الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لازالت له السيادة في الوقت الحاضر على الأدب، حيث إن مستوى الفن والذوق في المدن الأطلسية إنجليزي، والتراث الأدبي تراث إنجليزي، والفلسفة تسير على النهج الإنجليزي.
فانجلترا هي التي أنجبت (واشنطن و ارفينج وامرسون) " (1).
كيندي ومحاولة الإصلاح
أدرك (كيندى) منذ توليه الرئاسة العوائق الكبيرة التي تواجه سياسته على المستوى الخارجي والداخلي التي تتعارض مع مصالح وأفكار الطبقة البروتستانتية المتنفذه، والتي لا تستطيع العيش إلا في ظل أجواء الصراع والحرب. لهذا اعتمد (جون كنيدى) على تأييد الكاثوليك من ولاية مساشوسش، بالإضافة إلى المهاجرين الإيطاليين والبولنديين الكاثوليك، لدعم سياسته الخارجية، التي تميزت بانفتاح كبير على العالم، حيث أدرك كيندى ضرورة التعايش السلمي مع الدول ذات النظم السياسية المختلفة. "فبعد أن قابل الرئيس الأمريكي كينيدي الرئيس ديغول في مايو 1961م، أعجب كل منهما بالآخر، ووصف كينيدي في تقرير للشعب الأمريكي في 6/ 6/1961م، ديغول بأنه مستشار حكيم للمستقبل ومرشد واسع الثقافة للتاريخ الذي ساهم في إنجازه. ولكن ذلك الوصف لم يرق لمؤسسة الظل الانكلو ـ سكسونية، التي عبرت عن استيائها لمثل هذه الثقة. وكانت التجربة الفرنسية في فيتنام من ضمن النصائح التي أسداها الحكيم (ديغول لكينيدي). واتفق مستشارو كينيدي علي أنه قد بدأ يفكر بجدية في الخروج من أزمة فيتنام ووضع نهاية لها"(2).
كما قرر كيندي أن يكون أكثر إيجابية في سياسته الخارجية بسبب تغيير موازين القوى على المسرح الدولي، وقد عبر عن ذلك في خطابه الذي ألقاه في الجامعة الأمريكية في 10 حزيران عام 1963م، حيث أشار إلى عقم الحرب النووية، وقال في هذا الخصوص: "لا فائدة إطلاقاً من الحرب الشاملة في العصر الذي تملك فيه القوى العظمى ترسانات نووية حصينة، لا فائدة من الحرب الشاملة لان القنابل النووية الحالية تملك قوة تفجير اكبر بعشر مرات من قوة تفجير القنبلة النووية التي
(1) حكمة الغرب (عرض تاريخي للفلسفة لبغربية في اطارها الاجتماعي والسياسي - برتراند راسل - فؤاد زكريا - ص299 - المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب، كناب رقم 62 - 1983
(2)
امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي 1/ 2/2003
استخدمها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية
…
لا فائدة من الحرب الشاملة لأن الغازات السامة يمكن أن تنتقل عبر الهواء والماء والتراب إلى مناطق العالم المختلفة" (1).
هكذا وقف كيندى في خطابه ضد كثير من العقائد السياسية في أمريكا، حيث أكد أتباع الحرب الباردة أن التوصل إلى سلام مع الشيوعيين أمر شبه مستحيل، وانه لا مفر للعالم من حرب عالمية ثالثة. وقد وصف كيندى هذه الأفكار بأنها مدمره وخطيرة وقال:"دعونا ننظر من جديد في علاقاتنا مع العالم"(2). ولهذا خصص معظم خطابه للحديث عن مبدأ التعايش السلمي. إلا أن الواقعية التي تميز بها خطاب الرئيس كيندى في الجامعة الأمريكية لم ترق للدوائر الأمريكية الحاكمة. وأصبح جون كيندى هدفاً من أهداف الرجعية الأمريكية. ونتيجة لذلك أصبح عدم رضا البنتاغون ووكالة المخابرات الأمريكية عن تصرفات الرئيس المعتدلة واضحاً. ولكن الرئيس كيندى كان قد قرر السير قدماً في سياسة التعايش السلمي، وأعطى أوامره للوفد الأمريكي للتوجه إلى موسكو لتوقيع اتفاقية منع التجارب النووية في الفضاء وتحت الماء.
وفعلاً تم في موسكو في 5 آب 1963م توقيع المعاهدة .. حيث أدى ذلك إلى تلطيف الأجواء الدولية من ناحية، وتعقيد الوضع الداخلي من الناحية الأخرى. فلم يعد الرجعيون الأمريكيون يقفون ضد الرئيس كيندى بالكلام فقط، بل بدءوا يهاجمونه علانية بعد توقيع الاتفاقية الأمريكية السوفيثية، ووصفت الصحف الأمريكية توقيع الاتفاقية مع السوفيث إنها (كارثة قومية) .. وتم وصف كل من (جون كيندى ومكنماروا) وحتى (دين راسك) بأنهم شيوعيون، يعملون بشكل سرى في أمريكا. وطالبت مجلة (امريكن ابينسيون) في شهر تشرين الثاني عام 1963م بالتخلص من الرئيس (جون كيندى) وإتباعه. ولكن كيندى استطاع التصدي لهذه
(1) الارتقاء إلى العالمية (السياسة الخارجية الأمريكية منذ 1938) - ستيفن امبروز- ترجمة نادية الحسيني- مراجعة ودودة بدران- ص 252 - المكتبة الاكاديمية- ط1 1994
(2)
الإخوة كيندى - أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص219