الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل من أجل إلغاء الكتاب الأبيض
كان كل هم الزعماء الصهاينة والمتعاطفين معهم في هذه الفترة، إلغاء الكتاب الأبيض الذي أصدرته بريطانيا في عام 1939م، والذي يحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين. لهذا فقد نشط المتعاطفون مع الحركة الصهيونية في هذا الوقت. "فبمعونة 1000 زعيم صهيوني في الديار الأمريكية استطاع مجلس الطوارئ الذي شكلته الحركة الصهيونية، الحصول على قرار ضد الكتاب الأبيض من جميع المنظمات اليهودية الكبرى والجمعيات المهمة، أمثال الليونز، والدلكس، والروتارى، ونادى السيدات العاملات في التجارة والمهن الحرة، وغيرها من الجمعيات والنوادي. كما أن نقابات العمال وجمعيات الكنائس انضمت ضد الكتاب الأبيض"(1).
وفي آذار عام 1944م قدم بعض أعضاء مجلس الشيوخ إلى لجنة الشؤون الخارجية، مشروع قرار يدعو إلى إلغاء الكتاب الأبيض البريطاني، وتأييد خطة إنشاء دولة يهودية في فلسطين، ولكن المستر جورج مارشال وزير الخارجية، ورئيس أركان حرب الجيش الأمريكي آنذاك، تدخل وطلب من اللجنة عدم بحث ذلك الاقتراح، خوفاً من إثارة الرأي العام العربي وانعكاس ذلك على الموقف العسكري، فنزلت لجنة الشؤون الخارجية عند طلب المستر مارشال، وأرجأت البحث في الاقتراح المقدم لها. وبعد بضعة أشهر تغير مجرى الحرب نهائياً لصالح الحلفاء، فأرسل المستر مارشال نفسه كتاباً إلى السناتور واغنر، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، قال فيه:"إن الاعتبارات العسكرية التي حملته فيما مضى على معارضة بحث ذلك الاقتراح قد زالت"(2).
"وفي فبراير 1945م وقع خمسة آلاف قسيس بروتستانتي أمريكي، عريضة رفعوها إلى الحكومة ومجلس الأمة والكونغرس، يطالبون فيها بفتح أبواب فلسطين
(1) الصهيونية الأمريكية وسياسة أمريكيا الخارجية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص 70.
(2)
المؤامرة الكبرى، اغتيال فلسطين ـ أميل الغورى ـ ص 150 - دار النيل للطباعة، القاهرة - ط.1 1955م ..
على مصراعيها للهجرة اليهودية، وقد قامت وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والصحافة بدعاية واسعة النطاق لمشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين" (1).
وبالرغم من أن هذا التعاطف الكبير مع الحركة الصهيونية، من قبل الجمعيات والمؤسسات العامة خلال عشرينات القرن الحالي وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يرافقه موقف عملي واضح من الحكومة الأمريكية، إلا أن ذلك لم يكن لعدم إيمان الرؤساء الأمريكيين ـ في تلك الفترة ـ بأهداف الحركة الصهيونية، بل لأن بريطانيا في ظل انتدابها على فلسطين كانت تقوم بتقديم كافة التسهيلات والمساعدات للحركة الصهيونية. ولذلك لم يكن هناك أي داعٍ لتدخل أمريكيا ما دامت بريطانيا تقوم بنفس العمل وعلى أكمل وجه. فقد كان الرؤساء الأمريكيون في تلك الفترة يعتبرون أن فلسطين هي من جملة المسئوليات البريطانية في الشرق الأوسط، ولذلك فإن (روزفلت)"خلال مدد ولاياته الثلاث كأسلافه، لزم بدقة الموقف الأساسي الذي كان قائماً خلال الفترة التي كان هيوز فيها بالحكم، وهو أن الأحكام الخاصة بإنشاء وطن قومي يهودي الواردة في صك الانتداب، لم تكن في عداد المصالح الأمريكية، بل إنها من الشئون البريطانية"(2).
يضاف إلى ذلك أمر آخر مهم، وهو ظروف الحرب العالمية الثانية التي فرضت على أمريكيا عدم تأييد المطالب الصهيونية بصورة علنية، والسعي إلى استرضاء العرب حرصاً على الموقف العسكري في المنطقة. "ففي 29 ديسمبر 1942م أشار (هال) على الرئيس روزفلت بالا يبعث بأية رسالة إلى هيئة الصندوق القومي اليهودي، نظراً إلى الموقف في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، حيث يسود شعور عنيف ضد الصهيونية في صفوف الشعوب العربية. فقد أكدت كافة التقارير العسكرية والدبلوماسية المرسلة من البلاد العربية، خطورة إثارة العرب بالتصريحات المؤيدة للصهيونية"(3). ولهذا فإن روزفلت، وفي محاولة منه لكسب ود الزعماء
(1) الاستعمار وفلسطين ـ رفيق النتشة ـ ص 260.
(2)
الصهيونية الأمريكية وسياسة أمريكيا الخارجية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص 107
(3)
الصهيونية الأمريكية وسياسة أمريكيا الخارجية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص 114