الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دينية صرفه وكأنها ليس إلا تحقيقاً لوعود ونبوءات توراتية. وهذا أمر خطير جداً كما سيتضح لنا فيما بعد.
ريتشارد نيكسون والانتحار السياسي
"تطورت العلاقة الخاصة بين أميركا وإسرائيل بشكل مثير، وفي كل مرة تغذت من مبدأ هذا الرئيس الأميركي أو ذاك في تعامله مع المنطقة. فمع (مبدأ ترومان) في احتواء النفوذ السوفياتي، وكذا مع (مبدأ أيزنهاور) في مساعدة دول المنطقة مادياً وعسكرياً لوقف الامتداد الشيوعي، تبوأت إسرائيل موقعاً أساسياً في المواجهة واندفعت إلى حمل الراية الأميركية. لكن الاحتفاء الإستراتيجي الكاسح بإسرائيل كان عليه أن ينتظر (مبدأ نيكسون) ووزير خارجيته ومستشاره للأمن القومي (هنري كيسنجر) ، كي يبدأ مشوار التحالف الوثيق المقدم على أي حساب آخر. إذ اعتبر (مبدأ نيكسون) أن إسرائيل هي حجر الزاوية في السياسة الأميركية في المنطقة، والوكيل المخلص الذي يمكن الاعتماد عليه وحده في اللحظات الحرجة"(1). أما لماذا حدث هذا الاحتفاء الاستراتيجي الأمريكي بإسرائيل في عهد نيكسون، واحتلت إسرائيل حجر الزاوية في السياسة الأمريكية في المنطقة، فإن ذلك كان نتيجة للانتصار الإسرائيلي على الجيوش العربية في عام 1967م، حيث ساهم ذلك في تحرير الإدارة الأمريكية ـ جزئياًـ من الضغوط التي كانت تفرضها عليها ظروف الحرب الباردة، بالإضافة إلى ذلك ساهم هذا الانتصار في تنامي المشاعر الدينية المؤيدة لإسرائيل باعتباره تحقيق لنبوءة توراتية.
في هذا الجو تولى ريتشارد نيكسون الرئاسة، حيث لم يتوان عن تقديم كافة أنواع الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي لإسرائيل، وذلك استجابة لرغبة الرأي العام المتدين من ناحية، وإرضاءً لقناعاته الدينية من الناحية الأخرى. يقول ريتشارد نيكسون:«إن الله مع أمريكا، إن الله يريد أن تقود أمريكا العالم» (2) ولهذا كان
(1) الوسيط الخادع .. دور الولايات المتحدة في إسرائيل وفلسطين المؤلف: نصير عاروري الطبعة: الأولى 2003ـ كامبردج بوك ريفيوز
(2)
أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص 196 - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001
نيكسون من المتأثرين بالأفكار والنبوءات التوراتية، وكانت تربطه علاقات حميمة مع بعض رجال الدين المسيحيين المعروفين بتأييدهم لإسرائيل، حيث انعكس ذلك علي نظرته لإسرائيل. فعندما زارت (جولدا مئير) الولايات المتحدة عام 1969م وصفها (نيسكون) بأنها (دبورة التوراتية) تم راح يغمرها بعبارات المديح لما حققته من ازدهار في إسرائيل. (ودبوره) هي إحدى الشخصيات الجليلة لدى اليهود يصفها (سفر القضاة) بأنها: (نبيه
…
قاضية إسرائيل) تم يمضى في تعداد مآثرها وشجاعتها في قيادة الإسرائيليين والانتصار على ملك كنعان، ويروى على لسانها هذه الكلمات:"خذل الحكام في إسرائيل، خذلوا حتى قمت أنا دبوره. قمت أماً في إسرائيل"(1).
وقد وصل تعاطف نيكسون مع إسرائيل إلى الحد الذي جعله يقول: "إن استعداده للقيام بالانتحار السياسي، أكثر من استعداده لإلحاق الضرر بإسرائيل"(2). ولم يكن موقف نيكسون هذا نابع من حرصه على الصوت الانتخابي اليهودي، أو غيرها من الأمور التي نسمع عنها. فاليهود لم يعطوه أكثر من 17% من أصواتهم الانتخابية في عام 1968م، وبالرغم من ذلك كان دعمه المستمر لإسرائيل.
ولو إستمررنا في تتبع سياسات الرؤساء الأمريكيين تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، فإننا سنجد على الدوام، أن خلفياتهم الدينية لعبت دوراً حاسماً في تشكيل سياستهم المنحازة لإسرائيل، وهنا يقول (برنارد ريتش) في كتابه ـ الولايات المتحدة وإسرائيل:"إن القادة السياسيين في أمريكيا وخاصة الرؤساء منهم، كانوا ولا يزالون يتبنون وجهة النظر الدينية المؤازرة لإسرائيل، سواء (ويلسون) (وترومان) اللذان يعترفان بالتأثير الديني على قراراتهما، أو ليندون جونسون، الذي ينسب إليه قول مشهور أدلى به في اجتماع لجمعية بنات برث ـ أبناء العهد ـ في سبتمبر 1968م"(3). ويعلق كاتب آخر فيقول: "إن علاقة الرؤساء الأمريكيين بإسرائيل
(1) الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية - روجيه جارودى ـ تقديم محمد حسنين هيكل- ص 262 - دار الشروق- ط1 1998
(2)
الولايات المتحدة والدول العربية ـ ا. ا. اوسيبوف ـ ترجمة محمود شفيق الشعبان ـ ص 19.
(3)
الولايات المتحدة وإسرائيل ـ برنارد ريتش ـ ترجمة مصطفى كمال ـ ص 178