المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ١

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول في صفة الصلاة

- ‌الفصل الأول في الأحكام المرتبطة بالخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الأول في استحباب الخروج متطهرًا بنية الصلاة

- ‌المبحث الثاني لا يستحب دعاء خاص للخروج إلى الصلاة

- ‌المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة

- ‌المبحث الرابع في الخروج إلى الصلاة بسكينة ووقار

- ‌المبحث الخامس في كراهة التشبيك بين الأصابع إذا خرج إلى الصلاة

- ‌المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة

- ‌الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا

- ‌الفرع الثاني في استحباب مقاربة الخطا

- ‌الباب الثاني في الأحكام المرتبطة بدخول المسجد

- ‌الفصل الأول في استحباب تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج

- ‌الفصل الثاني في استحباب الذكر الوارد لدخول المسجد

- ‌المبحث الأول في استحباب الاستعاذه

- ‌المبحث الثاني في استحباب التسمية والدعاء بالمغفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لدخول المسجد

- ‌المبحث الثالث في صلاة ركعتين قبل الجلوس

- ‌المبحث الرابع لا تشرع التحية لمن أدخل يده أو رأسه فقط

- ‌المبحث الخامس في تكرار تحية المسجد بتكرار الدخول

- ‌المبحث السادس في مشروعية تحية المسجد للمرور بلا مكث

- ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

- ‌المبحث الثامن في حكم تحية المسجد

- ‌المبحث التاسع في منزلة تحية المسجد من السنن

- ‌المبحث العاشر تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

- ‌المبحث الحادي عشر اختصاص التحية بالمسجد

- ‌المبحث الثاني عشر صلاة تحية المسجد في وقت النهي

- ‌المبحث الثالث عشر في اشتراط النية لتحية المسجد

- ‌المبحث الرابع عشر في حصول تحية المسجد في أقل من ركعتين

- ‌المبحث الخامس عشر في صلاة تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌المبحث السادس عشر في تحية المسجد إذا أقيمت الصلاة

- ‌الفرع الأول في ابتداء النافلة بعد إقامة الصلاة

- ‌الفرع الثاني إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي النافلة

- ‌الباب الثالث في الأحكام التي تسبق تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الأول في قيام المأموم والإمام ليس في المسجد

- ‌الفصل الثاني في وقت قيام المأموم للصلاة والإمام في المسجد

- ‌الفصل الثالث في وقت تكبير الإمام بالصلاة

- ‌الفصل الرابع في تسوية الصفوف

- ‌الباب الرابع في أحكام تكبيرة الإحرام

- ‌توطئه

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرة الإحرام

- ‌الفصل الثاني في شروط تكبيرة الإحرام

- ‌الشرط الأول أن تقع تكبيرة الإحرام مقارنة للنية حقيقة أو حكمًا

- ‌الشرط الثاني أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائمَا فيما يشترط فيه القيام

- ‌المبحث الأول في انقلاب الصلاة نفلَا إذا بطلت فرضًا

- ‌المبحث الثاني إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ولم يكبر للركوع

