المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كما أن فكرة تحول اليهود إلى المسيحية كأمر لازم لعودة - الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم - جـ ١

[يوسف الطويل]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌إهداء خاص

- ‌تقديم

- ‌الباب الأولالبعد الديني للتحيز البريطاني الأمريكي لإسرائيل

- ‌تمهيد

- ‌أسباب التحيز البريطاني الأمريكي لإسرائيل

- ‌حساب المصالح:

- ‌ نفوذ اللوبي الصهيوني

- ‌الصوت الانتخابي اليهودي

- ‌تضخيم في غير محله

- ‌الفصل الأولاليهود في التراث الديني المسيحي

- ‌موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود:

- ‌ العهد القديم

- ‌موقف الكنيسة الكاثوليكية من الحركة الصهيونية وإسرائيل

- ‌موقف البروتستانت من اليهود

- ‌الفصل الثانيبريطانيا والمشروع الصهيوني

- ‌المطالبة بإعادة اليهود إلى فلسطين

- ‌الأفكار الصهيونية تغزو عقول الطبقات المثقفة

- ‌تغير في الأفكار

- ‌اللورد شافتسبرى

- ‌اليهود في الأدب الإنجليزي

- ‌السياسيون والبعث اليهودي

- ‌اللورد بالمستون

- ‌القس وليام هشلر

- ‌الفصل الثالثظهور الحركة الصهيونية

- ‌1ـ يهودا الكعى (1798ـ1878م)

- ‌2ـ تسفى هيرش كاليشر (1795ـ1874م)

- ‌هرتسل ومؤتمر بازل

- ‌اللجنة الملكية لهجرة الغرباء

- ‌وعد بلفور

- ‌هربرت صموئيل ومستقبل فلسطين

- ‌الدافع الديني ووعد بلفور

- ‌صهيونية لويد جورج

- ‌الانتداب البريطاني وتسليم فلسطين

- ‌هربرت صموئيل

- ‌الضباط البريطانيون…وبناء الجيش الإسرائيلي

- ‌وينغيت والتفسير العسكري للتوراة

- ‌الدافع الديني للتحيز

- ‌الفصل الرابعأمريكيا والمشروع الصهيوني

- ‌هجرة البروتستانت إلى أمريكيا

- ‌الفكر الأمريكي والبعث اليهودي

- ‌السامري على الدولار

- ‌وخاتم داود

- ‌أمريكا مهد الصهيونية

- ‌رؤساء أمريكا والبعث اليهودي

- ‌جورج واشنطن

- ‌توماس جيفرسون

- ‌جيمس ماديسون

- ‌الرئيس المنصر جون كوينسي آدمز

- ‌أندرو جاكسون .. وخرافة المعاد

- ‌أول تدخل لنصرة اليهود خارج أمريكا

- ‌العمل من أجل تحقيق النبوءات التوراتية

- ‌يهودي يوبخ الرئيس

- ‌فرانكلين بيرس

- ‌أمريكيا تعاقب سويسرا من أجل اليهود

- ‌الجماعات المسيحية الصهيونية خلال القرن التاسع عشر

- ‌جماعة أخوة المسيح

- ‌جمعية بنى بريث (أبناء العهد)

