الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة
المدخل إلى المسألة:
• لا يستحب دعاء خاص في الخروج إلى الصلاة.
• الاستحباب حكم شرعي يتوقف على دليل شرعي.
• ما ورد من دعاء خاص في الخروج إلى الصلاة كحديث ابن عباس، وكذا ما ورد من أدعية للخروج من المنزل، وعمومها يدخل فيه الخروج إلى الصلاة لا يصح منها شيء يمكن الاعتماد عليه في الباب.
• إذا لم يثبت الحديث فالأصل في العبادة عدم المشروعية.
• فضائل العمل لا يثبت بالقياس.
• إذا تردد في استحباب العبادة كان الاحتياط في جانب الترك حتى تثبت؛ لأن التارك لا يلحقه لوم؛ لعدم الوجوب بخلاف الفاعل فهو متردد بين السنة والبدعة.
[م-439] لا يستحب دعاء خاص في الخروج من المنزل للصلاة، وما ورد من حديث خاص في الخروج إلى الصلاة كحديث ابن عباس.
وكذلك ما ورد من أدعية للخروج من المنزل، وعمومها يدخل فيه الخروج إلى الصلاة فلا يصح منها شيء يمكن أن يعتمد عليه في الباب.
(ح-1038) فقد روى مسلم من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه،
عن عبد الله بن عباس في قصة مبيته عند خالته ميمونة ليشاهد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل .... وذكر فيه .... فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي
نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم أعطني نورًا
(1)
.
[رواه علي بن عبد الله بن عباس في دعاء الخروج، ورواه كريب عن ابن عباس في الدعاء في صلاة الليل، وهو المحفوظ]
(2)
.
(1)
. صحيح مسلم (191 - 763).
(2)
. حديث ابن عباس وبياته عند خالته ميمونة رواه جماعة من أصحاب ابن عباس مختصرًا ومطولًا مثل سعيد بن جبير، وعكرمة، وكريب، وعلي بن عبد الله، وأبي المتوكل (علي بن داود الناجي)، والشعبي، وعطاء، وأبي نضرة، وطلحة بن نافع، وغيرهم، إلا أن الذي روى عنه هذا الدعاء (اللهم اجعل في قلبي نورًا .... ) اثنان من أصحابه، أبو كريب وروايته في الصحيحين، وفيها أن الدعاء كان في الصلاة، ورواه علي بن عبد الله بن عباس في مسلم وذكر أن الدعاء عند الخروج للصلاة، والمحفوظ رواية كريب مولى ابن عباس، وإليك بيان تخريج هذين الطريقين.
الطريق الأول: كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس.
رواه سلمة بن كهيل، عن كريب، واختلف على سلمة:
فرواه سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل به، فذكر صفة صلاته، ونومه حتى نفخ، فآذنه بلال بالصلاة، فصلى، ولم يتوضأ، وفيه:(وكان يقول في دعائه اللهم اجعل في قلبي نورًا .... ) فظاهره أنه من دعاء الصلاة؛ لأنه ذكر الدعاء مقرونًا بصفة صلاة الليل.
رواه البخاري (6316)، ومسلم (181 - 763)، وأكتفي بذكر الصحيحين.
ورواه شعبة، عن سلمة بن كهيل به، بنحوه، وفيه:(فجعل يقول في صلاته أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورًا .... ) إلخ الحديث، وعلى أي الاحتمالين فالدعاء في الصلاة.
رواه مسلم (187 - 763)، وابن خزيمة (1534)، وأبو نعيم في مستخرجه (1745) من طريق محمد بن جعفر. واختصره ابن خزيمة.
ورواه أبو عوانة في مستخرجه (2274، 792) من طريق حجاج بن محمد،
ورواه أبو داود الطيالسي (2829) ومن طريقه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 286)، وابن حبان (1445)، وأبو عوانة في مستخرجه (792)، وأبو نعيم في مستخرجه (1745).
وابن ماجه (508) من طريق يحيى بن سعيد.
