الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى الله عَلَى سَيِّدِنَا محمَّدٍ وَآلهِ وَسَلَّم](1)
كِتَابُ الإِيمَانِ
[باب في سؤال جبريل النبي عليهما السلام عن الإيمان والإسلام، وفيمن اقتصر على الفرائض وما أمر به، وما بُني عَلَيهِ الإِسْلام، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ القَيسِ في الإِيمَانِ وَغَيرِه [وَ](2) مَا يُدعَى النَّاسُ إِلَيهِ] (3)
10 -
(1) مسلم. عَنْ يَحيىَ بْنِ يَعْمَرَ قَال: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَال في الْقَدَرِ (4) بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقتُ أَنَا وَحُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّينِ أَوْ قَال (5): مُعْتَمِرَينِ. فَقُلنا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلناهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاءِ في الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطابِ دَاخِلا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي: أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ (6) الْعِلْمَ. وَذَكَرَ مِنْ شَأنِهِمْ: وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لا قَدَرَ وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ (7). فقَال: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَأءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، ثمَّ قَال:
(1) ما بين المعكوفين ليس في (ج).
(2)
ما بين المعكوفين زيادة يقتضيها السياق.
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(4)
"في القدر" أي بنفي القدر، وأن الله لم يقدر الأشياء ولم يسبق علمه بها.
(5)
قوله: "قال" ليس في (أ).
(6)
"يتقفرون العلم": أي يطلبونه ويتتبعونه.
(7)
"أنف": أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله، وإنما يعلمه بعد وقوعه.
حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطابِ رضي الله عنه قَال: بَينَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَينَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا احَدٌ، حَتى جَلَسَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيهِ (1)، وَقَال: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيهِ سَبِيلًا). قَال: صَدَقْتَ. قَال: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ ويصَدِّقُهُ. قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ؟ قَال: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ). قَال: صَدَقْتَ. قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ؟ قَال: (أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ). قَال: فَأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَال: (مَا الْمَسْئُولُ عَنَهَا بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ). قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتهَا (2)؟ قَال: (أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا (3)، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالةَ (4) رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في الْبُنْيَانِ). قَال: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثتُ مَلِيًّا (5)، ثُمَّ قَال لِي:(يَا عُمَرُ! أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ ). قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَال: (فَإِنهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)(6). لَمْ يخرِج البخاري عَن عُمَر في هَذَا
(1)"فخذيه" أي وضع كفيه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة عند النسائي (8/ 101) وذلك مبالغة في الدنو والاستئناس.
(2)
"أمارتها": أي علامتها.
(3)
"ربتها": أي سيدتها ومالكتها.
(4)
"العالة": جمع عائل وهو الفقير.
(5)
"مليًّا" أي وقتًا طويلًا، وقد جاء مفسرًا في روايات أخر بثلاثة أيام.
(6)
مسلم (1/ 36 رقم 8).
شَيئًا، وخَرَّج أَبُو دَاوُد حَدِيث عُمَر هَذَا بِكَمالِه (1)، وخَرَّجَ طَرَفًا مِنْهُ (2) في مَوْضِع آخر مِن كِتَابِه (3)، وقَال فِيه: فَمَا الإِسْلام؟ قَال: (إِقَامُ الصَّلاةِ وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وحَجُّ البَيتِ وصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، والاغْتِسَالُ مِنَ الجَنَابَةِ). زاد ذكر "الاغتسال من الجنابة"، وزاد أبو الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني (4):(وتَعْتَمِر وتُتِم الوضُوء). وقال في آخره: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، فخذوا عنه، فوالذي نفسي بيده ما شُبِّه عليَّ مُنذ (5) أتاني قبلَ مرَّتي هذه، وما عرفته حتَّى ولَّى). خرجه في كتابه "كتاب السنن"(6).
11 -
(2) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإِيمَانُ؟ قَال: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ). قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإِسْلامُ؟ قَال: (الإِسْلامُ: أَنْ تَعبدَ اللهَ لا تُشْرِكَ بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ الْمَكتوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ). قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإحْسَانُ؟ قَال: (أنْ تَعبدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ). قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَتَى السَّاعَةُ؛ قَال: (مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا (7): إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا،
(1) سنن أبي داود (5/ 69 رقم 4695) كتاب السنة، باب في القدر.
(2)
في (ج): "منه طرفًا".
(3)
سنن أبي داود (5/ 74 رقم 4697) كتاب السنة، باب في القدر.
(4)
في (ج): "الدارقطني الحافظ".
(5)
في (ج): "مذ".
(6)
سنن الدارقطني (2/ 282 رقم 207) كتاب الحج، باب المواقيت.
(7)
"أشراطها": علاماتها.
وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ (1) رُءُوسَ الناسِ، فَذَاكَ مِنْ أشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ (2) في الْبُنْيَانِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، في خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللهُ)، ثُمَّ تَلا [رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] (3) {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (4). قَال (5): ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ). فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ، فَلَمْ يَرَوْا شَيئًا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ الناسَ دِينَهُم)(6). وفي رواية: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ بَعْلَهَا). يَعْنِي السَّرَارِيَّ (7). وفي لفظ آخر في هذا الحديث: قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (سَلُونِي). فَهَابُوهُ (8) أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيهِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإِسْلامُ؟ قَال: (لا تُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ). قَال: صَدَقْتَ. قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإيمَانُ؟ قَال: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ). قَال: صَدَقْتَ. قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا الإِحْسَانُ؟ قَال: (أَنْ تَخْشَى اللهَ كَأَنكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لا تَكُنْ تَرَاهُ فَإنَّهُ يَرَاكَ). قَال: صَدَقْتَ. قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ فَقَال (9): (مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا رَأَيتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ
(1) في (أ): "الجفاة العراة".
(2)
"البهم": الصغار من أولاد الغنم.
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(4)
سورة لقمان الآية (34).
