المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الساجد - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ١

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌[بَابُ أَيُّ الإِسلام والمُسْلمِين خَير، وَمَا يُوجَدُ بِه حَلاوَةُ الإِيمَانِ، وفِي حُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحُب الحير للمسْلِمينَ، وَفِي إِكرَامِ الجَارِ والضَّيفِ وصِلَةِ الرَّحِمِ، وتَغْيير الْمُنْكَر، ومَا جَاءَ أَن الإِيمَان فِي اليَمَنِ والحِجَازِ]

- ‌[بَابٌ]

- ‌[بَابٌ فِي الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ، والنِّيَاحَةِ، وَفِي العَبْدِ يَأبق مِن سَيِّدهِ، وفِيمَن قَال: مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا، وَفِيمَن أَبْغَضَ الأنْصَارَ وعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي كُفرَانِ العَشِيرِ]

- ‌[بَابٌ فِي فَضلِ السُّجُودِ، وفِي إِثم تَارِكِ الصَّلاةِ، وفِي أَي الأعَمَالِ أَفضل، وأي الذنُوب أَكبَر، وفِي المُوبقَاتِ، وسَبِّ الوَالِدَينِ، وفِي الكِبر، وتَركِ الصَّلاةِ كُفرٌ]

- ‌[بَابٌ فِي ضَرْبِ الخُدُودِ وَشَقِّ الجيُوبِ وَدَعْوى الجَاهِلِيَّةِ ورَفْع الصَّوتِ عِنْدَ المُصِيبَةِ، ومَا جَاءَ فِي النَّمِيمَةِ]

- ‌[بَابُ أَفْعَالٍ لا يُكلِّمُ الله فَاعِلهَا، وفِيمَن قَتَلَ نَفْسَهُ، وفِي الغلُولِ]

- ‌[بَابٌ فِيمَنْ اقْتَطَعَ مَال مُسْلِمٍ بِيَمِينهِ، وفِيمَن قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ، وفِي الأمِير الغَاش لِرَعِيَّتِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي رَفْعِ الأَمَانَةِ، وعَرْضِ الفِتَنِ عَلى القُلُوبِ، وَمَا جَاءَ أَنَّ الإِسْلامَ يَعُودُ كَمَا بَدَأَ، وَفِي رُجُوعِهِ إِلَى المَدِينَةِ، وفِيمَن تُدْركه السَّاعَةُ، وفِي خَوْفِ المِحَنِ والفِتَنِ]

- ‌[بَابُ إِذا لَمْ يَكُنِ الإسْلامُ عَلَى الحَقِيقَةِ وَكان عَلَى الاسْتسْلامِ، واسْتِجْلابِ النَّاسِ لِلإِسْلامِ بِالعَطَاءِ وتَألُّفِهِمْ بِهِ]

- ‌[بَابُ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام وَطُلُوع الشمْسِ مِنْ مغْرِبهَا]

- ‌[بَابُ بدءِ الوَحْي]

- ‌[بَابٌ فِي الإسْرَاءِ، وذِكْرِ مَن لَقِي النبي صلى الله عليه وسلم مِن الأَنبِيَاءِ، ومَا رَأَى مِنْ غَيرِ ذَلِكَ، وذِكْر الدَّجَّال، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله لا يَنَامُ ولا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَام)، وفِي رُؤَيةِ الله تبارك وتعالى]

- ‌باب أحاديث الشفاعة، وذكر يوم القيامة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن بركته وشفاعته لا تنال غير المؤمنين، وقوله عليه السلام للسائل: "إن أبي وأباك في النار

- ‌[بَابُ قَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا وَلِيَّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) وَمَا جَاءَ في مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ]

- ‌بَابُ مَثَل الْمُسْلِمِينَ فِي الكُفَّارِ، وَكَمْ بَعْث الْجَنَّةِ وَبَعْث النَّارِ

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب الوضوء وفضله

- ‌[بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ وصِفَته وَفَضْله، وفِيهِ ذَكْرُ الوتْر في الاستِنْثَارِ والاسْتِنجَاءِ]

- ‌[بَابُ القَوْلِ بَعْدَ الوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ فِي السِّواكِ وفَضْلِه، وفِي أَعْمَالِ الفِطرَةِ والاخْتِتانِ وقَصِّ الشَّارِب وغَيرِ ذَلِكَ]

- ‌بَابُ [الاسْتِنجَاءِ ومَا يَتَعَلَّق بِه مِن النَّهْي عِن اسْتقْبَال القِبْلَة والاسْتنْجَاء باليَمِينِ وغَيرِ ذَلِك]

- ‌[باب لا تُستَقبل القبلة بغائط أو بول]

- ‌[بَابٌ فِي البَوْلِ قَائِمًا وفِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ والعِمَامَةِ فِي الوُضُوءِ وفِي صَلَواتٍ تُصَلَّى بِوُضُوءٍ واحِدٍ]

- ‌[بابٌ فِي المسْتَيقِظ مِنَ النَّومِ لا يَغْمِس يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، وفِي الإِناءِ يَلغُ فِيهِ الكَلْبُ، والفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ]

- ‌[بَابُ النَّهْي عَنِ البَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِم، وَعَنِ اغتِسَالِ الجُنبِ فِيهِ، وفِي حُكْمِ البَوْلِ والْمَنِيِّ والدَّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي النَّومِ مَعَ الحَائِض، ومَا يَحِل مِنْهَا، وفِي الْمَذِيِّ والجُنب يَتَوضأ للنَّوم، وفِي المُجَامِع يُعَاود، وفِي المرأَة تَحْتَلم]

- ‌بَابٌ فِي الاغْتِسَالِ مِن الجَنَابَةِ، وَكَم يَكْفِي المُغْتَسل والمُتَوَضِّئ مِنَ المَاءِ، وَاغْتِسَال الرجُل والمَرأَة مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَفِي الاغْتِسَال مِنَ المَحِيضِ

