الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في الوقت الذي يجب الذهاب فيه للصلاة
المدخل إلى المسألة:
• سماع النداء يوجب الإجابة على الصحيح،، قال: أتسمع النداء، قال: نعم، قال: فأجب، فعلق الأمر بالإجابة على سماع النداء، والمعتبر إمكان السماع.
• إجابة النداء واجب موسع إلى حين سماع الإقامة إلا في الجمعة فإن السعي يجب بمجرد سماع النداء الثاني.
• قال صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم الإقامة فامشوا، منطوقه وجوب السعي بسماع الإقامة، ومفهومه: لا يجب السعي قبل سماع الإقامة.
[م-440] يستحب التبكير للصلاة من حين سماع النداء.
وأما وجوب السعي: فإن كان لصلاة الجمعة وجب السعي إليها عند سماع النداء، والمعتبر إمكان السماع. وإنما وجب بمجرد النداء من أجل سماع الذكر (الخطبة)، وسوف يأتي بحثها إن شاء الله تعالى في صلاة الجمعة
(1)
.
وإن كان الذهاب للصلوات الخمس وجب السعي إليها بسماع الإقامة.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9].
فأمر بالسعي عند سماع النداء، والأمر يقتضي الوجوب.
(1)
. انظر المنتقى للباجي (1/ 195)، الفواكه الدواني (1/ 262)، فتح الباري لابن رجب (8/ 158)، فتح الباري لابن حجر (2/ 386)، مرقاة المفاتيح (2/ 578)، أحكام القرآن للجصاص (3/ 596)، تيسير البيان لأحكام القرآن (3/ 155)، منحة السلوك في شرح تحفة الملوك (ص: 175)، المغني (2/ 218).
قال الجمهور: والمراد بالنداء النداء الثاني؛ لأنه الأذان الذي كان على عهده وعهد أبي بكر وعمر، وهو أحد القولين في مذهب الحنفية
(1)
.
وقال الحنفية، وهو رواية عن أحمد: المراد به الأذان الأول الذي على المنارة
(2)
.
وقيل: يجب السعي للجمعة بدخول الوقت، وإن لم يؤذن لها أحد، وهو قول في مذهب الحنفية
(3)
.
• حجة الحنفية:
أن المصلي لو انتظر الأذان الذي عند المنبر لفاته سماع الخطبة، وربما يُفَوِّت الجمعة إذا كان بيته بعيدًا من الجامع
(4)
.
والأول أرجح؛
(ح-1042) لما رواه البخاري من طريق الزهري،
عن السائب بن يزيد، قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه، وكثر الناس زاد النداءَ الثالثَ على الزوراء
(5)
.
فالأذان الثاني الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو الإقامة سميت أذانًا من باب التغليب، كما قال صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة
(6)
. أي بين كل أذان وإقامة.
وقيل: المراد: «معنى قوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ} [الجمعة: 9]، أي: إذا قرب
(1)
. تبيين الحقائق (1/ 223)، المسالك في شرح موطأ مالك (2/ 447)، تفسير القرطبي (18/ 100)، تفسير ابن جزي (2/ 374)، شرح البخاري لابن بطال (2/ 503)، المجموع (4/ 500)، تحفة المحتاج (2/ 480)، مغني المحتاج (1/ 566)، كشاف القناع (2/ 42)، شرح منتهى الإرادات (1/ 320)، مطالب أولي النهى (3/ 49)، الإنصاف (4/ 323).
(2)
. مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 171)، البحر الرائق (2/ 168)، مرقاة المفاتيح (3/ 1042)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 81)، تبيين الحقائق (1/ 223)، الإنصاف (4/ 323).
(3)
. تبيين الحقائق (1/ 223).
(4)
. مجمع الأنهر (1/ 171).
(5)
. صحيح البخاري (912).
(6)
. صحيح البخاري (627)، وصحيح مسلم (383).
وقت النداء لها بمقدار ما يدركها كل ساعٍ إليها، فاسعوا، وليس على تقدير أنه لا يجب السعي إليها إلا حين ينادى لها، والعرب قد تضع البلوغ بمعنى المقاربة كقوله:(إن ابن أم مكتوم لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت)
(1)
، أي: قارب الصباح.
ومثله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2].
يريد إذا قاربن البلوغ؛ لأنه إذا بلغت آخر أجلها لم يكن له إمساكها.
وفى إجماع العلماء على أن من كان في طرف المصر العظيم، وإن لم يسمع النداء يلزمه السعي دليل واضح أنه لم يرد بالسعي حين النداء خاصة، وإنما أريد قربه»
(2)
.
• وأما الدليل على وجوب السعي للصلوات الخمس عند سماع الإقامة:
الدليل الأول:
(ح-1043) ما رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا
(3)
.
فرتب الشارع وجوب السعي إلى الصلاة على سماع الإقامة، ولا يجب عليه السعي إلى الصلاة قبل ذلك إلا في صلاة الجمعة حيث أوجب السعي بسماع النداء.
الدليل الثاني:
(ح-1044) ما رواه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة .... وفيه: والعشاء أحيانًا وأحيانًا، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أَخَّر
…
الحديث
(4)
.
فإذا كان الناس تارة يعجلون الحضور، وتارة يتأخرون في الحضور فإن هذا
(1)
. صحيح البخاري (617).
(2)
. شرح البخاري لابن بطال (2/ 494).
(3)
. صحيح البخاري (636)،.
(4)
. البخاري (560)، ومسلم (646).
دليل على أن الحضور لا يجب بمجرد سماع النداء، فسماع النداء يوجب على المصلي الحضور؛ لحديث: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال فأجب، وهو واجب موسع، ويضيق إذا سمع الإقامة، لأمره بالمشي عند سماع الإقامة، والله أعلم.
* * *