الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه هي طريقة التعامل مع الآخرين التي رسمتها التوراة
…
من تكسير العظام، وقتل الأطفال وشق النساء، وسرقة المياه
…
إلى إنزال الدمار بأرض اللبن والعسل، حتى أنهم لم يتورعوا عن إبادة الحيوانات، مدعين أن كل ذلك هو إرضاء للإله يهوى وبأمر منه؟!! أو ليس ما يحدث على أرض الواقع يوضح لنا بجلاء عن التطابق الكامل بين ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية وبين ما جاء في التوراة، بل لا نبالغ إذا قلنا إن ما يحدث علي الأرض ما هو إلا تطبيق حرفي للوصايا التوراتية الإجرامية، حتى الأوصاف التي يطلقها الصهاينة على أعدائهم مستمدة من التوراة في أدق تفاصيلها. وعلى سبيل المثال لا الحصر جاء في سفر صموئيل:"فخرج المخربون من محلة الفلسطينيين في ثلاثة فرق"(سفر صموئيل 13ـ17) .. والمعلوم أن الحكومة ووسائل الإعلام الإسرائيلية تستخدم عبارة مخربيين لوصف رجال المقاومة الفلسطينيين، هذا في حين يطلق على مجرمي الحرب أمثال الإرهابي شارون وغيره من رؤساء الوزراء عبارة (داوود ملك إسرائيل) على اعتبار أن مملكة داوود هي أسمى ما وصلت إليه دولتهم.
إسرائيل وشارون ونادي القتلة
إن الأحزاب كلها من حزب العمل إلى حزب ليكود تعتمد التوراة مرجعاً لتأسيس سياسة تقول: ان فلسطين ملك الصهاينه بموجب صك من الله
…
وهذه القراءة الاصطفائية تخلع طابعاً من الامتياز والأفضلية على أكثر نصوص التوراة شراسه كي تبرر المظالم وألوان الاغتصاب الراهنة
…
وبهذه القراءة تبدو تلك النصوص بما فيها من سلب ونهب وابادة للسكان الأصليين من الكنعانيين، وكأنها شرط للإبقاء على العهد مع يهوه. جاء في سفر العدد:"وكلم الرب موسى قائلاً: قل لبني اسرائيل إنكم عابرون الأردن إالى ارض كنعان، فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم .. وإن لم تطردوا سكان الارض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جنوبكم ويضايقونكم على الارض التي انتم ساكنون فيها فيكون أنى افعل بكم كما هممت أن افعل بهم".
وهكذا نقرأ في سفر العدد تصوراً سابقاً بل تبشيراً بما يمارسه الصهاينة اليوم تجاه الفلسطينيين من شارون إلى الحاخام مائير كاهانا. أما سفر الاشتراع (التثنية) فلا ينص على اغتصاب الارض وطرد السكان الاصليين فحسب، وانما يطالب بذبحهم. يقول هذا السفر:"عندما يوصلك الرب إلهك إلى ارض كنعان .. ويطرد من أمامك كافة الأمم .. ستوقع عليهم الحرمان وتبيدهم". أما سفر يوشع، سفر المذابح، فهو من النصوص الكلاسيكية المقررة في مدارس اسرائيل، أضف إلى ذلك أنه يستخدم للإعداد النفسي للجنود الأغرار في الجيش" (1).
ففي إسرائيل، فإن الإرهابيين الأشد تعطشاً للدماء والأكثر تطرفاً والأعظم وحشية هم دائماً من يرفعون إلى أعلى عليين في القيادة العليا، ولهذا ليس من المستغرب أن أفظع الجرائم تمت علي أيدي مجرمين ومصاصي دماء، احتلوا قمة الهرم القيادي في إسرائيل، ابتداء من (بن جريون)(وبيغن) وانتهاء بالإرهابي شارون الذي فاق الجميع في إرهابه وجرائمه. فالموضة الآن هي الإشادة بالتطرف، وتمجيد القتلة، وتقديس العنف في التعامل مع العرب، والنظر إلى عمليات نهب الأرض والاستيطان، على إنها مجرد عمليات تصحيح أوضاع لا أكثر (2). وربما لذلك وصف الرئيس بوش المجرم شارون بأنه رجل سلام. "فشارون بالنسبة لبعض المتطرفين المسيحيين ذوي مذهب (الإعفائية) هو الرجل الذي (اختاره الرب لإنجاز تكهنات نهاية العالم). وهم يرجعون إلى مسيرته، فهو عرف السلطة، ومن ثم زال نفوذه وثقته لدوره في مجازر صبرا وشاتيلا، ويستندون إلى ما جاء في الكتاب المقدس: (الرجل العادل سقط سبع مرات ثم نهض) "(3).
