الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِنْ فَضْلِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ
1154 -
(1) مسلم. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَينِ (1) فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ، فَقَال:(تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ)(2). في طريق آخر: فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: (اقْرَأْ فُلانُ فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ (3) عِنْدَ الْقُرْآنِ) أَوْ: (تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).
1155 -
(2) وعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ؛ أَنَّ أُسَيدَ بْنَ حُضَيرٍ بَينَمَا هُوَ لَيلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ (4) إِذْ جَالتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ ثُمَّ جَالتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ ثُمَّ جَالتْ أَيضًا، قَال أُسَيدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى (5)، فَقُمْتُ إِلَيهَا فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ (6) السُّرُجِ عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، قَال: فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بَينَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي إِذْ جَالتْ فَرَسِي، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(اقْرَأ ابْنَ حُضَيرٍ). قَال: فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالتْ أَيضًا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(اقْرَأ ابْنَ حُضَيرٍ). قَال: فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالتْ أَيضًا [فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اقرَأ ابْنَ حُضَيرٍ)](7). قَال:
(1)"بشطنين" الشطن: هو الحبل الطويل، وإنما ربطه بشطنين لكونه شديد الصعوبة.
(2)
مسلم (1/ 547 - 548 رقم 795)، البخاري (6/ 622 رقم 3614)، وانظر أرقام 4839، 5011).
(3)
في (ج): "تنزلت".
(4)
"مربده" هو المكان الذي فيه التمر، كالبيدر للحنطة.
(5)
"فخشيت أن تطأ يحيى" أراد ابنه، وكان قريبًا من الفرس.
(6)
في (ج): "مثل"، وفي الحاشية:"أمثال".
(7)
ما بين المعكوفين لم تتضح من التصوير في (ج).
فَانْصَرَفْتُ وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُج عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(تِلْكَ الْمَلائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ)(1). لفظ البُخَارِي في هذا: عَنْ أُسَيدِ بن حُضَيرٍ قَال: بَينَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِن اللَّيلِ سُورَةَ البَقرةِ وفَرَسُهُ مَربُوطَةٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالتْ الفَرَسُ، فَسَكَتَ فَسَكَنَتْ، فَقَرأَ فَجَالت الفَرَسُ فَسَكَتَ وَسَكَنَتْ، ثُمَّ قَرأَ فَجَالت الفَرَسُ فانصرَف، وذكر الحديث، وقَال: فَخَرَجْتُ حَتَّى لا أَراهَا (2) مَكَانًا (3) فَعَرَجتْ، وقَال:"تِلْكَ المَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِك".
1156 -
(3) مسلم. عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ)(4).
وفِي رِوَايَةٍ: "مَثَلُ الفَاجِر" بدَل "المُنَافِق". وقَال البُخَارِي في بعض طرق هذا الحديث: (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ويَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ ورِيحُهَا طَيِّبٌ، والْمُؤْمِنُ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ويَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ
(1) مسلم (1/ 548 - 549 رقم 796)، البخاري (9/ 63 رقم 5018).
(2)
في (أ): "لاراها".
(3)
في (أ): "مكان"، وفي "صحيح البخاري" المطبوع مع "الفتح":"فخرجت حتى لأراها" من غير ذكر لفظة "مكانًا".
(4)
مسلم (1/ 549 رقم 797)، البخاري (9/ 65 - 66 رقم 5020)، وانظر أرقام (5059، 5427، 7560).
ولا رِيحَ لَهَا". وذكر باقي حديثه وقد خرَّجه (1) كما خرَّجه مسلم رحمه الله.
1157 -
(4) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)(2). وفي رواية: (وَالَّذِي يَقْرَأُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيهِ لَهُ أَجْرَانِ). وَفِي لَفْظِ (3) البُخَارِي: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ). ذكره في تفسير سورة عبس، وخرَّجه (4) من حديث عائشة أَيضًا.
1158 -
(5) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال لأُبَيٍّ: (إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيكَ). قَال: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَال: اللَّهُ سَمَّاكَ لِي. قَال: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي (5). وفِي رِوَايَةٍ: (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا})(6).
1159 -
(6) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ). قَال: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقْرَأُ عَلَيكَ وَعَلَيكَ أُنْزِلَ! قَال: (إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي). فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتى إِذَا بَلَغْتُ {فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (7) رَفَعْتُ رَأسِي
(1) في (ج): "وخرَّجه".
(2)
مسلم (1/ 549 - 550 رقم 798)، البخاري (8/ 691 رقم 4937).
(3)
في (ج): "ولفظ".
(4)
في (ج): "خرَّجه" من غير ذكر حرف العطف.
(5)
مسلم (1/ 550 رقم 799)، البخاري (7/ 127 رقم 3809).
(6)
سورة البينة.
(7)
سورة النساء، آية (41).
أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَرَأَيتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ (1).