- ‌الشرط الثالث أن تكون التحية بلفظ الله أكبر لا يجزئ غيرها

- ‌مبحث في تنكيس التكبير

- ‌الشرط الرابع أن يكون التكبير متواليًا

- ‌الشرط الخامس في اشتراط إسماع المصلي نفسه تكبيرة الإحرام والذكر الواجب

- ‌الشرط السادس أن تكون التحريمة بالعربية من القادر عليها

- ‌الشرط السابع سلامة التكبير من اللحن المغير للمعنى

- ‌الشرط الثامن في اشتراط القدرة على التكبير

- ‌الباب الخامس أحكام القيام في الصلاة

- ‌الفصل الأول حكم القيام

- ‌الفصل الثاني في منزلة القيام بالصلاة

- ‌الفصل الثالث في قدر القيام

- ‌الفصل الرابع في صفة القيام

- ‌الفصل الخامس في استناد المصلي في القيام

- ‌الفصل السادس في سقوط القيام عن المصلي

- ‌المبحث الأول لا يجب القيام في صلاة النافلة

- ‌المبحث الثاني افتتح النافلة قائمَا فأراد الجلوس من غير عذر

- ‌المبحث الثالث يسقط القيام بالعجز

- ‌المبحث الرابع ضابط العجز المسقط للقيام

- ‌المبحث الخامس سقوط القيام بالخوف

- ‌المبحث السادس في سقوط القيام من أجل المحافظة على الطهارة

- ‌المبحث السابع في المراوحة بين القدمين في الصلاة

- ‌المبحث الثامن في الصاق إحدى القدمين بالأخرى حال القيام

- ‌الفصل السابع في موضع النظر أثناء الصلاة

- ‌المبحث الأول في النظر إلى السماء أثناء الصلاة

- ‌المبحث الثاني في موضوع نظر المصلي في اثناء الصلاة

- ‌المبحث الثالث في موضوع نظر المصلي حال الركوع والسجود والجلوس

- ‌الفصل الثامن في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

- ‌المبحث الأول في مشروعية رفع اليدين

- ‌المبحث الثاني في صفة رفع اليدين

- ‌الفرع الأول في صفة رفع الأصابع

- ‌الفرع الثاني في صفة رفع الكفين

- ‌الفرع الثالث في منتهى الرفع

- ‌الفرع الرابع في رفع المرأة يديها في الصلاة

- ‌الفرع الخامس في ابتداء وقت الرفع وانتهائه

- ‌الفرع السادس في وضع اليدين بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام

- ‌مسألة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى

- ‌الفرع السابع في مكان وضع اليدين

- ‌الفرع الثامن في وقت القبض

- ‌الفرع التاسع في صفة وضع اليدين

الفصل: ‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

‌المبحث السابع في فوات تحية المسجد بالجلوس

المدخل إلى المسألة:

• السقوط بالفوات يحتاج إلى دليل، والأصل عدم السقوط ما زال في المسجد.

• حديث جابر في تحية المسجد جاء بصيغة الأمر بفعلها كما في رواية الصحيحين، وفي صيغة النهي عن الجلوس قبل ذلك، كما في رواية البخاري.

• المأمورات الشرعية لا تسقط بالترك حتى تفعل، والمنهيات إذا فعلت فكأنها لم تفعل؛ لأنها ملغاة شرعًا، وإذا كان الجلوس في حكم الملغى شرعًا فلا يزال يخاطَبُ بها حتى يصلِّيَهَا.

• تحية المسجد شرعت لتعظيم المسجد وحرمته، ففي أي وقت صلاها حصل المقصود.

[م-453] اختلف الفقهاء في فوات تحية المسجد بالجلوس على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

لا تفوت تحية المسجد بالجلوس، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وظاهر إطلاق بعض الشافعية

(1)

.

قال الخرشي: «يكره جلوسه قبل التحية، ولا تسقط به»

(2)

.

(1)

. البحر الرائق (2/ 38)، مراقي الفلاح (ص: 149)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 394)، شرح ابن ناجي على متن الرسالة (1/ 169)، شرح الخرشي (2/ 5)، الشرح الكبير للدردير (1/ 313).

قال في الفواكه الدواني (1/ 203): «وكونهما -أي الركعتين- قبل الجلوس على جهة الندب، فلو جلس لا يفوتان ولو طال زمان الجلوس» .

(2)

. شرح خليل للخرشي (2/ 5).

ص: 126

• وجه هذا القول:

أن تحية المسجد شرعت لتعظيم المسجد وحرمته، ففي أي وقت صلاها حصل المقصود.

ولو دخل المسجد يريد أن يعمل عملًا أو يتحدث مع أحد، فظل واقفًا فإنه مخاطب بتحية المسجد؛ لأنه لا مفهوم لقوله:(فلا يجلس).

ولو جلس، وأراد أن يصلي تحية المسجد جالسًا، صحت منه تحية المسجد، فلا مفهوم لقوله في الحديث:(فلا يجلس)

(1)

.

ولأن الاحتجاج بقيد الجلوس في الحديث (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) من الاحتجاج بالمفهوم، وليس بحجة عند الحنفية مطلقًا، كما أنه ليس بحجة إجماعًا إذا خرج مخرج الغالب.

