الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله اختار العنصر الانجلوسكسونى لقيادة العالم، وتنفيذ إرادته انطلاقاً من إيمانه بخرافات ونبوءات توراتية مزيفه، أعطت اليهود ودولة إسرائيل دوراً مركزياً في تشكيل توجهات هذا الدول حيال العالم.
لهذا فقد اتخذت هذه الدول الشريرة الحاقدة من الخلاف بين الكويت والعراق مبرراً لتنفيذ مخططها الشيطاني في المنطقة، والذي أعدت له منذ فترة كبيرة، ويكفى أن نشير هنا إلى أن الحملة على العراق الشقيق بدأت حتى قبل مشكلة الكويت، وقامت كلاً من بريطانيا وأمريكيا بفرض حصار اقتصادي على العراق بدعوى سعيه إلى تطوير أسلحة دمار شامل، وكلنا يتذكر مشكلة المكثفات، والمدفع العملاق، التي أثارت حولهما أمريكيا ضجة كبرى حتى قبل مشكلة الكويت.
فقد أدركت أمريكيا أن العراق ـ قبل حرب الخليج الثانية ـ وصل إلى مرحلة متقدمة ومتطورة وأصبح يهدد مشروعها الصليبي في المنطقة المتمثل بإسرائيل، ولهذا تم افتعال حرب الخليج وبدأت المؤامرة على العراق من خلال افتعال مشاكل كبيره أمامه، سواء فيما يتعلق بأسعار البترول، والديون والحدود بينه وبين الكويت، والتي حاولت بعض الدول العربية والجامعة العربية حلها بالحسنى، ولكن أمريكيا كانت قد قررت تصعيد المشكلة وخنق العراق، لكي لا يكون أمامه مجال إلا الدفاع عن مصالحه. وهذا ما حدث فكانت، القوات الأمريكية جاهزة في المنطقة لشن حرب على العراق ليس لتحرير الكويت، أو لحماية الدول الخليجية الأخرى من خطر العراق، بل من أجل حماية مشروعها الصليبي في المنطقة وهى إسرائيل، التي أصبح وجودها مهدداً بسبب ما وصل إليه العراق من قوة واقتدار.
بريطانيا وجذور الحرب على العراق
لفهم الحرب الأمريكية البريطانية على العراق لا بد من إلقاء نظره سريعة على تاريخ العراق الحديث، والذي بدأ مع انهيار الدولة العثمانية في المنطقة، حيث منحت عصبة الأمم، بريطانيا حق الانتداب في العراق الذي أصبح بالتالي مستعمرة تابعة للتاج البريطاني. وخلال سنوات الاستعمار تلك، خطت الحدود السياسية الحالية للعراق بكل تعقيداتها في الشمال حيث الأكراد، وخلافاتها في الجنوب حيث ولدت
آنذاك دولة الكويت، والتي رفضت الحكومات العراقية المتعاقبة الاعتراف بها باعتبارها جزء من ولاية البصرة. وبعد اكتشاف النفط في كركوك عام 1927م ازداد سعار البريطانيين واهتمامهم بالعراق، وأجبر الملك فيصل الأول بعد ذلك على توقيع اتفاقية مع بريطانيا، تفرض على العراق انتهاج سياسة خارجية خاضعة لبريطانيا، وتسمح ببقاء قوات بريطانية على الأراضي العراقية لمدة 25 سنة.
وعندما انتهى الانتداب البريطاني عن العراق سنة 1932م كان الكثير من العراقيين ينظرون إلى استقلالهم على أنه منقوص السيادة، طالما ظلت القوات البريطانية في بلدهم. وبعد وفاة فيصل الأول عام 1933م خلفه ابنه غازي الأول الذي مات هو بدوره في حادث سيارة عام 1939م، واتهم البريطانيون بتدبيره بعد أن شجع رئيس وزرائه على تبني سياسة معادية لبريطانيا. بعدها، حكم العراق بالوصاية عبد الإله بن علي، وصي الوريث الشرعي للحكم الملك فيصل الثاني الذي كان عمره عند وفاة والده أربعة أعوام. وفي سنة 1941م قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني، التي أطاحت بالملكية مؤقتاً وطردت العائلة المالكة إلى الخارج، لكن سرعان ما أجهضها البريطانيون وقضوا عليها ونصبوا نوري السعيد رئيساً للوزراء يحكم بحسب التعليمات البريطانية.