- ‌جمعية شهود يهوه

- ‌اندرو جونسون

- ‌يوليسيس جرانت

- ‌هايز وإجازة السبت

- ‌أول يهودي يمثل أمريكا في مصر

- ‌المشيخية في البيت الأبيض

- ‌وليم بلاكستون والبعثة العبرية نيابة عن إسرائيل

- ‌الرئيس هايسون ومظلمة بلا كستون

- ‌الحكومات الأمريكية والمطالب الصهيونية

- ‌الرئيس ويلسون

- ‌خلفاء ويلسون

- ‌مركز ثقل الصهيونية ينتقل إلى أمريكيا

- ‌العمل من أجل إلغاء الكتاب الأبيض

- ‌روزفلت والأفكار الصهيونية

- ‌ترومان ـ قورش ـ العصر الحديث

- ‌حرب عام 1948 م

- ‌اتفاقية الهدنة

- ‌صهيونية ترومان

- ‌المساعدات الأمريكية لإسرائيل

- ‌ايزنهاور

- ‌جون كنيدى الرئيس الكاثوليكي الوحيد

- ‌العداء للكاثوليك

- ‌سميث الكاثوليكي يخسر انتخابات 1928 امام هوفر البروتستانتي

- ‌كيندي يبحث عن مخرج

- ‌كيندي ومحاولة الإصلاح

- ‌نهاية كنيدي

- ‌ليندون جونسون

- ‌مستقبل إسرائيل والعالم

- ‌ريتشارد نيكسون والانتحار السياسي

- ‌جيمي كارتر ينفذ أمراً إلهياً

- ‌ريجان ومعركة هرمجيدون

- ‌ريجان والتزامه الديني

- ‌الفصل الخامستنامي التيار الديني المسيحي الأصولي في أمريكيا

- ‌أسباب البركة في أمريكيا

- ‌إسرائيل مفتاح أمريكيا للبقاء

- ‌أمريكيا قوية لأنها تقف مع إسرائيل

- ‌القول مقرون بالعمل

- ‌ السفارة المسيحية الدولية

- ‌جورج بوش الأب…قرارات تتخذ لتنفذ

- ‌الولادة الثانية والنشوة المطلقة

- ‌الباب الثانيالبعد الديني للضربة الأمريكية للعراق

- ‌الفصل الأولالطريق إلى حرب الخليج

- ‌بريطانيا وجذور الحرب على العراق

- ‌مقدمات الحرب على العراق

- ‌الحرب الجديدة

- ‌الحرب الاقتصادية والإعلامية

- ‌الهدف حماية إسرائيل وليس تحرير الكويت

- ‌إنجازات صدام

- ‌إعدام صدام حسين

- ‌الفصل الثانيالخلفية الدينية للهجمة الأمريكية البريطانية على العراق

- ‌أحقاد قديمة بثوب معاصر

- ‌التوراة وآشور العراق

- ‌وحي بشأن نينوى، كما ورد في كتاب رؤيا ناحوم الالقوشى

- ‌صرخة الخراب

- ‌خطايا نينوى

- ‌الدمار المحتم

- ‌الحقد على بابل

- ‌نبوءة عن دمار بابل 13

- ‌يوم الرب المقبل 9

- ‌‌‌سقوط بابلبيد الماديين

- ‌سقوط بابل

- ‌إدانة ملك بابل

- ‌يوحنا وحقده على بابل

- ‌جام الغضب على الفرات وعلى تل مجدو

- ‌سقوط بابل (رؤيا، 18)

- ‌كورش وإعادة اليهود المسبيين

- ‌ثأر اليهود من العراق

- ‌الفصل الثالثالأصولية المسيحية وفكرة عودة المسيح

- ‌العبرانيون بنو اسرائيل

- ‌حركة الأنبياء (ثقافة الانفتاح)

- ‌السبي البابلي

- ‌حياة السبي وأثرها في تشكيل الشخصية اليهودية

- ‌تاريخ بالتمني

- ‌فكرة الشعب المختار

- ‌رؤيا الخلاص والمسيح اليهودي

- ‌من التشرد إلى الرغبة بحكم العالم

- ‌فكرة المسيح المخلص ونهب أساطير الشعوب الأخرى

- ‌السبي البابلي وظهور النزعة القبلية المغلقة

- ‌عيسى المسيح عليه السلام

- ‌عيسى ليس المسيح المنتظر

- ‌ديانة المسيح أم ديانة بولس ويوحنا

- ‌فكرة العودة الثانية للمسيح

- ‌سفر الرؤيا والمسيح اليهودي

- ‌تفسير المتناقضات

- ‌الانقلاب البروتستانتي

- ‌العقيدة التدبيرية من دابي إلى سكوفيلد

- ‌عندما تختلط الأساطير بالنبوءات

- ‌الفصل الرابععقيدة الهرمجدون أو معركة (مجدو)

- ‌(مجدو)

- ‌سفر الرؤيا ومعركة هرمجيدون

- ‌الأصوليون المسيحيون وهرمجيدون

- ‌سيناريو هرمجيدون حسب (سفر الرؤيا)

- ‌علامات ومقدمات معركة هرمجدون العظمى

- ‌هجرة اليهود إلى فلسطين

- ‌المسيح يدعوك لتبني مستوطنة

- ‌تدمير الأقصى

- ‌بناء الهيكل

- ‌المقاومة الفلسطينية

- ‌عودة الفوضى وحدوث كوارث وانهيار اقتصادي

- ‌السلام يحل بعودة المسيح فقط

- ‌هرمجيدون في العقل البروتستانتي

- ‌التعجيل بقدوم المسيح

- ‌رونالد ريجان، والحكايات الخرافية عن هرمجدون

- ‌محور الخير .. ومحور الشر (أبناء النور وأبناء الظلام)