- ‌بَابٌ فِي التسَتُّرِ للغُسْلِ وَغَيره

- ‌بَاب فِي الرَّجُلِ يُجَامِع فَيُكسِل

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِمَا مَسَّتِ النَّارُ

- ‌بَابُ إِذَا وَجَدَ حَرَكَةً فِي جَوْفِهِ فَلا يَتَوَضأ حَتى يَسْتَيقِنَ

- ‌بَابُ الانْتِفَاعِ بِجُلُودِ المَيتَةِ إِذَا دُبِغَت

- ‌كِتَاب الصلاةِ

- ‌بَابُ الأَذَانِ

- ‌بَابُ رَفْع اليَدَينِ والتكْبِير وقِرَاءَة أمِّ القُرآن ومَا تَيَسَّرَ، وتَعلِيم النبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ والقِرَاءةَ خَلْفَ الإِمَامِ، وتَرك الجهْر بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌بَابُ تَحْسِين الصَّلاة وإِتْمَامِهَا، والنَّهْي عَنْ مُبَادَرَة الإِمَامِ، وعَنْ رَفْعِ البَصَر إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ، والأمْر بالسُّكُونِ فِيهَا، وفِي الإِشَارَةِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ والصُّفُوف، وَفِيمَن رَكَعَ دُون الصَّف، والنَّهْي أَن يَرْفَع النِّسَاءُ قَبْل الرِّجَال، وفِي خُرُوج النِّسَاء إِلَى المسْجِد

- ‌بَابُ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}، وقَولِهِ تَعَالى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}، وقِرَاءةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الجِنِّ

- ‌في مَنْ عَقَصَ رأْسَهُ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَالِ في السُّجُودِ، وَكَيفَ يَسْجُدُ، وَمَنْ استَوَى قَاعِدًا في وتْرٍ مِن صَلاتِهِ ثُمَّ نَهَضَ

- ‌بَابٌ في سُتْرَةِ المُصَلِّي، ومَا جَاءَ في المُرُورِ بَين يَديه، والاعْتِراض، ومَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِد

- ‌بَابٌ في السَاجدِ

- ‌بَابٌ فِي مِنْبَرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وصَلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ في الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ، ومَسْحِ الْحَصَى، والبُصَاقِ فِي الصَّلاةِ وَفِي الْمَسْجدِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ فِي النِّعَالِ فِي الثَّوْبِ المعَلم وَبحَضْرةِ الطَّعَام والنَّهْي عَن إِتْيَان المَسْجِد لِمَنْ أَكَلَ البَصَلَ أو الثَّومَ والنَّهْي عَن إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّهْو فِي الصلاةِ

- ‌بَابٌ فِي سجُودِ القُرْآنِ

- ‌بَابُ صِفَةِ الجلُوسِ فِي الصَّلاةِ، والتَّسْلِيم والتَّكْبِيرِ بَعْدَ الصّلاة، ومَا يُسْتَعَاذ مِنْه فِيهَا، ومَا يُقالُ بَعْدَهَا

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ بَينَ التكبِير والقِرَاءَةِ وفَضْلِ الذِّكْرِ عِنْدَ دخُولِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ إِتْيَانِ الصلاةِ بِالسَّكِينَةِ وَمَتَى يَقُومُ النَّاسُ إِلَيهَا، وخُرُوجِ الإِمَامِ بَعْدَ الإِقَامَةِ لِعُذْرٍ، وَمَتَى تُقَامُ الصَّلاةُ، وَفِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا

- ‌[بَابُ قَضَاءِ صَلاةِ العَصْرِ بَعْد الغُرُبِ]

- ‌[بَابٌ في المحافَظَةِ عَلَى صَلاةِ الصُّبْحِ والعَصْرِ]

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا

- ‌بَابٌ في صَلاةِ الجَمَاعَةِ

- ‌[بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الحَصِيرِ]

- ‌[بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وانْتِظَار الصَّلاة]

- ‌بَابٌ في القُنُوتِ

- ‌بَابٌ في مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةِ أَوْ نَسِيهَا

- ‌[بَابُ بِدْءِ فَرْضِ الصَّلاة رَكْعَتَين رَكْعَتَين]

- ‌بَابُ الصَّلاةِ في الرِّحَالِ في الْمَطَرِ، وَالتَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ

- ‌بَابُ الجَمْع بَينَ الصَّلاتينِ [فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ]

- ‌باب

- ‌بَابٌ فِيمَنْ صَلَّى ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةَ فِي يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، وَالتنَفُّل قَبْل الصَّلاةِ وَبَعْدَهَا، وصَلاة القَاعِدِ

- ‌بَابُ فِي صَلاةِ اللَّيلِ والوتْرِ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيلِ، أَوْ مَرِضَ، أَوْ سَافَرَ

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ الأَوَّابِينَ [حِينَ تَرْمضُ الفِصَالُ]

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌بَابُ فَضْلِ طُولِ الصَّلاةِ، وَصَلاةِ اللَّيلِ، وقِيام رَمَضَان، وَلَيلَةِ القَدْرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم باللَّيلِ وَدَعَائِهِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ نَامَ اللَّيلَ كُلَّهُ

- ‌صَلاةُ النَّافِلَةِ فِي البُيُوتِ، والمدَاوَمَةُ عَلَي العَمَلِ، ومَا يَفْعَل إِذَا كَسِلَ فِي الصَّلاةِ، أَوْ نَعَسَ فِي الصَّلاةِ

- ‌[بَابُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، وَمَا يَفْعَل إِذَا نَعَسَ فِي الصَّلاةِ]

- ‌[بَابُ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُد]

- ‌بَابُ الجهْرِ فِي صَلاةِ اللَّيلِ

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ القُرْآن، وَتَحْسِينِ الصَّوْت بهِ [والتَّرْجِيعِ]

