الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني في صفة رفع الكفين
المدخل إلى المسألة:
• السنة رفع الكفين قائمتين حذو منكبيه، أو حذو أذنيه مع مد الأصابع.
• لم يرد في السنة ما يكشف صفة بطون الكفين أيجعلها في اتجاه القبلة، أم يجعل بطن أحد الكفين إلى الآخر أم يجعل بطونهما حذاء خديه.
• كل هذه الصفات الثلاث يصدق عليها أنه قد رفع كفيه إلى حذاء منكبيه، أو إلى فروع أذنيه.
• إذا لم تتوجه السنة إلى كشف هذه الصفة تصريحًا، فإن الشرع يقصد بهذا توسعة الأمر على العباد؛ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} .
• لا أعلم سنة في استحباب جعل باطن الكفين متجهًا إلى خلف المصلي، أو بسط الكفين بجعل ظهورهما إلى السماء، وقد انفرد بهذه الصفة بعض المالكية.
• لا يشرع إلزاق الكفين بالمنكبين.
• لا يشرع مس الإبهامين شحمة الأذنين.
[م-504] اختلف الفقهاء في صفة رفع الكفين، أيرفعهما قائمتين أم يبسطهما؟
فقيل: يرفعهما قائمتين، على خلاف بينهم في صفة الرفع:
فقيل: يستقبل ببطنيهما القبلة، وهذا مذهب الحنفية، والحنابلة، وظاهر اختيار العراقيين من المالكية
(1)
.
(1)
. تحفة الفقهاء (1/ 126)، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (1/ 482)، البحر الرائق (1/ 320)، التوضيح شرح مختصر خليل (1/ 334)، شرح التلقين (1/ 552)، المنتقى للباجي (1/ 143)، التبصرة للخمي (1/ 281)، جامع الأمهات (ص: 93)، شرح النووي
…
على صحيح مسلم (4/ 95)، الإنصاف (2/ 44)، كشاف القناع (1/ 391).
وقيل: يجعل بطن كل كف إلى الأخرى، نقله العيني ومغلطاي عن كتاب الحاوي للماوردي، ولم أجده فيه في مظانه من الحاوي
(1)
.
وقيل: يستقبل بكفيه خديه، حكاه بعض الحنفية
(2)
.
وقيل: يرفعهما قائمتين بطونهما إلى خلفه، وظهورهما إلى أمامه على صفة النابذ، قاله زرُّوق المالكي، وصرح المازري بتشهير هذه الكيفية، ورجحها اللَّقَانِيُّ والخرشي
(3)
.
وقيل: بل يبسطهما، واختلفوا في صفة البسط:
فقيل: يبسط ظهورهما للسماء، وبطونهما إلى الأرض على صفة الراهب، وهو قول في مذهب المالكية، اختاره سحنون من المالكية، ورجحه علي الأجهوري
(4)
.
وقيل: بل يبسط بطونهما إلى السماء، وظهورهما للأرض على صفة الراغب، قاله القاضي عياض من المالكية
(5)
.
قال خليل في التوضيح: «الظاهر رفعهما قائمتين لعدم التكليف»
(6)
.
(1)
. شرح ابن ماجه لمغلطاي (ص: 1372)، عمدة القارئ للعيني (5/ 271)، نخب الأفكار في شرح معاني الآثار (3/ 500).
(2)
. اللباب في شرح الكتاب (1/ 66).
(3)
. منح الجليل (1/ 257)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 370)، شرح الخرشي (1/ 280)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (2/ 118)، إكمال المعلم (2/ 263).
(4)
. الشرح الكبير (2/ 247)، التاج والإكليل (2/ 239)، منح الجليل (1/ 257)، شرح التلقين (1/ 552)، شرح ابن ناجي على الرسالة (1/ 138).