وبمناسبة مرور عام على أحداث 11 سبتمبر كتب المحلل السياسي (ديفيد ديوك) مقالاً خصص جزء كبير منه للحديث عن جرائم شارون ضد الشعب الفلسطيني، وكأنه أراد أن يعقد مقارنه بين ما يسمونه إرهاباً إسلامياً غير مثبت، وإرهاب رسمي يتفاخر به فاعلوه، فقال: "أود اليوم رسم تاريخ موجز لخمسين سنة
(1) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - ص154 - 155
(2)
إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص31
(3)
عالم بوش السري- اريك لوران - ترجمة سوزان قازان ص97
من الجرائم الشارونية ضد الإنسانية، بدءاً بمذبحة قبية، ومروراً بغزو لبنان، ومذابح صبرا وشاتيلا، إلى المجازر الجماعية للرجال والنساء والأطفال في مخيم جنين. ولتبيان جانب من جوانب هذه الوحشية التي لا يمكن تصورها، والتي انطوى عليها إرهابي الإرهابيين (شارون) سوف اقتبس مباشرة من مقابلة حاور شارون فيها الصحفي الإسرائيلي (عاموس عوز) سنة 1982م إبان غزو لبنان.
يقول شارون: "حتى لو بدا لي ببراهين الرياضة البحتة أن الحرب الدائرة في لبنان حالياً هي حرب قذرة لا أخلاقية، فلست أبالي .. بل فوق ذلك، لو أنك تبرهن لي أننا لن نستطيع خلق نظام صديق موال لنا في لبنان، ولن ندمر السوريين، أو حتى منظمة التحرير الفلسطينية، فحتى عندها لن أبالي، لقد كان الأمر يستحق خوض تلك الحرب. وحتى لو تم قصف الجليل بصواريخ الكاتيوشا في غضون عام، فلا يهمني ذلك في الحقيقة، فلسوف نشن حرباً أخرى، ونقتل وندمر المزيد والمزيد حتى ينالهم منا ما يقولون معه كفى كفى حسبنا ما لقينا. لئن حاول أي شخص أن يمسنا بسوء، فإن رجال الشر يمزقونه إرباً .. فهم يصطادون ويمسكون بأي شيء يودون التهامه ويثير شهيتهم، بل أنهم لا يعانون من عسر الهضم، كما أن السماء لا تعاقبهم
…
وربما سيبدأ العالم عندها يخافني أخيراً بدل أن يشعر بالآسي والشفقة نحوى. بل لعل رعدة الذعر منى تبدأ بالسريان في أوصالهم فيرتجفون من جنوني، عوضاً عن الإعجاب بنبلي وكرم أخلاقي حمداً لله على هذا".
ويضيف شارون: "دع أسنانهم تصطك من الرعب فيهابوننا ويرتجفون، ثم لينعتوننا بالدولة المجنونة. ودعهم يفهمون أننا بلد وحشي، ضار، ومتهور، يهدد بالخطر من حوله، وأننا لسنا بلداً عادياً وانه يمكن أن يجن جنوننا إذا قتل من أطفالنا، مجرد طفل واحد قد يخرجنا عن طورنا، فنحرق الأخضر واليابس ونضرم النار في كل حقول النفط في الشرق الأوسط، لقد أحطتهم في واشنطن وموسكو ودمشق والصين علماً، بأنه إذا أطلقت النار على أي من سفرائنا أو حتى قناصلنا، أو أصغر موظفي سفاراتنا فلن نتورع عن إشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة، هكذا وبكل بساطة.