- ‌بَابُ مِنْ فَضْلِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ

- ‌[بَابٌ في الرّكْتَينِ بَعْدَ العَصْرِ]

- ‌بَابُ بَين كُلِّ أَذَانَينِ صَلاةٌ

- ‌صَلاةُ الخَوْفِ

- ‌كِتَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌[بَابٌ في الْجُمُعَةِ والغُسْلِ لَهَا]

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الحمُعَةِ

- ‌[بَابُ التعْلِيمِ لِلمُعَلِّم في الخطْبَةِ]

- ‌باب في العيدين

- ‌بَابٌ فِي الاسْتِسْقَاءِ

الفصل: ‌باب في الساجد

‌بَابٌ في السَاجدِ

718 -

(1) مسلم. عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التيمِيِّ قَال: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي الْقُرْآنَ فِي السُّدَّةِ (1)، فَإذَا قَرَأتُ السَّجْدَةَ سَجَدَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَهْ! أَتَسْجُدُ فِي الطَّرِيقِ؟ ! قَال: إِنِّيَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ؟ فَقَال: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)، قُلْتُ (2): ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: (الْمَسْجِدُ الأَقْصَى)، قُلْتُ: كَمْ بَينَهُمَا؟ قَال: (أَرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ، فَحَيثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ)(3). وقَال البخاري في بعض طرقه: "ثُمَّ أَينَمَا أَدرَكَتكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الفَضلَ فِيهِ"، خرجه في "ذكر (4) الأنبياء".

719 -

(2) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ صَلَّى حَيثُ كَانَ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَينَ يَدَي مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ)(5). في بعض ألفاظ (6) البخاري: "وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِن أُمَّتِي"، وفيه:"بُعِثتُ إِلَى النَّاس كَافَّةً"، [وفي لفظ:"عَامَّةً"] (7)، وقَال "لَم يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبيَاءِ قَبْلِي".

(1)"السدة" هي فناء الجامع، وليس لفناء الجامع حكمه؛ لأنه خارجه.

(2)

في (ج): "فقلت".

(3)

مسلم (1/ 370 رقم 520)، البخاري (6/ 470 رقم 3366)، انظر رقم (3425).

(4)

في (جـ): "كتاب".

(5)

مسلم (1/ 370 - 371 رقم 521)، البخاري (1/ 435 - 436 رقم 335)، وانظر (438، 3122).

(6)

في (ج): "طرق".

(7)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

ص: 347

720 -

(3) مسلم. عَنْ حُذَيفَةَ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ لَنَا تُرْبَتُهَا (1) طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ). وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى (2). خرّجه أَبو بَكر ابن أَبي شَيبَة في "مسنده": عَن حُذَيفَة أَيضًا، وقَال فِيه:(وأُتِيتُ هَؤلاء الآياتِ مِن بَيتِ كَنْزٍ تَحْتَ العَرْشِ، مِن آخرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَمْ يُعطَ أحَدٌ مِنْهُ كَانَ قَبْلِي وَلا يُعطَى أَحَدٌ مِنْهُ كَانَ بَعدِي)(3). وهِي الخصلَةُ التِي لَم يُخرجها مسلم، والله أعلم. ولم يخرج البخاري هذا الحديث، إلا ما تقدم له منه في حديث جابر.

721 -

(4) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ)(4). وفي لفظٍ آخر قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَينَا أنا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِيَ يَدَيَّ). قَال أَبُو هُرَيرَةَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا (5).

وفي رِواية: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ عَلَى الْعَدُوِّ، [وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ"] (6). لم يخرج البخاري اللفظ الأَوَّل من حديث أبي هريرة هذا (7)، إلا ما أخرج منه في

(1) في (ج): "تربتها لنا".

(2)

مسلم (1/ 371 رقم 522).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة": في الفضائل، باب ما أعطى الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم (رقم 31640).

(4)

مسلم (1 / رقم 371 رقم 523)، البخاري (6/ 128 رقم 2977)، وانظر (6998، 7013، 7273).

(5)

"تنتثلونها" يعني: تستخرجون ما فيها.

(6)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(7)

قوله: "هذا" ليس في (ج).

ص: 348

حديث جابر، وله في بعض طرق حديث (1) أبي هريرة:"بَينَا أَنَا نَائِمٌ البَارِحَةَ"، وقَال: وَبَلَغَنِي أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ: أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِي الأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالأَمْرَينِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ذكره في كتاب "التعبير". وله في لفظ آخر:"مَفَاتِيح الكَلام".

722 -

(5) مسلم. عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي عُلْو (2) الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيلَةً، ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ (3) فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ قَال: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاء (4) أَبِي أَيُّوبَ، قَال: فَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي حَيثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ، ويُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ، قَال: فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا فَقَال: (يَا بَنِي النَّجَّارِ! ثَامِنُونِي (5) بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لا وَاللهِ! لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ عز وجل. قَال أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ، كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ (6)، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، قَال: فَصَفُّوا النخْلَ قِبْلَةً لَهُ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيهِ (7) حِجَارَةً، قَال: فَكَانُوا يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللهِ

(1) قوله: "حديث" ليس في (ج).

(2)

"علو المدينة" أي: أعلاها، وذلك بقباء.

(3)

"ملأُ بني النجار" هم أخوال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم النزول عندهم لَمَّا تحوّل من قباء.

(4)

"بفناء أبي أيوب" الفناء: الناحية المتسعة أمام الدار.

(5)

"ثامنوني" أي: اذكروا لي ثمنه.

(6)

"خرب" بفتح الخاء وكسر الراء، وبكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح، وهو: ما تخرّب من البناء.

(7)

"عضادتيه" العضادة: جانب الباب.