وابن خزيمة (127) من طريق ابن أبي عدي، كلهم عن شعبة به، وبعضهم يختصره، وبعضهم يذكره بتمامه.
ورواه سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل به، وفيه:(كان يقول في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا ..... ) بالجزم أن الدعاء في السجود.
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (29231)، والنسائي (1121) بتمامه. =
الدليل الثاني:
(ح-1039) ما رواه ابن ماجه من طريق أبي الجهم، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية،
= ورواه مسلم في صحيحه (188 - 763) مختصرًا بعد سياقه لرواية شعبة، واقتصر على الفرق بينه وبين رواية شعبة فقال في رواية سعيد بن مسروق:(أعظم لي نورًا) وقال في رواية شعبة (واجعل لي أو اجعلني نورًا).
وكذا رواه أبو عوانة مختصرًا في مستخرجه (2275).
وأما رواية عقيل بن خالد، عن سلمة بن كهيل فرواه مسلم في صحيحه (189 - 763) وفيه:(ودعا رسول الله ليلتئذ تسع عشرة كلمة .... ) الحديث. فذكر الدعاء في الليل، ولو كان عند خروجه للمسجد لكان الدعاء في الصبح.
فاتفقت رواية كريب في الصحيحين على أن الدعاء ليس في خروجه للصلاة، وقد وردت على أربعة ألفاظ: فرواية سفيان (فكان يقول في دعائه).
وفي رواية سعيد بن مسروق: (فكان يقول في سجوده).
وفي رواية شعبة: (فجعل يقول في صلاته أو في سجوده).
وفي رواية عقيل: (ودعا رسول الله ليلتئذ).
هذه رواية سلمة بن كهيل، عن أبي كريب، وقد رواه جماعة عن أبي كريب في الصحيحين ولم يذكروا الدعاء.
فقد رواه مخرمة بن سليمان كما في صحيح البخاري (183، 698، 992، 1198، 4570، 4571، 4572) مطولًا ومختصرًا على طريقة البخاري بتقطيع الحديث، ورواه مسلم (763)، وأكتفي بالصحيحين.
وعمرو بن دينار كما في صحيح البخاري (726، 859)، وصحيح مسلم (186 - 763)، وأكتفي بذكر الصحيحين.
وشريك بن عبد الله بن أبي نمر، كما في صحيح البخاري (4569، 6215، 7452)، وصحيح مسلم (190 - 763)، وأكتفي بالصحيحين.
وعطاء كما في صحيح مسلم (192 - 763)، أربعتهم (مخرمة، وعمرو بن دينار، وشريك، وعطاء) رووه عن أبي كريب به، من دون ذكر الدعاء.
الطريق الثاني: علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه.
رواه مسلم في صحيحه، وفيه: (فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نورًا
…
) وسياق مسلم له في صحيحه ليس تصحيحًا له؛ لأنه ذكره بعد رواية كريب المتفق عليها إيماءً إلى تعليله كما هي طريقة مسلم في الصحيح حيث يقدم الرواية المحفوظة، ثم يعقبها بالروايات المختلف عليها لبيان علتها، ويكتفي بإيرادها عن التصريح بعلتها؛ ويفهم هذا من طريقته في صحيحه.
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا سمعة، وخرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه، واستغفر له سبعون ألف ملك
(1)
.
[ضعيف موقوفًا ومرفوعًا]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ح-1040) ما رواه أحمد من طريق سفيان (الثوري)، عن منصور، عن الشعبي،
عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته، قال: «بسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك من أن نَزِلَّ أو نَضِلَّ، أو نَظْلِمَ أو نُظْلَمَ، أو نَجْهَلَ أو يُجْهَلَ علينا
(3)
.
(1)
. سنن ابن ماجه (778).
(2)
. مداره على فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، واختلف على فضيل:
فرواه أبو الجهم الفضل بن موفق (ضعيف) كما في سنن ابن ماجه (778).
