الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس مؤكداً أن كان يوزيبيوس في ذلك الوقت قرر إدخال كتاب الرؤيا ضمن أسفار العهد الجديد، ذلك أن بعض المراجع المسيحية لم تكن تؤمن بصحة معلوماته، وعليه فقد يكون سفر الرؤيا أضيف إلى الكتاب المسيحي المقدس، بعد زمن يوزيبيوس بكثير. والجدير بالذكر أن نسخة البسيطة السريانية للكتاب المقدس، والتي تتبناها الكنيسة الشرقية لا تشتمل على سفر الرؤيا.
كما كتب (ديونيسيوس) أسقف الإسكندرية، الذي كان معاصراً ليوزيبيوس، إن يوحنا مؤلف الرؤيا ليس الحواري يوحنا بن زبيدى قطعاً، وأضاف أنه لا يستطيع فهم الرؤيا، وأن الكثيرين من معاصريه انتقدوا الرؤيا بشدة، وذكروا أن المؤلف لم يكن حوارياً ولا قديساً، ولا حتى عضواً في الكنيسة، بل هو سيرنثوس الذي تزعم الطائفة المنحرفة المعروفة باسمه (1). وقد نشر (كميل خباز) كتابا بعنوان (الزؤان في الكتاب المقدس) "وضح فيه إن التآمر على الدين المسيحي من قبل اليهود قديم قدم المسيحية وقال:"إن ثمة يهود وضعوا مؤامرة سريه تهدف إلى القضاء على المسيحية بأساليب متعددة ومنها: تحريف الإنجيل. فقد اثبت الباحث المذكور إن رؤيا يوحنا وهي آخر الأسفار المقدسة عند المسيحيين هو نبوءة كاذبة ومدسوسة، كما أنها تؤلف إحدى حلقات تلك المؤامرة"(2).
الأصوليون المسيحيون وهرمجيدون
تتلخص نظرية هرمجيدون كما يراها الأصوليون المسيحيون في القول: أن نهاية العالم أوشكت على الحدوث بعد تحقق الشرط اللازم لوقوعها، وهو إنشاء إسرائيل، وتجميع اليهود فيها، ولم يبق سوى أن يعود المسيح بصورة الملك ـ المحارب فيسحق أعداءه في معركة تل مجدو الرهيبة. أما دور المؤمنين في الوقت الحاضر فهو المساهمة بتسريع تحقق الأحداث المتوقعة، والتمهيد لإنشاء مملكة الله على الأرض، التي سيكون المسيح على رأسها. والمخيف أن العديد منهم يحبذ حصول كارثة نووية، كأنسب وسيله لتحقيق المجيء الثاني بأقصى سرعة، ومن
(1) المسيحية والإسلام والاستشراف ـ محمد فاروق الزين - ص 242
(2)
أسطورة هرمجدون والصهيونية المسيحية ـ عرض وتوثيق هشام آل قطيط ـ ص58
هؤلاء من بيدهم مقاليد الأمور مثل الرئيس الأسبق (ريجان) والرئيس الحالي (بوش). ويجد الواعظون بهذا المخطط البهجة خلال مواعظهم في وصف الفظائع التي ستحدث خلال معركة تل مجدو، ويتحدثون عنها بإسهاب أمام جمهورهم سريع التصديق، ومن هؤلاء الوعاظ الأصوليون أسماء شهيرة مثل (جيري فالويل) و (جيمي سواجارت) و (بات روبرتسون) و (هال ليندسي).
والمشهور عن أمثال هؤلاء اعتقادهم ـ بسبب تأثرهم بفكر بولس ويوحنا ـ أن ليس هناك ما يخشاه المرء من انتشار الأسلحة النووية ولا من إمكانية اشتعال حرب عالميه ثالثه نتيجة نشوء إسرائيل، لأن مثل هذه التطورات مرغوبة لكونها جزءاً من مخطط إلهي من شأنه تسريع عودة المسيح. فالأصوليون لا يؤمنون بضرورة العمل من أجل السلام، بل قبولهم الحرب كأمر لا مفر منه تحقيقا لإرادة الله ـ حسب زعمهم. ومن ذلك أن وزير الداخلية الأمريكي الأسبق (جيمس واط) صرح أمام مجلس النواب: انه باعتبار العودة الوشيكة للمسيح ونهاية العالم، فليس من مبرر للقلق على البيئة، ولا التذمر من تخريب الموارد الطبيعية (1). ولإزالة المخاوف لدى الجمهور الأمريكي عن هذه النظرية، فإن البعض ينفيها، ويرى أن هرمجيدون الواردة في سفر الرؤيا، ليست إلا أحداثاً خاصة بـ (موت) المسيح، وبعثه وتدمير الهيكل في عام 70 قبل الميلاد. كما يرى آخرون في هرمجيدون، أنها مثال تصويري للصراع الروحي بين الخير والشر. وقد كانت تلك المعتقدات، وما شابهها حية ما بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، وبخاصة في مسائل الانشغال العام بالشيطان، وبالمسيح الدجال وبنهاية العالم" (2).
(1) النبوءة والسياسة 20
(2)
البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي ـ د. يوسف الحسن ـ ص 175