ويستدل لهذا القول بحديث جابر في قصة سليك الغطفاني فإنه جلس قبل أن يصلي، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام، والصلاة ركعتين، والحديث في مسلم، وإن كان الحنفية لا يرون صلاة تحية المسجد، والإمام يخطب، ويجيبون عن حديث جابر بأجوبة سوف نتعرض لها بالبحث إن شاء الله تعالى في فصل مستقل.

وأجاب من قال: إن تحية المسجد سببها الجلوس عن حديث جابر حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم سليكًا الغطفاني بتحية المسجد بعدما جلس بأن الجالس كان جاهلًا والفاصل قصيرًا، فلو جلس، وطال الفصل لم يؤمر بها، وقد فاتت.

• ويرد عليهم:

بأن حديث جابر ليس فيه ما يدل على هذا، ولا فيه ما ينفيه، والأصل أن الإنسان إذا كان مخاطبًا بالعبادة فإنه يؤمر بها حتى يفعلها، وحديث تحية المسجد فيه أمر ونهي، أمر بصلاة ركعتين، ونهي عن الجلوس قبل ذلك،

فرواه البخاري ومسلم بلفظ: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس

(2)

.

(1)

. وخالف الشافعية، فقالوا: يجب أن يحرم بتحية المسجد قائمًا؛ لأنه لو جلس عامدًا قبل الإحرام بها فاتت، انظر الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 438).

(2)

. صحيح البخاري (444)، وصحيح مسلم (69 - 714).

ص: 127

وهذا أمر بالصلاة.

وفي رواية للبخاري: فلا يجلس حتى يصلي ركعتين

(1)

.

وهذا نهي عن الجلوس، والمأمورات لا تسقط بالترك حتى تفعل، والجلوس قبل الصلاة منهي عنه، والمنهيات إذا فعلت فكأنها لم تفعل؛ لأنها ملغاة شرعًا فلا يزال يخاطب بها حتى يصليها، وأما إذا تعمد الترك فالخلاف في فعله مبني على حكم تحية المسجد، فالجمهور على الكراهة، وقيل: يحرم، وسوف أبحثها إن شاء الله في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.

وطول الفصل مؤثر في التفريق بين أجزاء العبادة الواحدة مما ينبني بعضها على بعض كالصلاة والوضوء، فإذا طال الفصل لم يمكن البناء، وأما العبادة إذا لم يفعلها أصلًا فيبقى مخاطبًا بها حتى يفعلها.

القول الثاني:

قال النووي والعراقي: «أطلق أصحابنا فواتها بالجلوس»

(2)

.

وقال الزركشي في القواعد: «وكذلك تحية المسجد تفوت بالجلوس ناسيًا مع أنها من المأمورات»

(3)

.

• وجه هذا القول:

يرى أصحاب هذا القول أن تحية المسجد من النوافل المؤقتة، ووقتها فعلها قبل أن يجلس؛ لظاهر حديث أبي قتادة، (فلا يجلس حتى يصلي)، فإذا جلس كانت تحية المسجد من جنس النوافل التي تفوت بفوات وقتها، فلا تقضى؛ لعدم الدليل على القضاء، وقاسه بعض الشافعية على فرع عندهم في فروع الحج في مسألة الإحرام لدخول الحرم، فإنهم قالوا: إن من دخله بغير إحرام لا يقضيه، بل فاته بمجرد الدخول كما تفوت التحية بالجلوس.

(1)

. صحيح البخاري (2/ 57).

(2)

. المجموع (4/ 53)، روضة الطالبين (1/ 333)، تحفة المحتاج (4/ 68)، نهاية المحتاج (3/ 277)، طرح التثريب (3/ 189)، شرح النووي على صحيح مسلم (6/ 164).

(3)

. المنثور في القواعد الفقهية (3/ 273).

