المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أحاديث الشفاعة، وذكر يوم القيامة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن بركته وشفاعته لا تنال غير المؤمنين، وقوله عليه السلام للسائل: "إن أبي وأباك في النار - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ١

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌[بَابُ أَيُّ الإِسلام والمُسْلمِين خَير، وَمَا يُوجَدُ بِه حَلاوَةُ الإِيمَانِ، وفِي حُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحُب الحير للمسْلِمينَ، وَفِي إِكرَامِ الجَارِ والضَّيفِ وصِلَةِ الرَّحِمِ، وتَغْيير الْمُنْكَر، ومَا جَاءَ أَن الإِيمَان فِي اليَمَنِ والحِجَازِ]

- ‌[بَابٌ]

- ‌[بَابٌ فِي الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ، والنِّيَاحَةِ، وَفِي العَبْدِ يَأبق مِن سَيِّدهِ، وفِيمَن قَال: مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا، وَفِيمَن أَبْغَضَ الأنْصَارَ وعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي كُفرَانِ العَشِيرِ]

- ‌[بَابٌ فِي فَضلِ السُّجُودِ، وفِي إِثم تَارِكِ الصَّلاةِ، وفِي أَي الأعَمَالِ أَفضل، وأي الذنُوب أَكبَر، وفِي المُوبقَاتِ، وسَبِّ الوَالِدَينِ، وفِي الكِبر، وتَركِ الصَّلاةِ كُفرٌ]

- ‌[بَابٌ فِي ضَرْبِ الخُدُودِ وَشَقِّ الجيُوبِ وَدَعْوى الجَاهِلِيَّةِ ورَفْع الصَّوتِ عِنْدَ المُصِيبَةِ، ومَا جَاءَ فِي النَّمِيمَةِ]

- ‌[بَابُ أَفْعَالٍ لا يُكلِّمُ الله فَاعِلهَا، وفِيمَن قَتَلَ نَفْسَهُ، وفِي الغلُولِ]

- ‌[بَابٌ فِيمَنْ اقْتَطَعَ مَال مُسْلِمٍ بِيَمِينهِ، وفِيمَن قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ، وفِي الأمِير الغَاش لِرَعِيَّتِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي رَفْعِ الأَمَانَةِ، وعَرْضِ الفِتَنِ عَلى القُلُوبِ، وَمَا جَاءَ أَنَّ الإِسْلامَ يَعُودُ كَمَا بَدَأَ، وَفِي رُجُوعِهِ إِلَى المَدِينَةِ، وفِيمَن تُدْركه السَّاعَةُ، وفِي خَوْفِ المِحَنِ والفِتَنِ]

- ‌[بَابُ إِذا لَمْ يَكُنِ الإسْلامُ عَلَى الحَقِيقَةِ وَكان عَلَى الاسْتسْلامِ، واسْتِجْلابِ النَّاسِ لِلإِسْلامِ بِالعَطَاءِ وتَألُّفِهِمْ بِهِ]

- ‌[بَابُ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام وَطُلُوع الشمْسِ مِنْ مغْرِبهَا]

- ‌[بَابُ بدءِ الوَحْي]

- ‌[بَابٌ فِي الإسْرَاءِ، وذِكْرِ مَن لَقِي النبي صلى الله عليه وسلم مِن الأَنبِيَاءِ، ومَا رَأَى مِنْ غَيرِ ذَلِكَ، وذِكْر الدَّجَّال، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله لا يَنَامُ ولا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَام)، وفِي رُؤَيةِ الله تبارك وتعالى]

- ‌باب أحاديث الشفاعة، وذكر يوم القيامة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن بركته وشفاعته لا تنال غير المؤمنين، وقوله عليه السلام للسائل: "إن أبي وأباك في النار

- ‌[بَابُ قَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا وَلِيَّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) وَمَا جَاءَ في مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ]

- ‌بَابُ مَثَل الْمُسْلِمِينَ فِي الكُفَّارِ، وَكَمْ بَعْث الْجَنَّةِ وَبَعْث النَّارِ

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب الوضوء وفضله

- ‌[بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ وصِفَته وَفَضْله، وفِيهِ ذَكْرُ الوتْر في الاستِنْثَارِ والاسْتِنجَاءِ]

- ‌[بَابُ القَوْلِ بَعْدَ الوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ فِي السِّواكِ وفَضْلِه، وفِي أَعْمَالِ الفِطرَةِ والاخْتِتانِ وقَصِّ الشَّارِب وغَيرِ ذَلِكَ]

- ‌بَابُ [الاسْتِنجَاءِ ومَا يَتَعَلَّق بِه مِن النَّهْي عِن اسْتقْبَال القِبْلَة والاسْتنْجَاء باليَمِينِ وغَيرِ ذَلِك]

- ‌[باب لا تُستَقبل القبلة بغائط أو بول]

- ‌[بَابٌ فِي البَوْلِ قَائِمًا وفِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ والعِمَامَةِ فِي الوُضُوءِ وفِي صَلَواتٍ تُصَلَّى بِوُضُوءٍ واحِدٍ]

- ‌[بابٌ فِي المسْتَيقِظ مِنَ النَّومِ لا يَغْمِس يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، وفِي الإِناءِ يَلغُ فِيهِ الكَلْبُ، والفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ]

- ‌[بَابُ النَّهْي عَنِ البَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِم، وَعَنِ اغتِسَالِ الجُنبِ فِيهِ، وفِي حُكْمِ البَوْلِ والْمَنِيِّ والدَّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي النَّومِ مَعَ الحَائِض، ومَا يَحِل مِنْهَا، وفِي الْمَذِيِّ والجُنب يَتَوضأ للنَّوم، وفِي المُجَامِع يُعَاود، وفِي المرأَة تَحْتَلم]

- ‌بَابٌ فِي الاغْتِسَالِ مِن الجَنَابَةِ، وَكَم يَكْفِي المُغْتَسل والمُتَوَضِّئ مِنَ المَاءِ، وَاغْتِسَال الرجُل والمَرأَة مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَفِي الاغْتِسَال مِنَ المَحِيضِ

- ‌بَابٌ فِي التسَتُّرِ للغُسْلِ وَغَيره

- ‌بَاب فِي الرَّجُلِ يُجَامِع فَيُكسِل

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِمَا مَسَّتِ النَّارُ

- ‌بَابُ إِذَا وَجَدَ حَرَكَةً فِي جَوْفِهِ فَلا يَتَوَضأ حَتى يَسْتَيقِنَ

- ‌بَابُ الانْتِفَاعِ بِجُلُودِ المَيتَةِ إِذَا دُبِغَت

- ‌كِتَاب الصلاةِ

- ‌بَابُ الأَذَانِ

- ‌بَابُ رَفْع اليَدَينِ والتكْبِير وقِرَاءَة أمِّ القُرآن ومَا تَيَسَّرَ، وتَعلِيم النبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ والقِرَاءةَ خَلْفَ الإِمَامِ، وتَرك الجهْر بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌بَابُ تَحْسِين الصَّلاة وإِتْمَامِهَا، والنَّهْي عَنْ مُبَادَرَة الإِمَامِ، وعَنْ رَفْعِ البَصَر إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ، والأمْر بالسُّكُونِ فِيهَا، وفِي الإِشَارَةِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ والصُّفُوف، وَفِيمَن رَكَعَ دُون الصَّف، والنَّهْي أَن يَرْفَع النِّسَاءُ قَبْل الرِّجَال، وفِي خُرُوج النِّسَاء إِلَى المسْجِد

- ‌بَابُ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}، وقَولِهِ تَعَالى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}، وقِرَاءةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الجِنِّ

- ‌في مَنْ عَقَصَ رأْسَهُ فِي الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَالِ في السُّجُودِ، وَكَيفَ يَسْجُدُ، وَمَنْ استَوَى قَاعِدًا في وتْرٍ مِن صَلاتِهِ ثُمَّ نَهَضَ

- ‌بَابٌ في سُتْرَةِ المُصَلِّي، ومَا جَاءَ في المُرُورِ بَين يَديه، والاعْتِراض، ومَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِد

- ‌بَابٌ في السَاجدِ

- ‌بَابٌ فِي مِنْبَرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وصَلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ في الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ، ومَسْحِ الْحَصَى، والبُصَاقِ فِي الصَّلاةِ وَفِي الْمَسْجدِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ فِي النِّعَالِ فِي الثَّوْبِ المعَلم وَبحَضْرةِ الطَّعَام والنَّهْي عَن إِتْيَان المَسْجِد لِمَنْ أَكَلَ البَصَلَ أو الثَّومَ والنَّهْي عَن إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّهْو فِي الصلاةِ

- ‌بَابٌ فِي سجُودِ القُرْآنِ

- ‌بَابُ صِفَةِ الجلُوسِ فِي الصَّلاةِ، والتَّسْلِيم والتَّكْبِيرِ بَعْدَ الصّلاة، ومَا يُسْتَعَاذ مِنْه فِيهَا، ومَا يُقالُ بَعْدَهَا

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ بَينَ التكبِير والقِرَاءَةِ وفَضْلِ الذِّكْرِ عِنْدَ دخُولِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ إِتْيَانِ الصلاةِ بِالسَّكِينَةِ وَمَتَى يَقُومُ النَّاسُ إِلَيهَا، وخُرُوجِ الإِمَامِ بَعْدَ الإِقَامَةِ لِعُذْرٍ، وَمَتَى تُقَامُ الصَّلاةُ، وَفِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا

- ‌[بَابُ قَضَاءِ صَلاةِ العَصْرِ بَعْد الغُرُبِ]

- ‌[بَابٌ في المحافَظَةِ عَلَى صَلاةِ الصُّبْحِ والعَصْرِ]

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا

- ‌بَابٌ في صَلاةِ الجَمَاعَةِ

- ‌[بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الحَصِيرِ]

- ‌[بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وانْتِظَار الصَّلاة]

- ‌بَابٌ في القُنُوتِ

- ‌بَابٌ في مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةِ أَوْ نَسِيهَا

- ‌[بَابُ بِدْءِ فَرْضِ الصَّلاة رَكْعَتَين رَكْعَتَين]

- ‌بَابُ الصَّلاةِ في الرِّحَالِ في الْمَطَرِ، وَالتَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ

- ‌بَابُ الجَمْع بَينَ الصَّلاتينِ [فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ]

- ‌باب

- ‌بَابٌ فِيمَنْ صَلَّى ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةَ فِي يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، وَالتنَفُّل قَبْل الصَّلاةِ وَبَعْدَهَا، وصَلاة القَاعِدِ

- ‌بَابُ فِي صَلاةِ اللَّيلِ والوتْرِ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيلِ، أَوْ مَرِضَ، أَوْ سَافَرَ

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ الأَوَّابِينَ [حِينَ تَرْمضُ الفِصَالُ]