وفي طريق آخرى: قَال قَال لِي (2) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (شَهِيدًا عَلَيهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ). أَوْ: (مَا كُنْتُ فِيهِمْ). شَكَّ الراوي. وفِي رِوَايَةٍ: قَال لِي (2) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ عَلَى المِنْبَر: "اقْرَأْ عَلَيَّ". وقَال البُخَارِي: حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قَال: (أَمْسِكْ) فَإِذَا عَينَاهُ تَذْرِفَانِ. وفي طريق آخرى (3): "حَسْبُكَ الآن" ذكر الأوَّل في تفسير سورة النساء، والثاني في "فضائل القرآن" في باب "قول المقرئ للقارئ: حَسبُكَ".
1160 -
(7) مسلم. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: كُنْتُ بِحِمْصَ فَقَال لِي بَعْضُ الْقَوْمِ: اقْرَأْ عَلَينَا، فَقَرَأْتُ عَلَيهِمْ سُورَةَ يُوسُفَ، قَال: فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَاللَّهِ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ. فَقُلْتُ: وَيحَكَ! وَاللَّهِ لَقَرَأْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال لِي: (أَحْسَنْتَ). فَبَينَمَا أَنَا أُكَلِّمُهُ إِذْ وَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، قَال: فَقُلْتُ: أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ وَتُكَذِّبُ بِالْكِتَابِ! ؟ لا تَبْرَحُ حَتَّى أَجْلِدَكَ، قَال: فَجَلَدْتُهُ الْحَدَّ (4).
1161 -
(8) وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ (5) عِظَامٍ سِمَانٍ؟ ) قُلْنَا: نَعَمْ. قَال: (فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتهِ، خَيرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ
(1) مسلم (1/ 551 رقم 800)، البخاري (8/ 250 رقم 4582).
(2)
قوله: "لي" ليس في (ج).
(3)
في (ج): "وفي رواية".
(4)
مسلم (1/ 551 - 552 رقم 801)، البخاري (9/ 47 رقم 5001).
(5)
"خلفات" هي الحوامل من الإبل إلى أن يمضي عليها نصف أمدها، ثم هي عشار، وخص الخلفات لأنها محبوبات عند العرب.
عِظَامٍ سِمَانٍ) (1). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
1162 -
(9) مسلم. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَال: (أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ (2) فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَينِ كَوْمَاوَينِ (3) فِي غَيرِ إِثْمٍ وَلا قَطْعِ رَحِمٍ؟ ). فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا يُحِبُّ ذَلِكَ. قَال: (أَفَلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَينِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل خَيرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَينِ، وَثَلاثٌ خَيرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ)(4). ولا أخرج البُخَارِي أَيضًا هذا الحديث.
1163 -
(10) مسلم. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَينِ (5) الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أوْ كَأَنهُمَا غَيَايَتَانِ (6)، أَوْ كَأَنهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّان عَنْ أصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا تَسْتَطعُهَا الْبَطَلَةُ). قَال مُعَاويَةُ بْنُ سلَّامٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ (7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.
(1) مسلم (1/ 552 رقم 802).
(2)
"بطحان أو إلى العقيق": واديان قرب المدينة، وإنما خصهما بالذكر لأنهما أقرب المواضع التي تقام فيها أسواق الإبل بالمدينة.
(3)
"كوماوين" الكوماء من الإبل: عظيمة السنام.
(4)
مسلم (1/ 552 - 553 رقم 803).
(5)
"الزهراوين": أي النيرتين.
(6)
الغمامة والغياية والفرقان: كل شيء أظل الإنسان من فوق رأسه من سحابة ونحوها.
(7)
مسلم (1/ 553 رقم 804).
1164 -
(11) مسلم. عَنْ النَّوَّاسَ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلابِيِّ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ). وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةَ أَمْثَالٍ، مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَال:(كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتانِ سَوْدَاوَانِ بَينَهُمَا شَرْقٌ (1)، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ (2) مِنْ طَيرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا) (3). ولا أخرج البُخَارِي أَيضًا هذا الحديث، ولا أخرج عن النَّواس في كتابه شَيئًا.
1165 -
(12) مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: بَينَمَا (4) جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ نَقِيضًا (5) مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأسَهُ، فَقَال:(هَذَا (6) بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَال: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ وَقَال: أَبْشِرْ بِنُورَينِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلا أُعْطِيتَهُ) (7). ولا أخرج البُخَارِي أَيضًا هذا الحديث.
1166 -
(13) مسلم. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَال: لَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَيتِ، فَقُلْتُ: حَدِيث بَلَغَنِي عَنْكَ فِي الآيتَينِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَال: نَعَمْ، قَال
(1)"شرق" أي ضياء ونور.
(2)
كتبت في (أ): "فرقان" ثم أصلح الناسخ الفاء وحولها حاء. وفي (ج): "فرقان"، وفي الحاشية "حزقان". والحزقان والفرقان: أي قطيعان وجماعتان.