وعبد الله بن صالح العجلي (ثقة) كما في الدعاء للطبراني (421)، وعمل اليوم والليلة لابن السني (85).
ومحمد بن فضيل كما في أمالي ابن بشران (753).
ويحيى بن أبي بكير (ثقة) كما في الأوسط لابن المنذر (4/ 56)، والدعوات الكبير للبيهقي (65) أربعتهم (أبو الجهم، وعبد الله بن صالح، ومحمد بن فضيل، وابن أبي بكير) رووه عن فضيل بن مرزوق به، وجزموا برفعه.
ورواه يزيد بن هارون كما في مسند أحمد (3/ 21) أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، قال يزيد: فقلت لفضيل: رفعه؟ قال: أحسبه قد رفعه. وهنا لم يتيقن الرفع، وإنما ظنه ظَنًّا.
ورواه وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة (29202) عن فضيل بن مرزوق، عن عطية به موقوفًا.
وتابعه على هذا أبو نعيم فيما ذكره ابن أبي حاتم في العلل (2048).
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، فقال: موقوف أشبه. اهـ
فالمرفوع والموقوف مخرجه واحد، ومداره على عطية العوفي، وهو ضعيف.
(3)
. المسند (6/ 306).
[صححه الترمذي والحاكم، وأُعِلَّ بالانقطاع]
(1)
.
(1)
. الحديث رواه أحمد (6/ 306، 318) وابن أبي شيبة في المصنف (29201) وعبد بن حميد كما في المنتخب (1536) والترمذي (3427)، والنسائي في المجتبى (5539) وفي الكبرى (7870، 9835)، والطبراني في الدعاء (411)، والحاكم في المستدرك (1907)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (176)، من طريق سفيان الثوري.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (1712)، وأحمد (6/ 321)، وأبو داود (5094)، والنسائي في الكبرى (9834)، والطبراني في الكبير (23/ 320) ح 726، وفي الدعاء (412)، عن شعبة.
وابن أبي شيبة في المصنف (29200)، وعنه ابن ماجه (3884) قال: حدثنا عبيدة بن حميد.
وأخرجه الحميدي (305)، والطبراني في الدعاء (413)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 125) عن فضيل بن عياض.
وإسحاق في مسنده (1889، 1890)، والنسائي في المجتبى (5486)، وفي الكبرى (7868)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 411) عن جرير بن عبد الحميد.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7869)، والطبراني في الدعاء (414)، من طريق القاسم بن معن.
وأخرجه الطبراني في الدعاء (416)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 264) من طريق مسعر بن كدام، كلهم (الثوري، وشعبة، وعبيدة بن حميد، وفضيل بن عياض، وجرير بن عبد الحميد، والقاسم بن معن) عن منصور بن المعتمر، عن عامر الشعبي، عن أم سلمة.
وتوبع منصور فيه:
تابعه مجاهد، فرواه عن الشعبي، عن أم سلمة.
أخرجه الطبراني في الدعاء (418) من طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد به.
وأخرجه البيهقي في السنن (5/ 411) من طريق عطاء، عن الشعبي به.
والحديث أُعِلَّ بعلتين:
الأولى: الانقطاع بين الشعبي وأم سلمة، وقد اخُتِلَف في سماع الشعبي من أم سلمة.
فذهب أبو داود والحاكم إلى القول بالسماع لإمكانه.
قال أبو عبيد الآجري في سؤالاته (171)«سمعت أبا داود، قال: الشعبي سمع من أم سلمة، وأم سلمة ماتت آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: صفية ماتت آخرهن» . اهـ
وهو مقتضى تصحيح الترمذي له، فإنه قال عن الحديث: حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وربما توهم متوهم أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة، وليس كذلك، فإنه دخل على عائشة، وأم سلمة جميعًا، ثم أكثر من الرواية عنهما جميعًا.
قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار متعقبًا قول الحاكم (1/ 159 - 160): هكذا قال، وقد خالف ذلك في علوم الحديث (ص: 111) له، فقال: لم يسمع الشعبي من عائشة». =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإذا انتقض قول الحاكم في سماعه من عائشة انتقض في أم سلمة؛ لأنه مبني على دعوى أنه دخل على عائشة وأم سلمة جميعًا.
وقد جزم علي بن المديني بأنه لم يسمع منها، قال في العلل نقلًا من تهذيب التهذيب (5/ 68):«لم يسمع من زيد بن ثابت، ولمَ يلْقَ أبا سعيد الخدري، ولا أم سلمة» .
ونقل ذلك ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 160)، فقال:«لم يسمع الشعبي من أم سلمة، وعلى هذا فالحديث منقطع ..... فعلل من صححه سهَّل الأمر فيه؛ لكونه من الفضائل، ولا يقال: اكتفى بالمعاصرة؛ لأن محل ذلك أن لا يحصل الجزم بانتفاء التقاء المتعاصرين إذا كان النافي واسع الاطلاع مثل ابن المديني، والله أعلم» .
وقد اعتمد الحاكم في ثبوت السماع على أمرين:
أن الشعبي دخل على عائشة وأم سلمة جميعًا، ثم أنه أكثر من الرواية عنهما جميعًا.
فهل صح دخول الشعبي عليهما؟ وإن صح فهل يلزم منه سماع التحمل والرواية؟ فكم من رَاوٍ أثبت الأئمة لقياه لِرَاوٍ آخر، ونفوا عنه سماع التحمل والرواية، ولا أدل على ذلك من قول الحاكم نفسه عن عائشة: إنه لم يسمع منها في معرفة علوم الحديث.
وإذا جاء إثبات اللقاء ونفيه من إمامين، فالأصل أن المثبت مقدم على النافي؛ لأن معه زيادة علم إلا أن في مسألتنا هذه ما يعكر على تقديم المثبت: أن المثبت بنى حكمه على إمكان اللقيا، وهذا ليس إثباتًا في الحقيقة، فلا يقدم على من جزم بعدم اللقيا، فالظاهر من حكم أبي داود أنه بنى حكمه على تأخر وفاة أم سلمة رضي الله عنها، وهذا لا يلزم منه إلا إمكان اللقيا، فلا يعارض به كلام ابن المديني وقد جزم بنفي اللقيا، والله أعلم.
وقول الحاكم: ثم أكثر من الرواية عنهما لم يَصِلْ إلينا ما رواه عن أم سلمة إلا أربعة أحاديث، هذا أحدها.
والثاني: حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد الفجر: اللهم إني أسألك رزقًا طيبًا، وعلمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا.
والثالث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره، لا يقوم، ولا يقعد، ولا يذهب، ولا يجيء إلا قال: سبحان الله وبحمده، فقلت: يا رسول الله إنك تكثر من هذا الدعاء، فقال: إني أمرت بها، فقال: إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر السورة.
والرابع: حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا، ويخرج إلى المسجد، ولا يفطر، ثم يصبح صائمًا.
العلة الثانية: وهي الاختلاف في إسناده.
فقد رواه منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة، ولم يختلف فيه على منصور.
وتابعه مجاهد، وعطاء كما سبق.
ورواه زبيد اليامي، واختلف على زبيد اليامي فيه:
فرواه الطبراني في الدعاء (417) من طريق أبي حذيفة، حدثنا سفيان الثوري، عن زبيد،
…
عن الشعبي، عن أم سلمة كرواية الجماعة.
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (9836) وفي عمل اليوم والليلة (88)، أخبرنا محمد بن بشار من حديث عبد الرحمن (بن مهدي)، عن سفيان، عن زبيد اليامي، عن الشعبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا.
ورواه أبو بكر الهذلي، عن الشعبي، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة.
أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 9) ح 11، وفي الدعاء (419)، والهذلي ضعيف.
ورواه مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الدعاء (420) من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد، حدثني أبي، عن مجالد به. وعمر بن إسماعيل بن مجالد متروك، وقال فيه ابن معين: كذاب.