ص: 349

- صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ:

اللَّهُمَّ إِنَّهُ لا خَيرَ إِلا خَيرُ الآخِرَهْ

فَانْصُرِ الأَنْصَارَ (1) وَالْمُهَاجِرَهْ (2)

في بعض طرق البخاري: وَكَان يُحِبُّ أَن يُصَلِّي حَيثُ أَدرَكَتْهُ الصَّلاة. وقال في آخر: أَربَعًا (3) وَعشْرِينَ لَيلَةً. وفي روايةِ أَبِي الهَيثَم: أَرْبَعَ عَشرَةَ لَيلَةً. وقال (4): وَجَعَلوا يَنقلُونَ الصَّخْرَ وَهُم يَرْتَجِزُونَ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقُول

الحديث.

723 -

(6) وخَرَّج أَيضًا، عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ في عَهْدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَة كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ (5)، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ (6)(7). لم يخرج مسلم هذا الحديث.

724 -

(7) وخرج البخاري أيضًا عَنْ عَائِشَةَ -ولم يخرجه مسلم (8) - أَنَّ وَلِيدَةً (9) كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا، وَكَانَتْ (10) مَعَهُمْ، قَالتْ:

(1) في (ج): "للأنصار".

(2)

مسلم (1/ 373 - 374 رقم 524)، البخاري (1/ 341 رقم 234)، وانظر أرقام (428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932).

(3)

في (ج): "أربعة".

(4)

في (ج): "قال".

(5)

"القصة": هي الجص بلغة أهل الحجاز.

(6)

"بالساج": هو نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند.

(7)

البخاري (1/ 540 رقم 446).

(8)

قوله "ولم يخرجه مسلم" ليس في (ج).

(9)

"وليدة" أي: أمة.

(10)

في (ج): "فكانت".

ص: 350

فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيهَا وشَاحٌ (1) أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ (2) قَالتْ: فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا، فَمَرَّتْ حُدَيَّاةٌ (3) وَهُوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطَفَتْهُ، قَالتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، قَالتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ، قَالتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا، قَالتْ: وَاللهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إِذْ مَرَّتِ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ، قَالتْ: فَوَقَعَ بَينَهُمْ، قَالتْ: فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ. قَالتْ: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَتْ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ، قَالتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي، قَالتْ: فَلا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا إِلا قَالتْ:

وَيَوْمَ الْوشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا

أَلا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي

قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ لا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إِلا قُلْتِ هَذَا؟ قَالتْ: فَحَدَّثَتْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ (4). خرَّجه في بَاب "نوم المرأة في المسجد".

وفي طريق آخر (5): قَالتْ: فَعَذَّبُونِي. [ولم يخرج مسلم هذا الحديث.

725 -

(8) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ في مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لا أهْلَ له (6). وخرَّج مسلم نوم ابن عمر في المسجد في "مناقب ابن عمر"(7)] (8).

(1)"وشاح" هو خيوط أو سيور تنظم باللؤلؤ والودع، يخالف بينهما، وتتوشح بها المرأة.

(2)

"من سيور" من جلد.

(3)

"حديّاة" هي الطائر المعروف.

(4)

البخاري (1/ 533 - 534 رقم 439) وانظر رقم (3835).

(5)

في (ج): "أخرى".

(6)

البخاري (1/ 535 رقم 440)، وانظر أرقام (7030،7028،7015،3740،3738،1156،1121).

(7)

مسلم (4/ 1927 رقم 2479).

(8)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

ص: 351

726 -

(9) وخرَّج البخاري أَيضًا عَن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَال: رَأَيتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَتَحَرَّى أمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصلِّي فِيهَا، ويحَدِّثُ أَنَّ أبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ (1).

727 -

(15) وَعَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ (2)(3) فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوةٍ (4) كَانَ في تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ بَطْنَ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ (5) ثَمَّ، حَتَّى يُصْبِحَ، لَيسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ (6) يُصَلِّي عَبْدُ اللهِ عِنْدَهُ في بَطْنِهِ كُتُبٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا (7) فِيهِ السَّيلُ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ يُصَلِّي فِيهِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَيثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ (8)، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ صّلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَينَهُ وَبَينَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ (9) الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ

(1) البخاري (1/ 567 رقم 483)، وانظر أرقام (1535، 2336، 7345).

(2)

"سمرة" أي: شجرة ذات شوك.

(3)

في (ج): "السمرة".

(4)

في (ج): "غزوٍ".

(5)

"فعرّس" التعريس: نزول استراحة لغير إقامة.

(6)

"خليج" الخليج: واد له عمق.

(7)

"فدحا" أي: دفع.

(8)

"بشرف الروحاء": هي قرية جامعة على ليلتين من المدينة.

(9)

"العرق" أي: عرق الظبية وهو واد معروف.

ص: 352

الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتَهَى طَرَفُه إِلَى (1) حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَينَهُ وَبَينَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدِ ابْتُنِيَ (2) ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجدِ كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، ويصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ [آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ. وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ (3) ضَخْمَةٍ (4)، دُونَ الرُّوَيثَةِ (5) عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ (6) سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَينَ بَرِيدِ الرُّوَيثَةِ بِمِيلَينِ (7)، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى في طَرَفِ تَلْعَةٍ (8) مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ (9) وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ (10) عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ، عَلَى الْقُبُورِ رَضَمٌ (11) مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ (12) الطَّرِيقِ بَينَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ، كَانَ عَبْدُ اللهِ يَرُوحُ مِنَ

(1) في (ج): "على".

(2)

في (ج): "انثنى".

(3)

في (ج): "شجرة".

(4)

"سرحة ضخمة" أي: شجرة عظيمة.

(5)

"الرويثة": قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا.

(6)

"بطح" أي: واسع.

(7)

"دوين بريد الرويثة" أي: بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرويثة ميلان، وقيل المراد بالبريد سكة الطريق.

(8)

"تلعة": هي مسيل الماء من فوق إلى أسفل. ويقال أيضًا لما ارتفع من الأرض ولما انهبط.