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌بَابُ فَضْلِ طُولِ الصَّلاةِ، وَصَلاةِ اللَّيلِ، وقِيام رَمَضَان، وَلَيلَةِ القَدْرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم باللَّيلِ وَدَعَائِهِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ نَامَ اللَّيلَ كُلَّهُ

- ‌صَلاةُ النَّافِلَةِ فِي البُيُوتِ، والمدَاوَمَةُ عَلَي العَمَلِ، ومَا يَفْعَل إِذَا كَسِلَ فِي الصَّلاةِ، أَوْ نَعَسَ فِي الصَّلاةِ

- ‌[بَابُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، وَمَا يَفْعَل إِذَا نَعَسَ فِي الصَّلاةِ]

- ‌[بَابُ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُد]

- ‌بَابُ الجهْرِ فِي صَلاةِ اللَّيلِ

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ القُرْآن، وَتَحْسِينِ الصَّوْت بهِ [والتَّرْجِيعِ]

- ‌بَابُ مِنْ فَضْلِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ

- ‌[بَابٌ في الرّكْتَينِ بَعْدَ العَصْرِ]

- ‌بَابُ بَين كُلِّ أَذَانَينِ صَلاةٌ

- ‌صَلاةُ الخَوْفِ

- ‌كِتَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌[بَابٌ في الْجُمُعَةِ والغُسْلِ لَهَا]

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الحمُعَةِ

- ‌[بَابُ التعْلِيمِ لِلمُعَلِّم في الخطْبَةِ]

- ‌باب في العيدين

- ‌بَابٌ فِي الاسْتِسْقَاءِ

الفصل: ‌باب أحاديث الشفاعة، وذكر يوم القيامة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن بركته وشفاعته لا تنال غير المؤمنين، وقوله عليه السلام للسائل: "إن أبي وأباك في النار

‌باب أحاديث الشفاعة، وذكر يوم القيامة، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن بركته وشفاعته لا تنال غير المؤمنين، وقوله عليه السلام للسائل: "إن أبي وأباك في النار

"

243 -

(1)[البخاري. عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: قَال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيَانًا) (1). ذكره فِي كِتَاب "التوحِيد"، وذَكره مسلم (2) فِي حدِيث الصلاة، ولم يقل: "عيَانًا"](3).

244 -

(2) مسلم. عن أَبي هُرَيرةَ، أنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ الله! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ؟ ) قالُوا: لا يَا رَسُولَ الله. قال: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيسَ دُونَهَا سحَابٌ؟ ) قَالُوا: لا. قال: (فَإنكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يَجْمَعُ الله الناسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعبدُ شَيئًا فَلْيَتبِعْهُ فَيَتبِعُ مَنْ كَانَ يَعبدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتبِعُ مَنْ كَانَ يَعبدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتبِعُ مَنْ كَانَ يَعبدُ الطوَاغِيتَ الطوَاغِيتَ (4)، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأتِيهِمُ الله تبارك وتعالى فِي صُورَةٍ غَيرِ صُورَتهِ (5) التي يَعرِفُونَ، فَيَقُولُ: أنَا ربكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ

(1) البخاري (2/ 33 رقم 554)، وانظر أرقام (573، 4851، 7434، 7435، 7436).

(2)

(1/ 439 رقم 633).

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(4)

"الطواغيت": الطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، وقد فسره السلف ببعض أفراده فقيل: الشيطان، وقيل: الكهان، وقيل: ما عبد من دون الله، أي ورضي بذلك، وقال ابن القيم: هو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.

(5)

"في صورة غير صورته": دلت النصوص بمجموعها على أن جميع القيام من قبورهم يرون ربهم في أول الأمر كلهم وراه، ثم ينادي المنادي فراه المسلمون بمن معهم من المنافقين في =

ص: 141

مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا، حَتى يَأتِيَنَا رُبنَا، فَإِذَا جَاءَ (1) ربنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأتِيهِمُ الله تَعَالى فِي صُورَتهِ التي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا ربُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتبِعُونَهُ، ويضْرَبُ الصِّرَاطُ بَينَ ظَهْرَانَي جَهَنمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ (2) وَلا يَتَكَلّمُ يَوْمَئِذٍ إِلا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ (3)، هَلْ رَأَيتُمُ السَّعْدَانَ؟ ) قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله. قَال: (فَإِنهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيرَ أَنهُ لا يَعْلَمُ مَا (4) قَدْرُ عِظَمِهَا إِلا الله، تَخْطَفُ الناس بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ (5) بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتى يُنَجَّى، حَتى إِذَا فَرَغَ الله مِنَ الْقَضَاءِ بَينَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أرَادَ مِنْ أَهْلِ النار أمَرَ الْمَلائِكَةَ أنْ يُخْرِجُوا مِنَ النارِ مَنْ كَانَ (6) لا يُشْرِكُ بالله شَيئًا مِمَّنْ أرَادَ الله تَعَالى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ: لا إلَهَ إِلا الله، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النار يَعْرِفُونَهُمْ (7) بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأكُلُ النار مِنِ ابْنِ آدم إِلا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ الله عَلَى النار أَنْ تأكُلَ أثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النارِ، وَقَدِ امْتَحَشُوا (8)، فيصَبُّ عَلَيهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنبتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ

= صورة غير الصورة التي يعرفون أي التي رأوه فيها أول مرة امتحانًا لهم، ثم يأتيهم في صورته التي يعرفون وهي التي رأوه فيها أول مرة فيتبعونه، وهذه الرؤية في عرصات القيامة وليست من النعيم أو الثواب. وانظر بسط ذلك في "نقض أساس التقديس" لابن تيمية.

(1)

في (1): "جاءنا".

(2)

"يجيز": أي يمضي عليه.

(3)

"كلاليب مثل شوك السعدان": الكلاليب جمع كلوب وهي حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم ويرسل في التنور، والسعدان نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب.

(4)

قوله: "ما" ليس في (أ).

(5)

"الموبق": أي المهلك.

(6)

قوله: "كان" ليس في (أ).

(7)

قوله: "يعرفونهم" ليس في (أ).

(8)

"امتحشوا": أي احترقوا.

ص: 142

الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ (1)، ثُمَّ يَفْرُغُ الله تَعَالى مِنَ الْقَضَاءِ بَينَ الْعِبَادِ، وَيبقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النارِ، وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنةِ دُخُولًا الْجَنةَ، فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النارِ، فَإِنهُ قَدْ قَشَبَنِي (2) رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا (3)، فَيَدْعُو الله مَا شَاءَ الله (4) أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ الله تبارك وتعالى: هَلْ عَسَيتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ (5) بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيرَهُ؟ فَيَقُولُ: لا أَسْأَلُكَ (6) غَيرَهُ، فيعْطي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثيقَ مَا شَاءَ الله (4)، فَيَصْرِفُ الله وَجْهَهُ عَنِ النار، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ الله أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَي رَبِّ! قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنةِ. فَيَقُولُ الله لَهُ: أَلَيسَ قَدْ أَعْطتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لا تَسْأَلُنِي غَيرَ الذي أَعْطيتُكَ؟ وَيلَكَ يَا ابْنَ آدم مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! يَدْعو الله حَتى يَقُولَ لَهُ: فَهَلْ عَسَيتَ إِنْ أَعْطَيتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيرَهُ؟ فَيَقُولُ: لا وَعِزَّتِكَ. فيعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ الله مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثيقَ، فيقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنةِ، فَإِذَا قامَ عَلَى بَابِ الْجَنةِ انْفَهَقَتْ (7) لَهُ الْجَنةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيرِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ الله أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ (8): أَي رَبِّ! أَدْخِلْنِي الْجَنةَ. فَيَقُولُ الله تبارك وتعالى لَهُ: أَلَيسَ قَدْ أَعْطيتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لا تَسْأَلَ غَيرَ مَا أُعْطِيتَ (9)؟ وَيلَكَ يَا (10) ابْنَ آدمَ

(1)"الحبة في حميل السيل": الحِبَّة هي اسم لبذر العشب، وحميل السيل ما جاء به من طين وغثاء، فإذا كان فيه حبة تنبت في يوم وليلة وهي أسرع نابتة نباتًا.

(2)

"قشبني": قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ بكظمه.

(3)

"ذكاؤها": لهيبها.

(4)

لفظ الجلالة ليس في (ج).

(5)

في (ج): "ذاك".

(6)

في (ج): "لا، لا أسألك".

(7)

"انفهقت": انفتحت وأتسعت.

(8)

في (ج): "فيقول"، وفي الحاشية عن نسخة:"ثم".

(9)

في (أ): "أعطيتك".

(10)

قوله: "يا" ليس في (أ).

ص: 143

مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَي رَبّ! لا أَكُونُ أَشْقَى (1) خَلْقِكَ، فَلا يَزَالُ يَدْعُو الله حَتى يَضْحَكَ الله تبارك وتعالى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ الله مِنْهُ قَال: ادْخُلِ الْجَنةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَال الله لَهُ: تَمَنَّهْ. فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتى إِنَّ الله ليذَكِّرُهُ يقُول (2): مِنْ كَذَا وَكَذَا حَتى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قَال الله عز وجل: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ). قَال عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ (3): وَأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيرَةَ لا يَرُدُّ عَلَيهِ مِنْ حَدِيثهِ شَيئًا، حَتى إذَا حَدَّثَ أبو هُرَيرَةَ؛ أَنَّ الله قَال لِذَلِكَ الرَّجُلِ: وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قَال أَبو سَعِيدٍ: وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ! قَال أَبو هُرَيرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلا قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". قَال أَبو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ". قَال أَبو هُرَيرَةَ: وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ مَن يَدْخل الجنة" (4) (5) خرَّجه البخاري في كتاب "الصلاة" في "فضل السجود" قال فيه: "فَيَقُولُونَ: أنْتَ ربنَا، فَيَدْعُوهُمْ (6) فيضْرَبُ الصّرَاطُ بَينَ ظَهْرَانَي جَهَنمَ فَأكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرسُلِ بِأُمَّتِهِ"، وذَكَر الإتيان (7) في هذا الحديث ثلاث مرات، في المرة الثالثة: "يَقُولُونَ: أَنْتَ رَبنَا"، هكذا في رواية أبي الهيثم (8)، وليس في كل كتاب، ولا قال أَيضًا في هذا

(1) في (ج): "لا أكون من أشقى"، وفي الحاشية عن نسخة:"لا أكونن".

(2)

قوله: "يقول" ليس في (ج).

(3)

"عطاء بن يزيد" هو راوي الحديث عن أبي هريرة.

(4)

في (ج): "وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولًا الجنة".

(5)

مسلم (1/ 163 رقم 182)، البخاري (2/ 292 رقم 806)، وانظر (6573، 7437).

(6)

في حاشية (ج) عن نسخة أخرى: "فيدعهم".

(7)

في (أ): "الإيتان".

(8)

أبو الهيثم "هو محمد بن مكي الكشميهني راوي الصحيح عن الفربري عن البخاري رحمهم الله.