(5)
قوله: "قال" ليس في (ج).
(6)
مسلم (1/ 39 رقم 9).
(7)
"السراري": السرية: الجارية المتخذة للوطء.
(8)
في (ج): "فهابوا".
(9)
في (ج): "قال".
رَبَّهَا، فَذَاكَ (1) مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإذَا رَأَيتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ (2) مُلُوكَ الأَرْضِ، فَذَاكَ (1) مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيتَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ في الْبُنْيَانِ، فَذَاكَ (1) مِنْ أَشْرَاطِهَا في خَمْسٍ مِنَ الْغَيبِ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللهُ)، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (3)، ثُمَّ قامَ الرَّجُلُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(رُدُّوهُ عَلَيَّ). فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إِذْ لَمْ تَسْأَلُوا)(4). خرَّجَ البخاري هَذَا الحَدِيث في كِتَابِ "الإِيمان"، وفِي "تفسير سورة لقمان"(5)، وفي كلا الموضعين لم يقل:"وكتَابِه " ولا "وكُتُبِه"، ولا "المَكْتُوبَة"، ولا ذَكَر الإِيمان بالقَدَرِ، ولا قَال:"اسلُونِي، فَهَابُوه (6) أَن يَسألُوه"، ولا قَال:"هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إذْ لَمْ تَسْأَلُوا"، ولا قَال:"أَن تَخْشَى الله". قال: "أَن تَعبدَ الله". ولا قَال: "الصُم البُكْم مُلُوك الأَرْضِ". ولا قَال هَذَا اللفظ: "بَعْلَها. يَعنِي السَّرَارِي". وقَال في التفسير: أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَان يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إذ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي. وقَال: "وإذَا كَان الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءوسَ النَّاس، فَذَاكَ (1) مِنْ أَشْرَاطِهَا". وقَال في كِتَاب "الإِيمَان": "وإذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الإبلِ (7) البُهْمِ في البُنْيَانِ".
12 -
(3) مسلم. عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْ
(1) في (ج): "فذلك".
(2)
"الصم البكم": أي الجهلة السفلة، فلم ينتفعوا بجوارحهم هذه فكأنهم عدموها.
(3)
سورة لقمان، آية (33).
(4)
مسلم (1/ 40 رقم 10)، البخاري (1/ 114 رقم 50)، وانظر رقم (4777).
(5)
في (ج): "القمر".
(6)
في (ج): "فهابوا".
(7)
قوله: "الإبل" ساقط من (ج).
أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَويُّ صَوْتِهِ، وَلا يُفْقَهُ (1) مَا يَقُولُ حَتى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَسْألُ عَنِ الإِسْلامِ، فَقَال رَسَولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(خَمْسُ صَلَوَاتٍ في الْيَوْمِ وَاللَّيلَةِ)، فَقَال: هَلْ عَلَيَّ غَيرُهُنَّ؟ قَال: (لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ). فَقَال: هَلْ عَلَيَّ غَيرُة؟ فَقَال: (لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ). وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، فَقَال: هَلْ عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَال: (لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ). قَال: فَأَدْبَرَ الرَّجُل، وَهُوَ يَقولُ: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ)(2). وفي رواية: (أَفْلَحَ وَأَبِيهِ (3) إِنْ صَدَقَ، أوْ دَخَلَ الْجَنةَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ). وخَرَّجَ البخاري هَذَا الحَدِيث في كِتَابِ "الصَّومِ"، وقَال فِيهِ: فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ؟ وكَذَلِك قَال في الزَّكَاةِ والصِّيَامِ: فَرض، فَرض، وقَال: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَائِع الإِسْلامِ. قَال: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لا أَتَطَوَّعُ شَيئًا وَلا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ شَيئًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ
(1) في (ج): "نسمع دوي صوته ولا نفقه
…
".
(2)
مسلم (1/ 40 رقم 11)، البخاري (1/ 106 رقم 46)، وانظر أرقام (1891، 2678، 6956).
(3)
"أفلح وأبيه" هذه لفظة شاذة خالف راويها إسماعيلُ بن جعفر من هو أوثق منه وهو الإمام مالك الَّذي روى الحديث بدونها كما قرر ذلك الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد"(14/ 366)، وقال السهيلي: لا يصح لأنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يحلف بغير الله ولا يقسم بكافر، تالله إن ذلك لبعيد من شيمته. ا. هـ والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله ومنه الحلف بالآباء صحاح مشهورة تبلغ في مجموعها حد التواتر، وماةخالفها فألفاظ شاذة أو أحاديث ضعيفة، ولذا فإن الحق المحقق في ذلك هو القول بتحريم الحلف بغير الله عز وجل صيانة للتوحيد وحذرًا من الوقوع في الشرك وإن كان أصغر. وانظر معجم المناهي اللفظية (113).
الْجَنَّة إِنْ صَدَقَ)، وخرَّجَهُ أَيضًا في كِتَاب "الحِيل" بمثل هَذَا اللفظ مِن قَولِه: فَرض فَرض، وفِي بَعضِ النُّسَخ مِن كِتَاب البخاري في كِتَابِ "الحيل":(أَفْلَحَ إِنْ صَدقَ، أوْ دَخلَ الجنَّة إِنْ صَدَقَ). وقَد خَرَّجَه (1) فِيِ كِتَابِ "الإيمان" بمثل مَا تَقَدَّم لمسلم في الطرِيقِ الأوَّلِ، ولَيس في شَيء مِن طُرقِهِ:"وأَبِيه".