ومجالد بن سعيد: ضعيف.
وهذا الاختلاف على الشعبي لا يضر رواية منصور عنه؛ لأنه لم يختلف على منصور في روايته، ولهذا قال الدارقطني في العلل (15/ 222) بعد أن ذكر الاختلاف فيه: والمحفوظ حديث منصور ومن تابعه.
وقال الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 160): وهذه العلة -يعني الاختلاف في إسناده- غير قادحة، فإن منصورًا ثقة حافظ، ولم يختلف عليه فيه .... والهذلي ضعيف، ومجالد فيه لين، وزبيد وإن كان ثقة لكن اختلف عليه، فجاء عنه كرواية منصور بذكر أم سلمة، فما له علة سوى الانقطاع، فلعل من صححه سهل الأمر فيه لكونه من الفضائل .... ».
الدليل الرابع:
(ح-1041) ما رواه أبو داود من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة،
عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يقال حينئذ: هديت، وكفيت، ووقيت، فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(1)
. سنن أبي داود (5095).
(2)
. الحديث رواه أبو داود (5095) والنسائي في السنن الكبرى (9837)، والطبراني في الدعاء (407)، وابن حبان في صحيحه (822)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (178)، من طريق حجاج بن محمد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والترمذي في السنن (3426)، وفي العلل الكبير (673)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 411) من طريق يحيى بن سعيد، كلاهما عن ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك.
قال الترمذي في السنن: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اهـ
وفي العلل الكبير (ص: 362) قال الترمذي: سألت محمَّدًا، يعني ابن إسماعيل البخاري، عن هذا الحديث. فقال: حدثوني عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، بهذا الحديث، ولا أعرف لابن جريج عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة غير هذا الحديث، ولا أعرف له سماعًا منه. انظر ترتيب علل الترمذي الكبير (673).
وقال الدارقطني في العلل (12/ 13): «يرويه ابن جريج، واختلف عنه؛
فرواه يحيى بن سعيد الأموي، وحجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة.
ورواه عبد المجيد بن أبي رواد، وهو أثبت الناس في ابن جريج، قال: حدثت عن إسحاق والصحيح أن ابن جريج لم يسمعه من إسحاق».
وصححه ابن حبان، قال ابن حجر تعليقًا: خفيت عليه علته، ثم استشهد بكلام البخاري والدارقطني على انقطاع الحديث.
وابن جريج مدلس فإذا رواه عنه عبد المجيد بن أبي رواد، وهو من أثبت الناس فيه، وبين أنه لم يسمعه من إسحاق فهو على الانقطاع.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه ابن ماجه (3886)، والطبراني في الدعاء (409) من طريق ابن أبي فديك، عن هارون بن هارون، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل من باب بيته، أو من باب داره، كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: باسم الله قالا: هديت، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قالا: وقيت، وإذا قال: توكلت على الله قالا: كفيت، قال: فيلقاه قريناه فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هدي وكفي ووقي؟
وسنده ضعيف، في إسناده هارون بن هارون.
قال البخاري: لا يتابع في حديثه.
وقال النسائي: ضعيف.
وقد ساق له ابن عدي، في الكامل (8/ 437) جملة من منكراته، وقال: ولهارون بن هارون غير ما ذكرت، وأحاديثه عن الأعرج، وعن مجاهد، وعن غيرهما، مما لا يتابعه الثقات عليه.
وروى البخاري في الأدب المفرد (1197)، وابن ماجه (3885) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن حسين بن عطاء بن يسار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج من بيته قال: باسم الله، التكلان على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا رفعه منكر، تفرد به عبد الله بن حسين بن عطاء، وهو ضعيف، وقد خالفه من هو أوثق منه، فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف (29204) من طريق شعبة،
ورواه أبو نعيم في الحلية (5/ 389) من طريق جرير،
وابن أبي الدنيا في التوكل على الله (21) من طريق أبي الأحوص، ثلاثتهم عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة، عن كعب الأحبار، قال: إذا خرج من بيته، فقال: باسم الله، توكلت على الله، ولا قوة إلا بالله بلغت الشياطين بعضهم بعضًا، قالوا: هذا عبد قد هدي، وحفظ، وكفي، فلا سبيل لكم عليه، فيتصدعون عنه.