ص: 144

الحديث: "في صورة"، ولا:"في غير صورته"(1)، إنما قال:"فَيَأتِيهِمُ الله فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ" في الموضعين، وقال:"أمر الله تعالى الملائكة أن يُخرجوا من كان يعبد الله عز وجل فيُخرجُونهم"(2)، وقال فيه:"وَيبقَى رَجُلٌ بَينَ الْجَنةِ وَالنارِ، وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الجَنةِ دُخُولًا الْجَنةَ مُقْبِلًا بِوَجْهِهِ عَلَى النارِ"، وفِيه:"فَيَصْرِفُ الله وَجْهَهُ عَنِ النار، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الجنة رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ" الحديث، وفيه تكرار قوله:"لا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ" مرتين: عند سؤاله التقدم إلى باب الجنة، وعند سؤاله دخول الجنة، وقال فيه أَيضًا:"فَمِنهُم مَن يُوبَقُ (3) بِعَمَلِهِ، وَمِنهُم مَن يُخَرْدَلُ (4)، ثُمَّ يَنْجُو". وخرَّجه في غير موضع، وذكر الإتيان (5) فيه مرتين كما تقدم لمسلم، وذكره (6) في كتاب "الرقاق" قال:"فَيَأتِيهُمُ الله فِي غير (7) الصُورِة التي يَعْرِفُون"، [وكذلك قال بعد هذا:"فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون"] (8)، وقد قال في موضع آخر:"في صورته".

245 -

(3) مسلم. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا فِي زَمَنِ (9) رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ. هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظهِيرَةِ صَحْوا لَيسَ مَعَهَا (10) سَحَابٌ؟ وَهَلْ

(1) في (أ): "صورة".

(2)

في (أ): "فيخرجوهم".

(3)

في (ج): "فمنهم الموبق".

(4)

"يخردل": يرمى ويصرع، وقيل: يخردل يقطع، يقال: خردلت اللحم أي فصلت أعضاءه وقطعته.

(5)

في (أ): "الإيتان".

(6)

في (ج): "وذكر".

(7)

قوله: "غير" ليس في (أ).

(8)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

(9)

في (ج): "زمان".

(10)

في (ج): "فيها".

ص: 145

تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ ) قَالُوا: لا يَا رَسُولَ الله. قَال: (مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤيةِ الله تبارك وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذنَ مُؤَذِّن: لِيَتبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعبدُ فَلا يبقَى أَحَدٌ كَانَ يَعبدُ غَيرَ الله سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلا يَتَسَاقَطُونَ فِي النار، حَتى إِذَا لَمْ يبقَ إِلا مَنْ كَانَ يَعبدُ الله مِنْ بَرٍّ وَفَاجرٍ وَغُبَّرِ (1) أَهْلِ الْكِتَابِ فيدْعَى الْيَهُودُ فيقَالُ لَهُمْ: مَا كُنتمْ تَعبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعبدُ عُزَيرَ ابْنَ الله. فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قَالُوا (2): عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا (3) فَاسْقِنَا. فيشَارُ إِلَيهِمْ: أَلا تَرِدُونَ، فَيُحْشرُونَ إِلَى النار كَأَنهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النارِ، ثُمَّ يُدْعَى (4) النصَارَى، فيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعبدُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَعبدُ الْمَسِيحَ ابْنَ الله. فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ مَا اتخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ، فيقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا. قَال: فَيُشَارُ إِلَيهِمْ: أَلا تَرِدُونَ، فيحْشَرُونَ إِلَى جَهَنمَ كَأَنهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النار، حَتى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا مَنْ كَانَ يَعبدُ الله تَعَالى مِنْ بَر وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالمِينَ سبحانه وتعالى في أَدْنَى صُورَةٍ مِنِ التي رَأَوْهُ فِيهَا قَال: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ لِيَتبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعبدُ. قَالُوا: يَا رَبَّنَا! فَارَقْنَا الناس فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنا إِلَيهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ [وَنَحْنُ نَنْتَظرُ رَبَّنَا الْذِي كُنا نَعبد] (5). فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ.

(1) في (أ): "وغُيِّر". وغبر أهل الكتاب: بقاياهم.

(2)

في (ج): "فيقولون".

(3)

في (ج): "يا رب"، وفي الحاشية عن نسخة:"يا ربنا".

(4)

في (أ): "تدعى".

(5)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

ص: 146

فَيَقُولُونَ: نعُوذُ بالله مِنْكَ لا نُشْرِكُ بالله شَيئًا، مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا، حَتى إنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَيَقُولُ: هَلْ بَينَكُمْ وَبَينَهُ آية فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فيكْشَفُ عَنْ سَاقٍ (1) فَلا يبقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ للهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلا أَذِنَ الله لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلا يبقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلا جَعَلَ الله ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ، وقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ التي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ (2): اللهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ). قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! وَمَا الْجِسْرُ؟ قَال: (دَحْضٌ مَزِلّةٌ (3) فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكَة (4) تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيكَة يُقَالُ لهَا: السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَينِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرّيح، وَكَالطيرِ،

(1)"فيكشف عن ساق": يوضح هذه الجملة ما جاء في حديث أبي سعيد الآتي بعد هذا وفيه: "فيكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة" فالمراد بالساق ساق الرحمن عز وجل، وهي من صفات ربنا التي نثبتها له كما يليق بجلاله وعظمته عزَّ ربنا وتقدس. وأما تأويل ذلك بما جاء عن ابن عباس في تفسير {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} بأنه الشدة من الأمر فبيانه ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم من أنه ليس في ظاهر القرآن ما يدل على أن ذلك من صفات الله لأنه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجرَّدًا عن الإضافة مُنَكرًا، وإثبات الساق صفة لله عز وجل كالوجه واليدين ليس مأخوذًا من ظاهر القرآن وإنما أخذ من الأحاديث الثابتة الدالة على ذلك كحديث أبي سعيد المتفق عليه في الشفاعة، وفيه:"فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجدًا" انظر "الفتاوى"(6/ 394)، "الصواعق المرسلة"(1/ 252).

(2)

في (أ): "فيقولون"، والقائل هم الرسل عليهم السلام كما بينته الروايات الأخر.

(3)

"دحض مزلة": الدحض: الزلق، المزلة: الموضع الذي تزل فيه الأقدام.

(4)

"حسكة": شوك صلب من حديد.

ص: 147

وَكَأَجَاويدِ الْخَيلِ، وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوشٌ فِي نَارِ جَهَنمَ (1)، حَتى إذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النارِ. فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً للهِ فِي اسْتِيفَاءِ (2) الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لله يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمِ الذين فِي النارِ، يَقُولُونَ (3): رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا، ويصَلونَ، وَيَحُجُّونَ، فيقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النارِ، فيخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، قَدْ أَخَذَتِ النارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيهِ وَإِلَى رُكْبَتَيهِ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ، فَيَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال دِينَارٍ مِنْ خَيرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا به، ثم يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال نِصْف دِينَارٍ مِنْ خَيرٍ فَأخْرِجُوهُ، فيخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا (4)، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْ خَيرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فيخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: ربنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيرًا -وَكَانَ أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَقُولُ: إنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (5) - فَيَقُولُ الله عز وجل: شَفَعَتِ

(1)"فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكدوش في نار جهنم": معناه أنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أصلًا، وقسم يخدش ثم يرسل فيخلص، وقسم يكردس ويلقى فيسقط في جهنم. ومكدوش رويت بالشين وبالسين، فمعناها بالشين المسوق، وبالسين المدفوع، يقال: تكدس الإنسان إذا دفع من ورائه.

(2)

في (ج): "استبقاء".

(3)

في (ج): "فيقولون".

(4)

قوله: "أحدًا" ليس في (أ).

(5)

سورة النساء، آية (40).

ص: 148

الْمَلائِكَةُ، وَشَفَعَ النبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يبقَ إِلا أَرْحَمُ الرَّاحِمين، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النار، فيخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيرًا قَط، قَدْ عَادُوا حُمَمًا (1)، فيلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي (2) أَفْوَاهِ الْجَنةِ، يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ أَلا تَرَوْنَهَا (3) تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيفِرُ وَأُخَيضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ ) فَقَالُوا (4): يَا رَسُولَ الله! كَأَنكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ؟ قَال: (فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ، يَعْرِفُهُمْ أهْلُ الْجَنةِ: هَؤُلاءِ عُتَقَاءُ الله الذين أَدْخَلَهُمُ الله الْجَنةَ بِغَيرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلا خَيرٍ قَدَّمُوهُ. ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنةَ فَمَا رَأَيتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالمِينَ، فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا! وَأَيُّ شَيءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ فَلا أَسْخَطُ عَلَيكُمْ بَعْدَهُ أبَدًا)(5). وفي لفظ آخر: "هَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَ يَوْمُ صَحْوٍ؟ ". وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " [وَلا خَيرٍ] (6) وَلا قَدَمٍ قَدَّمُوهُ": "فيقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأَيتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". قَال أبو سَعِيدٍ الخُدرِي: بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ (7)، وَاحَدُّ مِنَ السَّيفِ. (8)[خرَّجه البخاري في كتاب "التوحيد" عن أبي سعيدٍ أيضًا](6).

(1)"حممًا": أي فحمًا.

(2)

في (ج): "من".

(3)

في (ج): "أما تروها".

(4)

في (ج): "قالوا".

(5)

مسلم (1/ 167 رقم 183)، البخاري (1/ 72 رقم 22)، وانظر أرقام (4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439).

(6)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(7)

في حاشية (أ) عن نسخة: "الشعر".

(8)

في حاشية (أ): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في السابع والثلاثين والحمد لله".

ص: 149

246 -

(4) البخاري. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله! هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ قَال: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا؟ ) قُلْنَا: لا. قَال: (فَإِنكُمْ لا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتهَا قَال: ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعبدُونَ فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حَتى يَبقَى مَنْ كَانَ يَعمدُ الله مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغبَّرَاتٌ (1) مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنمَ تُعْرَضُ كَأَنّهَا السَّرَاب، فيقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنتمْ تَعبدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنا نَعبدُ عُزَيرَ ابْنَ الله. فُيقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ (2) لله صَاحِبَة وَلا وَلَدٌ. فَمَا تُرِيدُونَ (3)؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فيقَالُ: اشْربوا. فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنمَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلنصَارَى: مَا كُنتمْ تَعبدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنا نَعبدُ الْمَسِيحَ ابْنَ الله. فيقال: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لله صَاحِبَة وَلا وَلَدٌ. فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فَيُقَالُ: اشْربوا. فَيَتَسَاقَطونَ فِي النارِ (4)، حَتى يبقَى مَنْ كَانَ يَعبدُ الله مِنْ بَرٍّ أوْ فَاجِرٍ، فيقَالُ لَهُمْ: مَا يُجْلِسُكُمْ (5) وَقَدْ ذَهَبَ الناس؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنا إِلَيهِ الْيَوْمَ (6)، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعبدُونَ، وَإِنمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا. قَال: فَيَأتِيهِمُ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيرِ صُورَتِهِ التي رَأَوْهُ فِيهَا

(1)"غبرات": بقايا.

