بن سعد.
والصفة الثانية: قبض اليد اليسرى باليمنى، وإذا أطلقت اليد فالمراد بها الكف، وظاهره اختصاص الوضع أو القبض على اليد دون الذراع، فأحدثوا صفة ثالثة: وذلك بوضع اليد على الكوع، أو وضع يده اليمنى على يده اليسرى، والرسغ، والساعد.
يقول ابن عابدين في حاشيته: «قال سيدي عبد الغني في شرح هدية ابن العماد: وفي هذا نظر؛ لأن القائل بالوضع: يريد وضع الجميع، والقائل بالأخذ: يريد أخذ الجميع، فأخذ البعض، ووضع البعض ليس أخذًا، ولا وضعًا، بل المختار عندي واحد منهما موافقة للسنة. اهـ.
قال ابن عابدين: وهذا البحث منقول؛ ففي المعراج بعد نقله ما مر عن المجتبى، والمبسوط، والظهيرية: وقيل هذا خارج عن المذاهب، والأحاديث، فلا يكون العمل به احتياطًا. اهـ.
ثم رأيت الشرنبلالي ذكر في الإمداد هذا الاعتراض، ثم قال: قلت: فعلى هذا ينبغي أن يفعل بصفة أحد الحديثين في وقت، وبصفة الآخر في غيره؛ ليكون جامعًا بين الْمَرْوِيَّيْنِ حقيقة. اهـ»
(2)
.
أما حديث وائل بن حجر: (ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ، والساعد) فقد تفرد به زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، وهو حديث شاذ، وسوف يأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.
(1)
. مرعاة المفاتيح (3/ 60).
(2)
. حاشية ابن عابدين (1/ 487).
وأما أثر مولى آل دَرَّاج فإنه لو صح لكان مبينًا مكان اليد اليمنى من الذراع اليسرى، وذلك بأن يقبض بكفه اليمنى على مفصل الكف لازقًا بالكوع، إلا أن الأثر ضعيف، فإن في إسناده أبا زياد مولى آل درَّاج، وهو مجهول
(1)
.
وأصح شيء ورد فيه أثر عليٍّ رضي الله عنه، حيث أمسك برسغه، وقد علقه البخاري بصيغة الجزم، وحسن إسناده البيهقي وابن حجر، والإمساك بالرسغ لا يمكن إلا بالإمساك بطرفيه: الكوع والكرسوع، فيكون هذا الأثر هو ما يمكن أن يستدل به الجمهور على اختيارهم بقبض كوع اليسرى، ويبقى النظر: أهو مخالف لحديث سهل بن سعد وحديث وائل بن حجر، فيقدم المرفوع على الموقوف، أم هو متفق معها دلالة، لأن المفصل جزء من الكف والذراع كان متفقًا معها، هذا محل نظر، وللقارئ الكريم أن يرى ما يؤديه إليه اجتهاده، والله أعلم.
• الراجح:
عندنا مسألتان، إحداهما: الترجيح بين الوضع والقبض، والراجح أنها صفة واحدة، وهي القبض، والتعبير بالوضع لا ينافي القبض، وقد سبق بيان ذلك.
والثانية: الترجيح في المكان فالثابت صفتان أيضًا:
إحداهما: قبض ذراعه اليسرى باليمنى على ما جاء في حديث سهل بن سعد.
والصفة الثانية: قبض يده اليسرى باليد اليمنى على ما جاء في حديث وائل بن حجر، والأفضل فعل هذا مرة، وهذا مرة؛ ليصيب السنة على جميع وجوهها، والله أعلم.
(1)
. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (3946)، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي زياد، مولى آل دراج، ما رأيت فنسيت فإني لم أنس أن أبا بكر، كان إذا قام في الصلاة قال هكذا، فوضع اليمنى على اليسرى.
وليس فيه: لازقًا بالكوع.
وفي إسناده مولى آل درَّاج، قال الذهبي في الميزان (4/ 526):«لا يعرف» .
وقال البرقاني (604): سمعت الدارقطني يقول: «لا يعرف، يترك» .