(9)

"العرج" قرية جامعة بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر ميلًا.

(10)

"هضبة": هي فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل. وقيل: الجبل المنبسط على الأرض.

(11)

"رضم" الرضم: الحجارة الكبار.

(12)

"سلمات الطريق" أي ما يتفرع عن جوانبه، والسلمات بفتح اللام وكسرها، وقيل: هي بالكسر الصخرات، وبالفتح الشجرات.

ص: 353

الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ في مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى (1) ذَلِكَ الْمَسِيلُ لاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَينَهُ وَبَينَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ (2)، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ (3) هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ (4) إِلَى الطَّرِيقِ وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ (5) قِبَلَ الْمَدِينَةِ، حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ (6) يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكةَ، لَيسَ بَينَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ الطَّرِيقِ إِلا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى، وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ (7) الْجَبَلِ الَّذِي بَينَهُ وَبَينَ الْجَبَلِ الطَّويلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ يَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ يُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَينِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي بَينَكَ وَبَينَ الْكَعْبَةِ (8). خرَّج البخاري هذا الحديث في باب "المساجد التي على

(1)"مسيل دون هرشى" المسيل: المكان المنحدر، وهرشى: جبل قرب الجحفة. وكراع هرشى: طرفها.

(2)

"غلوة" الغلوة: غاية بلوغ السهم.

(3)

في (ج): "شجرة".

(4)

في (ج): "الشجرات".

(5)

"مر الظهران": واد بينه وبين مكة ستة عشر ميلًا.

(6)

"الصفروات": مكان بعد مر الظهران.

(7)

الفرضة: مدخل الطريق إلى الجبل.

(8)

البخاري (1/ 567 - 569 رقم 484)، وانظر أرقام (1799،1533،1523).

ص: 354

طريق المدينة". وقد ذكر مسلم بعض هذه المواضع في كتاب "الحج" (1).

728 -

(11) مسلم. عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي في مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ (2).

729 -

(12) وعَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى بَيتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ:{وَحَيثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (3)، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ (4) رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَحَدَّثَهُمْ فَوَلَّوا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ الْبَيتِ (5). في طريق آخرى: سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وهكذا في طرق البخاري كلها.

730 -

(13) وخرج البخاري عَنِ الْبَرَاءِ أيضًا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى (6) أَجْدَادِهِ، أَوْ قَال: عَلَى أخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيتِ (7) الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ (8) قِبَلَ الْبَيتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاةٍ صَلَّاهَا صَلاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَال: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيتِ الْمَقْدِسِ،

(1) يأتي تخريج ذلك في موضعه إن شاء الله.

(2)

مسلم (1/ 374 رقم 524)، البخاري (1/ 341 رقم 234)، وانظر (428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932).

(3)

سورة البقرة، آية (144).

(4)

في (أ): "فانطق".

(5)

مسلم (1/ 374 رقم 525)، البخاري (1/ 95 رقم 40)، وانظر أرقام (399، 4486، 4492، 7252).

(6)

قوله: "على" ليس في (أ).

(7)

في (ج): "البيت".

(8)

في (ج): "قبلة".

ص: 355

وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ. وفِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ، وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ؟ ! فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (1)(2)، خرَّجه في كتاب "الإيمان" في باب "الصلاة من الإيمان وقول الله عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يَعنِي: صَلاتكم عِنْد البَيت"، [وكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّ أَنْ يُوَجَّه إلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}، فَتَوَجَّه نَحْو الكَعْبَةِ](3)، وفي طريق آخرى: وَقَال السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ: الْيَهُودُ {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيهَا * قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} (4) الآية. وفي طريق آخرى: فَانْحَرَفُوا وَهُم رُكُوع فِي صَلاةِ العَصْرِ.

731 -

(14) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: بَينَمَا النَّاسُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَال: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أُنْزِلَ عَلَيهِ اللَّيلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبَلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ (5). في بعض طرق البخاري: أَلا فاسْتَقبِلُوهَا. ذكره في "التفسير"، وقَال (6): قَدْ أُنزِلَ عَلَيهِ الليلَةَ قُرْآنٌ. (7)

732 -

(15) مسلم. عَنْ أنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيتِ

(1) سورة البقرة، آية (143).

(2)

انظر لتعليق على الحديث السابق.

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (أ)، ولعل الصواب أن تكون بعد قوله: وفي طريق آخرى. وقبل قوله: وقال السفهاء؛ إذ هي جزء من الحديث رقم (399) عند البخاري فانظره.

(4)

سورة البقرة، آية (142).

(5)

مسلم (1/ 375 رقم 526)، البخاري (1/ 506 رقم 403)، وانظر أرقام (4488، 4490، 4493، 4491، 4494، 7251).

(6)

في (ج): "فقال".

(7)

في حاشية (أ): "بلغت مقابلة بالأصل".

ص: 356

الْمَقْدِسِ فَنَزَلَتْ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا * فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (1) فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ في صَلاةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى: أَلا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ، فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ (2). لم يخرج البخاري عن أنس في هذا شَيئًا.

733 -

(16) وخرَّج عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى صَلاتنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلا تُخْفِرُوا اللهَ فِي ذِمَّتِهِ)(3). وفي طريق آخر (4): عَن أَنَسٍ، وسُئِلَ مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْعَبْدِ؟ فَقَال: مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلاتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَيهِ مَا عَلَى الْمسلم.

734 -

(17)[وعنه (5) عنْ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا (6): لا إِلَهَ إِلا الله، فَإِذَا قَالُوهَا وصَلُّوا صَلاتنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَت عَلَينَا دِمَاؤهُم وأَمْوَالُهُم إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ]) (7)(8). ثُمَّ قَال (9): وَقَال ابْنُ أبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا حُمَيدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم. لم يخرج مسلم هذا الحديث.

