الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعدو المسيح اليهودي حقيقي، ولكنه شرير بالكامل، سوف يسيطر على قادة العالم عندما يضع فيهم أرواحاً شيطانية، فيسيطر بذلك على جيوش العالم دون علم من هؤلاء القادة، وسيموت مئات الملايين من الناس في الحرب الكبيرة، ثم يرسل الله المسيح لكي يذبح عدو المسيح، ثم في ساعة واحدة يدمر الأرض، وبذا يبرهن الله على قوته من خلال انتصار ابنه على الشر! ويقول بعض مفسري الكتاب المقدس من العصور الوسطى ـ إن عدو المسيح يجب أن يكون مسلماً، حيث يرى أصحاب هذه العقيدة أن الله يتوقع عودة اليهود إلى وطنهم، وتلك هي الخطوة الأولى، أن تقوم دولة يهودية، وعلى المسيحيين بعد ذلك أن يبشروا الأمم بعقيدة هرمجيدون بما في ذلك الأمة الصهيونية (1) ".
التفسير السياسي للتوراة
هكذا تخطط الصهيونية لإيقاع العالم في حرب شاملة، وفتنة اسمها (هرمجدون)، وهي مقتلة أسطوريه وصليبيه يحارب فيها العالم المسلمين حرب فناء، وتسيل فيها دماء المسلمين أنهاراً لا تتوقف حتى ينزل المسيح من السماء .. (واليهود يعتقدون أن ما جاء في الماضي لم يكن مسيحاً) وانما المسيح الحق هو ذلك الذي سوف يأتي لنصرتهم كي يتوجهم في آخر الزمان على رأس جميع الأمم .. وبخبث شديد ادخل الصهاينة هذه الأسطورة في التراث المسيحي الأمريكي، وبشكل محدد في وجدان بعض الفرق الإنجيلية، فأصبحت تؤمن بها إيماناً أعمى، وكان (دونالد ريجان) يردد حكاية (هرمجدون) ويؤمن بها، ومثله كثيرون.
مما تقدم يتضح لنا أن المشهد الديني في الصراع العربي الصهيوني، هو عامل حاسم في هذا الصراع تكويناً ومساراً، وقد آن الأوان لقراءة هذا المشهد وتحليل وقائعه، وتأثيراته، والتعامل معه، وبخاصة أن مخاطره تتجاوز المسائل اللاهوتية،
(1) يد الله ـ جريس هالسيل - ترجمة محمد السماك ـ ص41
الموضوعة شروحها في قوالب عبرانية، كما تتعدى حدود الكنائس إلى مطابقة الفكر والمعتقدات النبوئيه التوراتية على الأحداث السياسية الجارية، المتعلقة بالصراع العربي مع المشروع الصهيوني التوسعي الاستيطاني الإحلالي العنصري، وذلك بإخضاع كل القيم السماوية والأرضية لإمتيازات خاصة بجماعة معينه من البشر، ومن ثم فان هذه المعتقدات المتهودة، هي إنكار لمثل العدل ومحبة الفرد الإنساني الواردة في تعاليم الأديان السماوية (1).
"وإذا صح القول بأن ما كانت ترمى إليه الحملات الصليبية في العصور الوسطى، هو تنظيم العالم بحسب ما يمليه الكتاب المقدس، فإنه يصح القول أيضاً ـ بأن ـ ما يرمى إليه الصليبيون الجدد في القرن العشرين هو إعادة تنظيم الشرق المتوسطى، بل والعالم، بحسب ما يمليه الكتاب المقدس، بحيث يتوافق مع رؤية اليمين الأصولي المسيحي للنظام العالمي الجديد، الذي وضعته مؤخراً زعيمة الإمبريالية الحديثة ـ الولايات المتحدة الأمريكية"(2).
يقول (شفيق مقار) في مقدمة كتابه (قراءة سياسية للتوراة): "الدارس للتوراة، بل وللعهد القديم كله، الذي تشكل التوراة أسفاره الخمسة الأولى، لا يمكن أن يغيب عنه انشغال من كتبوا تلك الأسفار بملكية الأرض، ونهب الثروة، وإقامة الملك على أشلاء الشعوب، التي تؤخذ أراضيها وتنهب ثرواتها. والكتاب إذ يحاول أن يستنطق التوراة، فيجعلها تفصح عما فيها من مضامين سياسية، ومطامع إقليمية ظلت تتسع رويداً من تملك كل الأرض من النيل إلى الفرات، فباتت في ختام العهد القديم طموحاً إلى تملك العالم بأسره في ظل حكم صهيون (حاكمة الأمم). الكتاب إذ يحاول ذلك ـ يستظهر مخططات قديمة خطرة (على اليهود كبشر، وعلى العالم بأسره) وأنماط سلوك وأفكار مدمرة بذرت بذورها من أزمنة سحيقة بأيدي ساسة وقادة عسكريين كهان، باسم الدين، وبادعاء أن الله ـ على ما يدعون ـ هو الذي وضعها في أيديهم والزمهم بتسميم تربة العالم بها، ليجنى ثمارها شعب اصطفاه
(1) الصهيونية المسيحية .. أصولها ونشأتها د. يوسف الحسن ـ جريدة الخليج 15/ 2/2 .. 3م عدد8672
(2)
الأصولية المسيحية في نصف الكرة الغربي - جورجى كنعان ـ ص181ـ183