واستمر الأمر كذلك حتى عام 1958 م عندما جاء انقلاب عبد الكريم قاسم الذي أطاح بالسعيد وبالهاشميين في العراق، وأعدم الملك فيصل الثاني ورئيس وزرائه، وأسس الجمهورية العراقية خلفاً للمملكة العراقية، وعندما أنهت بريطانيا انتدابها على الكويت أعلن قاسم في حزيران 1961م أن الكويت جزء لا يتجزأ من العراق، واعتبر إنهاء الحماية عنها، يعني عودتها إلى العراق كقائمقامية تابعة للواء البصرة، واصدر أمرا بتعيين شيخ الكويت قائم قاماً فيها، ولكن وقفت مصر والسعودية إلى جانب الكويت ضد مطالب العراق (1).
وقد تبنى قاسم سياسات وطنية وتخلى عن حلف بغداد الذي أسسته لندن، لكن أطيح به في انقلاب عسكري سنة 1963 م قاده حزب البعث الذي نصب عبد السلام
(1) دراسات في تاريخ العرب المعاصر - د. محمد على القوزي- ص372 - دار النهضة العربية للطباعه والنشر - ط 1 1999
عارف رئيساً للجمهورية، حيث اعترفت الحكومة العراقية الجديدة بدولة الكويت، وتم أيضاً قبول عضويتها في الأمم المتحدة. ولكن عارف قتل في حادث طائرة سنة 1966 م ليخلفه أخوه عبد الرحمن عارف، وليتم إسقاطه هو الآخر بانقلاب بعثي أكثر إحكاماً هذه المرة سنة 1968 م بقيادة أحمد حسن البكر، حيث تم في عهده، تشكل مجلس قيادة الثورة الذي عمل على إجراء إصلاحات اقتصادية ضمنت شعبية للحكم الجديد، ووقع مع الثوار الأكراد اتفاقية الخمسة عشر نقطة سنة 1970م التي هدأت التمرد الكردي والتي كان بموجبها منح الأكراد حكماً ذاتياً موسعاً، مع إعطائهم منصب نائب رئيس الجمهورية. ولكن سقطت الاتفاقية واندلع التمرد مجدداً بدعم خارجي، إلى أنه أخمد مرة أخرى بسبب تخلي إيران عن الأكراد إثر توقيع اتفاقية الجزائر مع العراق سنة 1974م، حيث صعد نجم صدام حسين في قيادة حزب البعث ومجلس قيادة الثورة، إلى أن تمكن من الإطاحة بالرئيس البكر عام 1979م" (1). حيث تمكن الرئيس صدام حسين خلال فتره حكمه من تحقيق انجازات عديدة للعراق برغم كل محاولات الإساءة والتضليل التي نسجت حوله.
من خلال العرض السابق يتضح لنا أن جذور الحرب على العراق خلقتها بريطانيا خلال فترة انتدابها على العراق من خلال المشاكل الحدودية التي خلفتها، وهذا تقليد بريطاني استعماري اتبعته بريطانيا في كل مكان تواجدت فيه. ففي موقف مبكر من الأزمة تساءل الصحفي (كريستوفر هيتشنز) عن الهاجس الغربي بالكويت وأعلن تعاطفه مع العراق وقال:"بالتأكيد انه باستطاعة أمريكا احتلال الكويت بأكملها إذا أرادت ذلك، إلا أن ذلك لن ينجم عنه سوى إعادة وضع كان قائماً من الصعب الدفاع عنه. فحينما رسم البريطانيون الحدود، فعلوا ذلك بقصد متعمد أن ينكروا على العراق منفذاً على البحر، وبذا يصبح العراق أكثر اعتماداً على بريطانيا". وقد عبر عن ذلك السير بارسونز مستشار تاتشر للشئون الخارجية، ومسئول بريطاني متمرس سابق في المنطقة، عبر عن ذلك قائلاً: "الكويت في اللاوعي العراقي، جزء من إقليم البصرة، اقتطعه البريطانيون الملاعين منهم. قمنا بحماية مصالحنا بقدر من النجاح،
(1) راجع ـ العراق .. تقرير من الداخل ـ ديليب هيرو -الناشر: ناشن بوكس، نيويورك- ط1 2004