(2)

في (أ): "لم تكن".

(3)

في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "ترون".

(4)

قوله: "في النار" ليس في (أ).

(5)

في حاشية (ج) عن نسخة أخرى: "يحبسكم".

(6)

"ونحن أحوج منا إليه اليوم": أي فارقنا الناس في الدنيا وكنا في ذلك الوقت أحوج إليهم منا في هذا اليوم، فكما لم نكن مصاحبين لهم في الدنيا لا نكون مصاحبين لهم في الآخرة.

ص: 150

أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَلا يُكَلِّمُهُ إِلا الأَنْبِيَاءُ، فَيُقَالُ: هَلْ بَينَكُمْ وَبَينَهُ آية تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ. فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيبقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لله رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيمَا يَسْجُدَ (1) فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجِسْرِ فيجْعَلُ بَينَ ظَهْرَي جَهَنمَ) (2). وذكر جواز الناس. قال:(ثُمَّ (3) يَمُرُّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ. وَإِذَا رَأَوْا أَنهُمْ قَدْ نَجَوْا (4) فِي إخْوَانِهِمْ). وذكر باقي الحديث. قال فيه وذكر الشفاعة: (فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النارِ، فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا (5) فَيُلْقَوْنَ (6) فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنةِ، يُقَالُ لَهُ: الْحَيَاةُ فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ

) الحديث. وقال: (دِينَارٌ مِنْ إيمَان. وَنِصْفُ دِينَار مِنْ إيمَان. وذَرَّة مِنْ إيمَان)، خرَّجه في كتاب "التوحيد"، وفي بعض طُرق هذا الحديث:(أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنِ التي رَأَوْة فِيهَا فَيقَال: مَاذَا تَنْتَظرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. قَالُوا: فَارَقْنَا الناس فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنا إِلَيهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، ونَحنُ نَنتَظرُ رَبَّنَا الذي كنا نَعْبُد (7)، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: لا نُشْرِكُ بالله شَيئًا. مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا، ولم يذكر في كتابه قَوْلهم:"نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ". وخرج طرفًا

(1) قوله: "يسجد" ليس في (أ).

(2)

البخاري (1/ 72 رقم 22)، وانظر أرقام (4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439).

(3)

في (ج): "حتى".

(4)

في (ج): "قد نجوا اشفعوا في إخوانهم".

(5)

"امتحشوا" أي احترقوا، والمحش احتراق الجلد وظهور العظم.

(6)

في (أ): "فيلقيهم".

(7)

في (ج): "كنا نعبد. الحديث".

ص: 151

منه في تفسير {ن والقلم} قال فيه: (يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ). (1)

247 -

(5) مسلم. عن أبي هريرة قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجنة أَنْ يَقولَ لَهُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنى ويَتَمَنى، فَيَقُولُ لَهُ: هَل تَمَنيتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَا تَمَنيتَ وَمِثلَهُ مَعَهُ)(2). لم يخرج البخاري هذا اللفظ.

248 -

(6) مسلم. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: (يُدْخِلُ الله أَهْلَ الجنة الْجَنةَ، يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ، ويدْخِلُ أَهْلَ النارِ النارَ، ثُمَّ يَقُولُ: انْظُروا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيَمانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فيخْرَجُونَ مِنْهَا حُمَمًا، قَدِ امْتَحَشُوا، فيلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ أَو الْحَيَا، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ إِلَى جَانِبِ السَّيلِ أَلَمْ تَرَوْهَا كَيفَ تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلتويَةً؟ )(3). وفي رواية: "فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ [يُقَال لَهُ: الْحَيَاةُ"، وَقَال:"كَمَا تَنْبُتُ الْغُثَاءَةُ (4) فِي جَانِبِ السَّيلِ"، (5). وَقَال البخاري: (يَدْخُلُ أَهْلُ الجنة الْجَنةَ، وَأَهْلُ النار النارَ، ثُمَّ يَقُولُ الله عز وجل: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حبَةٍ

) الحديث، وقَال أَيضًا:"فَيُخْرَجُونَ مِنهَا قَدِ اسْوَدُّوا". وفي رواية: "خَرْدَلٍ مِنْ خَيرٍ". وهَذِه الرِّوَاية غَير مُتصِلَة (6). [ترجم عليه: باب

(1) في حاشية (أ): "بلغت مقابلة بالأصل ولله الحمد".

(2)

مسلم (1/ 167 رقم 182).

(3)

مسلم (1/ 172 رقم 184)، البخاري (1/ 72 رقم 22)، وانظر أرقام (4518، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439).

(4)

"الغثاءة": هي كل ما جاء به السيل، وقيل: المراد ما احتمل السيل من البذور.

(5)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

(6)

علقها البخاري بقوله -في نهاية الرواية رقم (22) -: قال وهيب: حدثنا عمرو ....

ص: 152

"تفاضل الإيمان في الأعمال"] (1).

249 -

(7) مسلم. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا أَهْلُ النارِ الذين هُمْ أَهْلُهَا فَإِنهُمْ لا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النار بِذُنُوبِهِمْ -أَوْ قَال بِخَطَايَاهُمْ- فَأَمَاتَهُمْ الله إِمَاتَةً، حَتى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ (2) فَبُثُوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنةِ، ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنةِ! أَفِيضُوا عَلَيهِمْ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ). فَقَال رَجُل مِنَ الْقَوْمِ: كَأَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ. (3) لم يخرج البخاري هذا الحديث بهذا اللفظ، ولم يذكر في شيء من طرقه:"أَمَّا أَهْلُ النارِ" إلى قوله: "وَلا يَحْيَوْنَ"، ولا قال:"فَأَمَاتَهُمْ الله إِمَاتَةً". ولا قال: "فَجِيءَ بِهِمْ" إلى: "أَفِيضُوا عَلَيهِمْ". وسائر الحديث خرجه بمعناه. (4)

250 -

(8) مسلم. عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِني لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنةِ دُخُولا الْجَنةَ: رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النارِ حَبْوًا، فَيَقُولُ الله تبارك وتعالى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنةَ، فَيَأتيهَا، فيخيَّلُ إِلَيهِ أَنهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ الله تبارك وتعالى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنةَ. [قَال: فَيَأتِيهَا، فَيُخيّلُ إِلَيهِ أَنهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ، فَيَقُول: يَا رَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأَى، فَيَقُولُ الله لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنةَ] (5) فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا -أَوْ إِنَّ (6) لَكَ

(1) ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(2)

"ضبائر ضبائر": أي جماعات في تفرقة.

(3)

مسلم (1/ 172 رقم 185).

(4)

انظر الحديث الذي قبله.

(5)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(6)

في (ج): "وإن".

ص: 153

عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدُّنْيَا- قَال: فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي أَوْ تَضْحَكُ بي، وَأَنْتَ الْمَلِكُ! ) قَال: لَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ (1). قَال: (فَكَانَ (2) يُقَالُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنةِ مَنْزِلَةً) (3). وفي لفظ آخر: قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النارِ خُرُوجًا مِنَ النار: رَجُل يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفًا. فيقَالُ لَهُ: انْطَلِقْ فَادْخُلِ (4) الْجَنَّةَ. قَال: فَيَذْهَبُ فَيَدْخُلُ الْجَنةَ، فَيَجِدُ الناسَ قَدْ أَخَذُوا الْمَنَازِلَ فيقَالُ لَهُ: أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ الذي كُنْتَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى، فيقَالُ لَهُ: لَكَ الذي تَمَنيتَ وَعَشَرَةَ أَضْعَافِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ! ). قَال: فَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. لم يخرج البخاري قوله: "أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ" إلى قوله "لَكَ الذي تَمَنيتَ"، وقال في الحديث الأول:(فيَقُول لَهُ ثَلاث مَرات، كُل ذَلِك يُعيد عَليه الجَنة مَلأَى. فَيَقُول: إنَّ لَك مثل الدُّنيَا عَشرَ مِرَارٍ). (5)

251 -

(9) مسلم. عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيضًا، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:(آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنةَ: رَجُلٌ فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ (6) النار مَرَّةً، فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا التفَتَ إِلَيهَا، فَقَال: تَبَارَكَ الذي نَجَّانِي مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِي الله شَيئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَة، فَيَقُولُ: يَارَبِّ! أَدْنى في مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. فَيَقُولُ الله عَزَّ

(1)"نواجذه": النواجذ الأضراس، والمراد بها هنا الأسنان التي تبدو عند الضحك.

(2)

في (أ): "وكان".

(3)

مسلم (1/ 173 رقم 186)، البخاري (11/ 418 رقم 6571)، وانظر رقم (7511).

(4)

في (أ): "ادخل".

(5)

في حاشية (أ): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الثامن والثلاثين والحمد لله".

(6)

"تسفعه": تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرًا.

ص: 154

وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ! لَعَلِّي إِنَّ أَعْطتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيرَهَا. فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ! ويعَاهِدُهُ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى، فَيَقُولُ: يَا (1) رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا. فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيرَهَا، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيرَهَا، فيعَاهِدُهُ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهِ، فيدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَة عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَتَينِ، فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ لأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيرَهَا. قَال: بَلَى يَا رَبّ هَذِهِ لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهَا، فيدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَا يَصْرِينِي (2) مِنْكَ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَال: يَا رَبِّ! أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ! ) فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَال: أَلا تَسْأَلُونِي مِمَ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَال: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: (مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالمِينَ حِينَ قَال: أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ! فَيَقُولُ: إِنِّي لا أَسْتَهْزِىُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي (3) عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ) (4).

(1) في حاشية (ج) عن نسخة أخرى: "أي".

(2)

"ما يصريني": ما يقطع مسألتك مني.

(3)

في (ج): "ولكنني".

(4)

مسلم (1/ 174 رقم 187).

ص: 155

لم يخرج البخاري هذا الحديث: حديث ابن مسعود، خرَّج (1) نحو هذه القصة من حديث أبي هريرة، كما خرجه مسلم من حديثه، وقد تقدم ولم يذكر الشجرة.

252 -

(10) مسلم. عَنْ أَبِي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً: رَجُلٌ صَرَفَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ، وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ فَقَال: أَي رَبِّ! قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ:"فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَا يَصْرِينِي مِنْكَ" إِلَى آخِرِ الْحَدِيِثِ، وَزَادَ فِيهِ:(وَيُذَكِّرُهُ اللهُ: سَلْ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قَال اللهُ: هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَال: ثُمَّ يَدْخُلُ بَيتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيهِ زَوْجَتَاهُ (2) مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَتَقُولانِ لَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ. فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ) (3).