735 -

(18) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَنَا (10) كَنِيسَةً

(1) سورة البقرة، آية (144).

(2)

مسلم (1/ 375 رقم 527).

(3)

البخاري (1/ 496 رقم 391)، وانظر أرقام (393، 392).

(4)

في (ج): "أخرى".

(5)

أي عن حميد الطويل.

(6)

في الأصل: "يقول"، والتصويب من "صحيح البخاري".

(7)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(8)

انظر الحديث السابق.

(9)

"ثم قال" أي: البخاري، وفائدة إيراد هذا الإِسناد أن فيه تصريح حميد بأن أنسًا حدِّثه لئلا يُظنَّ أنه دلَّسه.

(10)

في (ج): "ذكرتا أو رأتا".

ص: 357

رَأَينَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاويرُ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ (1)، أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (2). وفي رواية: كَنِيسَةً يُقَالُ لَهَا: مَارِيَةُ. ذكر البخاري أنَّ هذه الكنيسة ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم في مَرضِه، يَعنِي (3) الذِي مَاتَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم.

736 -

(19) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ أَيضًا قَالتْ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)، قَالتْ فَلَوْلا ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا (4). وعند (5) البخاري: غَير أَنِّي أَخشَى أَن يُتَّخَذَ مَسجِدًا. وَفِي طرِيق آخر غَيرَ أَنه خَشِي أَو خُشِيَ.

737 -

(20) مسلم. عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (قَاتَلَ اللهُ يَهُودَ (6)، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) (7). وفي لفظِ آخر:"لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). لم يخرج البخاري عن أبي هريرة في هذا إلا حديث: "قَاتَل اللهُ يَهُودَ" (8).

(1) في (ج): "فصوروا تلك الصورة".

(2)

مسلم (1/ 375 - 376 رقم 528)، البخاري (1/ 523 - 524 رقم 427)، وانظر أرقام (434، 3873، 1341).

(3)

قوله: "يعني" ليس في (ج).

(4)

مسلم (1/ 376 رقم 529)، البخاري (1/ 532 رقم 435)، وانظر أرقام (1330، 3453، 1390، 5815، 4443، 3441).

(5)

في (ج): "وعن".

(6)

في (ج): "اليهود".

(7)

مسلم (1/ 376 رقم 530).

(8)

البخاري (1/ 532 رقم 437).

ص: 358

738 -

(21) مسلم. عَن عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: لَمَّا نُزِلَ (1) بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم طَفِقَ (2) يَطْرَحُ خَمِيصَةً (3) لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال وَهُوَ كَذَلِكَ:(لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا (4).

739 -

(22) وعَن جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: سَمِعْتُ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ، وَهُوَ يَقُولُ:(إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهِ تَعَالى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلا فَلا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ)(5)(6). لم يخرج البخاري عن جندب في هذا شَيئًا.

740 -

(23) مسلم. عَن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَال عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ

(1)"نزل" أي: حضرته الوفاة.

(2)

"طفق" أي: جعل.

(3)

"خميصة": هي كساء أسود مربع له علمان (والعلم: رسم الثوب يكون في أطرافه)، فإن لم يكن مُعْلَمًا فليس بخميصة.

(4)

مسلم (1/ 377 رقم 531)، البخاري (1/ 532 رقم 435 و 436)، وانظر أرقام (1330، 1390، 3453، 3454، 4441، 4443، 4444، 5815، 5816)، وقد تقدم برواية عائشة في هذا الباب برقم (19).

(5)

وكلّ هذه الأحاديث دالة بأصرح دلالة وأصحها على تحريم اتخاذ القبور مساجد، ولذا فكل ما تراه في أمصار المسلمين من بناء المساجد على القبور أو جعل القبور داخل المساجد كل ذلك مضادة لهذا الأمر النبوي، ونقض لهذا العهد والميثاق الذي أخذه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في أشد ساعات عمره وأخر لحظات حياته. وحق على كل مسلم إنكار هذا وتبصير الناس بحرمة هذا العمل حسب علمه واستطاعته. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

(6)

مسلم (1/ 377 - 378 رقم 532).

ص: 359

بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(مَنْ بَنَى مَسْجِدًا للهِ تَعَالى -قَال بُكَيرٌ: حَسِبْتُ أَنهُ قَال- يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ عز وجل، بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الْجَنَّةِ)(1). بُكَير بْنُ عَبْدِ الله مِن رُوَاة هَذَا الحَدِيث، وهُو بُكَيرُ بن عَبْد الله بن الأشَجِّ.

741 -

(24) مسلم. عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَأَحَبُّوا (2) أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيئَتِهِ، فَقَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا للهِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا (3) فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ) (4). لم يقل البخاري: "بَيتًا".

بَابُ التَّطبِيق فِي الرُّكُوعِ ونَسْخِه، [وَوَضع اليَدَين عَلَى الرُّكَب فِي الرُّكُوع](5) وفِي الإِقعَاءِ (6) ونَسْخ الكَلامِ فِي الصَّلاةِ، وفِي الإِشَارَةِ فِي الصَّلاةِ، ولَعْن الشَّيطَان فِيهَا (7) وحَمْل الصِّبيَان

742 -

(1) مسلم. عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيد، وَعَلْقَمَةَ بْنِ قَيسٍ قَالا: أَتَينَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ فَقَال: أَصَلَّى هَؤُلاءِ (8) خَلْفَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لا. قَال: فَقُومُوا فَصَلُّوا فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ، قَال: وَذَهَبْنَا لِنَقُومَ خَلْفَهُ فَأَخَذَ بِأَيدِينَا،

(1) مسلم (1/ 378 رقم 533)، (4/ 2287 رقم 533)، البخاري (1/ 544 رقم 450).

(2)

في (ج): "وأحبو".

(3)

قوله: "بيتا" ليس في (ج).

(4)

انظر الحديث الذي قبله.

