الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرض المقدسة التي شع منها نور المسيح إلى العالم، وأن القدس هي مدينة العهد الجديد الذي حل محل
العهد القديم
، وأما بعض نصوص سفر (الرؤيا) بهذا الخصوص فقد فسرت رمزياً وليس حرفياً (1). وبهذا فإن النبوءات الواردة في الكتب اليهودية عن نشوء إسرائيل جديدة، فهي بحسب تفسير الكاثوليك تعني نشوء الكنيسة المسيحية بصفتها الوريث الوحيد لإسرائيل، وتجسيداً لمملكة الله على الأرض، تماماً كما كتب ووعظ القديس أوغسطين منذ القرن الخامس.
كما يرى البعض أن هذه النبوءات ـالواردة في العهد القديم ـ تحققت فعلاً، عندما أعادهم الملك الفارسي (قورش) من منفاهم في بابل في القرن السادس قبل الميلاد. ولذلك فليس هناك أي نبوءة أخرى في العهد القديم تنص على عودتهم ثانية إلى فلسطين بعد عودتهم من الأسر البابلي. "فالكنيسة الكاثوليكية رأت أن مسيرة التاريخ قد اكتملت بقيامها مملكة الله على الأرض، وبإقامة العرش البابوي في روما، التي أخذ مركز الثقل الديني ينتقل إليها من أورشليم التي أخذت تفقد بريقها ووضعها كعاصمة لمملكة الله، إذ حلت محلها روما. وبانتقال مركز الثقل الديني إلى روما والعرش البابوي، سادت النظرة الكاثوليكية إلى اليهود وفلسطين، وهى نظرة لم يكن فيها مجال لادعاء أي أساس ديني أو غيبي لحق اليهود في القدس أو فلسطين"(2). كما أن الكنيسة الكاثوليكية وغيرها من الكنائس الأخرى لم تكن تعترف بأن اليهود هم شعب الله المختار، لأن السيد المسيح حارب بشدة هذه النزعة العنصرية فيهم ودعا اليهود وغيرهم إلى الدخول في ملكوت الله المفتوح أمام جميع الصالحين "لأن الله لا يخص أحداً بالرعاية لأسباب ذاتية، فالشمس تسطع على الجميع سواءٍ بسواء"(3).
العهد القديم
بالرغم من ان المسيحية تشترك مع اليهودية في ما يسمى بالعهد القديم، الا المسيحية أضافت إليه العهد الجديد الذي تحدث عنه السيد المسيح، حيث تختلف
(1) المسيحية والإسلام والاستشراف - محمد فاروق الزين ص271
(2)
المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص63
(3)
مقارنة الأديان والاستشراف ـ د. أحمد شلبي ـ ص 119 - مطبوعات معهد الدراسات الإسلامية
المسيحية عن اليهودية في تفسير هذا الجزء المشترك المسمى بالعهد القديم، ولكل من الطرفين تفسير لاهوتي مختلف، وإن بقيت الكثير من طقوس العبادة والحياة المسيحية، لكن الخلاف الجوهري والفاصل في ما بينهما هو على هوية يسوع الناصري (1)، وتفسير العهد القديم. ولهذا فقد كان العهد القديم (التوراة) مهملاً قبل حركة الإصلاح الديني، حيث كان الاعتماد الأساسي على العهد الجديد، ورسائل الرسل، والإلهامات غير المكتوبة للباباوات، وكانت اللغة العبرية لغة ميتة، حيث كانت الأساطير الكاثوليكية ترى أن دراسة اللغة العبرية تسلية الهراطقة، وأن تعلمها بدعة يهودية.
فالكنيسة الكاثوليكية عملت على تطوير الكنيسة عبر العصور، وخلصتها من الكثير من العناصر الوثنية العالقة بها، وخصوصاً العهد القديم، بل إنه كان هناك اتجاه في بدايات العهد المسيحي لإلغاء العهد القديم، وعدم اعتباره ضمن الكتب القانونية الدينية، لكن اتجاهاً آخر رأى في حذفه خسارة للمسيحية، إذ يعني ذلك حرمان الكنيسة من حقها في وراثة اليهودية. لكن هذا الأمر تطلب من الكنيسة المسيحية محاصرة العناصر الوثنية في العهد القديم، وتقديم تفسيرات مجازية ورمزية لكل ما جاء فيه. فكلمات: القدس، أو أورشليم أو صهيون أو الأرض الموعودة .. الخ عند الكاثوليكية، تحمل معاني روحية، وتقع في السماء، وليست أسماء لأمكنة حقيقية على الأرض. كما رأت في مسألة عودة اليهود إلى فلسطين أنها عودة تمت قبل ميلاد المسيح حينما عاد بعض اليهود من سبي بابل في القرن الخامس قبل الميلاد، وان أمر اليهود انتهى كشعب يحفظ وديعة ويسلمها للمسيحيين، وأن الشعب المختار هو كل من يؤمن بالله.
وبناء على هذا التفسير الجديد للعهد القديم اعتبرت المسيحية التقليدية أن ما ورد في العهد القديم هو أحداث وقعت في الماضي، أو نبوءات تم تحقيقها، وان ما جاء في العهد الجديد هو ثورة على العهد القديم، وفقاً لما جاء في إنجيل يوحنا " لو كنتم أبناء إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم" ورأت أن كل القصص التي رواها العهد
(1) أوجه التشابه .. والاختلاف ـ د. جورج صبرا جريدة الخليج 15/ 2/2 .. 3 عدد8672