الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصدق عليها قول الكاتب اليهودي الأمريكي (جون بيتى)، الذي قال: إن الرؤساء الأمريكيين ومعاونيهم ينحنون أمام الصهيونية كما ينحني المؤمن أمام قبر مقدس" (1).
فقد حبا الله الولايات المتحدة برؤساء مؤمنين بالمسيحية المشوبة بتعاليم التوراة مثل جون آدامز وتوماس جيفرسون كوينسي آدامز وجون تايلر وجيمس بولوك ووليم تافت وودرو ولسون وكالفن كولدج وهاري ترومان وجيمي كاتر ورونالد ريغان، وكلها أسماء لامعة في الخطابين السياسي والديني دون تمييز، ولعل الرؤساء الأقرب إلى سردنا التاريخي هما جيمي كارتر المؤمن بعقيدة الولادة الثانية كمسيحي، ورونالد ريغان المؤمن بنفس العقيدة التي تقول بالرجعة الثانية.
جيمي كارتر ينفذ أمراً إلهياً
في النصف الثاني من السبعينيات وصل إلى الرئاسة الأمريكية، (جيمي كارتر)، الذي قام بجهد غير عادى لدعم إسرائيل، تم تتويجه بتوقيع أول معاهدة سلام مع دولة عربية وهى مصر، حيث وصف (سايروس فانس) وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، سياسة كارتر تجاه الشرق الأوسط، فقال:"لم يكن محلاً للسؤال أن حجر الأساس في سياسة كارتر حيال الشرق الأوسط، سيبقى هو التزامنا بأمن إسرائيل"(2). ويؤكد بريجنسكي ـ مستشار الرئيس (جيمي كارتر) لشؤون الأمن القومي ذلك بقوله: "إن العلاقة الأمريكية ـ الإسرائيلية هي علاقة حميمة مبنية على التراث التاريخي و الروحي"(3). كما عبر كارتر نفسه عن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية خلال مؤتمر صحفي في عام 1977م، فقال: "إن لنا علاقة خاصة مع إسرائيل، وإنه من المهم للغاية أنه لا يوجد أحد في بلادنا، أو في العالم أصبح، يشك في أن التزامنا الأول في
(1) التحدي الصهيوني ـ جاك دومال وماري لوروا، ـ ترجمة نزيه الحكيم - ـ ص 58 - دار المعلم للملايين، دار الآداب، ط أيار، 1969
(2)
خيارات صعبة ـ مذكرات سايروس فانس ـ ص 9 - المركز العربى للمعلومات، 1984
(3)
نقد المفهوم التقليدي عن العلمانية - محمود سلطان - ص51 - القاهرة 1998
الشرق الأوسط إنما هو حماية إسرائيل في الوجود
…
الوجود إلى الأبد، والوجود بسلام، إنها بالفعل علاقة خاصة" (1).
ولكن ما هي طبيعة هذه العلاقة الخاصة التي يتحدث عنها الرئيس كارتر؟ إنها بالتأكيد ليست علاقة مبنية على المصالح المشتركة، لأن المصالح تتغير من فترة إلى فترة، وليس لها طابع الدوام إلى الأبد. إن هناك أمر آخر هو الذي جعل هذه العلاقة خاصة والالتزام نحوها أبدياً، كما جاء في تصريح كارتر السابق. وقد وضح الرئيس كارتر هذا الأمر بنفسه في تصريح له أمام الكنيست الإسرائيلي في مارس 1979م حيث قال:"إن علاقة أمريكيا بإسرائيل أكثر من علاقة خاصة، لقد كانت ولا زالت علاقة فريدة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأمريكي نفسه، وكما إن الولايات المتحدة وإسرائيل أقامهما رواد مهاجرون فإننا نتقاسم معكم تراث التوراة أيضاً"
…
"وفي احتفال أقامته على شرفه جامعة تل أبيب، وضح كارتر الأمر أكثر فقال: "إنه كمسيحي مؤمن بالله، يؤمن أيضاً بأن هناك أمراً إلهياً بإنشاء دولة إسرائيل" (2).
فكارتر هنا ينفذ أمر المشيئة الإلهية بحذافيرها عندما يدعم إسرائيل، وكيف لا؟ وهو المسيحي المؤمن الملتزم بالصلاة في الكنيسة كل أحد، والذي كان عضواً في أكبر كنائس بلدته وأكثرها جاهاً، وكان معلماً وشماساً في مدرسة الأحد، ويساهم كل عام في أسبوع لإيقاظ الروح الدينية في المجتمع" (3). فخلفية كارتر الدينية الصارمة، بوصفه أحد أتباع الكنيسة المعمدانية المعروفة بدعمها لإسرائيل، انطلاقا من إيمانها الشديد بكل ما جاء في العهد القديم من نبوءات وأخبار تاريخية، هي التي رسمت سياسته تجاه إسرائيل. لهذا كان كارتر أكثر وضوحاً من غيره، في التعبير عن (البعد الديني) في السياسة الأمريكية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي حيث قال في خطاب ألقاه في الأول من مايو عام 1978م: "إن دولة إسرائيل هي أولاً وقبل كل شيء عودة إلى الأرض التوراتية، التي أخرج منها اليهود منذ مئات السنين
…
إن
(1) الولايات المتحدة وإسرائيل ـ برنارد ريتش ـ ص 179
(2)
مجلة المستقبل ـ عدد 733 ـ السنة الرابعة ـ تاريخ 16ـ3ـ1983
(3)
لماذا ننشد الأفضل ـ جيمى كارتر ـ ص 218: 219