(5)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

(6)

قوله: "ولا الإقعاء" ليس في (أ).

(7)

(ج): "فيهما".

(8)

"أصلى هؤلاء" يعني: الأمير وأتباعه، وفيه إشارة إلى إنكار تأخيرهم الصلاة.

ص: 360

فَجَعَلَ أَحَدَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، قَال: فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعْنَا أَيدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا قَال: فَضَرَبَ أَيدِيَنَا وَطَبَّقَ بَينَ كَفَّيهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا بَينَ فَخِذَيهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَال: إِنَّهُ سَتَكُونُ عَلَيكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا، وَيَخْنُقُونَهَا (1) إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى (2)، فَإِذَا رَأَيتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَصَلُّوا الصَّلاةَ لِمِيقَاتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلاتكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً (3)، وَإِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَصَلُّوا جَمِيعًا، وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، وَإِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيهِ فَخِذَيهِ، وَلْيَحْنِ (4) وَلْيُطَبِّقْ بَينَ كَفَّيهِ فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم[فَأَرَاهُمْ (5). وفي طريق أخرى: فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم] (6) وَهُوَ رَاكِعٌ. وفي أخرى: ثُمَّ طبَّقَ بَينَ يَدَيهِ، ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَينَ فَخِذَيهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَال: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. لم يخرج البخاري هذا الحديث.

743 -

(2) مسلم. عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَال: صَلَّيتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي قَال: وَجَعَلْتُ يَدَيَّ بَينَ رُكْبَتَيَّ فَقَال لِي أَبِي (7): اضْرِبْ بكَفَّيكَ عَلَى رُكْبَتَيكَ قَال: ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَضَرَبَ يَدَيَّ وَقَال: إِنَّا نُهِينَا عَن هَذَا وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ (8). وفي لفظٍ آخر: فَلَمَّا رَكَعْتُ شَبَّكْتُ بَينَ

(1)"يخنقوتها" أي: يضيقون وقتها ويؤخّرون أداءها.

(2)

"شرق الموتى" قال ابن الأعرابي: هو من قولهم: "شرق الميت بريقه" إذا لم يبق إلا يسيرًا ويموت، شبّه قلّة ما بقي من الوقت بما بقي من حياة من شرق بريقه.

(3)

"سبحة" أي: نافلة.

(4)

"وليحن" روي هكذا، وروي: وليجنأ، وكلاهما صحيح، ومعناه الانعطاف.

(5)

مسلم (1/ 378 - 379 رقم 534).

(6)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

(7)

رحمت في (ج) هكذا: "إني".

(8)

مسلم (1/ 380 رقم 535)، البخاري (2/ 273 رقم 790).

ص: 361

أَصَابِعِي وَجَعَلْتُهَا بَينَ رُكْبَتَيَّ فَضَرَبَ يَدَيَّ، فَلَمَّا صَلَّى قَال: قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا، ثَمَّ أُمِرْنَا أَنْ نَرفَعَ إِلَى الرُّكَبِ. ذكر البخاري فعل مصعب مرةً واحدةً، ولم يذكر الضرب.

744 -

(3) مسلم. عَن طَاوُس قَال: قُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ في الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَينِ (1) فَقَال: هِيَ السُّنَّةُ. فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ، فَقَال ابْنُ عَبَّاس: بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم (2). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

745 -

(4) مسلم. عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَال: بَينَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ (3) أُمَّاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ (4)، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ. فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي (5) وَلا ضَرَبَنِي وَلا شَتَمَنِي، ثُمَّ قَال:(إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ). أَوْ كَمَا قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَال:(فَلا تَأْتِهِمْ)(6). قَال: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ (7) قَال: (ذَلِكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ

(1)"الإقعاء على القدمين" هو أن يجعل إليتيه على عقبيه بين السجدتين.

(2)

مسلم (1/ 380 - 381 رقم 536).

(3)

"واثكل أماه" الثكل: هو فقدان المرأة ولدها.

(4)

"فلما رأيتم يصمّتونني لكنّي سكت" جواب لمحذوف، وبه يتم المعنى، وتقديره: فلما رأيتهم يصمتونني غضبت لكني سكت.

(5)

"ما كهرني" أي: ما انتهرني.

(6)

في (ج): "فلا تأتوهم" وفي الحاشية: "تأتهم".

(7)

"يتطيرون" أي: يتشاءمون.

ص: 362

فَلا يَصُدَّنَّهُمْ). قَال: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ (1) قَال: (كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)(2). قَال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ (3)، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أُعْتِقُهَا؟ قَال: (ائْتِنِي بِهَا). فَأَتَيتُهُ بِهَا فَقَال لَهَا: (أينَ اللهُ؟ ). قَالتْ: فِي السَّمَاءِ. قَال: (مَنْ أنَا؟ ). قَالتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَال: (أعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)(4). وفي روايةٍ: "فَلا يَصُدَّنَّكُمْ" بدل "فَلا يَصُدَّنَّهُم". لم يخرج البخاري هذا الحديث. لكنه ذكر نسخ الكلام في الصلاة من حديث عبد الله بن مسعود وزيد بن أرقم وجابر، ولم يخرج أَيضًا عن معاوية بن الحكم في كتابه شَيئًا، وقال عن إبراهيم النخعي: أَرُدُّ فِي نَفْسِي، يعني: السلام في الصلاة (5)(6)

746 -

(5) مسلم. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَيَرُدُّ عَلَينَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيهِ

(1)"ومنا رجال يخطّون": علم خط الرمل معروف، وصورته: أن يأتي ذو الحاجة إلى الذي يخط فيخط له في الأرض خطوطًا معجلًا لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحوها على مهل خطين خطين، فإن بقى خطان فهو علامة النجح، وإن بقى خط فهو علامة الخيبة ويسمونه الأسحم.

(2)

"فمن وافق خطه فذاك" معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح إذًا.

