الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس، للمساهمة في صنع الأحداث الجسام التي ستسبق مجيء اليوم الآخر، ومن تلك الأحداث طبعاً عودة اليهود إلى فلسطين، واستيلاؤهم على القدس، وهدمهم للأقصى وبناؤهم للهيكل، ومن ثم انتظارهم لمجيء المسيح وحدوث المعركة الفاصلة بين قوى الخير وقوى الشر، أو ما يعرف بمعركة
(مجدو)
أو هرمجدون" (1).
مجدّو
"بتشديد الدال. بمعنى موضع الجيوش ومخيمها في اللغة الكنعانية، وهو تل المتسلم، وتقع على بعد30 ميلا شرقي ساحل البحر المتوسط. فالطريق من مصر إلى آسيا يمر في الأراضي السهلية الفلسطينية موازيا الشاطئ، وفي سيره نحو الشمال يعترضه جبل الكرمل. وعند الساحل بالقرب من قيسارية، ممرات طبيعية تصل الساحل بمرج ابن عامر، وأجودها ممر مجدو، وبالقرب من منتهاه توجد تله ترتفع 82 قدما تعرف (تل المستلم) تشرف على سهل مرج ابن عامر، وبذلك يكون ممر مجدو مفتاح الطريق إلى مصر والجنوب، وإلى سوريا والشمال، ولذلك مرت بها الغزوات السابقة كلها، وهى اليوم خراب"(2). وقد جاء في قاموس الكتاب المقدس الصادر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى: "أن (هرمجدون) اسم عبري، معناه جبل مجدو، وهو موقع تنبأ كتاب الرؤيا أنه سيتحول إلى ساحة للحرب، يجتمع فيه كافة ملوك الأرض في يوم قتال الرب (رؤيا 16 - 16) "(3).
وقد يتساءل المرء باستغراب، لماذا تل مجدو؟ وما هو الشيء الخاص جداً بهذا الموقع بفلسطين؟ المفترض أن تقع فيه معركة كونيه رهيبة لإفناء البشرية. والجواب على ذلك هو، أن هذا التل كان موقعاً استراتيجياً، يقع على مسافة ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من مدينة حيفا اليوم، وفي القرن العاشر قبل الميلاد كانت تربض عليه قلعة كنعانية، ويبدو أن احتلال العبرانيين لهذه القلعة، والمعارك الضارية التي جرت مع الكنعانيين وبعدها مع المصريين للدفاع عن القلعة، ومنها
(1) قبل أن يهدم الأقصى - عبد العزيز مصطفى ص 47
(2)
معجم بلدان فلسطين ـ محمد شراب ص650 - دار المأمون للتراث/ دمشق - ط1 1987.
(3)
شهود يهوه - بين برج المراقبة الأمريكي وقاعة التلموذ اليهودي - تأليف/ حسين عمر حماده - دار قتيبه 1990 - ص145
المعركة التي قتل فيها الملك اليهودي جوشيا في العام (609) قبل الميلاد، وهو يحاول الدفاع عن القلعة ضد المصريين، مما أدى إلى ذكريات مريرة عند اليهود، استمرت لقرون عديدة، إلى أن قرر يوحنا ـ مؤلف الرؤيا ـ وهو يهودي من أتباع بولس ـ أن يخلد الذكريات اليهودية عن تل مجدو بطريقته الخاصة.
وقد ارتبطت مجدو في الاعتقاد القديم، بأنها الأرض التي كان الفاتحون القدامى يعتقدون أن أي قائد يسيطر عليها يمكنه أن يصمد أمام الغزاة، ويعتقد اليهود ومن تبعهم في ذلك من البروتستانت .. أن جيشاً من مائتي مليون جندي يأتون إلى (مجدو)، لخوض حرب نهائية. ففي التوراة، وفي الإنجيل، وفي رؤى القديسين إشارات إلى هذه المعركة الهائلة، التي يسمونها معركة هرمجدون .. تجري على أرض فلسطين وأطرافها، المسلمون والنصارى واليهود، حيث يتصور كل فريق إن المعركة سوف تنتهي لصالحه.