(3)
مسلم (1/ 554 رقم 805).
(4)
كذا في (أ) و (ج)، وكتب فوقها "بينا"وبجوارها "صح".
(5)
"نقيضًا": صوتًا كصوت الباب إذا فتح.
(6)
في (ج): "هنا".
(7)
مسلم (1/ 554 رقم 806).
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيلَةٍ كَفَتَاهُ (1)((2). وفي لفظ آخر: (مَنْ قَرَأَ هَاتَينِ الآيتَينِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي (3) لَيلَةٍ كَفَتَاهُ).
1167 -
(14) وعَن أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَات مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنَ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ)(4). وفي طريق آخرى: "مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ". ولم يخرج البُخَارِي في سورة الكهف شَيئًا.
1168 -
(15) مسلم. عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَال: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ ) قَال: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ ) قَال: قُلْتُ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقيُّومُ} (5) قَال: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَال: (وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ يَا (6) أَبَا الْمُنْذِرِ! ) (7). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
وزاد أبُو بَكرِ ابنُ أَبِي شَيبَةَ "مسنده" بإسناد مسلم: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِه إنَّ لِهَذِه الآيَة لِسَانًا وَشَفَتَينِ، تُقدِّسُ الْمَلِك (8) عِنْدَ سَاقِ العَرْشِ"(9).
(1)"كفتاه" أي منعتاه من الآفات والشرور.
(2)
مسلم (1/ 554 - 555 رقم 807 و 808)، البخاري (7/ 317 رقم 4008)، وانظر أرقام (5008، 5009، 5040، 5051).
(3)
قوله: "في"ليس في (أ).
(4)
مسلم (1/ 555 رقم 809).
(5)
سورة البقرة، آية (255).
(6)
قوله: "يا" ليس في (ج).
(7)
مسلم (1/ 556 رقم 810).
(8)
قوله: "الملك" ليس في (أ).
(9)
أخرجه بهذا اللفظ من طريق ابن أبي شيبة عبد بن حميد كما في "المنتخب"(92 رقم 178). وأخرجه عبد الرزاق (3/ 370)، ومن طريقه أحمد (5/ 141 - 142) كلهم من طريق الجريري عن أبي السليل، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي به. لكن عند أحمد لم يذكر أبا السليل، وإنما قال: حدثنا الجريري، عن بعض أصحابه، عن عبدا لله بن رباح. والحديث بهذا اللفظ صحيح.
1169 -
(16) البُخَارِي. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: وَكَّلنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَال: فَخَلَّيتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَبَا هُرَيرَةَ! مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ )، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيتُ عَنْهُ، قَال:(أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ). فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا أبَا هُرَيرَةَ! مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ )، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيتُ سَبِيلَهُ. قَال: (أَمَا إِنهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ). فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ! قَال: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَال: إِذَا أَوَيتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرأْ آيةَ الْكُرْسِيِّ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حَتى خَتَمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَال عَلَيكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبَكَ شَيطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيتُ سَبِيلَهُ، قَال:(مَا هِيَ؟ ) قَال (1): قَال لِي: إِذَا أَوَيتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا
(1) في (ج): "قلت".
حَتى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، وَقَال (1): لَنْ يَزَال عَلَيكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبَكَ الْشَيطَانُ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيءٍ عَلَى الْخَيرِ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثٍ (2) يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ ! ) قَال: لا، قَال:(ذَاكَ شَيطَانٌ)(3).
خرَّجه في "الوكالة" في باب "إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شَيئًا فأجازه للوكيل (4) فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجلٍ مسمى جاز"، وخرَّجه (5) في باب "صفة إبليس وجنوده" من كتاب "بدء الخلق"، وقَال فيِه: وَلا يَقْرَبُكَ (6) شَيطَانٌ. وفي آخر (7): (ذَلكَ الشَيطَانُ)، ولم يصل سنده بهذا الحديث، ولم يخرجه مسلم رحمه الله.
1170 -
(17) وذكَرَ البُخَارِي أَيضًا في "تفسير فاتحة الكتاب"، وتفرَّد به، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَال: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَال:(أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالى: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}). ثُمَّ قَال لِي: (لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ). ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ (8) لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ: (لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ
(1) في (ج): "قال".
(2)
كذا في (ج)، وأما في (أ) فقد أشير إلى الحاشية بعلامة الإلحاق، وكتب في الحاشية:"من ذو ثلاث".
(3)
البخاري (4/ 487 رقم 2311)، وانظر أرقام (3275، 5010).
(4)
في (ج): "الموكل".
(5)
في (ج): "وذكره".
(6)
في (ج): "لا يقربك".
(7)
في (ج): "وقي آخره".
(8)
في (ج): "فقلت".
سُورَةٍ فِي الْقُرْآن)؟ قَال: ({الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ)(1).
