الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ في الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَلكَ نَافِعُهُ؟ قَال:(لا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: {رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ})(1). لم يخرج البخاري هذا الحديث.
[بَابُ قَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا وَلِيَّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) وَمَا جَاءَ في مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ]
(2)
289 -
(1) مسلم. عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِهَارًا غَيرَ سِرٍّ يَقُولُ: (أَلا إِنَّ آلَ أَبِي -يَعْنِي فُلانًا (3)(4) - لَيسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ وَإِنَّمَا وَليَّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِين) (5). قَال مسلم في إِسنَاد هَذَا الحَدِيث: حَدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَال: حَدثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ أبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وقَال البخاري: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، ثَنَا (6) مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، بهَذا الإسنَاد: سَمِعْتُ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِهَارًا غَيرَ سِرٍّ يَقُولُ: (إِنَّ آلَ أَبِي (7) -قَال (8) عَمْرٌو: في كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ- لَيسُوا بِأَوْلِيَائِي إِنمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ). وقَال: زَادَ
(1) مسلم (1/ 196 رقم 214).
(2)
ما بين المعكوفين ليس في (ج).
(3)
"يعني فلانًا": هذه الكناية بقوله: "يعني فلانًا" هي من بعض الرواة خشي أن يسميه فيترتب عليه مفسدة فكنى عنه.
(4)
في (ج): "إلَّا إن آل أبي فلان يعني فلانًا".
(5)
مسلم (1/ 197 رقم 215)، والبخاري (10/ 419 رقم 5990).
(6)
قوله: "ثنا" ليس في (ج).
(7)
في (ج): "إلا إن آل أبي".
(8)
قوله: "قال" ليس في (ج).
عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ بَيَان، عَنْ قَيسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: (وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمْ أَبُلُّهَا بِبَلاهَا). قَال: كَذَا وَقَعَ، وَ"بِبَلالِهَا"(1) أَجْوَدُ وَأَصَحُّ، وَ"بِبَلاهَا"(2) لا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا. أَخرَجه في كتاب "الأَدَب"، والصحيح في ضبط هذا الحرف "بيَاضٌ" برفع الضاد، وإنما أراد عمرو بن عباس أنَّه كان في كتاب محمد بن جعفر موضع (3) أبيض لم يُكتب، ولا يعرف أيضًا في قريش في ذلك الوقت (4) ولا في غيرهم بنو بيَاض إلا بني (5) بياضة في الأنصار، وقوله عليه السلام:(وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ) دليل على أنهم كانوا من بني عبد مناف أو من غيرهم من قريش، والله أعلم. وهذه الزيادة التي زادها البخاري (6) من ذكر الرحم قد تقدمت لمسلم من حديث أبي هريرة في قصة أخرى (7).
290 -
(2) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: (يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ الْفًا بِغَيرِ حِسَابٍ). فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قال (8): (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ). ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَال: (سَبَقَكَ بِهَا عُكاشَةُ)(9).
291 -
(3) وعَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ (10) سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ). قَال: فَقَامَ
(1) في (ج): "وبلالها".
(2)
في (ج): "وبلاها".
(3)
في (ج): "موضعًا".
(4)
قوله: "في ذلك الوقت" ليس في (أ).
(5)
في (ج): ": "إلا في بني".
(6)
قوله: "البخاري" ليس في (أ).
(7)
تقدم في رقم (1) من الباب الَّذي قبله.
(8)
في (أ): "فقال".
(9)
مسلم (1/ 197 رقم 216)، البخاري (10/ 276 رقم 5811)، وانظر رقم (6542).
(10)
في (أ): "هي".
عُكاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِي يَرْفَعُ نَمِرَةً (1) عَلَيهِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ). ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (سَبَقَكَ بِهَا عُكاشَةُ)(2). وفِي لفَظٍ آخر: (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا زُمْرَةٌ (3) وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ، عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ) (4).
292 -
(4) وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:(يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيرِ حِسَابٍ). قَالُوا: وَمَنْ (5) هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ! ؟ قَال: (هُمِ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ (6)، وَلا يَتَطَيَّرُونَ (7)، وَلا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (8). وذكر طريق أخر قصةَ عُكَّاشَةَ والرَّجُل الثَّانِي، ولم يَذكر فيه:"ولا يَتَطَيَّرُون". لم يخرج البخاري عن عمران في هذا شَيئًا.