13 -
(4) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ! اتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ قَال: (صَدَقَ). قَال: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَال: (اللهُ). قَال: فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ؟ قَال: (اللهُ). قَال: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَال وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَال: (اللهُ). قَال: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الأرْضَ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَال آللهُ أَرْسَلَكَ؟ قَال:(نَعَمْ). قَال: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَينَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَوْمِنَا وَلَيلَتِنَا؟ قَال: (صَدَقَ). قَال: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَال: (نَعَمْ). قَال: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَينَا زَكَاةً في أَمْوَالِنَا؟ قَال: (صَدَقَ). قَال: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَال: (نَعَمْ) قَال: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَينَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ في سَنَتِنَا؟ قَال: (صَدَقَ) قَال: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَال: (نَعَمْ) قَال (2): وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَينَا حَجَّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلا؟ قَال: (صَدَقَ). قَال! ثُمَّ وَلَّى، قَال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَزِيدُ عَلَيهِنَّ وَلا أَنْقُصُ (3) مِنْهُنَّ.
(1) في (ج): "وخرجه".
(2)
"قال" ساقطة من (أ).
(3)
في (ج): "أنتقص".
فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ)(1).
14 -
(5) وعَنْه قَال: كُنَّا نُهِينَا في الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيءٍ (2)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ. خرجه البخاري في كتاب "العلم" في باب "القراءة والعرض على المحدث"، عَنْ أَنس أَيضًا قَال: بَينَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُل عَلَى جَمَلِ فَأَنَاخَهُ في الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَال لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالَّنبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَكِئٌ بَينَ ظَهْرَانَيهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ الْمُئَّكِئُ. فَقَال لَهُ الرَّجُلُ: ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (قَدْ أَجَبْتُكَ). فَقَال الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيكَ في الْمَسْأَلَةِ، فَلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ. فَقَال:(سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ). فَقَال: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ اللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَال: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَال: أَنْشُدُكَ بِاللهِ آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ في الْيَوْمِ وَاللَّيلَةِ؟ قَال: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَال: أَنْشُدُكَ بِاللهِ آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَال: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). قَال: أَنْشُدُكَ بِاللهِ آللهُ أمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ نَعَمْ). فَقَال الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. تَفَردَ مسلم مِن حَدِيثهِ بِأَوله إِلَى قَوْلِه: فَجَاءَ رَجُلٌ، وبِذِكرِ الحَجِّ. وبِقَولِه أَيضًا: نُهِينَا أَن نَسْأَل رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في القُرْآنِ عَن شَيء.
(1) مسلم (1/ 41 رقم 12)، البخاري (1/ 148 رقم 63).
(2)
انظر الحديث الَّذي قبله.
15 -
(6) مسلم. عَن أَبِي أيُّوبَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ في سَفَرٍ فَأَخَذ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ أَوْ بزِمَامِهَا، ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أوْ يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَةِ وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَال: فَكَفَّ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَظرَ في أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَال:(لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ)، قَال:(كَيفَ قُلْتَ؟ ). قَال: فَأَعَادَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَع النَّاقَةَ)(1)(2). وفي لفظ آخر: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَال: (تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ ذَا رَحِمِكَ)، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ). لم يقل البخاري: "لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ"، ولا ذكر إعادة القول، ولا قال:"إنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". وقال في حديثه: "يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخلُني الْجَنَّةَ. قَال القَوْمُ: مَاله مَاله؟ ! فَقَال رَسُول الله: "أرَبٌ (3) مَاله " فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَعْبُدُ اللهَ "
…
الحديث، خرَّجهُ في "الأَدَبِ".
16 -
(7) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَال: (تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ
(1)"دع الناقة": إنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه كان ممسكًا بخطام ناقته ليتمكن من سؤاله، فلما حصل جوابه قال: دعها.
(2)
مسلم (1/ 42 رقم 13)، البخاري (3/ 261 رقم 1396)، وانظر:(5982، 5983).
(3)
"أربٌ": الأَرَب الحاجة، والمعنى: له حاجة مهمة جاءت به.
رَمَضَانَ). قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا شَيئًا أَبَدًا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ. فَلَمَّا وَلَّى قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى رَجُل مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا)(1). لم يذكر البخاري قوله: شَيئًا أبدًا، ولا قوله: وأنقص منه. خَرَّجَهُ في أَوَّلِ كِتَابِ "الزكاة".
17 -
(8) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم النُعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيتَ إِذَا صَلَّيتُ الْمَكْتُوبَةَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلال أَأَدْخُلُ (2) الْجَنَّةَ؟ فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(نَعَمْ)(3). وفي لفظ آخر: أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: أَرَأَيتَ إِذَا صَلَّيتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأحْلَلْتُ الْحَلال، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيئًا: أَأَدْخُلُ (2) الْجَنَّةَ؟ قَال: (نَعَمْ). قَال: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيئًا. لم يخرج البخاري هذا الحديث، حديث جابر.
18 -
(9) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ (4): عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ). فَقَال رَجُلٌ: الْحَجُّ وَصِيَامُ رَمَضَانَ، قَال: لا "صِيَامُ رَمَضَانَ وَالْحَجُّ"، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (5).
19 -
(10) وعَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: (بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ،
(1) مسلم (1/ 44 رقم 14)، البخاري (3/ 261 رقم 1397).
(2)
في (أ): "أدخل".
(3)
مسلم (1/ 44 رقم 15).
(4)
في (ج): "خمسة".
(5)
مسلم (1/ 45 رقم 16)، البخاري (6/ 235 رقم 3130). وانظر:(3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7095).
وَصَوْمِ رَمَضَانَ) (1). وفي لفظ آخر: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).
20 -
(11) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أيضًا، وقِيل لَه: أَلا تَغْزُو؟ فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ الإِسْلامَ بُنِيَ عَلَى خمْسَة: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ شَهرِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيتِ)(1). لَمْ يَقُل (2) البخاري: "عَلَى أَن يُوَحَّد الله"، ولا:"عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ". ولا ما قيل لابن عمر: أَلا تَغْزُو؟ . وقال: "وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله". وسَيَأتِي إِنْ شَاءَ الله في "التَّفْسِيرِ" مَا قِيلَ لابْنِ عُمَرَ في الغَزْو.