وذكره في سورة الحجر، قَال: مَرَّ بِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَنَا أُصَلِّي، فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتى صَلَّيتُ، ثُمَّ أَتَيتُ فَقَال:(مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ ). فَقُلتُ (2) كُنْتُ أُصَلِّي .. الحديث. لم (3) يحرج البُخَارِي عن أبي سعيد بن المعلَّى غير هذا الحديث، ولم يخرج مسلم بن الحجاج [عنه](4) شَيئًا.
1171 -
(18) وذكر البُخَارِي عَنْ أَبِي هُرَيرَة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(أُمُّ القُرْآن هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ)(5).
1172 -
(19) مسلم. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيلَةٍ (6) ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ ) قَالُوا: وَكَيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَال: ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)(7).
1173 -
(20) أخرجه البُخَارِي من حديث أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابهِ: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيلَةٍ؟ )، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيهِمْ وَقَالُوا (8): أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! ؟ فَقَال: (اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ)(9). وأَبُو سَعِيدٍ هو: الْخُدْرِيُّ.
1174 -
(21) مسلم. عَنْ أَبي الدَّرْدَاء أَيضًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ
(1) البخاري (8/ 156 - 157 رقم 4474)، وانظر أرقام (4647، 4703، 5006).
(2)
في (ج): "قال: قلت".
(3)
في (ج): "ولم".
(4)
زيادة يقتضيها السياق.
(5)
البخاري (8/ 381 رقم 4704).
(6)
في (ج): "ليلته".
(7)
مسلم (1/ 556 رقم 811).
(8)
في (ج): "قالوا".
(9)
البخاري (9/ 59 رقم 5015).
الْقُرْآنَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ) (1).
لم يخرج البُخَارِي هذا اللفظ، ولا أخرج فيه عن أبي الدرداء شَيئًا.
1175 -
(22) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (احْشُدُوا (2) فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ). فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ (3) صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ثُمَّ دَخَلَ، فَقَال بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: إِنِّي أُرَى هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنَ السَّمَاءِ فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ (3) صلى الله عليه وسلم فَقَال:(إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: سَأَقْرَأُ عَلَيكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَلا إِنِّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)(4). وفي لفظ آخر: خَرَجَ إِلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: (أَقْرَأُ عَلَيكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ). فَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ} (5) حَتَّى خَتَمَهَا. لم يخرج البُخَارِي عن أبي هريرة في هذا شَيئًا.
1176 -
(23) وذكر في "فضائل القرآن" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)(6).
1177 -
(24) وذَكَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أيضًا قَال: أخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ؛ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}
(1) انظر الحديث رقم (19) في هذا الباب.
(2)
"احشدوا" أي اجتمعوا.
(3)
في (ج): "النبي".
(4)
مسلم (1/ 557 رقم 812).
(5)
في (ج): {لم يلد ولم يولد} ، ثم ضرب على {ولم يولد} .
(6)
البخاري (9/ 58 - 59 رقم 5013)، وانظر أرقام (6643، 7374).
لا يَزِيدُ عَلَيهَا .. الحديث بِنَحْوه (1). لم يخرج مسلم بن الحجاج عن قتادة بن النُّعمان في كتابه شَيئًا وأبو سعيدٍ هو: الخدريُّ.
1178 -
(25) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ (2)، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:(سَلُوهُ: لأَيِّ شَيءٍ يَصْنعُ ذَلِكَ؟ ) فَسَأَلُوهُ فَقَال: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا (3). فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ)(4).
1179 -
(26) وقال البُخَارِي في باب "الْجَمْعِ بَينَ السُّورَتَينِ فِي رَكْعَةِ": وَقَال عُبَيدُ اللهِ: عَنْ ثَابِتٍ (5)، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ، افْتَتَحَ بِـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ بِسُورَةٍ (6) أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ (7) بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَال: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ وَكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَال: (يَا فُلانُ! مَا يَمْنَعُكَ
(1) البخاري (9/ 59 رقم 5014).
(2)
"سرية" السرية: طائفة من الجيش أقصاها أربعمائة: تبعث إلى العدد.
(3)
في (ج): "أقرأها"، وفي الحاشية:"أقرأ بها".
(4)
مسلم (1/ 557 رقم 813)، البخاري (13/ 347 رقم 7375).
(5)
في (ج): "عبيد الله بن ثابت".
(6)
في (ج): "سورةً".
(7)
في (ج): "يقرأ".
أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بهِ أَصْحَابُكَ؟ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ ). فَقَال: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَال:(حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ)(1).
وقد خرَّج حديث عائشة الذي قبل هذا كما خرجه مسلم بن الحجاج رحمهما الله (2).
1180 -
(27) مسلم. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَط: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ})(3). وفي لفظ آخر: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُنْزِلَ - أَوْ أُنْزِلَتْ (4) - عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ: الْمُعَوِّذَتَانِ). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
1181 -
(28) مسلم. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا حَسَدَ (5) إِلا عَلَى اثْنَتَينِ: رَجُلٌ أتَاهُ اللهُ هَذَا الْكِتَابَ، فَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ أتَاهُ اللهُ مَالًا فَتَصَدَّقَ بِهِ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) (6).
وفي لفظ آخر: (لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَينِ: رَجُلٌ أعْطَاهُ (7) اللهُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ).
(1) البخاري (2/ 255 رقم 774).
(2)
في (ج): "رحمه الله".
(3)
مسلم (1/ 558 رقم 814).
(4)
في (أ) تشبه أن تكون: "أنزلن".
(5)
"لا حسد" أي لا غبطة، وهي تمني مثل النعمة التي عند الغير من غير زوالها عن صاحبها.
(6)
مسلم (1/ 559 رقم 815)، البخاري (9/ 73 رقم 5025).
(7)
في (ج): "آتاه".
1182 -
(29) خرَّجه (1) البُخَارِي في كتاب "التمني"، وفي "فضائل القرآن"، وفي كتاب "التوحيد" من (2) حديث أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:(لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَينِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَال (3): لَيتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ (4) فِي الْحَقِّ، فَقَال رَجُلٌ: لَيتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ) (5). وقد خرَّجه أيضًا من حديث ابن عمر كما تقدم لمسلم.
1183 -
(30) مسلم. عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَينِ: رَجُل آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ (6) فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا ويُعَلِّمُهَا) (7). في بعض طرق البُخَارِي:"الحِكْمَةَ" ذكره في كتاب "العلم".
1184 -
(31) مسلم. عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَال: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَال: ابْنَ أَبْزَى. قَال: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَال: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا.
(1) في (ج): "أخرجه".
(2)
في (ج): "ومن".
(3)
قوله: "فقال" ليس في (ج).
(4)
"يهلكه" فيه المبالغة في الإنفاق ولما أوهم الإسراف والتبذير قيَّده بقوله: "في الحق".
(5)
البخاري (9/ 73 رقم 5026)، وانظر أرقام (7232، 7528).
(6)
"هلكته" أي إهلاكه، والمراد إنفاقه في الخير.
(7)
مسلم (1/ 559 رقم 816)، البخاري (1/ 165 رقم 73)، وانظر أرقام (1409، 7141، 7316).
قَال: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيهِمْ مَوْلًى، قَال: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَال عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَال: (إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)(1). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
1185 -
(32) وذكر البُخَارِي في "فضائل القرآن" عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(خَيرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآن وَعَلَّمَهُ). قَال: وَأَقْرَأَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ، قَال: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي (2) هَذَا (3). وفي لفظ آخر: (إِنَّ أفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ).
1186 -
(33) مسلم. عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لبَّبْتُهُ (4) بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ)، فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(هَكَذَا أُنْزِلَتْ). ثُمَّ قَال لِي: (اقْرَأْ). فَقَرَأتُ، فَقَال:(هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ)(5). وفي بعض طرق البُخَارِي: فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا
(1) مسلم (1/ 559 رقم 817).
(2)
في (ج): "معقدي".
(3)
البخاري (9/ 74 رقم 5027)، وانظر رقم (5028).
(4)
"لبَّبته" أخذت بمجامع ردائه في عنقه وجررته به.
(5)
مسلم (1/ 560 رقم 818)، البخاري (5/ 73 رقم 2419)، وانظر أرقام (4992، 5041، 6936، 7550).
عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاورُهُ (1) فِي الصَّلاةِ، فَانْتَظرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، وقَال فيِه: فَقُلْتُ: مَنْ أقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ؟ قَال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا، فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَذَكَرَ تَمَامَ الخَبَرِ. خرَّجه في باب "ما جاء في المتأولين" وفي غيره.
1187 -
(34) مسلم. عَن ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ). قَال ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ الأَحْرُف السَّبْعَةَ (2) إِنَّمَا هِيَ فِي الأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لا يَخْتَلِفُ فِي حَلالٍ وَلا حَرَامٍ (3).
لم يذكر البُخَارِي قول ابن شهاب.
1188 -
(35) مسلم. عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَال: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيهِ (4)، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَينَا الصَّلاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَءَا، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَأْنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ (5) وَلا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَنِي
(1) في (ج): "أشاوره"، ومعنى "أساوره" آخذ برأسه.
(2)
فِي (ج): "السبعة الأحرف".
(3)
مسلم (1/ 561 رقم 819)، البخاري (6/ 305 رقم 3219)، وانظر (4991).
(4)
قوله: "عليه" ليس في (أ).
(5)
"فسقط في نفسي من التكذيب" معناه: أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبًا لم يعتقده، وإنما زال في الحال حين ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره.
