الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحملات، حتى آخر يوم في حياته، واعلن ان توقيع اتفاقية منع التجارب النووية مع السوفيث هي اكبر نجاح له على المسرح الدولي.
وبالرغم من معارضة القوى الانجلوسكسونية المتطرفة للمعاهدة، فقد كان التأييد الشعبي لها كبيراً، حيث دخلت معاهدة منع التجارب النووية مع السوفيث قلب الشعب الأمريكي، وبعتث الطبقات الأمريكية البسيطة بآلاف الرسائل إلى الكونغرس الأمريكي، وطالبته بتأييد نص المعاهدة واقرارها .. حيث صادق عليها أعضاء مجلس الشيوخ لكي يضمنوا النجاح في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 1964 (1).
بالإضافة إلى مواقف كيندى السلمية في السياسة الخارجية، فإن مواقفه الاقتصادية والداخلية لم ترضي أصحاب رؤوس الأموال والعنصريين الأمريكيين، "حيث أن كيندي لم يكن راضياً عن الكم الهائل من الدولارات التي تهجر الولايات المتحدة لتستقر في أوروبا مع أرباحها. وبدأ كينيدي بالإعداد لفرض ضريبة علي تلك الرساميل حتي يلزمها بالعودة إلي ديارها. وفي رسالة وجهها إلي الكونغرس في 18/ 6/1963م، اقترح كينيدي فرض ضريبة تكافؤ معدلات الفائدة علي الأموال الموجودة في الخارج وذلك لتشجيع تصدير المنتجات المصنعة بدلاً من تصدير الدولارات. ولكن كينيدي لم يعش حتى يشاهد ذلك بعينه. ومن الواضح أنه كان لكينيدي مفهوم خاص به عن أمريكا التي يريدها، وهو مفهوم مختلف عن الرؤية الجديدة لأمريكا كعجلة قيادة رئيسة للبارونات الانكلو ـ سكسونييين متعددي الجنسيات"(2).
نهاية كنيدي
اتسمت سنوات حكم كينيدي بسلسلة من الأحداث التي تسبب الحيرة والدوار، بعضها كان للرئيس نفسه يد في نشأتها، ولكن كثيراً غيرها ما كان بإمكانه أن يتنبأ بها، وجاءت ردة فعله باعتباره لاعبا رئيساً في لعبة السياسة الداخلية والدولية المحفوفة بالمخاطر. وفي كل هذه الأزمات، سواء كانت غزو كوبا الكارثي أم ازدياد
(1) الإخوة كيندى - أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص220ـ222
(2)
إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي ـ 1/ 2/2003
زخم حركة الحقوق المدنية الأميركية، أم الاجتماع برئيس وزراء الاتحاد السوفيتي خروتشوف في قمة فيينا، أو التورط العسكري الأميركي في فيتنام، أو أزمة الصواريخ الكوبية، أو توقيع معاهدة حظر التجارب النووية، كان كينيدي يخرج منها، كذلك السياسي والزعيم الذكي الهادئ الأعصاب دائم البحث والاستفسار، الذي يعتبر مثالا لعصره، والساعي دوما وراء سبل إزالة التوترات، وحل الأزمات الناجمة عن الحرب الباردة والصحوة العاصفة للروح الأخلاقية على يد (مارتن لوثر كينغ الابن) وأمثاله، لأمة عانت كثيرا من الفصل والتمييز العنصري" (1).