21 -
(12) مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالتْ بَينَنَا وَبَينَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلا نَخْلُصُ إِلَيكَ إِلا في شَهْرِ الْحَرَامِ (3)، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَعْمَلُ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَال:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَع، وَأَنْهَاكمْ عَنْ أَربع: الإِيمَانِ بِاللهِ). ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ فَقَال: (شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكمْ عَنِ الدُّبَّاءِ (4)، وَالْحَنْتَمِ (5)، وَالنَّقِيرِ (6)،
(1) انظر الحديث رقم (9) في هذا الباب.
(2)
في (ج): "يذكر".
(3)
في (أ): "حرام".
(4)
"الدباء": هو القرع اليابس، أي الوعاء منه.
(5)
"الحنتم": قيل: جرار خضر، وقيل: جرار حمر أعناقها في جنوبها.
(6)
"النقير": جذع ينقر وسطه.
وَالْمُقَيَّر) (1)(2). وفِي رِوَايةِ: (شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ)، وَعَقَدَ وَاحِدَةً.
22 -
(13) وعنْهُ مِن حَدِيث شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَال: كُنْتُ أُتَرْجِمُ (3) بَينَ يَدَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَينَ النَّاسِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ (4)، فَقَال: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيسِ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنِ الْوَفْدُ، أَوْ مَنِ الْقَوْمُ؟ ). قَالُوا: رَبِيعَةُ. قَال: (مَرْحَبًا بالْقَوْمِ، أَوْ بِالْوَفْدِ غَيرَ خَزَايَا وَلا النَّدَامَى). قَال: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا نَأْتَيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَإِنَّ بَينَنَا وَبَينَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفارِ مُضَرَ، وَإِنَّا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نأْتِيَكَ إِلا في شَهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بهِ الْجَنَّةَ. قَال: فَأَمَرَهُمْ بِأَربعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ. قَال: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَقَال:(هَلْ تَدْرُونَ مَا الإيمَانُ بِاللهِ وَحْدَهُ؟ ). قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ)، وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ. قَال شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَال: "النَّقِيرِ". قَال شُعْبَةُ (5): وَرُبَّمَا قَال: "الْمُقَيَّرِ". وَقَال:
(1)"المقير": هو المزفت، وهو المطلى بالقار وهو الزفت.
وإنما خصت هذه الأواني بتحريم الانتباذ فيها لأنه يسرع إليه الإسكار فيها. ثم نسخ هذا النهي بحديث بريدة: (كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقبة، فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا) خرَّجه مسلم، وسيأتي.
(2)
مسلم (1/ 46 رقم 17)، البخاري (1/ 129 رقم 53)، وانظر أرقام (87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556).
(3)
"أترجم": أي أنَّه كان يبلِّغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس لزحام أو غيره. فيفهمهم عنه ويفهمه عنهم.
(4)
"نبيذ الجر": الجر هو الفخار المعروف.
(5)
قوله: "قال شعبة" ليس في (ج).
(احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوا بِهِ مِنْ وَرَائِكُمْ)(1). وفِي رِوَايةٍ: "مَنْ وَرَاءَكُمْ" وَلَيسَ فِيها: "الْمُقيَّرِ". وفي رِوَاية أُخرَى: (أَنْهَاكُمْ عَمَّا يُنْبَذُ في الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ). وَزَادَ فِيها: وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلأَشَجِّ، أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيسِ:(إِنَّ فِيكَ لخَصْلَتَينِ (2) يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ). خرَّج البخاري هذا الحديث، وقال فيه في بعض الطرق:(شَهَادَة أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَه لا شَرِيكَ لَهُ). ذكره في كتاب "إجازة خبر الواحد"، وخرَّجه أيضًا في باب بعد باب "نسبة اليَمن إلى إسماعيل" في آخر "ذكر الأنبياء"، وقال فيه:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللهِ، وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَإِقَامِ الصَّلاةِ، [وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ] (3)
…
) الحديث بزيادة واو، وقَال في هَذَا:(وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ). وكذلك قال فيه في أول "الزكاة": (الإِيمَانِ بِاللهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ) بزيادة واو، ولم يذكر: الصيام. وفي حديث وفد عبد القيس: "الإِيمَانِ بِاللهِ: شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ" لم يذكر الواو. وقد خَرَّجَه كَمَا خَرَّجه مسلم، مرةً يذكر (4): الشهادة، والصوم، ومرةً يذكر (4) الشهادة، ولا يذكر (5) الصوم. وفِي بَعضِ طُرقِه: مُرْنَا بِجُمَل مِن الأَمْرِ. وذَكَره (6) في كِتَاب "الأَدَب". قَال: "مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيرَ خَزَايَا وَلا نَدَامَى"، وَقَال فِيه: : (أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ، وَأتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ .. ) وَذَكر باقِي الحَدِيثِ، وليس
(1) انظر الحديث الَّذي قبله.
(2)
في (ج): "خصلتين".
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (ج).
(4)
في (ج): "بذكر".
(5)
في (ج): "لا يذكر" بحذف الواو.
(6)
في (ج): "وذكر".
فيه ذكر: الشهادة، ولا ذكر في شيء من طرقه قصة الأشج. وقال في حديث أَبِي جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَينَ يَدَيِ (1) ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَينَ الناسِ، وذكره في "مواقيت الصلاة"، وقال:"وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُس مَا غَنِمْتُمْ".
23 -
(14) مسلم. عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِن طَرِيق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ؛ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ وَبَينَنَا وَبَينَكَ كُفارُ مُضَرَ، وَلا نَقْدِرُ عَلَيكَ إِلا في أَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَأتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ عَنِ: الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ) قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ! مَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟ قَال: (بَلَى جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطعَاءِ)(2). قَال سَعِيدٌ: أَوْ قَال: (مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، حَتى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حَتى إنَّ أَحَدَكُمْ -أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ- لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيفِ)(3). قَال: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ. قَال: وَكُنْتُ أَخْبَؤُهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: (في أَسْقِيَةِ الأَدَمِ (4) الَّتِي يُلاثُ (5) عَلَى أَفْوَاهِهَا). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ
(1) قوله: "يدي" ليس في (أ).
