الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قناعات الرئيس كنيدى الشخصية، بوصفه من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، والرئيس الأمريكي الكاثوليكي الوحيد في تاريخ أمريكيا، لم تترك مكاناً للأفكار والنبوءات التوراتية في وجدان الرئيس أو عقله.
فقد كان وصول كاثوليكي إلى رئاسة أمريكا أمراً غير مسبوق ومن الصعب تكراره، في ظل السيطرة البروتستانتية على مقاليد الأمور في أمريكا، حيث "أن التأثير الثقافي السائد في الولايات المتحدة هو تأثير العنصر الأبيض الأنجلو سكسونى البروتستانتي الذي يشكل هيكل القيم والمناقب في حياة الطبقة السائدة في المجتمع الأمريكي"(1). ولهذا فأنه عندما حصل جوزيف (والد جون كنيدى) على منصب رفيع في السلك الدبلوماسي، وأصبح سفيراً لأمريكا في لندن، كان قرار تعيينه مفاجئاً للسياسيين المؤيدين للرئيس روزفلت، وقال هؤلاء للرئيس آنذاك "أن إرسالكم لهذا الايرلندى الكاثوليكي إلى بلاط (سان جيمس) الملكي البريطاني، يعنى بالضرورة تدهور العلاقات الأمريكية البريطانية
…
وقال وزير المالية الأمريكي (هنرى ماغينتو) للرئيس روزفلت: "إن وجود كنيدي بالقرب منكم هو خطر عليكم"(2).
العداء للكاثوليك
تتكون الطبقة العليا، أو طبقة النخبة في أمريكا من أناس ورثوا الثروة والمنزلة الاجتماعية عن أجدادهم من المهاجرين الانجليز .. ومعظم أفراد هذه الطبقة من طائفة البروتستانت الانجلوسكسون، الذين لا يسمحون لأحد بمشاركتهم في هذا الإرث، انطلاقاً من نظره عنصرية للآخرين، حيث لم يكن الكاثوليك مسثتنون من هذا الأمر. ولمعرفة درجة العداء للكاثوليك في أمريكا من قبل البروتستانت يكفي أن نعلم "أن العلاقة بين اليهود والبروتستانت كانت أكثر حميميه، من العلاقة بين
(1) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة- ص46 - دار الفارس للنشر والتوزيع - ط1 2001
(2)
الإخوة كيندى - أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص21 - الناشر د. ماجد علاء الدين - ط1 1986
البروتستانت والكاثوليك، لقد وجدت أرضيه مشتركة بين البروتستانتية واليهودية لم تتحقق بين البروتستانتية والكاثوليكية" (1).
وقد بلغت مشاعر التحامل ضد الكاثوليك الايرلنديين أحياناً مبلغاً يقارب المشاعر ضد السود من حيث الشدة. بل كثيراً ما دأب الناطقون بلسان البروتستانت بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة على جعل الكاثوليك صنواً للتسلطية وبالتالي مرادفاً للدكتاتورية. ومن الكتب ذات الرواج والنفوذ في تلك الحقبة كتاب (بول بلانشارد) المرسوم بـ "الحرية الأمريكية والكاثوليكية) عام 1949م، الذي كرر الموضوع القديم المألوف تماماً في أمريكا في العهود الاستعمارية، والذي مؤداه أن الكاثوليك كانوا يهددون بتسلم زمام الأمور ووضع نهاية للحريات الأمريكية. وفي نفس العام تحدث الأسقف ج. بروملي أوكسنام وهو من أكبر الأساقفة نفوذاً في الكنيسة الميثودية (أكبر المذاهب البروتستانتية في أمريكا) وذلك في مقابلة إذاعية عن: "التطابق اللافت للنظر بين البنية التنظيمية للحزب السياسي الشيوعي العالمي وأسلوبه من ناحية، والحزب الكاثوليكي العالمي من ناحية أخرى وكلاهما استبدادي المنحى، ويحاول كل منهما السيطرة على عقول البشر في كل مكان، وكلاهما يمارس الحرمان واغتيال الشخصية والعمليات الثأرية الاقتصادية، ولا تعرف روما ولا موسكو معنى التسامح.
وبالنسبة للتحرريين الدينيين أمثال (اوكسنام) الذين بقوا يبحثون عن عالم تسوده المبادئ المسيحية، بدت النزعة التسلطية الكاثوليكة وكأنها تهدم مثلهم العليا البروتستانتية والديمقراطية. ففي عام 1951م حاول الرئيس ترومان تعيين سفير لدى الفاتيكان، غير أن الضجة الشعبية العالية بقيادة رجال الكنيسة البروتستانتية المنتمية إلى التيار الرئيس أرغمته على التخلي عن المحاولة. وفي تلك الفترة اضطرمت مشاعر العداء وتعمقت بين الكاثوليك والبروتستانت. فعلى سبيل المثال حذرت مجلة مشيخية بعد الحرب من الزواج بكاثوليك، مذكرة من بين أمور أخرى بأن المذهب البروتستانتي وليس الكاثوليكي هو الذي دفع الناس إلى المطالبة بحكومة حرة والى الإطاحة بالطغاة. وأقرت الكنيسة الأسقفية قراراً شديد
(1) أسطورة هرمجدون والصهيونية المسيحيةـ عرض وتوثيق هشام آل قطيط ـ ص76