لم يخرج البخاري هذا الحديث بكماله، أخرج منه نحو قصة الرجل من حديث أبي هريرة، كما تقدم لمسلم، وذكر قول الله عز وجل للرجل:"هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ"، ذكره من حديث أبي سعيد. (4)

253 -

(11) مسلم. عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: (سَأَلَ مُوسَى عليه السلام رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَال: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! كَيفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ

(1) في (ج): "وخرَّج".

(2)

في أصل (أ): "زوجات" وكتب في الحاشية: "زوجتاه"، وكتب فوقها:"أصل".

(3)

مسلم (1/ 175 رقم 188).

(4)

انظر تخريج الحديث رقم (2) من هذا الباب.

ص: 156

مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ (1) لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ. فَقَال في الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَينُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ. قَال: رَبِّ فَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَال: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ (2) غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيهَا، فَلَمْ تَرَ عَينٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرٍ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. قَال: وَمِصْدَاقُهُ مِنْ (3) كِتَابِ اللهِ عز وجل ({فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ})(4) الآيَةَ (5). وفي رواية: "إِنَّ مُوسَى عليه السلام سَأَلَ اللهَ عز وجل عَنْ أَخَسِّ (6) أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْهَا حَظًّا؟ ". لم يخرج البخاري حديث المغيرة هذا.

254 -

(12) مسم. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النارِ خُرُوجًا مِنْهَا: رَجُل يُؤتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا فَيُعْرَضُ عَلَيهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ. لا يَسْتَطيعُ أَنْ يُنْكِرَ، وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ (7) لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ قَد عَمِلْتُ أشْيَاءَ لا أَرَاهَا هَا هُنَا). فَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ

(1) في (ح): "فيقول".

(2)

"أردت": اخترت واصطفيت.

(3)

في حاشية (ج) كتب فوقها: "في".

(4)

سورة السجدة، آية (17).

(5)

مسلم (1/ 176 رقم 189).

(6)

في (ح): "أحسن".

(7)

في (ح): "إن".

ص: 157

حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. (1) لم يخرج البخاري هذا الحديث. (2)

255 -

(13) مسلم. عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وسُئلُ عَنِ الْوُرُودِ فَقَال: (نَجِيءُ نَحْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) عَنْ كَذَا وَكَذَا انْظُرْ أَي ذَلِكَ (4) فَوْقَ النَّاسِ. قَال: فَتُدْعَى الأُمَمُ بِأَوْثَانِهَا وَمَا كَانَتْ تَعَبُدُ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، ثُمَّ يَأْتِينَا رَبُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: مَنْ تَنْظُرُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَنْظُرُ رَبَّنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُرَ إلَيكَ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ قَال: فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ، وَيَتَّبِعُونَهُ، وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مُنَافِقٍ أَوْ مُومِنٍ (5) نُورًا، ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ، وَعَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَلالِيبُ وَحَسَكٌ تَأْخُذُ مَنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ، فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لا يُحَاسَبُونَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوإ نَجْمٍ في السَّمَاءِ، ثُمَّ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَشْفَعُونَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لا إِلَهَ إلا اللهُ وَكَانَ في قَلْبِهِ مِنَ الْخَيرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، فيجْعَلُونَ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ، وَيَجْعَلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَرُشُّونَ عَلَيهِمُ

(1) مسلم (1/ 177 رقم 190).

(2)

في حاشية (1): "بلغت في التاسع والثلاثين على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه قراءة والحمد لله".

(3)

"نجئ نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق الناس" قال القاضي عياض: هذه صورة الحديث في جميع النسخ وفيه تغيير كثير وتصحيف. قال: وصوابه: "نجيء يوم القيامة على كوم"، كذا رواه بعض أهل الحديث وأنه أظلم هذا الحرف على الراوي أو أمحي فعبر عنه بكذا وكذا وفسره بقوله: أي فوق الناس وكتب عليه انظر تنبيهًا فجمع النقلة الكل ونسقوه على أنَّه من متن الحديث. وسيشير المؤلف إلى ذلك.

(4)

في (أ): "عن كذا وكذا أي انظر ذلك".

(5)

في (ج): "مؤمنًا".

ص: 158

الْمَاءَ حَتَّى يَنْبُتُوا نَبَاتَ الشَّيءِ (1) في السَّيلِ، وَيَذْهَبُ حُرَافُهُ (2)، ثُمَّ يَسْأَلُ حَتَّى يجْعَلَ الله لَهُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا مَعَهَا) (3) الحديث معروف، وهو:"نَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى تَلٍّ مُشْرِفِينَ عَلَى الخَلائِقِ". وهذا الَّذي وقع في كتاب مسلم تخليط من أحد الناسخين له (4) أو كيف كان، والله أعلم، ولم يخرج البخاري هذا الحديث، ولكن قد ذكر السبعين ألفًا على ما يأتي إن شاء الله.

256 -

(14) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (إنَّ الله يُخْرِجُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ (5) النَّارِ فيُدْخِلُهُم الجَنَّة) (6).

257 -

(15) وعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ قَال: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ؟ ). قَال: نَعَمْ. (7) زاد البخاري: "كَأَنَّهُمْ الثغَارِير (8) "الثغارير: [الطراثيث وهو صغار القثا](9) أجمع واحدها ثغرور] (10).

258 -

(16) مسلم. عَن جَابِرٍ أَيضًا قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ قَوْمًا

(1) في (أ): "الدمن"، وفي أصل (ج) أيضًا:"الدمن"، وأشار في حاشيتها إلى أن الصواب هو ما ذكرنا فكتب:"الشيء" وفوقها: "صح".

(2)

"حراقه": أي أثر النار، والضمير في حراقه يعود على المخرج من النار، وعليه يعود الضمير في قوله: ثم يسأل.

(3)

مسلم (1/ 177 رقم 191).

(4)

قوله: "له" ليس في (أ).

(5)

قوله: "أهل" ليس في (أ).

(6)

مسلم (1/ 178 رقم 191).

(7)

مسلم (1/ 178 رقم 191)، البخاري (11/ 416 رقم 6558).

(8)

"الثغارير": نبات يخرج في الرمل بطول شبر ودقة الأصابع ولا ورق له، والمقصود بالوصف البياض والدقة، وهذا بعد أن ينبتوا أما في أول خروجهم من النار فإنهم يكونون كالفحم.

(9)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(10)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

ص: 159

يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إِلا دَارَاتِ (1) وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) (2). لم يخرج البخاري هذا اللفظ من حديث جابر، خرج معناه من حديث أبي هريرة. (3)

259 -

(17) ذكر البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصينٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُسَمَّوْنَ (4) الْجَهَنَّمِيِّينَ) (5)(6). لم يخرج مسلم عن عمران في الشفاعة شَيئًا.

260 -

(18) وللبخاري عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:(يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ (7) فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فيسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ) (8). وفي لفظ آخر: (لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ (9) بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، فَيُقَالُ لَهُم الْجَهَنَّمِيُّونَ). لم يخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث.

261 -

(19) ولبخاري عَنْ أَنَسٍ أَيضًا قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ. فَيَدْخُلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ: أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ أَدْنَى شَيءٍ).

(1) في (أ): "إلا دارت". ودارات الوجوه: هي ما يحيط بالوجه من جميع جوانبه.

(2)

مسلم (1/ 178 رقم 191)،

(3)

قد تقدم برقم (2) في هذا الباب.

(4)

في (ج): "فيسمون".

(5)

في (ج): "الجهنميون".

(6)

البخاري (11/ 418 رقم 6566).

(7)

"سفع": أي سواد فيه زرقة أو صفرة، يقال: سفعته النار إذا لفحئه فغيرت لون بشرته.

(8)

البخاري (11/ 416 رقم 6559)، وانظر رقم (7450).

(9)

في (أ): "من النار سفع".

ص: 160

قَال أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِع (1) رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2). خرجه في كتاب "التوحيد" ولم يخرجه مسلم بن الحجاج.

262 -

(20) وقال مسلم، عَن يَزِيدَ الْفَقِيرِ قَال: كُنْتُ قَدْ شَغَفَنِي رَأْيٌ مِنْ رَأْيِ الْخَوَارِج فَخَرَجْنَا في عِصَابَةٍ ذَوي عَدَدٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ، ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ (3). قَال: فَمَرَرْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فإذا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَالِسًا إلَى سَارِيَةٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: فَإِذَا هُوَ قَدْ ذَكَرَ الْجَهَنَّمِيِّينَ. قَال: فَقُلْتُ لَهُ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ! مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُونَ وَاللهُ يَقُولُ: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيتَهُ} (4) وَ {كُلَّمَا أَرَادُوْا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا اُعِيدُوا فِيهَا} (5) فَمَا هَذَا الَّذِي تَقُولُونَ؟ قَال: فَقَال: أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَهَلْ سَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي الَّذِي يَبْعَثُهُ اللهُ فِيهِ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَإِنهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الْمَحْمُودُ الَّذِي يُخْرِجُ اللهُ بِهِ مَنْ يُخْرِجُ. قَال: ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَرَّ النَّاسِ عَلَيهِ. قَال: وَأَخَافُ أَنْ لا أَكُونَ أَحْفَظُ ذَلكَ. قَال: غَيرَ أَنَّهُ قَدْ زَعَمَ أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا. قَال: يَعْنِي فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ (6)، فَيَدْخُلُونَ نَهَرًا مِنْ

(1)"كأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم": يعني قوله: "أدنى شيء"، وكأنه يضم أصابعه ويشير بها.

(2)

البخاري (1/ 103 رقم 44)، وانظر أرقام (4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516).

(3)

"ثم نخرج على الناس": أي مظهرين مذهب الخارجين بالدعوة إليه وقتال الناس عليه.

(4)

سورة آل عمران، آية (192).

(5)

سورة السجدة، آية (20).

(6)

"عيدان السماسم": ما ينبت فيه السمسم فإنه إذا جمع ورميت العيدان تصير سودًا دقاقًا كأنها محترقة.

ص: 161

أَنْهَارِ الْجَنةِ، فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنهُمُ الْقَرَاطِيسُ (1). فَرَجَعْنَا قُلْنَا: وَيحَكُمْ أَتُرَوْنَ الشَّيخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَرَجَعْنَا فَلا وَاللهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، أَوْ كَمَا قَال أبو نُعَيمٍ. (2) لم يخرج البخاري هذا الحديث، وأبو نعيم أحد رواة هذا الحديث.

263 -

(21) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ انَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَرْبَعَةٌ فيعْرَضُونَ عَلَى اللهِ تبارك وتعالى، فَيَلْتَفِتُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: أي رَبِّ! إِذْ اخْرَجْتَنِي مِنْهَا فَلا تُعِدْنِي فِيهَا فَيُنْجِيهِ اللهُ مِنْهَا) (3). لم يخرج البخاري هذا الحديث. (4)

264 -

(22) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ)، وفي رواية أخرى (5):(فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ (6)، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. قَال: فَيَأتُونَ آدَمَ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْخَلْقِ خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيِحَنَا مِنْ مَكَانِنَا

(1)"كأنهم القراطيس": شبههم بالقراطيس لشدة بياضهم بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليهم من السواد.