ص: 128

• وأجيب:

لا نسلم أن تحية المسجد مؤقتة، بل هي مرتبطة بسبب، وسببها دخول المسجد، فما زال موجودًا في المسجد فالسبب قائم، فإذا خرج، ولم يُصَلِّ فات وقتها، خاصة إذا رجحنا أن ذكر الجلوس لا مفهوم له، وعلى التسليم بأن تحية المسجد مؤقتة قبل الجلوس فما المانع أن يكون وقتها قبل الجلوس وقت فضيلة، وبعده وقت جواز، وقد يقال: فعلها قبل الجلوس أداء، وبعده قضاء

(1)

.

(ح-1089) وقد روى ابن خزيمة في صحيحه من طريق ابن وهب، قال: حدثني أسامة، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني، قال:

سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: أدخلت المسجد؟ قلت: نعم، فقال: أصليت فيه؟ قلت: لا، قال: فاذهب فاركع ركعتين

(2)

.

[تفرد به أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، والراوي عنه ابن وهب، قال ابن عدي: يروي عنه ابن وهب نسخة صالحة]

(3)

.

القول الثالث:

قال النووي: «إن جلس في المسجد قبل التحية جهلًا بها، أو سهوًا شرع له فعلها، ما لم يُطِلْ الفصل، فإن طال الفصل فقد فاتت، ولا يشرع له قضاؤها، وهذا هو المختار»

(4)

.

واستدلال هذا القول كاستدلال من قال تفوت بالجلوس، لأن كلا القولين بناه

(1)

. جاء في فتح الباري لابن حجر (1/ 538) نقلًا عن المحب الطبري: «يحتمل أن يقال: وقتهما قبل الجلوس وقت فضيلة، وبعده وقت جواز، أو يقال: وقتهما قبله أداء، وبعده قضاء» .

(2)

. صحيح ابن خزيمة (1828).

(3)

. الكامل لابن عدي (2/ 78).

وقد روى عمرو بن دينار عن جابر في قصة الرجل الذي دخل المسجد، والإمام يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين، ولم يذكر اسم الرجل.

ورواه أبو الزبير وأبو سفيان، ومجاهد عن جابر، وذكروا أن الرجل هو سليك الغطفاني. فأخشى أن يكون أسامة بن زيد الليثي لم يحفظ الحديث، والله أعلم.

(4)

. المجموع (4/ 53)، طرح التثريب (3/ 189).

ص: 129

على أن تحية المسجد مؤقتة بوقت، ووقت فعلها قبل أن يجلس، فإذا جلس فقد فاتت، إلا أن هذا القول رأى أن الفاصل إذا كان يسيرًا أمكن تداركه في العبادة، كما أن التفريق بين أعضاء الوضوء لا يؤثر فيه الفارق اليسير، والبناء على الصلاة إذا انصرف الإمام يظن تمام صلاته، ثم نُبِّه على سهوه كان له أن يبني إذا كان الفاصل يسيرًا، وحتى يخرجوا من إلزام حديث جابر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم سليكًا أن يصلي تحية المسجد بعد أن جلس.

• الراجح:

الخلاف قوي، ويحتمل أن يكون سبب تحية المسجد الجلوس، لقوله:(فلا يجلس) ويحتمل أن يكون سببها دخول المسجد لقوله: (إذا دخل أحدكم المسجد .. )، ويكون ذكر الجلوس إن كان مقصودًا فهو للمبادرة بها، وعدم تأخيرها والانشغال عنها، لا شرطًا للأمر بها، وقد يقال: ذكر الجلوس وصف أغلبي لا مفهوم له، ولو قيل: إن تحية المسجد سببها المكث في المسجد، فمن مكث في المسجد، ولو قائمًا فعليه أن يصلي ركعتين، باعتبار أن الجلوس فرد من أفراد المكث في المسجد، فيلحق به ما كان في معناه، وليس المجتاز في معنى المكث، فالمجتاز مروه يسير، ونكون نظرنا إلى لفظ الجلوس في حديث أبي قتادة لا من حيث اللفظ، ولكن من حيث المعنى، فالجلوس مكث، والقيام الطويل مكث، وكلاهما يستدعي تحية المسجد، بخلاف المجتاز، فليس في معناهما، والله أعلم.

* * *

ص: 130