الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ فِي رَفْعِ الأَمَانَةِ، وعَرْضِ الفِتَنِ عَلى القُلُوبِ، وَمَا جَاءَ أَنَّ الإِسْلامَ يَعُودُ كَمَا بَدَأَ، وَفِي رُجُوعِهِ إِلَى المَدِينَةِ، وفِيمَن تُدْركه السَّاعَةُ، وفِي خَوْفِ المِحَنِ والفِتَنِ]
(1)
180 -
(1) مسلم. عَنْ حُذَيفَةَ قَال: حَدَّثَنَا (2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَينِ قَدْ رَأَيتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا:(أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرَّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ). ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ قَال (3): (يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ (4) كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ، فَنَفِطَ (5) فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا (6) وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ -ثُمَّ أَخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهُ (7) عَلَى رِجْلِهِ- فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَال: إِنَّ فِي بَنِي فُلانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حَتَّى يُقَال لِلرَّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ، مَا أَظْرَفَهُ، مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا (8) لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ (9)، وَأمَّا
(1) ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(2)
في (أ): "نا".
(3)
في (ج): "فقال".
(4)
"المجل": هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس ونحوه، فيصير منتفخًا فيه ماءٌ قليل.
(5)
"فنفط": يقال: نفط إذا كان بين اللحم والجلد ماء، والنفطة: بثرة تخرج في اليد من العمل ملآى ماء.
(6)
"منتبرًا": مرتفعًا.
(7)
"فدحرجه" في "صحيح مسلم" طبعة عبد الباقي: "حصىً فدحرجه"، وفي مسلم بشرح الأبي:"حصاة فدحرجها".
(8)
في (أ): "يهوديًّا أو نصرانيًّا".
(9)
"ساعيه": هو الوالي عليه.
الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ (1) أُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلا فُلانًا وَفُلانًا) (2). في بعض طرق البخاري: "لَيَرُدَّنَّه عَلَيَّ الإِسْلامُ" وقال: الجَذْرُ: الأصل من كل شيء. والوكْت: أثر الشيء اليسير منه.
181 -
(2) مسلم (3). عَنْ حُذَيفَةَ قَال: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَال: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَال قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، فَقَال: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ (4)؟ قَالُوا: أَجَلْ. قَال: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصَّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَذكُرُ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ (5)؟ قَال حُذَيفَةُ: فَأَسْكَتَ (6) الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا. قَال: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ، قَال حُذَيفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِرِ عودًا عُودًا (7) فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا (8) نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ (9) سَوْدَاءُ، وَأيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَة بَيضَاءُ حَتى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَينِ: عَلَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ
(1) في (ج): "كنتم".
(2)
مسلم (1/ 126 رقم 143)، البخاري (11/ 333 رقم 6497)، وانظر (7086، 7276).
(3)
قوله: "مسلم" ليس في (أ).
(4)
"فتنة الرجل لا أهله وجاره": هي أنواع منها شحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير، ومنها تفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم. وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا.
(5)
"تموج موج البحر": أي تضطرب شبهها به لشدة عظمها وكثرة شيوعها.
(6)
"فأسكت القوم": صمتوا وأطرقوا.
(7)
"عودًا عودًا": أي أن الفتن تتوالى واحدة بعد أخرى كنسيج الحصير عودًا بإزاء عود.
(8)
"أشربها" أي قبلها فدخلت فيه وحلت محل الشراب.
(9)
"نكتة": أي نقطة، وكل نقطة في شيء بخلاف لونه فهي نكتة.
مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا (1) لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ). قَال حُذَيفَةُ: وَحَدَّثُتهُ أَنَّ بَينَكَ وَبَينَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ، قَال عُمَرُ: أَكَسْرًا لا أبَا لَكَ؟ ! فَلَوْ أَنهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ، قُلْتُ: لا بَلْ يُكْسَرُ. وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ، حَدِيثًا لَيسَ بِالأَغَالِيطِ. قَال أَبو خَالِدٍ سُلَيمَان بن حَيّان (2): فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبادًّا (3)؟ قَال: شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ (4). قَال: قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخّيًا؟ قَال: مَنْكُوسًا. (5) وفي رواية بعد قوله: "لَيسَ بِالأَغَالِيطِ": يَعْنِي أَنهُ عَنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم. لم يخرج البخاري هذا اللفظ، ولفظه اللفظ الذي لمسلم في كتاب "الفتن" أو قريب منه. (6)
182 -
(3) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (بَدَأَ الإِسْلامُ غَريبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.
183 -
(4) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبِي صلى الله عليه وسلم قَال:(إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ (8) بَينَ الْمَسْجِدَينِ كَمَا تَأرِزُ الْحَيَّةُ فِي
(1)"كالكوز مجخيًا": تشبيهه بذلك لأنه فارغ من الإيمان والأمانة، منتكس فلا يعلق به خير ولا حكمة.
(2)
"سليمان بن حيان" هر راوي الحديث عن سعد بن طارق عن ربعي عن حذيفة.
(3)
في (أ): "مربادٌّ".
(4)
في (ج): "سواه".
(5)
مسلم (1/ 128 رقم 144)، البخاري (2/ 8 رقم 525)، وانظر أرقام (1435، 1895، 3586، 7096).
(6)
في حاشية (1): " بلغت مقابلة بالأصل والله الحمد".
(7)
مسلم (1/ 130 رقم 145).
(8)
"يأرز": أي ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض كما تنضم الحية في جحرها.
جُحْرِهَا) (1). لم يخرج البخاري أعن ابن عمر في هذا شيئًا، أخرج حديث أبي هريرة الذي يأتي بعد] (2) هذا بلفظ مسلم إن شاء الله.
184 -
(5) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ الإيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحيَةُ إلَى جُحْرِهَا)(3).
185 -
(6) وعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى لا يُقَال فِي الأَرْضِ (4): اللَّهُ اللَّهُ) (5). وفي لفظ آخر (6): (لا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهَ اللَّهَ)(7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.
186 -
(7) وخرج عَن عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ولم يصل سنده به: سَمِعْتُ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: (مِنْ شِرَارِ (8) النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أحْيَاءٌ) (9). وله فيه لفظ آخر سيأتي في "الفتن" إن شاء الله.
187 -
(8) مسلم. عَنْ حُذَيفَةَ قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَال: (أحصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الإسْلامَ)(10). قَال: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّه! أتخَافُ عَلَينَا وَنَحْنُ مَا بَينَ السَّتَّمِائَةٍ إلَى السَّبْعِمِائَةٍ (11)؟ قَال: إنكُمْ لا تَدرُون لَعَلَّكُمْ أنْ تبُتَلَوْا؟ ).
(1) مسلم (1/ 131 رقم 146).
(2)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(3)
مسلم (1/ 131 رقم 147)، البخاري (4/ 93 رقم 1876).
(4)
في (ج): "لا تقوم الساعة على أحد يقول".
(5)
مسلم (1/ 131 رقم 148).
(6)
في (ج): "وعنه عن رسول الله".
(7)
في (ج): "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله".
(8)
في (ج): "شر".
(9)
البخاري (13/ 14 رقم 7067) تعليقًا.
(10)
"احصوا لي كم يلفظ الإسلام": أي عدوا لي كم يتلفظ بالإسلام.
(11)
في (أ): "ستمائة إلى سبعمائة"، وفي حاشيتها:"الست".