- ‌حرب يأجوج ومأجوج

- ‌المبشرون البروتستانت والنية القاتلة

- ‌نفوذ الجماعات المسيحية

- ‌الفصل الخامسالتراث الذي تركه الكتاب المقدس للشرق الأوسط

- ‌من هو عدو المسيح (وحش الرؤيا)

- ‌التفسير السياسي للتوراة

- ‌مصير العرب

- ‌مصير مصر

- ‌نبوءة بشأن مصر

- ‌دينونة مصر بيد ملك بابل

- ‌ريجان وليبيا

- ‌تقسيم لبنان

- ‌نبوءة ضد صور

- ‌غزو لبنان مستمد من التوراة

- ‌تقسيم سوريا والعراق وتحطيم قوتهما

- ‌حقد يهوه على الفلسطينيين

- ‌نبوءة بشأن أدوم (الأردن)

- ‌نبوءة بشأن الجزيرة العربية

- ‌التوراة وكيفية التعامل مع الآخرين

- ‌إسرائيل وشارون ونادي القتلة

الفصل: كما أن فكرة تحول اليهود إلى المسيحية كأمر لازم لعودة

كما أن فكرة تحول اليهود إلى المسيحية كأمر لازم لعودة اليهود إلى أرض فلسطين لم تعد ضرورية، ففي عام 1800م نشر (جيمس بيشنو) ـ وهو من المؤمنين بالعصر الألفي السعيد ـ كتابه (عودة اليهود أزمة جميع الأمم)"حيث أعتبر فيه عودة اليهود إلى فلسطين قضية دولية، بالإضافة إلى أنه لم يربط عودتهم بتحولهم إلى المسيحية كما كان سائداً قبل ذلك"(1). وأصبح الاعتقاد السائد بأن اليهود سيدخلون المسيحية بظهور المسيح المنتظر الذي سينقذهم من أعدائهم.

‌اللورد شافتسبرى

حمل القرن التاسع عشر تطوراً بارزاً في طبيعة (حركة العودة)، حيث ظهرت جماعات بروتستانتية تعتبر عودة اليهود إلى أرض فلسطين ركناً أساسياً في عقيدتها. ففي هذا القرن شهدت إنجلترا نهضة دينية جديدة مشابهة في مبادئها ومعتقداتها لتلك التي كانت سائدة في عهد الثورة البوريتانية، وكان من أبرز ممثلي هذه الفترة اللورد شافتسبرى الذي كان مؤمناً بضرورة قيام دولة يهودية في فلسطين تحقيقاً للنبوءات التوراتية، حيث عبر عن ذلك بقوله:"إن التطلع إلى المجيء الثاني للمسيح والإيمان بأنه سيحدث قد شكلا المبدأ المحرك والقوة الدافعة في حياتي، نظراً لأني نظرت إلى كل ما يحدث في العالم باعتباره خاضعاً لذلك الحدث العظيم وفي مكانة ثانوية بالنسبة إليه"(2). لهذا فقد نشر شافتسبرى في عام 1839م مقالاً في إحدى الصحف، لخص فيه فكرته عن العودة اليهودية، التي تقوم على أساس تدخل البشر لتحقيق نبوءات العهد القديم المتعلقة بعودة اليهود إلى فلسطين. كما تقدم اللورد شافتيسبرى بمشروع إلى وزارة الخارجية البريطانية لاستيطان اليهود في فلسطين، على أن يخضعوا للحكم القائم في البلاد، وطالب بضمانات من الدول الأربع الكبرى.