وحتى في الآونة الراهنة فإنني على استعداد لأتطوع للقيام بالمهمة القذرة من أجل إسرائيل، وان اقتل من العرب بقدر ما هو ضروري لنا، وان ارحل واطرد واحرق منهم جموعاً غفيره لدرجة تجعل كل إنسان يكرهنا. وان اسحب البساط من تحت أقدام يهود الشتات، بحيث نضطرهم للهرولة إلينا، وهم يبكون .. وحتى لو استدعى الأمر نسف أو تفجير كنيس أو كنيسين من دور عبادتنا هنا أو هناك، فلست أبالي .. ولا يضيرني بعد أن أنجز المهمة أن يقدموني للمحاكمة أمام محكمة (نورمبيرج) وليسجنوني عندها مدى الحياة، بل اشنقوني إن أردتم بصفتي مجرم حرب فالأمر الذي لا تدركونه معشر القوم، هو أن عمل الصهيونية القذر لم ينجز بعد، وما يزال أمامنا شوط بعيد نقطعه لإنجاز المهمة" (1).
ويعلق ديفيد ديوك على ذلك بقوله: "تفوه شارون بهذه التصريحات عام 1982م وها هو اليوم يحاول إنجاز مهمة الصهيونية القذرة، لاحظوا الموقف الذي يعبر عنه (شارون) في ذلك اللقاء، فهو يبارك إبادة الجنس البشرى، ويهدد بإيقاد نار الحرب العالمية الثالثة. قلبه أقسى من الحجر، وينضح باحتقار كل من هو خارج دائرة الشعب اليهودي، كما عليكم أن تلاحظوا أيضاً أنه لا يبالى بموت بعض اليهود، في الطريق لتحقيق مآربه ولا يأبه بتصاعد مد الكراهية لليهود في العالم. وهذا هو في الحقيقة ما يريده بالضبط، بحيث يتمكن من حملهم أما على مضاعفة دعمهم لـ إسرائيل دعماً كاملاً أو الهجرة إليها"(2).
هذه التصريحات التي أدلى بها شارون، تكشف بجلاء عن الأثر التوراتي الواضح على العقلية اليهودية المريضة، والحاقدة على الجنس البشري، وعلى العرب والفلسطينيين بشكل خاص. وهنا نتساءل لماذا صب العهد القديم زحام لعنته على مجتمعات هذه الأرض، من مصر، إلى أشور، مرورا بالفلسطينيين، والكنعانيين، والمؤابيين، والعمونيين، والآراميين، والبابليين وهل لفق لهم تهمة استعباد جماعته ـ بني إسرائيل ـ كما فعل مع المصريين؟. الواقع أن مجتمعات هذه الأرض التي
(1) عام على أحداث 11 سبتمبر / بقلم ديفيد ديوكـ ترجمة كمال البيطار - جريدة الخليج 6/ 9/2002 - عدد 8510
(2)
المصدر السابق - جريدة الخليج
أغرقها يهوه (الرب) بطوفان من حقده الغشوم، أعطت في تعاملها مع جماعة بني إسرائيل المغتربين في أراضيها مثلاً رائعاً في المحبة والرحمة، والحنو الصادق وحسن المعاملة (1). ولكن الصهيونية كحركة سياسيه عدوانية، تخطط للهيمنة والسيادة، وتضمر الحقد لكل ما هو عربي وإسلامي، وتحمل لنا ثأراً قديماً، يعكسه هذا الكم من الغل والحقد، الذي يعشش في قلوب هذه العصابة، ويجمعها على التآمر والتخريب والقتل طوال هذه الألوف المؤلفة من السنين دون أن يطفئ سيال الدم هذا الغل .. لقد طردوا شعباً، ونهبوا أرضه، واستوطنوا مدنه وقراه، وقتلوا شيوخه وأطفاله، ولم يكفهم كل ما فعلوا" (2). فإسرائيل تقتل وتخرب وتفسد كل يوم تمهيداً للخاتمة، التي تحبك خيوطها. وهي تطحن تحت أضراسها ثأراً تاريخياً لا يهدأ، ولا ينطفئ له نار، ولا يخبو له أوار، وهي لا تريدنا إلا سباياً ولاجئين مطرودين بالأبواب، ومتسولين عبيد لقمة، كما عاشت أيام السبي البابلي، وكما طوردت فلولها أيام النازيه"(3).
(1) المسيح القادم .. مسيح يهودي سفاح - جورجي كنعان - ص148
(2)
إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص28
(3)
المصدر السابق- ص48