(2)
"القطيعاء": نوع من التمر صغار.
(3)
"ليضرب ابن عمه": يعني إذا شرب من هذا الشراب فسكر فلم يبق له عقل فيضرب ابن عمه الذي هو من أقاربه وأحبابه.
(4)
"الأدم": أي الجلد.
(5)
في (أ): "تلاث" بالتاء. ومعنى يلاث: أي يلف ويربط.
أَرْضَنَا كَثِيرَةُ الْجِرْذَانِ وَلا تَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الأَدَمِ. فَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ). قَال: وَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيسِ: (إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَينِ يحِبُّهُمَا اللهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ)(1). وفِي رِوَايةٍ: "وَتَذِيفُونَ (2) فِيهِ مِنَ الْقُطعَاءِ والتَّمْرِ وَالْمَاءِ" وَلَمْ يَقُلْ: أَوْ قَال: "مِنَ التَّمْرِ"، وفِي أُخرَى أَنهُم قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ! جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ (3) مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنَ الأَشْرِبَةِ؟ فَقَال: (لا تَشْرَبُوا في النَّقِيرِ). قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ! جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ أَوَ تَدْرِي مَا النَّقِيرُ؟ قَال: (نَعَمْ، الْجِذْعُ يُنْقَرُ وَسَطُهُ، وَلا في الدُّبَّاءِ، وَلا في الْحَنْتَمَةِ، وَعَلَيكُمْ بِالْمُوكَى)(4). لم يخرج البخاري حديث أبي سعيد هذا، أخرج حديث ابن عباس كما تقدم.
24 -
(15) مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَال: (إِنكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيهِ عِبَادَةُ اللهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عز وجل فَرَضَ عَلَيهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَوْمِهِمْ وَلَيلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، قَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ فَرَضَ عَلَيهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ)(5)(6).
25 -
(16) وعَنْهُ أَن مُعَاذًا قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا
(1) مسلم (1/ 48 رقم 18).
(2)
في (ج): "وتذيفون"، ومعنى تذيفون: أي تخلطون.
(3)
في (ج): "فذاك".
(4)
"الموكى": أي السقاء الرقيق الَّذي يربط فوه بالوكاء وهو الخيط الَّذي يربط به.
(5)
"كرائم أموالهم": أي نفائس أموالهم وخيارها.
(6)
مسلم (1/ 51 رقم 19)، البخاري (3/ 261 رقم 1395)، وانظر أرقام (1458، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372).
مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عز وجل افْتَرَضَ عَلَيهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عز وجل افْتَرَضَ عَلَيهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيسَ بَينَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ) (1). خرجه البخاري في أول كتاب "التوحيد"، قال فيه: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِن أَهْلِ الكِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيهِ أَن يُوحدوا الله، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبرهُم
…
" الحديث، وقال: "فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُم [وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ](2) ". وقد خرجه بلفظ مسلم أَيضًا.
[بَابُ قَبولِ ظَوَاهر النَّاس في الأَعْمَالِ، وفِيمَن قَال لا إِله إِلا الله مُخلصًا، وَفِي حَقِّ اللهِ عز وجل عَلَى العِبَادِ وفِي شُعَبِ الإِيمَانِ، وفِي الحيَاءِ (3) والإِيمَان والاستِقَامَة](4)
26 -
(1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِي بَكْرٍ: كَيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ)؟ فَقَال (5) أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَينَ
(1) انظر الحديث الَّذي قبله.
(2)
ما بين المعكوفين من (ج) فقط.
(3)
في (ج): "الحياه".
(4)
ما بين المعكوفين من (ج) فقط.
(5)
في (ج): "قال".
الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا (1) كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنهُ الْحَقُّ (2). في بعض طرق البخاري:"وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا". خرجه في كتاب "الزكاة"، وفي غيره.
27 -
(2) مسلم. عَن أبي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَال لا إِلَهَ إِلا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ)(3). وفي لفظ آخر: قَال: (أُمِرْتُ أَنْ (4) أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ، ويؤمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بهِ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُم وَأَمْوَالهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ). لم يقل البخاري:"وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ".
28 -
(3) مسلم. عَنْ جَابِرِ بن عَبْد الله قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ الناسَ حَتى يَقُولُوا لا إلَهَ إِلا اللهُ، فَإذَا قَالُوا لا إلَهَ إلا اللهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيهِمْ بِمُصَيطِرٍ})(5)(6). لم يخرج البخاري هذا الحديث من حديث جابر، خرجه من حديث أبي هريرة، ولم يذكر الآية.
(1)"عقالًا": العقال: الحبل الَّذي يربط به البعير.
(2)
مسلم (1/ 51 رقم 20)، البخاري (3/ 262 رقم 1399)، وانظر (1400، 1456، 1457، 6924، 6925، 7284، 7285).
(3)
مسلم (1/ 52 رقم 21)، البخاري (6/ 111 رقم 2946).
(4)
قوله: "أمرت أن" ليس في (ج).
(5)
سورة الغاشية الآيتان (21، 22).
(6)
مسلم (1/ 52 - 53 رقم 35/ 21).
29 -
(4) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ويقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوه عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ)(1). وقال البخاري: "عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ".
30 -
(5) وخَرَّجَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الناسَ حَتى يَقُولُوا: لا إلَهَ إِلا اللهُ فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلُّوا صَلَاتنَا، واسْتَقْبَلُوا قِبْلَتنَا، وذَبَحُوا ذَبيحَتَنَا فَقَد حَرُمَت عَلَينَا دِمَاؤُهُمْ وأمْوَالهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ)(2). خَرَّجه في كتاب "الصلاة". وَوَصل سنده بهذا الحديث من طريق نعيم في رواية المستَملي، عن الفَرَبْرِي، عن البخاري رحمهم الله.