وبالرغم من أن مشروع شافتيسبرى لم ينجح، إلا أن صاحبه لم يعرف اليأس، وانتظر مناسبة أخرى. فلما كانت حرب القرم بين العثمانيين والروس على وشك

(1) الصهيونية غير اليهودية ـ د. ريجينا الشريف ـ ص 87

(2)

المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص147

ص: 53

الوقوع سنة 1854م، سجل في مذكراته "أن المنطقة في غليان، وأنها مقبلة على تغيرات، وأن عدداً كبيراً من المناطق سيصبح بلا حكام. ولما تساءل عن القوة التي يمكن إعطاؤها فلسطين، وهل ستكون لهولندي أم إحدى دول الشرق؟ رد على تساؤله بنفسه في مذكراته، كالآتي: "لا. لا. لا. هناك بلد بلا شعب، والله يوجهنا الآن بحكمته ورحمته نحو شعب بلا وطن". وقد تبنى الصهاينة فيما بعد هذه الجملة وأصبحت من أول الشعارات الصهيونية، "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" (1).

فقد كان شافتسبرى يعتقد أن فلسطين بلداً مهجوراً من السكان، وكان كغيره من المتدينين البروتستانت الذين "نظروا إلى فلسطين من زاوية أنها ارض التوراة وعهد التوراة، وما رأوا فيها شيئاً غير ذلك، حيث أنهم أرادوا بعث الماضي حياً أمام أعينهم، وهذا ما دعاهم، بوعي منهم وبلا وعى، إلى إغماض عيونهم عن كل ما لا يريدون رؤيته"(2). ومن أهم الأعمال التي قام بها شافتسبرى تأسيسه صندوق استكشاف فلسطين في عام 1865م، حيث قال في الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه بمناسبة تعينه رئيساً للصندوق:"دعونا لا نتأخر في إرسال أفضل العلماء لتنقيب طول فلسطين وعرضها ولمسح الأرض وتغطية كل زاوية فيها إذا أمكن، ولتجفيفها وقياسها، أي إذا شئتم لإعدادها من أجل عودة مالكيها القدماء. إذ ينبغي علىّ أن أعتقد بأنه لن يطول الزمن كثيراً قبل أن يقع هذا الحدث العظيم"(3).

واعتقاد شافتسبرى وغيره عن أرض فلسطين بأنها أرض خالية، يخالف الواقع الذي يحاول الصهاينة طمسه لأغراض دعائية. فهذا السير مونتفيور ـ وهو من المؤمنين بضرورة إعادة اليهود إلى أرض فلسطين ـ والذي زار منطقة صفد في عام 1839م يقول: "إنه رأى مساحات من أشجار الزيتون عمرها -على ما أعتقد- يزيد عن 50 سنة، وكروماً ومراع شاسعة وآبار كثيرة، وكذلك التين والبندق والليمون، والتوت وغيرها

الخ

وحقولاً غنية بالقمح والشعير والعدس" (4). ولكن شافتسبرى وغيره

(1) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ـ ص 295

(2)

المصدر السابق ـ ص 309

(3)

الصهيونية والصراع الطبقي ـ صادق جلال العظم ـ ص 87.

(4)

تيودور هرتزل عراب الحركة الصهيونية ـ مؤسسة الدراسات الفلسطينية ـ ص 94

ص: 54

أرادوا من خلال زعمهم السابق، إقناع الحكومة الإنجليزية والشعب الإنجليزي بالدرجة الأولى، بوجوب الإسراع بتوطين اليهود في فلسطين والإعداد لذلك عن طريق إنشاء مزيد من الجمعيات والمنظمات التي تقوم بإجراء الأبحاث والدراسات حول فلسطين. وفعلاً فقد شهد القرن التاسع عشر الميلادي زيادة كبيرة في عدد الجمعيات والمنظمات التي تدعى أنها تهدف إلى استكشاف فلسطين وتطويرها، وكأن هذه الأرض خالية من السكان!!