وهذا من قول كعب الأحبار.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (19827) عن معمر، عن منصور، عن مجاهد، عن كعب من قوله، ليس فيه (عبد الله بن ضمرة)، ولفظه: إذا خرج الرجل من بيته، فقال: باسم الله، قال له الملك: هديت. وإذا قال: توكلت على الله. قال له الملك: كفيت. وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله: قال الملك: وقيت. قال: فتتفرق الشياطين، فتقول: لا سبيل لكم إليه، إنه قد هدي، وكفي، ووقي.
قال البرذعي كما في سؤالاته (453): «قلت لأبي زرعة الرازي: عبد الله بن حسين بن عطاء بن يسار؟ قال: ضعيف، حدث عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم التكلان على الله، وإنما هو عن سهيل، عن أبيه، عن السلولي، عن كعب» . اهـ
ورواه عون بن عبد الله بن عتبة، واختلف عليه:
فرواه المسعودي، عن عون، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه، وسنده منقطع.
رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 180) رقم: 8889، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 251)، حدثنا أبو مسلم (الكشي)، حدثنا عبد الله (هو ابن رجاء)، حدثنا المسعودي، عن عون، قال: كان عبد الله إذا خرج من بيته، قال: باسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. فقال محمد بن كعب القرظي: هذا في القرآن: اركبوا فيها باسم الله [هود: 41]، وقال: على الله توكلنا [الأعراف: 89].
وعبد الله بن رجاء ممن سمع من المسعودي قبل اختلاطه، انظر الكواكب النيرات (ص: 294).
والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود وثقه أحمد، قال يحيى ابن معين: أحاديثه عن الأعمش مقلوبة
…
وأحاديثه عن عون وعن القاسم صحاح.
وهذا من حديثه عن عون.
وفي التقريب: صدوق.
فهذا الإسناد إلى عون إسناد حسن أو صحيح، ويبقى علة الانقطاع بين عون وعمه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ورواه داود بن أبي هند، عن عون، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. =
• الراجح:
أنه لا يصح في الباب شيء، والأصل عدم التعبد حتى يصح في المسألة سنة، ومن يتساهل في باب الفضائل فإنه يرى أنه لا مانع من التعبد ببعض هذه الأذكار مما ضعفه ليس شديدًا، وفي التعبد بما صَحَّ غنية عن التماس الأحاديث الضعيفة، ولأن الاحتياط للعبادة إذا لم تكن واجبة، هو في الترك؛ لأن الأصل في العبادات الحضر، ولأن التارك لا تثريب عليه، بخلاف الفاعل فإن الناس منقسمون في حقه إلى قسمين: أحد يصحح فعله، والآخر يبدع فعله، فكون المتعبد يلزم طريقة لا يُلَامُ عليها على كل الأقوال أسلم، والله أعلم.
* * *
= رواه المحاملي في الدعاء (2) حدثنا الحسن بن أبي الربيع، حدثنا أبو عامر، حدثنا داود، عن عون بن عبد الله بن عتبة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
وذكر نحوه، وهذا مرسل.
وأخرجه مرسلًا ابن صَصَرَى في أماليه كما في كنز العمال (17532).
ونسبه السيوطي له في الجامع الكبير، وقال: حَسَّنه عن عون بن عبد الله بن عتبة مرسلًا (1847).
فمن يحسن بالمجموع مطلقًا سوف يحسنه خاصة أن الحديث في الفضائل، ومن يرى أن الضعيف لا يسند الضعيف إذا لم يكن المخرج واحدًا فسوف يتوقى الحذر من الذهاب لتحسين الحديث، وأميل إلى الثاني، والله أعلم.