31 -
(6) مسلم. عَنْ طَارِقِ بْنِ أَشيم قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ قَال: لا إلَهَ إِلا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ)(3). وفي لفظ آخر: "مَنْ وَحَّدَ اللهَ" بدل: "مَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ". لم يخرج البخاري حديث طارق هذا (4)، ولا أخرج عنه في كتابه شَيئًا.
32 -
(7) مسلم. عَن الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزَن قَال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ،
(1) مسلم (1/ 53 رقم 22)، البخاري (1/ 75 رقم 25).
(2)
البخاري (1/ 496 رقم 391)، وانظر (392، 393).
(3)
مسلم (1/ 53 رقم 23).
(4)
قوله: "هذا" ليس في (ج).
فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا عَمِّ! قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ). فَقَال أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ! أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطلِبِ؟ ! فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيهِ، وَيُعِيدا (1) لَهُ تِلْكَ الْمَقَالةَ، حَتى قَال أبو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمَا وَاللهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ). فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (2). وَأَنْزَلَ اللهُ في أَبِي طَالِبٍ، فَقَال لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (3)(4). وفي رواية: "ويَعُودَان بتِلك المَقَالة". في بعض طرق البخاري: "أُحَاج لَكَ بِهَا عِندَ اللهِ". [ذكره في التفسير](5).
33 -
(8) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: (قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ). فَأَبَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (6)} (7) الآية.
34 -
(9) وعَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: (قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَال: لَوْلا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيشٌ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى
(1) في (ج): "ويعيد".
(2)
سورة التوبة، آية (113).
(3)
سورة القصص آية (56).
(4)
مسلم (1/ 54 رقم 24)، البخاري (3/ 222 رقم 1360)، وانظر (3884، 4675، 4772، 6681).
(5)
ما بين المعكوفين من (ج) فقط.
(6)
قوله: {ولكن الله يهدي من يشاء} ليس في (ج).
(7)
مسلم (1/ 55 رقم 25).
ذَلِكَ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بِهَا عَينَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (1). لم يخرج البخاري حديث أبي هريرة في قصة أبي طالب.
35 -
(10) مسلم. عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفان رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ دَخَلَ الْجَنةَ)(2). لم يخرج البخاري حديث عثمان هذا.
36 -
(11) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: كُنَّا مَعَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم في مَسِيرٍ قَال: فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، قَال: حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ (3)، قَال: فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللهَ عَلَيهَا، قَال: فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ، قَال: وَقَال مُجَاهِدٌ: وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ (4)، قُلْتُ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنوَى؟ قَال: يَمُصُّونَهُ، وَيَشْربونَ عَلَيهِ الْمَاءَ. قَال: فَدَعَا عَلَيهَا، قَال (5): حَتى مَلأَ الْقَوْمُ أَزْودَتَهُمْ، قَال: فَقَال عِنْدَ ذَلِكَ: (أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلا دَخَلَ الْجَنةَ)(6). وفي لفظ آخر: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -شَكَّ الأَعْمَشُ- قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا وَادَّهَنا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (افْعَلُوا).
(1) انظر الَّذي قبله.
(2)
مسلم (1/ 55 رقم 26).
(3)
"حمائلهم": هي الإبل التي يحمل عليها.
(4)
في (ج): "وذو النوى بنواته".
(5)
قوله: "قال" ليس في (ج).
(6)
مسلم (1/ 55 رقم 27).
قَال: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللهَ لَهُمْ عَلَيهَا بِالْبَرَكَةِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ في ذَلِكَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(نَعَمْ). فَدَعَا بِنِطَعٍ (1) فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَال: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَال: وَجَعَلَ يَجِيءُ الآخَرُ (2) بِكَفِّ تَمْرٍ، قَال: وَيَجِيءُ الآخَرُ (2) بِكَسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيءٌ يَسِيرٌ، قَال: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَال: (خُذُوا في أَوْعِيَتكُمْ). قَال: فَأَخَذُوا في أَوْعِيَتِهِمْ، حَتَّى مَا تَرَكُوا في الْعَسْكَرِ وعَاءً إِلا مَلَئُوهُ، قَال: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ). وقال النسائي في هذا الحديث: فذَهَب عُمَرُ إلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَتَأذَن لَهُم أَنْ يَنحَرُوا رَوَاحِلَهم! فَمَاذَا يَرْكَبُون؟ ! فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمَاذا نَصْنَع! ؟ لَيس مَعِي ما أُعْطِيهم). فَقَال: بَلَى يَا رَسُول الله! تَأْمُر مَن مَعَهُ فَضْل مِنْ زَادٍ أَن يَأتِي إِلَيك (3)
…
وذكر الحديث، أخرجه عن الأعمش (4)، عَنْ أَبي صَالح، عَنْ أَبِي هُرَيرَة. ولم يخرجه البخاري من حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ وَلا أَبِي هُرَيرةَ.
37 -
(12) خَرَّجَه مِنْ حَدِيثِ سَلَمةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَال: خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَال: مَا بَقَاوُكُمْ بَعْدَ إبِلِكُمْ؟ ! فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ!
(1)"بنطع": هو بساط من جلد.
(2)
في (ج): "وجعل الآخر يجيء".
(3)
"السنن الكبرى"(5/ 246 رقم 8796).
(4)
في (ج): "أخرجه من حديث الأعمش".
ما بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إبِلِهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(نَادِ في النَّاسِ يَأْتُونَ بفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ)(1). فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيهِ (2)، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتى فَرَغُوا، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ الله)(3). خرجه في باب "حمل الزاد في الغزو" من كتاب "الجهاد"، وفي "الشركة" في باب "الطعام والنهد". ولم يخرج مسلم بن الحجاج عن سلمة (4) في هذا شَيئًا.
38 -
(13) مسلم. عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَال: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ (5) مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ) (6). وفي رواية: (أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ: "مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ". وقال البخاري: "وَحْدَهُ لاشَرِيك لَهُ". وقَال: "وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه وَكَلِمَتُهُ "
…
الحديث.