ضَرَبَ فِي صَدْرِي فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عز وجل فَرَقًا (1). فَقَال لِي:(يَا أُبَيُّ (2)! أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ: أَنِ (3) اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَينِ، فَرَدَدْتُ إِلَيهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتِي، [اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتِي](4)، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ (5) فِيهِ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، حَتى إِبْرَاهِيمُ)، صَلَّى الله عَلَيهِمَا (6). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
1189 -
(36) مسلم. عَنْ أُبَيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ (7) بَنِي غِفَارٍ قَال: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَال: إِنَّ اللهَ عز وجل يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَال:(أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ). ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَال: إِنَّ اللهَ عز وجل يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَينِ، فَقَال:(أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ). ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَال: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ، فَقَال:(أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ). ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ، فَقَال: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيهِ فَقَدْ أَصَابُوا) (8). لم يخرج البُخَارِي هذا الحديث.
(1)"فرقًا" أي: خوفًا. وفيضه عرقًا استحياء منه مما غشيه من الشيطان.
(2)
في (أ): "يا بني".
(3)
قوله: "أن" ليس في (ج).
(4)
ما بين المعكوفين ليس في (ج).
(5)
في (أ): "ترغب".
(6)
مسلم (1/ 561 - 562 رقم 820).
(7)
"أضاة بني غفار" الأضاة: هي الماء المستنقع كالغدير.
(8)
مسلم (1/ 562 رقم 821).
1190 -
(37) وذكر في "الفضائل" عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ حُذَيفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيفَةَ اخْتِلافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَال حُذَيفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي (1) إِلَينَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ (2)، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَال عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاث (3): إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ (4). حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي (5) خَارِجَةُ بْنُ زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيدَ بْنَ ثَابِتٍ قَال: فَقَدْتُ آيةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ (6){مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ} (7) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ (8).
(1) فِي (ج): "أرسل".
(2)
في (أ) و (ج): "العاصي".
(3)
في (ج): "الثلاثة".
(4)
قوله: "ذلك" ليس في (أ).
(5)
في (ج): "وأخبرني".
(6)
قوله: "الأنصاري" ليس في (أ).
(7)
سورة الأحزاب، آية (23).
(8)
البخاري (9/ 11 رقم 4987)، وانظر أرقام (3506، 4984).
1191 -
(38) وفِيهَا: عَنْ عُبَيدِ (1) بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيدَ بْنَ ثَابِتٍ قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ أبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَال: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ (2) يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ اسْتَحَرَّ (3) الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْع الْقُرْآن، قُلْتُ (4) لِعُمَرَ: كَيفَ تَفْعَلُ شَيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال عُمَرُ: هَذَا وَاللهِ خَيرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِذَلِكَ وَرَأَيتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَال زَيدٌ: قَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلا نَتَّهمُكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَتَبَّعِ (5) الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ: كَيفَ تَفْعَلُونَ شَيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: هُوَ وَاللهِ خيرٌ. فَلَمْ يَزَلْ أَبوبَكرٍ رضي الله عنه يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ (6) صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ (7) واللِّخَافِ (8) وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيرِهِ:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (9) حَتى خَاتِمَة بَرَاءَة، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ
(1) في (ج): "عبيد الله".
(2)
"استحر" أي اشتد وكثر.
(3)
في (ج): "أن يستحر".
(4)
في (ج): "فقلت".
(5)
في (ج): "فتتبع".
(6)
قوله: "له" ليس في (أ).
(7)
"العسب" جمع عسيب، وكانوا يكتبون في الطرف العريض منه.
(8)
"اللخاف" هي صفائح الحجارة الرقاق، ويأتي تفسيرها بالخزف.
(9)
سورة التوبة، آية (128).
اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتِه، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ (1).
وفي طريق آخر: مَعَ خُزَيمَةَ الأَنْصَارِيِّ. ذكره في "التفسير"، وفي "فضائل القرآن" كما تقدم. قَال (2): واللخاف: يعني الخزف.
1192 -
(39) وذكر في باب "تأليف القرآن" عَنْ يُوسُفَ بنَ مَاهَكٍ قَال: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ فَقَال: أيُّ الكَفَنِ خَيرٌ؟ قَالتْ: وَيحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ؟ قَال: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! أَرِيِنِي (3) مُصْحَفَكِ. قَالتْ: لِمَ؟ قَال: لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيهِ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيرَ مُؤَلَّفٍ. قَالتْ: وَمَا يَضُرُّكَ (4) آيَّة قَرَأْتَ قَبْلُ؟ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَة مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلامِ نَزَلَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيءٍ لا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا: لا نَدَعُ الْخَمْرَ أبدًا، وَلَوْ نَزَلَ لا تَزْنُوا لَقَالُوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَإنّي لَجَارِيَةٌ أْلعَبُ:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (5)، وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ قَال: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ، فَأمْلَتْ عَلَيهِ آيَ السُّوَرِ (6).
1193 -
(40) وعَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيد (7) عَن عَبْدِ اللهِ هُو ابْنُ مَسْعُودٍ قَال
(1) البخاري (9/ 10 - 11 رقم 4986)، وانظر أرقام (807، 4049، 4679، 4784، 4988، 4989، 7191، 7425).
