الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال البخاري فِي بَعض أَلفَاظه، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: (تَدْرِي أَينَ تَذْهَبُ؟ ). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَال: (فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ، فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فلا يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (1).
[بَابُ بدءِ الوَحْي]
(2)
203 -
(1) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ (3)، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيهِ الْخَلاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ أُوْلاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَال: اقْرَأْ، قَال:(مَا أَنَا بِقَارِئٍ). قَال: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي (4) حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَال: اقْرَأْ). قَال: (قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ). قَال: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَال: أَقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي
(1) في حاشية (أ)"بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الثانية والعشرين والحمد لله".
(2)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(3)
"فلق الصبح": هو ضياؤه.
(4)
" فغطني": أي ضمني وعصرني.
الْجَهْدَ، ثُمّ أَرْسَلَنِي فَقَال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ) (1) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ (2)، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَال:(زَمِّلُونِي (3) زَمَّلُونِي)، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ مِن الرَّوْعِ، ثُمَّ قَال لِخَدِيجَهَ: أَي خَدِيجَةُ! مَا لِي؟ )، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَال:(لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي). قَالتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ (4)، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ (5)، وَتَقْرِي الضَّيفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ (6)، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهُوَ ابْنُ عَمَّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرءًا تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَي عَمَّ! اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، فقَال وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي! مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَآهُ فَقَال لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ (7) الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ صلى الله عليه وسلم، يَا لَيتَنِي فِيهَا
(1) سورة العلق، الآيات (1 - 5).
(2)
"ترجف بوادره": البوادر هي اللحمة بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان.
(3)
"زملوني": غطوني بالثياب.
(4)
"وتحمل الكل": الكل أصله الثقل، وهو هنا من لا يستقل بأمره كاليتيم والمنقطع، وحمله بالإنفاق عليه.
(5)
"وتكسب المعدوم": أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك.
(6)
"وتعين على نوائب الحق": النوائب الحوادث، وإنما قالت: نوائب الحق لأن النائبة قد تكون في الخير وقد تكون في الشر، وهذه كلمة جامعة لأفراد ما تقدم وما لم يتقدم من خصال الخير.
(7)
الناموس: المراد به هنا جبريل عليه السلام.
جَذَعًا (1)، يَا لَيتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ ) قَال وَرَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا (2) (3). وفي رواية: وَاللَّهِ لا يَخْزِيكَ اللَّهُ) أَبَدًا. وفيها: أَيِ ابْنَ عَمَّ! اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. وفي أخرى: فَرَجَعَ إِلَى خَدِيجَة يَرْجُف فُؤادُه. خرجه البخاري في أول كتابه، قال فيه: وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ (4) فَيَكْتُبُ (5) مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ. وقال فيه: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى (6)، وزاد في آخره: ثُمَّ لَم يَنْشَب وَرَقَة أَن تُوفِّي وَفَتَرَ الوَحْيُ (7). وخرجه في "الرؤيا" قَال فِيه: وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيّ، كما قَال مسلم، وقَال في آخره: وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُزْنًا فِيمَا بَلَغَنَا (8) غَدَا مِنْهُ (9) مِرَارًا كَي يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَي يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقَّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ،
(1)"يا ليتني فيها جذعًا" جذعًا: أي شابًّا قويًّا والمعنى ليتني في أيام نبوتك ومدتها أكون كذلك.
(2)
"نصرًا مؤزرًا": أي قويًّا.
(3)
مسلم (1/ 139 رقم 160)، البخاري (1/ 22 رقم 3)، وانظر أرقام (3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982).
(4)
"يكتب الكتاب العبراني": الجمع بين الروايتين أن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية، فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي.
(5)
في (أ): "فكتب".
(6)
في (ج): "أنزل على موسى".
(7)
"وفتر الوحي": أي احتبس ولم يتتابع.
(8)
"فيما بلغنا": قائل: "فيما بلغنا" هو الزهري فهذه الجملة الأخيرة المتضمنة خبر الهم بالتردي من رؤوس الجبال من بلاغات الزهري وليست موصولة.
(9)
في (ج): "حزنًا فيما بلغنا، حزنًا غدا منه".
فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالتْ عَلَيهِ فَتْرَةُ الْوَحْي غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَال لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
204 -
(2) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْي، قَال فِي حَدِيِثهِ:(فَبَينَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ (1) الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)، قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(فَجَثَثْتُ (2) مِنْهُ فَرَقًا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (3) وَهِيَ الأَوْثَانُ)، قَال:(ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ)(4). وفي رواية عن جابر؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ عَنَّي فَتْرَةً فَبَينَا أَنَا أَمْشِي). وقَال (5): (فَجُئِثْتُ (6) مِنْهُ فَرَقًا حَتَّى هَوَيتُ إلَى الأَرْضِ). وقَال: (ثُمَّ حَمِيَ (7) الْوَحْيُ بَعْدُ وَتَتَابَعَ). وفي رواية: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} إِلَى قَوْلهِ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاةُ، وَهِي الأَوْثَانُ).
205 -
(3) وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ تَال: سَأَلْتُ جَابرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْل؟ قَال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ: أَو اقْرأَ؟ قَال جَابِرٌ: أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا بِهِ (8) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: (جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيتُ جِوَارِي
(1) في (ج): "بالملك".
(2)
في (ج): "فجثيت"، ومعنى "فجثثت" أي فزعت.
(3)
سورة المدثر، الآيات (1 - 5).
(4)
مسلم (1/ 143 رقم 161)، البخاري (1/ 27 رقم 4)، وانظر أرقام (3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214).
(5)
قوله: "وقال" ليس في (ج).
(6)
في (ج): "فجثيت".
(7)
في (أ): "أحمى".
(8)
قوله: "به" ليس في (أ).