39 -
(14) مسلم. عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنهُ قَال: دَخَلْتُ عَلَيهِ وَهُوَ في الْمَوْتِ، فَبَكَيتُ، فَقَال: مَهْلًا لِمَ تَبْكِي؟ فَوَاللهِ لَئِنِ
(1) في (ج): "أزودتهم".
(2)
في (ج): "عليهم".
(3)
البخاري (5/ 128 رقم 2484)، وانظر رقم (2982).
(4)
قوله: "ابن الحجاج عن سلمة" ليس في (ج).
(5)
في (أ): "أدخله الله الجنَّة".
(6)
مسلم (1/ 57 رقم 28)، البخاري (6/ 474 رقم 3435).
اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأَنْفَعَنَّكَ، ثُمَّ قَال: فَوَاللهِ (1) مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَكُمْ فِيهِ خَيرٌ إِلا حَدَّثْتُكُمُوهُ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ، وَقَدْ أُحِيطَ بنَفْسِي (2)، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ النَّارَ)(3). لم يخرج البخاري هذا اللفظ، أخرج الَّذي قبل هذا كما تقدم.
40 -
(15) مسلم. عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَال: كُنْتُ رِدْفَ (4) رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيسَ بَينِي وَبَينَهُ إِلا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ (5)، فَقَال:(يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! ) قُلْتُ: لبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسعْدَيكَ! ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال:(يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! ) قلتُ: لبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيكَ! ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال:(يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! ) قُلْتُ: لبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيكَ! قَال: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ ). قَال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا). ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثم قَال:(يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! ) فَقُلْتُ: لبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيكَ! قَال: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ ). قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ)(6).
(1) في (أ): "والله".
(2)
"أحيط بنفسي": معناه قربت من الموت ويئست من الحياة.
(3)
مسلم (1/ 57 رقم 29).
(4)
"ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم": الردف والرديف هو الراكب خلف الراكب.
(5)
"مؤخرة الرحل": هي العود الَّذي يكون خلف الراكب.
(6)
مسلم (1/ 58 رقم 30)، البخاري (6/ 58 رقم 2856). وانظر (5967، 6267، 6500، 7373).
41 -
(16)[وعَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ ) قَال: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَال: (أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيءٌ). قَال: (أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ ) فَقَال: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ)](1)(2).
42 -
(17) وعَنْهُ قَال: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيرٌ، قَال: فَقَال: (يَا مُعَاذُ! تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟ ). قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَلا يُشركُوا بِهِ شَيئًا، وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ أنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشركُ بِهِ). قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَال: (لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا)(2)[وفي رواية: (مَا حَقُّ اللهِ عَلَى النَّاسِ)](3).
43 -
(18) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَال:(يَا مُعَاذُ! ) قَال: لَبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيكَ! قَال: (يَا مُعَاذُ! ) قَال: لبَّيكَ رَسُولَ (4) اللهِ وَسَعْدَيكَ! قَال: (يَا مُعَاذُ! ) قَال: لبَّيكَ رَسُولَ (4) اللهِ وَسَعْدَيكَ! قَال: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ). قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلا أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَال: (إِذًا يَتَّكِلُوا). فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا (5)(6).
(1) ما بين المعكوفين ورد في (ج) قبل حديث أنس الآتي بعد هذا برقم (18).
(2)
انظر الحديث رقم (15) في هذا الباب.
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(4)
في (ج): "يا رسول".
(5)
" تأثمًا": أي مخافة من الإثم إذ خشي أن يكون ممن كتم علمًا فيأثم بذلك فأخبر به.
(6)
مسلم (1/ 61 رقم 32)، البخاري (1/ 226 رقم 128)، وانظر (129).
وقَال البخاري في هذا الحديث: (مَا مِنْ أحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صِدْقًا (1) مِنْ قَلْبِهِ، إِلا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ). خرجَّه في كتاب "العلم" في باب "من خص بالعلم قومًا دون آخرين كراهية أن لا يفهموا".
44 -
(19) وخرج في الباب أَيضًا عن أنس، قال: ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: (مَنْ لَقِيَ اللهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ). قَال: ألا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَال: (لا، أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا)(2). لم يخرج مسلم بن الحجاج هذا اللفظ، وحديث معاذ الأول الذي قبل هذا (3) أتم، وخرجه البخاري أيضًا في باب "إرداف الرجل الرجل" من آخر كتاب "اللباس"، وقال:(حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أنْ يَعبدُوهُ). وخرجه أَيضًا في باب "من جاهد نفسه" من كتاب "الرقاق".
45 -
(20) مسلم. عَن أبِي هُرَيرَةَ قَال: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَينِ أظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَينَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا (4)، وَفَزِعْنَا، وَقُمْنَا، فكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أتَيتُ حَائِطًا (5) لِلأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ
(1) في (ج): "صادقا".
(2)
انظر تخريج البخاري في الذي قبله.
(3)
قوله: "الذي قبل هذا" ليس في (ج).
(4)
"يقتطع دوننا": أي يصاب بمكروه من عدو.
(5)
"حائطًا": أي بستانا.
حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ -وَالرَّبِيعُ: الْجَدْوَلُ- فَاحْتَفَزْتُ (1)، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال:(أَبُو هُرَيرَةَ! ). فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَال: (مَا شَأْنُكَ؟ ). قُلْتُ: كُنْتَ بَينَ أَظْهُرِنَا، فَقُمْتَ، فَأَبْطَأْتَ عَلَينَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ، فَأَتَيتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثعْلَبُ، وَهَؤُلاءِ النَّاسُ وَرَائِي، فَقَال:(يَا أَبَا هُرَيرَةَ! ) -وَأَعْطَانِي نَعْلَيهِ- قَالَ: (اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَينِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُه عُمَرُ، فَقَال: مَا هَاتَانِ النَّعْلانِ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَينَ ثَدْيَيَّ، فَخَرَرْتُ لاسْتِي، فَقَال: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيرَةَ! فَرَجَعْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي (2) عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ ) قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بهِ، فَضَرَبَ بَينَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لاسْتِي، فقَال: ارْجِعْ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا عُمَرُ! مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ ). فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِيِ أَنْتَ (3) وَأُمِّي أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيرَةَ بِنَعْلَيكَ مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ مُسْتَيقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ (4) بِالْجَنَّةِ؟ ! قَال: (نَعَمْ). قَال: فَلا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. قَال رَسُولُ اللهِ
(1)"فاحتفزت": أي تضاممت ليسعني المدخل.
(2)
"ركبني": أي تبعني ومشى خلفي في الحال.
(3)
قوله: "أنت" ليس في (ج).
(4)
في (ج): "بشرته".
- صلى الله عليه وسلم: (فَخَلِّهِمْ)(1). لم يخرج البخاري هذا الحديث إلا ما تقدم منه في فضل الشهادتين من حديث عُبادة وغيره.
46 -
(21) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيع قَال: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ عِتْبَانَ بن مَالك، فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ. قَال: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيء (2)، فَبَعَثْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ (3) فِي مَنْزِلِي، فَأَتَخِذَهُ مُصَلًّى. قَال: فَأَتَى النبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ وَهُوَ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بَينَهُمْ، ثُمَّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ (4) وَكُبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ. قَالُوا: وَدُّوا أَنَّهُ دَعَا عَلَيهِ فَهَلَكَ، وَوَدُّوا أَنَّهُ أَصَابَهُ شَرٌّ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ، وَقَال:(أَلَيسَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ ). قَالُوا: إِنهُ يَقُولُ ذَاكَ (5)، وَمَا هُوَ فِي قَلْبهِ. قَال:(لا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنَّه لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ فَيَدْخُلَ النَّارَ أَوْ تَطْعَمَهُ). قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (6): فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثُ، فَقُلْتُ لابْنِي: اكْتُبْهُ، فَكَتَبَهُ (7). وفي لفظ آخر: عَن عِتْبَانَ أَنَّهُ عَمِيَ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: تَعَال فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
(1) مسلم (1/ 59 رقم 31).
(2)
"بعض الشيء": أراد ببعض الشيء العمى.
(3)
في (ج): "تصلى".
(4)
"أسندوا عظم ذلك": معناه أنهم ذكروا شأن المنافقين وما يلقون منهم ونسبوا معظم ذلك إلى مالك بن دخشم.
(5)
في (ج): "ذلك".
(6)
قوله: "ابن مالك" ليس في (ج).
(7)
مسلم (1/ 61 و 455 رقم 33)، البخاري (1/ 518 رقم 424). وانظر أرقام (425، 667، 686، 838، 840، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938).
وَجَاءَ قَوْمُهُ، وَنُعِتَ (1) رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّم.
47 -
(22) مسلم. عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ أَنهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا)(2). لم يخرج البخاري هذا الحديث.
48) (23) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(الإِيمَانُ بِضْعٌ (3) وَسَبْعُونَ شُعْبَةً (4) وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ) (5). في كتاب البخاري: "بضع وستون"، وفي رواية لأبي أحمد الجرجاني:"بضع وسبعون"(6).
49 -
(24) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَيضًا قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى (7) عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ) (8). لم يخرج البخاري هذا الحديث، أخرج الذي قبله كما تقدم، وذكرَ الحياء من حديث: ابن عمر، وأبي مسعود، وعمران بن حُصَين.
(1) في (ج): "تغيب".
(2)
مسلم (1/ 62 رقم 34).
(3)
"بضع": البضع عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع.
(4)
"شعبة": أي خصلة أو جزءًا.
(5)
مسلم (1/ 63 رقم 35)، البخاري (1/ 51 رقم 9).
(6)
أي في رواية أبي أحمد محمد بن محمد الجرجاني أحد رواة صحيح البخاري عن الفربري البخاري رحمهم الله.
(7)
"إماطة الأذى": تنحيته وإبعاده.
(8)
انظر الحديث الذي قبله.
50 -
(25) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَال:(الْحَيَاءُ مِنَ الإيمَانِ)(1)(2). وفِي رِواية: مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ. البخاري فِي بَعض طُرقِه، عَن ابن عُمَر أَيضًا قَال: مَرَّ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ (3): قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ). خرجه في كتاب "الأدب".
51 -
(26) وخرج فيه من حديث أَبِي مَسْعُودٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)(4).
لم يخرج مسلم بن الحجاج حديث أبي مسعود هذا.
52 -
(27) مسلم. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَال:(الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيرٍ). فَقَال بُشَيرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنهُ مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا، وَمِنْهُ سَكِينَةً. فَقَال عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صُحُفِكَ؟ ! (5). وفي لفظ آخر:(الْحَيَاءُ خَيرٌ كُلُّهُ). قَال: أَوْ قَال: (الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيرٌ). فَقَال بُشَيرُ بْنُ كَعْبٍ: إنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، أَو الْحِكْمَةِ: أنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لِلهِ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ. قَال: فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّت عَينَاهُ، وَقَال: أَلا أَرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُعَارِضُ فِيهِ. قَال: فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ، قَال: فَأَعَادَ بُشَيرٌ، فَغَضِبَ عِمْرَانُ قَال:
(1) في (ج): "الحياء شعبة من الإيمان".
(2)
مسلم (1/ 63 رقم 36)، البخاري (1/ 74 رقم 24)، وانظر رقم (6118).
(3)
قوله: "يقول" من (ج) فقط.
(4)
البخاري (6/ 515 رقم 3483)، وانظر أرقام (3484، 6120).
(5)
مسلم (1/ 63 رقم 37)، البخاري (10/ 521 رقم 6117).