يقول المسيحيون: "إن المسيح سوف ينزل من السماء في أعقاب هذه المعركة، وأنه لن ينزل إلا إذا جرت دماء المسلمين انهاراً
…
وطائفة الإنجيليين في أمريكا تدفع باليهود لإشعال الحرب، لتتعجل نزول مسيحها .. وكان رونالد ريجان (وهو من هذه الطائفة) يحلم بأن يكون هو الرجل المحظوظ، الذي يشعل فتيل تلك المعركة. أما اليهود فيقولون: أن القادم هو المسيح الحقيقي، وانه ملك اليهود وان ما جاء من قبل لم يكن هو المسيح، ولهذا لم يؤمنوا به ولم يتبعوه. وكل طرف يحلم بأن تتم التصفية الإلهية لحسابه
…
وتظل هرمجدون أسطورة
…
ولكن لا شك أن الله يدفع بالأحداث إلى ذروتها .. وأن الأرض حبلى بالكوارث .. والله وحده يعلم كيف تنتهي؟ ومتى؟ وأين؟ ولحساب من؟ " (1).
وفي الحقيقة فإن الاعتقاد بـ (هرمجيدون) أصله في التوراة، التي عند اليهود، وقد تبعهم في ذلك المسيحيون البروتستانت، الذين يأخذون بالتفسير الحرفي للتوراة، وقد وضحنا في السابق دور ذلك في جعل البروتستانت يؤمنون بحرفية كل ما جاء في التوارة، من قصص تاريخية، ونبوءات. وقد جاءت الإشارة إلي ذلك اليوم
(1) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص104
في التوراة في سفر حزقيال. فعن قدوم قوى الخير تقول التوراة: "بعد أيام كثيرة تفتقد في السنين الأخيرة، تأتى إلى الأرض المسترة من السيف المجموعة من شعوب كثيرة على جبال إسرائيل، التي كانت خربة للذين أخرجوا من الشعوب آمنين كلهم، وتصعد، وتأتى كزوبعة، وتكون كسحابة تغشى الأرض، أنت وكل جيوشك وشعوب كثيرون معك"(سفر حزقيال 38، 8ـ10).
وتتحدث التوراة عن أوصاف ذلك اليوم، فتقول:"ويكون في ذلك اليوم يوم مجيء يأجوج على أرض إسرائيل يقول الرب إن غضبى يصعد، وغيرتي في نار سخطي تكلمت أنه في ذلك اليوم، يكون رعش عظيم في إسرائيل، فترعش أمامي سمك البحر، وطيور السماء، ووحوش الحقل، والدبابات التي تدب على الأرض، وكل الناس الذين على وجه الأرض، وتندك الجبال، وتسقط المعاقل، وتسقط كل الأسوار إلى الأرض، واستدعى السيف عليه في كل جبالي. يقول السيد الرب: "فيكون سيف كل واحد على أخيه، وأعاقبه بالوباء وبالدم، وأمطر عليه وعلى جيشه وعلى الشعوب الكثيرة، الذين معه مطراً جارفاً، وحجارة برد عظيم، وناراً وكبريتاً .. " (سفر حزقيال - الاصحاح 38).
وفي سفر حزقيال ـ أيضاً ـ الأمر لحزقيال بأن يوجه الكلام إلى قوم يأجوج ومأجوج: "وأنت يا بن آدم تنبأ على يأجوج وقل: هكذا قال السيد الرب: ها أنا ذا عليك يأجوج رئيس روش ماشاك وتوبال، وأردك وأقودك وأصعدك من أقاصي الشمال، وآتى بك على جبال إسرائيل، وأضرب قوسك من يدك اليسرى، وأسقط سهامك من يدك اليمنى، فتسقط على جبال إسرائيل أنت وكل جيشك والشعوب الذين معك، أبدلك مأكلاً للطيور الكاسرة من كل نوع، ولوحوش الحقل، على وجه الحقل تسقط لأني تكلمت. يقول السيد الرب: وأرسل ناراً على مأجوج، وعلى الساكنين في الجزائر آمنين، فيعلمون أنى أنا الرب"(سفر حزقيال - الاصحاح 39).
وتحدث التلمود أيضاً عن معركة الهرمجيدون، ومما ذكر فيه عن الحرب التي ستشتعل قبل مجيء المسيح في (هرمجدون)، ما يلي: "وقبل أن يحكم اليهود نهائيا ـ أي قبل أن يحكموا العالم ـ يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق، ويهلك ثلثا العالم