(2)

مسلم (1/ 179 رقم 191).

(3)

مسلم (1/ 180 رقم 192).

(4)

في حاشية (1): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في المجلس الأربعين ولله الحمد".

(5)

قوله: "أخرى" ليس في (أ).

(6)

"فيهتمون لذلك، وفي رواية أخرى: فيلهمون لذلك" معنى اللفظة الأولى: أنهم يعتنون بسؤال الشفاعة، ومعنى الثانية: أن الله يلهمهم سؤال ذلك.

ص: 162

هَذَا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ (1). فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ (2) الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ عز وجل، قَال: فَيَأْتُونَ نُوحًا صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عليه السلام الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ قَال: فَيَأْتُونَ مُوسَى عليه السلام فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عليه السلام رُوحَ اللهِ وَكَلِمَتَهُ. فَيَأتونَ عِيسىَ رُوحَ اللْهِ وَكلِمَتَهُ، فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَبْدًا قَد غَفَرَ الله لَهُ (3) مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ -قَال (4): قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَيَأْتونِي (5) -، فَأَسْتَأذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُني ما شَاءَ اللهُ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ (6)، سَلْ تُغطَة، اشْفَعْ تُشَفعْ، فَارْفَعُ رَأسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، [ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأسَكَ يَا مُحَمَّدُ! فل تُسْمَعْ (6)، وَسَل تُعْطَة، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا،

(1)"لست هناكم" معناه: أهلًا لذلك.

(2)

في (أ): "فيذكر الخطيئة".

(3)

في (ج): " عَبْدًا غُفِرَ له".

(4)

قوله: "قال" ليس في (ج).

(5)

في (ج): "فيأتونني".

(6)

في (ح): "يُسْمَعْ".

ص: 163

فَأُخْرِجَهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ)] (1). قال: فَلا أَدْرِي في الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قال: (فَأَفُولُ: يَا رَبِّ! مَا بَقِيَ في النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ)(2)[وفِي رِوايةٍ: "ثم أتيته الرابعة، أو أعُود الرابعة". وفي أخرى: قال قتادة: أَي وَجَبَ عَلَيهِ الْخُلُودُ](3). خرجه البخاري في "تفسير سورة البقرة" قال فيه: (فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ). وَقَال في قصةِ نُوحٍ: (فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ سُؤَالهُ رَبَّهُ مَا لَيسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، فَيَسْتَحِي). وقَال عن مُوسَى: (وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي مِنْ رَبِّهِ). وَقَال في آخره: (ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ: مَا بَقِيَ في النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيهِ الْخُلُودُ). قَال: يَعْنِي قَوْلَ اللهِ: {خَالِدِينَ فِيهَا} . وخرجه في (4) كتاب "التوحيد" قال في قصة (5) إبراهيم: "وَيَذْكُر لَهُمْ (6) خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَهَا"، وقال في موسى:"وَكَلَّمَهُ الله تَكْلِيمًا"، وذكر الشفاعة ثلاث مرات، في كل مرة، يقول:"فَإِذَا رَأَيت رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا"، وقال في الرابعة:(ثُمَّ أَرْجِعُ (7) فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! مَا بَقِيَ في النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيهِ الْخُلُودُ). خرج مسلم قول إبراهيم وموسى صلى الله عليهما وسلم في ذنبهما من حديث أبي هريرة. وقال في قصة نوح كلامًا آخر سيأتي بعد إن شاء الله.

(1) ما بين المعكوفين تكرر في (ج) مرتين.

(2)

مسلم (1/ 180 - 181 رقم 193)، وتخريج البخاري تقدم في الحديث رقم (19).

(3)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

(4)

في (ج): "من".

(5)

قوله: "قصة" ليس في (ج).

(6)

في (ج): "له".

(7)

في (ح): "فأرجع".

ص: 164

وذكر البخاري هذا الحديث في كتاب "التوحيد" من حديث أنس أَيضًا، ولم يصل به (1) سنده (2)، وزاد في قصة أدم:"وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ (3) " قَال: "وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَدْ (4) نُهِيَ عَنْهَا" وقَال في قصةِ إِبْرَاهِيمَ: "وَيَذْكُرُ ثَلاثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا أتَاهُ اللهُ التوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرّبَهُ نَجِيًّا"وقَال عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأذِنُ عَلَى رَبِّي في دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيهِ " هكذا قال: "فِي دَارِهِ" في المواضع الثلاثة. وقال في آخره: "حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَي وَجَبَ عَلَيهِ الْخُلُودُ"، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيةَ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (5) قَال: وَهَذَا (6) الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم. وذكر الشفاعة ثلاث مرات، وفي بعض ألفاظه:"فَيَأْتُون آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ الله بِيَدِه" الحديث، ولم يقل:"فَيَأْتَمُّونَ لِذَلِك" ولا: "فَيُلْهَمُونَ"، قَال:"يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (7) حَتَّى يَهْتَمُّوا (8) بِذَلِكَ".

265 -

(23) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَكَانَ في قَلْبِهِ مِنَ الْخَيرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لا إِلَىَ إِلا اللهُ وَكَانَ في قَلْبِهِ مِنَ الْخَيرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَكَانَ في قَلْبِهِ مِنَ الْخَيرِ مَا يَزِنُ

(1) قوله: "به" ليس في (ج).

(2)

هي الرواية رقم (7440).

(3)

في (ج): "الجنّة".

(4)

في (ج): "قد" بدون واو.

(5)

سورة الإسراء، آية (79).

(6)

في (ج): "وهو".

(7)

قوله: "يوم القيامة" ليس في (ج).

(8)

في (أ): "يُهمُّوا".

ص: 165

ذَرَّةً) (1). زاد البخاري بعد ذكر هذا الحديث: قَال أَبَان: حَدَّثَنَا قَتَادَة، قال: ثَنَا أَنَس (2)، عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"مِنْ إيمَانٍ" مكان "خَير" وترجم عليه باب "زيادة الإيمان ونُقصانه، وقول الله عز وجل {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (3) [وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمانًا} (4)، وقال: {اليوم أكملت لكم دينكم} (5) فإذا ترك شَيئًا من الكمال فهو ناقص". (6)

266 -

(24) مسلم. عَنْ مَعْبَدِ بْنِ هِلالٍ قَال: انْطَلَقْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَتَشَفَّعْنَا بِثَابِتٍ، فَانْتَهَينَا إِلَيهِ وَهُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَ لَنَا ثَابِتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيهِ وَأَجْلَسَ ثَابِتًا مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَال لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! إِنَّ إِخْوَانَكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَسْأَلُونَكَ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ. قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَال: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ لَهُ (7): اشْفَعْ لِذُرِّيَتِكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَإِنَّهُ خَلِيلُ اللهِ، فَيَأتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِمُوسَى، فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللهِ، فَيُؤْتَى مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِعِيسَى، فَإِنَّهُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ، فيؤتَى عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَأُوتَى فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَنْطَلِقُ (8)، فَأَسْتَأذِنُ عَلَى

(1) مسلم (1/ 182 رقم 192). وتخريج البخاري تقدم في رقم (19) من هذا الباب.

(2)

في (أ): "نا قنادة نا أنس".

(3)

سورة الكهف، آية (13).

(4)

سورة المدثر، آية (31).

(5)

سورة المائدة، آية (3).

(6)

في حاشية (أ): "بلغت المقابلة بالأصل والحمد لله" وأيضًا: "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الحادي والأربعين والحمد لله".

(7)

قوله: "له" ليس في (ج).

(8)

في (ج): "أنطلق".

ص: 166

رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَأَقُومُ بَينَ يَدَيهِ، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لا أَقْدِرُ عَلَيهِ الآنَ إِلا أَنْ (1) يُلْهِمَنِيهِ اللهُ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَاسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفعْ، فَأَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ بُرَّةٍ أَوْ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأُسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ (2) لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ في قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ). قَال معْبَدُ بْنُ هِلالٍ: هَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي أَنْبَأَنَا بِهِ فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرِ الْجَبَّانِ (3) قُلْنَا: لَوْ مِلْنَا إِلَى الْحَسَنِ فَسَلَّمْنَا عَلَيهِ وَهُوَ مُسْتَخْفٍ (4) في دَارِ أَبِي خَلِيفَةَ قَال: فَدَخَلْنَا عَلَيهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيهِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ! جِئْنَا مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَبِي حَمْزَةَ فَلَمْ نَسْمَعْ مِثْلَ حَدِيثٍ حَدَّثَنَاهُ في الشَّفَاعَةِ قَال: هِيهِ فَحَدَّثْنَاهُ الْحَدِيثَ، فَقَال: هِيهِ قُلنَا: مَا زَادَنَا قَال: قَدْ حَدَّثَنَا بِهِ

(1) قوله: "إلا أن" ليس في (ج). وكتب في حاشية (أ): "عليها الآن يلهمنيها الله"، عن نسخة أخرى.

(2)

في (أ): "تسمع".

(3)

"الجبان" أي الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء.

(4)

"مستخف" يعني متغيبًا خوفا من الحجاج بن يوسف.

ص: 167

مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ يَوْمَئِذٍ جَمِيعٌ (1)، وَلَقَدْ تَرَكَ شَيئًا مَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيخُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا. قُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا فَضَحِكَ. وَقَال: {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} (2) مَا ذَكَرْتُ لَكُمْ هَذَا إِلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ: (ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي في الرَّابِعَةِ، فَأَحْمَدُهُ بتلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَاسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ (3)، وَاشْفَعْ تُشَفعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ. قَال: لَيسَ ذَلِكَ لَكَ أَوْ قَال: لَيسَ ذَاكَ إِلَبْكَ، وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي وَجِبْرِيَائِي (4) لأُخْرِجَنَّ مَنْ قَال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ). قَال: فَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ، أَنَّهُ حَدَّثَنَا بِهِ أَنهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أُرَاهُ قَال: قَبْلَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ يَوْمِئِذٍ جَمِيعٌ (5) خرجه البخاري في كتاب "التوحيد" قال في الأولى: (مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ)، وقال في الثانية:(مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ)(6) وقال في الثالثة: (فَيَقُول: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ مِنْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، مِنَ النَّارِ، مِنَ النَّارِ، مِنَ النَّارِ (7)، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ)، ولم يقل فيه:"لَيسَ ذَلِكَ لَك، أو لَيسَ ذَاكَ إلَيكَ"(8). قال: (وَعِزَّتِي

(1)"جميع": أي مجتمع القوة والحفظ.

(2)

سورة الأنبياء، آية (37).

(3)

في (ج): "تعطه".

(4)

"وجبريائي" أي عظمتي وسلطاني أو قهري.

(5)

مسلم (1/ 182 رقم 193)، وتخريج البخاري تقدم في رقم (19).

(6)

في (ج): "مثقال ذرة من إِيمَانٍ وخردلة".