ولهذا فقد تعرضت فلسطين منذ أواخر القرن الخامس عشر -كغيرها من بلاد المشرق الغنى بتاريخه وآثاره- "لرحلات متعددة قام بها رحالة وعلماء أجانب، أفراداُ وجماعات. إلا أن فلسطين قد لاقت ـ من دون سائر بلاد الشرق ـ اهتماماً خاصاً، لكونها أرض التوراة ومهد المسيح، فتوجهت إليها أنظار اللاهوتيين والعلماء لدراسة أرضها وتربتها ومناخها وآثارها، وللتنقيب عن أي أثر أو دليل يعود إلى العهد التوراتي"(1)، حيث كانت الدوافع الدينية ـ أحيانا ـ وحدها البارزة وراء البعثات الاستكشافية. ومن ابرز الأمثلة، الأمريكي (إدوارد روبنسون) الذي ابتدأ يعمل مع تلميذه وصديقه (إيلى سميث) في منطقة القدس منذ سنة 1838م. وقد اعترف منافسه السويسري تيتس توبلر بأن أعمال روبنسون، في جغرافية فلسطين، تتجاوز في أهميتها أعمال السابقين جميعاً. أما الكابتن (ويلسون)، وقد كان من المتطوعين الأوائل منذ سنة 1866م لعمليات المسح في القدس وضواحيها، فقد كان يعلن أمام الجميع العطف الكبير الذي كان يحمله دوماً لاستيطان اليهود في فلسطين. كذلك كان يعلن زميله (كيتشنر) صراحة أن عمله في فلسطين ليس كباحث آثار فقط، وإنما كرجل سياسي أيضا، لذلك، فهو يتفحص البلاد أرضها وتربتها تمهيدا للاستيطان اليهودي وللمستقبل المشرق الذي يبدو أن فجره سوف يطل على هذه الأرض.

ولكن يبقى الاسم الأول البارز بين هؤلاء اسم الكابتن كلود كوندر (1848ـ1910م)، ويعود ذلك إلى حماسته الصهيونية التي لا حد لها، والى العمل الذي قام به، برسم خريطة مفصلة تشمل فلسطين كلها، وقد سميت حينئذ

(1) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ـ ص 301

ص: 55

فلسطين الغربية. أما فلسطين الشرقية (الأردن حالياً) فقد كانت هي الأخرى هدفاً للاستيطان اليهودي، وكانت مهمة (كوندر) الأساسية أن يضع على الخريطة الأماكن التوراتية، وان يرسم الحدود لقبائل بنى إسرائيل الاثنى عشر وقد أتاح هذا العمل الفرصة لكوندر كي يتعرف على فلسطين أكثر من غيره. وقد نشر العديد من الكتب والمقالات عن تاريخ فلسطين وحاضرها ومستقبلها، فكان أكثر كاتب بريطاني (صهيوني) إنتاجاً، وهو الذي وصفه المؤرخ اليهودي (سوكولوف) بأنه أفضل عالم وخبير بفلسطين في عصره. وحين أعلن هيرتسل قيام الصهيونية رسمياً في بازل، كان كوندر من أوائل الذين اعتنقوها. كما أنه وافق فوراً على خطة لورانس اوليفانت باستيطان اليهود أرض جلعاد، شرقي الأردن، وقدم له خبرته في شؤون الأرض والناس. وهكذا مهدت أعمال بعثة (صندوق استكشاف فلسطين) الذي أنشأه شافتسبرى، بالإضافة إلى شهادات الرحالة والعلماء وكتاباتهم، درباً "واضح المعالم للصهيونية السياسية، كما ساهمت في زرع فكرة فلسطين الكبرى التي أصبحت إسرائيل الكبرى"(1).

وبالرغم من أن شافتسبرى كان من أبرز المهتمين بعودة اليهود إلى أرض فلسطين في القرن التاسع عشر الميلادي، إلا أن ـ هناك ـ كثيراً من ذوى المكانة والنفوذ عملوا جادين لتحقيق هذا الهدف. فقد كان هناك نبلاء بريطانيون وعلى رأسهم (دوق كنت) وكثير من أعضاء مجلس اللوردات، بالإضافة إلى أدباء وشعراء عبروا عن عطفهم وإعجابهم بالشعب اليهودي ودعوه للعودة إلى أرضه في فلسطين؟ ولم يكن شافتيسبرى ـ بحماسته اللامحدودة ـ نسيجاً وحده، بل كان واحداً من مجموعة من كبار الإنكليز الذين صرفوا جل اهتمامهم وعملهم، في العقدين الخامس والسادس من القرن التاسع عشر الميلادي، من أجل إعادة اليهود إلى فلسطين. ومن هؤلاء البارزين الكولونيل (تشارلز هنري تشرشل) الذي كان قنصلاً سابقاً لبريطانيا في دمشق. "فقد كان من كبار المتحمسين للدولة اليهودية، ومن المؤمنين بأن مهمة بريطانيا التاريخية أن تقود اليهود المعذبين في عودتهم إلى وطنهم الأصلي. فقد بعث الكولونيل تشرشل برسالة إلى السير (موسى

(1) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ص 303ـ 305

ص: 56