وقال المازري في شرح التلقين (2/ 552): «أما صفة الرفع فالذي عليه العراقيون من أصحابنا اختيار كون اليدين قائمتين يحاذي بكفيه منكبيه وبأصابعه أذنيه؛ لأن بهذا الشكل يتمكن من بناء الأحاديث المختلفة كما قدمناه، وهو الذي رأيت أشياخي يفعلونه. ولو لم يكن في اختياره إلا البعد عن التكلف لكان معنى يقتضي إيثاره ويُحَسِّنُ اختياره» .
ولم يبين صفة الرفع، هل يستقبل براحتيه القبلة كما هو مذهب الحنفية، أويجعل بطن كفيه إلى خلفه، وقد كشفت كتب المتون عند المالكية أن من قال: يرفع كفيه قائمتين أن ذلك على صفة النابذ، والله أعلم.
(5)
. التاج والإكليل (2/ 239)، منح الجليل (1/ 257)، شرح ابن ناجي على الرسالة (1/ 138).
(6)
. التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 334).
ولا أعرف سنة محفوظة في بسط الكف، وقد انفرد بهذه الصفة بعض المالكية.
قال ابن العربي في القبس «يقيمهما، ولا يبسطهما»
(1)
.
وهذا ذهاب منه إلى موافقة الجمهور في رفع الكفين قائمتين.
وقال الباجي في المنتقى: «وأما صفة الرفع فالذي عليه شيوخنا العراقيون أن تكون يداه قائمتين، تحاذي كفاه منكبيه، وأصابعه أذنيه.
وروي عن سحنون أنهما تكونان منصوبتين: ظهورهما إلى السماء، وبطونهما إلى الأرض، قال القاضي أبو الوليد: والأول عندي أولى؛ لأنا نتمكن بذلك من الجمع بين الحديثين، ولأنه أبعد في التكلف، وأيسر في الرفع»
(2)
.
ولم يذكر أنها على صفة النابذ، بطونهما إلى الخلف، وظهورهما إلى القبلة، كما لم يذكر ذلك المازري في شرح التلقين، ونقلت نصه قبل قليل في الحاشية.
وإذا ترجح كونهما قائمتين حذو منكبيه، أو حذو أذنيه مع مد الأصابع، فإن ذلك لا يعني إلا كونهما قائمتين، أما كون بطون كفيه إلى القبلة، أو بطن أحد الكفين إلى الآخر أو بطونهما حذاء خديه، فالأمر سهل، فالأحاديث لم تتوجه إلى كشف هذه الصفة تصريحًا، وإذا لم تذكر هذه الصفة بنص حاسم فإن الشرع يقصد بهذا إلى توسعة الأمر على العباد؛ إذ لو كانت صريحة ما وسع مخالفتها، وكل هذه الصفات الثلاث يصدق عليها أنه قد رفع كفيه إلى حذاء منكبيه، أو إلى فروع أذنيه.
(ح-1240) وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من طريق عمير بن عمران، عن ابن جريج، عن نافع،
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استفتح أحدكم في الصلاة فليرفع يديه، وليستقبل بباطنهما القبلة، فإن الله أمامه
(3)
.
[فهو حديث ضعيف]
(4)
.
(1)
. القبس شرح الموطأ (ص: 213)، وانظر المسالك في شرح موطأ مالك (2/ 347).
(2)
. المنتقى للباجي (1/ 143).
(3)
. المعجم الأوسط (7801).
(4)
. فيه عمير بن عمران، قال ابن عدي: حدث بالبواطيل عن الثقات، وخاصة عن ابن جريج،
وقال أيضًا: ولعمير بن عمران غير ما ذكرت ومقدار ما ذكرت مما رواه عن ابن جريج لا يرويها غيره عن ابن جريج والضعف بين على حديثه.
ولما كانت هذه المسألة تتداخل مع مسألة منتهى الرفع فإني سوف أستكمل معكم إن شاء الله تعالى أدلة هذه المسألة مع المسألة التي تليها منعًا لتكرار الأدلة، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
* * *