(2)
قوله: "قال" ليس في (ج). والقائل هو: أبو ثابت محمد بن عبيد الله شيخ البخاري رحمهما الله.
(3)
في (أ): "أرني".
(4)
في (ج): "يضيرك".
(5)
سورة القمر، آية (46).
(6)
البخاري (9/ 38 - 39 رقم 4993)، وانظر (4876).
(7)
في (ج): "زيد".
فِي (1) بَنِي إسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطه وَالأَنْبِيَاءِ: هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ (2) الأُوَلِ وَهُنَّ (3) مِنْ تِلادِي (4)(5). خرَّجه فِي "التفسير".
1194 -
(41) عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: تَعَلَّمْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (6). لم يخرج مسلم من أول حديث أنس عن حذيفة إلى أخر حديث البراء هذا (7).
1195 -
(42) مسلم. عَنْ أبِي وَائِلٍ قَال: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بْنُ سِنَانٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ أَلِفًا تَجِدُهُ أَمْ يَاءً {مِنْ مَاءٍ غَيرِ آسِنٍ} (8) أَوْ {مِنْ مَاءٍ (9) غَيرِ يَاسِنٍ} ؟ قَال: فَقَال عَبْدُ اللهِ: وَكُلَّ الْقُرْآنِ قَدْ أَحْصَيتَ غَيرَ هَذَا الْحَرْفِ؟ قَال: إِنِّي لأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ. فَقَال (10) عَبْدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَؤُنَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوزُ تَرَاقِيَهُمْ (11)، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ، إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، إِنِّي لأَعْلَمُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرُنُ بَينَهُنَّ سُورَتَينِ (12) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلَ عَلْقَمَةُ فِي
(1) قوله: "في"ليس في (أ).
(2)
"العتاق" جمع عتيق وهو القديم، أو هو ما بلغ الغاية في الجودة.
(3)
في (أ): "هن".
(4)
"تلادي" التلاد: قديم الملك بخلاف الطارف. أي هن مما حفظ قديمًا.
(5)
البخاري (8/ 388 رقم 4708)، وانظر أرقام (4739، 4994).
(6)
البخاري (9/ 39 رقم 4995)، وانظر أرقام (3924، 3925، 4941).
(7)
قوله: "هذا" ليس في (أ).
(8)
سورة محمد، آية (15). والآسن: هو المتغير.
(9)
قوله: "ماء" ليس في (ج).
(10)
في (ج): "قال".
(11)
"تراقيهم" التراقي: عظام بين النحر والحلق، أي لا يجاوزها ليصل إلى القلب.
(12)
في (ج): "بسورتين"، وفي الحاشية:"سورتين".
إِثْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَال: قَدْ أَخْبَرَنِي بِهَا (1).
1196 -
(43) وعَنْهُ قَال: غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَوْمًا بَعْدَ مَا صَلَّينَا الْغَدَاةَ، فَسلَّمْنَا بِالْبَابِ فَأَذِنَ لَنَا، قَال: فَمَكَثْنَا بِالْبَابِ هُنَيهَةً، قَال: فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالتْ: أَلا تَدْخُلُونَ! فَدَخَلْنَا، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ يُسَبِّحُ، فَقَال: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا وَقَدْ أُذِنَ لَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لا، إِلَّا أَنَّا ظَنَنَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَيتِ نَائِمٌ. قَال: ظَنَنْتُمْ بِآلِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ غَفلَةً! قَال (2): ثُمَّ أَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ فَقَال: يَا جَارِيَةُ! انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ قَال: فَنَظَرَتْ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَطْلُعْ! فَأَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى إِذَا (3) ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ قَال: يَا جَارِيَةُ انْظرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ فَنظَرَتْ فَإِذَا هِيَ قَدْ طَلَعَتْ، فَقَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقَالنَا يَوْمَنَا هَذَا، قَال مَهْدِيٌّ -هُوَ ابْنُ مَيمُون-: أَحْسِبُهُ قَال: وَلَمْ يُهْلِكْنَا بِذُنُوبِنَا. قَال: فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ الْمُفَصَّلَ كُلَّهُ قَال: فَقَال عَبْدُ اللهِ: هَذَّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لَقَدْ سَمِعْنَا الْقَرَائِنَ، وَإِنِّي لأَحْفَظُ الْقَرَائِنَ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَ عَشْرَةَ (4) مِنَ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَينِ مِنْ آلِ حم (5). وفي طريق آخرى: اثْنَتَين فِي رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ (6) سُورَةً فِي عَشرِ رَكَعَات. وفي أخرى: عِشْرُونَ سُورَةً فِي [عَشرِ رَكَعَاتٍ](7) مِنَ الْمُفَصَّلِ، فِي تَأْلِيفِ عَبْدِ اللهِ.
وفي بعض طرق البُخَارِي: عِشْرُونَ سُورَةً مِن أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ
(1) مسلم (1/ 563 رقم 822)، البخاري (2/ 255 رقم 775)، وانظر (4996، 5043).