ولكن هذه المواقف للرئيس كيندي وغيرها لم ترق للقوى الانجلوسكسونية البروتستانتية المتطرفة، والتي بدأت تشعر أن هذا الكاثوليكى يهدد مصالحهم ويهدد القيم التي بنوا على أساسها سلطتهم، ولهذا قرروا التخلص منه، حيث أثارت تصريحاته حول ضرورة وضع قانون مدني جديد غضب العنصريين الأمريكيين، وقام العنصريون في الولايات الجنوبية بتهديد الرئيس أكثر من مرة، حيث ألقى قسم المخابرات المكلف بحماية الرئيس القبض على 43 مجموعة، خططت لاغتيال جون كيندي في ولاية تكساس لوحدها. وفي 19 تشرين أول عام 1963م تلقى الرئيس (كيندى)، إشارة خطره جداً، فقد تلقى السكرتير الحكومي المسؤول عن المطبوعات الأمريكية (بير سيلندرجر) رسالة من أحد سكان دالاس موجهة إلى الرئيس كيندى، حيث كتب المجهول في رسالته:"لا تدعو الرئيس كيندى يأتي إلى ولاية تكساس، أنا خائف عليه، وأظن أنه سيلاقى حتفه في حالة قدومه إلى هنا. ولكن (سيلندجر) لم يسلم الرسالة إلى الرئيس كيندي لأنه لم يهتم بها، وظن إنها دعابة لا أكثر، هذا بالرغم من أنه كان لدى الجميع مجال للظن بأن الرئيس كيندي قد شعر في أعماقه بهواجس القلق عند زيارته لقلعة العنصريين الأمريكيين، حيث لم يشغل هذا الظن الرئيس كيندي لوحدة بل شغل جاكلين زوجة الرئيس وأصدقائه"(2).
وفي يوم 22 تشرين الثاني 1963م تحولت الدعابة إلى حقيقة والقلق إلى يقين، عندما أطلق مجهول النار على الرئيس كيندي في أحد شوارع دالاس ....
(1) الرئيس كينيدي .. ملامح القوة ـ ريتشارد ريفز ـ عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
(2)
الاخوة كيندى ـ أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص225
واضعاً الحد لحياة أول رئيس أمريكي كاثوليكي أراد أن يرى عالم أكثر سلماً وعدلاً واستقراراً .. وهذا لا يرضي تجار الحروب والعنصريين من البارونات الانجلوسكسون الذين نفذوا الجريمة واخفوا أدواتها بسرعة هائلة، وأسدلوا عليها ستار من الصمت والغموض، بالرغم من أن الناس أخذوا يتساءلون منذ الساعة الأولى لاغتيال الرئيس: من الذي قتله؟ ولماذا ولكنهم لم يجدوا جواباً قاطعاً عن هذا السؤال حتى يومنا الحاضر!! فقد اختفت أطراف الجريمة في الماء، وتم إعدام المدعو (لي هاربي اسفالد) بالرصاص فوراً. أما المتهم الثاني جيوم روبى فقد مات في السجن.
وبالرغم من أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف ـ بي ـ أي) خلص في التحقيق الذي أجراه عام 1964م إلى أن لي (هارفي اوزوالد) اغتال كينيدي وحدة من دون تورط أي جهة أخرى معه، إلا ان ذلك لم يمنع ظهور نظريات لا حصر لها لتفسير (المؤامرة) الكامنة وراء اغتيال كيندي. وفي آخر هذه النظريات "يتهم (بار مكليلان) ـ والد المتحدث الحالي باسم البيت الأبيض ـ في كتاب صدر حديثاً، الرئيس الأمريكي الراحل ليندون جونسون بالوقوف وراء اغتيال الرئيس جون كيندي، ويعرض (مكليلان الأب)، في نحو 480 صفحة في كتابه الذي صدر بعنوان (الدم .. المال .. السلطة): كيف قتل جونسون، كيندي؟. تفاصيل ومقابلات خاصة وصور بصمات تثبت أن (ادوارد كلارك) سفير أمريكا السابق في استراليا، وهو من اخلص أعوان جونسون، وضع خطة اغتيال كينيدي عام 1963م وتستر عليها"(1).
وسواء كانت هذه الرواية صحيحة أم لا، فإن القارئ يبقى في حيرة من أمره، فيتساءل عن سبب توتر العلاقة بين الأخوين كينيدي من ناحية، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( CIA) ومكتب التحقيقات الفيدرالي ( FBI) ، من ناحية أخرى خصوصاً أن جون كينيدي كان مفتونا باستخدام الأساليب الإستخباراتية في سبيل خدمة المصلحة القومية (2)، ويظل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: كيف ارتكبت المخابرات السرية الأمريكية كل هذه الأخطاء التي أدت إلى مقتل الرئيس
(1) جريدة الخليج الإماراتية -22ـ8ـ2003ـ عدد 8860
(2)
الرئيس كينيدي .. ملامح القوة ـ ريتشارد ريفز ـ عرض/ كامبردج بوك ريفيوز- الجزيرة نت