(3)

"أحد والجوَانيّة" أحد الجبل المعروف بالمدينة، والجوَانية بقربه شمال المدينة.

(4)

مسلم (1/ 381 - 382 رقم 537)، (4/ 1749 رقم 537).

(5)

البخاري (7/ 188 رقم 3875).

(6)

في حاشية (أ): "بلغ مقابلة بالأصل والحمد لله".

ص: 363

فَلَمْ يَرُدَّ عَلَينَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيكَ فِي الصَّلاةِ فَتَرُدُّ عَلَينَا، فَقَال:(إِنَّ فِي الصَّلاةِ شُغْلًا)(1).

747 -

(6) وعَن زَيدِ بْنِ أَرْقَمَ قَال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاةِ حَتَّى نَزَلَتْ:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2)، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلامِ (3).

748 -

(7) وعَن جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي لِحَاجَتِه، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَال:(إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي)، وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِفِ (4). وفي رواية: يُصلِّي، بدَل: يَسير. وفي لفظٍ آخر رَوَاهُ زُهَيرٌ عَن أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ قَال: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْطلِقٌ إِلَى بَنِي المُصْطَلِقِ، فَأَتَيتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ، فكَلَّمْتُهُ فَقَال لِي: بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَوْمَأَ زُهَيرٌ بِيَدِهِ، ثُمَّ كَلَّمْتُهُ فَقَال لِي: هَكَذَا فَأَوْمَأَ زُهَيرٌ أَيضًا بِيَدِهِ نَحْوَ الأَرْضِ، وَأَنَا أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَال:(مَا فَعَلْتَ فِي الَّذِي أَرْسَلْتُكَ لَهُ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلا أنِّي (5) كُنْتُ أُصَلِّي). قَال زُهَيرٌ: وَأَبُو الزُّبَيرِ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ، فَقَال بِيَدِهِ أَبُو الزُّبَيرِ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَقَال بِيَدِهِ إِلَى غَيرِ الْكَعْبَةِ. وفي لفظٍ آخر: عَنْ جَابِرٍ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: فِي سَفرٍ فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ فَرَجَعْتُ وَهُوَ

(1) مسلم (1/ 382 رقم 538)، البخاري (3/ 72 رقم 1199)، وانظر (1216، 3875).

(2)

سورة البقرة آية: (238).

(3)

مسلم (1/ 383 رقم 539)، البخاري (3/ 72 - 73 رقم 1200)، وانظر (4543).

(4)

مسلم (1/ 383 رقم 540)، البخاري (3/ 86 - 87 رقم 1217).

(5)

في (ج): "أنني".

ص: 364

يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَوَجْهُهُ عَلَى غَيرِ الْقِبْلَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال:(أَمَّا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيكَ إِلا أَنِّي (1) كُنْتُ أُصَلِّي).

لفظ البخاري فِي حَدِيث جَابِر هَذَا قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَقَدْ قَضَيتُهَا، فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا اللهُ أَعْلَمُ بهِ (2)، فَقُلتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ عَلَيَّ أَنْ أَبْطَأْتُ عَلَيهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَشَدُّ مِنَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيهِ فَرَدَّ عَلَيَّ، وَفَال:(إِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيكَ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي)، وَكَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى غَيرِ الْقِبْلَةِ.

749 -

(8) وعَن جَابِرٍ أَيضًا قَال: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُتَطَوِّعًا (3). خرجه في "المغازي"، وله أَيضًا في حديث جابر لفظٍ آخر سيأتي إن شاء الله في باب "التنفل على الراحلة"(4).

750 -

(9) مسلم. عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عِفْرِيتًا (5) مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ (6) عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، وَإِن اللهَ أمْكَنَنِي مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ (7) فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيهِ أجْمَعُونَ أوْ كُلُّكُمْ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيمَانَ:

(1) في (ج): "أنني".

(2)

في (أ): "ما به الله أعلم".

(3)

البخاري (7/ 429 رقم 4140)، وانظر أرقام (400، 1094، 1099).

(4)

في (ج): "سيأتي في باب" التنفل على الراحلة "إن شاء الله تعالى".

(5)

"عفريتًا" هو العاتي المارد من الجن.

(6)

"يفتك" الفتك: الأخذ في غفلة وخديعة.

(7)

"فذعته" أي: خنقته.

ص: 365

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (1) فَرَدَّهُ اللهُ خَاسِئًا) (2). وفي رواية: "فَدَعَتُّهُ (3) ".

751 -

(10) وعَن أَبِي الدَّرْدَاءِ قَال: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: (أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) ثُمَّ قَال: (أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللهِ) ثَلاثًا، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ شَيئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَينَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ. قَال:(إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ آخُذَهُ، وَاللهِ لَوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيمَانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ ولْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ)(4). لم يخرج البخاري لفظ حديث أبي الدرداء، ولا أخرجه عنه، إنما أخرجه من حديث أبي هريرهَ، وقَال:(الشَّيطَانُ عَرَضَ لِي لِيَقْطَع)، وقَال في موضعٍ أخر:(إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ -أَو كَلِمَةً نَحوَهَا- لِيَقْطَعَ). وقَال: (فَذَعَتُّهُ). بالذال المنقوطة.

752 -

(11) مسلم. عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَينَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيع: فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا، وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا (5). وفي لَفظٍ آخر: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ

(1) سورة ص، آية (35).

(2)

مسلم (1/ 483 رقم 541)، البخاري (1/ 554 رقم 461)، وانظر أرقام (1210، 3284، 3424، 4808).

(3)

"فدعته" معناه: دفعته دفعًا شديدًا.

(4)

مسلم (1/ 385 رقم 542).

(5)

مسلم (1/ 385 رقم 543)، البخاري (1/ 590 رقم 516)، وانظر رقم (5996).

ص: 366