(7)

"من النار من النار من النار من النار "كذا هو هنا بتكرير "من النار" أربعًا. ولعلها إحدى روايات الصحيح. وفي رواية أبي ذر التكرار ثلاثًا، وفي بعضها بدون تَكرار. وهذا التَّكرار كتكرار قوله:"أدنى أدنى أدنى" ليبلغ أقصى المبالغة.

(8)

في (ج): "ليس ذاك إليك أو ليس ذلك لك".

ص: 168

وَجَلالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي (1) لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَال: لا إلَهَ إِلا اللهُ). وقال: (فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فيؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ)(2).

267 -

(25) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ (3) مِنْهَا نَهْسَةً، فَقَال:(أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَلكَ (4)؟ يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ الناسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطيقُونَ، وَمَا لا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ، فَيَأْتونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ! أَنْتَ أبو الْبَشَرِ (5) خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؛ أَلا تَرَى [إِلَى] (6) مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبوا إِلَى غَيرِي، اذْهبوا إِلَى نُوحِ، فَيَأْتَونَ نُوحًا عليه السلام، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسئلِ إِلَى [أهل](6) الأَرْض، وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا

(1) في (أ): "وعظمتي وكبريائي".

(2)

في حاشية (أ): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الثاني والأربعين".

(3)

"فنهس": أي أخذ بطرف أسنانه.

(4)

في (ج): "لِمَ ذاك"، وكتب فوق "لم":"بم" عن نسخة أخرى.

(5)

في (ج): "أنت أبونا"، وكتب في حاشية (أ) كذلك:"أنت أبونا" عن نسخة أخرى.

(6)

ما بين المعكوفين ليس في (ج).

ص: 169

شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ (1)، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم. فَيَأتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبّكَ أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبوا إِلَى غَيرِي، اذْهبوا إلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم. فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى! أَنْتَ رَسُولُ اللهِ فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالاتِهِ (2) وَبِتَكْلِيمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَى عليه السلام: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبوا إِلَى عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى! أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَكَلْمْتَ النَّاسَ في الْمَهْدِ، وَكَلِمَةٌ مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِ: إِنَّ رَبِّي قَدْ (3) غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبوا إِلَى غَيرِي، اذْهبوا إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَيَأْتُونِي (4) فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ! أَنْتَ رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ

(1) في (أ): "مثله بعده".

(2)

في (أ): "برسالته".

(3)

قوله: "قد" ليس في (أ).

(4)

في (ج): "فيأتونني".

ص: 170

وَمَا تَأخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْدشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيهِ شَيئًا لَمْ يَفْتَحْهُ (1) لأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ قَال: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَاسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! أَدْخلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيهِ مِنَ بَابِ الأَيمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَينَ الْمِصْرَاعَينِ (2) مِنْ مَصَارِيع الْجَنَّةِ لَكَمَا بَينَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ (3)، أوْ كَمَا بَينَ مَكَّةَ وَبُصْرَى (4) (5). وفي رواية: فَقَال: (أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى فَقَال: (أنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَهُ لا يَسْأَلُونَهُ قَال:(أَلا تَقُولُونَ كَيفَهْ (6)؟ ) قَالُوا: كَيفَهْ (7) يَا رَسُولَ اللهِ! ؟ قَال: {يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالمِينَ} ، وَزَادَ في قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَال: وَذَكَرَ قَوْلَهُ في الْكَوْكَبِ: {هَذَا رَبّي} (8) وقَوْله لآلِهَتِهِمْ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (9) وقَوْله: {إِنِّي سَقِيمٌ} (10) وَقَال: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَينَ الْمِصْرَاعَينِ مِنْ مَصَارِيع الْجَنَّةِ إِلَى عِضَادَتَيِ (11) الْبَابِ لَكَمَا بَينَ

(1) في (ج): "ما لم يفتحه".

(2)

"المصراعين" هما جانبا الباب.

(3)

"هجر": هي منطقة الأَحساء شرق المملكة السعودية.

(4)

"بصرى": مدينة بالشام.

(5)

مسلم (1/ 184 رقم 194)، البخاري (6/ 371 رقم 3340)، وانظر (3361، 4712).

(6)

"كيفه": هي كيف، والهاء في آخرها هاء السكت تلحق في الوقف.

(7)

في حاشية (أ): "كيف" عن نسخة أخرى.

(8)

سورة الأنعام، آية (76).

(9)

سورة الأنبياء، آية (63).

(10)

سورة الصافات، آية (89).

(11)

"عضادتي الباب": هما خشبتاه من جانبيه.

ص: 171

مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ هَجَرٍ وَمَكَّةَ). لا أَدْرِي أيَّ ذَلِكَ قَال؟ لم يخرج البخاري ما فِي هذه الرواية، وخرَّج الحديث بطوله في "تفسير سورة بني إسرائيل" قال فيه من قول آدم، ومَن ذُكر فيه من الأنبياء صلى الله عليهم:"نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي" ذكرها ثلاثًا. وقال من قول إبراهيم: "وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاث كَذَبَاتٍ". وقال: "أُمَّتِي يَا رَبِّ! أُمَّتِي يَا رَبِّ! أُمَّتِي يَا رَبِّ! ". وقال: "حِمْيَر (2) " بدل "هَجَر"، وذكره (3) في "بدء الخلق"، وقال فيه: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم في دَعْوَةٍ فَرُفِعَ إِلَيهِ الذِّرَاع، وذكر الحديث، وفيه (4) من قول الناس لآدم صلى الله عليه وسلم:"وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الجنّة". زاد (5): "وَأَسْكَنَكَ الجَنَّة".

268 -

(26) مسلم. عَنْ حُذَيفَةَ وأبِي هُرَيرةَ قَالا: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَجْمَعُ اللهُ تبارك وتعالى النَّاسَ فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ (6) لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا! اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إلا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ؟ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهبوا إلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ. قَال: فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ (7) اعْمِدُوا إِلَى مُوسَى عليه السلام الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ (8)، اذْهبوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ. فَيَقُولُ عِيسَى: لَمسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَيَقُومُ ويؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنبَتيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالا،

(2)"حمير": أي صنعاء لأنها بلد حمير.

(3)

في (ج): "وذكر".

(4)

في (ج): "وقال فيه".

(5)

في (ج): "وذاد".

(6)

"تزلف": أي تقرب.

(7)

"من وراء وراء": هذه كلمة تذكر على سبيل التواضع، أي لست بتلك الدرجة الرفيعة.

(8)

في (ج): "ذاك".

ص: 172

فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ). قَال: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي أَيُّ شَيءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَال: (أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَينٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيح، ثمَّ كَمَرِّ الطرِ، وَشَدِّ الرِّجَال (1) تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُل فَلا يَسْتَطِيعُ السَّيرَ إِلا زَحْفًا. قَال: وَفِي حَافَتَي الصّرَاطِ كَلالِيبٌ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ، تَأْخُذُ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمُكَرْدَسٌ (2) في النَّارِ). وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا. (3) لم يخرج البخاري هذا الحديث بكماله. تفرد مسلم منه بقوله:"فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الْجَنةُ"، وبِقَول إِبْرَاهيم عليه السلام:"إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ"، وبِذِكْرِ الأَمَانَة والرَّحِم، وقِيامهمَا جنبتي الصِّرَاط، وبِذكْرِ قِيام النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَى الصِّرِاط. وبِقَولِ أَبِي هُرَيرَة. وسَائِره قَدْ خرَّجَه مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيرَة وَأَنَس.

269 -

(27) البخاري. عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَخلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فيحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ (4) بَينَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ (5) لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَينَهُمْ في الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ في دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ في

(1)"شد الرجال": أي عدوها البالغ وجريها.

(2)

"ومكردس": هو الَّذي جمعت يداه ورجلاه وأُلقي إلى موضع.

(3)

مسلم (1/ 186 رقم 195).

(4)

"قنطرة": قال الحافظ: الَّذي يظهر أنها طرف الصراط مما يلي الجنّة، ويحتمل أن تكون من غيره بين الصراط والجنّة.

(5)

في (أ): "فيقتص".

ص: 173

الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ في الدُّنْيَا) (1). خرجه في "الرقاق" وخرَّجه (2) في تفسير {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُرِهِم مِن غِلٍّ} (3). ولم يخرج مسلم هذا الحديث. (4)

270 -

(28) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا)(5). وفي لفظِ آخر: (أَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ). وفي آخر: (أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ في الْجَنَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيًّا مَا يُصَدّقُهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ). وفي آخر: (آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّد. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لا أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ)(6). لم نِحرج البخاري هذا الحديث حديث أنس من قوله: "أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ" إلى: "قَبْلَكَ".

271 -

(29) مسلم. عَنْ أَبي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللهُ (7) أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (8). وفي لفظ آخر: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ (9) نَبِيٍّ

(1) البخاري (5/ 96 رقم 2440)، وانظر رقم (6535).

(2)

قوله: "وخرجه" ليس في (أ).

(3)

سورة الأعراف، آية (43)، سورة الحجر، آية (47).

(4)

في حاشية (أ): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الثالث والأربعين".

(5)

مسلم (1/ 188 رقم 196).

(6)

مسلم (1/ 188 رقم 197).

(7)

قوله: "إن شاء الله" ليس في (ج).

(8)

مسلم (1/ 188 رقم 198)، البخاري (11/ 96 رقم 6304)، وانظر رقم (7474).

(9)

في أصل (أ): "فيعجل لكل" وكتب في حاشيتها: "فتعجل كل" وكتب فوقها: "أصل".

ص: 174

دَعْوَتَهُ، وَإنِّي اخْتَبَاتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا) (1). وفي آخر:(لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا فَيُسْتَجَابُ لَهُ فيؤتَاها، وَإنِّي اخْتَبَاتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وفي آخر: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ دَعَا بِهَا في أُمَّتِهِ فَاسْتُجِيبَ (2) لَهُ، وَإِنِّي أُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ أُؤَخِّرَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ). لم يقل البخاري:"فهي نائلة" إلى آخره، ولا قال:"في أمته".

272 -

(30) مسلم. عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ عز وجل قَال:(لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ دَعَاهَا لأُمَّتِهِ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(3). لم يصل البخاري سنده بهذا الحديث، وقال:"دعا بها فاستجيبت"، ولم يقل:"لأمته".

273 -

(31) مسلم. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث حديث مسلم (4)، ولم يخرج البخاري عن جابر فيه شَيئًا.

274 -

(32) وذكر البخاري في كتاب "الرقاق" عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَنهُ قَال: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله! مَنْ أَسْعَد النَّاس بشَفَاعَتِك يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: (لَقَدْ ظَنَنتُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ أَن لا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيتُ مِنْ حِرْصكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعتِي يَوْم القِيَامةِ مَنْ قَال: لا إِلَهَ إلا الله خَالِصًا مِنْ قِبَل نَفْسِهِ)(5). وخرجه في كتاب "العلم (6) " أَيضًا، ولم يخرجه مسلم بن الحجاج.

(1) مسلم (1/ 189 رقم 199).

(2)

في (ج): "فاستجيبت".

(3)

مسلم (1/ 190 رقم 200)، البخاري (11/ 96 رقم 6305) تعليقًا.

(4)

مسلم (1/ 190 رقم 201).

(5)

البخاري (1/ 193 رقم 99)، وانظر رقم (6570).

(6)

في (ج): "كتاب الرقاق والعلم".

ص: 175

275 -

(33) وخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلا قَوْلَ اللهِ عز وجل في إِبْرَاهِيمَ: ({رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي (1)} (2) الآيَةَ، وَقَال عِيسَى عليه السلام:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنِّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3) فَرَفَعَ يَدَيهِ، وَقَال (4): اللَّهُمَّ أُمَّتِي اللَّهُمَّ أُمَّتِي، وَبَكَى فَقَال اللهُ عز وجل: يَا جِبْرِيلُ! اذْهَبْ (5) إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَال وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَال اللهُ: يَا جِبْرِيلُ! اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ (6): إِنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلا نَسُوءُكَ) (7). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

276 -

(34) مسلم. عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلا قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَينَ أَبِي؟ قَال: (في النَّارِ)، قَال (8): فَلَمَّا قَفَّى (9) دَعَاهُ فَقَال: (إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)(10). ولا أخرج البخاري أَيضًا هذا الحديث.

(1) قوله: "ومن عصاني" ليس في (أ).

(2)

سورة إبراهيم، آية (36).

(3)

سورة المائدة، آية (118).

(4)

في (ج): "فقال".

(5)

في (ج): "لجبريل اذهب".

(6)

في (ج): "وقل".

(7)

مسلم (1/ 191 رقم 202).

(8)

قوله: "قال" ليس في (ج).

(9)

"فلما قفى": أي ذهب موليًا.

(10)

مسلم (1/ 191 رقم 203).

ص: 176

بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَأَنْذِر عَشِرَتَكَ الأَقْرَبِين} (1) وَمَا جَاءَ في أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّهُ لا يَنْفَعُ في الآخِرَةِ مَعَ الكفرِ عَمَلٌ صَالِحٌ

277 -

(1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيشًا فَاجْتَمَعُوا، فَعَمَّ، وَخَصَّ، فَقَال:(يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطلبِ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمُ! أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا غَيرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا ببَلالِهَا)(2)(3). حديث مسلم أتم من حديث البخاري، والمعنى واحد، ولم يخرج من حديث أبي هريرة:"غَير أَنَّ لَكُم رَحِمًا"، وما بعده خرجه من حديث عمرو بن العاص، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وَلَكِن لَكُم (4) رَحِمْ أَبُلُّهَا بِبَلاهَا). قال: كذا وقع (5) و"بِبَلالِها"(6) أجود وأصح (7). ذكره في حديث أخر، وسيأتي إن شاء الله.

(1) سورة الشعراء، آية (214).

(2)

"سأبلها ببلالها": أي سأصلها بصلتها التي تليق بها، شبه فطيعة الرحم بالحرارة، وصلتها بإطفاء الحرارة بالبرودة.

(3)

مسلم (1/ 192 رقم 204)، البخاري (5/ 382 رقم 2753)، وانظر (3527، 4771).

(4)

في (ج): "ولكن لهم".

(5)

"قال كذا وقع": القائل هو البخاري ففي النسخة اليونينية (7/ 8) قال أبو عبد الله: "ببلاها" كذا وقع، و"ببلالها" أجود وأصح، و"ببلاها" لا أعرف له وجهًا. ا. هـ. وأشار الحافظ في "الفتح" إلى احتمال أن يكون القائل هو أبو ذر الهروي.

(6)

في (ج): "وبلالها".

(7)

البخاري (10/ 419 رقم 5990).

ص: 177

278 -

(2) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا، فَقَال:(يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ محَمَّدٍ! يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ)(1). لم يخرج البخاري عن عائشة فيه شَيئًا. (2)

279 -

(3) مسلم. عَن أبي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيهِ (3){وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} : (يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ! اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطلِبِ! لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيئًا، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ! لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ! سَلِينِي مَا شِئْتِ لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيئًا)(4). في بعض طرق البخاري، وذكر صَفية وفاطمة:"سَلانِي مِن مَالي مَا شِئتُمَا".

280 -

(4) مسلم. عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَزُهَيرِ بْنِ عَمْرٍو قَالا: لَمَّا أُنزِلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} : انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضْمَةٍ (5) مِنْ جَبَلٍ فَعَلا أَعْلاهَا حَجَرًا، ثُمَّ نَادَى:(يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافَاهْ (6)! إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ (7) أَهْلَهُ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ،

(1) مسلم (1/ 192 رقم 205).

(2)

في حاشية (أ): "بلغت قراءة على الشيخ ضياء الدين رضي الله عنه في الرابع والأربعين ولله الحمد".

(3)

"أنزل عليه" في (أ) ضبطت "أنزل" بفتح الهمزة وضمها، ووضع عليه كلمة "معًا".

(4)

مسلم (1/ 192 رقم 206)، وتخريج البخاري تقدم في رقم (1).

(5)

"رضمة": هي الصخور بعضها فوق بعض.

(6)

في (ج): "عبد مناف".

(7)

"يربأ" معناه: يحفظهم ويتطلع لهم.

ص: 178

فَجَعَلَ يَهْتِفُ يَا صَبَاحَاهْ! ) (1)(2). لم يخرج البخاري هذا الحديث، ولا أخرج عن قبيصة، ولا عن زهير في كتابه شَيئًا.

281 -

(5) مسلم. عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (3) خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا، فَهَتَفَ:(يَا صَبَاحَاهْ (1)! ). فَقَالُوا (4): مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّد. فَاجْتَمَعُوا إلَيهِ فَقَال: (يَا بَنِي فُلانٍ! يَا بَنِي فُلانٍ! يَا بَنِي فُلانٍ! يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! ) فَاجْتَمَعُوا إلَيهِ فَقَال: (أَرَأَيتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيلا تَخْرُجُ بِسَفْحِ (5) هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ ) قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيكَ كَذِبًا قَال: (فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ). قَال: فَقَال: أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَمَا جَمَعْتَنَا إِلا لِهَذَا. فقَامَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ} كَذَا قَرَأَ الأَعْمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ (6). أكثر طرق البخاري: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ} (7) وهو من حديث الأعمش أَيضًا، وفي بعض طرقه:"فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ! يَا بَنِي عَدِيٍّ! لِبُطُونِ قُرَيشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ". وفي بعض ألفاظه به أَيضًا: (أَرَأَيتُم لَوْ أَخْبَرتُكُم أَنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُم أَوْ

(1) في (ج): "يا صاحباه"، و"يا صباحاه" كلمة يعتادونها عند وقوع أمر عطم فيقولونها ليجتمعوا ويتأهبوا له.

(2)

مسلم (1/ 193 رقم 207).

(3)

"ورهطك منهم المخلصين" ظاهر هذه العبارة أنها كانت قرآنا فنسخت تلاوته.

(4)

في (ج): "فقال".

(5)

"بسفح" سفح الجبل أسفله، وقيل: عرضه.

(6)

مسلم (1/ 193 رقم 208)، البخاري (3/ 256 رقم 1394)، وانظر أرقام (3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973).

(7)

سورة المسد، آية (1).

ص: 179

يُمَسيكُم أمَّا (1) كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ ) قَالُوا: بَلَى. الحديث خرجه في "سورة سبأ"! .

282 -

(6) مسلم. عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيءٍ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، قَال:(نَعَمْ، هُوَ في ضَحْضَاحٍ (2) مِنْ نَارٍ وَلَوْلا أَنَا لَكَانَ في الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (3). وفي لفظ آخر: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ، وَيَغْضَبُ لَكَ، فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَال:(نَعَمْ، وَجَدْتُهُ في غَمَرَاتٍ (4) مِنَ النَّارِ، فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ).

283 -

(7) وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أبو طَالِبٍ، فَقَال:(لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فيجْعَلُ في ضَخضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيهِ يَغْلي مِنْهُ دِمَاغُهُ)(5). وقال البخاري في بعض طرقه: (يَغْلِي مِنْهُ أمُّ دِمَاغِهِ). خرجه في "الرقاق" في "صفة الجنة والنار" وفي قصة أبي طالب أَيضًا.

284 -

(8) مسلم. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَنْتَعِلُ بِنَعْلَينِ مِنْ نَارٍ يَغْلى دِمَاغُهُ مِن حَرَارَةِ نَعْلَيهِ)(6). لم يخرج البخاري هذا اللفظ.

(1) في (ج): "ما".

(2)

"ضحضاح" هو ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين واستعير في النار.

(3)

مسلم (4/ 191 رقم 209)، البخاري (7/ 193 رقم (3883)، وانظر (6208، 6572).

(4)

"غمرات" هي المواضع التي تكثر فيها النار.

(5)

مسلم (1/ 195 رقم 210).

(6)

مسلم (1/ 195 رقم 211).

ص: 180

285 -

(9) مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَينِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ)(1). لم يخرج البخاري عن ابن عباس في هذا شَيئًا.

286 -

(10) مسلم. عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَال: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ (2) في أَخْمَصِ (3) قَدَمَيهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنهُمَا دِمَاغُهُ) (4). زاد البخاري: (كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ بالقُمْقُمِ)(5).

287 -

(11) مسلم. عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أيضًا قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلانِ وَشِرَاكَانِ (6) مِنْ نَارٍ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا) (7)، لم يخرج البخاري هذا اللفظ بكماله، أخرج منه ما تقدم في الحديث الَّذي قبله (8).

288 -

(12) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ابْن جُدْعَانَ (9)

(1) مسلم (1/ 196 رقم 212).

(2)

في (ج): "يوضع".

(3)

"أخمص": هو ما ارتفع من باطن القدم عن الأرض.

(4)

مسلم (1/ 196 رقم 213)، البخاري (11/ 417 رقم 6561)، وانظر رقم (6562).

(5)

"المرجل بالقمقم": المرجل القدر من النحاس أو من أي صنف كان، والقمقم إناء ضيق الرأس يسخن فيه الماء من نحاس وغيره، وقوله:"بالقمقم" هي رواية أبي ذر والأصيلي، وصوب القاضي عياض كونه بالواوا "والقمقم"، وعند الإسماعيلي "كما يغلي المرجل أو القمقم".

(6)

في (ج): "وشركان"، والشراك هو أحد سيور النعل وهو الذي يكون على وجهها وعلى ظهر القدم.

(7)

مسلم (1/ 196 رقم 213).

(8)

في حاشية (أ): "بلغت مقابلة بالأصل والحمد لله.

(9)

"ابن جدعان" هو عبد الله بن جدعان من بني تيم بن مرة من أقرباء عائشة وكان من رؤساء قريش كثر الإطعام.

ص: 181