293 -
(5) مسلم. سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ). لا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ (9) أَيَّهُمَا
(1)"نمرة": كساء فيه خطوط بيض وسود وحمر، كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض. وهي من مآزر الأعراب.
(2)
انظر الحديث الَّذي قبله.
(3)
"زمرة": هي الجماعة في تفرقة بعضها في إثر بعض.
(4)
مسلم (1/ 198 رقم 217).
(5)
في (ج): "من" بحذف الواو.
(6)
"لا يسترقون": لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم.
(7)
"ولا يتطيرون": الطيرة هي التشاؤم بالشيء، وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير فإذا خرج أحدهم لأمر فإن طار الطير يمنة تيمن به واستمر، وإن طار يسرة تشاءم ورجع.
(8)
مسلم (1/ 198 رقم 218).
(9)
"أبو حازم": هو راوي الحديث عن سهل بن سعد.
قَال، (مُتَمَاسِكُونَ أخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ)(1).
294 -
(6) وعَنْ حُصَينِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ فَقَال: أُيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: أَنَا، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ في صَلاةٍ، وَلَكِنِّي لُدِغْتُ. قَال: فَمَاذَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: اسْتَرْقَيتُ. قَال: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ. فَقَال: وَمَا حَدَّثَكُمُ الشَّعْبِيُّ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنْ بُرَيدَةَ بْنِ حُصَيبٍ الأَسْلَمِيّ أَنهُ قَال: (لا رُقْيَةَ إِلا مِنْ عَينٍ، أَوْ حُمَةٍ)(2). فَقَال (3): قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انتهَى إِلَى مَا سَمِعَ، وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَرَأيتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيطُ (4)، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، وَالنَّبِيَّ لَيسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ (5)، فَظنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَقَوْمُهُ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظرتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ. فَنَظرتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: "انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ. فَإِذَا سَوَاد عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي] (6): هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ). ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَخَاضَ (7) النَّاسُ في أُولَئِكَ
(1) مسلم (1/ 198 رقم 219)، البخاري (6/ 319 رقم 3247)، وانظر (6543، 6554).
(2)
"حمة" هي السم، وقيل فوعة السم وهي حدته وحرارته.
(3)
في (ج): "قال" بدون واو.
(4)
"الرهيط" تصغير رهط الجماعة دون العشرة.
(5)
"سواد عظيم": السواد هو الشخص الَّذي يرى من بعيد ووصفه بالعطم إشارة إلى أن المراد الجنس لا الواحد.
(6)
ما بين المعكوفين ليس في (ج)، والمثبت من (أ). وكتب فوق العبارة "أصل" و "صح".
(7)
"فخاض الناس": أي تكلموا وتناظروا.
الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ، فَقَال بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمِ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَال بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمِ (1) الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ، فَلَمْ (2) يُشْرِكُوا بِاللهِ شَيئًا، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:(مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ ) فَأَخْبَرُوهُ، فَقَال:(هُم (3) الَّذِينَ لا يَرْقُونَ (4)، وَلا يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَتطَّيرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ (5)! ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَال: (أَنْتَ مِنْهُمْ). ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَال: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَال: (سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ)(6). خرجه البخاري في "الرِقَاق" في باب "يدخلون الجنّة سبعون ألفًا" من حديث ما ابن عباس أَيضًا، ولفظه:(عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ (7) النبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ (8)، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، فقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ! هَؤُلاءِ أُمَّتِي؟ قَال: لا، وَلَكِنِ انْظُرْ إلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَال: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ، لا حِسَابَ عَلَيهِمْ وَلا عَذَابَ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَال: كَانُوا لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرْقُونَ (9)، وَلا يَتَطَّيَّرُونَ، وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، فَقَامَ إِلَيهِ عُكَّاشَةُ، وذكر الحديث. وفي لفظٍ آخر: (وَرَأَيتُ
(1) في (أ): "لعلهم".
(2)
في (ج): "ولم".
(3)
في (ج): "فقال لهم".
(4)
"لا يرقون" بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه اللفظة وهم من الراوي، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى أصحابه ورقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم. انظر "فتح المجيد"(ص 72).
(5)
قوله: "يا رسول الله" ليس في (ج).
(6)
مسلم (1/ 199 رقم 220)، البخاري (6/ 441 رقم 3410)، وانظر أرقام (5705، 5752، 6472، 6541).
(7)
في (ج): "فأجد".
(8)
"معه الأمة": أي العدد الكثير.
(9)
في (ج): "ولا يسترون".