(2)
قوله: "قال" ليس في (أ).
(3)
قوله: "إذا" ليس في (أ).
(4)
كذا في (أ) و (ج)، وفي حاشية (ج):"ثمانية عشر".
(5)
انظر الحديث الذي قبله.
(6)
في (ج): "عشرون".
(7)
ما بين المعكوفين ليس في (ج).
ابْنِ مَسْعُودٍ آخِرُهُنَّ (1) من الْحَوَامِيمِ (2) حم الدُّخَانِ، و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} .
وفي طريق آخرى له: ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَينِ مِنْ آلِ حم.
ولم يخرج من هذا الحديث إلَّا قولَه: "إِنِّي لأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ" إِلى "هَذًّا (3) كَهَذِّ الشِّعْرِ" وَكَلامَهُ فِي النَّظَائِرِ.
1197 -
(44) مسلم. عَنْ أَبِي إِسْحَاقٍ قَال: رَأَيتُ رَجُلًا سَأَلَ الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَال: كَيفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الآيةَ: {فَهَلْ (4) مِنْ مُدَّكِرٍ} (5) أَدَالًا أمْ ذَالًا؟ قَال: بَلْ دَالًا، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ({مُدَّكَرٍ}) دَالًا (6).
1198 -
(45) البُخَارِي. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ بالذَّالِ (7) فَقَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (8). خرَّجه في "التفسير"، وقَال في "بدء الخلق": مِثلُ قِرَاءَةِ العَامَّةِ.
1199 -
(46) مسلم. عَنْ عَلْقَمَةَ قَال: قَدِمْنَا الشَّامَ فَأتَانَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَال: أَفِيكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ أنَا، قَال: فَكَيفَ سَمِعْتَ عَبْدَ اللهِ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيةَ {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى} ؟ قَال: سَمِعْنُهُ يَقْرَأُ {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى} ، قَال: وَأَنَا وَاللهِ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في (ج): "وآخرهن".
(2)
في (ج): "الخواتيم".
(3)
قوله: "هذًّا" ليس في (ج).
(4)
في (أ) و (ج): "هل".
(5)
سورة القمر، مذكر: أي متذكّر ومتَّعظ.
(6)
مسلم (1/ 565 رقم 823)، البخاري (6/ 371 رقم 3341)، وانظر أرقام (3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874).
(7)
قوله: "بالذال" ليس في (أ).
(8)
انظر الحديث الذي قبله.
يَقْرَؤُهَا، وَلَكِنْ هَؤُلاءِ يُرِيدُونَ أَنْ أَقْرَأَ:{وَمَا خَلَقَ} (1)! فَلا أُتَابِعُهُمْ (2).
1200 -
(47) وعَنْهُ قَال: لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَال لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَال: مِنْ أيِّهِمْ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَال: هَلْ تَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؟ قَال: قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَاقْرَأْ {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى} قَال: فَقَرَأْتُ {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى} ، قَال: فَضَحِكَ، ثُمَّ قَال: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهَا (3).
1201 -
(48) وعَن إِبْرَاهِيمَ النخَعِي قَال: أَتَى عَلْقَمَةُ الشَّامَ فَدَخَلَ مَسْحِدًا فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى حَلْقَةٍ فَجَلَسَ فِيهَا. قَال: فَجَاء رَجُلٌ فَعَرفْتُ فِيهِ تُحوشَ القَوْمِ (4) وَهَيئَتَهُمْ، قَال: فَجَلَس إِلَى جَنْبِي، ثُمَّ قَال: أَتَحْفَظُ كَمَا كَانَ عَبْدُ اللهِ يَقْرَأُ؟ فَذَكَرَ مِثلَهُ (3). وفي بعض طرق البُخَارِي: عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِي قَال: قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَال: أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ؟ قَال: كُلُّنَا. قَال: فَأيكُمْ أَحْفَظُ؟ وَأَشَارُوا (5) إِلَى عَلْقَمَةَ، قَال: كَيفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ: {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى} ؟ ، وذكر الحديث.
وفي طريق آخرى: فَمَا زَال هَؤُلاءِ حَتَّى كَادُوا يُشَكِّكُونَنِي (6) وَقَدْ سَمِعْتُهَا
(1)"وما خلق" هذا محمول على أن هذا مما نسخت تلاوته، ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء وابن مسعود رضي الله عنهما.
(2)
مسلم (1/ 565 - 566 رقم 824)، البخاري (6/ 337 رقم 3287)، وانظر أرقام (3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278).
(3)
انظر الحديث رقم (46) في هذا الباب.
(4)
"تحوش القوم": أي انقباضهم، ويحتمل أن يريد الفطنة والذكاء، يقال: رجل حوشي الفؤاد أي حديده.
(5)
في (ج): "فأشاروا".
(6)
في (ج): "يشككوني".